منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 كيف تصرفت جبهة الملك فاروق بالإسكندرية؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49184
العمر : 72

كيف تصرفت جبهة الملك فاروق بالإسكندرية؟ Empty
مُساهمةموضوع: كيف تصرفت جبهة الملك فاروق بالإسكندرية؟   كيف تصرفت جبهة الملك فاروق بالإسكندرية؟ Emptyالسبت 27 يوليو 2013, 5:03 am

كيف تصرفت جبهة الملك فاروق بالإسكندرية؟
كيف تصرفت جبهة الملك فاروق بالإسكندرية؟ King-farouk_2013723231952
        انشغل أحمد نجيب الهلالي باشا في تشكيل وزارته، طوال يوم 22 يوليه 1952. وبعد أن فرغ من التشكيل، فيما عدا منصب وزير الدفاع، توجه، مع وزرائه، إلى قصر المنتزه، مساء ذلك اليوم، لأداء اليمين.
        حلفت الوزارة اليمين أمام الملك حوالي التاسعة والنصف. وبعد ساعة، من أداء اليمين، في الإسكندرية، وصلت الأوامر إلى القيادة العليا للجيش بالقاهرة، لاعتقال الضباط الأحرار!. ولما كان جمال عبدالناصر على إطلاع جيد بمسيرة الأحداث، من شركائه في الجيش، فإنه لم يكن أمامه خيار إلا أن يبدأ العمل. وحتى اللحظة الأخيرة، ظلت الأمور تتحرك بسرعة. وتم إيقاف كبار الضباط، خلال دقائق، بعد أن استطاع فريق جمال عبدالناصر الاستيلاء على مقر قيادة الجيش، في الوقت المناسب لاعتقال كبار الضباط الذين أدهشهم الأمر، لدى وصولهم.
        وبينما كانت قيادات الحركة قد تجمعت، وتحركت في القاهرة، كانت القيادات الرسمية، مدنية وعسكرية، وعلى رأسها الملك، ورئيس الوزراء الجديد، والقائد العام للجيش، قد تجمعت في الإسكندرية لتواجه هذا التحدي، الذي فوجئت به.
        في الساعة الحادية عشر مساءً، اتصل وزير الداخلية، المراغي باشا، من مكتبه بالإسكندرية، باللواء أحمد طلعت، حكمدار القاهرة، وطلب منه أن يطلب من جميع ضباط البوليس من مختلف الرتب البقاء في مراكزهم، انتظاراً لأية تعليمات تصدر إليهم (ظن الحكمدار أنها خاصة بالمحافظة على الأمن، بمناسبة تأليف وزارة الهلالي)، ثم صدرت تعليمات إلى جميع ضباط وجنود بوليس القاهرة، الذين في الراحة، بالتوجه إلى مراكزهم، بأسلحتهم الكاملة. ولبثوا منتظرين حتى بعد منتصف الليل.
        وفي الساعة الرابعة صباحاً، خرجت الأميرة فايزة، وزوجها محمد علي رؤوف، من ملهى الرومانس (بالإسكندرية) حيث احتفلت بعيد ميلاد زوجها، ولا علم لهما بما كان يجري، بين القاهرة والإسكندرية.
اللواء طلعت يراقب الموقف
        لم يستغرق وصول نبأ سقوط مبنى رئاسة الجيش في أيدي الثوار، واعتقال جميع القادة الموجودين، إلى اللواء أحمد طلعت، حكمدار القاهرة، إلا بضع دقائق؛ فقد كان الحكمدار قد أرسل الصاغ حسين الريحاني، من البوليس السياسي، إلى حي العباسية، وكوبري القبة، حيث منطقة معسكرات الجيش، لمراقبة الحال. ولم يستطع حسين الريحاني الاقتراب من كردونات الجيش، التي ضربت الحصار، حول المنطقة العسكرية بأكملها، خشية وقوعه في الأسر، فاكتفى بالمراقبة من بعيد. وعندما سمع صوت الطلقات النارية، وتحركات السيارات، والمدرعات، أدرك أن مبنى رئاسة الجيش قد سقط في يد الضباط الثائرين، وأن الفريق حسين فريد، وجميع من معه، من القادة قد اعتقلوا. وأسرع حسين الريحاني إلى أقرب تليفون، وكان في محطة البنزين، التي تقع أمام المستشفى العسكري، من الناحية الأخرى، من شريط المترو، وما كاد حسين ينقل النبأ إلى اللواء أحمد طلعت، حتى أحس بأن رئيسه يكاد يطير من الفرحة، ليس تضامناً مع الثوار، وإنما ليثبت صحة النبأ، الذي أبلغه إلى المسؤولين ولم يصدقوه، في بادئ الأمر، وقبلوه في النهاية، على مضض. أمر اللواء طلعت حسين الريحاني أن يستمر في عملية الملاحظة، وأن ينقل إليه، أولاً بأول، ما يقع تحت سمعه وبصره من أحداث.
        وكان فاروق وأسرته لا يزالون في الحفل الساهر، الذي أقيم بقصر المنتزه، ابتهاجاً بتقلد إسماعيل شيرين، زوج الأميرة فوزية، وزارة الحربية. ولكن رغم تظاهر فاروق بالشجاعة، وعدم الاكتراث، كانت نفسه، من الداخل نهباً للخوف والفزع؛ فقد توالت الأنباء، التي تؤكد خروج بعض وحدات من الجيش من معسكراتها بالقاهرة.
        وأمر فاروق باستدعاء اللواء عبدالله النجومي، أمره بالاتصال فوراً، بالفريق حسين فريد بالقاهرة، ليسأله عن حقيقة الموقف. سيطر الوجوم على ناريمان وفوزية وفايزة وإسماعيل شيرين ومحمد علي رؤوف، وضاعت بهجة الحفل الساهر، لكثرة ما سمعوا من الأنباء السيئة، التي كان ينقلها إليهم محمد حسن السليماني. وتوقفت الموسيقى، وخيم صمت حزين على الأسرة المالكة، وأخيراً انصرفوا جميعاً مهمومين. وفي الثانية صباحاً، جاء النجومي يحمل أنباء سارة إلى الملك؛ فقد اتصل برئاسة الجيش في القاهرة، وقال له الضابط المنوب أن الفريق حسين فريد نجح في معالجة الحال، وأن كل شئ هادئ الآن!!.
        كما نقل حيدر إلى الملك، تليفونياً، نتيجة اتصالاته، مع اللواء حافظ بكري، قائد المدفعية، الذي أكد له سلامة الموقف، وأن حالة الطوارئ قد أعلنت، وأن قوات المدفعية كلها رهن إشارة القائد الأعلى. ودب شيء من الاطمئنان إلى نفس فاروق، واستسلم قليلاً للرقاد، ولو عرف أن ،الذي رد على النجومي كان جمال عبدالناصر، وأن الفريق حيدر كان ضحية لخدعة من اليوزباشي الجيزاوي، لما عرف النوم سبيلاً إلى عينيه. وكان مرتضى المراغي، وزير الداخلية، من ناحية أخرى، على اتصال دائم باللواء أحمد طلعت، حكمدار القاهرة، الذي كان أول من أبلغه أنباء حركة الجيش، فنقل الخبر، في حوالي العاشرة مساءً، إلى رئيس الوزراء، نجيب الهلالي. وفي الثانية صباحاً، وصلت الأنباء إلى مرتضى المراغي، من حكمدار القاهرة، بأن رئاسة الجيش قد سقطت، وأن حسين فريد، وبعض القادة، قد اعتقلوا. وأن تحركات قوات الجيش قد ازدادت، في المنطقة العسكرية، بشكل خطير.
        وبادر مرتضى المراغي بالاتصال، تليفونياً، من الإسكندرية، بمحمد نجيب، في منزله بالقاهرة. وقال له: "إن بعض أولادك قاموا باضطراب في كوبري القبة، ورجاؤنا أن تمنعهم، حرصاً على مصلحة الوطن".
        ورد نجيب قائلاً: "أنا ما عنديش أولاد، ولا حاجة".
        قال المراغي: "فيه شوية ضباط متهورين عاملين دوشة".
        قال نجيب: "أعرف منين الكلام ده، يمكن حد مدبر مكيدة ضدي، علشان أروح وتمسكوني، وتقولوا ده شريك معاهم" فرد المراغي بأنه سيحضر نجيب الهلالي ليتحدث إليه بنفسه، ويعطيه الضمان، الذي يريده. وبعد قليل دق التليفون من جديد، وتكلم رئيس الوزراء بنفسه قائلاً: "أنا أستاذك يا نجيب ومستقبل الوطن متوقف عليك، فأرجوك تعمل على تهدئة الموقف لأن الإنجليز سيحتلون القاهرة، وتبقى مسألة خطيرة" فطمأنه محمد نجيب قائلاً: "إني ذاهب لأرى الحالة بنفسي".
        وفي الساعة السابعة صباحاً، جرى آخر اتصال بين نجيب الهلالي باشا، واللواء محمد نجيب، لتأجيل إذاعة البيان الأول للحركة.
كيف تصرفت جبهة الملك فاروق بالإسكندرية؟ 23204501wj8
الملك فاروق لم ينم إلا غفوات قليلة
        استيقظ فاروق مبكراً على نبأ استيلاء الضباط الأحرار على مبنى رئاسة الجيش، واعتقال الفريق حسين فريد، وكبار قادة الجيش، والاستيلاء على محطة الإذاعة، كما علم أن بياناً سيذاع منها، في السابعة صباحاً، باسم قيادة الثورة، فاتصل فاروق بكريم ثابت؛ وطلب منه، بحكم صلاته السابقة بالإذاعة، كمستشار لها منع إذاعة البيان بأية وسيلة، وبادر كريم بالاتصال بمحطة الإرسال، في "أبو زعبل"، وطلب من المهندس الجارحي القشلان، المسؤول عن إدارة المحطة، في هذه الليلة فك المحطة، قائلاً له أنه سيرسل له ثلاثة لوارى، وثلاثة تاكسيات، لأخذ المحطة. وقد ذكر المهندس الجارحي القشلان أن الغرض من إرسال اللواري، كان هو تحميلها بقطع التشغيل الرئيسية، والاحتياطية، حتى لا يمكن إدارتها، أما الغرض، من إرسال التاكسيات، فكان نقل المهندسين، وعددهم سبعة، ومثلهم من الفنيين، من منازلهم، لإبعادهم عن "أبو زعبل". وبذا يضمن تماماً عدم تشغيل المحطة.
        وفي الوقت نفسه، وبناءً على تعليمات مرتضى المراغي، وزير الداخلية، أصدر رئيس البوليس السياسي، اللواء محمد إبراهيم إمام، أمره إلى المختصين، في محطة كهرباء "أبو زعبل"، بقطع التيار الكهربائي؛ فلما أجابوه بأن معنى ذلك حرمان مستشفى الجزام، ومستشفى العمال، وشركة ماركوني من الكهرباء، قال لهم: "كل ده مش مهم فاهمين؟".
كيف تصرفت جبهة الملك فاروق بالإسكندرية؟ Magicalsnap200809291452bg3
رواية اللواء محمد نجيب عن يوم 22 يوليه
        يوم الثلاثاء 22 يوليه، كان اليوم الأخير في عمر نظام الملك فاروق. كان الجو حاراً جداً، لدرجة جعلتني أعتقد أن أحداً، غيرنا، كان لا يمكن أن يفكر في إمكان حدوث انقلاب. وكان معظم الذين لهم صلة بالسياسة، إما في الخارج، أو في الإسكندرية، حيث يقيم الملك في قصر المنتزه، أما أتباعه فكانوا، إما في بيوتهم الصيفية، أو في فندق سيسل. وكان هذا اليوم، في الواقع، هو اليوم المناسب للقيام بضربتنا، قبل أن يتمكن الملك من تعيين وزارة جديدة، وقبل أن يتمكن جواسيسه، من القبض علينا.
        في صباح ذلك اليوم، ذهبت في سيارتي العسكرية، إلى بيت جمال عبدالناصر. وكان شقة، في الدور الأول، بشارع والى، فوق دكان مكوجي، خلف محطة بنزين كوبري القبة، ومن سرعة دخولي البيت، أمسكت حديدة، في السلم، ببنطلوني، فمزقته. طرقت بابه، فلم أجده. أسرعت إلى كلية الأركان، فوجدته هو، وعبدالحكيم عامر. كنت أريد أن أتأكد من أن كل شيء سيسير، حسب اتفاقنا.
كيف تصرفت جبهة الملك فاروق بالإسكندرية؟ %D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B5%D8%B1
وقال لي جمال عبدالناصر:
        ـ كله تمام. وأنا أرسلت أستدعي أنور السادات، من العريش، ليستولي، بصفته ضابط إشارة، على الإذاعة والتليفونات، عدت إلى منزلي.
        بعد الظهر، جاء إلى بيتي، محمد أحمد محجوب، (رئيس وزراء السودان فيما بعد)، فطلب مني أن أذهب معه إلى نادي التجديف. وقبلت على الفور دعوته، فقد كنت أريد أن أفك من حصار المراقبة، الذي حولي. وكنت أريد أن أعرف ما يحدث في البلد. وكنت قلقاً، وأريد أن يمر الوقت. وفي نادي التجديف، قابلت محمد حسنين هيكل، وقال لي خبر الاستغناء عني. وحاولت أن أجس نبضه، وأعرف منه، إلى أي مدى يعرف من أخبار عن تحركاتنا، خاصة وأنا أعرف صلته بالأمريكان والسراي، ولكنه لم يكن يعرف أكثر مما قاله.
        كان كل شئ قد تم ترتيبه. وكنت أخشى أن يربك أحد ما خططنا. كان يعرف خطط الانقلاب عشرة، من أعضاء اللجنة التنفيذية للضباط الأحرار. أما الباقي، فقد حُددت لهم مهام معينه. وقد كنت أعرف كل أعضاء اللجنة التنفيذية للتنظيم، قبل الثورة، ما عدا جمال سالم، وعبداللطيف البغدادي، وأنور السادات، وخالد محيي الدين.
        وفي ليلة الثورة، أضيف، إلى هذه اللجنة، زكريا محيي الدين، وحسين الشافعي، وعبدالمنعم أمين، ويوسف منصور. وهذه اللجنة هي التي أصبحت فيما بعد، مجلس قيادة الثورة.
        وحسب الخطة الموضوعة، كان على البغدادي الاستيلاء على القاعدة الجوية، في ألماظة، وكان على حسين الشافعي، وخالد محيي الدين، الاستيلاء على سلاح الفرسان، وكان، على عبدالمنعم أمين، الاستيلاء على المدفعية، وكان، على الأخوين سالم، الاستيلاء على قوات العريش.
        بعد نادي التجديف، عدت إلى منزلي، في المساء. كان عليَّ أن أبقى في منزلي، حتى ينتهي الجزء الأول من الخطة، وهو الاستيلاء على مقر القيادة، ثم أنضم إلى الآخرين. وكانت ساعة الصفر هي  الساعة الواحدة، من صبيحة الأربعاء 22 يوليه. ومرت الدقائق عليَّ، في مساء ذلك اليوم، وكأنها أعوام. وقطعت الوقت بقراءة آيات من القرآن الكريم. وتذكرت، في ذلك الوقت، ما قاله صديقي السوداني أحمد المدثر، وهو رجل تقي، أعرفه من أيام الدراسة في غوردن. قال لي ذات يوم:
        ـ  صليت العصر في مسجد سيدنا الحسين، وتمددت ونمت، حلمت أنني أقف، أمام ضريح الحسين، فرأيت شعاعاً من نور ينبعث من الضريح، وإذا بهذا الشعاع يتحول إلى يد تمسك بورقة، وإذا بصوت يقول لي: أعط هذه الورقة لمحمد نجيب، ليقرأها، ولينفذ ما بها. وعندما فتحت الورقة وقرأت ما بها عرفت أن عليك أن تقرأ الآية المكتوبة فيها 450 مرة، وكانت هذه الآية الكريمة هي: )الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ( (آل عمران: 173).
        تذكرت هذا الكلام. فصليت العشاء، ورحت أتلو هذه الآية عشرات المرات. وعيني على التليفون، الجهاز الوحيد الذي يربطني بالعالم الآن.
        عند منتصف الليل اتصلت زوجة شقيقي "علي" لتسأل عنه .. قالت:
        ـ أنا مشغولة عليه، فليس من عادته أن يتأخر، من دون أن يقول لي.
        طمأنتها وقلت لها: اطمئني.. سأبحث عنه.
        لم يكن علي يعرف شيئاً عن الحركة. ورغم ثقتي المطلقة به، إلا أنني لم أحدثه عنها، مطلقاً. خشيت أن يتعارض ذلك مع واجبه العسكري. فقد كان قائد حامية القاهرة، والمسؤول عن أمنها، وحمايتها. وإن كنت نصحته، بصورة غير واضحة، وغير مباشرة، أن يجري بعض التدريبات لجنوده، في أماكن بعيدة عن مسرح الأحداث.
        بعد دقائق، طلبني علي في التليفون، ربما ليتأكد من وجودي في البيت. ثم أخبرني أن بعض قوات الجيش تتجه نحو قصر عابدين. فطمأنته هو الآخر، وطلبت منه أن يتجه بنفسه إلى قصر عابدين ليرى بنفسه ما يجري هناك، لعلمي أن قصر عابدين كان خارج خطة التحركات، في هذه الليلة.
        وأعدت السماعة إلى مكانها. من دون أن أرفع عيني من على التليفون، ومن دون أن أعرف كيف ستمر هذه اللحظات، دون أن أنفجر، من القلق. فكرت في أن أرتدي ملابسي، وأنزل إلى القيادة، لكني رجعت فيما فكرت فيه، لأن الالتزام بأي خطة هو السر الوحيد وراء نجاحها. وخشيت أن يقبض علىَّ، قبل أن أصل إلى القيادة، فينتهي كل شئ.
        بعد قليل، اتصل بي، من الإسكندرية، محمد مرتضى المراغي، وزير الداخليه، وقال لي:
        ـ  يا نجيب بك، أتوسل إليك، كضابط وطني، أن توقف هذا العمل!
        ـ قلت له: ماذا تقصد بالضبط؟
        ـ قال: إنك تعرف ما أعني، فأولادك بدأوا شيئاً، في كوبري القبة، وإن لم تمنعهم، فسيتدخل الإنجليز.
        قلت : أنا لا أعرف ما تتحدث عنه!
        قال: يا نجيب أنت تعرف جيداً ما أقوله، فاتحرك، قبل فوات الأوان.
        قلت: هل تشك في أنني أدبر انقلاباً هل تريد أن تلصق بي هذه التهمة الخطيرة؟ ألا يكفي أنني مراقب، وأنا في بيتي؟!!
        قال: أقصد أن لك سيطرة على ضباطك وجنودك، اذهب إلى كوبري القبة، واصرفهم.
        قلت: كيف أعرف أن المتحدث هو مرتضى المراغي؟
        قال: يا نجيب، رئيس الوزراء سيستدعيك قريباً! وأقفل الخط. بعد ربع ساعة، اتصل بي فريد زعلوك، وزير التجارة والصناعة، وقال: ولادك يا نجيب عاملين دوشة، في كوبري القبة، قوم شوف الحكاية!
        قلت له: أنا ما عنديش ولاد.
        قال: إذ لم توقف الانقلاب، فسوف يعود الإنجليز لاحتلال مصر.
        قلت: هذا اتهام أرفضه! فأغلق الخط.
        ثم تلقيت مكالمة من رئيس الوزراء، نجيب الهلالي شخصياً، قال لي:
        يا نجيب، أنا أستاذك في مدرسة الحقوق، ما يحدث الآن مسألة عواقبها وخيمة، وتفتح الباب لتدخل الإنجليز، لكني عدت، للمرة الثالثة، أنفي معرفتي بما يجري.
        وانتهت المكالمة. وتضاعف ارتباكي وقلقي، ووصلت حيرتي إلى القمة. وظللت، في هذه الحالة، إلى أن جاء الفرج. رن جرس التليفون، وعندما رفعت السماعة، جاء صوت الصاغ جمال حماد يهنئني بنجاح المرحلة الأول، قال: "مبروك يا فندم، كله تمام".
        استولى أولادي على القيادة العامة، مركز الاتصالات الحيوية، وتحركت المدرعات ودخلت القاهرة. وتجمع الجنود بعرباتهم المدرعة، في شارع الخليفة المأمون، أي أن الخطة نفذت تماماً، كما رسمناها. لكن، بسبب خيانة أحد الضباط، عرف المسؤولون عن أمن القيادة خبراً بالحركة فاستعدوا للمقاومة. ولم يكن هناك مفر من الاستيلاء على المقر بالقوة، فمات اثنان من الجنود، وجرح اثنان آخران في القاعدة الجوية بألماظة.
        وفي الوقت نفسه، قامت جماعات الأمن، التابعة لزكريا محيي الدين، بالقبض على اللواء أحمد طلعت، قائد البوليس، واللواء عبد المنصف محمد، نائب وزير الداخلية، واللواء محمد إمام، رئيس قلم البوليس السياسي، واللواء حسن حشمت، قائد القوات المدرعة. وقبض على الباقي وهم في منازلهم.
        لم يكن هناك لواء عامل واحد في الجيش، في ذلك الوقت، ينعم بحريته سواي، حتى شقيقي علي دخل المعتقل، مع زملائه.
        كان ذلك في الساعة الثانية صباحاً.
كيف تصرفت جبهة الملك فاروق بالإسكندرية؟ Dab1248886758_753_gh
        وقال لي جمال حماد:
        إن قولاً من ثلاث عربات مدرعة، يقوده اليوزباشي سعد توفيق، في طريقه إلى الزيتون لإحضارك.
 لكنني أخبرته أنني سأركب، فوراً، سيارتي الأوبل الصغيرة، التي يقودها سائقي الخاص، توفيراً للوقت.
        وتحركت بسيارتي الأوبل، في طريقها إلى كوبري القبة. ولكن، قبل أن أصل إلى مقر القيادة، وجدت جمعاً من الضباط والجنود في انتظاري، فتركت سيارتي المدنية، وركبت سيارة جيب، دخلت بها مبنى رئاسة الأركان.
        كان أول من استقبلني، على مدخل القيادة، اليوزباشي إسماعيل فريد، الذي أصبح ياوري الخاص بعد ذلك. وعندما صعدت إلى غرفة رئيس الأركان وجدت البكباشي يوسف صديق يتحدث إلى بعض الضباط منهم [القائمقام أحمد شوقي، البكباشي جمال عبد الناصر، البكباشي زكريا محيي الدين، البكباشي عبد المنعم أمين، قائد أسراب حسن إبراهيم، قائد أسراب عبد اللطيف البغدادي، قائد جناح علي صبري، وكان البكباشي محمد أنور السادات متمدداً في غفوة قصيرة].
        وللتاريخ أذكر أن يوسف صديق كان أشجع الرجال في تلك الليلة، وكان هو الذي نفذ عملية الاقتحام والسيطرة على مقر القيادة، رغم أن دوره كان، حسب الخطة، حماية قوات الهجوم، والوقوف كصف ثاني وراءها.
        وللتاريخ كذلك، أذكر أن جمال عبد الناصر، وعبد الحكيم عامر، لم يقتربا من القيادة، إلا بعد الاستيلاء عليها. كانا يقفان في مكان جانبي قريب، أمام سيارة عبد الناصر الأوستن السوداء، وقد ارتديا الملابس المدنية، ووضعا ملابسهما العسكرية، وطبنجتين داخل السيارة. وبمجرد أن أحسا بنجاح الاقتحام، ارتديا الملابس العسكرية ودخلا القيادة. أما أنور السادات فكان أكثر منهما ذكاءًا، إذ دخل ليلتها السينما، وتشاجر مشاجرة مفتعلة، وحرر محضراً بالواقعة، حتى إذا ما فشلت الحركة، نجح في الخروج منها كالشعرة من العجين.
        على مكتب رئيس الأركان الفريق حسين فريد وجدت مفكرته الخاصة. وفي هذه المفكرة، كان حسين فريد قد سجل أسماء ثمانية، من أسمائنا، تمهيداً للقبض علينا، أو تشريدنا، في اليوم نفسه، يوم 23 يوليه.
        وعلى هذا المكتب، بدأت، بعد دقائق من وصولي، أرد على المكالمات التي تلقيتها من الإسكندرية.. من الفريق حيدر، ومن وزير الخارجية، ومن رئيس الوزراء، وكانوا جميعاً يطلبون تأجيل إذاعة البيان الأول، الذي عرفوا أنه سيذاع مع افتتاح الإذاعة.
فقلت لوزير الداخلية:
ـ نحن مصرون على إذاعة البيان في موعده، ونأسف لعدم إجراء أي تعديل في برنامجنا.
ثم قلت له:
ـ نحن حركة لا هم لها سوى إصلاح الفساد في الجيش، فلا تنزعجوا.
ـ أيوه يا فندم، أنا مصر على إذاعة البيان، في موعده. متأسف جداً. لا أستطيع إجراء أي تعديل في برنامج الحركة. هدفنا إصلاح الفساد في الجيش. أرجو إمهالي خمس دقائق (قطع نجيب الحديث، ووقف يتشاور مع زملائه) ثم دق جرس التليفون.
كيف تصرفت جبهة الملك فاروق بالإسكندرية؟ %D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D9%86%D8%AC%D9%8A%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%84%D8%A7%D9%84%D9%8A
وكان المتحدث رئيس الوزراء وجرى حوار على النحو التالي:
ـ ألو. مين يا فندم. الهلالي باشا يا فندم. أيوه يا فندم. آسف جداً يا فندم، غير ممكن تأجيل إذاعة البيان. الهدف هو إصلاح الفساد. لا يا فندم، إنتم كان أمامكم فرصة كبيرة للإصلاح، ولم تصلحوا أي شيء، آسف جداً.
        ويذكر اللواء محمد نجيب: أن رئيس الوزراء، أحمد نجيب الهلالي، طلب منه الذهاب إلى الإسكندرية، "ولكني اعتذرت، عن عدم إمكانية تلبية هذا الطلب. ولمَّا استفسر مني، عن طلباتنا، قلت له: إننا نطالب بالآتي:
1 -  تكليف علي ماهر بتشكيل الوزارة.
2 -  تعييني قائداً عاماً للقوات المسلحة.
3 -  طرد محمد حسن، وحلمي حسين، وأنطوان بوللي، من حاشية الملك.
        وقد رأيت تقديم هذه الطلبات للملك، حتى إذا رضخ، وقبلها، عرفت أنه في مركز ضعف، وأنه لا يستند إلى قوات الاحتلال، كما نمى إلى علمي. وانتهت المحادثة، لأتلقى محادثة أخرى، من مرتضى المراغي، وزير الداخلية، الذي كان قد وصل إلى القاهرة بالطائرة، وهو يدعوني لمقابلته، ولكنى قلت له، إذا كان يطلب أن ألتقي به، فليحضر إلىَّ في مقر القيادة، وسأرسل له حرسي الخاص لإحضاره. ولكنه، بدلاً من الحضور، عاد على الطائرة نفسها إلى الإسكندرية.
        واتصل بي حيدر، وقال:
        ـ إن الملك سوف يعينك وزيراً للحربية، ويغفر كل شئ، إذا أوقفت الانقلاب!
        فقلت له:
        ـ سوف أدرس الأمر.
          لكنني لم أعده بشيء.
        في الوقت نفسه، قام أحد ضباطنا بشرح الأهداف العامة للحركة، لملحق، بالسفارة الأمريكية، كان يعرفه، وكان السفير الأمريكي جيفرسون كافرى، ومساعدوه، في الإسكندرية، مع الحكومة. كذلك اتصل الضابط نفسه بالمستر كرزويل، القائم بأعمال السفارة البريطانية، لغياب مستر رالف ستيفنسون. ولو كان المستر كافرى موجوداً بالقاهرة، لكنا قد اتصلنا به مباشرة، لأننا كنا نعتقد، ساعتها، أنه أحد القلائل، بين الدبلوماسيين الأجانب، الذي يستحق أن نثق فيه.
        وكان علي صبري هو الوحيد، بين الضباط، الذي كان يعرف واحداً في السفارة الأمريكية. فكلف بإيقاظ الكولونيل دافيد ايفانس، مساعد الملحق العسكري الأمريكي، وأبلغه بنوايانا. وطلب منه أن يبلغ السفير الأمريكي، والقائم بالأعمال البريطاني، أن الانقلاب مسألة داخلية بحتة، تخص المصريين وحدهم، وأن حياة، وممتلكات الأجانب سوف تُحترم. وطالما لا يتدخل الإنجليز، فسوف يُعاملون معاملة الأجانب الآخرين. وحذَّر علي صبري مستر إيفانس بأنه، إذا تدخل الإنجليز، فسوف يتحملون، وحدهم، مسؤولية سفك الدماء. وكان علي صبري حريصاً على ألا يبلغ خطتنا، في خلع الملك عن العرش، لأحد.
        وفي الحقيقة، كنا نخشى من تدخل القوات البريطانية، المرابطة في منطقة قناة السويس، واحتلال وسط الدلتا، بحجة حماية أرواح وممتلكات الأجانب. لكنهم لم يتدخلوا.
        وكان علينا، قبل أي شيء آخر، أن نعد البيان الأول، ونجهزه، قبل أن تفتح الإذاعة إرسالها.
        كنا نريد صياغة بيان موجز ومؤثر، في وقت قصير جداً.
كيف تصرفت جبهة الملك فاروق بالإسكندرية؟ Emanoeel-f2d43a2b17
وانتهينا إلى الصيغة التالية:
        "اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم، وقد كان، لكل هذه العوامل، تأثير كبير على الجيش، وتسبب المرتشون، المغرضون في هزيمتنا، في حرب فلسطين". "وأما فترة ما بعد هذه الحرب، فقد تضافرت فيها عوامل الفساد، وتآمر الخونة على الجيش، وتولى أمره، إما جاهل، أو خائن أو فاسد، حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها، وعلى ذلك، فقد قمنا بتطهير أنفسنا، وتولى أمرنا، في داخل الجيش، رجال نثق في قدرتهم، وفي خُلقهم، وفي وطنيتهم، ولابد أن مصر كلها ستتلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب.
        أما من رأينا اعتقالهم، من رجال الجيش السابقين، فهؤلاء لن ينالهم ضرر، وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب."
        وإنني أؤكد، للشعب المصري، أن الجيش، اليوم، كله أصبح يعمل لصالح الوطن، في ظل الدستور، مجرداً من أية غاية، وأنتهز هذه الفرصة، فأطلب من الشعب ألا يسمح، لأحد من الخونة، بأن يلجأ لأعمال التخريب، أو العنف، لأن هذا ليس في صالح مصر وأن أي عمل، من هذا، سيقابل بشدة، لم يسبق لها مثيل، وسيلقى فاعله جزاء الخائن، في الحال، وسيقوم الجيش بواجبه هذا، متعاوناً مع البوليس.
        وإني أطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم، وأرواحهم، وأموالهم، ويعتبر الجيش نفسه مسؤولاً عنهم.
        والله ولى التوفيق،
        القائد العام للقوات المسلحة
                 لواء أ.ح / محمــد نجيـــب
        ووقعت البيان، بعد أن قام بتبييضه الصاغ جمال حماد، وأُرسل، على وجه السرعة، مع مخصوص إلى دار الإذاعة، وكانت في شارع علوي، وسلَّمه إلى اليوزباشي محيي الدين عبد الرحمن، الذي دخل به إلى المذيع، الذي كان يستعد لقراءة النشرة فأذاعه، من دون اعتراض. وإن كان قد ترك الضابط يقرأه بنفسه.
        لكن عندما سمعت البيان، بصوت ذلك الضابط، لم يعجبني؛ فقد كان يتعثر في النطق، وكان مرتبكاً، مهزوزاً. ونظرت إلى بغدادي، أو السادات، وطلبت أن يتولى أحدهما مهمة إعادة البيان، بطريقة أفضل، فتحمس السادات، وانطلق إلى مبنى الإذاعة، وبعد نصف ساعة، كان البيان يُذاع بصوته المعبر. كان البيان يذاع، كل نصف ساعة، تقريباً.
        لكنه عندما أذيع أول مرة، كنا نتحكم في الموقف تماماً. وكانت طائراتنا، ومقاتلاتنا، تطير في سماء القاهرة، والإسكندرية، وبعض مدن الدلتا. واتخذت الدبابات أماكنها، أمام المباني العامة، وفي الميادين المهمة بالعاصمة، ولم تكن، هناك أي مقاومة، على العكس، كان هناك ترحيب شعبي هائل.
يعلق أحمد عطية على هذا البيان، ويورد نقداً عليه بقوله:
        يشير البيان إلى تاريخ مصر الأخير، والصحيح أن يقال تاريخ مصر الحديث، أو المعاصر، ويتحدث، أول ما يتحدث، عن الرشوة ثم يردفها بالفساد، مع أن الرشوة مظهر من مظاهر الفساد، ثم يتحدث عن عدم الاستقرار، وهو نتيجة لاستشراء الفساد، ويتحدث البيان عن الفساد في الجيش، وأن قادة الحركة قاموا بتطهيره، وتعيين قيادات، هي موضع ثقتهم. وهو أمر لم يحصل بعد، كما أن البيان، في فقراته الأولى، يتحدث بصيغة الجمع فيقول: فقد قمنا بتطهير أنفسنا، ومن رأينا اعتقالهم، بينما يتحدث في الفقرات التالية بصيغة المفرد أي باسم القائد العام فيقول: وأنني أؤكد للشعب وأنتهز هذه الفرصة، وأني أطمئن إخواننا .. إلخ، ومن ثم، فإن الحركة تُتهم، حتى بعد نجاحها، بالعفوية، في إصدار قراراتها وأحكامها.
        وانتهى المجتمعون من صياغة البيان، وكتبه عبدالحكيم عامر، ووقَّعه اللواء محمد نجيب، وفيه اتخذ لنفسه، ولأول مرة، لقب القائد العام للقوات المسلحة، مع أن هذا اللقب كان ينبغي أن يسبقه اجتماع لقادة الحركة، يعلنون فيه، تنحية حيدر باشا، وانتخاب محمد نجيب خلفاً له، حتى تبدو خطوات الحركة، مستقيمة تحترم التقاليد والعرف.
كيف تصرفت جبهة الملك فاروق بالإسكندرية؟ Jml_hmd_tswyr_mhmwd_khld
رواية جماد حماد عن كتابة البيان الأول للثورة وإذاعته
        "في حوالي الرابعة صباحاً، كان مكتب اللواء محمد نجيب، بمبنى رئاسة الجيش، الذي تم الاستيلاء، عليه، أشبه بخلية النحل، فقد جلس، حول المكتب، عدد من قادة الضباط الأحرار. وكانت المناقشات تدور بينهم، في شأن الموقف، بأصوات مرتفعة، في الوقت الذي كانت فيه التليفونات، الموجودة على المكتب، لا تكف لحظة عن الرنين، فقد كان الجميع، في القاهرة والإسكندرية، يريدون الاتصال بقيادة الضباط الثائرين، لمعرفة مطالبهم واكتشاف أهدافهم ومراميهم.
        وكان عدد، من مندوبي الصحف والمصورين، قد سمح لهم بدخول الغرفة والتقطوا بكاميراتهم عشرات من الصور لقائد الثورة وضباطه. وفي هذا الجو المليء بالضجيج، انسحب ضابطان، من وسط المجموعة، التي كانت في مكتب محمد نجيب، هما عبدالحكيم عامر، وجمال حماد، ودخلا غرفة المؤتمرات، التي تواجه مباشرة مكتب اللواء محمد نجيب، وأغلقا باب الغرفة عليهما من الداخل وجلسا على مقعدين متجاورين على مائدة المؤتمرات الخشبية الفخمة، يلتقطان أنفاسهما، ويستعيدان الهدوء، الذي افتقداه، خلال وجودهما بمكتب اللواء محمد نجيب.
        وكان الغرض من هذه الجلسة المغلقة، هو كتابة البيان الأول للثورة، الذي سيوجه من اللواء محمد نجيب إلى الشعب المصري، من دار الإذاعة في السابعة صباحاً. واتفق الزميلان على النقاط الأساسية، التي ينبغي أن يضمها البيان، ودوناها في ورقة صغيرة، ثم لم يلبث عبدالحكيم أن ترك زميله وحده، بالغرفة، ليتيح له فرصة صياغة البيان الأول للثورة، في هدوء.
        وعكف جمال حماد على صياغة البيان، وفقاً للنقاط التي تم الاتفاق عليها، مع عبدالحكيم عامر، وبعد عدة مسودات، استقر رأيه على الصيغة النهائية، التي كتبها على ورقة فولسكاب بيضاء، بقلمه الحبر، ولم يستغرق ذلك أكثر من نصف ساعة، عاد بعدها عبدالحكيم عامر، إلى الغرفة، حيث قرأ البيان، في اهتمام، وأبدى رضاءه التام. وعندما عرض البيان على اللواء محمد نجيب، وافق على الصيغة، ولكنه رأى إضافة بعض الكلمات إلى البيان، فأخرج قلمه، وكتب هذه الكلمات، حشراً بين السطور المكتوبة، ثم وقَّع البيان بإمضائه، وانحصر التعديل في عبارة واحدة، كانت في الأصل "وإني أؤكد أن الجيش، اليوم، كله أصبح يعمل لصالح الوطن مجرداً من أية غاية"، فأصبحت بعد التعديل "وإني أؤكد، للشعب المصري، أن الجيش، اليوم، كله أصبح يعمل لصالح الوطن، (في ظل الدستور)، مجرداً من أية غاية".
        وكان المتفق عليه، بين جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر، أن يتولى جمال حماد إذاعة البيان، بنفسه، باعتباره كاتبه، ولثقتهما التامة في إجادته النطق السليم باللغة العربية، بصفته أديباً وشاعراً. وأخبره عبد الحكيم عامر، أن سيارة ستكون في انتظاره، الساعة السادسة صباحاً، لنقله إلى دار الإذاعة. ولكن الظروف تدخلت لتغيير الأمر، الذي كان متفقاً عليه، فقد طلب زكريا محيي الدين من جمال حماد أن يكون متأهباً، في أية لحظة، للتحرك إلى معسكر اللواء السابع المشاة بالعباسية، إذ أن نجيب الهلالي، خلال اتصالاته التليفونية من الإسكندرية، حذر من الأنباء، التي وصلته عن تحركات، تقوم بها القوات البريطانية، على طريق السويس في اتجاه القاهرة. وأكد زكريا محيي الدين أنه، في حالة التحقق من صحة هذه الأنباء، عن طريق طلعات الاستطلاع الجوي، في الصباح الباكر، فإنه من المنتظر، تحريك اللواء السابع، الذي أصبح الاحتياطي العام للحركة، إلى طريق السويس لاحتلال مواقع دفاعية، على عجل، لصد الهجوم الإنجليزي المحتمل، بالاشتراك مع الدبابات السنتوريون، من سلاح الفرسان، ووحدات المدفعية، وأن عليه توجيه إنذار لكتائب اللواء السابع المشاة، بالاستعداد للتحرك. ولما أبلغه جمال حماد بأنه قد عُيِّن لإذاعة البيان من دار الإذاعة، رفض ذلك بشدة، وأخبر زميله بأنه سيتفق، مع جمال عبدالناصر لتكليف ضابط آخر للقيام بمهمة إذاعة البيان. وبعد قليل، تسلم أنور السادات البيان لإذاعته.


كيف تصرفت جبهة الملك فاروق بالإسكندرية؟ 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
كيف تصرفت جبهة الملك فاروق بالإسكندرية؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اجتماع الملك فاروق برئيس وزرائه
» الفصل الخامس عشر: إعلان الجمهورية ومصادرة أموال فاروق ومحاكم الثورة
» الفصل السادس: صراع المائة ساعة لإسقاط فاروق
» الفصل الخامس عشر: إعلان الجمهورية ومصادرة أموال فاروق ومحاكم الثورة
» اسم الله "الملك"

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الأحـداث الفارقــة في حيــاة الدول :: ثورة يوليو ١٩٥٢م :: ثورة 23 يولـيو 1952م-
انتقل الى: