منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  Empty
مُساهمةموضوع: تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله    تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  Emptyالسبت 12 أكتوبر 2013, 11:59 pm

المبحث الثالث
تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله 
في مسائل الحج والعمرة
من كتبه
منسك شيخ الإسلام - مجموع الفتاوى - شرح العمدة - الاختيارات
ترجمة مختصرة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
اسمه ونسبه: 
هو الشيخ الإمام العالم المفسر الفقيه المجتهد الحافظ الناقد المحدث، شيخ الإسلام، علم الزهاد، نادرة العصر، ذو التصانيف الباهرة، والذكاء المفرط، تقي الدين أبو العباس أحمد بن العالم المفتي شهاب الدين عبد الحليم ابن الإمام المجتهد شيخ المذهب في زمانه مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الحراني ابن تيمية، وهو لقب لجده الأعلى، ويرجع نسبه لقبيلة نمير.
مولده ونشأته: 
ولد في عاشر ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة بحران، ثم انتقل به أبوه وأقاربه إلى دمشق سنة سبع وستين وستمائة خوفًا من التتار. 
وقد سمع في دمشق من كبار علمائها حتى برع في جميع علوم الشريعة، فقد عني بالحديث وخرّج وانتقى، وبرع في الرجال وعلل الحديث وفقهه، وصار من أئمة النقد ومن علماء الأثر، ثم أقبل على الفقه ودقائقه وقواعده وحججه، والإجماع والاختلاف حتى كان يقضى منه العجب إذا ذكر مسألة من مسائل الخلاف، ثم يستدل ويرجح ويجتهد، وحق له ذلك؛ فإن شروط الاجتهاد كانت قد اجتمعت فيه.
وكان رحمه الله من بحور العلم، ومن الأذكياء المعدودين، ومن الزهاد الأفراد، والشجعان الكبار، والكرماء الأجواد، أثنى عليه الموافق والمخالف، وسارت بتصانيفه الركبان.
وكان رحمه الله من أكثر من رد على الكفرة والملاحدة، وأهل البدع، وبيّن ضلالهم وانحرافهم، وانتصر للكتاب والسنة، ودافع عنهما، وناظر أهل البدع حتى كان يفحمهم ويسكتهم جميعًا، وحصل له من ذلك أمور كثيرة، ولأجل ذلك فقد ناله البلاء من أعدائه وخصومه؛ بل من أعداء السنة وخصومها من أهل البدع، فسجن وأوذي عدة مرات، وهو صابر محتسب، لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يرده ذلك ولا يثنيه عن دعوته وإيمانه وعقيدته. 
وقد كان رحمه الله كريًما شجاعًا مجاهدًا مقدامًا، وله في جهاد التتار وقائع مشهودة، ظهرت فيها شجاعته وإقدامه وتضحيته في سبيل الله.
وقد صنف التصانيف الكثيرة المفيدة في شتى العلوم والفنون، وقد بلغت تصانيفه ثلاثمائة مجلد أو أكثر،وما زال أهل السنة يستظلون بظلالها،وأهل البدعة يكتوون بنارها.
وفاته: 
توفي شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في قلعة دمشق معتقًلا بها بعد مرض ألمَّ به أيامًا، في ليلة الإثنين العشرين من ذي القعدة، سنة ثمان وعشرين وسبعمائة للهجرة.
وصلي عليه بجامع دمشق، وامتلأ الجامع بالمصلين، وأقل ما قيل في عدد من شهده خمسون ألفًا، وقيل: ستون ألفًا، وقيل: بلغوا مائتي ألف رجل وامرأة، ولم يخلف بعده مثله في العلم ولا من يقاربه.
فرحمه الله رحمة واسعة، ورضي عنه، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، وجمعنا به في دار كرامته في جنات النعيم، إنه نعم المولى ونعم النصير.  
أولاً: مسائل الحج والعمرة من كتاب منسك شيخ الإسلام ابن تيمية
(1) أول ما يفعله قاصد الحج والعمرة إذا أراد الدخول فيهما: أن يحرم بذلك، وقبل الإحرام فهو قاصد الحج أو العمرة ولم يدخل فيهما، بمنزلة الذي يخرج إلى صلاة الجمعة، فله أجر السعي، ولا يدخل في الصلاة حتى يحرم بها، وعليه إذا وصل إلى الميقات أن يحرم.(18)
(2) ذو الحليفة هي أبعد المواقيت عن مكة، وفيها بئر تسميها جهال العامة: (بئر علي)؛ لظنهم أن عليًا رضي الله عنه قاتل الجن بها، وهو كذب؛ فإن الجن لم يقاتلهم أحد من الصحابة، وعليٌّ أرفع قدرًا من أن يثبت الجن لقتاله، ولا فضيلة لهذا البئر ولا مذمة، ولا يستحب أن يرمي بها حجرًا ولا غيره.(19)
(3) الجحفة بينها وبين مكة نحو ثلاث مراحل، وهي قرية كانت قديمة معمورة، وكانت تسمى: (مَهْيَعة)، وهي اليوم خراب؛ ولهذا صار الناس يحرمون قبلها من المكان الذي يسمى رابغًا، وهذا ميقات لمن حج من ناحية المغرب؛ كأهل الشام ومصر وسائر المغرب.(20)
(4) إذا اجتاز أهل الشام ومصر وسائر المغرب بالمدينة النبوية -كما يفعلونه في هذه الأوقات- أحرموا من ميقات أهل المدينة؛ فإن هذا هو المستحب لهم بالاتفاق، فإن أخروا الإحرام إلى الجحفة ففيه نزاع.(20)
(5) ليس لأحد أن يجاوز الميقات إذا أراد الحج أو العمرة إلا بإحرام.(21)
(6) إن قصد مكة للتجارة أو الزيارة فينبغي له أن يحرم، وفي الوجوب نزاع.(21)
(7) التحقيق أنه يختلف الأفضل في الأنساك باختلاف حال الحاج؛ فإن كان يسافر سفرة للعمرة، وللحج سفرة أخرى، أو يسافر إلى مكة قبل أشهر الحج ويعتمر ويقيم بها حتى يحج؛ فهذا الإفراد له أفضل باتفاق الأئمة الأربعة. أما إذا فعل ما يفعله غالب الناس، وهو أن يجمع بين العمرة والحج في سفرة واحدة، ويقدم مكة في أشهر الحج، فهذا إن ساق الهدي فالقران أفضل له، وإن لم يسق الهدي فالتحلل من إحرامه بعمرة أفضل.(22)
(8) الإحرام بالحج قبل أشهره ليس مسنونًا؛ بل مكروه، وإذا فعله فهل يصير محرمًا بعمرة أو بحج؟ فيه نزاع.(22)
(9) لم يعتمر بعد الحج أحد ممن كان مع النبي إلا عائشة وحدها؛ لأنها كانت قد حاضت، فلم يمكنها الطواف.(24)
(10) التنعيم هو أقرب الحل إلى مكة.(24)
(11) في التنعيم اليوم مساجد تسمى (مساجد عائشة)، ولم تكن هذه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإنما بنيت بعد ذلك، علامة على المكان الذي أحرمت منه عائشة، وليس دخول هذه المساجد ولا الصلاة فيها - لمن اجتاز بها محرمًا -لا فرضًا ولا سنة؛ بل قصد ذلك واعتقاد أنه يستحب بدعة مكروهة، لكن من خرج من مكة ليعتمر فإنه إذا دخل واحدًا منها وصلى فيه لأجل الإحرام فلا بأس بذلك.(24)
(12) لم يكن على عهد النبي وخلفائه الراشدين أحد يخرج من مكة ليعتمر إلا لعذر، لا في رمضان ولا في غير رمضان.(25)
(13) الذين حجوا مع النبي ليس فيهم من اعتمر بعد الحج من مكة إلا عائشة، ولا كان هذا من فعل الخلفاء الراشدين.(25)
(14) الذين استحبوا الإفراد من الصحابة إنما استحبوا أن يحج في سفرة ويعتمر في أخرى، ولم يستحبوا أن يحج ويعتمر عقب ذلك عمرة مكية؛ بل هذا لم يكونوا يفعلونه قط؛ اللهم إلا أن يكون شيئًا نادرًا.(25)
(15) تنازع السلف فيمن اعتمر بعد حجه: هل يكون متمتعًا عليه دم أم لا؟ وهل تجزئه هذه العمرة عن عمرة الإسلام أم لا؟(25)
(16) اعتمر النبي بعد هجرته أربع عمر: عمرة الحديبية، وصل إلى الحديبية فصده المشركون عن البيت، فصالحهم وحل من إحرامه وانصرف، وعمرة القضية، اعتمر من العام القابل، وعمرة الجِعْرَانة؛ فإنه كان قد قاتل المشركين بحنين، والعمرة الرابعة مع حجته، فإنه قرن بين العمرة والحج باتفاق أهل المعرفة بسنته، وباتفاق الصحابة على ذلك.(26)
(17) لم ينقل عن أحد من الصحابة أنه تمتع تمتعًا حل فيه؛ بل كانوا يسمون القران تمتعًا، ولا نقل عن أحد من الصحابة أنه لما قرن طاف طوافين وسعى سعيين.(27)
(18) عامة المنقول عن الصحابة في صفة حجته ليست بمختلفة، وإنما اشتبهت على من لم يعرف مرادهم، وجميع الصحابة الذين نقل عنهم أنه أفرد الحج؛ كعائشة، وابن عمر، وجابر رضي الله عنهم، قالوا: إنه تمتع بالعمرة إلى الحج. فقد ثبت في الصحيحين عن عائشة وابن عمر بإسناد أصح من إسناد الإفراد، ومرادهم بالتمتع: القران، كما ثبت ذلك في الصحاح أيضًا.(27)
(19) إذا أراد الحاج الإحرام؛ فإن كان قارنًا قال: لبيك عمرة وحجًا، وإن كان متمتعًا قال: لبيك عمرةً متمتعًا بها إلى الحج، وإن كان مفردًا قال: لبيك حجة.(28)
(20) يجوز أن يقول: اللهم إني أوجبت عمرةً وحجًا، أو أوجبت عمرةً أتمتع بها إلى الحج، أو أوجبت حجًا، أو أريد الحج، أو أريدهما، أو أريد التمتع بالعمرة إلى الحج.(28)
(21) مهما قال مما سبق أجزأه باتفاق الأئمة، ليس في ذلك عبارة مخصوصة، ولا يجب شيء من هذه العبارات باتفاق الأئمة، كما لا يجب التلفظ بالنية في الطهارة والصلاة والصيام باتفاق الأئمة؛ بل متى لبى قاصدًا للإحرام انعقد إحرامه باتفاق المسلمين، ولا يجب عليه أن يتكلم قبل التلبية بشيء.(28)
(22) لو أحرم إحرامًا مطلقًا جاز، فلو أحرم بالقصد للحج من حيث الجملة، ولا يعرف التفصيل السابق جاز.(31)
(23) لو أهلّ ولبى كما يفعل الناس قاصدًا للنسك ولم يسمّ شيئًا بلفظه، ولا قصد بقلبه لا تمتعًا ولا إفرادًا ولا قرانًا؛ صح حجه أيضًا، وفعل واحدًا من الثلاثة: فإن فعل ما أمر به النبي أصحابه كان حسنًا.(31)
(24) إن اشترط المحرم على ربه خوفًا من العارض فقال: وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني؛ كان حسنًا، فإن النبي أمر ابنة عمه ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أن تشترط على ربها لما كانت شاكية، فخاف أن يصدها المرض عن البيت، ولم يكن يأمر بذلك كل من حج.(31)
(25) إن شاء المحرم أن يتطيب في بدنه فهو حسن، ولا يؤمر المحرم قبل الإحرام بذلك؛ فإن النبي فعله ولم يأمر به الناس.(32)
(26) لم يكن النبي يأمر أحدًا بعبارة بعينها، وإنما يقال: أهلَّ بالحج، أهلَّ بالعمرة، أو يقال: لبى بالحج، لبى بالعمرة، وهو تأويل قوله تعالى: ((الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)) [البقرة: 197]. (32)
(27) ثبت عنه في الصحيحين أنه قال: (من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)، والرفث اسم للجماع قولاً وعملاً، والفسوق اسم للمعاصي كلها، وليس في المحظورات ما يفسد الحج إلا جنس الرفث، فلهذا ميّز بينه وبين الفسوق.(32)
(28) الجدال: المراء في أمر الحج، فإن الله قد أوضحه وبينه، وقطع المراء فيه، كما كانوا في الجاهلية يتمارون في أحكامه، وقد تفسر بأن لا يماري الحاج أحدًا، والتفسير الأول أصح، فإن الله لم ينه المحرم ولا غيره عن الجدال مطلقًا؛ بل الجدال قد يكون واجبًا أو مستحبًا، وقد يكون الجدال محرمًا في الحج وغيره؛ كالجدال بغير علم، وكالجدال في الحق بعدما تبين.(33)
(29) لفظ الفسوق يتناول ما حرمه الله تعالى، ولا يختص بالسباب، وإن كان سباب المسلم فسوقًا، فالفسوق يعم هذا وغيره.(33)
(30) سائر المحظورات -غير الجماع- كاللباس والطيب؛ فإنه وإن كان يأثم بها فلا تفسد الحج عند أحد من الأئمة المشهورين.(34)
(31) ينبغي للمحرم أن لا يتكلم إلا بما يعنيه، وكان شريح رحمه الله إذا أحرم كأنه الحية الصماء.(34)
(32) لا يكون الرجل محرمًا بمجرد ما في قلبه من قصد الحج ونيته؛ فإن القصد ما زال في القلب منذ خرج من بلده؛ بل لا بد من قول أو عمل يصير به محرمًا، هذا هو الصحيح من القولين.(34)
(33) التجرد من اللباس واجب في الإحرام، وليس شرطًا فيه، فلو أحرم وعليه ثياب صح ذلك بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وباتفاق أئمة أهل العلم، وعليه أن ينزع اللباس المحظور.(34)
(34) يستحب أن يحرم عقيب صلاة: إما فرض وإما تطوع إن كان وقت تطوع في أحد القولين، وفي الآخر إن كان يصلي فرضًا أحرم عقيبه، وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه، وهذا أرجح.(35)
(35) يستحب أن يغتسل للإحرام، ولو كانت نفساء أو حائضًا.(35)
(36) إن احتاج إلى التنظيف؛ كتقليم الأظفار، ونتف الإبط، وحلق العانة، ونحو ذلك فعله، وهذا ليس من خصائص الإحرام، وكذلك لم يكن له ذكر فيما نقله الصحابة؛ لكنه مشروع بحسب الحاجة، وهكذا يشرع لمصلي الجمعة والعيد على هذا الوجه.(35)
(37) يستحب أن يحرم في ثوبين نظيفين؛ فإن كانا أبيضين فهما أفضل، ويجوز أن يحرم في جميع أجناس الثياب المباحة: من القطن، والكتان، والصوف.(36)
(38) السنة أن يحرم في إزار ورداء؛ سواء كانا مخيطين أو غير مخيطين، باتفاق الأئمة، ولو أحرم في غيرهما جاز إذا كان مما يجوز لبسه، ويجوز أن يحرم في الأبيض وغيره من الألوان الجائزة، وإن كان ملونًا.(36)
(39) الأفضل أن يحرم في نعلين إن تيسر، فإن لم يجد نعلين لبس خفين، وليس عليه أن يقطعهما دون الكعبين؛ فإن النبي أمر بالقطع أولاً، ثم رخص بعد ذلك في عرفات في لبس السراويل لمن لم يجد إزارًا، ورخص في لبس الخفين لمن لم يجد نعلين، وإنما رخص في المقطوع أولاً؛ لأنه يصير بالقطع كالنعلين.(36)
(40) الصحيح أنه يجوز أن يلبس ما دون الكعبين؛ مثل الخف المكعب، والجمجم والمداس ونحو ذلك؛ سواء كان واجدًا للنعلين أو فاقدًا لهما، وإذا لم يجد نعلين ولا ما يقوم مقامهما مثل الجمجم والمداس ونحو ذلك فله أن يلبس الخف ولا يقطعه، وكذلك إذا لم يجد إزارًا فإنه يلبس السراويل ولا يفتقه، هذا أصح قولي العلماء؛ لأن النبي رخص في البدل في عرفات، كما رواه ابن عباس رضي الله عنهما.(36)
(41) يجوز أن يلبس كل ما كان من جنس الإزار والرداء، فله أن يلتحف بالقباء، والجبة، والقميص، ونحو ذلك، ويتغطى به باتفاق الأئمة عرضًا، ويلبسه مقلوبًا، يجعل أسفله أعلاه، ويتغطى باللحاف وغيره؛ ولكن لا يغطي رأسه إلا لحاجة.(37)
(42) النبي نهى المحرم أن يلبس القميص، والبرنس، والسراويل، والخف، والعمامة، ونهاهم أن يغطوا رأس المحرم بعد الموت.(38)
(43) أمر النبي من أحرم في جبة أن ينزعها عنه، فما كان من هذا الجنس فهو في معنى ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فما كان في معنى القميص فهو مثله، وليس له أن يلبس القميص لا بكم ولا بغير كم، وسواء أدخل فيه يديه أو لم يدخلهما، وسواء كان سليمًا أو مخروقًا، وكذلك لا يلبس الجبة، ولا القباء الذي يدخل يديه فيه، وكذلك الدرع، وأمثال ذلك باتفاق الأئمة. وأما إذا طرح القباء على كتفيه من غير إدخال يديه، ففيه نزاع. وهذا معنى قول الفقهاء: لا يلبس المخيط، وكذلك لا يلبس ما كان في معنى الخف، ولا يلبس ما كان في معنى السراويل؛ كالتُبَّان ونحوه. (38)
(44) المخيط: هو ما كان من اللباس على قدر العضو.(38)
(45) للمحرم أن يعقد ما يحتاج إلى عقده؛ كالإزار، وهميان النفقة، والرداء لا يحتاج إلى عقده، فلا يعقده، فإن احتاج إلى عقده ففيه نزاع، والأشبه جوازه حينئذ، وهل المنع من عقده منع كراهة أو تحريم؟ فيه نزاع، وليس على تحريم ذلك دليل، إلا ما نقل عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كره عقد الرداء.(39)
(46) لا يغطي المحرم رأسه بمخيط ولا غيره؛ فلا يغطيه بعمامة، ولا قلنسوة، ولا كوفية، ولا ثوب يلصق به، ولا غير ذلك.(40)
(47) له أن يستظل تحت السقف والشجر، ويستظل في الخيمة ونحو ذلك باتفاقهم.(40)
(48) أما الاستظلال بالمحمل في حال السير؛ فهذا فيه نزاع، والأفضل للمحرم أن يُضْحِي لمن أحرم له، كما كان النبي وأصحابه يحجون، وقد رأى ابن عمر رضي الله عنهما رجلاً ظُلل عليه فقال: (أيها المحرم! أَضْحِ لمن أحرمت له)، ولهذا كان السلف يكرهون القباب على المحامل، وهي المحامل التي لها رأس، وأما المحامل المكشوفة فلم يكرهها إلا بعض النساك.(40)
(49) عدم الاستظلال بالمحمل في حق الرجل، وأما المرأة فإنها عورة؛ فلذلك جاز لها أن تلبس الثياب التي تستتر بها، وتستظل بالمحمل.(40)
(50) نهى النبي المرأة أن تنتقب أو تلبس القفازين، والقفازان: غلاف يصنع لليد.(41)
(51) لو غطت المرأة وجهها بشيء لا يمس الوجه جاز بالاتفاق، وإن كان يمسه فالصحيح أنه يجوز أيضًا، ولا تكلف المرأة أن تجافي سترتها عن الوجه؛ لا بعود، ولا بيد، ولا غير ذلك؛ فإن النبي سوى بين وجهها ويديها، وكلاهما كبدن الرجل لا كرأسه.(41)
(52) أزواج النبي كن يسدلن على وجوههن من غير مراعاة المجافاة، ولم ينقل أحد من أهل العلم عن النبي أنه قال: (إحرام المرأة في وجهها)، وإنما هذا قول بعض السلف، لكن النبي نهاها أن تنتقب أو تلبس القفازين، كما نهى المحرم أن يلبس القميص والخف، مع أنه يجوز له أن يستر يديه ورجليه باتفاق الأئمة.(41)
(53) البرقع أقوى من النقاب؛ فلهذا ينهى عنه باتفاقهم، ولهذا كانت المحرمة لا تلبس ما يصنع لستر الوجه كالبرقع ونحوه؛ فإنه كالنقاب.(42)
(54) ليس للمحرم أن يلبس شيئًا مما نهى النبي عنه إلا لحاجة، كما أنه ليس للصائم أن يفطر إلا لحاجة، والحاجة: مثل البرد الذي يخاف أن يمرضه إذا لم يغط رأسه، أو مثل مرض نزل به يحتاج معه إلى تغطية رأسه، فيلبس قدر الحاجة، فإذا استغنى عنه نزع.(42)
(55) على المحرم أن يفتدي -إذا فعل محظورًا للحاجة- إما بصيام ثلاثة أيام، وإما بنسك شاة، أو بإطعام ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع؛ من تمر، أو شعير، أو مد من بر، وإن أطعمه خبزًا جاز، وينبغي أن يكون مأدومًا، وإن أطعمه مما يؤكل؛ كالبقسماط، والرقاق، ونحو ذلك جاز، وهو أفضل من أن يعطيه قمحًا أو شعيرًا.(42)
(56) كذلك في سائر الكفارات، إذا أعطاه مما يقتات به مع أدمه فهو أفضل من أن يعطيه حبًا مجردًا، إذا لم يكن عادتهم أن يطحنوا بأيديهم، ويخبزوا بأيديهم، والواجب في ذلك كله ما ذكره الله تعالى بقوله: ((فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ)) [المائدة: 89] الآية، فأمر الله تعالى بإطعام المساكين من أوسط ما يطعم الناس أهليهم، والراجح في هذا كله أن يرجع فيه إلى العرف، فيطعم كل قوم مما يطعمون أهليهم.(43).
(57) لما كان كعب بن عجرة رضي الله عنه ونحوه يقتاتون التمر؛ أمره النبي أن يطعم فرْقًا من التمر بين ستة مساكين، والفرْق: ستة عشر رطلاً بالبغدادي.(43)
(58) الفدية يجوز أن يخرجها إذا احتاج إلى فعل المحظور قبله وبعده، ويجوز أن يذبح النسك قبل أن يصل إلى مكة، ويصوم الأيام الثلاثة متتابعة إن شاء ومتفرقة إن شاء، فإن كان له عذر أخر فعلها، وإلا عجل فعلها.(43)
(59) إذا لبس ثم لبس مرارًا، ولم يكن أدى الفدية؛ أجزأته فدية واحدة في أظهر قولي العلماء.(44)
(60) إذا أحرم لبى بتلبية رسول الله: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)، وإن زاد على ذلك: لبيك ذا المعارج، أو لبيك وسعديك، ونحو ذلك جاز؛ كما كان الصحابة يزيدون ورسول الله يسمعهم، فلم ينههم، وكان هو يداوم على تلبيته.(44)
(61) يلبي من حين يحرم؛ سواء ركب دابةً أو لم يركبها، وإن أحرم بعد ذلك جاز.(45)
(62) التلبية: هي إجابة دعوة الله تعالى لخلقه حين دعاهم إلى حج بيته على لسان خليله إبراهيم، والملبي هو المستسلم المنقاد لغيره، كما ينقاد الذي لُبب وأُخذ بلبته، والمعنى: إنا مجيبوك لدعوتك، مستسلمون لحكمتك، مطيعون لأمرك مرةً بعد مرة، لا نزال على ذلك. والتلبية شعار الحج.(45)
(63) أفضل الحج العج والثج؛ فالعج: رفع الصوت بالتلبية، والثج: إراقة دماء الهدي.(45)
(64) يستحب رفع الصوت بالتلبية للرجل، بحيث لا يجهد نفسه، والمرأة ترفع صوتها بحيث تسمع رفيقتها، ويستحب الإكثار منها عند اختلاف الأحوال؛ مثل أدبار الصلوات، ومثلما إذا صعد نشزًا، أو هبط واديًا، أو سمع ملبيًا، أو أقبل الليل والنهار، أو التقت الرفاق، وكذلك إذا فعل ما نهي عنه، وقد روي: أنه من لبى حتى تغرب الشمس فقد أمسى مغفورًا له.(46)
(65) إن دعا عقيب التلبية، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وسأل الله رضوانه والجنة، واستعاذ برحمته من سخطه والنار؛ فحسنٌ.(46)
(66) مما ينهى عنه المحرم: أن يتطيب بعد الإحرام في بدنه أو ثيابه، أو يتعمد شم الطيب، وأما الدهن في رأسه أو بدنه بالزيت والسمن ونحوه، إذا لم يكن فيه طيب ففيه نزاع مشهور، وتركه أولى.(46)
(67) لا يقلم المحرم أظفاره، ولا يقطع شعره.(47)
(68) للمحرم أن يحك بدنه إذا حكه.(47)
(69) للمحرم أن يحتجم في رأسه وغير رأسه، وإن احتاج أن يحلق شعرًا لذلك جاز؛ فإنه قد ثبت في الصحيح أن النبي احتجم في وسط رأسه وهو محرم، ولا يمكن ذلك إلا مع حلق بعض الشعر.(47)
(70) إذا اغتسل المحرم وسقط شيء من شعره بذلك لم يضره، وإن تيقن أنه انقطع بالغسل.(47)
(71) يفتصد المحرم إذا احتاج إلى ذلك.(47)
(72) للمحرم أن يغتسل من الجنابة بالاتفاق، وكذلك لغير الجنابة.(47)
(73) لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يَخطب.(47)
(74) لا يصطاد المحرم صيدًا بريًا، ولا يتملكه بشراء، ولا اتهاب، ولا غير ذلك، ولا يعين على صيد، ولا يذبح صيدًا، فأما صيد البحر كالسمك ونحوه فله أن يصطاده ويأكله.(47)
(75) للمحرم أن يقطع الشجر، لكن نفس الحرم لا يقطع شيئًا من شجره، وإن كان غير محرم، ولا من نباته المباح إلا الإذخر، وأما ما غرس الناس أو زرعوه فهو لهم، وكذلك ما يبس من النبات يجوز أخذه.(48)
(76) لا يصطاد بالحرم صيدًا، وإن كان من الماء كالسمك على الصحيح.(48)
(77) لا يُنفّر المحرم صيد الحرم؛ مثل أن يقيمه ليقعد مكانه.(48)
(78) وكذلك حرم مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ما بين لابتيها، وهو بريد في بريد، وهو من عير إلى ثور، فهذا الحرم أيضًا لا يصاد صيده، ولا يقطع شجره إلا لحاجة؛ كآلة الركوب والحرث، ويؤخذ من حشيشه ما يحتاج إليه للعلف؛ فإن النبي رخص لأهل المدينة في هذا؛ لحاجتهم إلى ذلك؛ إذ ليس حولهم ما يستغنون به عنه، بخلاف الحرم المكي.(49)
(79) إذا أُدْخِل عليه صيد -أي: في حرم المدينة- لم يكن عليه إرساله.(49)
(80) ليس في الدنيا حرم -لا بيت المقدس ولا غيره- إلا هذان الحرمان، ولا يسمى غيرهما حرمًا كما يسمي الجهال، فيقولون: حرم المقدس، وحرم الخليل. فإن هذين وغيرهما ليسا بحرم باتفاق المسلمين، والحرم المجمع عليه حرم مكة، وأما المدينة فلها حرم أيضًا عند الجمهور، كما استفاضت بذلك الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتنازع المسلمون في حرم ثالث إلا في (وج)، وهو وادٍ بالطائف، وهو عند بعضهم حرم، وعند الجمهور ليس بحرم.(49)
(81) للمحرم أن يقتل ما يؤذي بعادته الناس؛ كالحية، والعقرب، والفأرة، والغراب، والكلب العقور.(50)
(82) للمحرم أن يدفع ما يؤذيه من الآدميين والبهائم، حتى لو صال عليه أحد ولم يندفع إلا بالقتال قاتله؛ فإن النبي قال: (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمته فهو شهيد).(50)
(83) إذا قرصته البراغيث والقمل فله إلقاؤها عنه، وله قتلها، ولا شيء عليه، وإلقاؤها أهون من قتلها، وكذلك ما يتعرض له من الدواب فينهى عن قتله، وإن كان في نفسه محرمًا؛ كالأسد والفهد، فإذا قتله فلا جزاء عليه في أظهر قولي العلماء.(50)
(84) أما التفلي بدون التأذي فهو من الترفه، فلا يفعله، ولو فعله فلا شيء عليه.(51)
(85) يحرم على المحرم الوطء ومقدماته، ولا يطأ شيئًا؛ سواء كان امرأة ولا غير امرأة، ولا يتمتع بقبلة، ولا مس بيد، ولا نظر بشهوة، فإن جامع فسد حجه.(51)
(86) في الإنزال بغير الجماع نزاع، ولا يفسد الحج بشيء من المحظورات إلا بهذا الجنس.(51) 
(87) إن قبل المحرم بشهوة أو أمذى لشهوة فعليه دم.(51)
(88) إذا أتى مكة جاز أن يدخل مكة والمسجد من جميع الجوانب، لكن الأفضل أن يأتي من وجه الكعبة، اقتداء بالنبي؛ فإنه دخلها من وجهها من الناحية العليا التي فيها اليوم باب المعْلاة.(51)
(89) لم يكن على عهد النبي لمكة ولا للمدينة سور ولا أبواب مبنية، ولكن دخلها من الثنية العليا ثنية كَدَاء، المشرفة على المقبرة.(51)
(90) دخل النبي المسجد من الباب الأعظم الذي يقال له: باب بني شيبة، ثم ذهب إلى الحجر الأسود، فإن هذا أقرب الطرق إلى الحجر الأسود لمن دخل من باب المعْلاة.(51)
(91) لم يكن قديمًا بمكة بناء يعلو على البيت، ولا كان فوق الصفا والمروة والمشعر الحرام بناء، ولا كان بمنى ولا بعرفات مسجد، ولا عند الجمرات مساجد؛ بل كل هذه محدثة بعد الخلفاء الراشدين، ومنها ما أحدث بعد الدولة الأموية، ومنها ما أحدث بعد ذلك؛ فكان البيت يرى قبل دخول المسجد.(52)
(92) ذكر ابن جرير أن النبي كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال: (اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابةً وبرًا، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفًا وتعظيمًا)، فمن رأى البيت قبل دخول المسجد فعل ذلك، وقد استحب ذلك من استحبه عند رؤية البيت، ولو كان بعد دخول المسجد.(52)
(93) بعد أن دخل النبي المسجد ابتدأ بالطواف، ولم يصل قبل ذلك تحية المسجد، ولا غير ذلك؛ بل تحية المسجد الحرام هو الطواف بالبيت.(53)
(94) كان يغتسل لدخول مكة كما يبيت بذي طوى، وهو عند الآبار التي يقال لها: آبار الزاهر، فمن تيسر له المبيت بها والاغتسال ودخول مكة نهارًا وإلا فليس عليه شيء من ذلك.(53)
(95) إذا دخل المسجد بدأ بالطواف، فيبتدئ من الحجر الأسود، يستقبله استقبالاً ويستلمه ويقبله إن أمكن، ولا يؤذي أحدًا بالمزاحمة عليه، فإن لم يمكن استلمه وقبل يده، وإلا أشار إليه، ثم ينتقل للطواف ويجعل البيت عن يساره.(53)
(96) ليس على المحرم أن يذهب إلى ما بين الركنين، ولا يمشي عرضًا ثم ينتقل للطواف؛ بل ولا يستحب ذلك. ويقول إذا استلمه: باسم الله، والله أكبر، وإن شاء قال: اللهم إيمانًا بك، وتصديقًا بكتابك، ووفاءً بعهدك، واتباعًا لسنة نبيك محمد. ويجعل البيت عن يساره.(54)
(97) يطوف سبعًا، ولا يخترق الحِجْر في طوافه، لما كان أكثر الحِجْر من البيت، والله أمر بالطواف به لا بالطواف فيه.(54)
(98) لا يستلم من الأركان إلا الركنين اليمانيين دون الشاميين؛ فإن النبي إنما استلمهما خاصة؛ لأنهما على قواعد إبراهيم، والآخران هما في داخل البيت.(54) 
(99) الركن الأسود يستلم ويقبل، واليماني يستلم ولا يقبل، والآخران لا يستلمان ولا يقبلان، والاستلام هو مسحه باليد.(55) 
(100) سائر جوانب البيت -إلا ما تقدم- ومقام إبراهيم، وسائر ما في الأرض من المساجد، وحيطانها، ومقابر الأنبياء والصالحين؛ كحجرة نبينا صلى الله عليه وسلم ومغارة إبراهيم؛، ومقام نبينا الذي كان يصلي فيه، وغير ذلك من مقابر الأنبياء والصالحين، وصخرة بيت المقدس؛ فلا تستلم ولا تقبل باتفاق الأئمة.(55)

يتبع إن شاء الله...


تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله    تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  Emptyالأحد 13 أكتوبر 2013, 12:08 am

(101) أما الطواف بذلك -أي: بما تقدم- فهو من أعظم البدع المحرمة، ومن اتخذه دينًا يستتاب؛ فإن تاب وإلا قتل.(55)
(102) لو وضع الطائف يده على الشاذَرْوان الذي يربط فيه أستار الكعبة، لم يضره ذلك في أصح قولي العلماء، وليس الشاذَرْوان من البيت؛ بل جعل عمادًا للبيت.(56)
(103) يستحب للطائف في الطواف الأول أن يرمل من الحَجَر إلى الحَجَر، في الأطواف الثلاثة، والرمل مثل الهرولة، وهو مسارعة المشي مع تقارب الخطى، فإن لم يمكن الرمل للزحمة؛ كان خروجه إلى حاشية المطاف والرمل أفضل من قربه إلى البيت بدون الرمل، وأما إذا أمكن القرب من البيت مع إكمال السنة فهو أولى.(56)
(104) يجوز أن يطوف من وراء قبة زمزم، وما وراءها من السقائف المتصلة بحيطان المسجد.(56) 
(105) لو صلى المصلي في المسجد والناس يطوفون أمامه لم يكره؛ سواء مر أمامه رجل أو امرأة، وهذا من خصائص مكة.(56)
(106) يستحب أن يضطبع المحرم في هذا الطواف، والاضطباع: هو أن يبدي ضبعه الأيمن، فيضع وسط الرداء تحت إبطه الأيمن، وطرفيه على عاتقه الأيسر.(57)
(107) إن ترك المحرم الرمل والاضطباع فلا شيء عليه.(57)
(108) يستحب للطائف أن يذكر الله تعالى ويدعوه بما يشرع، وإن قرأ القرآن سرًا فلا بأس، وليس فيه ذكر محدود عن النبي؛ لا بأمره ولا بقوله ولا بتعليمه؛ بل يدعو فيه بسائر الأدعية الشرعية، وما يذكره كثير من الناس من دعاء معين تحت الميزاب ونحو ذلك فلا أصل له.(57)
(109) كان النبي يختم طوافه بين الركنين بقوله: ((رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)) [البقرة: 201]، كما كان يختم سائر دعائه بذلك، وليس في ذلك ذكر واجب باتفاق الأئمة.(57)
(110) الطواف بالبيت كالصلاة، إلا أن الله أباح فيه الكلام، فمن تكلم فيه فلا يتكلم إلا بخير، ولهذا يؤمر الطائف أن يكون متطهرًا الطهارتين الصغرى والكبرى، ويكون مستور العورة، مجتنب النجاسة التي يجتنبها المصلي والطائف طاهرًا.(58)
(111) في وجوب الطهارة في الطواف نزاع بين العلماء؛ فإنه لم ينقل أحد عن النبي أنه أمر بالطهارة للطواف، ولا نهى المحدث أن يطوف، ولكن طاف طاهرًا؛ لكنه ثبت عنه أنه نهى الحائض عن الطواف، وقد قال النبي: (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم)، فالصلاة التي أوجب لها الطهارة ما كان يُفتتح بالتكبير، ويُختم بالتسليم؛ كالصلاة التي فيها ركوع وسجود، وكصلاة الجنازة، وسجدتي السهو، وأما الطواف وسجود التلاوة فليسا من هذا. والاعتكاف يشترط له المسجد، ولا يشترط له الطهارة بالاتفاق، والمعتكفة الحائض تنهى عن اللبث في المسجد مع الحيض، وإن كانت تلبث في المسجد وهي محدثة. قال أحمد بن حنبل رحمه الله في (مناسك الحج) لابنه عبد الله: حدثنا سهل بن يوسف، أنبأنا شعبة، عن حماد ومنصور قال: «سألتهما عن الرجل يطوف بالبيت وهو غير متوضئ، فلم يريا به بأسًا». قال عبد الله: سألت أبي عن ذلك فقال: «أحب إليَّ أن لا يطوف بالبيت وهو غير متوضئ؛ لأن الطواف بالبيت صلاة». وقد اختلفت الرواية عن أحمد رحمه الله في اشتراط الطهارة فيه ووجوبها، كما هو أحد القولين في مذهب أبي حنيفة؛ لكن لا يختلف مذهب أبي حنيفة أنها ليست بشرط.(58)
(112) من طاف في جورب ونحوه لئلا يطأ نجاسة من ذرق الحمام، أو غطى يديه لئلا يمس امرأة، ونحو ذلك؛ فقد خالف السنة، فإن النبي وأصحابه والتابعين ما زالوا يطوفون بالبيت، وما زال الحمام بمكة؛ لكن الاحتياط حسن ما لم يخالف السنة المعلومة، فإذا أفضى إلى ذلك كان خطأ.(60)
(113) اعلم أن الفعل الذي يتضمن مخالفة السنة خطأ؛ كمن يخلع نعليه في الصلاة المكتوبة، أو صلاة الجنازة خوفًا من أن يكون فيهما نجاسة؛ فإن هذا خطأ مخالف للسنة؛ فإن النبي كان يصلي في نعليه، وقال: (إن اليهود لا يصلون في نعالهم فخالفوهم)، وقال: (إذا أتى المسجد أحدكم فلينظر في نعليه؛ فإن كان فيهما أذى فليدلكهما في التراب، فإن التراب لهما طهور)، وكما يجوز أن يصلي في نعليه فكذلك يجوز أن يطوف في نعليه.(61)
(114) إن لم يمكنه الطواف ماشيًا فطاف راكبًا أو محمولاً أجزأه بالاتفاق.(61)
(115) ما يعجز عنه من واجبات الطواف؛ مثل من كان به نجاسة لا يمكنه إزالتها؛ كالمستحاضة، ومن به سلس البول؛ فإنه يطوف ولا شيء عليه باتفاق الأئمة، وكذلك لو لم يمكنه الطواف إلا عريانًا فطاف بالليل، كما لو لم يمكنه الصلاة إلا عريانًا.(61)
(116) المرأة الحائض إذا لم يمكنها طواف الفرض إلا حائضًا؛ بحيث لا يمكنها التأخر بمكة، ففي أحد قولي العلماء الذين يوجبون الطهارة على الطائف: إذا طافت الحائض أو الجنب أو المحدث أو حامل النجاسة مطلقًا أجزأه الطواف وعليه دم: إما شاة، وإما بدنة مع الحيض والجنابة، وشاة مع الحدث الأصغر.(61)
(117) منع الحائض من الطواف قد يُعلل بأنه يشبه الصلاة، وقد يُعلل بأنها ممنوعة من المسجد، كما تمنع منه بالاعتكاف، وكما قال عز وجل لإبراهيم وابنه: ((أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ)) [سورة البقرة]، فأمره بتطهيره لهذه العبادات، فمنعت الحائض من دخوله.(62)
(118) اتفق العلماء على أنه لا يجب للطواف ما يجب للصلاة؛ من تحريم وتحليل وقراءة وغير ذلك، ولا يبطله ما يبطلها؛ من الأكل والشرب والكلام وغير ذلك، ولهذا كان مقتضى تعليل من منع الحائض لحرمة المسجد: أنه لا يرى الطهارة شرطًا؛ بل مقتضى قوله أنه يجوز لها ذلك عند الحاجة، كما يجوز لها دخول المسجد عند الحاجة، وقد أمر الله تعالى بتطهيره للطائفين والعاكفين والركع السجود، والعاكف فيه لا يشترط له الطهارة، ولا تجب عليه الطهارة من الحدث الأصغر باتفاق المسلمين، ولو اضطرت العاكفة الحائض إلى لبثها فيه للحاجة جاز ذلك. وأما الركع السجود فهم المصلون، والطهارة شرط للصلاة باتفاق المسلمين، والحائض لا تصلي لا قضاء ولا أداء. يبقى الطائف: هل يلحق بالعاكف أو بالمصلي أو يكون قسمًا ثالثًا بينهما؟ هذا محل اجتهاد.(63)
(119) قوله: (الطواف بالبيت صلاة) لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن هو ثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما، وقد روي مرفوعًا، ونقل بعض الفقهاء عن ابن عباس أنه قال: (إذا طاف بالبيت وهو جنب عليه دم)، ولا ريب أن المراد بذلك أنه يشبه الصلاة من بعض الوجوه، ليس المراد أنه نوع من الصلاة التي يشترط لها الطهارة، وهكذا قوله: (إذا أتى أحدكم المسجد فلا يشبك بين أصابعه فإنه في صلاة)، وقوله: (إن العبد في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، وما دام ينتظر الصلاة، وما كان يعمد إلى الصلاة)، ونحو ذلك.(63)
(120) لا يجوز لحائض أن تطوف إلا طاهرة إذا أمكنها ذلك باتفاق العلماء، ولو قدمت المرأة حائضًا لم تطف بالبيت؛ لكن تقف بعرفة وتفعل سائر المناسك كلها مع الحيض، إلا الطواف فإنها تنتظر حتى تطهر إن أمكنها ذلك ثم تطوف، وإن اضطرت إلى الطواف فطافت أجزأها ذلك على الصحيح من قولي العلماء.(64)
(121) إذا قضى الطواف صلى ركعتين للطواف، وإن صلاهما عند مقام إبراهيم؛ فهو أحسن، ويستحب أن يقرأ فيهما بسورتي الإخلاص: ((قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ)) [الكافرون:1] و((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) [الإخلاص:1]، ثم إذا صلاهما استحب له أن يستلم الحجر، ثم يخرج إلى الطواف بين الصفا والمروة، ولو أخر ذلك إلى بعد طواف الإفاضة جاز.(65)
(122) الحج فيه ثلاثة أطوفة: 
طواف عند الدخول، وهو يسمى: طواف القدوم، والدخول، والورود. 
والطواف الثاني: هو بعد التعريف، ويقال له: طواف الإفاضة، والزيارة، وهو طواف الفرض الذي لا بد منه، كما قال تعالى: ((ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)) [الحج:29].
والطواف الثالث: هو لمن أراد الخروج من مكة، وهو طواف الوداع.(65)
(123) إذا سعى عقيب واحد منها -أي: الأطوفة الثلاثة- أجزأه، فإذا خرج للسعي خرج من باب الصفا.(65)
(124) كان النبي يرقى على الصفا والمروة، وهما في جانب جبلي مكة، فيكبر ويهلل ويدعو الله تعالى، واليوم قد بني فوقهما دكتان، فمن وصل إلى أسفل البناء أجزأه السعي، وإن لم يصعد فوق البناء، فيطوف بالصفا والمروة سبعًا، يبتدئ بالصفا ويختم بالمروة، ويستحب أن يسعى في بطن الوادي؛ من العلم إلى العلم، وهما معلمان هناك، وإن لم يسع في بطن الوادي بل مشى على هيئته جميع ما بين الصفا والمروة؛ أجزأه باتفاق العلماء، ولا شيء عليه.(66)
(125) لا صلاة عقيب الطواف بالصفا والمروة، وإنما الصلاة عقيب الطواف بالبيت، بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واتفاق السلف والأئمة، فإذا طاف بين الصفا والمروة حل من إحرامه؛ كما أمر النبي أصحابه لما طافوا بهما أن يحلوا، إلا من كان معه هدي فلا يحل حتى ينحره.(66)
(126) المفرد والقارن لا يحلان إلا يوم النحر.(66) 
(127) يستحب له -أي المتمتع- أن يقصر من شعره ليدع الحلاق للحج، وكذلك أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم وإذا أحل حل له ما حرم عليه بالإحرام.(67)
(128) إذا كان يوم التروية أحرم وأهل بالحج، فيفعل كما فعل عند الميقات، وإن شاء أحرم من مكة، وإن شاء من خارج مكة، هذا هو الصواب.(67) 
(129) أصحاب النبي إنما أحرموا كما أمرهم النبي من البطحاء، والسنة أن يحرم من الموضع الذي هو نازل فيه، وكذلك المكي يحرم من أهله، كما قال النبي: (من كان منزله دون مكة فمهله من أهله، حتى أهل مكة يهلون من مكة).(67)
(130) السنة أن يبيت الحاج بمنى؛ فيصلون بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ولا يخرجون منها حتى تطلع الشمس، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.(68)
(131) أما الإيقاد فهو بدعة مكروهة باتفاق العلماء، وإنما الإيقاد بمزدلفة خاصة بعد الرجوع من عرفة، وأما الإيقاد بمنى أو عرفة فبدعة أيضًا.(68)
(132) يسير الحاجّ من منى إلى نمرة على طريق ضبٍّ من يمين الطريق.(68)
(133) نمرة كانت قرية خارجة عن عرفات من جهة اليمين، فيقيمون بها إلى الزوال، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ثم يسيرون منها إلى بطن الوادي، وهو موضع النبي الذي صلى فيه الظهر والعصر، وخطب وهو في حدود عرفة ببطن عرنة، وهناك مسجد يقال له: مسجد إبراهيم، وإنما بني في أول دولة بني العباس، فيصلي هناك الظهر والعصر قصرًا، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي خلفه جميع الحاج؛ أهل مكة وغيرهم قصرًا وجمعًا، يخطب بهم الإمام كما خطب النبي على بعيره، ثم إذا قضى الخطبة أذن المؤذن وأقام، ثم يصلي، كما جاءت بذلك السنة.(68)
(134) يصلي بعرفة ومزدلفة ومنى قصرًا، ويقصر أهل مكة وغير أهل مكة، وكذلك يقصرون الصلاة بعرفة ومزدلفة ومنى، كما كان أهل مكة يفعلون خلف النبي بعرفة ومزدلفة ومنى، وكذلك كانوا يفعلون خلف أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، ولم يأمر النبي ولا خلفاؤه أحدًا من أهل مكة أن يتموا الصلاة، ولا قالوا لهم بعرفة ومزدلفة ومنى: أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر، ومن حكى ذلك عنهم فقد أخطأ، ولكن المنقول عن النبي أنه قال ذلك في غزوة الفتح لما صلى بهم بمكة، وأما في حجه فإنه لم ينزل بمكة، ولكن كان نازلاً خارج مكة، وهناك كان يصلي بأصحابه، ثم لما خرج إلى منى وعرفة خرج معه أهل مكة وغيرهم، ولما رجع من عرفة رجعوا معه، ولما صلى بمنى أيام منى صلوا معه، ولم يقل لهم: أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر.(69)
(135) لم يحد النبي السفر لا بمسافة ولا بزمان.(70)
(136) لم يكن بمنى أحد ساكنًا في زمنه صلى الله عليه وسلم ولهذا قال: (منى مناخ من سبق)، ولكن قيل: إنها سكنت في خلافة عثمان، وأنه بسبب ذلك أتم عثمان الصلاة؛ لأنه كان يرى أن المسافر من يحمل الزاد والمزاد.(70)
(137) ثم بعد ذلك يذهب إلى عرفات، فهذه السنة( ).(70)
(138) لكن في هذه الأوقات لا يكاد يذهب أحد إلى نمرة، ولا إلى مصلى النبي؛ بل يدخلون عرفات بطريق المأزمين، ويدخلونها قبل الزوال، ومنهم من يدخلها ليلاً، ويبيتون بها قبل التعريف، وهذا الذي يفعله الناس كله يجزي معه الحج، لكن فيه نقص عن السنة، فيفعل ما يمكن من السنة مثل الجمع بين الصلاتين، فيؤذن أذانًا واحدًا ويقيم لكل صلاة.(70)
(139) الإيقاد بعرفة بدعة مكروهة، وكذلك الإيقاد بمنى بدعة باتفاق العلماء، وإنما يكون الإيقاد بمزدلفة خاصة في الرجوع.(71)
(140) يقفون بعرفات إلى غروب الشمس، ولا يخرجون منها حتى تغرب الشمس، وإذا غربت الشمس يخرجون إن شاءوا بين العلمين، وإن شاءوا من جانبيهما، والعلمان الأولان حد عرفة، فلا يجاوزهما حتى تغرب الشمس.(71)
(141) الميلان بعد ذلك حد مزدلفة، وما بينهما بطن عرنة.(71)
(142) يجتهد في الذكر والدعاء هذه العشية؛ فإنه ما رئي إبليس في يوم هو فيه أصغر ولا أحقر ولا أغيظ ولا أدحض من عشية عرفة؛ لما يرى من تنزيل الرحمة، وتجاوز الله سبحانه عن الذنوب العظام، إلا ما رئي يوم بدر؛ فإنه رأى جبريل يزع الملائكة.(71)
(143) يصح وقوف الحائض وغير الحائض.(72)
(144) يجوز الوقوف ماشيًا وراكبًا، وأما الأفضل فيختلف باختلاف الناس؛ فإن كان ممن إذا ركب رآه الناس لحاجتهم إليه، أو كان يشق عليه ترك الركوب؛ وقف راكبًا، فإن النبي وقف راكبًا، وهكذا الحج؛ فإن من الناس من يكون حجه راكبًا أفضل، ومنهم من يكون حجه ماشيًا أفضل، ولم يعين النبي لعرفة دعاء ولا ذكرًا؛ بل يدعو الرجل بما شاء من الأدعية الشرعية، وكذلك يكبر ويهلل ويذكر الله تعالى حتى تغرب الشمس.(72)
(145) الاغتسال لعرفة قد روي في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما، وغيره.(72)
(146) لم ينقل عن النبي ولا عن أصحابه في الحج إلا ثلاثة أغسال: غسل الإحرام، والغسل عند دخول مكة، والغسل يوم عرفة، وما سوى ذلك؛ كالغسل لرمي الجمار، وللطواف، والمبيت بمزدلفة؛ فلا أصل له، لا عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه، ولا استحبه جمهور الأئمة؛ لا مالك، ولا أبو حنيفة، ولا أحمد، وإن كان قد ذكره طائفة من متأخري أصحابه؛ بل هو بدعة، إلا أن يكون هناك سبب يقتضي الاستحباب، مثل أن يكون عليه رائحة يؤذي الناس بها فيغتسل لإزالتها.(72)
(147) عرفة كلها موقف، ولا يقف ببطن عرنة.(73)
(148) وأما صعود الجبل الذي هناك فليس من السنة، ويسمى: جبل الرحمة، ويقال له: إلال، على وزن هلال، وكذلك القبة التي فوقه التي يقال لها: قبة آدم، لا يستحب دخولها ولا الصلاة فيها، والطواف بها من الكبائر، وكذلك المساجد التي عند الجمرات لا يستحب دخول شيء منها، ولا الصلاة فيها، وأما الطواف بها، أو بالصخرة، أو بحجرة النبي صلى الله عليه وسلم وما كان غير البيت العتيق؛ فهو من أعظم البدع المحرمة.(73)
(149) إذا أفاض من عرفات ذهب إلى المشعر الحرام على طريق المأزمين، وهو طريق الناس اليوم، وإنما قال الفقهاء: على طريق المأزمين؛ لأنه إلى عرفة طريق أخرى تسمى: طريق ضب، ومنها دخل النبي إلى عرفات، وخرج على طريق المأزمين.(74)
(150) كان في المناسك والأعياد يذهب من طريق ويرجع من أخرى؛ فدخل من الثنية العليا وخرج من الثنية السفلى، ودخل المسجد من باب بني شيبة، وخرج بعد الوداع من باب حزورة اليوم، ودخل إلى عرفات من طريق ضب، وخرج من طريق المأزمين، وأتى إلى جمرة العقبة -يوم العيد- من الطريق الوسطى التي يخرج منها إلى خارج منى، ثم يعطف على يساره إلى الجمرة، ثم لما رجع إلى موضعه بمنى الذي نحر فيه هديه وحلق رأسه رجع من الطريق المتقدمة، التي يسير منها جمهور الناس اليوم.(74)
(151) يؤخر المغرب إلى أن يصليها مع العشاء بمزدلفة، ولا يزاحم الناس؛ بل إن وجد خلوة أسرع، فإذا وصل إلى المزدلفة صلى المغرب قبل تبريك الجمال إن أمكن، ثم إذا بركوها صلوا العشاء، وإن أخر العشاء لم يضر ذلك، ويبيت بمزدلفة.(75)
(152) مزدلفة كلها يقال لها: المشعر الحرام، وهي ما بين مأزمي عرفة إلى بطن محسِّر، فإن بين كل مشعرين حدًا ليس منهما: فإن بين عرفة ومزدلفة بطن عرنة، وبين مزدلفة ومنى بطن محسِّر، قال النبي: (عرفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن عرنة، ومزدلفة كلها موقف، وارفعوا عن بطن محسِّر، ومنى كلها منحر، وفجاج مكة كلها طريق).(75)
(153) السنة أن يبيت بمزدلفة إلى أن يطلع الفجر، فيصلي بها الفجر في أول الوقت، ثم يقف بالمشعر الحرام إلى أن يسفر جدًا قبل طلوع الشمس، فإن كان من الضعفة كالنساء والصبيان ونحوهم فإنه يتعجل من مزدلفة إلى منى إذا غاب القمر.(76)
(154) لا ينبغي لأهل القوة أن يخرجوا من مزدلفة حتى يطلع الفجر، فيصلوا بها الفجر ويقفوا بها.(76)
(155) مزدلفة كلها موقف، لكن الوقوف عند قُزَح أفضل، وهو جبل الميقدة، وهو المكان الذي يقف فيه الناس اليوم، وقد بني عليه بناء، وهو المكان الذي يخصه كثير من الفقهاء باسم: المشعر الحرام.(76)
(156) إذا كان قبل طلوع الشمس أفاض من مزدلفة إلى منى، فإذا أتى محسِّرًا أسرع قدر رمية بحجر.(77)
(157) إذا أتى منى رمى جمرة العقبة بسبع حصيات، ويرفع يده في الرمي، وهي الجمرة التي هي آخر الجمرات من ناحية منى، وأقربهن من مكة، وهي الجمرة الكبرى، ولا يرمي يوم النحر غيرها، يرميها مستقبلاً لها، يجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه، هذا هو الذي صح عن النبي فيها، ويستحب أن يكبر مع كل حصاة، وإن شاء قال مع ذلك: اللهم اجعله حجًا مبرورًا وسعيًا مشكورًا وذنبًا مغفورًا، ويرفع يديه في الرمي.(77)
(158) لا يزال -المحرم- يلبي في ذهابه من مشعر إلى مشعر، مثل ذهابه إلى عرفات، وذهابه من عرفات إلى مزدلفة، حتى يرمي جمرة العقبة، فإذا شرع في الرمي قطع التلبية؛ فإنه حينئذٍ يشرع في التحلل.(77)
(159) العلماء في التلبية على ثلاثة أقوال: منهم من يقول: يقطعها إذا وصل إلى عرفة، ومنهم من يقول: بل يلبي بعرفة وغيرها إلى أن يرمي الجمرة، والقول الثالث: أنه إذا أفاض من عرفة إلى مزدلفة لبى، وإذا أفاض من مزدلفة إلى منى لبى، حتى يرمي جمرة العقبة، وهكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم.(78)
(160) أما التلبية في وقوفه بعرفة ومزدلفة فلم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد نقل عن الخلفاء الراشدين وغيرهم أنهم كانوا لا يلبون بعرفة.(78)
(161) إذا رمى جمرة العقبة نحر هديه إن كان معه هدي.(78)
(162) يستحب أن تنحر الإبل مستقبلة القبلة، قائمة معقولة اليد اليسرى، والبقر والغنم يضجعها على شقها الأيسر، مستقبلاً بها القبلة، ويقول: باسم الله والله أكبر، اللهم منك ولك، اللهم تقبل مني كما تقبلت من إبراهيم خليلك.(78)
(163) كل ما ذبح بمنى وقد سيق من الحل إلى الحرم فإنه هدي؛ سواء كان من الإبل أو البقر أو الغنم، ويسمى أيضًا: أضحية، بخلاف ما يذبح يوم النحر بالحل فإنه أضحية وليس بهدي، وليس بمنى ما هو أضحية وليس بهدي كما في سائر الأمصار. 
(164) إذا اشترى الهدي من عرفات وساقه إلى منى فهو هدي باتفاق العلماء، وكذلك إن اشتراه من الحرم فذهب به إلى التنعيم، أما إذا اشترى الهدي من منى وذبحه فيها ففيه نزاع: فمذهب مالك أنه ليس بهدي، وهو منقول عن ابن عمر رضي الله عنهما، ومذهب الثلاثة أنه هدي، وهو منقول عن عائشة رضي الله عنها.(79)
(165) له أن يأخذ الحصى من حيث شاء، لكن لا يرمي بحصى قد رمي به، ويستحب أن يكون فوق الحمص ودون البندق، وإن كسره -أي: من الجبل- جاز.(79)
(166) التقاط الحصى أفضل من تكسيره من الجبل.(79)
(167) ثم يحلق رأسه أو يقصر، والحلق أفضل من التقصير، وإذا قصره جمع الشعر وقص منه بقدر الأنملة أو أقل أو أكثر، والمرأة لا تقص أكثر من ذلك، وأما الرجل فله أن يقصر ما شاء.(79)
(168) إذا فعل ذلك فقد تحلل باتفاق المسلمين التحلل الأول، فيلبس الثياب، ويقلم أظفاره، وله على الصحيح أن يتطيب، ويتزوج، وأن يصطاد -أي: خارج الحرم- ولا يبقى عليه من المحظورات إلا النساء.(80)
(169) بعد ذلك يدخل مكة فيطوف طواف الإفاضة إن أمكنه ذلك يوم النحر، وإلا فعله بعد ذلك، لكن ينبغي أن يكون في أيام التشريق، فإن تأخيره عن ذلك فيه نزاع.(80)
(170) ثم يسعى بعد ذلك سعي الحج.(80)
(171) ليس على المفرد إلا سعي واحد، وكذلك القارن عند جمهور العلماء، وكذلك المتمتع في أصح أقوالهم، وهو أصح الروايتين عند أحمد، وليس عليه إلا سعي واحد؛ فإن الصحابة الذين تمتعوا مع النبي لم يطوفوا بين الصفا والمروة إلا مرة واحدة قبل التعريف.(80) 
(172) إذا اكتفى المتمتع بالسعي الأول أجزأه ذلك، كما يجزئ المفرد والقارن، وكذلك قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: قيل لأبي: «المتمتع كم يسعى بين الصفا والمروة؟ قال: إن طاف طوافين -يعني بالبيت وبين الصفا والمروة- فهو أجود، وإن طاف طوافًا واحدًا فلا بأس، وإن طاف طوافين فهو أعجب إلي»، وعن عطاء عن ابن عباس أنه كان يقول: (المفرد والمتمتع يجزئه طواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة).(81)
(173) اختلف العلماء في الصحابة المتمتعين مع النبي -أي: كم طوافًا طافوا- مع اتفاق الناس على أنهم طافوا أولاً بالبيت وبين الصفا والمروة، ولما رجعوا من عرفة قيل: إنهم سعوا أيضًا بعد طواف الإفاضة، وقيل: لم يسعوا، وهذا هو الذي ثبت في صحيح مسلم عن جابر قال: (لم يطف النبي وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا طوافه الأول)، وقد روي في حديث عائشة أنهم طافوا مرتين، لكن هذه الزيادة قيل: إنها من قول الزهري لا من قول عائشة رضي الله عنها، وقد احتج بها بعضهم على أنه يستحب طوافان بالبيت، وهذا ضعيف، والأظهر ما في حديث جابر، ويؤيده قوله: (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة)، فالمتمتع من حين أحرم بالعمرة دخل بالحج، لكنه فصل بتحلل ليكون أيسر على الحاج، وأحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة.(81)
(174) لا يستحب للمتمتع ولا لغيره أن يطوف للقدوم بعد التعريف؛ بل هذا الطواف هو السنة في حقه، كما فعل الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا طاف طواف الإفاضة فقد حل له كل شيء؛ النساء وغير النساء.(83)
(175) ليس بمنى صلاة عيد؛ بل رمي جمرة العقبة لهم كصلاة العيد لأهل الأمصار، والنبي لم يصلِّ جمعة ولا عيدًا في السفر؛ لا بمكة ولا عرفة؛ بل كانت خطبته بعرفة خطبة نسك لا خطبة جمعة، ولم يجهر بالقراءة في الصلاة بعرفة.(83)
(176) ثم يرجع إلى منى فيبيت بها، ويرمي الجمرات الثلاث كل يوم بعد الزوال، يبتدئ بالجمرة الأولى التي هي أقرب إلى مسجد الخيف، ويستحب أن يمشي إليها فيرميها بسبع حصيات.(83)
(177) يستحب للمحرم أن يكبر مع كل حصاة، وإن شاء قال: اللهم اجعله حجًا مبرورًا وسعيًا مشكورًا وذنبًا مغفورًا.(84)
(178) يستحب للمحرم إذا رمى الجمرة أن يتقدم قليلاً إلى موضع لا يصيبه الحصى، فيدعو الله تعالى مستقبل القبلة رافعًا يديه بقدر سورة البقرة، ثم يذهب إلى الجمرة الثانية فيرميها كذلك، فيتقدم عن يساره يدعو مثلما فعل عند الأولى، ثم يرمي الثالثة، وهي جمرة العقبة، فيرميها بسبع حصيات أيضًا، ولا يقف عندها.(84)
(179) ثم يرمي في اليوم الثاني من أيام منى مثلما رمى في الأول، ثم إن شاء رمى في اليوم الثالث وهو الأفضل، وإن شاء تعجل في اليوم الثاني بنفسه قبل غروب الشمس، كما قال تعالى: ((فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)) [البقرة:203] الآية.(84)
(180) إذا غربت الشمس وهو بمنى أقام حتى يرمي مع الناس في اليوم الثالث.(84)
(181) لا ينفر الإمام الذي يقيم للناس المناسك؛ بل السنة أن يقيم إلى اليوم الثالث.(84)
(182) السنة للإمام أن يصلي بالناس بمنى، ويصلي خلفه أهل الموسم.(85)
(183) يستحب للحاج أن لا يدع الصلاة في مسجد منى -وهو مسجد الخيف- مع الإمام؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانوا يصلون بالناس قصرًا بلا جمع بمنى ويقصر الناس كلهم خلفهم أهل مكة وغير أهل مكة، وإنما روي عن النبي أنه قال: (يا أهل مكة! أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر) لما صلى بهم بمكة نفسها، فإن لم يكن للناس إمام عام صلى الرجل بأصحابه. والمسجد -أي: الخيف- بني بعد النبي لم يكن على عهده.(85)
(184) ثم إذا نفر الناس من منى؛ فإن بات بالمحصَّب، ثم نفر بعد ذلك فحسن؛ فإن النبي بات به وخرج، ولم يقم بمكة بعد صدوره من منى؛ لكنه ودع البيت وقال: (لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت).(85)
(185) لا يخرج الحاج حتى يودع البيت، فيطوف طواف الوداع، حتى يكون آخر عهده بالبيت، ومن أقام بمكة فلا وداع عليه.(86)
(186) هذا الطواف يؤخره الصادر من مكة حتى يكون بعد جميع أموره، فلا يشتغل بعده بتجارة ونحوها؛ لكن إن قضى حاجته، أو اشترى شيئًا في طريقه بعد الوداع، أو دخل إلى المنزل الذي هو فيه ليحمل المتاع على دابته، ونحو ذلك مما هو من أسباب الرحيل؛ فلا إعادة عليه، وإن أقام بعد الوداع أعاده.(86)
(187) طواف الوداع واجب عند الجمهور، لكن يسقط عن الحائض.(87)
(188) إن أحب أن يأتي الملتزم -وهو ما بين الحجر الأسود والباب- فيضع عليه صدره ووجهه وذراعيه وكفيه، ويدعو ويسأل الله تعالى حاجته؛ فعل ذلك، وله أن يفعل ذلك قبل طواف الوداع، فإن هذا الالتزام لا فرق بين أن يكون حال الوداع أو غيره، والصحابة كانوا يفعلون ذلك حين يدخلون مكة. وإن شاء قال في دعائه الدعاء المأثور عن ابن عباس: (اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، حملتني على ما سخرت لي من خلقك، وسيرتني في بلادك حتى بلغتني بنعمتك إلى بيتك، وأعنتني على أداء نسكي، فإن كنت رضيت عني فازدد عني رضًا، وإلا فمن الآن فارضَ عني قبل أن تنأى عن بيتك داري، فهذا أوان انصرافي، إن أذنت لي غير مستبدل بك ولا ببيتك، ولا راغب عنك ولا عن بيتك، اللهم فأصحبني العافية في بدني، والصحة في جسمي، والعصمة في ديني، وأحسن منقلبي، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، واجمع لي بين خيري الدنيا والآخرة، إنك على كل شيء قدير)، ولو وقف عند الباب ودعا هناك من غير التزام للبيت كان حسنًا.(87)
(189) إذا ولى لا يقف ولا يلتفت، ولا يمشي القهقرى، وكذلك عند سلامه على النبي لا ينصرف، ولا يمشي القهقرى؛ بل يخرج كما يخرج الناس من المساجد عند الصلاة.(88)
(190) ليس في عمل القارن زيادة على عمل المفرد، لكن عليه وعلى المتمتع هدي؛ بدنة أو بقرة أو شاة، أو شرك في دم، فمن لم يجد الهدي صام ثلاثة أيام قبل يوم النحر، وسبعة إذا رجع، وله أن يصوم الثلاثة من حين أحرم بالعمرة في أظهر أقوال العلماء.(88)
(191) الأرجح أن العاجز عن الهدي يصوم الأيام الثلاثة من حين الإحرام بالعمرة. وقد قيل: إنه يصومها بعد التحلل من العمرة، فإنه حينئذ شرع في الحج، ولكن دخلت العمرة في الحج كما دخل الوضوء في الغسل، قال النبي: (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة)، وأصحاب رسول الله كانوا متمتعين معه، وإنما أحرموا بالحج يوم التروية، وحينئذ فلا بد من صوم بعض الثلاثة قبل الإحرام بالحج.(89)
(192) يستحب أن يشرب من ماء زمزم، ويتضلع منه، ويدعو عند شربه بما شاء من الأدعية الشرعية، ولا يستحب الاغتسال منها.(90)
(193) أما زيارة المساجد التي بنيت بمكة غير المسجد الحرام؛ كالمسجد الذي تحت الصفا، وما في سفح أبي قبيس، ونحو ذلك من المساجد التي بنيت على آثار النبي وأصحابه؛ كمسجد المولد وغيره؛ فليس قصد شيء من ذلك من السنة، ولا استحبه أحد من الأئمة، وإنما المشروع إتيان المسجد الحرام خاصة والمشاعر؛ عرفة، ومزدلفة، والصفا والمروة، وكذلك قصد الجبال والبقاع التي حول مكة -غير المشاعر عرفة ومزدلفة ومنى- مثل جبل حراء، والجبل الذي عند منى الذي يقال: إنه كان فيه قبة الفداء، ونحو ذلك؛ فإنه ليس من سنة رسول الله زيارة شيء من ذلك؛ بل هو بدعة، وكذلك ما يوجد في الطرقات من المساجد المبنية على الآثار والبقاع التي يقال: إنها من الآثار، لم يشرع النبي زيارة شيء من ذلك بخصوصه، ولا زيارة شيء من ذلك.(90)
(194) دخول الكعبة ليس بفرض ولا سنة مؤكدة؛ بل دخولها حسن، والنبي لم يدخلها في الحج ولا في العمرة؛ لا عمرة الجعرانة، ولا عمرة القضية، وإنما دخلها عام فتح مكة، ومن دخلها يستحب له أن يصلي فيها ويكبر الله ويدعوه ويذكره، فإذا دخل مع الباب تقدم حتى يصير بينه وبين الحائط ثلاثة أذرع والباب خلفه، فذلك هو المكان الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم ولا يدخلها إلا حافيًا.(91)
(195) الِحجْر: أكثره من البيت من حيث ينحني حائطه، فمن دخله فهو كمن دخل الكعبة، وليس على داخل الكعبة ما ليس على غيره من الحجاج؛ بل يجوز له من المشي حافيًا وغير ذلك ما يجوز لغيره.(91)
(196) الإكثار من الطواف بالبيت من الأعمال الصالحة، فهو أفضل من أن يخرج الرجل من الحرم ويأتي بعمرة مكية، فإن هذا لم يكن من أعمال السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، ولا رغب فيه النبي لأمته؛ بل كرهه السلف.(91)
(197) إذا دخل المدينة قبل الحج أو بعده فإنه يأتي مسجد النبي ويصلي فيه، والصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام.(92)
(198) لا تشد الرحال إلا إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، هكذا ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة وأبي سعيد، وهو مروي من طرق أخر.(92)
(199) مسجده كان أصغر مما هو اليوم، وكذلك المسجد الحرام، لكن زاد فيهما الخلفاء الراشدون ومن بعدهم، وحكم الزيادة حكم المزيد في جميع الأحكام.(92)
(200) ثم يُسلّم على النبي وصاحبيه؛ فإنه قد قال: (ما من رجل يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام)، وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول إذا دخل المسجد: (السلام عليك يا رسول الله! السلام عليك يا أبا بكر! السلام عليك يا أبت!) ثم ينصرف، وهكذا كان الصحابة يسلمون عليه، مستقبلي الحجرة مستدبري القبلة عند أكثر العلماء؛ كمالك والشافعي وأحمد، وأبو حنيفة قال: يستقبل القبلة، فمن أصحابه من قال: يستدبر الحجرة، ومنهم من قال: يجعلها عن يساره، واتفقوا على أنه لا يستلم الحجرة، ولا يقبلها، ولا يطوف بها، ولا يصلي إليها.(92)

يتبع إن شاء الله...


تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله    تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  Emptyالأحد 13 أكتوبر 2013, 12:23 am

(201) إذا قال في سلامه: السلام عليك يا رسول الله! يا نبي الله! يا خيرة الله من خلقه! يا أكرم الخلق على ربه! يا إمام المتقين! فهذا كله من صفاته بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم وكذلك إذا صلى عليه مع السلام عليه فهذا مما أمر الله به.(93)
(202) لا يدعو هناك مستقبل الحجرة؛ فإن هذا كله منهي عنه باتفاق الأئمة، ومالك من أعظم الأئمة كراهية لذلك، والحكاية المروية عنه أنه أمر المنصور أن يستقبل الحجرة وقت الدعاء كذب على مالك.(93)
(203) لا يقف عند القبر للدعاء لنفسه؛ فإن هذا بدعة، ولم يكن أحد من الصحابة يقف عنده يدعو لنفسه، ولكن كانوا يستقبلون القبلة ويدعون في مسجده، فإنه قال: (اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد)، وقال: (لا تجعلوا قبري عيدًا، ولا تجعلوا بيوتكم قبورًا، وصلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني)، وقال: (أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة وليلة الجمعة، فإن صلاتكم معروضة علي، فقالوا: كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت -أي بليت-؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء)، فأخبر أنه يسمع الصلاة والسلام من القريب، وأنه يبلغه ذلك من البعيد، وقال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما فعلوا، قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكنه كره أن يتخذ مسجدًا).(94)
(204) دفن الصحابة رضي الله عنهم النبي في موضعه الذي مات فيه من حجرة عائشة، وكانت هي وسائر الحجر خارج المسجد من قبليه وشرقيه، لكن لما كان في زمن الوليد بن عبد الملك عمر هذا المسجد وغيره، وكان نائبه على المدينة عمر بن عبد العزيز، فأمر أن تشترى الحجر ويزاد في المسجد، فدخلت الحجرة في المسجد من ذلك الزمان، وبنيت منحرفة عن القبلة مسنمة؛ لئلا يصلي أحد إليها؛ فإنه قال: (لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها).(95)
(205) زيارة القبور على وجهين: زيارة شرعية وزيارة بدعية، فالشرعية المقصود بها السلام على الميت والدعاء له، كما يقصد بالصلاة على جنازته، فزيارته بعد موته من جنس الصلاة عليه، فالسنة أن يسلم على الميت ويدعو له؛ سواء كان نبيًا أو غير نبي.(96)
(206) ليست الصلاة عند قبورهم -أي: الأنبياء- أو قبور غيرهم مستحبة عند أحد من أئمة المسلمين؛ بل الصلاة في المساجد التي ليس فيها قبر أحد من الأنبياء والصالحين وغيرهم، أفضل من الصلاة في المساجد التي فيها ذلك باتفاق أئمة المسلمين؛ بل الصلاة في المساجد التي على القبور إما محرمة وإما مكروهة.(97)
(207) الزيارة البدعية: أن يكون مقصود الزائر أن يطلب حوائجه من ذلك الميت، أو يقصد الدعاء عند قبره، أو يقصد الدعاء به، فهذا ليس من سنة النبي، ولا استحبه أحد من سلف الأمة وأئمتها؛ بل هو من البدع المنهي عنها باتفاق سلف الأمة وأئمتها.(97)
(208) كره مالك رحمه الله وغيره أن يقول القائل: زرت قبر النبي، وهذا اللفظ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل الأحاديث المذكورة في هذا الباب مثل قوله: (من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد ضمنت له على الله الجنة)، وقوله: (من زارني بعد مماتي فكأنما زارني في حياتي، ومن زارني بعد مماتي حلت عليه شفاعتي)، ونحو ذلك -كلها أحاديث ضعيفة؛ بل موضوعة، ليست في شيء من دواوين الإسلام التي يعتمد عليها، ولا نقلها إمام من أئمة المسلمين؛ لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم، ولكن روى بعضها البزار والدارقطني ونحوهما بأسانيد ضعيفة.(98)
(209) فإذا كانت هذه الأمور -أي: التي ذكرها فيما سبق- التي فيها شرك وبدعة نهى عنها عند قبره -وهو أفضل الخلق- فالنهي عن ذلك عند قبر غيره أولى وأحرى.(98)
(210) يستحب أن يأتي مسجد قباء ويصلي فيه؛ فإن النبي قال: (من تطهر في بيته وأحسن الطهور، ثم أتى مسجد قباء لا يريد إلا الصلاة فيه؛ كان له كأجر عمرة)، وقال النبي: (الصلاة في مسجد قباء كعمرة).(99)
(211) السفر إلى المسجد الأقصى، والصلاة فيه، والدعاء، والذكر، والقراءة، والاعتكاف مستحب في أي وقت شاء؛ سواء كان عام الحج أو بعده، ولا يفعل فيه وفي مسجد النبي إلا ما يفعل في سائر المساجد، وليس فيها شيء يتمسح، ولا يقبل، ولا يطاف به؛ هذا كله ليس إلا في المسجد الحرام خاصة، ولا تستحب زيارة الصخرة؛ بل المستحب أن يصلي في قبلي المسجد الأقصى الذي بناه عمر بن الخطاب للمسلمين.(100)
(212) لا يسافر أحد ليقف بغير عرفات، ولا يسافر للوقوف بالمسجد الأقصى، ولا للوقوف عند قبر أحد؛ لا من الأنبياء، ولا المشايخ، ولا غيرهم باتفاق المسلمين؛ بل أظهر قولي العلماء أنه لا يسافر أحد لزيارة قبر من القبور، ولكن تزار القبور بالزيارة الشرعية، من كان قريبًا، ومن اجتاز بها.(101)
(213) الدين مبني على أصلين: أن لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له، وأن لا يعبد إلا بما شرع، لا نعبده بالبدع.(101)
(214) المقصود بجميع العبادات أن يكون الدين كله لله وحده، فالله هو المعبود والمسئول الذي يخاف ويرجى ويسأل ويعبد، فله الدين خالصًا، وله أسلم من في السماوات والأرض طوعًا وكرهًا، والقرآن مملوء من هذا.(102)
(215) يجب على المسلم أن يعلم أن الحج من جنس الصلاة ونحوهما من العبادات التي يعبد الله بها وحده لا شريك له، وأن الصلاة على الجنائز وزيارة قبور الأموات من جنس الدعاء لهم، والدعاء للخلق من جنس المعروف والإحسان الذي هو من جنس الزكاة.(104)
(216) العبادات التي أمر الله بها توحيد وسنة، وغيرها فيها شرك وبدعة؛ كعبادات النصارى ومن أشبههم؛ مثل قصد البقعة لغير العبادات التي أمر الله بها؛ فإنه ليس من الدين، ولهذا كان أئمة العلماء يعدون من جملة البدع المتكررة: السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين، وهذا في أصح القولين غير مشروع، حتى صرح بعض من قال ذلك: أن من سافر هذا السفر لا يقصر في الصلاة؛ لأنه سفر معصية، وكذلك من يقصد بقعة لأجل الطلب من مخلوق هي منسوبة إليه؛ كالقبر والمقام، أو لأجل الاستعاذة به ونحو ذلك؛ فهذا شرك وبدعة، كما تفعله النصارى من جنس ما يفعلونه من الشرك والبدع.(104)
(217) نهى العلماء عمَّا فيه عبادة لغير الله، وسؤال لمن مات من الأنبياء أو الصالحين؛ مثل من يكتب رقعة ويعلقها عند قبر نبي أو صالح، أو يسجد لقبر، أو يدعوه، أو يرغب إليه، وقالوا: إنه لا يجوز بناء المساجد على القبور؛ لأن النبي قال قبل أن يموت بخمس ليال: (إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد؛ فإني أنهاكم عن ذلك).(105)
(218) من حمل شيئًا من ماء زمزم جاز، فقد كان السلف يحملونه.(106)
(219) رفع الصوت في المساجد منهي عنه، وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى رجلين يرفعان أصواتهما في المسجد فقال: (لو أعلم أنكما من أهل البلد لأوجعتكما ضربًا، إن الأصوات لا ترفع في مسجده)، فما يفعل بعض جهّال العامة من رفع الصوت عقيب الصلاة من قولهم: السلام عليك يا رسول الله! بأصوات عالية؛ من أقبح المنكرات، ولم يكن أحد من السلف يفعل شيئًا من ذلك عقيب السلام بأصوات عالية ولا منخفضة؛ بل ما في الصلاة من قول المصلي: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، هو المشروع، كما أن الصلاة عليه مشروعة في كل زمان ومكان.(107)
(220) كان السلف يكثرون الصلاة والسلام عليه في كل مكان وزمان، ولم يكونوا يجتمعون عند قبره؛ لا لقراءة ختمة، ولا إيقاد شمع، وإطعام وإسقاء، ولا إنشاد قصائد، ولا نحو ذلك؛ بل هذا من البدع؛ بل كانوا يفعلون في مسجده ما هو المشروع في سائر المساجد؛ من الصلاة، والقراءة، والذكر، والدعاء، والاعتكاف، وتعليم القرآن والعلم وتعلمه، ونحو ذلك، وقد علموا أن النبي له مثل أجر كل عمل صالح تعمله أمته؛ فإنه قال: (من دعا إلى هدى فله من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا)، وهو الذي دعا أمته إلى كل خير، فكل خير يعمله أحد من الأمة فله مثل أجره، فلم يكن يحتاج إلى أن يهدى إليه ثواب صلاة أو صدقة أو قراءة من أحد؛ فان له مثل أجر ما يعملونه من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا.(109)
(221) كل من كان للنبي أطوع وأتبع؛ كان أولى الناس به في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي)) [يوسف:108]، وقال: (إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء، إنما وليي الله وصالح المؤمنين)، وهو أولى بكل مؤمن من نفسه، وهو الواسطة بين الله وبين خلقه في تبليغ أمره ونهيه، ووعده ووعيده، فالحلال ما حلله، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه.(110)
(222) الله جل وعلا هو المعبود المسئول المستعان به، الذي يخاف ويرجى ويتوكل عليه، قال تعالى: ((وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)) [النور: 52]، فجعل الطاعة لله والرسول، فليس لأحد أن يأخذ إلا ما أباحه الرسول، وإن كان الله آتاه ذلك من جهة القدرة والملك؛ فإنه يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء.(110)
(223) أما التوكل فعلى الله وحده والرغبة فإليه وحده، كما قال تعالى: ((وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ)) [آل عمران:173]، ولم يقل: ورسوله.(112)
(224) لله تعالى حق لا يشركه فيه مخلوق؛ كالعبادات، والإخلاص، والتوكل، والخوف، والرجاء، والحج، والصلاة، والزكاة، والصيام، والصدقة.(113)
(225) الرسول له حق؛ كالإيمان به، وطاعته، واتباع سنته، وموالاة من يواليه، ومعاداة من يعاديه، وتقديمه في المحبة على الأهل والمال والنفس؛ بل يجب تقديم الجهاد الذي أمر به على هذا كله.(114)
تم المقصود من منسك شيخ الإسلام ابن تيمية
 
ثانيًا: مسائل الحج والعمرة من كتاب مجمــوع الفتاوى
الجزء السادس والعشرون
(226) الراجح عدم وجوب العمرة؛ فإن الله إنما أوجب الحج بقوله: ((وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)) [آل عمران :97]، ولم يوجب العمرة، وإنما أوجب إتمامهما، فأوجب إتمامهما لمن شرع فيهما، وفي الابتداء إنما أوجب الحج، وهكذا سائر الأحاديث الصحيحة ليس فيها إلا إيجاب الحج.(5)
(227) سائر أفعال الحج لم يفرض الله منها شيئًا مرتين؛ فلم يفرض وقتين، ولا طوافين، ولا سعيين، ولا فرض الحج مرتين.(5)
(228) الصحابة رضي الله عنهم المقيمون بمكة لم يكونوا يعتمرون بمكة؛ لا على عهد النبي، ولا على عهد خلفائه؛ بل لم يعتمر أحد عمرة بمكة على عهد النبي إلا عائشة رضي الله عنها وحدها لسبب عارض.(6)
(229) أصح القولين أن فرض الحج كان متأخرًا، ومن قال: إنه فرض سنة ست فإنه احتج بآية الإتمام: ((وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)) [البقرة:196]، وهو غلط؛ فإن الآية إنما أمر فيها بإتمامهما لمن شرع فيهما، لم يأمر فيها بابتداء الحج والعمرة.(7)
(230) الحديث المأثور في: (أن العمرة هي الحج الأصغر)، قد احتج به بعض من أوجب العمرة، وهو إنما يدل على أنها لا تجب؛ لأن هذا الحديث دال على حجين: أكبر وأصغر، كما دل على ذلك القرآن في قوله: ((يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ)) [التوبة:3]، وإذا كان كذلك فلو أوجبناها لأوجبنا حجين: أكبر وأصغر، والله تعالى لم يفرض حجين، وإنما أوجب حجًا واحدًا، والحج المطلق إنما هو الحج الأكبر، وهو الذي فرضه الله على عباده، وجعل له وقتًا معلومًا لا يكون في غيره، كما قال: ((يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ)) [التوبة:3]، بخلاف العمرة فإنها لا تختص بوقت بعينه؛ بل تفعل في سائر شهور العام.(9)
(231) العمرة مع الحج كالوضوء مع الغسل، والمغتسل للجنابة يكفيه الغسل ولا يجب عليه الوضوء عند جمهور العلماء، فكذلك الحج; فإنهما عبادتان من جنس واحد: صغرى وكبرى، فإذا فعل الكبرى لم يجب عليه فعل الصغرى، ولكن فعل الصغرى أفضل وأكمل، كما أن الوضوء مع الغسل أفضل وأكمل.(9)
(232) إن كانت المرأة من القواعد اللاتي لم يحضن، وقد يئست من النكاح، ولا محرم لها؛ فإنه يجوز في أحد قولي العلماء أن تحج مع من تأمنه، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، ومذهب مالك والشافعي.(13)
(233) يجوز للمرأة أن تحج عن امرأة أخرى باتفاق العلماء؛ سواء كانت بنتها أو غير بنتها، وكذلك يجوز أن تحج المرأة عن الرجل عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء، كما أمر النبي المرأة الخثعمية أن تحج عن أبيها لما قالت: (يا رسول الله! إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي وهو شيخ كبير. فأمرها النبي أن تحج عن أبيها)، مع أن إحرام الرجل أكمل من إحرامها.(13)
(234) في الحج عن الميت أو المعضوب بمال يأخذه إما نفقة فإنه جائز بالاتفاق، أو بالإجارة أو بالجعالة على نزاع بين الفقهاء في ذلك، ويستحب للحاج أن ينوب عن غير القادر إذا كان مقصوده أحد شيئين: 
الأول: الإحسان إلى المحجوج عنه، أو نفس الحج لنفسه؛ وذلك أن الحج عن الميت إن كان فرضًا فذمته متعلقة به، فإذا كان مقصود الحاج قضاء هذا الدين الواجب عن هذا فهذا محسن إليه، والله يحب المحسنين، فيكون مستحبًا، ويأخذ من المال ما يستعين به على أداء الحج عنه، وعلامة ذلك أن يطلب مقدار كفاية حجه، ولهذا جوزنا نفقة الحج بلا نزاع. 
والموضع الثاني: إذا كان الرجل مؤثرًا أن يحج محبة للحج، وشوقًا إلى المشاعر، وهو عاجز، فيستعين بالمال المحجوج به على الحج، وهذا قد يعطى المال ليحج به لا عن أحد، كما يعطى المجاهد المال ليغزو به، فلا شبهة فيه، فيكون لهذا أجر الحج ببدنه ولهذا أجر الحج بماله، كما في الجهاد؛ فإنه من جهز غازيًا فقد غزا، وقد يعطى المال ليحج به عن غيره، فيكون مقصود المعطى الحج عن المعطى عنه، ومقصود الحاج ما يحصل له من الأجر بنفس الحج لا بنفس الإحسان إلى الغير. وهذا أيضًا إنما يأخذ ما ينفقه في الحج كما لا يأخذ إلا ما ينفقه في الغزو، فهاتان صورتان مستحبتان، وهما الجائزتان من أن يأخذ نفقة الحج ويرد الفضل.(14)
(235) إذا كان قصد النائب الاكتساب بذلك، وهو أن يستفضل مالاً، فهذا صورة الإجارة والجعالة، والصواب أن هذا لا يستحب، ومن أراد الدنيا بعمل الآخرة فليس له في الآخرة من خلاق.(14)
(236) أما الحاج عن الغير لأن يوفي دينه فقد اختلف فيها العلماء أيهما أفضل؟ والأصح أن الأفضل الترك، وهذا المدين يأخذ من الزكاة ما يوفي به دينه، خير له من أن يقصد أن يحج ليأخذ دراهم يوفي بها دينه.(19)
(237) يجوز أن يحج المدين المعسر إذا حججه غيره، ولم يكن في ذلك إضاعة لحق الدين؛ إما لكونه عاجزًا عن الكسب، وإما لكون الغريم غائبًا لا يمكن توفيته من الكسب.(20)
(238) لا يسقط الحج عمن خرج حاجًا إلى بيت الله الحرام بالزاد والراحلة فأدركه الموت في الطريق، ثم إن كان خرج إلى الحج حين وجب عليه من غير تفريط مات غير عاصٍ، وإن فرط بعد الوجوب مات عاصيًا، ويُحج عنه من حيث بلغ، وإن كان قد خلف مالاً فالنفقة من ذلك واجبة في أظهر قولي العلماء.(21)
(239) لا خلاف بين أصحابنا وسائر المسلمين أن الحج لا يصح إلا بالنية، إما من الحاج نفسه، وإما من يحج به، كما يحج ولي الصبي، ولو عمل الرجل أعمال الحج من غير قصد لم يصح الحج؛ كما لا تصح الصلاة والصوم بغير نية.(22)
(240) فرق بين النية المشترطة للحج، والنية التي ينعقد بها الإحرام؛ فإن الرجل يمكنه أن ينوي الحج من حين يخرج من بيته، كما هو الواقع، ويقف ويطوف مستصحبًا لهذه النية ذكرًا وحكمًا، وإن لم يقصد الإحرام ولا يخطر بقلبه. والنبي صلى الله عليه وسلم ميز بين مقصود ومقصود، وهذا المقصود في الجملة لا بد منه في كل فعل اختياري، وأما قصد العبادة فقصد العمل الخاص.(23)
(241) الركن اليماني لا يقبَّل على القول الصحيح، وأما سائر جوانب البيت، والركنان الشاميان، ومقام إبراهيم، فلا يقبل، ولا يتمسح به باتفاق المسلمين المتبعين للسنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم فإذا لم يكن التمسح بذلك وتقبيله مستحبًا فأولى أن لا يقبل ولا يتمسح بما هو دون ذلك.
واتفق العلماء على أنه لا يستحب لمن سلم على النبي عند قبره أن يقبل الحجرة، ولا يتمسح بها؛ لئلا يضاهي بيت المخلوق بيت الخالق، وقد حكى بعض العلماء في هذا خلافًا مرجوحًا، وأما الأئمة المتبعون والسلف الماضون فما أعلم بينهم في ذلك خلافًا.(97)
(242) من توهم من بعض الفقهاء أنه اعتمر بعد حجته، كما يفعله المختارون للإفراد إذا جمعوا بين النسكين؛ فهذا لم يروه أحد، ولم يقله أحد أصلاً من العالمين بحجته صلى الله عليه وسلم فإنه لا خلاف بينهم أنه لا هو ولا أحد من أصحابه اعتمر بعد الحج إلا عائشة، ولهذا لا يعرف موضع الإحرام بالعمرة إلا بمساجد عائشة؛ حيث لم يخرج أحد من الحرم إلى الحل فيحرم بالعمرة إلا هي.(165)
(243) سبب غلط بعض الفقهاء في حجه ألفاظ مشتركة سمعها في ألفاظ الصحابة الناقلين لحجة النبي؛ فإنه قد ثبت في الصحاح عن غير واحد -منهم: عائشة وابن عمر وغيرهما-: (أنه تمتع بالعمرة إلى الحج)، وثبت أيضًا عنهم: (أنه أفرد الحج)، وعامة الذين نقل عنهم أنه أفرد الحج ثبت عنهم أنهم قالوا: (إنه تمتع بالعمرة إلى الحج)، وثبت عن أنس بن مالك أنه قال: سمعت رسول الله يقول: (لبيك عمرة وحجًا)، وعن عمر أنه أخبر عن النبي أنه قال: (أتاني آتٍ من ربي -يعني بوادي العقيق- وقال: قل: عمرة في حجة)، ولم يحكِ أحد لفظ النبي الذي أحرم به إلا عمر وأنس؛ فلهذا قال الإمام أحمد: «لا أشك أن النبي كان قارنًا».(166)
(244) الهدي المسوق لا ينحر حتى يقضي التفث، كما قال تعالى: ((ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ)) [الحج:29]، وذلك إشارة إلى الهدي المسوق؛ فإنه نذر.(166)
(245) لو عطب الهدي المسوق دون محله وجب نحره؛ لأن نحره إنما يكون عند بلوغه محله، وإنما يبلغ محله إذا بلغ صاحبه محله؛ لأنه تبع له، وإنما يبلغ صاحبه محله يوم النحر؛ إذ قبل ذلك لا يحل مطلقًا؛ لأنه يجب عليه أن يحج.(167)
(246) ما تضمنته سنة رسول الله من المقام بمنى يوم التروية، والمبيت بها الليلة التي قبل يوم عرفة، ثم المقام بعرنة -التي بين المشعر الحرام وعرفة- إلى الزوال، والذهاب منها إلى عرفة، والخطبة، والصلاتين في أثناء الطريق ببطن عرنة؛ فهذا كالمجمع عليه بين الفقهاء، وإن كان كثير من المصنفين لا يميزه، وأكثر الناس لا يعرفه لغلبة العادات المحدثة.(168)
(247) من سنة رسول الله أنه جمع بالمسلمين جميعهم بعرفة بين الظهر والعصر، وبمزدلفة بين المغرب والعشاء، وكان معه خلق كثير ممن منزله دون مسافة القصر من أهل مكة وما حولها، ولم يأمر حاضري المسجد الحرام بتفريق كل صلاة في وقتها، ولا أن يعتزل المكيون ونحوهم فلم يصلوا معه العصر، وأن ينفردوا فيصلوها في أثناء الوقت دون سائر المسلمين.(168) 
(248) من اشترط السفر في الجمع في عرفة ومزدلفة من أصحاب أحمد فهو أبعد عن أصوله من أصحاب الشافعي؛ فإن أحمد يجوز الجمع لأمور كثيرة غير السفر، حتى قال القاضي أبو يعلى وغيره -تفسيرًا لقول أحمد: إنه يجمع لكل ما يبيح ترك الجماعة-: «فالجمع ليس من خصائص السفر، وهذا بخلاف القصر؛ فإنه لا يشرع إلا للمسافر».(169)
(249) الحُجة مع من قال: إن المكيين يقصرون وغيرهم، وأن القصر هناك لأجل النسك؛ لأنه لم يثبت أن النبي أمر من صلى خلفه بعرفة ومزدلفة ومنى من المكيين أن يتموا الصلاة، كما أمرهم أن يتموا لما كان يصلي بهم بمكة أيام فتح مكة حين قال لهم: (أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر).(170)
(250) مما قد يغلط فيه الناس: اعتقاد بعضهم أنه يستحب صلاة العيد بمنى يوم النحر، حتى قد يصليها بعض المنتسبين إلى الفقه، أخذًا فيها بالعمومات اللفظية أو القياسية، وهذه غفلة عن السنة ظاهرة.(170)
(251) مثل هذا -أي: الأخذ بالعمومات اللفظية أو القياسية- ما قاله طائفة -منهم ابن عقيل- أنه يستحب للمحرم إذا دخل المسجد الحرام أن يصلي تحية المسجد كسائر المساجد، ثم يطوف طواف القدوم أو نحوه. وأما الأئمة وجماهير الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم فعلى إنكار هذا.(171)
(252) وأشنع من هذا: استحباب بعض أصحاب الشافعي لمن سعى بين الصفا والمروة أن يصلي ركعتين بعد السعي على المروة قياسًا على الصلاة بعد الطواف، وقد أنكر ذلك سائر العلماء من أصحاب الشافعي وسائر الطوائف، ورأوا أن هذه بدعة ظاهرة القبح.(171)
(253) الحائض حدثها دائم لا يمكنها طهارة تمنعها عن الدوام، فهي معذورة في مكثها ونومها وأكلها وغير ذلك؛ فلا تمنع مما يمنع منه الجنب مع حاجتها إليه، ولهذا كان أظهر قولي العلماء: أنها لا تمنع من قراءة القرآن إذا احتاجت إليه؛ فإنها محتاجة إليها، ولا يمكنها الطهارة كما يمكن الجنب، وإن كان حدثها أغلظ من حدث الجنب من جهة أنها لا تصوم ما لم ينقطع الدم، والجنب يصوم، ومن جهة أنها ممنوعة من الصلاة طهرت أو لم تطهر، ويمنع الرجل من وطئها أيضًا، فهذا يقتضي أن المقتضي للحظر في حقها أقوى، لكن إذا احتاجت إلى الفعل استباحت المحظور مع قيام سبب الحظر؛ لأجل الضرورة، كما يباح سائر المحرمات مع الضرورة: من الدم والميتة ولحم الخنزير، وإن كان ما هو دونها في التحريم لا يباح من غير حاجة: كلبس الحرير، والشرب في آنية الذهب والفضة، ونحو ذلك.(179)
(254) إذا قُدِّر جنب استمرت به الجنابة وهو لا يقدر على غسل أو تيمم؛ فهذا كالحائض في الرخصة، وإن كان هذا نادرًا.(180)
(255) أمر النبي الحيض أن يخرجن في العيد، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، ويكبرن بتكبير الناس، وكذلك الحائض والنفساء أمرهما النبي بالإحرام والتلبية، وما فيهما من ذكر الله، وشهودهما عرفة مع الذكر والدعاء، ورمي الجمار مع ذكر الله.. وغير ذلك، ولا يكره لها ذلك؛ بل يجب عليها، والجنب يكره له ذلك حتى يغتسل؛ لأنه قادر على الطهارة، بخلاف الحائض. فهذا أصل عظيم في هذه المسائل ونوعها، لا ينبغي أن ينظر إلى غلظ المفسدة المقتضية للحظر إلا وينظر مع ذلك إلى الحاجة الموجبة للإذن؛ بل الموجبة للاستحباب أو الإيجاب.(180)
(256) تعليل منع طواف الحائض بأنه لأجل حرمة المسجد، رأيته يعلل به بعض الحنفية؛ فإن مذهب أبي حنيفة أن الطهارة واجبة له، لا فرض فيه، ولا شرط له، ولكن هذا التعليل يناسب القول بأن طواف المحدث غير محرم، وهذا مذهب منصور بن المعتمر وحماد بن أبي سليمان، رواه أحمد عنهما.(182)
(257) على قول هؤلاء لا يحرم طواف الجنب والحائض إذا اضطرا إلى ذلك، كما لا يحرم عندهم الطواف على المحدث بحال؛ لأنه لا يحرم عليهما دخول المسجد حينئذ، وهما إذا كانا مضطرين إلى ذلك أولى بالجواز من المحدث الذي يجوزون له الطواف مع الحدث من غير عذر، ألا ترى أن المحدث منع من الصلاة ومس المصحف مع قدرته على الطهارة! وذلك جائز للجنب مع التيمم، وإذا عجز عن التيمم صلى بلا غسل ولا تيمم في أحد قولي العلماء، وهو المشهور في مذهب الشافعي وأحمد، كما ثبت في الصحيح أن الصحابة صلوا مع الجنابة قبل أن تنزل آية التيمم.
وإذا كانت إنما منعت من الطواف لأجل المسجد، فمعلوم أن إباحة ذلك للعذر أولى من إباحة مس المصحف للعذر، ولو كان لها مصحف ولم يمكنها حفظه إلا بمسه، مثل أن يريد أن يأخذه لص أو كافر أو ينهبه أحد، أو يتهبه منها، ولم يمكنها منعه إلا بمسه؛ لكان ذلك جائزًا لها، مع أن المحدث لا يمس المصحف، ويجوز له الدخول في المسجد؛ فعلم أن حرمة المصحف أعظم من حرمة المسجد، وإذا أبيح لها مس المصحف للحاجة فالمسجد الذي حرمته دون حرمة المصحف أولى بالإباحة.(183)
(258) إن كان المنع من الطواف للحائض لمعنى في نفس الطواف، كما منع من غيره، أو كان لذلك وللمسجد: كل منهما علة مستقلة، فنقول: إذا اضطرت إلى ذلك بحيث لم يمكنها الحج بدون طوافها وهي حائض؛ لتعذر المقام عليها إلى أن تطهر، فهنا الأمر دائر بين أن تطوف مع الحيض، وبين الضرر الذي ينافي الشريعة؛ فإن إلزامها بالمقام إذا كان فيه خوف على نفسها ومالها، وفيه عجزها عن الرجوع إلى أهلها، وإلزامها بالمقام بمكة مع عجزها عن ذلك، وتضررها به لا تأتي به الشريعة؛ فإن مذهب عامة العلماء: أن من أمكنه الحج ولم يمكنه الرجوع إلى أهله لم يجب عليه الحج، وكثير من النساء إذا لم ترجع مع من حجت معه لم يمكنها بعد ذلك الرجوع، ولو قُدر أنه يمكنها بعد ذلك الرجوع فلا يجب عليها أن يبقى وطؤها محرمًا مع رجوعها إلى أهلها، ولا تزال كذلك إلى أن تعود؛ فهذا أيضًا من أعظم الحرج الذي لا يوجب الله مثله؛ إذ هو أعظم من إيجاب حجتين، والله تعالى لم يوجب إلا حجة واحدة. ومن وجب عليه القضاء كالمفسد فإنما ذاك لتفريطه بإفساد الحج. وإذا قيل في هذه المرأة: بل تتحلل كما يتحلل المحصر، فهذا لا يفيد سقوط الفرض عنها، فتحتاج مع ذلك إلى حجة ثانية، ثم هي في الثانية تخاف ما خافته في الأولى.(185)
(259) لا يجب القضاء على المحصر في أظهر قولي العلماء؛ لعدم التفريط، ومن أوجب القضاء على من فاته الحج فإنه يوجبه لأنه مفرط عنده.(186)
(260) المحصر لا يحل إلا مع العجز الحسي؛ إما بعدو، أو بمرض، أو فقر، أو حبس. فأما من جهة الشرع فلا يكون أحد محصرًا، وكل من قدر على الوصول إلى البيت لم يكن محصرًا في الشرع.(186)
(261) يجوز الطواف راكبًا ومحمولاً للعذر بالنص واتفاق العلماء، وبدون ذلك ففيه نزاع.(188)
(262) ليس في منع الحائض من قراءة القرآن سنة أصلاً؛ فإن قوله: (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئًا من القرآن) حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث.(191)
(263) كان النساء يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو كانت قراءة القرآن محرمة عليهن كالصلاة لكان هذا مما بينه النبي لأمته، وتعلمه أمهات المؤمنين، وكان ذلك مما ينقلونه إلى الناس، فلما لم ينقل أحد عن النبي في ذلك نهيًا؛ لم يجز أن تجعل حرامًا، مع العلم أنه لم ينه عن ذلك، وإذا لم ينه عنه مع كثرة الحيض في زمنه علم أنه ليس بمحرم.(191)
(264) لو كان المني نجسًا لكان النبي يأمر الصحابة بإزالته من أبدانهم وثيابهم؛ لأنه لا بد أن يصيب أبدان الناس وثيابهم في الاحتلام، فلما لم ينقل أحد عنه أنه أمر بإزالة ذلك لا بغسل ولا فرك، مع كثرة إصابة ذلك الأبدان والثياب على عهده وإلى يوم القيامة؛ عُلِمَ أنه لم يأمر بذلك، ويمتنع أن تكون إزالته واجبة ولا يأمر به، مع عموم البلوى بذلك، كما أمر بالاستنجاء من الغائط والبول، والحائض بإزالة دم الحيض من ثوبها.(191)
(265) لم يأمر النبي المسلمين بالوضوء من لمس النساء ومن النجاسات الخارجة من غير السبيلين، مع كثرة ابتلائهم به، ولو كان واجبًا لكان يجب الأمر به، وكان إذا أمر به فلا بد أن ينقله المسلمون؛ لأنه مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله.(192)
(266) أمره بالوضوء من مس الذكر ومما مست النار أمر استحباب.(192)
(267) الآثار عن النبي والصحابة والتابعين وسائر العلماء بالفرق بين مسمى الصلاة ومسمى الطواف متواترة؛ فلا يجوز أن يجعل نوعًا من الصلاة.(193)
(268) تنازع السلف ومن بعدهم في وجوب الوضوء من الحدث للطواف، والوضوء للصلاة معلوم بالاضطرار من دين الإسلام، ومن أنكره فهو كافر، ولم ينقل شيء عن النبي في وجوب الوضوء للطواف، ومنع الحائض لا يستلزم منع المحدث.(193)
(269) سجود التلاوة تنازع العلماء: هل هو من الصلاة التي تشترط لها الطهارة؟ مع أنه سجود، وهو أعظم أركان الصلاة الفعلية، وهذا السجود لم يروَ عن النبي أنه أمر له بالطهارة؛ بل ثبت في الصحيح: (أن النبي لما قرأ سورة النجم سجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس)، وسجد سحرة فرعون على غير طهارة، وثبت عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه سجد للتلاوة على غير وضوء، ولم يروَ عن أحد من الصحابة أنه أوجب فيه الطهارة.(194)
(270) من قال من العلماء: إن طواف أهل الآفاق أفضل من الصلاة بالمسجد، فإنما ذلك لأن الصلاة تمكنهم في سائر الأمصار، بخلاف الطواف فإنه لا يمكن إلا بمكة، والعمل المفضول في مكانه وزمانه يقدم على الفاضل، فالطواف قدم لأنه يفوت الآفاقي إذا خرج، فقدم ذلك لا لأن جنسه أفضل من جنس الصلاة؛ بل ولا مثلها، فإن هذا لا يقوله أحد، والحج كله لا يقاس بالصلاة التي هي عمود الدين؛ فكيف يقاس بها بعض أفعاله؟! (196)
(271) لم يوجب الله تعالى شيئًا من أعمال الحج مرتين؛ بل إنما فرض طوافًا واحدًا ووقوفًا واحدًا، وكذلك السعي عن أحمد في أنص الروايتين عنه لا يوجب على المتمتع إلا سعيًا واحدًا، إما قبل التعريف، وإما بعده بعد الطواف، ولهذا قال أكثر العلماء: إن العمرة لا تجب، كما هو مذهب مالك وأبي حنيفة، وهو أحد القولين في مذهب الشافعي وأحمد، وهو الأظهر في الدليل؛ فإن الله لم يوجب إلا حج البيت، لم يوجب العمرة.(197)
(272) مما يفرق بين طواف الحائض وصلاة الحائض: أنها تحتاج إلى الطواف الذي هو فرض عليها مرة في العمر، وقد تكلفت السفر الطويل، وحملت الإبل أثقالها إلى بلد لم يكن الناس بالغيه إلا بشق الأنفس، فأين حاجة هذه إلى الطواف من حاجتها إلى الصلاة التي تستغني عنها زمن الحيض بما تفعله زمن الطهر؟! وقد تقدم أن الحائض لم تمنع من القراءة لحاجتها إليها، وحاجتها إلى هذا الطواف أعظم.(198)
(273) من أوجب للطواف الطهارة الصغرى فلا بد له من دليل شرعي، وما أعلم ما يوجب ذلك. ثم تدبرت وتبين لي أن طهارة الحدث لا تشترط في الطواف، ولا تجب فيه بلا ريب، ولكن تستحب فيه الطهارة الصغرى؛ فإن الأدلة الشرعية إنما تدل على عدم وجوبها فيه، وليس في الشريعة ما يدل على وجوب الطهارة الصغرى فيه، وحينئذ فلا نسلم أن جنس الطواف أفضل من جنس قراءة القرآن؛ بل جنس القراءة أفضل منه، فإنها أفضل ما في الصلاة من الأقوال.(199)
(274) مس المصحف يشترط له الطهارة الكبرى والصغرى عند جماهير العلماء، وكما دل عليه الكتاب والسنة، وهو ثابت عن سلمان وسعد وغيرهم من الصحابة، وحرمة المصحف أعظم من حرمة المساجد، ومع هذا إذا اضطر الجنب والمحدث والحائض إلى مسِّه مسَّه؛ فإذا اضطر إلى الطواف الذي لم يقم دليل شرعي على وجوب الطهارة فيه مطلقًا كان أولى بالجواز.(200)
(275) ليس لأحد أن يحتج بقول أحد في مسائل النزاع، وإنما الحجة النص والإجماع، ودليل مستنبط من ذلك تقرر مقدماته بالأدلة الشرعية لا بأقوال بعض العلماء؛ فإن أقوال العلماء يحتج لها بالأدلة الشرعية، لا يحتج بها على الأدلة الشرعية. ومن تربى على مذهب قد تعوده واعتقد ما فيه، وهو لا يحسن الأدلة الشرعية وتنازع العلماء؛ لا يفرق بين ما جاء عن الرسول وتلقته الأمة بالقبول بحيث يجب الإيمان به، وبين ما قاله بعض العلماء ويتعسر أو يتعذر إقامة الحجة عليه، ومن كان لا يفرق بين هذا وهذا لم يحسن أن يتكلم في العلم بكلام العلماء، وإنما هو من المقلدة الناقلين لأقوال غيرهم، مثل المحدِّث عن غيره، والشاهد على غيره لا يكون حاكمًا، والناقل المجرد يكون حاكيًا لا مفتيًا.(202)
(276) الذي لا أعلم فيه نزاعًا أنه ليس للمرأة أن تطوف مع الحيض إذا كانت قادرة على الطواف مع الطهر، فما أعلم منازعًا أن ذلك يحرم عليها وتأثم به، وتنازعوا في إجزائه.(205)
(277) نقل عن عطاء: أن المرأة إذا حاضت في أثناء الطواف فإنها تتم طوافها، وهذا صريح عن عطاء أن الطهارة من الحيض ليست شرطًا.(208)
(278) الصواب أنه لا تشترط الطهارة للطواف، وهذا قول أكثر السلف، وهو مذهب أبي حنيفة وغيره، والمشترطون في الطواف شروط الصلاة ليس معهم حجة إلا قوله: (الطواف بالبيت صلاة)، وهذا لو ثبت عن النبي لم يكن لهم فيه حجة.(212)
(279) من جامعها زوجها بعد التحلل الأول وقبل التحلل الثاني لم يفسد حجها بذلك؛ لكن يفسد ما بقي، وعليها طواف الإفاضة باتفاق الأئمة. فأما إن كانت رجعت إلى بلدها ووطأها زوجها؛ فلا بد لها إذا رجعت أن تحرم بعمرة من الميقات.(247)
(280) لا يدخل أحد مكة إلا محرمًا بحج أو عمرة، إما وجوبًا أو استحبابًا؛ إلا من له حاجة متكررة ونحو ذلك.(247)
(281) من كان بمكة من مستوطن ومجاور وقادم وغيرهم؛ فإن طوافه بالبيت أفضل له من العمرة -وهذا مما لا يستريب فيه من كان عالمًا بسنة رسول الله وسنة خلفائه، وآثار الصحابة وسلف الأمة وأئمتها- وسواء خرج في ذلك إلى أدنى الحل وهو التنعيم، أو أقصى الحل من أي جوانب الحرم، وهذا المتفق عليه بين سلف الأمة، وما أعلم فيه مخالفًا من أئمة الإسلام في العمرة المكية. وأما العمرة من الميقات؛ بأن يذهب إلى الميقات فيحرم منه، أو يرجع إلى بلده ثم ينشئ السفر منه للعمرة؛ فهذه ليست عمرة مكية؛ بل هذه عمرة تامة، وليس الكلام هنا فيها.(248)
(282) وأما الاعتمار للمكي بخروجه إلى الحل فهذا لم يفعله أحد على عهد رسول الله قط، إلا عائشة في حجة الوداع، مع أن النبي لم يأمرها به؛ بل أذن فيه بعد مراجعتها إياه، فأما أصحابه الذين حجوا معه حجة الوداع كلهم من أولهم إلى آخرهم فلم يخرج أحد منهم لا قبل الحجة ولا بعدها؛ لا إلى التنعيم، ولا إلى الحديبية، ولا إلى الجعرانة، ولا غير ذلك لأجل العمرة، وكذلك أهل مكة المستوطنون لم يخرج أحد منهم إلى الحل لعمرة، وهذا متفق عليه معلوم لجميع العلماء الذين يعلمون سنته وشريعته. وكذلك أيضًا أصحابه الذين كانوا مقيمين بمكة من حين فتحه مكة من شهر رمضان سنة ثمان وإلى أن توفي، لم يعتمر أحد منهم من مكة، ولم يخرج أحد منهم إلى الحل ويهل منه، ولم يعتمر النبي وهو بمكة قط.(252)
(283) من توهم أن النبي خرج من مكة فاعتمر من الحديبية أو الجعرانة؛ فقد غلط غلطًا فاحشًا منكرًا، لا يقوله إلا من كان من أبعد الناس عن معرفة سنة النبي وسيرته، وإن كان قد غلط في الاحتجاج بذلك على العمرة من مكة طوائف من أكابر أعيان العلماء، فقد ظهر أن النبي وأصحابه جميعهم لم يعتمر أحد منهم في حياته من مكة بعد فتح مكة ومصيرها دار إسلام إلا عائشة.(255)
(284) المنقول الصريح عمن أوجب العمرة من الصحابة والتابعين لم يوجبها على أهل مكة. قال أحمد بن حنبل: «كان ابن عباس يرى العمرة واجبة ويقول: يا أهل مكة! ليس عليكم عمرة، إنما عمرتكم طوافكم بالبيت»، وقال عطاء بن أبي رباح -أعلم التابعين بالمناسك وإمام الناس فيها-: (ليس أحد من خلق الله إلا عليه حجة وعمرة واجبتان، لا بد منهما لمن استطاع إليهما سبيلاً، إلا أهل مكة فإن عليهم حجة وليس عليهم عمرة، من أجل طوافهم بالبيت، وهم يفعلونه، فأجزأ عنهم)، وقال طاوس: (ليس على أهل مكة عمرة)، وكلام هؤلاء السلف وغيرهم يقتضي أنهم كانوا لم يستحبوها لأهل مكة؛ فضلاً عن أن يوجبوها.(256)
(285) من المعلوم أن مشي الماشي حول البيت طائفًا هو العبادة المقصودة، وأن مشيه من الحل هو وسيلة إلى ذلك وطريق، فمن ترك المشي من هذا المقصود الذي هو العبادة واشتغل بالوسيلة فهو ضال جاهل بحقيقة الدين، وهو أشر من جهل من كان مجاورًا للمسجد يوم الجمعة يمكنه التبكير إلى المسجد والصلاة فيه، فذهب إلى مكان بعيد ليقصد المسجد منه، وفوَّت على نفسه ما يمكن فعله في المسجد من الصلاة المقصودة.(262)
(286) نقل عن أحمد واختاره طائفة من أصحابه: أنه يستحب للمتمتع أن يطوف طواف القدوم بعد رجوعه من عرفة قبل طواف الإفاضة. والصواب الذي عليه جماهير العلماء أنه لا يستحب؛ لأن الصحابة لم يفعلوا ذلك مع النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو القول الأخير من مذهب أحمد.(272)
(287) كان ابن عباس يبالغ في المتعة حتى يجعلها واجبة، ويجعل الفسخ واجبًا، وهو قول أبي حنيفة وطائفة من أهل الظاهر، ويجعل من طاف وسعى فقد حل من إحرامه وصار متمتعًا؛ سواء قصد التمتع أو لم يقصده. وصار إلى إيجاب التمتع طائفة من الشيعة وغيرهم.(282)
(288) لا بد بعد الوقوف بعرفة من طواف الإفاضة، وإن لم يطف بالبيت لم يتم حجه باتفاق الأمة، وإن أحصره عدو عن البيت وخاف فلم يمكنه الطواف تحلل، فيذبح هديًا ويحل، وعليه الطواف بعد ذلك إن كانت تلك حجة الإسلام؛ فيدخل مكة بعمرة يعتمرها تكون عوضًا عن ذلك.(302)
(289) إذا أحرم مطلقًا، ولم يخطر بباله أحد الأنساك؛ صح حجه إذا حج كما يحج المسلمون.(303)
 
أحكام الأضحية من مجموع الفتاوى
الجزء السادس والعشرون
(290) الأضحية والعقيقة والهدي أفضل من الصدقة بثمن ذلك.(304)
(291) من أراد أن يضحي وليس عنده مال؛ إن كان له وفاء فاستدان ما يضحي به فحسن، ولا يجب عليه أن يفعل ذلك.(305)
(292) تجوز الأضحية عن الميت؛ كما يجوز الحج عنه، والصدقة عنه، ويضحى عنه في البيت، ولا يذبح عند القبر أضحية ولا غيرها.(306)
(293) كان المشركون يذبحون للقبور، ويقربون لها القرابين، وكانوا في الجاهلية إذا مات لهم عظيم ذبحوا عند قبره الخيل والإبل وغير ذلك؛ تعظيمًا للميت، فنهى النبي عن ذلك كله.(306)
تم المقصود من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية
 
ثالثًا: مسائل الحج والعمرة من كتاب
شرح العمدة في بيان مناسك الحج والعمرة 
الجزء الأول
(294) يجب الحج عن الميت والعاجز من حيث وجب عليه: 
1) وذلك لأن النبي جعل الحج عليه دينًا، وأمر الوارث أن يفعله عنه كما يفعل الدين، وقد كان عليه أن يحج من دويرة أهله، فكذلك من يحج عنه.
2) ولأن الحجة التي ينشئها من دويرة أهله أفضل وأتم من التي ينشئها من دون ذلك؛ بدليل قوله سبحانه: ((وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)) [البقرة:196].
3) ولأن المسافة وجب قطعها في حال الحياة، فوجب قطعها بعد الموت، كالمسافة من الميقات.
4) ولأن قطع المسافة في الحج أمر مقصود.(194)
(295) متى ملك الزاد والراحلة وجب عليه أن يحج على الفور، فإن أخره بعد ذلك عصى بذلك.(198)
(296) نص أحمد في رواية عبد الله: فيمن استطاع الحج، وكان موسرًا، ولم يحبسه علة ولا سبب؛ لم تجز شهادته.(198)
(297) شرع من قبلنا شرع لنا، لاسيما شرع إبراهيم؛ فإنا مأمورون باتباع ملته؛ لقوله تعالى: ((ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً)) [النحل:123]، وقوله تعالى: ((إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ)) [آل عمران:68]؛ خصوصًا حرمة الكعبة وحجها، فإن محمدًا لم يبعث بتغيير ذلك، وإنما بعث بتقريره وتثبيته، وإحياء مشاعر إبراهيم.(200)
(298) لقد اقتص الله علينا أمر الكعبة، وذكر بناءها وحجها واستقبالها، وملة إبراهيم في أثناء سورة البقرة، وذكر أيضًا ملة إبراهيم والبيت وأمره، وثلّث ذلك في أثناء سورة آل عمران، وذكر الحج وأمره وسننه، وملة إبراهيم، والمناسك والحض عليها وتثبيت أمرها في سورة الحج، وسورة الحج بعضها مكي بلا شك، وأكثرها أو باقيها مدني متقدم؛ فعلم بذلك أن إيجاب الحج وفرضه من الأمور المحكمة من ملة إبراهيم، فيكون وجوبه من أول الإسلام.(202) 
(299) فعل القضاء من الحج يجب على الفور؛ فإنه لو أفسد الحج أو فاته لزمه الحج من قابل؛ بدليل قوله عليه السلام: (من كسر أو عرج فقد حل وعليه الحج من قابل)، وهذا لا خلاف فيه، فإذا كان القضاء يجب على الفور؛ فأن تجب حجة الإسلام الأداء بطريق الأولى والأحرى.(208)
(300) هذا التغليظ يعم من مات قبل أن يغلب على ظنه الفوات، وهم أكثر الناس، ومن غلب على ظنه ففي تأخيره تعرض لمثل هذا الوعيد، وهذا لا يجوز، وإنما لحقه هذا لأن سائر أهل الملل من اليهود والنصارى لا يحجون، وإن كانوا قد يصلون، وإنما يحج المسلمون خاصة.(214)
يتبع إن شاء الله...


تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله    تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  Emptyالأحد 13 أكتوبر 2013, 12:31 am

(301) قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لقد هممت أن أبعث رجلاً إلى هذه الأمصار فينظروا كل رجل ذا جدة لم يحج فيضربوا عليهم الجزية، ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين)، وهذا قاله عمر ولم يخالفه مخالف من الصحابة، وإنما عزم على ذلك -وإن كان تارك الحج إذا كان مسلمًا لا يضرب عليه الجزية-؛ لأنه كان في أول الإسلام الغالب على أهل الأمصار الكفر إلا من أسلم، فمن لم يحج أبقاه على الكفر الأصلي فضرب عليه الجزية، ولولا أن وجوبه على الفور لم يجعل تركه شعارًا للكفر.(215)
(302) الحج تمام الإسلام؛ لأن الإسلام بني على خمس، كما في الحديث المشهور، وكانت شرائع الإسلام تنزل شيئًا فشيئًا، فصار الحج كمال الدين وتمام النعمة، فإذا لم يحج الرجل لم يكن إسلامه ودينه كاملاً؛ بل يكون ناقصًا، ولا يجوز للمسلم أن يترك دينه ناقصًا، كما لا يجوز أن يخل بالصلاة والصوم والزكاة بعد وجوبها.(216)
(303) أما ما ذكره بعض أهل العلم من أن الحج فرض متقدمًا، وأخره النبي وأصحابه، فعنه أجوبة: 
أحدها: أنه لا يجوز لمسلم أن يعتقد أن الله أوجب الحج وكتبه، ومكث النبي وعامة أصحابه مؤخرين له من غير عائق أصلاً خمس سنين، ولا سنةً واحدة، وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار.
وتأخيره إن لم يكن محرمًا فإنه مكروه، أو هو خلاف الأحسن والأفضل، وتأخر عن مقامات السبق ودرجات المقربين؛ فكيف تطبق الأمة مع نبيها على ترك الأحسن والأفضل لغير عذر أصلاً؟! 
وأيضًا فقد مات منهم في تلك السنوات خلق كثير لم يحجوا، أفترى أولئك لقوا الله عاصين بترك أحد مباني الإسلام، ولم ينبههم النبي على ذلك؟!
ثم إن حج البيت من فروض الكفايات، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: (لو أن الناس تركوا الحج عامًا واحدًا لا يحج أحد ما نظروه بعده)، فكيف يتركون المسلمون الحج بعد وجوبه سنة في سنة؟! فإن حج الكفار غير مسقط لهذا الإيجاب. 
وأما قولهم: إنه فرض سنة خمس أو ست، فقد اختلف الناس في ذلك اختلافًا مشهورًا؛ فقيل: سنة خمس، وقيل: سنة ست، وقيل: سنة سبع، وقيل: سنة تسع، وقيل: سنة عشر، فالله أعلم متى فرض، غير أنه يجب أن يعلم إما أنه فرض متأخرًا، أو فرض متقدمًا، وكان هناك مانع عام يمنع من فعله، وإلا لما أطبق المسلمون على تركه وتأخيره.
الجواب الثاني: أن الأشبه -والله أعلم- أنه إنما فرض متأخرًا، يدل على ذلك وجوه: أحدها: أن آية وجوب الحج التي أجمع المسلمون على دلالتها على وجوبه قوله: ((وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً)) [آل عمران:97]، وقد قيل: إن هذه الآية إنما نزلت متأخرة سنة تسع أو عشر، ويدل على ذلك: أنها في سياق مخاطبة أهل الكتاب، وتقرير ملة إبراهيم، وتنزيهه من اليهودية والنصرانية. 
الوجه الثاني: أن أكثر الأحاديث الصحيحة في دعائم الإسلام ليس فيها ذكر الحج؛ مثل حديث وفد عبد القيس، فقد أمرهم بالإيمان بالله وحده، وفسره لهم: أنه الصلاة، والزكاة، وصوم رمضان، وأن يعطوا من المغنم الخمس، ومعلوم أنه لو كان الحج واجبًا لم يضمن لهم الجنة إلا به.
وكذلك الأعرابي الذي جاء من أهل نجد ثائر الرأس، الذي قال: لا أزيد على هذا ولا أنقص منه، إنما ذكر له النبي الصلاة، والزكاة، والصوم، وكذلك الذي أوصاه النبي بعمل يدخله الجنة أمره بالتوحيد، والصلاة، والزكاة، وصوم رمضان. 
الوجه الثالث: أن الناس قد اختلفوا في وقت وجوبه، والأصل عدم وجوبه في الزمان الذي اختلفوا فيه حتى يجتمعوا عليه، لاسيما والذين ذكروا وجوبه إنما تأولوا عليه آية من القرآن أكثر الناس يخالفونهم في تأوليها، وليس هناك نقل صحيح عمن يوثق به أنه واجب سنة خمس أو سنة ست.
الجواب الثالث: أنه وإن كان فرض متقدمًا لكن كانت هناك عوائق تمنع من فعله؛ بل من صحته بالكلية؛ سواء كان واجبًا أو غير واجب، أظهرها منعًا: أن الحج قبل حجة الوداع كان يقع في غير حينه؛ لأن أهل الجاهلية كانوا ينسئون النسيء الذي ذكره الله في القرآن. 
وقد روى أحمد بإسناده عن مجاهد في قوله: ((إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ)) [التوبة:37] قال: «حجوا في ذي الحجة عامين، ثم حجوا في المحرم عامين، ثم حجوا في صفر عامين، فكانوا يحجون في كل سنة في كل شهر عامين، حتى وافقت حجة أبي بكر الآخر من العامين في ذي القعدة قبل حجة النبي بسنة، ثم حج النبي من قابل في ذي الحجة، فلذلك يقول النبي: (إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض)». 
وهذا مما أجمع عليه أهل العلم بالأخبار والتفسير والحديث، وفي ذلك نزل قوله: ((إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً)) [التوبة:36] الآية والتي بعدها. وإذا كان الحج قبل حجة الوداع في تلك السنين باطلاً واقعًا في غير ميقاته؛ امتنع أن يؤدى فرض الله سبحانه قبل تلك السنة، وعلم أن حجة عتاب بن أسيد وحجة أبي بكر إنما كانتا إقامةً للموسم الذي يجتمع فيه وفود العرب والناس؛ لينبذ العهود، ويُنفى المشركون، ويمنعون من الطواف عراة، تأسيسًا وتوطئة للحجة التي أكمل الله بها الدين، وأتم بها النعمة، وأدى بها فرض الله، وأقيمت فيها مناسك إبراهيم عليه السلام. ولا يجوز أن يقال: فقد كان يمكن المسلم أن يحج في غير وقت حج المشركين؛ أما قبل الفتح فلو فعل ذلك أحد لأريق دمه، ولمنع من ذلك وصد، وكذلك بعد الفتح؛ لأن القوم حديثو عهد بجاهلية، وفي استعطافهم تأليف قلوبهم، وتبليغ الرسالة في الموسم ما فيه.
وقد ذكروا أيضًا من جملة أعذاره: اختلاط المسلمين بالمشركين، وطوافهم بالبيت عراة، واستلامهم الأوثان في حجهم، وإهلالهم بالشرك، وإفاضتهم من عرفات قبل غروب الشمس، ومن جَمْع بعد طلوعها، ووقوف الحمس عشية عرفة بمزدلفة.. إلى غير ذلك من المنكرات التي لا يمكن الحج معها، ولم يمكن تغييرها بعد الفتح إلا في سنة أبي بكر؛ حج من العام المقبل لما زالت.
ومن الأعذار أيضًا: اشتغاله بأمر الجهاد، وغلبة الكفار على أكثر الأرض، والحاجة، والخوف على نفسه وعلى المدينة من الكفار والمنافقين.(218)
(303) قوله تعالى: ((وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)) [البقرة:196] نزل عام الحديبية سنة ست من الهجرة، لما صد المشركون رسول الله عن إتمام عمرته التي قد كان أهلَّ بها، وفيها بايع المسلمين بيعة الرضوان، وفيها قاضى المشركين على الصلح على أن يعتمر من قابل، وهو إنما يتضمن الأمر بالإتمام، وليس ذلك مقتضٍ للأمر بالابتداء؛ فإن كل شارع في الحج والعمرة مأمور بإتمامهما، وليس مأمورًا بابتدائهما، ولا يلزم من وجوب إتمام العبادة وجوب ابتدائها، كما لا يلزم من تأكيد استحباب الإتمام تأكيد استحباب الشروع. وأما كون الحج والعمرة من دين إبراهيم عليه السلام، فهذا لا شك فيه، ولم يزل ذلك قربةً وطاعةً من أول الإسلام، وجميع آيات القرآن تدل على حسن ذلك واستحبابه، وأما وجوبه فلا يعلم أنه كان واجبًا في شريعة إبراهيم ألبتة، ولم يكن لإبراهيم عليه السلام شريعة يجب فيها على الناس [الحج والعمرة].(222)
(304) ذكر الحج في حديث ضمام بن ثعلبة رضي الله عنه في بعض طرقه، وقد اختلف الناس في زمن وفوده، والصواب أنه إنما وفد سنة تسع، فيكون الحج إنما فرض سنة تسع، وهذا يطابق نزول الآية في تلك السنة، وهذا شبيه بالحق؛ فإن سنة ثمان وما قبلها كانت مكة في أيدي الكفار، وقد غيروا شرائع الحج، وبدلوا دين إبراهيم، ولا يمكن مسلمًا أن يفعل الحج إلا على الوجه الذي يفعلونه؛ فكيف يفرض الله على عباده المسلمين ما لا يمكنهم فعله؟! وإنما كانت الشرائع تنزل شيئًا فشيئًا، كلما قدروا وتيسر عليهم أمروا به.(222)
(305) الحي لا يجوز أن يحج عنه الفرض إلا بإذنه، وكذلك لا يحج عنه النفل بدون إذنه، لكن إن حج وأهدى له ثوابه [يجزئ].(230)
(306) إنما أذن النبي أن يحج عن المعضوب والميت من يتبرع بالحج عنهم، أوجب قضاء دينهم وبراءة ذمتهم.(243)
(307) إنما كرهت الإجارة على الحج لما ذكره أحمد: من أن ذلك بدعة لم يكن على عهد النبي ولا على عهد السلف، وقد كان فيهم من يحتاج إلى الحج عنه، ولم يستأجر أحدٌ أحدًا يحج عن الميت، ولو كان جائزًا حسنًا لما أغفلوه؛ ولأن ذلك أكل للدنيا بالدين؛ لأنه يبيع عمله الصالح.. وقد قال النبي لمن استؤجر بدراهم يغزو بها: (ليس لك من دنياك وآخرتك إلا هذا)؛ وهذا لأن الإجارة معاوضة على المنفعة، يملك بها المستأجر المنفعة كما يملك المشتري الأعيان المبيعة، فالأجير للحج يبيع إحرامه وطوافه وسعيه ووقوفه ورميه لمن استأجره بالأجر الذي أخذه. ولأن أخذ العوض يبطل القربة المقصودة، كمن أعتق عبده على مال يأخذه منه لا يجزئه عن الكفارة.(243)
(308) النفقة أمانة بيد النائب، له أن ينفق منها بالمعروف، وإنما تقدر بأمر الميت، أو المستنيب الحي، أو بتقدير الورثة إذا كانوا كبارًا، فإن كان فيهم يتيم فليس لهم أن يقولوا: ما فضل فهو لك، إلا أن يتبرع الكبار بشيء من حصتهم، ولا يملك الفاضل إلا بعد الحج، فليس له أن يتصرف فيه قبل ذلك.(249)
(309) ما لزم النائب من الدماء بفعل محظور، مثل: الوطء، وقتل الصيد، ونحو ذلك، فهو في ماله، نص عليه؛ لأنه لم يؤذن له في ذلك، وإنما هو من جنايته.(253)
(310) أما دم التمتع والقران إذا أذن له فيهما على المستنيب، وإلا فعليه، ودم الإحصار على المستنيب؛ لأنه للتخلص من السفر، فهو كنفقة الرجوع.(253)
(311) إن أفسد النائب الحج، أو فوته بتفريطه؛ كان عليه رد ما أخذ؛ لأنه لم يجز عن المستنيب بتفريطه، والقضاء عليه في ماله.(253)
(312) حج المعتوه صحيح؛ لأن أكثر ما فيه أنه مسلوب العقل، وذلك لا يمنع صحة حجه كالصبي، وهذا قول أبي بكر خلافًا لأكثر الأصحاب.(258)
(313) إذا أحرم العبد بإذن سيده لم يملك تحليله؛ لأنها عبادة تلزم بالشروع، وقد دخل فيها بإذنه، فأشبه ما لو دخل في نذر عليه، ولأنه عقد لازم عقده بإذن سيده، فلم يكن للسيد فسخه، حتى لو باعه أو وهبه لم يملك المشتري والمتهب تحليله، لكن يكون الإحرام عيبًا بمنزلة الإجارة؛ لأنه ينقص المنفعة، فتنقص القيمة، فإن علم به لم يكن له الرد، وإن لم يعلم فله الرد، أو الأرش.(266)
(314) إن كان قد أحرم العبد بدون إذن البائع، وقلنا: له تحليله؛ لم يكن عيبًا، وإلا فهو عيب، ولو رجع السيد عن الإذن وعلم العبد فهو كما لو لم يأذن له، وإن لم يعلم حتى أحرم ففيه وجهان، بناء على الوكيل إذا لم يعلم بالعزل.(266)
(315) إن أحرم العبد بدون إذن سيده انعقد إحرامه في ظاهر المذهب.(266)
(316) تحليل العبد والزوجة يحصل بقول السيد والزوج: قد حللت زوجتي، أو عبدي، أو فسخت إحرامه، فعند ذلك يصير كالمحصر بعدو فيما ذكره أصحابنا، فأما بالفعل فقيل: قياس المذهب لا يحل له.(267)
(317) حج الصبي صحيح؛ سواء كان مميزًا أو طفلاً؛ بحيث ينعقد إحرامه، ويلزمه ما يلزم البالغ من فعل واجبات الحج، وترك محظوراته.(276)
(318) إن كان الصبي مميزًا أحرم بنفسه بإذن الولي، وفعل أفعال الحج، واجتنب محظوراته، فإن أحرم عنه الولي، أو فعل عنه شيئًا مثل الرمي وغيره لم يصح؛ لأن هذا دخول في العبادة، فلم يصح من المميز دون قصده؛ كالصوم والصلاة.(278)
(319) إن كان الصبي غير مميز عقد الإحرام له وليه؛ سواء كان حرامًا أو حلالاً، كما يعقد له النكاح وغيره من العقود، ويلبي عنه.. ويطوف به ويسعى، ويحضره المواقف، ويرمي عنه، ويجنبه كل ما يجتنبه الحرام، وإذا لم يمكنه الرمي استحب أن يوضع الحصى في يده ثم يؤخذ فيرمى عنه، وإن وضعه في يده ورمى بها وجعلها كالآلة جاز.(279)
(320) لا يجوز للمرأة أن تسافر بدون إذن الزوج في حج التطوع، وليس للزوج أن يمنعها من حج الفرض، ويستحب لها أن تستأذنه إن كان حاضرًا، وتراسله إن كان غائبًا تطييبًا لنفسه.(285)
(321) إن منع الزوج زوجته من حج الفرض فإنها تخرج بغير اختياره؛ لأنها عبادة قد وجبت عليها، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، حتى لو قلنا: يجوز لها تأخير الحج؛ فإن لها أن تسارع إلى إبراء ذمتها، كما لها أن تصلي المكتوبة في أول الوقت، وتقضي شهر رمضان في أول الحول وأولى؛ لأن هذه عبادة مؤقتة، وتأخير العبادات المؤقتة أجوز من تأخير العبادات المطلقة.(285)
(322) من عليه حجة واجبة؛ سواء كانت حجة الإسلام، أو نذرًا، أو قضاءً؛ فليس له أن يحج عن غيره حتى يحج عن نفسه في ظاهر المذهب، المشهور عنه وعن أصحابه.(288)
(323) الخثعمية التي أذن لها النبي أن تحج عن أبيها، الظاهر أنه قد علم أنها حجت عن نفسها؛ لأنها سألته غداة النحر حين أفاض من مزدلفة إلى منى، وهي مفيضة معه.(290)
(324) الحج واجب في أول سنة من سني الإمكان، فإذا أمكنه فعله عن نفسه، لم يجز أن يفعله عن غيره؛ لأن الأول فرض والثاني نفل، كمن عليه دين هو مطالب به، ومعه دراهم بقدره، لم يكن له أن يصرفها إلا إلى دينه، وكذلك كل ما احتاج إلى صرفه في واجب عنه فلم يكن له أن يفعله عن غيره.(292)
(325) حديث عمر: (أنه حدّ لأهل العراق ذات عرق)، توقيت ذات عرق كان متأخرًا في حجة الوداع، كما ذكره الحارث بن عمرو، وقد كان قبل هذا سبق توقيت النبي لغيرها، فخفي هذا على عمر رضي الله عنه، كما خفي عليه كثير من السنن، وإن كان علمها عند عماله وسعاته، ومن هو أصغر منه، فاجتهد، وكان مُحَّدثًا موفقًا للصواب، فوافق رأيه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس ذلك ببدع منه رضي الله عنه، فقد وافق ربه في مواضع معروفة؛ مثل المقام، والحجاب، والأسرى، وأدب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.(309)
(326) من مر على ميقاتين فعليه أن يحرم من أبعدهما من مكة؛ فقد بين عروة في روايته أن النبي وقت ذا الحليفة لأهل المدينة ومن مر بهم، وأن الجحفة إنما وقتها للشامي إذا سلك تلك الطريق؛ طريق الساحل. وأيضًا فإن المواقيت محيطة بالبيت كإحاطة جوانب الحرم، فكل من مر من جوانب الحرم لزمه تعظيم حرمته، وإن كان بعض جوانبه أبعد من بعض، وأيضًا فإن قرب هذه المواقيت وبعدها لما يحل لأهل بعيدها من الرفاهية، وذلك يشركهم فيه كل من دخل مصرهم؛ فإن المسافر إذا دخل مصرًا وأقام فيها أيامًا انحط عنه عظمة مشقة سفره، فوجد الطعام والعلف والظل والأمن، وخفف إجماله، إلى غير ذلك من أسباب الرفق. وأيضًا فإن هذه المواقيت حدود النسك؛ فليس لأحد أن يتعدى حدود الله.(318)
(327) العمرة لمن هو بالحرم لا بد فيها من الخروج إلى الحل، والزيارة لا تكون مع الإقامة بالمزور، وإنما تكون إذا كان خارجًا منه فجاء إليه ليزوره، ولهذا -والله أعلم- لم يكن على أهل مكة عمرة؛ لأنهم مقيمون بالبيت الحرام.(329)
(328) الإحرام بالعمرة من أقصى الحل أفضل من أدناه، وكلما تباعد فيها فهو أفضل، حتى يصير إلى الميقات.(330)
(329) قال طاوس رحمه الله: «الذين يعتمرون من التنعيم ما أدري يؤجرون أو يعذبون؟ قيل له: فلم يعذبون؟ قال: لأنه يدع البيت والطواف ويخرج إلى أربعة أميال، ويجيء أربعة أميال قد طاف مائتي طواف، وكلما طاف كان أعظم أجرًا من أن يمشي في غير شيء».(331)
(330) يستحب لمن هو بمكة من غير أهلها أن يخرج إلى أقصى الحل، وإن خرج إلى ميقاته فهو أفضل، وإن رجع إلى مصره فأنشأ لها سفرة أخرى فهو أفضل من الجميع.(332)
(331) إن أحرم الحرمي بالعمرة من الحرم فهو بمنزلة من أحرم دون الميقات، فلا يجوز له ذلك، وإذا فعله فعليه دم لتركه بعض نسكه، ولا يسقط الدم بخروجه إلى [الحل]، كما لا يسقط الدم بعودته إلى الميقات إذا أحرم دونه؛ لكنه إن خرج إلى الحل قبل الطواف ورجع صحت عمرته.(334)
(332) إن أراد دخول مكة لغير الحج والعمرة؛ مثل تجارة، أو زيارة، أو سكن، أو طلب علم، أو غير ذلك من الحاجات التي لا يشق معها الإحرام؛ فإن السنة أن لا يدخلها إلا محرمًا بحجة أو بعمرة؛ سواء كان واجبًا أو تطوعًا؛ لأن النبي بين أن الحج والعمرة إنما تجب مرة واحدة، فلو أوجبنا على كل من دخلها أن يحج أو يعتمر لوجب أكثر من مرة، ولأن النبي قال في المواقيت: (هن لهن ولكل من أتى عليهن من غير أهلهن ممن كان يريد الحج والعمرة)، وهذا لا يريد حجًا ولا عمرة، ولأن النبي لما رجع هو وأصحابه من حنين إلى مكة [دخل بغير إحرام]، ولأن النبي لما بعث عثمان عام الحديبية ليخبرهم بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، ولأن الصحابة الذين بعثهم لاستخراج خبيب [دخلوا بغير إحرام]، ولأن هذه قربة مشروعة لتعظيم البقعة فلم تجب؛ كتحية المسجد الحرام بالطواف، وتحية غيره بالصلاة.(339)
(333) من دخل مكة لقتال مباح فإنه لا إحرام عليه. نص عليه، وإنما يجيء على أصلنا إذا كان هناك بغاة، أو كفار، أو مرتدة قد بدءوا بالقتال فيها، فأما إذا لم يبدءوا بقتال لم يحل قتالهم.(349)
(334) إذا تجاوز الميقات بغير إحرام ثم رجع فأحرم منه، فلا دم عليه؛ لأنه قد أتى بالواجب، وتلك المجاوزة ليست نسكًا، فإذا لم يترك نسكًا، ولم يفعل نسكًا في غير وقته، ولم يفعل في الإحرام محظورًا؛ فلا وجه لإيجاب الدم.(359)
(335) إن ضاق الوقت بحيث يخاف من الرجوع فوْت الحج، أو لم يمكن الرجوع لتعذر الرفقة، ومخافة الطريق، ونحو ذلك؛ فإنه لا يجب عليه الرجوع، فيحرم من موضعه وعليه دم، وكذلك لو أحرم من دونه مع إمكان العودة فعليه دم.(360)
(336) سئل مالك عمن أحرم قبل الميقات، فقال: أخاف عليه الفتنة، قيل له: وأي فتنة في ذلك وإنما هي زيادة أميال فقط؟ قال: وأي فتنة أعظم من أن تظن أنك خُصصت بأمر لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ثم لو كان الفضل في غير ذلك لبينه للمؤمنين، ولدلهم عليه؛ إذ هو أنصح الخلق للخلق، وأرحم الخلق بالخلق، كما دلهم على الأعمال الفاضلة، وإن كان فيها مشقة كالجهاد وغيره.
وأما من أحرم من الصحابة قبل المواقيت؛ فأكثر منهم عددًا، وأعظم منهم قدرًا لم يحرموا إلا من المواقيت، وقد أنكروه بالقول، فروى الحسن: أن عمران بن حصين أحرم من البصرة، فبلغ ذلك عمر رضي الله عنه فغضب وقال: (يتسامع الناس أن رجلاً من أصحاب رسول الله أحرم من مصره!)، وعن الحسن أن عبد الله بن عامر أحرم من خرسان، فلما قدم على عثمان رضي الله عنه لامه فيما صنع، وكرهه له. وقال البخاري: (وكره عثمان رضي الله عنه أن يحرم من خرسان أو كرمان). وعن مسلم أبي سلمان: (أن رجلاً أحرم من الكوفة، فرآه عمر سيء الهيئة، فأخذ بيده وجعل يديره في الخلق ويقول: انظروا إلى هذا ما صنع بنفسه وقد وسع الله عليه)، وعن أبي ذر قال: (استمتعوا بثيابكم؛ فإن ركابكم لا تغني عنكم من الله شيئًا).(364)
(337) متى أحرم بالحج فعليه أن يحج تلك السنة، وليس له أن يؤخر الحج إلى العام المقبل، حتى لو بقي محرمًا حتى فاته الحج لم يجز له أن يستديم الإحرام إلى العام المقبل، وإن جوزنا الإحرام قبل [أشهر الحج]؛ لأن الإحرام يوجب فعل الحج ذلك العام، فإذا فاته لم يجز أن يؤدي بهذا الإحرام حجة أخرى.(398)
(338) العمرة يحرم بها متى شاء، لا تختص بوقت؛ لأن أفعالها لا تختص بوقت، فأولى أن لا يختص إحرامها بوقت، وهذا فيمن لم يبق عليه شيء من أعمال الحج.(399)
(339) ثبت نهي عمر وعثمان ومعاوية وابن الزبير وغيرهم من الصحابة عن المتعة، وكراهتهم لها، ومعلوم أن التمتع بالعمرة إلى الحج لا يكره بالاتفاق، فيجب أن يحمل نهيهم على متعة الفسخ، والرخصة على المتعة المبتدأة؛ توفيقًا بين أقاويلهم.(495)
(340) أثر عن السلف أنهم كانوا يلبون إذا هبطوا واديًا، أو أشرفوا على أكمة، أو لقوا ركبانًا، وبالأسحار، ودبر الصلوات.(599)
(341) يستحب أن يبدأ قبل التلبية بذكر الركوب، سئل عطاء: «أيبدأ الرجل بالتلبية أو يقول: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين؟ قال: يبدأ بسبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين».(601)
(342) لا يجوز أن يلبي بغير العربية وهو يقدر على التلبية بالعربية، أو على تعلمها؛ لأنه ذكر مشروع، فلم يجز إلا بالعربية؛ كالأذان والتكبير وغير ذلك من الأذكار المشروعة، لاسيما والتلبية ذكر مؤقت، فهي بالأذان أشبه منها بالخطبة ونحوها، ثم الخطبة لا تكون إلا بالعربية؛ فالتلبية أولى.(607)
(343) يكره إظهار التلبية في الأمصار والحلل.(612)
(344) لا بأس بتلبية الحلال، ولا يصير محرمًا بذلك إلا أن ينوي الإحرام.(616)
الجزء الثاني
(345) لو قطع شعره في أوقات متفرقة وكفّر عن الأول فلا كلام -أي: تجب عليه كفارة أخرى- وإن لم يكفر ضم بعضها إلى بعض، ووجب فيها ما يجب فيها لو قطعها في وقت واحد؛ فيجب الدم في الثلاث، أو الأربع، أو الخمس.(11)
(346) لا بأس أن يحلق المحرم رأس الحلال، ويقلم أظفاره، ولا فدية عليه، وليس لحلال ولا حرام أن يحلق رأس محرم، أو يقلم أظفاره؛ فإن فعل ذلك فأذن المحلوق فالفدية عليه دون الحالق، وإن فعل ذلك الحلال بالمحرم وهو نائم، أو أكرهه عليه؛ فقرار الفدية على الحالق.(14)
(347) يحرم على المحرم أن يلبس على بدنه المخيط المصنوع على قدر العضو، وكذلك لو وضع على مقدار العضو بغير خياطة؛ مثل أن ينسج نسجًا، أو يلصق بلصوق، أو يربط بخيوط، أو يخلل بخلال، أو يزر، ونحو ذلك مما يوصل به الثوب المقطع حتى يصير كالمخيط؛ فإن حكمه حكم المخيط، وإنما يقول الفقهاء: المخيط، بناء على الغالب. 
فأما إن خيط، أو وصل لا ليحيط بالعضو ويكون على قدره، مثل الإزار والرداء الموصل والمرقع ونحو ذلك؛ فلا بأس به؛ فإن مناط الحكم هو اللباس المصنوع على قدر الأعضاء، وهو اللباس [المحيط] بالأعضاء، واللباس المعاد.(15)
(348) نهى رسول الله عن خمسة أنواع من اللباس تشمل جميع ما يحرم، فإنه قد أوتي جوامع الكلم؛ وذلك أن اللباس إما أن يصنع للبدن فقط، فهو القميص وما في معناه من الجبة والفروج ونحوهما، أو للرأس فقط، وهو العمامة وما في معناه، أو لهما وهو البرنس وما في معناه، أو للفخذين والساق، وهو السراويل وما في معناه من تبان ونحوه، أو للرجلين وهو الخف ونحوه، وهذا مما أجمع عليه المسلمون.(21)
(349) إذا لم يجد إزارًا فإنه يلبس السراويل ولا يفتقه؛ بل يلبسه على حاله، وإذا لم يجد نعلين فإنه يلبس الخفين، وليس عليه أن يقطعهما، ولا فدية عليه.(21)
(350) النبي إنما جوز لبس الخف والسراويل عند عدم الأصل -أي: النعال والإزار- فلو افتقر ذلك إلى تغيير أو وجبت فدية؛ لاستوى حكم وجود الأصل وعدمه في عامة المواضع، وبيان ذلك أنهما إذا غُيرا إن صارا بمنزلة الإزار والنعل؛ فيجوز لبسهما مغيرين مع وجود الإزار والنعل؛ إذ لا فرق بين نعل ونعل، وإزار وإزار.(25)
(351) ما رخص فيه للحاجة العامة -وهو ما يحتاج إليه في كل وقت غالبًا- فإنه لا فدية معه، ولهذا رخص للرعاة والسقاة في ترك المبيت بمنى من غير كفارة؛ لأنهم يحتاجون إلى ذلك كل عام، ورخص للحائض أن تنفر قبل الوداع من غير كفارة؛ لأن الحيض أمر معتاد غالب، فكيف بما يحتاج إليه الناس وهو الاحتذاء والاستتار؟! (41)
(352) معنى كونه لا يجد النعل والإزار: أن لا يباع، أو يجده يباع وليس معه ثمن فاضل عن حوائجه الأصلية؛ فإن بذل له عارية، فينبغي أن لا يلزمه قبوله، فإن غلب على ظنه أنه يجده بالثمن عند الإحرام؛ لم يلزمه حمله، فإن وجده وإلا انتقل إلى البدل.(41)
(353) لا فرق بين أن يكون اللباس الممنوع من قطن، أو جلود، أو ورق، ولا فرق في توصيله على قدر البدن بين أن يكون بخيوط، أو أخلة، أو إبر، أو لصوق، أو عقد، أو غير ذلك؛ فإن كل ما عمل على هيئة المخيط فله حكمه، فلو شق الإزار وجعل له ذيلين وشدهما على ساقيه لم يجز؛ لأنه كالسراويل وما على الساقين [كالتبابين].(49)
(354) إن تطيب قبل الإحرام بما له جرم يبقى؛ كالمسك، والذريرة، والعنبر ونحوه، أو مما لا يبقى؛ كالورد، والبخور، ثم استدامه؛ لم يحرم ذلك عليه، ولم يكره له.(79)
(355) الطيب إنما يراد به الاستدامة كالنكاح، فإذا منع من ابتدائه لم يمنع من استدامته، وعكسه اللباس؛ فإنه لا يراد للاستدامة، ولأن الطيب من جنس النظافة من حيث يقصد به قطع الرائحة الكريهة، كما يقصد بالنظافة إزالة ما يجمع الشعر والظفر من الوسخ، ثم استحب قبل الإحرام أن يأخذ من شعره وأظفاره؛ لكونه ممنوعًا منه بعد الإحرام، وإن بقي أثره، فكذلك استحب له التطيب قبلهن وإن بقي أثره بعده.(80)
(356) أما اشتمام الطيب من غير أن يتصل ببدنه ولا بثوبه؛ إما بأن يقرب إليه حتى يجد ريحه، أو يتقرب هو إلى موضعه حتى يجد ريحه؛ فلا يجوز في ظاهر المذهب، وفيه الفدية؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم اختلفوا في شم المحرم الريحان؛ فمن جعله طيبًا منعه، ومن لم يجعله طيبًا لم يمنعه، ولولا أن الشم المجرد يحرم امتنعت هذه المسألة؛ لأن الرياحين لا يتطيب بها، فعلى هذا إن تعمد شم المسك والعنبر ونحوها من غير مس فعليه الكفارة، وإن جلس عند العطارين قصدًا لشم طيبهم، أو دخل الكعبة وقت تخليقها ليشم طيبها؛ لزمته الكفارة، وإن ذهب لغير اشتمام فوجد الريح من غير قصد؛ لم يمنع من ذلك، كما لو سمع الباطل من غير أن يقصد سماعه، أو رأى المحرم من غير أن يقصد الرؤية، أو مس حكيم امرأة من غير أن يقصد مسها، وغير ذلك من إدراكات الحواس بدون العمد والقصد؛ فإنه لا يحرم.(88)
(357) الثياب المصبوغة بغير طيب لا يكره منها في الإحرام إلا ما يكره في الحل، لكن المستحب في الإحرام لبس البياض.(94)
(358) الرجل يكره له المعصفر في الإحرام والإحلال، وقد زعم بعض أصحابنا أنه لا يكره للرجال ولا للنساء، وهو غلط على المذهب.(95)
(359) الكحل إذا كان فيه طيب فإنه لا يجوز إلا لضرورة، فيكتحل به ويفتدي، وإن لم يكن فيه طيب ولم يكن فيه زينه فلا بأس به، وإن كان فيه زينة مثل الكحل الأسود ونحوه؛ كره له ذلك إذا قصد به الاكتحال للزينة لا للمنفعة والتداوي، ولا فدية فيه عند أصحابنا.(104)
(360) وإن قصد به المنفعة، وكانت به ضرورة إليه؛ مثل أن يخاف الرمد، أو يكون أرمد ونحو ذلك، ولم يقم غيره مقامه جاز.(104)
(361) الخضاب بغير الحناء؛ مثل الوشم والسواد والنيل، ونحو ذلك مما ليس بطيب؛ فهو زينة محضة، وإن كان من الطيب مثل الزعفران والورس ونحو ذلك لم يجز.(107)
(362) للمحرم أن يغسل رأسه وبدنه وثيابه، وأن يبدل ثياب الإحرام ويبيعها، وإن كان في ذلك إزالة وسخه وإزالة القمل الذي كان بثيابه، وإن أفضى اغتساله إلى قتل القمل الذي برأسه، حتى له أن يدخل الحمام ما لم يفضِ ذلك إلى قطع شعر.(110)
(363) لا بأس بالحجامة للمحرم ما لم يقطع شعرًا، ولا بأس بالكساء إذا أصابه البرد، ولا يتفلى المحرم، ولا يقتل القمل، ويحك رأسه وجسده حكًا رفيقًا، ولا يقتل قملة، ولا يقطع شعره ولا يدهنه.(110)
(364) إن احتاج إلى الأدهان؛ مثل أن يكون برجله شقوق، أو بيديه ونحو ذلك؛ جاز بغير كراهة ولا فدية؛ لأنه يجوز أن يأكله.(120)
(365) للصيد الذي يضمن بالجزاء ثلاث صفات: 
 أحدها: أن يكون أصله متوحشًا؛ سواء استأنس أو لم يستأنس، وسواء كان مباحًا أو مملوكًا. 
الثاني: أن يكون بريًا.
الثالث: أن يكون مباحًا أكله، فإذا كان مباحًا فإنه يضمن بغير خلاف؛ كالظباء، والأوعال، والنعام، ونحو ذلك، وكذلك ما تولد من مأكول وغير مأكول؛ كالعيسار، وهو ولد الذيبة من الضبعان، والسمع، وهو ولد الضبع من الذيب، وما تولد بين وحشي وأهلي.(127)
(366) ما آذى الناس، أو آذى أموالهم؛ فإن قتله مباح؛ سواء كان قد وجد منه الأذى؛ كالسبع الذي قد عدا على المحرم، أو لا يؤمن أذاه؛ مثل الحية، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور؛ فإن هذه الدواب ونحوها تدخل بين الناس من حيث لا يشعرون، ويعم بلواهم بها، فأذاهم بها غير مأمون.(136)
(367) ذكر النبي ما يؤذي الناس في أنفسهم وأموالهم، وسماهن: فواسق؛ لخروجهن على الناس، ولم يكن قوله: (خمس) على سبيل الحصر؛ لأن في أحد الحديثين ذكر الحية، وفي الآخر ذكر العقرب، وفي آخر ذكرها وذكر السبع العادي، فعلم أنه قصد بيان ما تمس الحاجة إليه كثيرًا، وهو هذه الدواب، وعلل ذلك بفسوقها؛ لأن تعليق الحكم بالاسم المشتق المناسب يقتضي أن ما منه الاشتقاق علة للحكم، فحيثما وجدت دابة فاسقة، وهي التي تضر الناس وتؤذيهم؛ جاز قتلها.(139)
(368) إذا عضته النحلة أو النملة، أو تعلق القراد ببعيره، ونحو ذلك؛ فإنه يقتله، وإن أمكن دفع أذاه بدون ذلك، بحيث له أن يقتل النملة بعد أن تقرصه.(149)
(369) ما حرم قتله فإنه يحرم قصد قتله بمباشرة أو تسبب، ويحرم عليه تملكه باصطياد، أو ابتياع، أو اتهاب، وسائر أنواع التملكات؛ مثل كونه عوضًا في صداق، أو خلع، أو صلح عن قصاص، أو غير ذلك؛ لأن الله قال: ((لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ)) [المائدة:94]، فإن قبضه بعقد البيع، فتلف في يده؛ ضمنه بالجزاء، وضمن القيمة لمالكه، بخلاف ما قبضه بعقد الهبة، ومتى رده على البائع والواهب زال الضمان.(149)
(370) إذا اصطاد المحرم ولم يرسله حتى حل فعليه إرساله؛ لأنه لم يملكه بذلك الاصطياد، فإن لم يفعل حتى تلف في يده فعليه ضمانه، وإن ذبحه بعد التحلل فهو ميتة.(149)
(371) إذا ذبح المحرم صيدًا فهو حرام، كما لو ذبحه كافر غير الكتابي، وهو بمنزلة الميتة، وتسمية الفقهاء المتأخرين: ميتة؛ بمعنى أن حكمه حكم الميتة.(153)
(372) إذا صاد الحلال صيدًا فلا بأس أن يأكله المحرم إذا لم يصد من أجله، ولا يأكله إذا صيد من أجله، وعلي وعائشة وابن عمر رضي الله عنهم كانوا يكرهون أن يأكل المحرم لهم الصيد، وكأنهم ذهبوا إلى الآية: ((وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً)) [المائدة:96].(163)
(373) لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم قد أعان على صيد الصعب بن جثامة بوجه من الوجوه، ولا أمر به، ولا علم أنه يصاد له، وإنما يشبه -والله أعلم- أن يكون قد رأى لما أهداه أنه صاده لأجله؛ لأن الناس كانوا قد تسامعوا بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلٌّ يحب أن يقترب إليه، ويهدي إليه، فلعل الصعب إنما صاده لأجل النبي صلى الله عليه وسلم وإذا كان هذا يكون تركه واجبًا، أو يكون خشي أن يكون الصيد لأجله، فيكون قد تركه تنزهًا، وكذلك قال الشافعي رضي الله عنه، كما كان يدع التمرة خشية أن تكون من تمر الصدقة.(165)
(374) ما نقل عن عثمان رضي الله عنه من الرخصة مطلقًا في أكل المحرم من الصيد فقد رجع عنه، بدليل ما روى سعيد عن بشر بن سعيد: أن عثمان رضي الله عنه كان يصاد له الوحش على المنازل، ثم يذبح فيأكله وهو محرم سنتين من خلافته أو ثلاثًا، ثم إن الزبير كلمه، فقال: (ما أدري ما هذا يصاد لنا أو من أجلنا أن لو تركناه، فتركه)، فاتفق رأي عثمان والزبير على أن معنى سنة رسول الله: أن ما صيد للمحرم لا يأكله، وكان ذلك بعد أن حدثه علي والأشجعيون بالحديث؛ فعلم أنهم فهموا ذاك من الحديث.(169)
(375) كما يحرم قتل الصيد؛ تحرم الإعانة عليه بدلالة، أو إشارة، أو إعارة آلة لصيده، أو لذبحه، وإذا أعان على قتله بدلالة أو إشارة، أو إعارة آلة ونحو ذلك؛ فهو كما لو شرك في قتله.(182)
(376) إن كان المعان حلالاً فالجزاء جميعه على المحرم، وإن كان حرامًا اشتركا فيه.(182)
(377) المحرم إن كان رجلاً لا يصح أن يتزوج بنفسه، ولا وكيله، ولا وليه؛ بحيث لو وكل وهو حلال رجلاً؛ لم يجز أن يزوجه بعدما يحرم الموكل، فأما إذا وكل وهو حرام من زوجه بعد الحل، فقال القاضي وابن عقيل يجوز ذلك، فعلى هذا لو وكل وهو حلال، ثم أحرم ثم حل؛ جاز أن يزوج الوكيل بذلك التوكيل المتقدم وأولى؛ لأن العبرة بحال العقد، ولأن التصرف بالوكالة الفاسدة جائز، لكن هل يجوز الإقدام على التوكيل؟ وإن كان امرأة لم يجز أن تزوج وهي محرمة بإذن متقدم على الإحرام، أو في حال الإحرام، لكن إذا أذنت حال الإحرام لم يصح هذا الاستئذان.(185)
(378) الخلفاء الراشدون وغيرهم من أكابر الصحابة على إبطال نكاح المحرم؛ فعن غطفان بن طريف المري: (أن أباه طريفًا تزوج وهو محرم، فرد عمر بن الخطاب نكاحه).(188)
(379) أكابر الصحابة قد عملوا بموجب حديث عثمان، وإذا اختلفت الآثار عن رسول الله نظرنا إلى ما عمل به الخلفاء الراشدون، ولم يخالفهم أحد من الصحابة -فيما بلغنا- إلا ابن عباس، وقد علم مستند فتواه، وعلم أن من حرم نكاح المحرم من الصحابة يجب القطع بأنه إنما فعل ذلك عن علم عنده خفي على من لم يحرمه، فإن إثبات مثل هذه الشريعة لا مطمع في دركه بتأويل أو قياس، وأصحاب رسول الله أعلم بالله وأخشى من أن يقولوا على الله ما لا يعلمون، بخلاف من أباحه؛ فإنه قد يكون مستنده الاكتفاء بالبراءة الأصلية، وإن كان قد ظهر له في هذه المسألة مستند آخر مضطرب.(205)
(380) أهل المدينة متفقون على تحريم نكاح المحرم، علمًا ورثوه من زمن الخلفاء الراشدين إلى زمن أحمد ونظرائه، وإذا اعتضد أحد الخبرين بعمل أهل المدينة كان أولى من غيره في أصح الوجهين، وهو المنصوص عن أحمد في مواضع، وقد تقدم أنه اعتضد في هذه المسألة [بعمل] أهل المدينة، لاسيما إذا كانوا قد رووا هم الحديث، فإن نقلهم أصح من نقل غيرهم من الأمصار، وهم أعلم بالسنة من سائر الأمصار، وكان عندهم من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، الذين أمرنا باتباعهم بإحسان ما لم يكن عند غيرهم، وإنما كان الناس تبعًا لهم في الرأي والرواية إلى انصرام خلافة عثمان، وبعد ذلك فإن لم يكونوا أعلم من غيرهم فلم يكونوا بدون من سواهم، ونحن إن لم نطلق القول بأن إجماعهم حجة فإنا نضعهم مواضعهم، ونؤتي كل ذي حق حقه، ونعرف مراتب المحدثين والمفتين والعاملين؛ ليترجح عند الحاجة من يستحق الترجيح.(206)
(381) الإحرام يُحرم جميع دواعي النكاح تحريمًا يوجب الكفارة؛ مثل القبلة والطيب، ويمنع التكلم بالنكاح والزينة، وهذه مبالغة في حسم مواد النكاح عنه.(207)
(382) عقد النكاح من أسباب ودواعي النكاح؛ فوجب أن يمنع منه، وعكسه الصيام والاعتكاف؛ فإنه يحرم القبلة، ولا يمنع الطيب والتكلم بالنكاح، والاعتكاف وإن قيل بكراهة الطيب فيه فإنه لا يحرم ذلك، ثم لا كفارة في شيء من مقدمات النكاح إذا فعله في الصيام والاعتكاف، وقد بالغ الشرع في قطع أسبابه؛ حتى إنه يفرق بين الزوجين في قضاء الحجة الفاسدة.(207)
(383) من الأدلة العقلية على تحريم نكاح المحرم: أن المقصود بالنكاح حل الاستمتاع، فمن حقه أن لا يصح إلا في حل يقبل الاستمتاع، وأن لا يتأخر حل الاستمتاع عن العقد؛ لأن السبب إذا لم يفد حكمه ومقصوده وقع باطلاً؛ كالبيع في محل لا يملكه، والإجارة على منافع لا تستوفى، ولهذا لم يصح في المعتدة من نكاح، أو في شبهة، أو زنا، ولا في المستبرأة في ظاهر المذهب، وإنما صح نكاح الحائض والنفساء والصائمة؛ لأن بعض أنواع الاستمتاع هناك ممكن، أو وقت الاستمتاع قريب؛ فإن الصائم يستمتع بالليل، والحائض يستمتع منها بما دون الفرج، والإحرام يمنع الاستمتاع بكل حال منعًا مؤكدًا، تطول مدته على وجه يفضي الاستمتاع إلى مشاق شديدة؛ من المضي في الفاسد، ووجوب القضاء والهدي، والتعرض لسخط الله وعقابه، والإحرام لا ينال إلا بكلف ومشاق، وليس في العبادات أشد لزومًا وأبلغ نفوذًا منه، فإيقاع النكاح فيه إيقاع له.
(384) لا كفارة في النكاح؛ لأنه يقع باطلاً، فلم يوجب الكفارة، كشراء الصيد واتهابه؛ لأنه لا أثر لوقوعه؛ فإن مقصوده لم يحصل، بخلاف الوطء واللباس ونحو ذلك، وكل ما وقع على مخالفة الشرع وأمكن إبطاله؛ اكتفي بإبطاله عن كفارة أو فدية، بخلاف الأمور التي لا يمكن إبطالها، ولأنه من باب الأقوال والأحكام، وهذا الباب لا يوجب كفارة في الإحرام تختص به، كما لو تكلم بكلام محرم.(210)
(385) المحرم ممنوع أن يتكلم بالنكاح، وذلك منه رفث، وعقده له تكلم به، وتزويجه لغيره يفضي إلى تذكره واشتهائه، والمحرم ممنوع من جميع مقدماته؛ ولأنه إعانة على استحلال ما هو محرم عليه، فلم يجز؛ كإعانة الحلال على الوطء أو اللباس أو التطيب؛ فإنه إعانة على الاستمتاع بما هو مباح له، لا على استحلال ما هو محرم عليه؛ وهذا لأن فرج الزوجة لا يباح بالعقد، كما أن الصيد المباح لا يباح إلا بتملك، ولحمه لا يباح إلا بالتذكية، بخلاف اللباس والطيب والوطء للحلال؛ فإنه حلال في نفسه، وهذا شبه وتمثيل حسن، وهذا في التزويج بالولاية الخاصة، وهي السبب.(211)
(386) المحرم لا يجوز له أن يباشر لشهوة؛ سواء في ذلك القبلة، والغمز، والوطء دون الفرج، وغير ذلك، وسواء باشر امرأة أو صبيًا أو بهيمة.. ولا يحل له الاستمتاع ولا النظر لشهوة، ومن باشر لشهوة ولم ينزل لم يفسد حجه، وقد ذكر غير واحد أن ذلك إجماع، لكن عليه كفارة.(218)
(387) المباشرة دون الفرج دون الجماع في أكثر الأحكام، فلم يجز أن يلحق به في الإحرام بمجرد القياس؛ لجواز أن يكون الإفساد معلقًا بما في الجماع من الخصائص.(221)
(388) لا فرق بين الوطء قبل الوقوف بعرفة أو بعده إذا وقع قبل التحلل الأول في أنه يفسد الحج، وعليه القضاء، وهدي بدنة.(232)
(389) أصحاب رسول الله أوجبوا على من جامع قبل التحلل الأول القضاء والبدنة جميعًا، والهدي الذي فسروه هنا يبين الهدي المطلق الذي جاء في كلامهم، وفي المرفوع المرسل: أن المراد به البدنة؛ وهذا لأن الجماع فيه معنيان: أنه محظور في الإحرام، وهو أكبر المحظورات، وأنه يفسد [الإحرام]، فمن حيث هو محظور يوجب الفدية، وهو أكبر مما يوجب شاة، فأوجب بدنة، ومن حيث فسد الإحرام وجب قضاؤه، فحجة القضاء هي الحجة التي التزمها أولاً، وهذا كالوطء في رمضان: يوجب الكفارة العظمى، ويوجب القضاء. 
وإنما لم يُفرق بين ما قبل الوقوف وما بعده؛ لأن أصحاب رسول الله سئلوا عن المحرم إذا جامع امرأته فأفتوا بما ذكرناه من غير استفصال ولا تفصيل، وذلك يوجب عموم الحكم، وفي أكثر مسائلهم لم يبين السائل أن الجماع كان قبل الوقوف؛ ولأن ما بعد الوقوف وقبل الرمي إحرام تام، ففسد الحج بالوطء فيه كما قبل الوقوف؛ وهذا لأن الوقوف يوجب إدراك الحج ويؤمن من فواته، وإدراك العبادة في وقتها لا يمنع ورود الفساد عليها، كما لو أدرك ركعة من الصلاة قبل خروج وقتها، أو أدرك ركعة من الجمعة أو الجماعة مع الإمام؛ فإنه قد أدرك، ومع هذا فلو ورد عليها الفساد لفسدت، قال:...ولأن كل ما أفسد العبادة إذا ورد قبل الخروج منها أفسدها، وإن كان قد مضى معظمها، كما لو أكل قبيل غروب الشمس، أو أحدث قبل السلام، أو قبل القعدة الأخيرة.(233)
(390) إذا وطئ بعد التحلل الأول لم يبطل حجه؛ لأنه قد حل من جميع المحظورات إلا النساء، أو جاز له التحلل منها، وقد قضى تفثه كما أمره الله، وما خرج منه وقضاه لا يمكن إبطاله؛ نعم يبطل ما بقي منه.(234)
(391) إذا طاف قبل الرمي والحلق والذبح ثم وطئ لم يفسد نسكه؛ لأنه لم يبق عليه ركن، وقد تحلل، وقد طاف في إحرام صحيح، وعليه دم فقط، ويحتمل أنه لا دم عليه، ويتوجه أن يلزمه الإحرام من التنعيم ليرمي في إحرام صحيح.(236)
(392) لو أخر الرمي وسائر أفعال التحلل عن أيام منى؛ لم يتحلل، فلو وطئ فسد حجه أيضًا، نص عليه؛ وهذا لأن فوات وقت الرمي لا يوجب حصول التحلل بمجرد مضي الوقت، كما أن فوات وقت الوقوف لا يوجب حصول التحلل من الحج بمضيه؛ بل يتحلل بغير الرمي من الحلق والطواف، كما يتحلل من فاته الحج بالطواف والسعي.(236)
(393) الحلق نسك واجب، ولا ريب أنه تحلل من الإحرام، وليس هو مما يفعل في الإحرام؛ بل هو برزخ بين كمال الحرم وكمال الحل، فإذا وطئ -أي: قبل الحلق- فإنما أساء لكونه تحلل بغير الحلق، ومثل هذا لا يفسد الإحرام؛ فعلى هذا لا يحلق بعد الوطء ولا يقصّر.(248)
(394) لا يفسد النسك بغير الجماع؛ وذلك لأن الله سبحانه ذكر حلق الرأس قبل الإحلال للمعذور، وأوجب به الفدية، ولم يوجب القضاء كما أوجبه فيمن أفطر في رمضان لمرض أو سفر، وحرم قتل الصيد حال الإحرام، وذكر فيه العقوبة والجزاء، ولم يفسد به الإحرام، ولم يوجب قضاء ذلك الإحرام، وقد أمر النبي من أحرم في جبته أن ينزعها، ولم يأمره بكفارة ولا قضاء.(248)
(395) الفرق بين المباشرة وبين غيرها من المحظورات من وجوه: أحدها: أن سائر محظورات الإ


تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله    تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  Emptyالأحد 13 أكتوبر 2013, 12:38 am

(395) الفرق بين المباشرة وبين غيرها من المحظورات من وجوه: أحدها: أن سائر محظورات الإحرام تباح لعذر؛ فإنه إذا احتاج إلى اللباس والطيب والحلق وقتل الصيد فعله وافتدى، والمباشرة لا تباح.(248)
(396) يفسد الإحرام بالجماع؛ سواء فعله عامدًا أو ساهيًا، وسواء كان عالمًا بأنه محرم، أو أن الوطء حرام عليه، أو بأنه مفسد، أو جاهلاً ببعض ذلك، هذا نصه ومذهبه، ويتخرج أنه لا يفسد الإحرام بوطء الجاهل والناسي ولا شيء عليه، كرواية عنه في قتل الصيد، لا سيما وقد سوى هو بين الجماع وقتل الصيد. وقد خرج أصحابنا تخريجًا: أن الحلق والتقليم مثل قتل الصيد، فيلحق الجماع بذلك، وقد يقال: الجماع أولى بذلك من قتل الصيد؛ لأنه أقرب إلى الاستمتاع الذي هو اللباس والطيب من قتل الصيد؛ فإنه إتلاف محض، وعلى رواية ذكرها بعض أصحابنا أن جماع الناسي لا يبطل الصوم.(249)
(397) محظورات الإحرام عند أصحابنا أغلظ من محظورات الصيام لوجهين: 
 أحدهما: أن الإحرام في نفسه أوكد من الصيام من وجوه متعددة: مثل كونه لا يقع إلا لازمًا، ولا يخرج منه بالفساد، وكونه يحرم فيه جميع المباشرات، وكونه لا يخرج منه بالأعذار.
الثاني: أن الإحرام عليه علامة تدل عليه؛ من التجرد، والتلبية، وأعمال النسك، ورؤية المشاعر، ومخالطة الحجيج، فلا يعذر فيه بالنسيان؛ بخلاف الصيام فإنه ترك محض، ووجه هذا عموم قوله سبحانه: ((لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)) [البقرة: 286]، قال الله سبحانه: قد فعلت. وإيجاب القضاء والهدي مؤاخذة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).
وأيضًا: فإن الجماع منهي عنه، والمقصود تركه، وما نهي عنه إذا فعل سهوًا أو نسيانًا لم يكن فاعله عاصيًا ولا مخالفًا؛ بل يكون وجود فعله كعدمه، ومن سلك هذه الطريقة طردها في جميع المنهيات.
وأيضًا: فإن الجماع استمتاع، ففرق بين عمده وسهوه؛ كاللباس والطيب، وعكسه الحلق وقتل الصيد.(251)
(398) يجب أن يقضي من جامع مثل الذي أفسده؛ إن كان حجًا قضى حجًا، وإن كان عمرة قضى عمرة، وإن كان عمرة وحجة قضاهما، وعليه أن يحرم من أبعد الموضعين، وهما: المكان الذي أحرم منه أولاً، وميقات بلده؛ فلو كان أحرم بالعمرة أو الحجة الفاسدة من دون الميقات؛ فعليه أن يحرم في القضاء من الميقات؛ لأنه لا يجوز لأحد يريد الحج والعمرة أن يجاوز الميقات إلا محرمًا، ولأن تركه لواجب أو فعله لمحظور في الأداء لا يسوغ له تعدي حدود الله في القضاء، وإن كان قد أحرم بهما من فوق الميقات -مثل أن يكون قد أحرم في مصر- فعليه أن يحرم بالقضاء من ذلك الموضع، هذا نصه ومذهبه، قال في رواية أبي طالب في الرجل إذا واقع امرأته في العمرة: «عليهما قضاؤها من حيث أهلا بالعمرة؛ لا يجزئهما إلا من حيث أهلا: ((وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ)) [البقرة: 194]. (251)
(399) ليس عليه إلا قضاء واحد، فإن كانت الحجة المقضية حجة الإسلام سقط الفرض عنه إذا قضاها، وكذلك إذا كانت نذرًا، وكذلك لو كانت قضاء فأفسدها لم يجب عليه إلا قضاء واحد، حتى لو أفسد القضاء ألف مرة لم يجب عليه إلا قضاء الواجب الأول، كسائر العبادات إذا قضاها؛ لأن كل قضاء يفسده إذا قضاه فإن قضاءه يقوم مقامه، فإذا أفسد هذا القضاء فإن قضاءه يقوم مقامه.. وهلم جرًا، فمتى قضى قضاءً لم يفسده فقد أدى الواجب.(258)
(400) ينحر هدي الفساد في عام القضاء، نص عليه.(258)
(401) إن كان قد وجب عليه في الحجة الفاسدة دم بفعل محظور؛ من لباس، أو طيب، أو غير ذلك؛ لم يسقط عنه القضاء قولاً واحدًا.(260)
(402) وإن كان قد وجب عليه بترك واجب؛ مثل إن أحرم دون الميقات ثم أفسد الإحرام، أو أفاض من عرفات قبل الليل، أو ترك رمي الجمار ونحو ذلك؛ فلا يسقط عنه، وهذا اختيار أصحابنا؛ لأن من أصلنا: أن الدم الواجب بترك الإحرام من الميقات لا يسقط بالقضاء، كما لو أحرم دون الميقات ثم عاد إلى الوقت محرمًا. وأيضًا: فإن الحجة الفاسدة حكمها حكم الصحيح في كل شيء، وعليه أن يجبرها إذا ترك واجبًا، أو فعل محظورًا، فلو قلنا: إن ما يفعله في قضائها يقوم مقام ما يفعله فيها؛ لكنا لم نوجب عليه إتمام الحجة الفاسدة، ولأنه لو كان القضاء يقوم مقام ما يتركه في الحجة الفاسدة؛ لم يجب عليه المضي فيها؛ بل قد أوجب الشرع عليه إتمام الأولى وقضاءها.(260)
(403) الدم الواجب بالوطء ونحوه أربعة أقسام: أحدها: بدنة مع الإفساد، والثاني: شاة مع الإفساد، والثالث: بدنة بلا إفساد، والرابع: شاة بلا إفساد.(262)
(404) الأصل في هذه الفدية -أي: فدية الأذى واللبس والطيب- قوله سبحانه: ((فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)) [البقرة:196]، فأباح الله سبحانه الحلق للمريض، ولمن في رأسه قمل يؤذيه، وأوجب عليه الفدية المذكورة، وفسر مقدارها رسول الله في حديث كعب بن عجرة، وهو الأصل في هذا الباب.(274)
(405) أجمع المسلمون على مثل هذا -أي: ما سبق في الفدية- وأما من حلق شعر بدنه، أو قلم أظفاره، أو لبس أو تطيب؛ فملحق بهذا المحظور في مقدار الفدية؛ لأن الله حرم ذلك كله في الإحرام.(274)
(406) فرق بين حلق الرأس والتنوّر؛ ولعل ذلك لأن حلق الرأس نسك عند التحلل، فإذا فعله قبل وقته فقد فعل محظورًا وفوت نسكًا في وقته، ومن ترك شيئًا من نسكه فعليه دم، بخلاف شعر البدن؛ فإنه ليس في حلقه ترك نسك؛ لأن الله سبحانه إنما ذكر التخيير في المريض ومن به أذى، وذلك يقتضي أن غير المعذور بخلاف ذلك.(276)
(407) هناك عدة فروق بين المعذور وغيره في فعل المحظور: 
الأول: أن (مَنْ) حرف شرط، والحكم المعلق بشرطٍ عُدم عند عدمه، حتى عند أكثر نفاة المفهوم، والحكم المذكور هنا: وجوب فدية على التخيير إذا حلق، فلو كانت هذه الفدية مشروعة في حال العذر وعدمه للزم إبطال فائدة الشرط والتخصيص.
الثاني: المريض ومن به أذى معذور في استباحة المحظور، والمعذور يناسب حاله التخفيف عنه والترخيص له، فجاز أن تكون التوسعة له في التخيير لأجل العذر؛ لأن الحكم إذا علق بوصف مناسب كان ذلك الوصف علة له، وإذا كان علة التوسعة هو العذر؛ لم يجز ثبوت الحكم بدون علته.
الثالث: أن الله سماها فدية، والفدية إنما تكون في الجائزات كفدية الصيام؛ وهذا لأن الصائم والمحرم ممنوعان مما حرم عليهما، ومعلوم أنه إذا لم يحتج إلى الحلق لم يأذن الله له أن يفتدي نفسه ولا يفك رقبته من الإحرام، فلا يكون الواجب عليه فدية، والله سبحانه إنما ذكر التخيير تقسيمًا للفدية، وتوسيعًا في الافتداء، فلا يثبت هذا الحكم في غير الفدية، وبهذا يظهر الفرق بين هذه الفدية وبين جزاء الصيد وكفارة اليمين؛ لأن الله ذكر التخيير في جزاء الصيد مع النص على أنه قتله متعمدًا، فكان التخيير في حق المخطئ أولى، وذكر الترتيب والتخيير في كفارة اليمين مطلقًا.
وأيضًا: فإنها كفارة وجبت لفعل محظور، فتعين فيها الدم ككفارة الوطء وتوابعه، ومعلوم أن إلحاق المحظور بالمحظور أولى من إلحاقه بجزاء الصيد؛ ولأنها كفارة وجبت لجناية على الإحرام لا على وجه المعاوضة، فوجب الدم عينًا كترك الواجبات، وعكسه جزاء الصيد؛ فإنه بدل لمتلف، فهو مقدر بقدر مبدله، وأبدال المتلفات لا يفرق فيها بين متلف ومتلف... وهذا بخلاف المعذور، فإن الحلق صار في حقه مباحًا جائزًا، ولم يصر في الحقيقة من محظورات الإحرام إلا بمعنى أن جنسه محظور؛ كالأكل في رمضان للمسافر والمريض، ولهذا نوجب على من جامع ناسيًا الكفارة، ولا نوجبها على من أبيح له الفطر.(276)
(408) إذا أراد الحلق أو اللبس أو الطيب لعذر؛ جاز له إخراج الفدية بعد وجود السبب المبيح وقبل فعل المحظور، كما يجوز تحليل اليمين بعد عقدها وقبل الحنث؛ سواء كانت صيامًا، أو صدقة، أو نسكًا.(278)
(409) يجوز إخراج الفدية حيث وجبت من حل أو حرم، وكذا حيث جازت؛ لأن الله سبحانه سمى الدم الواجب هنا نسكًا، والنسك لا يختص بموضع، فإن الضحايا لما سميت نسائك جاز أن تذبح في كل موضع؛ سواء كانت واجبة أو مستحبة، كما قال: ((إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي)) [الأنعام:162]، وقال النبي لأبي بردة: (هي خير نسيكتك)، بخلاف دم المتعة وجزاء الصيد؛ فإنه سماه هديًا، والهدي: ما أهدي إلى الكعبة.(278)
(410) ما وجب ضمانه من الصيد إما بالحرم أو بالإحرام، فإنه يضمن بمثله من بهيمة الأنعام، وهي: الإبل، والبقر، والغنم، وهو ما شابهه في الخلقة والصفة تقريبًا؛ لأن الله سبحانه قال: ((فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ)) [المائدة:95]، وقد قرئ بالتنوين، فيكون المثل هو الجزاء بعينه، وهو بدل منه في الإعراب، وقرئ: (فجزاءُ مثلِ ما قَتل)، بالإضافة، والمعنى: فعطاء مُثلِ المقتول، فالجزاء على هذا مصدر، أو اسم مصدر أضيف إلى مفعوله وضمن معنى الإعطاء والإخراج والإيتاء، ومثل هذا: القراءتان في قوله تعالى: ((فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ)) [البقرة: 184]، وإن كان بعض القراء فرق بينهما، حيث جعل الفدية نفس الطعام، وجعل الجزاء إعطاء المثل، والمراد بالمثل: ما ماثل الصيد من جهة الخلقة والصورة؛ سواء كانت قيمته أزيد من قيمة المقتول أو أنقص؛ بدلالة الكتاب والسنة، وإجماع الصحابة.(280)
(411) إجماع الصحابة على أن في الصيد المثل؛ فإنه روي عن عمر، وعثمان، وعلي، وزيد بن ثابت، وابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير: (أنهم قضوا في النعامة ببدنة، وفي حمار الوحش وبقرة الأيل والتبتل والوعل ببقرة، وفي الضبع بكبش، وفي الغزال بعنز، وفي اليربوع بجفرة)، وإنما حكموا بذلك لمماثلته في الخلقة، لا على جهة القيمة.(283)
(412) ما لم يحكم فيه الصحابة، أو لم يبلغنا حكمهم؛ فلا بد من استئناف حكم حاكمين، ويجب أن يكونا عدلين، والمعتبر العدالة الظاهرة، ولا بد أن يكونا من أهل الخبرة والاجتهاد في معرفة المماثلة في الخلقة والصفات بين الحيوانات.(286)
(413) يجوز أن يكون أحد الحكمين هو القاتل للصيد، نص عليه؛ ولأن قوله تعالى: ((يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ)) [المائدة:95] يعم القاتل وغيره، بخلاف قوله: ((وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ)) [الطلاق:2]، فإن المشهَد غير المشهِد؛ لأن الفاعل غير المفعول، وهنا لم يقل: حكموا فيه ذوي عدل، وإنما قال: (يحكم به)، والرجل قد يكون حاكمًا على نفسه إذا كان الحق لله؛ لأنه مؤتمن على حقوق الله، كما يرجع إليه في تقويم قيمة المثل إذا أراد أن يخرج الطعام، وفي تقويم عروض التجارة.(287)
(414) يضمن الصيد بمثله؛ سواء كان المثل مما يجزئ في الهدايا والضحايا المطلقة أو لا، والأصل في ذلك: أن الله أوجب مثل المقتول من النعم، ومثل الصغير صغير، كما أن مثل الكبير كبير.(302)
(415) إن فدى الأعور بالأعرج ونحو ذلك مما يختلف فيه جنس العيب؛ لم يجز، وإن فدى أعور العين اليمنى بأعور العين العسرى، أو العكس جاز؛ لأن جنس العيب واحد، وإنما اختلف محله، وكذلك إن فدى أعرج اليد بأعرج الرجل.(304)
(416) إذا أتلف بعض الصيد؛ مثل إن جرحه أو كسر عظمه، ولم يخرجه عن امتناعه؛ ضمن ما نقص منه إن لم يكن له مثل، ويضمن بيض الصيد؛ مثل بيض النعام والحمام وغير ذلك بقيمته.(305)
(417) لا يجوز أخذ لبن الصيد؛ فإن أخذه ضمنه بقيمته، ويحتمل أنه يضمن بمثله لبنًا من نظير الصيد؛ فيضمن لبن الظبية بلبن شاة، والأول أصح.(314)
(418) حرف (أو) إذا جاءت في سياق الأمر والطلب؛ فإنها تفيد التخيير بين المعطوف والمعطوف عليه، أو إباحة كل منهما على الاجتماع والانفراد، هذا هو الذي ذكره أهل المعرفة بلغة العرب في كتبهم، قالوا: وإذا كانت في الخبر فقد تكون للإبهام، وقد تكون للتقسيم، وقد تكون للشك، وعلى ما ذكره نخرج معانيها في كلام الله؛ فإن قوله: ((فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)) [البقرة: 196]، وقوله: ((فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ)) [المائدة: 89]، وقوله: ((فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ)) [المائدة:95]، وإن كان مخرجه مخرج الخبر؛ فإن معناه معنى الأمر، فيكون الله قد أمر بواحدة من هذه الخصال؛ فيفيد التخيير.(319)
(419) إذا كفر بالطعام فلا يخلو: إما أن [يكون الصيد] مما له مثل، أو مما لا مثل له؛ فإن كان له مثل فلا بد من معرفة المثل، ثم يقوم المثل، فيشترى بقيمته طعام.(321).
(420) وأما الصيام فإنه يصوم عن طعام كل مسكين يومًا؛ لأن الله قال: ((أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً)) [المائدة:95]، وعدل الصدقة من الصيام في كتاب الله أن يصام عن طعام كل مسكين يوم، كما أن عدل الصيام من الصدقة أن يطعم عن كل يوم مسكين؛ قال الله تعالى: ((فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ)) [المجادلة:3]، ثم قال: ((فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً)) [المجادلة:4]، وقال: ((وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ)) [البقرة: 184]؛ وذلك لأن طعام يوم كصوم يوم.(323)
(421) إذا قوم الصيد أو بدله؛ فإنه يشتري بالقيمة طعامًا، وإن أحب أخرج من طعام يملكه بقدر القيمة، ويكون الطعام مما يجزئ إخراجه في الكفارات.(324)
(422) إذا لم يبق من الكفارة إلا بعض طعام مسكين؛ فإن عليه أن يصوم يومًا تامًا، نص عليه؛ لأن الصوم لا يتبعض.(325)
(423) ليس له أن يخرج بعض الفدية طعامًا وبعضها صيامًا.(325)
(424) لا يجب عليه الهدي حتى يكون واجدًا له؛ إما بأن يكون مالكه، أو يجد ثمنه، فإن كان عادمًا بمكة واجدًا ببلده، بحيث يمكنه أن يقترض؛ لم يجب ذلك عليه، نص عليه؛ ولأنها عبادة مؤقتة ذات بدل، فإذا عدم المبدل حين الوجوب؛ جاز له الانتقال إلى بدله كالطهارة.(328)
(425) وأما وقت ذبح الهدي فإنه يوم النحر، فلا يجوز الذبح قبله؛ لكن يجوز أن يذبح فيه بعد طلوع الفجر، قاله القاضي وغيره.(331)
(426) ذكر بعض أصحابنا رواية: أنه إذا قدم قبل العشر جاز أن يذبحه قبله، وإن قدم فيه لم يذبحه إلى يوم النحر. وهذه الحكاية غلط؛ فإنه من لم يسق الهدي لم يختلف أنه لا يذبح إلى يوم النحر، ومن ساقه فقد اختلف عنه فيه، لكن الخلاف هو في جواز نحر الهدي المسوق، وفي تحلل المحرم، أما الهدي الواجب بالمتعة فلا؛ بل عليه أن ينحره يوم النحر؛ لأن الله يقول: ((وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)) [البقرة:196]، وما بعد الغاية يخالف ما قبلها، فاقتضى ذلك أن بعد بلوغ الهدي محله يجوز الحلق، والحلق إنما يجوز يوم النحر، فعلم أن الهدي إنما يبلغ محله يوم النحر، والآية عامة في هدي المحصر وغيره؛ لعموم لفظها.(331)
(427) بين النبي أنه لا يحل حتى يحل نحر الهدي، وبين أنه لا يحل حتى يقضي حجه؛ فعلم أنه لا يحل نحر الهدي الذي ساقه ويبلغ محله حتى يقضي حجه، فهديه الذي لم يسقه بطريق الأولى؛ ولأن النبي نهى جميع من معه هدي من متمتع ومفرد وقارن أن يحلوا إلى يوم النحر، وبين أنه إنما منعهم من الإحلال الهدي الذي [معهم]، وكذلك أخبر عن نفسه أنه لا يحل حتى ينحر، وحتى يبلغ الهدي محله، ولو كان الذبح جائزًا قبل يوم النحر لنحروا وحلوا، ولم يكن الهدي مانعًا من الإحلال قبل يوم النحر إذا كان ذبحه جائزًا. وهذا بين في سنة النبي المستفيضة عنه؛ ولأن عامة أصحاب رسول الله في حجة الوداع كانوا متمتعين، حلوا من إحرامهم لما طافوا بالبيت وبين الصفا والمروة، ولم ينحروا إلا يوم النحر، وذبح النبي عن أزواجه يوم النحر وكن متمتعات، وقد قال: (لتأخذوا عني مناسككم)، فلو كان الذبح قبل النحر جائزًا لفعله بعض المسلمين، أو أمر به رسول الله؛ لاسيما والمبادرة إلى إبراء الذمة أولى من التأخير.(333)
(428) في قلبي من الصيام أيام التشريق لعادم دم الهدي شيء.(336)
(429) من عدم دم الهدي فأحرم يوم التروية؛ فإنه يحتاج أن يصوم يومًا من الثلاثة قبل الإحرام بالحج؛ بل يومين؛ لأن يوم التروية إنما أحرموا نهارًا، وقد أنشئوا الصوم قبل الإحرام، ولو لم يجز الصوم قبل الإحرام بالحج لوجب تقديم الإحرام بالحج قبل أن يطلع فجر اليوم السابع، والصحابة لم يفعلوه، والنبي لم يأمرهم به؛ بل أمرهم بخلافه.(339)
(430) إذا أحرم بالعمرة إلى الحج فهو حاج، فإذا صام الأيام الثلاثة حينئذ فقد صامها في حجه؛ لأن العمرة هي الحج الأصغر، وعمرة التمتع جزء من الحج بعض له؛ لأن النبي قال: (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، وشبك بين أصابعه)، والمتمتع حاج من حين يحرم بالعمرة، إلا أن إحرامه يتخلله حل، بخلاف من أفرد العمرة.(341)
(431) أما صيام السبعة فيجوز تأخيره إلى أن يرجع إلى أهله، فإذا رجع إليهم [صامها]، فإن صامها في طريقه، أو في مكة بعد أيام منى وبعد التحلل الثاني جاز، وإن صامها قبل التحلل الثاني وبعد التحلل الأول لم يجز؛ سواء رجع إلى وطنه أو لم يرجع. ذكره القاضي، وفيها طريقة أخرى أحسن من هذه، وهي طريقة أكثر السلف: أن معنى الآية: إذا رجعتم إلى أهلكم، وهي طريقة أحمد؛ لأنه قال: إذا فرط في الصوم وهو متمتع صام بعدما يرجع إلى أهله وعليه دم.(342)
(432) يجوز تأخير الصيام إلى الرجوع إلى أهله؛ لأنه لما انعقد سبب الوجوب وتم؛ كان التأخير إلى حال الإقامة رخصة، وكذلك صوم السبعة إنما سببه المتعة، وهي قد تمت بمكة؛ لكن لما كان الحاج مسافرًا والصوم يشق؛ جوز له الشرع التأخير إلى أن يقدم. وأيضًا: فإن الحجيج إذا صدروا من منى فقد شرعوا في الرجوع إلى أهلهم، فإن عرفات ومنى هي منتهى سفرهم، فالمصدر عنها قفول من سفرهم ورجوع إلى أوطانهم، ومقامهم بعد ذلك بمكة أو المدينة أو غيرهما، كما يعرض لسائر المسافرين من المقام، والأفعال الممتدة مثل الحج والرجوع ونحوه يقع الاسم على المتلبس به إذا شرع فيه، وإن كان لا يتناول الاسم على التمام إلا إذا قضاه، ويبين هذا أن الصوم لا يختص بمكان ولا بحال دون حال، فلو قيل: لا يجوز له الصوم بالطريق أو بمكة؛ لكان منعًا للصوم في بعض الأمكنة، وذلك غير معهود من الشرع، ولا معنى تحته، ودليل وجوبه: أنه وجب بدلاً عن الهدي، والبدل لا يتأخر وجوبه عن وجوب المبدل منه؛ لأنه قائم مقامه، والأفضل أن يؤخر صومها إلى أن يقدم؛ لأنه أخذ بالرخصة، وخروج من الخلاف، كما قلنا في صوم رمضان وأولى، إلا أن بينهما فرقًا؛ فإن صوم رمضان يصومه مقيمًا في غير وطنه.(345)
(433) يجوز أن يصوم كل واحد من الثلاثة والسبعة متفرقًا، كما يجوز أن يصومه متتابعًا، نص عليه؛ لأن الله سبحانه أطلقه ولم يقيده بالتتابع، فيبقى على ما أطلقه الله سبحانه.(346)
(434) يجوز أن يصوم من حين الإحرام بالعمرة، وإنما يكون هذا إذا لم يجد هديًا حينئذ، ويغلب على ظنه أنه لا يجده إلى يوم النحر، فأما إن غلب عليه أنه يجده يوم النحر [فلا يجوز له الصيام]( ).(346)
(435) إذا شرع في صوم الثلاثة لم يلزمه الانتقال إلى الهدي؛ بل يمضي في صومه، وإن انتقل إليه فهو أفضل.(347)
(436) قال ابن عباس رضي الله عنهما لمن نسي ذبح الهدي حتى يوم النحر: (اهد هديين، هديًا[للمتعة] وهديًا لما أخرت)، ولا يعرف له مخالف في الصحابة؛ ولأن الذبح في وقته نسك واجب، فمتى فوت الوقت فقد ترك من نسكه، ومن ترك شيئًا من نسكه فعليه دم.(351)
(437) إذا وجب عليه الهدي ولم يهد [لم يجزه إلا الهدي]؛ سواء كان موسرًا أو معسرًا بعد ذلك؛ لأن الهدي قد استقر في ذمته.(353)
(438) إن اعتمر في رمضان أو ما قبله من الشهور لم يكن متمتعًا، ولا هدي عليه، وهو أفضل من الاعتمار في أشهر الحج، وكذلك إن اعتمر بعد الحج لم يجب عليه هدي، نص عليه.(360)
(439) معنى العمرة في أشهر الحج: أن يحرم في أشهر الحج، فلو أحرم قبل هلال شوال بساعة لم يكن متمتعًا، وكانت عمرته للشهر الذي أهل فيه، لا للشهر الذي أحل فيه، أو طاف فيه، نص عليه.(360)
(440) ينحر المحصر الهدي في موضع حصره حيث كان من حل أو حرم.(370)
(441) المحصر في العمرة كالمحصر في الحج، نص عليه؛ إلا أنه لا يتأخر التحلل هنا قولاً واحدًا، والأصل فيه الآية، وقصة رسول الله وأصحابه عام الحديبية مع المشركين؛ فإنها سبب نزول الآية بإجماع أهل التفسير، وهي السنة الماضية في المحصر.(377)
(442) إذا كرر محظورًا من جنس واحد غير قتل الصيد؛ مثل أن يلبس ويخلع ثم يلبس، أو يتطيب ثم يتطيب في وقت آخر، أو يجامع ثم يجامع، أو يحلق ثم يحلق ثم يحلق، أو يقلم ثم يقلم؛ فعليه كفارة واحدة ما لم يكن كفر عن الأول. وهذا أصح؛ لأنها أفعال من جنس واحد، لا تتفاوت كفاراتها بكثرتها فتداخلت، كما لو فعلها متصلة؛ وذلك لأن الاتصال والانفصال لا يغير موجب الشيء ومقتضاه؛ بدليل قتل الصيد، وقتل النفوس، ونحو ذلك، لما كانت متباينة استوى فيها الاتصال والانفصال، فلما كانت هذه الأفعال متداخلة عند الاتصال وجب أن تكون متداخلة عند الانفصال. وأيضًا: فإن الكفارات كالحدود، تشرع زاجرة وماحية؛ فإن الحدود كفارات لأهلها، والكفارات حدود عن المحظورات، فوجب أن تتداخل كالحدود.(381)
(443) قوله تعالى: ((وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ)) [المائدة:95]، يوجب توعد قاتل الصيد بالانتقام منه، وذلك لا يمنع وجوب الجزاء عليه.(389)
(444) إذا فعل محظورات من أجناس؛ مثل أن يلبس ويتطيب ويحلق؛ فعنه عليه بكل جنس كفارة؛ سواء فعلها في مرات لسبب أو أسباب.(390)
(445) المحظور الذي يمكن تداركه وإزالته عند الذكر؛ مثل اللباس والطيب إذا فعله ناسيًا لإحرامه، أو جاهلاً بأنه حرام؛ فإذا ذكر أو علم فعليه أن يزيله في الحال، ولا كفارة عليه.(396)
(446) تحية المسجد الحرام الطواف؛ فإن رسول الله لما دخل المسجد الحرام هو وأصحابه لم يبدءوا بشيء قبل الطواف بالبيت، وهذه هي السنة الماضية.(417)
(447) السنة أن يكون على الصفا؛ بحيث يتمكن من رؤية البيت لو كان البناء على ما كان، ويستحب أن يرفع يديه، ويسن أن يستقبل البيت في حال وقوفه على الصفا وعلى المروة، وكذلك في حال وقوفه بعرفة وبمزدلفة وبمنى، وبين الجمرتين؛ لأن في حديث جابر عن النبي: (فاستقبل القبلة)، وعن عروة قال: (من السنة أن يصعد الصفا والمروة حتى يبدو له البيت فيستقبله)، وعن عطاء أنه كان يقول: (استقبل البيت من الصفا والمروة، ولا بد من استقباله) رواهما أحمد؛ ولأنه حال مكث للذكر والدعاء؛ فاستحب فيها استقبال القبلة كسائر الأحوال وأوكد؛ ولأن الوقوف بالمشاعر نوع من الصلاة؛ ولأن المناسك هي حج البيت، فكان استقبال البيت وقت فعلها تحقيقًا لمعنى حج البيت وقصده؛ ولأن جميع العبادات البدنية من القراءة، والذكر، والدعاء، والصلاة، والاعتكاف، وذبح الهدي والأضحية، يسن استقبال الكعبة فيها، فما تعلق منها بالبيت أولى.(451)
(448) السنة رفع الصوت بالتكبير، نص عليه، وأما الدعاء فلا يرفع به صوته؛ لأن سنة الدعاء السر، كما قال تعالى: ((ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً)) [الأعراف:55]، وكما قال تعالى: ((إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً)) [مريم:3]، ولذلك لم يذكر جابر ولا غيره عن النبي لفظ دعائه حيث لم يسمعوه.(459)
(449) أما جهره بذلك حيث يسمع القريب منه فجائز؛ كما فعل ابن عمر، فإن كان فيه مقصود صالح وإلا إسراره أفضل.(460)
(450) ليس على النساء سعي بين العلمين، ولا صعود على الصفا والمروة، كما أنه ليس عليهن في الطواف رمل ولا اضطباع؛ لأن المرأة مأمورة بالستر ما أمكن، وفي رملها ورقيها تعرض لظهورها، فإن فعلت ذلك [أثمت ولا شيء عليها].(466)
(451) إذا طاف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد جاز أن يحل من إحرامه ما لم يكن معه هدي؛ سواء كان قد أحرم بعمرة، أو بحج، أو بعمرة وحج، وكما سنه رسول الله لأمته في حجة الوداع، لكن إن أحب المفرد والقارن أن يبقيا على إحرامهما فلهما ذلك.(466)
(452) المعتمر عمرة التمتع إذا لم يكن قد ساق الهدي فإنه يحل إحلالاً تامًا؛ سواء كان قد نوى التمتع في أول إحرامه أو في أثنائه، أو طاف للقدوم وسعى، ثم بدا له التمتع؛ لكن يستحب أن يقصر من شعره ويؤخر الحلاق إلى إحلاله من الحج، فيكون قد قصر في عمرته، وحلق في حجته، ولو حلق أولاً لم يمكنه في الحج حلق ولا تقصير، وبذلك أمر النبي أصحابه.(467)
(453) الصواب أن من ساق الهدي لا ينحر هديه، ولا يحل من إحرامه بتقصير ولا غيره إلى يوم النحر؛ سواء قدم من مكة في العشر أو قبله، وهذا مما استفاض عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.(468)
(454) من تأمل أحاديث حجة الوداع وأحوالها؛ كان كالجازم بأن النبي لم يحل بشيء من الأشياء، وحديث معاوية حديث شاذ، وقد طعن الناس فيه قديمًا وحديثًا، كما أخبر قيس؛ فإنهم أنكروا أن يكون النبي قصر، ويشبه -والله أعلم- أن يكون أصله أن معاوية قصر من رأس النبي في عمرة الجعرانة؛ فإنه في عمرة القضية لم يكن أسلم بعد، ولو كان قد قصر من شعر رأسه لم يخفَ ذلك على أصحابه في مثل ذلك المشهد العظيم، وكيف يقصر ولم يأمر غيره ممن ساق الهدي بالتقصير؟! (475)
(455) السنة أن يخرج الناس إلى عرفات يوم التروية -وهو الثامن- من أول النهار؛ حتى يدركوا صلاة الظهر بمنى، فيصلوا بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الفجر، ويقيموا بها حتى تطلع الشمس.(479)
(456) السنة أن يحرم المتمتعون يوم التروية؛ وسواء كانوا قد حلوا من إحرامهم أو لم يحلوا لأجل الهدي، كما أمر النبي أصحابه أن يحرموا.(480)
(457) قال القاضي: من لم يجد الهدي فإنه يحرم ليلة السابع؛ ليصوم السابع والثامن والتاسع، وهي الأيام الثلاثة بعد إحرامه بالحج؛ ولأن صومها قبل الإحرام بالحج فيه خلاف بين العلماء فيحترز عنه. وهذا كله تصرف بالسنة المسنونة بالرأي( )، وليس في شيء مضى من النبي فيه سنة إلا اتباعها، وقد أمر الصحابة كلهم أن يحرموا يوم التروية، وكانوا كلهم متمتعين إلا نفرًا قليلاً ساقوا الهدي، وأمر من لم يجد الهدي منهم أن يصوموا ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، ولم يأمره بالإحرام قبل يوم التروية، ومعلوم علم اليقين أن قومًا فيهم عشرات الألوف في ذلك الوقت الضيق يكون كثير منهم أو أكثرهم غير واجدين للهدي؛ فكيف يجوز أن يقال: كان ينبغي لهؤلاء الإحرام يوم السادس والخامس، ورسول الله يأمرهم بالإحرام يوم الثامن؟! وما ذكروه من الاحتراز من الخلاف فإنما يشرع إذا أورث شبهة؛ فإن الاحتراز من الشبهة مشروع، فإذا وضح الحق وعرفت السنة؛ كان الاحتراز عما أمر الله به ورسوله لا معنى له. وأيضًا: فإن المتمتع إذا أمر بتقديم الإحرام قل ترفهه، وربما لم يمكنه التمتع إذا قدم مكة يوم السادس أو السابع، وفي ذلك إخراج للمتمتع عن وجهه. وأيضًا: فإن الإحرام إنما يشرع عند الشروع في السفر، ولهذا لم يحرم النبي من الميقات إلا عند إرادة المسير، وقد بات فيه ليلة، والحاج إنما يتوجهون يوم التروية، ففي الأمر بالإحرام قبلها أمر بالإحرام وهو مقيم، أو أمر بالتقدم إلى منى، وكلاهما أمر بخلاف الأفضل المسنون؛ فلا يجوز الأمر بذلك.(482)
(458) السنة أن ينزل الناس بنمرة، وهي من الحل، وليست من أرض عرفات، وبها يكون سوقهم، وأما أرض عرفات فليست السنة أن ينزل بها، ولا يباع فيها ولا يشترى، وإنما تُدخل وقت الوقوف، فإذا زالت الشمس فإن الإمام والناس يقصدون مصلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بطن وادي عرنة، حيث خطب بالناس وصلى بهم، فيخطب الإمام بالناس ويصلي بهم الصلاتين يجمع بينهما، ثم يسيرون إلى الموقف بعرفة، فعلى هذا يسيرون إلى بطن الوادي فينزلون فيسمعون الخطبة، ويصلون، ثم يركبون إلى الموقف، وأما الأحمال فعلى حالها، ولم يكن في هذا المصلى على عهد النبي وخلفائه مسجد، وإنما أحدث مسجدها بعد بني هاشم بعشر سنين، وكان الإمام يخطب منها موضع يخطب اليوم، ويصلي بالناس فيه، وقد أعرض جمهور الناس في زماننا عن أكثر هذه السنن، فيوافون عرفة من أول النهار، وربما دخلها كثير منهم ليلاً، وبات بها، وأوقد النيران بها، وهذا بدعة، وخلاف للسنة، ويتركون إتيان نمرة والنزول بها، فإنها عن يمين الذي يأتي عرفة من طريق المأزمين يماني المسجد الذي هناك، كما تقدم تحديدها، ومن قصد عرفات من طريق ضب كانت على طريقه، ولا يجمعون الصلاة ببطن عرنة بالمسجد هناك، ولا يعجلون الوقوف الذي هو الركوب وشد الأحمال؛ بل يخلطون موضع النزول أول النهار بموضع الصلاة والخطبة بموضع الوقوف، ويتخذون الموقف سوقًا، وإنما كانت الأسواق بين الحرم والموقف.. فإذا لم يفعل الإمام فمن أمكنه [فعل ذلك].(494)
(459) السنة أن يخطب بهم الإمام ببطن عرنة موضع المسجد قبل الوقوف، يخطب ثم يصلي، وهذه الخطبة سنة مجمع عليها.(498)
(460) لا يجوز الخروج من عرفة حتى تغرب الشمس، ولا يدفع حتى يدفع الإمام، ويسير وعليه السكينة والوقار.(511)
(461) الجمع بين الصلاتين بمزدلفة من السنة المتواترة التي توارثتها الأمة، وهذا الجمع المسنون لكل حاج من المكيين وغيرهم.(514)
(462) السنة في حق الحاج جميعًا أن يبيتوا بمزدلفة إلى طلوع الفجر، ثم يقفوا بها إلى قبيل طلوع الشمس، والسنة التغليس بالفجر في هذا المكان قبل جميع الأيام؛ ليتسع وقت الوقوف بالمشعر الحرام.(516)
(463) اعلم أن المشعر الحرام في الأصل اسم للمزدلفة كلها، وهو المراد؛ لأن عرفة هي المشعر الحرام، وسمي جمعًا لأن الصلاتين تجمع بها؛ كأن الأصل: موضع جمع، أو ذات جمع، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، ويبين ذلك أن الله أمر بذكره عند المشعر الحرام، فلا بد أن يشرع امتثال هذا الأمر، وإنما شرع من الذكر صلاة المغرب والعشاء والفجر، والوقوف للدعاء غداة النحر، وهذا الذكر كله يجوز في مزدلفة كلها.(518)
(464) كثيرًا ما يجيء في الحديث المشعر الحرام، يُعنى به نفس قزح، وأما في عرف الفقهاء فهو غالب عليه، ونسبة هذا الجبل إلى مزدلفة كنسبة جبل الرحمة إلى عرفة.(520)
(465) السنة أن يقف الناس غداة جمع بالمزدلفة، يذكرون الله سبحانه ويدعونه كما صنعوا بعرفات إلى قبيل طلوع الشمس؛ وهو موقف عظيم ومشهد كريم، وهو تمام للوقوف بعرفة، وبه تجاب المسائل التي توقفت بعرفة؛ كالطواف بين الصفا والمروة مع الطواف بالبيت وأوكد.(520)
(466) لا ينبغي لأحد أن يدع الوقوف غداة جمع ويتعجل بليل إلا لعذر؛ والمعذور يذكر الله عند المشعر الحرام بليل.(523)
(467) رخص رسول الله للضعفة، وهذا الترخيص دليل على أن غيرهم ليسوا [من أهل الرخصة]، لما أذن لضعفة الناس، وأذن للظعن، وأرخص في أولئك؛ يقتضي قصر الإذن عليهم، وأن غيرهم لم يؤذن له، وكذلك تقديمه ضعفة أهله وإبقاؤه سائر الناس معه دليل أن حكمهم بخلاف ذلك، والضعفة من يخاف من تأذيه بزحمة الناس عند الوقوف والمسير ورمي الجمرة، وهم النساء والصبيان والمرضى ونحوهم، ومن يقوم بهؤلاء.(525)
(468) الجبل الذي يستحب الوقوف عنده بالمزدلفة له ثلاثة أسماء: قُزَح، والمشعر الحرام، والميقدة.(525)
(469) أول شيء يصنعه إذا قدم منى أن يؤم جمرة العقبة، وهي آخر الجمرات، أقصاهن من منى وأدناهن إلى مكة، وهي الجمرة الآخرة، وقد تسمى: الجمرة القصوى، باعتبار من يؤمها من منى، وربما سميت: [الجمرة العظمى]، وسميت جمرة العقبة لأنها في عقبة مأزم منى، وخلفها من ناحية الشام وادٍ فيه بايع الأنصار رسول الله بيعة العقبة، وقد بني هناك مسجد، فيبدأ برمي هذه الجمرة قبل كل شيء، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.(528)
(470) ذكر القاضي عن حرب عن أحمد: لا يرمى الجمرة من بطن الوادي، ولا يرمي من فوق الجمرة، قال القاضي: يعني لا يرميها عرضًا من بطن الوادي.(530)
(471) قال ابن عقيل: إنما لم يستبطن الوادي لأنه أمر أن يرمي إليه لا فيه، فإذا رمى فيه سقط وقوفه على ما علاه، وسقط بعض [ناحية] بالرمى. وهذا غلط على المذهب منشأه الغلط في نقل الرواية.(530)
(472) عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أطيب رسول الله لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت)، فإذا ثبت بهذه السنة حل الطيب، وهو من مقدمات النكاح ودواعيه؛ فعقد النكاح أولى؛ ولأن الله سبحانه قال: ((وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا)) [المائدة:2]، ولم يقيده بالحل من جميع المحظورات؛ بل هو مطلق ونكرة في سياق الشرط، فيدخل فيه كل حل؛ سواء كان حلاً من جميع المحظورات، أم من أكثرها، أم من بعضها.(537)
(473) الحاج يرمي الجمرات الثلاث أيام منى الثلاثة بعد الزوال، وهذا من العلم العام الذي تناقلته الأمة خلفًا عن سلف عن نبيها صلى الله عليه وسلم.(557)
(474) يرمي كل جمرة بسبع حصيات، كما تقدم في جمرة العقبة، وهذا من العلم العام، والسنة المتواترة.(558)
(475) يبتدئ بالجمرة الأولى، وهي أقربهن إلى مسجد الخيف، وهي الجمرة الصغرى، والجمرة الدنيا؛ لأنها أدناهن إلى المشاعر، ومنازل أكثر الناس، ثم بالجمرة الثانية، وهي الجمرة الوسطى، ثم بجمرة العقبة، وهي الجمرة الكبرى، وهذا من العلم العام.(559)
(476) بلا شك أن الصواب أن على المتمتع طوافًا واحدًا بين الصفا والمروة؛ لحديث جابر رضي الله عنه، وكذلك عامة الأحاديث فيها أن أصحاب رسول الله إنما طافوا بين الصفا والمروة الطواف الأول.(565)
(477) الوقوف بعرفة لا يتم الحج إلا به؛ لقوله سبحانه: ((فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ)) [البقرة:198]، وكلمة (إذا) لا تستعمل إلا في الأفعال التي لا بد من وجودها؛ كقولهم: إذا احمر البسر فأتني، ولا يقال: إن احمر البسر؛ وذلك لأنها في الأصل ظرف لما يستقبل من الأفعال، وتتضمن الشرط في الغالب، فإذا جوزئ بها كان معناه إيقاع الجزاء في الزمن الذي أضيف إليه الفعل، فلا بد من أن يكون الفعل موجودًا في ذلك الزمان، وإلا خرجت عن أن تكون ظرفًا، ومعلوم أن الإفاضة من عرفات من أفعال العباد، فالإخبار عن وجودها يكون أمرًا محتمًا بإيجادها، نحو أن يترك بعض الناس وكلهم الإفاضة، وصار هذا بمنزلة: إذا صليت الظهر فافعل كذا.(572)
(478) نص أحمد على أن من طاف بغير طهارة ناسيًا فإنه يجزئه، ويجب عليه أن يعيد إذا ذكر وهو بمكة، فإن استمر به النسيان أهرق دمًا وأجزأه.(587)
(479) يشترط لصحة الطواف جملة من الشروط منها: 
الأول: النية؛ وهي أن يقصد الطواف بالبيت.
الثاني: أن يكون طاهرًا من الحدث، فلو كان محدثًا أو جنبًا أو حائضًا لم يجز له فعل الطواف رواية واحدة؛ بل هو حرام عليه.
الثالث: أن يكون طاهرًا من الخبث.
الرابع: السترة، والأصل فيها قوله سبحانه: ((يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)) [الأعراف: 31].
الخامس: أن يطوف سبعة أشواط، فلو نقص طوافًا أو خطوة من طواف لم يجزه. 
السادس: أن يبتدئ بالحجر الأسود، فإن ابتدأ بما قبله من ناحية الركن اليماني لم يضره الزيادة، وإن ابتدأ بما بعده من ناحية الباب لم يحتسب له بذلك الشوط. 
السابع: أن يبتدئ بعد الحجر الأسود بناحية الباب، ثم ناحية الحجر، ثم ناحية الركن اليماني، فيجعل البيت عن يساره، فلو نكس الطواف فابتدأ بناحية الركن اليماني، وجعل البيت عن يمينه لم يجزه. 
الثامن: الموالاة، وهو أن لا يطيل قطعه، فإن أطال قطعه لمكتوبة أقيمت، أو جنازة حضرت، لم يقطع موالاته؛ لأنه فرض يخاف فوته، فأشبه خروج المعتكف لصلاة الجمعة.
التاسع: أن يطوف بالبيت جميعه، فلا يطوف في شيء منه؛ لأن الله قال: ((وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ)) [الحج:29]، فإن اخترق الحجر في طوافه أو الشاذروان( ) لم يصح.
العاشر: أن يطوف في المسجد الحرام، فإن طاف خارج المسجد لم يصح، وإن طاف فيه جاز؛ سواء كان بينه وبين البيت حائل مثل زمزم وقبة السقاية، أو طاف في الأروقة التي في جوانب المسجد، أو طاف قريبًا منه، هذا قول [أكثر الأصحاب]، وعلى هذا القول فالمصحح للطواف الكون في المسجد.(582)
(480) إن مر على الباب لكن استقبل البيت في طوافه، ومشى على جنب [لم يجزه]؛ وذلك لأن الله أمر بالطواف، وقد فسره النبي بفعله، وتلقته الأمة عنه بالعمل المتواتر، وفعله إذا خرج امتثالاً لأمر وتفسيرًا لمجمل كان حكمه حكم ذلك الأمر، وقد قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).(592)
(481) لا فرق في الطواف بين ما كان مسجدًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ما زيد فيه على عهد عمر وبني أمية وبني العباس، وإن طاف حول المسجد أو حول البيت وبينه وبين البيت جدار آخر، احتمل أن لا يجزئه؛ لأنه لا يسمى طائفًا بالبيت؛ بل بالمسجد، أو الجدار الذي هو حائل؛ ولأن البقعة التي هي محال الطواف معتبرة؛ لقوله: (خذوا عني مناسككم)، فلا يجوز أن يجعل غير المطاف مطافًا؛ ولأنه لو سعى في مسامتة المسعى وترك السعي بين الصفا والمروة لم يجزه، كذلك هنا.(598)
(482) لا يجوز له أن يفيض من عرفات قبل غروب الشمس بلا تردد؛ سواء فرض أن الإمام أخطأ السنة فأفاض قبل ذلك أم لا، أم لم يكن للموسم إمام، فإذا غربت الشمس فالسنة أن لا يفيض قبل الإمام، إلا أن يخالف الإمام السنة، فيقف إلى مغيب الشفق.(604)
(483) الوقوف بمزدلفة في الجملة واجب، فإن طلعت الشمس ولم يقف بالمزدلفة فعليه دم، وحجه صحيح.(607)
(484) خرَّج القاضي وابن عقيل فيمن لم يمر بمزدلفة حتى طلعت الشمس، أو أفاض منها أول الليل: لا شيء عليه، تخريجًا من إحدى الروايتين في المبيت بمنى؛ لأن المبيت ليس بمقصود لنفسه، وإنما يقصد للوقوف في غداتها، وذلك ليس بواجب، فما يقصد له أولى، وهذا التخريج فاسد على المذهب، باطل في الشريعة؛ فإن بين الوقوف بمزدلفة والمبيت بمنى من المباينة في الكتاب والسنة ما لا يجوز معه إلحاق أحدهما بالآخر، إلا كإلحاق الوقوف بين الجمرتين بالوقوف بعرفة، وقولهم: ليس بمقصود، قد منعه من يقول: إن الوقت يمتد إلى طلوع الفجر. والتحقيق أن المقصود هو الوقوف بالمشعر الحرام، ووقته من أواخر الليل إلى طلوع الشمس.(610)
(485) الصواب أن وقت الوقوف بمزدلفة لا يفوت إلى طلوع الشمس، فمن وافاها قبل ذلك فقد وقف بها؛ وهذا الوقوف المشروع في غداتها هو المقصود الأعظم من الوقوف بمزدلفة، وبه يتم امتثال قوله: ((فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ)) [البقرة: 198] الآية. وأيضًا: فإن عروة بن مضرس أتى النبي وهو بمزدلفة حين خرج لصلاة الفجر، وقال له النبي: (من أدرك معنا هذه الصلاة، ووقف معنا حتى ندفع، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهارًا؛ فقد تم حجه، وقضى تفثه)، وهذا نص في [أن] مزدلفة تدرك بعد طلوع الفجر كما تدرك قبل الفجر؛ لأن هذا السائل إنما وافاها بعد طلوع الفجر. وأيضًا: فإن الله أمر كل مفيض من عرفات بذكره عند المشعر الحرام، فلو كان وقت هذا الواجب يفوت بطلوع الفجر لم يمكن كل مفيض امتثال هذا الأمر. وأيضًا: فإن وقت التعريف يمتد إلى طلوع الفجر؛ فلا بد أن يكون عقبيه وقت للمشعر الحرام؛ لئلا يتداخل وقت هذين النسكين.(612)
(486) لما كانت مناسك الحج عبادة محضة، وانقيادًا صرفًا، وذلاً للنفوس، وخروجًا عن العز، والأمور المعتادة، وليس فيها حظ للنفوس؛ فربما قبحها الشيطان في عين الإنسان، ونهاه عنها، ولهذا قال: ((لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ)) [الأعراف:16]، قال رجل من أهل العلم: هو طريق الحج، وقال بعد أن فرض: ((وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)) [آل عمران:97]؛ لعلمه أن من الناس من قد يكفر بهذه العبادة، وإن لم يكفروا بالصلاة، والزكاة، والصيام؛ فلا يرى حجه برًا، ولا تركه إثمًا، ثم الطواف بالصفا والمروة خصوصًا؛ فإنه مطاف بعيد، وفيه عدو شديد، وهو غير مألوف في غير الحج والعمرة، فربما كان الشيطان أشد تنفيرًا عنهما؛ فقال سبحانه: ((وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً)) [البقرة:158]، فاستجاب لله وانقاد له، وفعل هذه العبادة طوعًا لا كرهًا، عبادة لله، وطاعة له ولرسوله، وهذا مبالغة في الترغيب فيهما، ألا ترى أن الطاعة موافقة الأمر، وتطوع الخير خلاف تكرهه، فكل فاعل خير طاعة لله طوعًا لا كرهًا؛ فهو متطوع خيرًا؛ سواء كان واجبًا أو مستحبًا. نعم ميز الواجب بأخص اسميه فقيل: فرض، أو واجب، وبقي الاسم العام في العرف غالبًا على أدنى القسمين، كلغة: الدابة والحيوان وغيرهما.(633)
(487) إذا وقف بعرفة ثم مات فعل عنه سائر الحج، وتم حجه.(635)
(488) إذا خرج من مكة قبل طواف الزيارة رجع إليها محرمًا للطواف فقط، والسعي لا يقصد بإحرام، فهو


تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله    تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  Emptyالأحد 13 أكتوبر 2013, 12:44 am

(488) إذا خرج من مكة قبل طواف الزيارة رجع إليها محرمًا للطواف فقط، والسعي لا يقصد بإحرام، فهو كالوقوف بمزدلفة ورمي الجمار.(635)
(489) لا يصح الوقوف بمزدلفة إلا إذا أفاض من عرفات.(635)
(490) يشترط في السعي استكمال سبعة أشواط تامة، فلو ترك خطوة من شوط لم يجزه، ولا بد أن يستوعب ما بين الجبلين بالسعي؛ سواء كان راكبًا أو ماشيًا.(635)
(491) لا يختلف المذهب أن الرمي واجب؛ لأن الله سبحانه قال: ((الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ)) [البقرة:197] إلى قوله: ((فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ)) [البقرة:198]، إلى قوله: ((فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ))[البقرة:200] الآية، إلى قوله: ((وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)) [البقرة:203].(648)
(492) من رمى بحجر قد رمي به لم يجزه، ومن رمى بذهب أو فضة لم يجزه قولاً واحدًا.(649)
(493) يسمى: طواف الوداع، وطواف الصدر، وطواف الخروج، وهو واجب، نص عليه.(651)
(494) إذا خرج قبل أن يودع وجب عليه أن يرجع قبل أن يبلغ مسافة القصر فيودع، فإن رجع فلا شيء عليه، وإن بلغ مسافة القصر استقر الدم عليه، ولا ينفعه الرجوع بعد ذلك، وسواء تركه عامدًا أو ناسيًا أو جاهلاً.(651)
(495) إن لم يمكنه الرجوع قبل مسافة القصر لعدم الرفيق، أو خشية الانقطاع عن الرفقة؛ [وجب عليه دم].(651)
(496) إن لم يصل العشاء إلى آخر ليلة النحر، وخاف إن نزل لها فاته الحج -أي: والوقوف بعرفة- فقياس المذهب أنه يصلي صلاة الخائف؛ لأن تفويت كل واحدة من العبادتين غير جائز، وفوات الحج أعظم ضررًا في دينه ونفسه من فوت قتل كافر.(656)
(497) إذا طلع الفجر ولم يواف عرفة فقد فاته الحج؛ سواء فاته لعذر: من مرض، أو عدو، أو ضل الطريق، أو أخطأ العدد، أو أخطأ مسيره، أو فاته بغير عذر؛ كالتواني والتشاغل بما لا يعنيه، لا يفترقان إلا في الإثم، وعلى من فاته أن يأتي بعمرة؛ فيطوف ويسعى، ويحلق أو يقصر.(656)
(498) الصواب أن من فاته الوقوف فإنه يتحلل بعمرة؛ لأن الله سبحانه قال: ((فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ)) [البقرة:198] الآية، فأمرهم بالذكر عقب الإفاضة من عرفات، فمن لم يفض من عرفات لم يكن مأمورًا بالوقوف بالمشعر الحرام، وما لا يؤمر به من أفعال الحج فهو منهي عنه، كالوقوف بعرفة في غير وقته؛ ولأن الحكم المعلق بالشرط معدوم بعدمه؛ فإذا علق الوقوف بالمشعر الحرام بالإفاضة من عرفة؛ اقتضى عدمه عند عدم الإفاضة من عرفات.(657)
 
تم المقصود من شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية.


تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله    تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  Emptyالأحد 13 أكتوبر 2013, 12:50 am

رابعًا: اختيـــارات شيــخ الإســـلام 
من كلام طلابه وغيرهم من الحنابلة رحمهم الله
أولاً: الإمام ابن مفلح رحمه الله 
في كتاب الفروع: 
(499) قال شيخنا: استيعاب عشر ذي الحجة بالعبادة ليلاً ونهارًا أفضل من جهادٍ لم تذهب فيه نفسه وماله، وهي في غير العشر تعدله - أي: الجهاد - للأخبار الصحيحة المشهورة.(2/338)
(500) لم ير شيخنا زيارة القدس ليقف به، أو عيد النحر، ولا التعريف بغير عرفة، وأنه لا نزاع فيه بين العلماء، وأنه منكر، وفاعله ضال.(2/216)
(501) قال أحمد في حج الفرض: إن لم تأذن لك أمك وكان عندك زاد وراحلة فحج ولا تلتفت إلى إذنها، واخضع لها ودارها, وقال شيخنا: هذا فيما فيه نفع لهما ولا ضرر عليه؛ فإن شق عليه ولم يضره وجب وإلا فلا.(5/229)
(502) قال ابن الجوزي: العاقل إذا أراد سلوك طريق يستوي فيها احتمال السلامة والهلاك؛ وجب عليه الكف عن سلوكها، واختاره شيخنا وقال: أعان على نفسه فلا يكون شهيدًا.(5/239)
(503) قال شيخنا: الخفارة تجوز عند الحاجة إليها في الدفع عن المخفر، ولا يجوز مع عدمها، كما يأخذه السلطان من الرعايا.(5/239)
(504) عند شيخنا: تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم، وقال: إن هذا متوجه في كل سفر طاعة.(5/245)
(505) قال شيخنا: إماء المرأة يسافرن معها ولا يفتقرن إلى محرم؛ لأنه لا محرم لهن في العادة الغالبة.(5/246)
(506) المحرم: زوجها، أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب أو سبب مباح؛ كرضاع ومصاهرة ووطء مباح بنكاح أو غيره، واختار شيخنا أن المحرمية تكون في وطء الشبهة ( ) لا الزنا، وذكره قول أكثر العلماء؛ لثبوت جميع الأحكام، فيدخل في الآية، بخلاف الزنا.(5/247)
(507) قال شيخنا وغيره: وأزواج النبي أمهات المؤمنين في التحريم دون المحرمية. (5/247).
(508) قال أبو بكر الآجري وغيره: يصلي ركعتين، ثم يستخير في خروجه، وكذا قال ابن الزاغوني وغيره: يصلي ركعتين يدعو بعدهما بدعاء الاستخارة, وذكر شيخنا: يدعو قبل السلام أفضل( ).(5/298)
(509) حجة أبي بكر لما بعثه النبي كانت في ذي الحجة عند أحمد، والأشهر في ذي القعدة، وذكره شيخنا اتفاقًا.(5/320)
(510) الإحرام -وهو نية النسك- لا ينعقد إلا بنية مع تلبية أو سوق هدي، اختاره شيخنا.(5/323)
(511) واختار شيخنا عقب فرض إن كان وقته، وإلا فليس للإحرام صلاة تخصه.(5/326)
(512) واستحب شيخنا الاشتراط للخائف خاصة، جمعًا بين الأدلة.(5/329)
(513) قال شيخنا: ومن أفرد العمرة بسفرة ثم قدم في أشهر الحج فإنه متمتع( )، لأن النبي وأصحابه رضي الله عنهم اعتمروا عمرة القضية ثم تمتعوا.(5/334)
(514) يقول: (لبيك إن) بكسر الهمزة عند أحمد، قال شيخنا: هو أفضل عند أصحابنا والجمهور( ).(5/388).
(515) وعند شيخنا: لا يلبي بوقوفه بعرفة ومزدلفة؛ لعدم نقله، كذا قال.(5/392)
(516) اختار شيخنا في كفارة محظورات الإحرام: يجزئ خبز رطلان عراقية ( )، وينبغي أن يكون بأدم، وإن مما يأكله أفضل من بر وشعير. (5/400)
(517) قال شيخنا فيمن احتاج وقطع شعره لحجامة أو غسل: لم يضره، كذا قال.(5/407)
(518) قال شيخنا: إن قرصه القمل أو الصبيان قتله مجانًا، وإلا فلا يقتله( ).(5/407)
(519) حكم الناسي والجاهل والمكره ونحوه كغيره في الجماع، وفي رواية: لا يفسد، اختاره شيخنا، وأنه لا شيء عليه، وهو متجه وجديد قولي الشافعي.(5/447)
(520) من وطئ بعد الرمي ينتقض إحرامه ويعتمر( )، من التنعيم، فيكون إحرام مكان إحرام، فيلزمه أن يحرم من الحل ليجمع بين الحل والحرم، ليطوف في إحرام صحيح؛ لأنه ركن الحج، كالوقوف، وإذا أحرم طاف للزيارة وسعى ما لم يكن سعىً، وتحلل؛ لأن الإحرام إنما وجب ليأتي بما بقي من الحج، واختاره شيخنا، قال: سواء أبَعْدَ أو لا.(5/458)
(521) قال شيخنا: من جامع بعد الرمي يعتمر مطلقًا, وعليه نصوص أحمد.(5/458)
(522) اختار شيخنا: لا يجوز قتل نحل ولو بأخذ كل عسله، قال هو وغيره: إن لم يندفع( ) نملٌ إلا بقتله جاز( ).(5/515)
(523) قال شيخنا: الخضاب بلا حاجة مختص بالنساء، ثم احتج بلعن المتشبهين والمتشبهات.(5/533)
(524) عند شيخنا: يبدأ المتمتع بالطواف للعمرة، والمفرد والقارن للقدوم، ولا يشتغل بدعاء.(6/33)
(525) في استقبال الحجر الأسود بوجهه وجهان، قال شيخنا: هو السنة.(6/34)
(526) يجعل البيت عن يساره، فيقرب جانبه الأيسر إليه، قال شيخنا: لكون الحركة الدورية تُعتمدُ فيها اليمنى على اليسرى، فلما كان الإكرام في ذلك للخارج جعل لليمنى.(6/34)
(527) تكره القراءة في الطواف لتغليطه المصلين، قال شيخنا: ليس له إذًا.(6/36)
(528) قال شيخنا: تستحب القراءة في الطواف، لا الجهر بها.(6/36)
(529) قال شيخنا: وجنس القراءة أفضل من الطواف.(6/36)
(530) الطواف على الشاذروان لا يجزئ عند شيخنا؛ لأنه ليس هو من البيت؛ بل جعل عمادًا له.(6/38)
(531) تشترط الطهارة من حدث, وعن الإمام أحمد رحمه الله: يصح من ناسٍ ومعذورٍ فقط، ويجبر بدم، وكذا حائض، واختاره شيخنا، وأنه لا دم لعذر.(6/40)
(532) ولا يشرع تقبيل المقام ومسحه فسائر المقامات أولى، ذكره شيخنا، وسأله ابن منصور عن مس المقام قال: لا تمسه.(6/42)
(533) يستحب وقوفه عند الصخرات، وجبل الرحمة، ولا يشرع صعوده. قاله شيخنا.(6/47)
(534) يقف راكبًا، وقيل: راجلاً، وعند شيخنا: يختلف ذلك بحسب الناس، ونصه في موص بحجة: يحج عنه راجلاً أو راكبًا.(6/49)
(535) هل لخائف فوات الوقوف بعرفة صلاة خائف؟ واختاره شيخنا.(6/50)
(536) إن قصر فمن جميعه، قال شيخنا: لا من كل شعرة بعينها.(6/54)
(537) بعد الرمي والحلق يباح كل شيء إلا النساء، وقيل: إلا العقد ( )، وقال شيخنا بحله.(6/55)
(538) قال شيخنا: وللمخطئ فيما فهمه من قول المفتي يشبه خطأ المجتهد فيما يفهمه من النص، ومما احتج بهذه المسألة ( ).(6/56)
(539) ثم يأتي مكة فيطوف المتمتع، وعن الإمام أحمد: يجزئ سعي عمرته، اختاره شيخنا.(6/58)
(540) ليس للإمام المقيم للمناسك التعجيل؛ لأجل من يتأخر، قاله أصحابنا، ذكره شيخنا.(6/61)
(541) يطوف للوداع إن لم يقم، قال القاضي والأصحاب: إنما يستحق عليه عند العزم على الخروج، واحتج به شيخنا على أنه ليس من الحج( ).(6/62)
(542) إن خرج غير حاج فظاهر كلام شيخنا لا يودع( ).(6/64)
(543) ذَكر بعض الأصحاب: لا يولي ظهره للكعبة حتى يغيب، وذكر شيخنا أن هذا بدعة مكروهة.(6/65)
(544) قال ابن عقيل وابن الجوزي: يكره قصد القبور للدعاء، قال شيخنا: ووقوفه عندها له، ولا يستحب تمسحه به.(6/66)
(545) قال شيخنا: يحرم طوافه بغير البيت العتيق اتفاقًا، قال: واتفقوا أنه لا يقبله ولا يتمسح به، فإنه من الشرك، وقال: والشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر.(6/66)
(546) وكره شيخنا الخروج من مكة لعمرة تطوع، وأنه بدعة ; لأنه لم يفعله هو ولا صحابي على عهده إلا عائشة، لا في رمضان ولا غيره، اتفاقًا، ولم يأمر عائشة؛ بل أذن لها بعد المراجعة لتطييب قلبها، قال: وطوافه ولا يخرج أفضل اتفاقًا، وخروجه عند من لم يكرهه على سبيل الجواز، كذا قال.(6/72)
(547) قال شيخنا: قوله عليه السلام: «من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه»( ) يدخل فيه بإحرام العمرة.(6/72)
(548) قال شيخنا: ومن جرد معهم وجمع له من الجند المقطعين ما يعينه على كلفة الطريق أبيح له، ولا ينقص أجره، وله أجر الحج والجهاد، وهذا كأخذ بعض الأقطاع ليصرفه في المصالح، وليس في هذا خلاف، ويلزم المعطي بذل ما أمر به.(6/74)
(549) قال شيخنا: شهر السلاح عند قدوم تبوك بدعة محرمة، وما يذكره الجهال في حصار تبوك كذب، فلم يكن بها حصن ولا مقاتلة، وإن مغازي النبي صلى الله عليه وسلم كانت بضعًا وعشرين لم يقاتل فيها إلا في تسع: بدر، وأحد، والخندق، وبني المصطلق، والغابة، وفتح خيبر، وفتح مكة، وحنين، والطائف.(6/75)
(550) وإن منع في حج عن عرفة تحلل بعمرة مجانًا، واختاره شيخنا، وأن مثله حائض تعذر مقامها وحرم طوافها، أو رجعت ولم تطف لجهلها بوجوب طواف الزيارة، أو لعجزها عنه ولو لذهاب الرفقة، وكذا من ضل الطريق، واحتج شيخنا لاختياره بأن الله لم يوجب على المحصر أن يبقى محرمًا حولاً بغير اختياره، بخلاف بعيد أحرم من بلده ولا يصل إلا في عام؛ بدليل تحلل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما حصروا عن إتمام العمرة مع إمكان رجوعهم محرمين إلى العام القابل، واتفقوا أن من فاته الحج لا يبقى محرمًا إلى العام القابل.(6/83)
ثانيًا: الإمام المرداوي في كتاب الإنصاف: 
(551) اختار الشيخ تقي الدين عدم استحباب الغسل للوقوف بعرفة، وطواف الوداع، والمبيت بمزدلفة، ورمي الجمار. وقال: ولو قلنا باستحباب الغسل لدخول مكة كان الغسل للطواف بعد ذلك فيه نوع عبث لا معنى له.(2/124)
(552) يستحب الغسل لدخول مكة، ولو كانت حائضًا أو نفساء، وقال الشيخ تقي الدين: لا يستحب لها ذلك.(2/124)
(553) قال الشيخ تقي الدين: نص أحمد على استحباب الاغتسال لدخول المدينة المشرفة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.(2/125)
(554) قال الشيخ تقي الدين: اختار الأكثر أن الردة لا تحبط العمل إلا بالموت عليها.( ) (3/15).
(555) قال الشيخ تقي الدين: استيعاب عشر ذي الحجة بالعبادة ليلاً ونهارًا أفضل من الجهاد الذي لم تذهب فيه نفسه وماله، وهي في غير العشر تعدل الجهاد.(4/100)
(556) ظاهر كلام ابن الجوزي وغيره: أن الطواف أفضل من الصلاة في المسجد الحرام، واختاره الشيخ تقي الدين، وذكره عن جمهور العلماء؛ للخبر.(4/102)
(557) اختار الشيخ تقي الدين جواز صلاة الطواف في وقت النهي بعد الفجر والعصر( ).(4/249)
(558) قال الشيخ تقي الدين: الحج أفضل من الصدقة، وهو مذهب أحمد( ).(7/315)
(559) قال الشيخ تقي الدين: لا يستحب صوم يوم عرفة؛ لأنه يوم عيد( ).(7/525)
(560) عن الإمام أحمد أن العمرة سنة، واختاره الشيخ تقي الدين.(8/9)
(561) عن الإمام أحمد: تجب على الآفاقي دون المكي، وقال الشيخ تقي الدين: عليها نصوصه.(8/9)
(562) لو عوفي قبل فراغ النائب قيل: لا يجزئه، وهو أظهر الوجهين عند الشيخ تقي الدين.(8/56)
(563) لو مر أهل الشام وغيرهم على ذي الحليفة، أو من غير أهل الميقات على غيره؛ لم يكن لهم مجاوزته إلا محرمين، وقال الشيخ تقي الدين: يجوز تأخيره إلى الجحفة إذا كان من أهل الشام ( ).(8/108)
(564) قال الشيخ تقي الدين: ولو مس الغطاء وجه المرأة فالصحيح جوازه; لأن وجهها كيد الرجل.(8/355)
(565) قال الشيخ تقي الدين: لا أعلم أحدًا فضل التربة( ) على الكعبة إلا القاضي عياض، ولم يسبقه أحد.(9/71)
(566) واختاره الشيخ تقي الدين بأفضلية الصلاة وغيرها في مكة.(9/71)
(567) قال الشيخ تقي الدين رحمه الله: المجاورة في مكان يتمكن فيه إيمانه وتقواه أفضل حيث كان( ).(9/71)
(568) تضاعف الحسنة والسيئة بمكان أو زمان فاضل. ذكره الشيخ تقي الدين.(9/71)
(569) إن حاذى الحجر أو بعضه ببعض بدنه، فالصحيح من المذهب أنه لا يجزئ ذلك الشوط، وقال الشيخ تقي الدين: يجزيه.(9/82)
(570) قال بعض الأصحاب: وقت الوقوف من الزوال يوم عرفة، واختاره الشيخ تقي الدين، وحكاه ابن عبد البر إجماعًا( ).(9/167)
(571) قال الشيخ تقي الدين: ولا يستحب للمتمتع أن يطوف طواف القدوم بعد رجوعه من عرفة قبل الإفاضة، وقال: هذا هو الصواب.(9/225)
(572) وإذا فرغ من الوداع وقف في الملتزم بين الركن والباب، وذكر الشيخ تقي الدين: ثم يشرب من ماء زمزم، ويستلم الحجر الأسود.(9/267)
(573) من أحصر بمرض أو ذهاب نفقة يجوز له التحلل كمن حصره عدو، اختاره الشيخ تقي الدين وقال: مثله حائض تعذر مقامها، وحرم طوافها، ورجعت ولم تطف؛ لجهلها بوجوب بطواف الزيارة أو لعجزها عنه، أو لذهاب الرفقة( ). (9/325).
(574) عند الشيخ تقي الدين: الأجر في الأضحية على قدر القيمة مطلقًا.(9/333)
(575) رجح الشيخ تقي الدين تفضيل البدنة السمينة.(9/333)
(576) قال الشيخ تقي الدين: يجوز التضحية بما كان أصغر من الجذع من الضأن لمن ذبح قبل صلاة العيد جاهلاً بالحكم إذا لم يكن عنده ما يعتد به في الأضحية وغيرها؛ لقصة أبي بردة، ويحمل قوله عليه أفضل الصلاة والسلام: «ولن تجزئ عن أحد بعدك»( ) أي: بعد حالك.(9/337)
(577) اختار الشيخ تقي الدين أن آخر يوم من أيام النحر هو آخر يوم من أيام التشريق، وهو اليوم الثالث من أيام التشريق.(9/367)
(578) يستحب الحلق بعد الذبح، وعن الإمام أحمد: لا يستحب. اختاره الشيخ تقي الدين. (9/432)
(579) قال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله: يشرع التعزير فيمن أتى حدًا في الحرم( ).(26/448)

ثالثًا: الحافظ ابن عبد الهادي رحمه الله 
في كتابه اختيارات شيخ الإسلام: 
(580) هب أن الحج لا يبطل بفعل شيء من المحظورات - لا الجماع ولا غيره - ناسيًا أو مخطئًا، ولا يضمن إلا الصيد.(23)
(581) كان رحمه الله يذهب إلى أن الأفضل أن يسوق الهدي ويكون قارنًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا فعل.( ) (56)
(582) ليس في الإهلال عبارة مخصوصة، ولا يجب عليه أن يتكلم قبل التلبية بشيء، والصواب المقطوع به أنه لا يستحب التلفظ بالنية.(57)
(583) ذهب إلى أنه يجوز للمحرم أن يعقد الرداء إذا احتاج إلى ذلك.(59)
(584) الاستظلال بالمحامل - كالمحارة التي لها رأس - حال السير فهذا فيه نزاع، والأفضل للمحرم أن يضحى لمن أحرم له.(59)
(585) إذا لبس ثم لبس مرات، ولم يكن أدى الفدية؛ أجزأته فدية واحدة في أظهر قولي العلماء.(60)
(586) الأولى ترك الدهن في رأس المحرم؛ سواء بالزيت أو السمن أو نحوه.(60)
(587) لا يصيد بالحرم صيدًا وإن كان من الماء كالسمك على الصحيح.(61)
(588) إذا قرصته البراغيث أو القمل فله إلقاؤها عنه، وله قتلها ولا شيء عليه، وأما التفلي بدون تأذي فهو من الترفه، فلا يفعله، ولو فعله فلا شيء عليه.(61)
(589) لا يجوز لحائضٍ أن تطوف إلا طاهرة - إذا أمكنها ذلك - باتفاق العلماء، ولو قدمت المرأة حائضًا لم تطف بالبيت، لكن تقف بعرفة، وتفعل سائر المناسك مع الحيض، إلا الطواف فإنها تنتظر حتى تطهر - إن أمكنها ذلك - ثم تطوف، وإن اضطرت إلى الطواف فطافت أجزأها على الصحيح من قولي العلماء.(62)
(590) يجوز الوقوف بعرفة راكبًا وماشيًا، وأمَّا الأفضل فيختلف باختلاف الناس، فإن كان ممن إذا ركب رآه الناس لحاجتهم إليه، أو كان يشق عليه ترك الركوب وقف راكبًا؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم وقف راكبًا، وهكذا الحج، فمن الناس من يكون حجه راكبًا أفضل، ومنهم من يكون حجه ماشيًا أفضل.(62)
(591) لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم التلبية في عرفة، ولا مزدلفة.(63)
(592) كل ما ذبح بمنى وقد سيق من الحل إلى الحرم فهو هدي، ويسمى أضحية، بخلاف ما ذبح في الحل فإنه أضحية وليس بهدي، وليس بمنى ما هو أضحية وليس بهدي كما هو في سائر الأمصار.(63)

رابعًا: العلامة برهان الدين إبراهيم ابن قيم الجوزية رحمه الله 
في كتابه اختيارات شيخ الإسلام:
(593) يجوز عقد الرداء في الإحرام، ولا فدية فيه.(125)
 
خامسًا: الشيخ أبو الحسن علي بن محمد البعلي رحمه الله 
في كتابه الاختيارات الفقهية:
(594) يلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية وإن كانا فاسقين، وهو ظاهر إطلاق أحمد، وهذا فيما فيه منفعة لهما ولا ضرر، فإن شق عليه ولم يضره وجب وإلا فلا، وإنما لم يقيده أبو عبد الله لسقوط الفرائض بالضرر، وتحرم في المعصية، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فحينئذ ليس للأبوين منع ولدهما من الحج الواجب، لكن يستطيب أنفسهما، فإن أذنا وإلا حج.(170)
(595) ليس للزوج منع زوجته من الحج الواجب مع ذي رحم محرم؛ بل عليها أن تحج وإن لم يأذن في ذلك، حتى إن كثيرًا من العلماء أو أكثرهم يوجبون لها النفقة عليه مدة الحج.(170)
(596) الحج واجب على الفور عند أكثر العلماء.(170)
(597) القول بوجوب العمرة على أهل مكة قول ضعيف جدًا مخالف للسنة الثابتة، ولهذا كان أصح الطريقين عن أحمد أن أهل مكة لا عمرة عليهم رواية واحدة، وفي غيرهم روايتان، وهي طريقة أبي محمد المقدسي، وطريقة المجد أبي البركات في العمرة ثلاث روايات، ثالثها: تجب على غير أهل مكة.(170)
(598) من وجب عليه الحج فتوفي قبله وخلَّف مالاً حج عنه منه في أظهر قولي العلماء.(171)
(599) إذا وجب الحج على المحجور عليه لم يكن لوليه منعه منه على الوجه الشرعي.(171)
(600) التجارة ليست محرمة في الحج، ولكن ليس للإنسان أن يفعل ما يشغله عن الحج.(171)
(601) تجوز الخفارة عند الحاجة إليها في الدفع عن المخفر، ولا تجوز مع عدمها، كما يأخذه السلطان من الرعايا.(171)
(602) تحج كل امرأة آمنة مع عدم المحرم، وهذا متوجه في كل سفر طاعة( ).(171)
(603) إماء المرأة يسافرن معها ولا يفتقرن إلى محرم؛ لأنه لا محرم لهن في العادة الغالبة.(171)
(604) الحج على الوجه المشروع أفضل من الصدقة التي ليست واجبة، وأما إن كان له أقارب محاويج فالصدقة عليهم أفضل، كذلك إن كان هناك قوم مضطرون إلى نفقته، فأما إذا كان كلاهما تطوعًا فالحج أفضل؛ لأنه عبادة بدنية مالية، كذلك الأضحية والعقيقة أفضل من الصدقة بقيمة ذلك، لكن هذا بشرط أن يقيم الواجب في الطريق، ويترك المحرمات، ويصلي الصلوات الخمس، ويصدق الحديث، ويؤدي الأمانة، ولا يتعدى على أحد.(172)
(605) من أفرد العمرة بسفرة ثم قدم في أشهر الحج فإنه يتمتع( ).(173)
(606) لو أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة لم يجز على الصحيح، ويجوز العكس على الصحيح.(174)
(607) يجوز للمرأة المحرمة أن تغطي وجهها بملاصق، خلا النقاب والبرقع.(174)
(608) يجوز للمحرم لبس مقطوع إلى الكعبين مع وجود النعال، واختاره ابن عقيل في المفردات، وأبو البركات.(174)
(609) من جامع بعد التحلل الأول يعتمر مطلقًا، وعليه نصوص أحمد.(174)
(610) المحرم إذا احتاج وقطع شعره لحجامة أو غسل لم يضره.(174)
(611) القمل والبعوض والقراد إن قرصه قتله مجانًا، وإلا فلا يقتله.(174)
(612) لا يجوز قتل النحل ولو بأخذ كل عسله، وإن لم يندفع إلا بقتله جاز.(174)
(613) يُسن أن يستقبل الحجر الأسود في الطواف.(175)
(614) يسن القراءة في الطواف لا الجهر بها، فأما إن غلَّط المصلين فليس له ذلك إذًا، وجنس القراءة أفضل من جنس الطواف.(175)
(615) لا يشرع تقبيل المقام ولا مسحه إجماعًا، وسائر المقامات غيره أولى.(175)
(616) لا يشرع صعود جبل الرحمة إجماعًا.(175)
(617) تختلف أفضلية الحج راكبًا أو ماشيًا بحسب الناس، والوقوف راكبًا أفضل، وهو المذهب.(175)
(618) يقص من شعره إذا حلّ، لا من كل شعرة بعينها.(175)
(619) الحلق أو التقصر إما واجب أو مستحب، ومن حكى عن أحمد أنه مباح فقد غلط.(175)
(620) لا يستحب للمتمتع طواف قدوم بعد رجوعه من عرفة قبل الإفاضة؛ هذا هو الصواب، وقاله جمهور الفقهاء، وهو أحد القولين في مذهب أحمد.(175)
(621) قال أصحابنا: وإن خرج إنسان غير حاج فظاهر كلام أبي العباس لا يودع.(176)
(622) ذكر ابن عقيل وابن الزاغوني: لا يولي المودع البيت ظهره حتى يغيب، قال أبو العباس: هذه بدعة مكروهة.(176)
(623) يحرم طوافه بغير البيت العتيق اتفاقًا، واتفقوا أنه لا يقبله ولا يتمسح به؛ فإنه من الشرك، والشرك لا يغفره الله ولو كان أصغرًا.(176)
(624) قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» يدخل فيه من أتى بعمرة، ولهذا أنكر الإمام أحمد على من قال: حجة المتمتع حجة مكية.(176)
(625) من اعتقد أن الحج يسقط ما عليه من الصلاة والزكاة فإنه يستتاب بعد تعريفه إن كان جاهلاً، فإن تاب وإلا قتل، ولا يسقط حق آدمي من مال أو عرض أو دم بالحج إجماعًا.(177)
(626) من جرد نفسه مع الحاج أو غيره، وجمع له الجند المقطعين ما يعينه على كلفة الطريق؛ أبيح له أخذه ولا ينقص أجره، وله أجر الحج والجهاد، وليس في هذا اختلاف.(177)
(627) شهر السلاح عند قدوم تبوك بدعة محرمة.(177)
(628) المرأة الحائض التي تعذر مقامها، وحرم طوافها، ورجعت ولم تطف لجهلها بوجوب طواف الزيارة، أو لعجزها عنه، أو لذهاب الرفقة فحكمها حكم المحصر.(119)
(629) المحصر يلزمه دم في أصح الروايتين، ولا يلزمه قضاء حجه إن كان تطوعًا، وهو إحدى الروايتين.(119).


تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله  2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
تلخيص ما كتبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تلخيص ما كتبه الإمام ابن القيم رحمه الله
» تلخيص ما كتبه الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
» تلخيص ما كتبه الإمـام النـووي رحمه الله
» تلخيص ما كتبه الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله
» تلخيص ما كتبه الإمـام ابن قدامــة المقدسي رحمه الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: فقـه وأحكـام وفتـاوى الحـج والعُمـرة :: كتابات في الحج والعمرة-
انتقل الى: