توهُّم عدم المطابقة بين الضمير وما يعود عليه
توهُّم عدم المطابقة بين الضمير وما يعود عليه Ocia1694
زعموا أن القرآن خالف قاعدة المطابقة في النوع بين الضمير ومَعَادِه.

واستشهدوا لذلك بالآيتين التاليتين:
1) قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} الأحزاب: 33؛ حيث جاء الضمير في "يطهِّركم" مذكرًا، والصواب في ظنهم أن يؤنث فيُقال: "ويطهركن"؛ لأنهم توهموا أن المُراد بـ "أهل البيت": نساء النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وهذا خطأ بَيِّنٌ وقع فيه صاحب الشبهة؛ لأن المُراد بأهل البيت: النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وعلي بن أبي طالب، والحسن، والحسين، وفاطمة الزهراء، وأمهات المؤمنين[1].

وعلى هذا فالخطاب شمل المذكر والمؤنث، ومعروف أنه إذا اجتمع المذكر والمؤنث غُلِّب المذكر، فالضمير في "عنكم"، و"يطهركم" يشمل هؤلاء جميعًا.

2) قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} النحل: 66؛ حيث جاء الضمير في "بطونه" مذكرًا، وهو عائد على الأنعام وهي مؤنثة، والصواب -في زعمهم- أن يُقال: "بطونها".

الضمير في "بطونه" هنا عائدٌ على بعض الأنعام؛ لأن الذكور لا ألبانَ لها، والتقدير: نسقيكم مما في بطون بعض الأنعام.          

وكلمة "بعض" مذكرة، فعاد الضمير عليها مذكرًا لتخصيص بعضها، أي الإناث التي تدر اللبن.

وأمَّا قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ} المؤمنون: 21، فقد جاء الضمير في "بطونها" مؤنثًا ليعم الأنعام كلها، بدليل قوله تعالى بعده: {وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ} فعَمَّ الذكر والأنثى من الأنعام كلها؛ لأن مدار الحديث هنا على عموم منافعها، بينما في آية النحل خُصَّ بَعْضُ الأنعام لاقتصار الكلام على اللبن دون سائر المنافع[2].

****************************
[1] البحر المحيط 7 : 231 ـ 232.
[2] البحر المحيط 5 : 509، كشف المعاني لابن جماعة، تحقيق:  د. محمد محمد داود، ص 131 ـ 132.