(14) خيانات نصير الدين

 (نصير الدين الطوسي)، هذا كان معاصرًا للوزير ابن العلقمي، وكان شيعيًّا رافضيًّا خبيثًا مثله، تَعَدَّدَتْ خياناته؛ فكانت ما بين إعانة على قتل أهل السنُّة، وأخذ أموالهم والقضاء على تراثهم الفكري.

أمَّا خيانته في الإعانة على قتل أهل السُّنَّة فثابتٌ مُستفيضٌ، قال ابن كثير رحمه الله:
"الخواجا نصير الدين الطوسي وزر لأصحاب قلاع الألموت من الإسماعيلية، ثم وزر لهولاكو، وكان معه في واقعة بغداد".
(البداية والنهاية [13/267])، وانظر (شذرات الذهب [5/340]، ط دار الأوقاف- بيروت).

وقال في موضوع آخر:
"كان النصير وزيرًا لـ(شمس الشموس)، ولأبيه قبله (علاء الدين بن جلال الدين)، وكانوا ينسبون إلى نزار بن المستنصر العبيدي، وانتخب هولاكو النصير ليكون في خدمته كالوزير المشير، فلما قدم هولاكو وتهيب من قتل الخليفة -أي في واقعة بغداد 656هـ- هون عليه الوزير -أي الطوسي- ذلك فقتلوه رفساً، وهو في جوالق لئلا يقع على الأرض شيء من دمه وأشار الطوسي بقتل جماعة كبيرة - من سادات العلماء والقضاة، والأكابر، والرؤساء، وأولي الحل والعقد مع الخليفة فباء بآثامهم".
(البداية والنهاية [13/201]) بتصرف.

والشيعة الملاعين يمتدحون ما فعله الطوسي من الخيانة، ويترحمون عليه ويرونه نصرًا حقيقيًّا للإسلام، فمثلاً:
يقول علامتهم محمد باقر الموسى في (روضات الجنات في ترجمة الطوسي [1/300] - [301]): "هو المحقق المتكلم الحكيم المتجبر الجليل.. ومن جملة أمره المشهور المعروف المنقول حكاية استيزاره للسلطان المحتشم في محروسة إيران هولاكو خان بن تولي جنكيز خان من عظماء سلاطين التتارية، وأتراك المغول ومجيئه في موكب السلطان مؤيد مع كمال الاستعداد إلى دار السلام بغداد؛ لإرشاد العباد وإصلاح البلاد، وقطع دابر سلسلة البغي والفساد، وإخماد دائرة الجور والإلباس بإبداد دائرة ملك بني العباس، وإيقاع القتل العام في أتباع أولئك الطغاة إلى أن سال من دمائهم الأقذار كأمثال الأنهار فانهار بها في ماء دجلة، ومنها إلى نار جهنم دار البوار، ومحل الأشقياء والأشرار".
(حقيقة الشيعة: ص54).

فيا سبحان الله! الخيانة إرشاد للعباد وإصلاح للبلاد!

وصدق ربنا عز وجل فيما قاله في مثل هؤلاء الخونة المفسدين:
{
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـكِن لاَّ يَشْعُرُونَ}[البقرة: 11-12].

وقد امتدح الخميني نصر الدين الطوسي وبارك خيانته هذه واعتبرها نصرًا حقيقيًّا للإسلام، قال في كتابه (الحكومة الإسلامية): "..وإذا كانت ظروف التقية تلزم أحدًا منا بالدخول في ركب السلاطين فهنا يجب الامتناع عن ذلك حتى لو أدى الامتناع إلى قتله إلا أن يكون في دخوله الشكلي نصر حقيقي للإسلام والمسلمين مثل دخول علي بن يقطين، ونصير الدين الطوسي رحمهما الله".
(الخميني: (الحكومة الإسلامية)،ص142ط الرابعة).

ويقول أيضًا عنه:
"ويشعر الناس بالخسارة أيضًا بفقدان الخواجة نصير الدين الطوسي وأمثاله مِمَّنْ قَدَّمُوا خدمات جليلة للإسلام".
(الخميني: الحكومة الإسلامية ص128).

وهكذا عندما تنتكس الموازين تصبح خيانة الإسلام والمسلمين خدمات جليلة للإسلام والمسلمين!

ألا لعنة الله على من لم يقيموا الوزن بالقسط وأخسروا الميزان.

وتَعَدَّتْ خيانة الطوسي الخيانة في القتل إلى نوع خطير من الخيانة إنه خيانة الأمَّة الإسلامية في حضارتها، في تراثها وفكرها وثقافتها.

فإن الطوسي نظرًا لأنه كان له معرفة بالعلوم وخصوصًا علم الكلام والفلسفة والمنطق.. فظن أن توجيه هذه الضربة القاصمة للأمة الإسلامية في تراثها الحضاري والفكري فسعى في إهلاك المؤلفات وإتلافها وسرقتها واستبقاء الفلاسفة والمنجمين.

قال ابن كثير رحمه الله:
"وفي سنة 657هـ أي بعد دخول التتار بغداد، وأصبح هذا الكلب متصرفًا في البلاد، عمل الخواجة نصير الدين الطوسي الرصد بمدينة مراغة ونقل إليها شيئًا كثيرًا من كتب الأوقاف التي كانت ببغداد، وعمل دارًا للحكمة ورتب فيها الفلاسفة، ورتب لكل واحد في اليوم والليلة ثلاثة دراهم".
(البداية والنهاية [13/315]).

وقال ابن القيم رحمه الله:
"ولَمَّا انتهت النوبة إلى نصير الشرك والكفر المُلحد، وزير الملاحدة النصير الطوسي وزير هولاكو شفا نفسه من أتباع الرسول الكريم وأهل دينه، فعرضهم على السيف، حتى شفا إخوانه من الملاحدة، واشتفى هو فقتل الخليفة والقضاة، والفقهاء، والمُحَدِّثِينَ، واستبقى الفلاسفة والمنجمين والطبائعيين والسَّحَرَةِ، ونقل أوقاف المدارس والمساجد والربط إليهم، وجعلهم خاصته وأولياءه، ونصر في كتبه قدم العالم وبطلان المعاد، وإنكار صفات الرب جل جلاله من علمه وقدرته وحياته وسمعه وبصره، وأنه لا داخل العالم ولا خارجه، وليس فوق العرش إله يعبد ألبته، واتخذ للملاحدة مدارس، ورام جعل إشارات إمام الملحدين (ابن سينا)، مكان القرآن، فلم يقدر على ذلك، فقال هي قرآن الخواص، وذاك قرآن العوام، ورام تغيير الصلاة وجعلها صلاتين فلم يتم له الأمر وتعلم السحر في آخر الأمر، فكان ساحرًا يعبد الأصنام، وصارع محمد الشهرستاني ابن سينا في كتابه سماه (المصارعة)، أبطل فيه قوله بقدم العالم وإنكار المعاد ونَفْي علم الرب تعالى وقدرته وخلقه للعالم، فقام له نصير الإلحاد وقعد، ونقضه بكتاب سماه (مصارعة المصارعة)،.. وبالجملة فكان هذا الملحد هو وأتباعه من الملحدين الكافرين بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر".
(ابن القيم: إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان [2/263]، ط مصطفى البابي الحلبي)، القاهرة.

وقال الشيخ محب الدين الخطيب:
"النصير الطوسي، جاء في طليعة موكب السفاح هولاكو، وأشرف معه على إباحة الذبح العام في رقاب المسلمين والمسلمات، أطفالاً وشيوخًا، ورضي بتغريق كتب العلم الإسلامية في دجلة، حتى بقيت مياهها تجري سوداء أيامًا وليالي من مداد الكتب المخطوطة التي ذهب بها نفائس التراث الإسلامي من تاريخ وأدب ولغة وشعر وحكمة، فضلاً عن العلوم الشرعية ومصنفات أئمة السلف من الرعيل الأول، التي كانت لا تزال موجودة بكثرة إلى ذلك الحين، وقد تلف مع ما تلف من أمثالها في تلك الكارثة الثقافية التي لم يسبق لها نظير".
(محب الدين الخطيب: الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الاثني عشرية: ص [47]-[48])، ط المركز الإسلامي للإعلام والنشر.

ولقد لفتت هذه الخيانة الحضارية والثقافية نظري إلى أمر هام وهو أننا حين نقرأ في كتب تراجم الرجال أو الكتب التي عنيت بتسجيل أسماء الكتب من أهم هذه الكتب: (كشف الظنون لحاجي خليفة - والفهرست لابن النديم)، نسمع عن عشرات ومئات من المصنفات الضخام، ولكن نفاجأ بأنه لم يصل إلينا منها إلا القليل، فندرك أن مثل هذه الخيانة الحضارية الثقافية كانت وراء ضياع كثير من هذه المؤلفات القيمة، حتى جاء الاستعمار الحديث فسرق عشرات الموسوعات العلمية من تراث هذه الأمَّة ونقلها إلى بلاده، ومَنْ يدري لعل أيدي الخيانة الشيعية هي التي فعلت بتراث الأمَّة حديثًا ما فعلته قديمًا.

جدير بالذكر أنه في الحرب الأخيرة على العراق لما جاء التتار الجد بقيادة (هولاكو بوش)، بغداد نتيجة الخيانة وسادت الفوضى في البلاد عمد الشيعة إلى أماكن السجلات والوثائق فنهبوها عن آخرها، فإنا لله وإنا إليه راجعون.