لا تكــن إرهــابيـاً يا بنــي
==============
يهوى ذلك الشيخ الوقور مجالسة ابنه ذي الثمانية عشر ربيعاً، فيُمازحه ويلاطفه حيناً، ويناصحه ويصارحه حيناً آخر، ومرات يغلظ ويشتدُّ عليه بالقول حتى يكاد يقطع أنفاسه، وبالطبع فالشَّاب يتقبَّل جميع المواقف ويأنس بجميع اللحظات التي يقضيها مع والده، حتى وإن قسا عليه وعنَّفه في بعضها، فهو يعرف والده تماماً، ويعلم علم اليقين أن غضبه وقسوته نِتَاجَ محبةٍ ومودةٍ وليس كُرهاً وعَداءً.

وبالطبع شعوره وتفكيره بهذه الطريقة ليس شيئاً فُطِرَ الشَّابُ عليه، بل هو أمرٌ اكتسبه وتشرَّبه منذ صغره، وحفظه كما يحفظ اسمه، وأتقنه كما يتقن أحدُنا فن صناعة التشكّي والتظلّم والمخاصمة لأتفه الأسباب، وكما يجيد بعضنا فن السب والشتم والغيبة والقطيعة.

عذراً إخواني الأفاضل وأخواتي الفاضلات أن تقرأوا هذا، ولكنها بعض الحقيقة، فنحن تعوَّدنا على ذلك حتى أصبحت جميع تلك الفنون القبيحة جزءاً من التركيبة الشخصية للسَّواد الأعظم منا، وإن اختلفت من شخص لآخر، في طريقة إخراجها واستخدامها في التعبير عمَّا تُكنُّه مشاعره، فبعضنا بفضل الله تعالى، يمكنه السيطرة عليها، ولكنّـها مع الأسف مسيطرة على الكثيرين.

أعود لذلك الشيخ الذي كان ينصح ابنه في إحدى المناسبات.
حيث قال له:
اعلم يا بني أن أهم ما في الإنسان ردود أفعاله وتصرفاته تجاه الآخرين، والناس يختلفون في التعبير عن ردة الفعل، فمنهم مَنْ يحاول كبتها، لكنه لا يستطيع لذلك سبيلاً، وهي لا تطيق ولا تصبر على البقاء في أجساد الكثيرين، فتجدها تجاهد من أجل الظهور، فتراها تبدو من خلال تقطيبات الجبين، واحمرار الوجه، وتصبب العرق، وارتعاش الأطراف، وتلعثم اللسان، وهي تكاد تقتله بعد أن خنقته وشلّت تفكيره وفجَّرت الدّماء في أطرافه وأجبرت مضخَّته على دفع الدّماء بقوة إلى جميع أجزاء جسده بكميات لا يقوى على استيعابها، فتصيبه في مَهْلَكْ، وتسبب له من العاهات والأمراض ما الله به عليم.

فقال الشاب:
يا إلهي هذه حال تلك الفئة التي آثرت الصمت وعدم الرد على الإساءة بمثلها، فكيف هي ردود أفعال الأصناف الأخرى؟.

فقال الوالد:
هناك فئة من الناس تحاول الرد مباشرة على الإساءة بمثلها، أو بما هو أشدّ وأقسى من الاعتداء نفسه، آخذة مبادئها في التعامل مع الآخرين.

وطريقتها في الرد على جهالتهم من قول الشاعر زهير بن أبي سلمى المزني:
(ومَنْ لا يذد عن حوضه بسلاحه .... يهدم ومَنْ لا يظلم الناس يُظلم).

فقال الابن:
أليس من حقهم الانتصار لأنفسهم عملاً بقوله تعالى: "وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ" (النحل: 126).

فردّ الأب:
بالطبع يا بني!...
فالله -تعالى- لم ينههم عن ذلك، ولكن يجب أن يكون الرد بالمثل فلا يزيد عنه من باب الانتقام، كما هو حال الكثيرين، ثم إن الله -تعالى- بَيَّنَ أن العفو والصبر خير، كما قال -تعالى- في تتمة الآية التي ذُكرت: "وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ"، وقوله تعالى: "وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" (الشورى: 43)، وقوله تعالى: "وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ" (الشورى: 40).

وأيضاً يقول -تعالى- واصفاً المؤمنين: "وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ" (الشورى: 37)، وهو وصفٌ ينطبق على حال الفئة الأولى التي تكتم غيظها ولا تظهره، وإن بدت ردود الأفعال على الوجه والأطراف فلا بأس، لأن هذا خارج عن الإرادة في معظم الأحيان.

ثم إن الله -تعالى- يقول: "وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (الشورى: 41 - 42).
وهم أولئك المعتدون على أموال المسلمين وأعراضهم ودمائهم بغير حق، وتلك هي الفئة الثالثة، ولكن قبل أن أحدِّثك عنهم، دعني أخبرك بما روي عن أحد السَّلف، ويُقال له محمد بن واسع، حيث سأله مروان بن المهلب -وكان أميراً على البصرة في ذلك الوقت- عن حاجته..

يقول محمدٌ قلت:
حاجتي إن استطعت أن تكون كما كان أخو بني عدي.

قال:
ومن أخو بني عدي؟

قال:
العلاء بن زياد - استعمل صديقاً له مرة على عمل فكتب إليه:
أما بعد، فإن استطعت أن لا تبيت إلا وظهرك خفيف، وبطنك خميص، وكفك نقية من دماء المسلمين وأموالهم، فإنك إذا فعلت ذلك، لم يكن عليك سبيل، ثم تلا قوله تعالى: "إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (الشورى: 42)، ثم انظر يا بني وتأمل كيف كان سلفنا يوصي بعضه بعضاً ويُشدّد على أهمية عدم المساس بأموال المسلمين وأعراضهم ودمائهم.

وتذكَّر قول الفضيل بن عياض:

(إذا أتاك رجلٌ يشكو رجلاً فقل: يا أخي أعف عنه فإن العفو أقرب للتقوى، فإن قال: لا يحتمل قلبي العفو، ولكن أنتصر كما أمرني الله تعالى، فقل له: إن كنت تحسن أن تنتصر، وإلا فارجع إلى باب العفو فإنه بابٌ واسع، فإنَّ مَنْ عفا وأصلح فأجره على الله، وصاحب العفو ينام على فراشه بالليل، وصاحب الانتصار يقلب الأمور، وليكن لك في الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه- خير عبرة وموعظة.

حيث قال:
إن رجلاً شتم أبا بكر -رضي الله عنه- والنبي -صلى الله عليه وسلم- جالس، فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يعجب ويبتسم، فلما أكثر ردَّ عليه بعض قوله، فغضب النبي -صلى الله عليه وسلم- وقام، فلحقه أبو بكر فقال: يا رسول الله إنه كان يشتمني وأنت جالس، فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت!.. قال: إنه كان معك مَلَكٌ يرد عنك، فلما رددت عليه قوله حضر الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان.

ثم قال: يا أبا بكر ثلاث كلهن حق:
ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضي عنها لله، إلا أعزه الله تعالى بها ونصره، وما فتح رجلٌ باب عطية يريد بها صلة إلا زاده  الله بها كثرة، وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة، إلا زاده الله تعالى بها قلة. رواه الإمام أحمد.

فقال الابن:
ولكن يا أبي كيف يمكننا السكوت والتغاضي وعدم الردّ على مَنْ يُسِيءُ إلينا؟، فإن كان أبو بكر -رضي الله عنه-، -وأنت تعلم مَنْ هو أبو بكر- لم يصبر في حضرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكيف بنا نحن أبناء هذا الزمن الفقير للقيم والمبادئ والسلوكيات الحسنة، مقارنة بذلك الرعيل الذي عاش فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحبه وهم خير القرون.

فقال الأب:
ولكن يجب عليك يا بني أن تعلم أنك وجميع مَنْ قرأ أو سمع عن ذلك الموقف الذي حدث لأبي بكر في وضعية أفضل من الوضعية التي عاشها أبو بكر تلك الساعة.

فقال الابن مقاطعاً:
كيف يا والدي نكون أفضل من أبي بكر؟!!.

فردّ عليه الأب بسرعة موضحاً اللبس الذي حصل:
يا بني لم أقل إننا أفضل من أبي بكر -رضي الله عنه-، فهو صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومصدقه ورفيقه في الغار، ولكن قصدت الحالة، فقد حدث ذلك الموقف لأبي بكرٍ دون علمه بوجود مَلَكٍ يُدافع عنه، فلم يصبر ودافع عن نفسه، ولو علم أبو بكر بوجود ذلك المَلَك لَمَا تفوَّه بكلمة واحدة، ونحن حين يُجهل علينا يجب أن لا نرد، لأن هناك مَنْ يُدافع عنا، ومن هذا المنطلق أقول إنَّ وضعيتنا أفضل لأننا نواجه الموقف فنعلم الحالة كاملة، أما أبو بكر فلم يكن يعلمها مثلنا حين وقعت، ولكنه أدرك كل شيء بعد انتهاء الموقف وتنبيه المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وتوضيحه لملابسات ما حدث.

فقال الابن:
صدقت يا أبتي، فَمَنْ يعلم عن هذا الحديث لا يمكن أن ينتصر لنفسه، فيستبدل شيطاناً يجره إلى الخطيئة بملكٍ يدافع عنه ويناصره.

فقال الأب:
اعلم يا بني حفظك الله ورعاك ووفَّقك وجميع أبناء المسلمين أن هناك فئةً ثالثة مختلفة تماماً عن صاحبتيها السالفتين، وهي ثلة أحمد الله قبل كل شيء أنها قليلة في مجتمعنا، ولكن صوتها مسموع وصداه يقرع الآذان في كل مكان، أفعالها شائنة منبوذة من الجميع، وجرائمها بشعة تفتك بالبريء قبل المذنب، وبالصغير قبل الكبير، وتصيب فتفتك خطأ أكثر من فتكها عمداً، وتتخبط بعماها فتخرب هنا، وتدمر هناك، قبل أن تصل لمرادها، وهو بعيد بل محال التحقيق صعب المنال.

فقال الابن:
أتقصد مَنْ يُطلق عليهم الإرهابيون؟!..

قال الأب:
بالضبط، هم تلك الفئة التي تؤمن برأي واحد، وتعتقد وتجزم به، ولا ترى سواه، وتريد الجميع أن يقره وينصاع ويرضخ له، ولا ترى مناصاً أو مفراً من تحقيقه على المجتمع بأسره، بغض النظر عن أجناسه وثقافاته ورغباته وتوجهاته، فإن تحقق ذلك الشيء فذلك عائد لهم وحدهم ولجدارتهم ومهارتهم ومقدرتهم على الإقناع، وإن لم يتحقق، لأي سبب كان، فالويل كل الويل لمن عارض، حتى لو كان المجتمع بأسره، فلابد من تحقيق المطلب حتى ولو بالقوة.

فإن كان مصدر المعارضة حاكماً كَفَّرُوه وطالبوا بالخروج عليه، وإن وافقه عالمٌ سفَّهوه، وقالوا باع دينه بِعَرَضٍ من الدُّنيا، وإن أيده مُفكر ومُثقف جهَّلوه، وقالوا علماني أو ماركسي يتآمر على الأمَّة ويريد لها أن تهوي في مستنقعات الرذيلة، وتسلك دروب الردى والانحلال.

أما إن كان المجتمع معارضاً لأفكارهم ومخططاتهم، قالوا عنهم عوام جهلة، يساقون إلى مذابحهم وهم لا يشعرون، ولا بد من إنقاذهم من الأخطار التي تحدق بهم، فهم لا يعرفون ما يضرهم ولا ما ينفعهم، غير مدركين للكيفية التي يحققون بها مصالحهم، وينالون من خلالها حرياتهم.

فقال الابن:
أليس لهم الحق في المطالبة بحقوقهم، وعلينا جميعاً سماع كلامهم وتفهُّم أرائهم؟.

فردّ الأب قائلاً:
بالتأكيد، فلكل فرد في أسرة وعضو في جماعة رأيٌ لابد من سماعه، ومطلبٌ يجب تحقيقه، بشرط أن يدخل في حدود المعقول والقابلية للتنفيذ، وهو ما لا ينطبق على مطالب تلك الفئة.

فقال الابن:
ولمَ لا نناقشهم ونعلمهم باستحالة القبول بمطالبهم؛ لأنها غير قابلة للتنفيذ؟.

فقال الأب:
هم يعلمون ذلك، ولكن نظراً لهشاشة موقفهم وضعفه فهم يتهربون من المواجهة، ولا يرغبون في النقاش.

فقال الابن:
إذا كانوا كذلك فكيف يكون لهم أتباعٌ ومناصرون يشاطرونهم نفس الاهتمامات والأفكار والآراء، بل يزيدون عنهم بالتضحية بأنفسهم في سبيل الوصول لمبتغياتهم؟!!..

فقال الأب:
إنهم يعملون في الظلام، فهم كالخفافيش، لا يظهرون في وضح النهار، ولا يقتربون من العقلاء والمتعلمين، بل تجدهم يختارون ضحاياهم بعناية، ليكونوا لهم أتباعاً ومنفذين، فيشترطون فيهم ثلاثة شروط ليسـت صعبة المنال:
أولها:
أن يكـون التابع في سن المراهقة ما بين خمسة عشر وخمسـة وعشرين عاماً تقريباً، فهو متحمس وقابل للانصياع والتطويع ويخاطر بكل شيء حتى حياته.

وثانيها:
الجهل وقلة العلم، لحشو رأسه  بما يشاءون من أفكار خاطئة ومعتقدات فاسدة ومبادئ هدّامة.

وثالثها:
السذاجة والسطحية، وعدم وجود هدف يسعى إليه، أو مطلب يريد تحقيقه.

وبهذا يكون قد تشكَّل لديهم شخص يحمل بين أذنيه أرضية خصبة يمكن زرعها بما يريدون، وعقلية ساذجة يمكن حشوها بما يشاءون، قبل أن يقوم هو بنفسه وبكل طواعية بوضع الحزام الخاص بالمتفجرات حول خاصرته، أو قيادة السيارة المفخخة إلى المكان المراد.

فقال الابن:
إذاً يبدو أننا أغفلنا جانباً مهما في حديثنا عن الإرهاب وهو ذلك الشاب الساذج ذو المستوى الدراسي المتدني العاطل عن العمل؟

فقال الأب:
هذا صحيح، والقصور موجود في هذه الناحية، ويجب على الجميع التكاتف للأخذ بيد ذلك الشاب وعدم تركه لقمة سائغة في أفواه أولئك المستنفعين، الذين يريدون استخدامه في الوصول لمبتغياتهم، وتحقيق أهدافهم.

فقال الابن:
لي ملاحظة مهمة يا أبي، وكلي أمل أن لا تغفلها، وهي أني ولكثرة مجالستي لك، وحديثك لي عن طفولتك وشبابك، وكيفية تعامل والديك معك، أرى أن البون شاسع في أساليب وطرق معاملة الأبناء في زمننا الذي نعيشه مقارنة بالأزمنة الماضية، ومنها زمنكم في كلتا مرحلتيه الطفولة والشباب، حيث تعامل الوالدين مختلف تماماً، وكذلك العلاقة بين المدرس والطالب في المدرسة، ونظرة المجتمع كذلك.

وأظن أقراني جميعهم يحظون بنفس المعاملة، ويلحظون التغيير الحاصل، ويتفاعلون معه، ويطالبون بالمزيد منه، ولكن الإشكال يكمن في أن بعضهم لم يتنبه لذلك، ولم يلحظه بعد، فتجده يتعامل مع الجيل الحالي من الشباب بنفس الطريقة التي كان ينتهجها قبل عشر سنوات، وينظر إليهم بنفس النظرة الدونية، ويصادر آراءهم، ويسلب حرياتهم في التعبير عن أفكارهم وتحقيق، طموحاتهم وأحلامهم، متناسياً أنهم جيل الإنترنت والفضائيات والاتصالات بأنواعها.

فهم مختلفون تماماً عن تلك الأجيال التي سبقتهم، فوصولهم للمعلومة والحقيقة سهل، وأسهل منه إيصال كلمتهم للجميع بعدة وسائل وطرق، مع سهولة التواصل بينهم.

فقال الأب:
صدقت يا بني، لذا أرى أن على الجميع دراسة هذا الجانب الذي ذكرت وفهمه ومحاولة التعايش معه، واحتواء جميع الشباب وكسبهم، بدلاً من تجاهل ذلك، وتركهم بلا موجّهٍ أو قدوةٍ حسنة، فيتخبطون ويضيعون في طريق البحث عن الذات والغاية، دون وجود مَنْ يدلُّهم ويرشدهم إلى الطريق القويم، فيسعون لذلك بأنفسهم مما يؤدي لانقسامات ينتج عنها آثار سلبية على المجتمع، ربما تتسبب في تعطيل عجلة نموه وتطوره وتقدمه، وتعيق مسيرته، وكل ذلك يعود لأسباب كانت واضحة سهلة الحل لو تم الالتفات إليها في حينها واحتواؤها وعمل الحلول اللازمة لها.

فقال الابن:
أتمنى ذلك فعلاً يا أبتي، وأرجو أن يُـلتفت إلينا معشر الشباب، فنحن وقود كل عمل، سواءً كان نافعاً صالحاً للأمة والمجتمع، أم كان فاسداً مُدَمِّرَاً يَضُرُّ بالجميع، والكاسب الحقيقي مَنْ فاز وظفر بنا، فسيسهل عليه الوصول لأهدافه ونيل مبتغياته وتحقيق مآربه.