جويرية بنت  الحارث عظيمة البركة على أهلها Yiooo10
جويرية بنت  الحارث
عظيمة البركة على أهلها
هي جويرية بنت الحارث بن ضرار بن حبيب الخزاعية المصطلقية، كانت من أجمل النساء.

بعد أن عاد رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- من غزوات بني لحيان وذي قرد إلى المدينة وما كاد يُقيم شهراً وبعض شهر، حتى بلغه أن بني المصطلق –قوم جويرية– يجمعون الجُمُوعَ لقتاله بقيادة زعيمهم الحارث بن أبي ضرار (والد جويرية).

قال ابن إسحاق:
وأصيب من بني المصطلق يومئذ ناس وقَتَلَ علي بن أبي طالب منهم رجلين مالكاً وابنه وقَتَلَ عبد الرحمن بن عوف رجلاً من فرسانهم يُقَالُ له أحمر أو أحيمر.

حديث جويرية بنت الحارث -رضي الله عنها- وكان رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- قد أصاب منهم سبياً كثيراً فشا قسمه في المسلمين وكان فيمَنْ أصيب يومئذ من السبايا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار زوج رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-.

قال ابن إسحاق:
وحدَّثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة ابن الزبير عن عائشة قالت لَمَّا قسم رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السَّهم لثابت بن قيس ابن الشماس أو لابن عم له، فكاتبته على نفسها وكانت امرأة حلوة ملاحة لا يراها أحَدٌ إلا أخذت بنفسه، فأتت رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- تستعينه في كتابتها، قالت عائشة فوالله ما هو إلا إن رأيتها على باب حُجرتي فكرهتها وعرفت أنه سيرى منها -صلّى اللهُ عليه وسلّم- ما رأيتُ فدخلت عليه فقالت يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك فَوَقَعْتُ في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له فكاتبتهُ على نفسي فجئتُك استعينُك علي كتابتي، قال فهل لَكِ في خير من ذلك؟ قالت وما هو يا رسول الله؟ قال قد فعلت، قالت وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- قد تزوَّج جويرية ابنة الحارث بن أبي ضرار فقال الناس أصهار رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- وأرسلوا ما بأيديهم قالت فلقد أعتق بتزويجه إيَّاها مائة أهل بيتٍ من بني المصطلق فما أعلمُ امرأةً كانت أعظم على قومها بَرَكَةً منها.

قال ابن هشام:
ويُقَالُ لَمَّا انصرف رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- من غزوة بني المصطلق ومعه جويرية بنت الحارث، وكان بذات الجيش دفع جويرية إلى رجل من الأنصار وديعة وأمره بالاحتفاظ بها، وقَدِمَ رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- المدينة فأقبل أبوها الحارث بن أبي ضرار بفداء ابنته، فَلَمَّا كان بالعقيق نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء فرغب في بعيرين منها فَغَيَّبَهُمَا في شِعْبٍ من شِعَابِ العقيق ثم أتى إلى النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم-، وقال: يا محمد أصبتم ابنتي وهذا فداؤها، فقال رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم-: "فأين البعيران اللذان غَيَّبْتَهُمَا بالعقيق في شِعْبِ كذا وكذا؟"، فقال الحارث: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّكَ محمد رسول الله فوالله ما اطَّلَعَ على ذلك إلا الله، فأسلم الحارث وأسلم معه ابنان له ونَاسٌ من قومه وأرسل إلى البعيرين فجاء بهما فدفع الإبل إلى النبي -صلّى اللهُ عليه وسلّم- ودفعت إليه ابنته جويرية فأسلمت وحَسُنَ إسلامها فخطبها رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- إلى أبيها فَزَوَّجَهُ إيَّاهَا وأصدقها أربعمائة درهم عن جويرية -رضي الله عنها-.

وكانت رضي الله عنها من الصائمات العابدات.

قالت: دخل عَلَيَّ رسولُ الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- يوم الجمعة وأنا صائمة، فقال لها: "أصُمْتِ أمس"؟، قالت: لا، قال: "أتريدين أن تصومي غداً"؟ قالت: لا، قال: "فأفطري".

وكانت السيدة جويرية رضي الله عنها كثيرة الذِّكْرِ لله تعالى.

تقول جويرية -رضي الله عنها-:
أتى عليَّ رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- غَدْوَةً، وأنا أُسَبِّحُ، ثم انطلق لحاجته، ثم رجع قريباً من نصف النهار، فقال: "أمَا زِلْتِ قَاعِدَةً"؟ قلت: نعم قال: "ألا أعلمك كلمات لو عدلن بهن عدلتهن، أو وزن بهن وزنتهن أي جميع ما سبحت من أول النهار: سبحان الله عدد خلقه، ثلاث مرات، وسبحان الله زنة عرشه، ثلاث مرات، وسبحان الله رضا نفسه، ثلاث مرات، وسبحان الله مداد كلماته، ثلاث مرات".

توفيت رضي الله عنها وأرضاها في سنة خمسين، وقيل: توفيت سنة ست وخمسين.

الفوائد
1- جواز مكاتبة الأمَةُ سيدها، والعبدُ سيده على أن يدفع له المال مقابل العِتْقِ، كما كاتبت جويرية ثابت بن قيس على نفسها.

2- قضاء الكتاب عن الأمَةِ ويكون ذلك صداقها، كما فعل رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- مع جويرية.

3- قول رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- لوالد جويرية عن البعيرين اللذين غيبهما علامة من علامات النبوة.

4- النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصيام، عندما أمر رسول الله -صلّى اللهُ عليه وسلّم- جويرية بالإفطار عندما كانت صائمة يوم جمعة.