منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات Empty
مُساهمةموضوع: الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات   الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات Emptyالجمعة 28 أبريل 2023, 3:48 pm

الفصل الثالث: الشخصيــات
•    يأجوج ومأجوج
•     لقمان وابنه
•     مؤمن آل فرعون
•     أخوة يوسف
•     امرأة العزيز


الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات Ocia_373
يأجوج ومأجوج
أشار تعالى لذكر يأجوج ومأجوج في القرآن العظيم مرتين الأولى في سورة الكهف السابقة والثانية في سورة الأنبياء.
وفي تراثنا العديد من الأحاديث الموضوعة التي تصف يأجوج ومأجوج بأوصاف غريبة فتارة يجعلونهم عمالقة، وتارة أخرى أقزاما، وأشكالهما كذا وكذا، وهذه أقوال لعب فيها الخيال دوراً كبيراً.
لكن كتاب الله العزّيز والسنة النبوية الشريفة هي الفيصل لكل الأمور، إذ يخبرنا القرآن الكريم بأن يأجوج ومأجوج هم قوم مفسدون كانوا في الزمن البعيد يعيشون خلف سَدٍ منيع يتكوَّن من جبلين يصلهما سَدٌ من الحديد والنحاس أقامه ذو القرنين ليمنعهم من الإغارة على جيرانهم في الجهة الثانية من السَدِّ.
وورد في السنة النبوية الشريفة عن زينب بنت جحش زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عليه الصلاة والسلام استيقظ من نومه وهو مُحْمَّرُ الوجه وهو يقول: "لا إله إلا الله ويلٌ للعرب من شر قد اقترب، فُتِحَ اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وحلّق: أي عمل صلى الله عليه وسلم حلقة بإصبعيه"، قلت يا رسول الله: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال عليه الصلاة والسلام: "نعم إذا كَثُرَ الخبث".
روى أحمد حديثاً من أن يأجوج ومأجوج ليحفرون السَّدَّ كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرونه غداً فيعودون إليه كأشَدِّ ما كان.
حتى إذا بلغت مُدَّتُهُم وأراد الله تعالى أن يبعثهم على الناس حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غداً إن شاء الله فيستثنى فيعودون إليه وهو كهيئة تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس فينشفون المياه ليتحصَّن الناس منهم..
ويذكر أن يأجوج ومأجوج من نسل يافث بن نوح عليه السلام على رأي المفسرين ومرجعهم في ذلك ما  ورد في الإصحاح الأول من سفر التكوين بالعهد القديم الذي يقول: هذه مواليد بني نوح سام وحام ويافث وولدهم بنون بعد الطوفان بنو يافث جومر ومأجوج ومادي.
ويقول تعالى في سورة الأنبياء96: "حتى إذا فُتِحَتْ يأجوجُ ومأجوجُ وهم من كل حَدَبٍ ينسلون".
ويخبرنا الرازي عن موضع السَّدَّين بأنهما ناحية الشمال فقيل: جبلان لأرمينية وأذربيجان وقيل هو في منقطع أرض التُّرك.
أرسل الخليفة الواثق بن المتوكل بن المعتصم العباسي بعثة من  العاصمة سرّ من رأى "سامراء الحالية شمال بغداد"  للبحث عن السد ووصلوا إليه وذكروا أنهم رأوه مبنياً من الحديد والنحاس ورأوا فيه باباً عظيماً وعليه أقفال عظيمة وأن عليه حرساً وأنه عال شاهق لا يُستطاع ولا ما حوله من الجبال وذكروا للخليفة الواثق إنهم عند خروجهم من تلك البلاد وجدوا أنفسهم في سمرقند.
ويكاد أن يتفق العلماء جميعاً على أن يأجوج ومأجوج هم قبائل التتار الهمجية الدموية التي عرفت باسم المغول أي الغزاة، إذ غزت العالم في القرن السابع الهجري بقيادة جنكيز خان وحفيده هولاكو.
وكان التتار يسكنون السهول الشمالية الرقية للعالم، وهو موضع قريب مما ذكره العلماء عن مكان يأجوج ومأجوج وهم قوم مفسدون كما ذكرهم تعالى في سورة الكهف فأدَّى نزولهم على العالم إلى تدميره وخرابه، وقد ذبحوا العرب وقتلوهم ببشاعة ووحشية حتى إنهم كانوا يقطعون أجساد الناس وهم أحياء ويضعونها في أفواه الضحايا أنفسهم حتى يموتوا، ويركلونهم حتى الهلاك.. وظلّ التتار يعيثون في الأرض فساداً حتى انتصر عليهم المسلمون في موقعة عين جالوت.
والمُلاحظ في السورتين اللتين ذكر فيهما يأجوج ومأجوج أن أعقب عزّ وجلّ ذكرهما مباشرة ذكر الساعة والنفخ في الصور، بقوله في سورة الكهف /98 - 100: "فإذا جاء وعدُ رَبِّي جعله دكآء وكان وعدُ رَبِّي حقًا . وتركنا بعضهم يومئذٍ يموج في بعض ونُفِخَ في الصَّور فجمعناهم جمعًا . وعرضنا جهنَّم يومئذٍ للكافرين عرضًا".
ويخبرنا تعالى عن السد ويأجوج ومأجوج في سورة الأنبياء 96-97: (حتى إذا فُتِحَتْ يأجوج ومأجوج وهم من كُلِّ حَدَبٍ ينسلُون . واقترب الوعدُ الحقُّ فإذا هي شاخصةٌ أبصارُ الذين كفروا يا ويلنا قد كُنَّا في غفلةٍ من هذا بل كُنَّا ظالمين).
إن الأهوال التي رآها الناس باجتياح يأجوج ومأجوج ما هي إلا صورة مصغرة لأهوال يوم القيامة، التي عموا عنها وألْهَتْهُمْ الدنيا عن ذكرها.
فالتعقيب الإلهي في سورة الكهف والأنبياء ليأجوج ومأجوج بالساعة يرجع إلى أن الساعة قريب وأنزل تبارك وتعالى منذ أكثر من أربعة عشر قرنا قوله: "اقتربت السَّاعةُ وانشقَّ القمرُ".
ولكن لم تأتِ الساعة حتى الآن لأنّ الزمن عند الخالق غيره عندنا فيوم عند الله كألف سَنَةٍ مِمَّا نَعُدُّ، وخروج يأجوج ومأجوج بمثابة اقترابٍ للساعة.
ونتوقف عند حديث السيدة زينب بنت جحش زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم عند قوله الكريم إذا كثر الخبيث هلك المسلمون حتى ولو كان فيهم الصالحون.
فيؤكد قول المصطفى قوله تعالى: "واحذروا فتنةً لا تُصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصَّةً" وهكذا لم يتمكن التتار من المسلمين إلاّ حين ضعفت دولتهم وتفرَّقت كلمتهم وحين استعانوا بالله الواحد واتَّحدُوا نصرهم اللهُ على التتار في عين جالوت فالإسلام الحنيف دين الجماعة: "واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرَّقوا".



الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات   الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات Emptyالجمعة 28 أبريل 2023, 3:50 pm

الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات Aaaa10
لقمـــان وابنــه
رجلّ آتاه الله الحكمة ولقَّنه الشُّكر، يخاطب ولده من موقع الأبوة الحانية الحريص على مصيره في دنياه وآخرته، نجده يستجمع خلاصة حكمته ليقدمها عظة له إن عرض القرآن المجيد لصورة لقمان الحكيم وهو يقف موقف الواعظ من ولده بيان للطريق الذي على الوالد أن يسلكه مع وله، كيف يربيه.
وما هي المبادئ والقيم التي يغرسها في قلبه، ويُنَمّيها في سُلُوكه.
وأول ما يبدأ به لقمان الحكيم نهي ولده عن الشرك بالله، وفي هذا النهي تتجلّى حكمة لقمان قال الخالق في سورة لقمان /83: "وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تُشرك بالله إن الشّرك لظلمٌ عظيمٌ".
لكنّ الشرك أعظم الذنوب، فإذا وجد لم ينفع معه عمل صالح وإذا فقد لم تضرّ بعد معصية مع رحمة الله وغفرانه يقول تعالى في سورة النساء /48: "إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمَن يشاء".
وأمام لقمان وهو يَعِظُ ولده تأتي وصية من الله عزّ وجلّ تعترض سياق تلك الموعظة لتلقي بضوء على طبيعة العلاقة بين الولد والوالدين، لنقول لكل ولد يمر بهذه الموعظة: عليك أن لا تنسى حق والديك، فإذا كان من حق الولد على الوالد أن يحسن تربيته ويتبين له سبيل الحق، فللوالدين عليه حقوق، وإن كانا على غير ملة الهدى، فأمُّهُ حملته وهناً على وهن، وذاقت الآلام بين حمل ورضاع في عامين لا تعادلهما الأعوام التي يقضيها في محاولة البر وسداد الدين.
ثم نتابع بعد هذا الاعتراض الذي يكشف حقّ الوالدين على الوالد لنستمع إلى الحكمة التي تنثال من فم لقمان الحكيم لابنه.
فقد لفت  لقمان ابنه إلى صفة من صفات الله جلّ جلّاله، صفة تثير في النفس مشاعر الرقابة وتوقظها على حقيقة تغفل عنها، هي صفة علم الخالق القدير، واستخدم لقمان الحكيم في الدلالة على علم الله عزّ وجلّ أسلوباً تصويريا يناسب عقلية الولد.. فضرب لابنه مثلاً بأصغر ما كان متصورا له: حَبَة الخردل المخبوءة في صخرة صمَّاء أو مُختفية في آفاق السماء التي تبدو للعين هائلة الاتساع بعيدة الآماد تكل العيون من البحث في جنباتها، أو تكون هذه الحبَّة مستترة في تراب الأرض في فج من فجاجها، أو سفح من جبالها، تلك الحبَّة الصغيرة أينما تكون يعلم اللهُ مكانها.
يقول تباركت أسماؤه  في سورة لقمان /16: "يا بني إنها إن تَكُ مثقال حَبَّةٍ مِنْ خردل فتكن في صخرةٍ أو في السَّماوات أو في الأرض يأتِ بها اللهُ إن الله لطيفٌ خبيرٌ".
بعد تمهيد لقمان الحكيم لابنه بخالقه وبعض صفاته مهدّ السبيل في قلبه لتلقي التي يعرف لمن يتوجه بها بالقول الحكيم في سورة لقمان /17: "يا بنيَّ أقم الصَّلاة وأمُرْ بالمعروف وانْهَ عن المُنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور".
بعد ذلك أمر لقمان ولده بحب الخير للناس كما يحبه لنفسه، والمسلم مجاهد في سبيل ربه، فدعا ابنه ليكون مؤمناً، ذا إيمان يقول تعالى: "وأمر بالمعروف وانْهَ عن المنكر".
كما نصح لقمان الحكيم ابنه بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ليأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ابتداء من المنكر الأكبر: الشرك بالله، وانتهاء بأصغر المنكرات.. وزوَّدَ لقمانُ ابنه بأسس العقيدة السليمة، والعبادة القويمة والحركة في سبيل نشر المعروف ومطاردة المنكر، إضافة لتزويده إلى جانب ذلك بالسلوك المستقيم البعيد عن الخصال التي يكرهها الله عزّ وجلّ ويبغضها عباده.
بإشارة القرآن الكريم: "ولا تُصَعِّر خَدَّكَ للنَّاس ولا تمش في الأرض مرحًا إنّ الله لا يُحِبُّ كُلَّ مُختالٍ فخورٍ".
إنّه ينهى ولده عن التكبر عن خلق الله، والتكبر خلق نفسي يتجلّى في استعلاء الرأس وإمالة الخد في شموخ كاذب، وكبرياء مصطنع، ثم ينهاه عن الإحساس بالذات إحساناً يستخففه فيمشي في الأرض مرحاً، ويكاد الإنسان يحس بحقيقة هذا المرح عندما يحصل خيراً أو يحقق نجاحاً، ويريد أن يصل إلى من يسره سماعه فتراه يمرح في مشيته فيكاد يطير من شدة فرحه.
يقول تعالى مصوراً ذلك في سورة لقمان: "ولا تُصَعِّر خدَّك للناس ولا تمش في الأرض مرحًا إنّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُختالٍ فخورٍ".
ويستمر لقمان في نصح ولده، فدله على أخطر ما يمكن أن يتسلل إليه من أمراض إلى ظاهرة ليكون نظيف الظاهر والباطن بقول العزّيز: "واقصد في مشيك".
إذن هذا هو صوت الإنسان رسوله إلى الناس جعله الله تعالى للبلاغ والاتصال، فإذا زاد ارتفاعه عن الحد الذي يحصل المقصود انقلب مصدر إزعاج والإزعاج ليس من شأن الإنسان بل هو من شأن الحمار كما قال الحق: "إنّ أنكرَ الأصواتِ لصوتُ الحميرِ".



الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات   الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات Emptyالجمعة 28 أبريل 2023, 3:51 pm

الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات Aiaa10
مـــؤمن آل فرعون
نلحظ في قصص القرآن الكريم إن كان إتباع الأنبياء من عامَّة الناس الذين يملأون أعين السَّادة فنراهم يعيبون النبي المُرسل إليهم إن كان أتباعه من أراذل القوم كما زعموا.
واعتدنا أن نجد الملأ وكان كثير من المترفين والسَّادة في صف الكفر والنساء.
تلك هي القاعدة السائدة في مسيرة الإيمان التي تتبدى في القص القرآني، لكننا نجد اختلافاً عنها في شخصية امرأة فرعون وفي شخصية مؤمن آل فرعون، اللتين انحازتا من طبقة الملأ المترفين الكفرة إلى فئة المؤمنين الصادقين.
وشخصية مؤمن آل فرعون تتيح لنا فرصة ثمينة للتنصت على جلّسة مغلقة من جلّسات علية القوم الكافرين، وقد جمعهم البحث عن مخرج من الأزمة التي جاء فيها موسى عليه السلام.
ويجمل عزّ وجلّ أمر موسى وفرعون، ونسمع الحوار ونرى المتحاورين في سورة غافر /23-25: "ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين . إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحرٌ كذَّاب . فلمَّا جاءهم بالحق من عندنا قالوا اقتلوا أبناء الذين آمنوا معه واستحيوا نساءهم وما كيد الكافرين إلاّ في ضلال".
وقد اقترح الملأ امتداداً للسياسة القديمة لبني إسرائيل باستئصال ذكورهم قبل ميلاد موسى عليه السلام، لكن كيد الكافرين في ضلال، لأن ليس كل ما يكيدونه يتحقق، وليس كل ما يريدونه يقع، فللهِ جنود السماوات والأرض والله من ورائهم محيط.
كذلك تقدم فرعون باقتراح ثان هو قتل موسى خوفاً من تبديل الدين السائد وإظهار الفساد في الأرض، وفرعون هو ولي الأمر وعليه حماية الدين وردِّ الفساد عنهم، لقول فرعون: أيكون موسى النبي مفسداً في الأرض، وفرعون المُستعلي المُستكبر يبغي الخير لقومه.
إنّها بلا شك الموازين المنقلبة التي قد تعجز المخدوعين أو عمي القلوب لكنّها تنكشف لمن ينظر بعين البصيرة.
وبين اقتراح الملأ وفرعون ووسط الجوّ العدواني انطلق صوت غريب غير متوقع، صوت عارض القتل ودعا قومه إلى التبصر والتدبر، وقد انقشعت عن عينيه غشاوة الزيف وأُبهة الملك، وحجاب الترف.
وأي إيمان كان يملك بين جنبيه وهو يخاطر بحياته حيث وقف في وجه تيار القتل، بدعوة الملأ إلى الإيمان.إنّه موقف لا يمل المرء من تكرار النظر فيه وإنها شخصية لا ينقضي العجب من روعتها للوصول صوب الهدف من منافذ شتى، بقوله تعالى في سورة غافر /28- 29: "وقال رجلّ مؤمنٌ من آل فرعون يكتمُ إيمانهُ أتقتلون رجلًا أن يقول رَبِّيَ اللهُ وقد جاءكم بالبينات من ربكم . وإن يكُ كاذبًا فعليه كَذِبُهُ وإن يَكُ صادقًا يُصِبكُم بعضُ الذي يَعِدُكُم . إنّ اللهَ لا يهدي مَنْ هو مُسرفٌ كذابٌ . يا قوم لكمُ المُلكُ اليومَ ظاهرينَ في الأرض فمَن ينصُرُنا من بأس الله إن جاءنا . قال فرعونُ ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكُم إلاّ سبيلَ الرَّشادِ".
إنّ التعقيب الفرعوني لا يقطع التدفق الإيماني الذي انطلق به لسان المؤمن وقد انكشف إيمانه بعد طول كتمان، فالمؤمن من آل فرعون في سياق الآيات يحمل روحه على كفه، وقد كان وقت الدعوة إلى الحق بعد أن تميز الحق من الباطل وانكشف الزيف وماله لا يفعل ذلك وقد رأى المؤمن السحرة يخرون ساجدين قائلين: "آمنا بِرَبِّ هارونَ ومُوسَى".
ولكن لن يضير السحرة تهديد الفرعون ووعيده لهم ويردون عليه باستعلاء وتحد قوله الحكيم: "فاقض ما أنت قاضٍ إنما تقضي هذه الحياة الدنيا".
ويحول المؤمن صيغة الخطاب من تفنيد دعوى وتذكير ببأس الله تعالى الذي سيأتي إلى لفت نظر لحقائق التاريخ في صوت فيه حب الهداية وحسن توسل الداعية إلى القلوب القاسية لعلها تلين، ويدني هذا المؤمن الحقائق من بصائرهم علهم يهتدون ويذكرهم بما بعد الموت إن كانوا يؤمنون في قول الحق في سورة غافر/30-35: "وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب . مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما اللهُ يريد ظلمًا للعباد . ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد . يوم تولون مُدبرين ما لكم من الله من عاصم ومَن يُضلل اللهُ فما له من هاد . ولقد جاءكم يوسفُ من قبلُ بالبينات فما زلتم في شَكٍّ مِمَّا جاءكم به حتى إذا هلك قلتم لن يبعث اللهُ من بعده رسولًا كذلك يُضِلُّ اللهُ مَنْ هو مُسْرِفٌ مُرتاب . الذين يُجادلون في آيات الله بغير سلطانٍ أتاهم كَبُرَ مقتًا عند الله وعند الذين آمنوا . كذلك يطبعُ اللهُ على كل قلب مُتكَبِّر جبَّار".
لقد سمع فرعون وقومه الحق من المؤمن لكنهم لا يستطيعون للمنطق الذي جاءهم به دفعا لهذا وجمعوا وعقب فرعون على البيان الذي ألقاه مؤمن آل فرعون فوجه خطابه إلى هامان بنص آيات من سورة غافر /36 - 37": وقال فرعون يا هامان ابنِ لي صرحًا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنُّه كاذبًا وكذلك زُيّن لفرعون سُوءُ عمله وصُدَّ عن السبيل وما كيدُ فرعون إلا في تبابٍ".
ولم يثنِ الرجلّ المؤمن ما سمع من فرعون من قول هزل فمضى يبلغ دعوته، ويقول كلمته وليكن ما يكون، فليس ثمَّة مجال للتراخي أو التخفّي.. وقد وجه الملأ للمؤمن ضغطا ليرده عن إيمانه فيقول على لسان المصور في القرآن: "ويا قوم مالي أدعوكم إلى النَّجاة وتدعُونني إلى النَّار".
وهكذا يبقى صوت مؤمن آل فرعون يتردد في الأسماع لأنّه صوت الإيمان الرائع ونموذج هي للمؤمن الذي انبثق الإيمان في قلبه وكل ما حوله يدعو إلى الكفر والضلال.
لكنّ نور الإيمان قد عمّ كل مكان في حقيقة الدنيا وزخرفها ومتاعها وما فيها من جاهٍ وسُلطان ومالٍ وكل ذلك متاع وحقيقة الآخرة هي دار القرار.



الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات   الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات Emptyالسبت 29 أبريل 2023, 12:42 am

الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات Oia11

أخوة يوسف
كثيرة هي الأشياء التي يراها الإنسان في نومهم، يرون عجائب وغرائب، ويذهب الناس في أحلامهم ورؤاهم مذاهب شتى بين مصدق ومكذب، وموقن ومتشكك.
لكن المؤمن يقف منها الموقف الذي بينه الإسلام القويم.
وجلّى لنا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم حقيقة ما يرى الإنسان في منامه بقوله:الرؤيا ثلاث: فبشرى من الله، وحديث النفس، وتخويف من الشيطان.
إذن نحن أمام يوسف بن يعقوب عليهما السلام، وهو غلام غض الإهاب يغدو على والده وفي عينيه عجب يقصّه على والده في سورة يوسف/4: "إنّي رأيتُ أحد عشر كوكبًا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين".
ثم تصور هذا المشهد: الشمس والقمر وأحد عشر كوكباً تسجد لهذا الغلام! أهذا حديث النفس، ومَنْ ذا الذي يُحَدِّثُ نفسه بمثله؟ أهو من الشيطان ليحزن رائيها؟ فماذا تكون؟ إنّ وراءها لسراً؟ ويفهم نبي الله يعقوب عن الله عزّ وجلّ ما أراه ليوسف؟ وتستيقظ في نفس يعقوب كل دواعي الحب لولده الأثير لديه، والخوف عليه إنها بشرى بنعمة، وكل ذي نعمة محسود فليستعن بالله وليكتم ما رأى حذرًا من كيد أخوته وتحريض الشيطان لهم عليه، وتتبدَّى لنا في هذه المخاوف صورة لواقع بشري كثيرة التكرار صورة العلاقة بين الأخوة، كما جاء في سورة يوسف /5: "قال يا بُنَيَّ لا تقصُص رُؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدًا إنّ الشيطان للإنسان عدوٌ مبينٌ".
ولِمَ يكيد الأخ لأخيه؟ إنّها النفس البشرية الأمارة بالسوء، ويبشر الأب ابنه بمدلول رؤياه ويسكن مخاوفهمن كيد إخوته، فإنّ له عاقبةً وشأناً وسيكون لآل يعقوب من تلك النعمة نصيب، يقول تعالى في سورة يوسف /6: "وكذلك يجتبيك رَبُّكَ ويُعلّمُكَ من تأويل الأحاديث ويُتِمُّ نعمتهُ عليكَ وعلى آل يعقوب كما أتَمَّهَا على أبويك من قبل إبراهيم واسحاق إنّ ربك عليمٌ حكيمٌ".
ولم يكن لمصر أن تسير إلى يوسف ليكون فيها عزّيزاً، بل لابد أن يسير هو إليها، وإذا أراد تعالى شيئاً هَيَّأ له الأسباب، فالرُّؤيا التي لاحت في نوم يوسف ترسم مستقبله البعيد.
ويستأثر يوسف بِحُبِّ أبيه كله! أحبَّهُ حُبًّا شغله عن الأخوة العُصْبة فإذا نظروا إلى وجه أبيهم لم يبصروه هو بل وجدوا فيه صورة يوسف لشدة تعلقه به فثارت في قلوبهم الضغائن، وهم يريدون النصيب الأوفى من قلب أبيهم ووجهه.
لكن أتراه الشيطان قد ضخّم لهم الأمر، وهوَّل لهم حُبَّ أبيهم ليوسف، وانشغال قلبه به عنهم.
لا عجب فالشيطان سيّد الجلّسة ومُدبّر الاجتماع: أُقتلوا يُوسف؟ وهكذا إذن: أُقتلوا يُوسف، يقتلون أخاهم، لكن ما ذنبه وما جريمته؟ أَحُبُ الأبِ لأحدِ أبنائهِ يدعو إخوانه الآخرين إلى قتلهِ، ذلك أول ما بدا لهم في أمره لكنّه مقرون بشيء آخر من قوله تعالى في سورة يوسف/9: "أُقتلوا يوسُف أو اطرحوه أرضًا يَخْلُ لكم وَجْهُ أبيكم . وتكونوا من بعده قومًا صالحين".
فإذا لم يكن القتل فليكن النفي والنفي أخو القتل فكلاهما يخلي وجه الأب بالإخوة العُصْبَة.. ونسمع قوله العزيز في الآية السابقة: "وتكونوا من بعده قومًا صالحين".
ثم يأتي صوت مرجح لاقتراح النفي، ويعطيهم الوسيلة التي تحقق لهم ما يريدون وتحفظ على يوسف حياته الجب ممر القوافل تلتقطه منه قافلة وتمضي به بعيدا فتطوى صفحة يوسف الصديق من حياة أبيه ويخلو لإخوته وجه أبيهم!
ولا يعدم الشيطان الوسيلة فيوحي إليهم أن يستدرجوا يوسف معهم إلى رحلة برية قريبة من الجُبِّ لكن كيف يحتالون على أبيهم الذي زاد حرصه على يوسف بعد تلك الرؤيا وزاد شَكُّه فيهم بل أنهم لم يُخفوا عن والدهم ما يجدونه من ذلك بقوله تعالى في سورة يوسف /13: "قال إنِّي ليُحْزُنَنِي أن تذهبوا به".
إذن لا يطيق الأب فراق ولده ولو ليوم واحد، لكن لابد من تنفيذ الخطة المرسومة؟ وتجادل العصبة الأب الحنون ولا يتركون له حجة خاصة الحجة في دحض الخوف من يأكله الذئب، ويعلم النبي يعقوب عليه السلام أن الحذر لا يرد القدر، وأن أمر الله لابد أن يتم وأنها محنة لابد فيها من الصبر.
ذهب يوسف مع إخوته وتتغير عليه وجوه إخوته من اللين والرفق إلى الأيدي التي أمسكته بقوة لتشد وثاقه، ويدلي في غيابه الجب، ونرى تصوير ذلك من الآية الكريمة من قوله تعالى في يوسف/15 - 16: "فلَمَّا ذهبُوا به وأجمعُوا أن يجعلُوهُ في غيابة الجُبِّ وأوحينا إليه لتُنَبِئَنَّهُم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون . وجاءوا أباهُم عِشَاءً يبكون".
وينظر يوسف الصديق إلى نفسه في غيابة الجب وتلفه المخاوف ويعصر قلبه الألم، ويتذكر أباه الذي لا يطيق فراقه وأخوته الفاعلين، وتبدأ رعاية الله القدير ليوسف في محنته مع أخوته فها هي قافلة متجهة صوب مصر تَمُرُّ بالبئر، ويتعلّق يوسف عليه السلام بالحبل ليوثق به عبداً يُباع بثمن بخس دراهم معدودة.
هذا قدره العظيم أخذوه ليشتريه عزّيز مصر وليكون من أمره ما كان، ويلفت النظر أن يعقوب عليه السلام استسلم لفرية أولاده، وهو يعلم إنهم كاذبون… ولم يدعو أحداً لأنه سَلّمَ أمرهُ لله عَزَّ وَجَلَّ: في سورة يوسف/18: "بل سوَّلت لكم أنفُسُكُم أمرًا فصبرٌ جميلٌ واللهُ المُستعانُ على ما تصفُون"، ومضى يوسف إلى مصر حيث جرت به الأقدار بعد تآمر أخوته عليه وأن الذئب قد أكله حين ذهبوا يستبقون…



الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات   الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات Emptyالسبت 29 أبريل 2023, 12:47 am

الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات Oia12
امرأةُ العزيـــــز
ضمت سور القرآن الكريم أمثلة راشدة من النساء في امرأة الفرعون وأم موسى ومريم بنت عمران.
ونحن أمام امرأة العزّيز وهي شخصية من نوع آخر.
امرأة من الطبقة العليا في المجتمع، وتحت يدها الحَشَم والخَدَم، وما شاءت من متاع الدنيا.
إنّها سيدة من سيدات القصور.. يأتيها زوجها عزيز مصر بغلام اشتراه يقول تعالى في سورة يوسف /21: "أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نَتَّخِذَهُ ولدًا".
وتمضي الأيام متسارعة والسنون، والغلام يكبر وينضج، وتتفتح آيات جماله أمام عيني سيدة القصر التي لم تبرح أذنها وصية زوجها من قوله الحكيم في سورة يوسف /21 "عسى أن ينفعنا".
ثم يبلغ يوسف مبلغ الرجال، وينمو في قلب امرأة العزّيز ميل غريب نحوه... ميل ينمو ويشتد ويستحكم.
لقد طال زمن العشرة وتغلغل الحب في شغاف قلبها حتى إنها لم تعد تبصر في يوسف انه عبد في قصرها، بل صارت تحسبه انه السيد، وسيدها، وسيد القصر.
وصارت تبدي له الميل وتلين القول، تستعطفه بالنظرة والكلمة والرعاية.. لكن أكان يوسف في غفلة عما تبدي وتخفي هذه المرأة؟ أيشكو سيدة القصر إلى سيده؟ وهل يسمع قول مثله في مثلها؟ ليس أمامه سوى الصبر والاعتصام بإيمانه؟
لَمَّا طال الأمرُ، وجدت المرأة فتاها لا يزيد تقربها منه إلاّ صداً وميلها إليه إلا إعراضاً.. وتذللها استعلاءً فقالت: لابد من خطة مُحكمة لا يجد منها يوسف مناصاً! يقع مرة واحدة، ثم يسهل عليه الأمر ويلين.
وأخلت امرأة العزّيز المكان الذي أرادته مسرحاً للخطيئة، وغلّقت الأبواب كي لا يجد يوسف مهرباً وليجد الأمان، واتخذت كامل زينتها، وصرَّحت بما كانت به وطلبت بلسانها ما كانت تطلبه بالنظرة والكلمة والإيحاء قال تعالى في سورة يوسف/23: "وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلّقت الأبواب وقالت هَيْتَ لك".
أي موقف ليوسف هذا؟ فتى متوقد الشباب، وامرأة ذات منصب وجمال تقبل مصارحة بعد طول محاولة، ويأتي رد الفعل الأول لدى يوسف على هذه الصدمة النفسية التي وجدها كاشفا عن حقيقة شخصيته بقوله الكريم في سورة يوسف /23: "معاذ الله إنه رَبِّي أحْسَنَ مثوايَ إنه لا يُفلح الظالمون".
ولم ينسَ يوسف ربه فأبى أن يكون خائناً لمن أراده في منزلة الولد! وما تدعوه إليه ظلم أتراها سمعت ما قاله يوسف، لقد حال بينها وبين ذلك ما هي فيه من غمرات النفس وأمواج الهوى، إنها في موقف لا تراجع عنه.. موقف العرى النفسي قبل الآخر فكيف تتراجع امرأة العزّيز فكان منها إقبال لا إدبار عنه؟
كان يوسف معتصماً، يرى ما يدعوه للإقدام ويعصمه الله تعالى ببرهان يراه أيضا فيحاول الخلاص من امرأة السوء ولكن الأبواب قد غلقت! ويعدو وتلحقه وتمسك بقميصه ويزداد تفلتا وعدوا حتى تشق القميص إنها معركة شد فيها يوسف معرضا عن الفحشاء وجرت المرأة وراءه أشد ما كان الجري.
ثم يأتي فرج الله القريب فسيد القصر لدى الباب الذي استبقا إليه، وينقشع عن المرأة ضباب النفس والهوى وترتدي قناع العفة والشرف وتقذف يوسف بما هيأت نفسها له وينظر يوسف فيرى الكذب في كل حرف قالته امرأة العزّيز وينطق الحق في قوة وإيجاز رباني في سورة يوسف:/26: "هي راودتني عن نفسي".
ويرد يوسف إلى قول المرأة الماكرة الذي ارتجلته وكأنما كان مدبرا في رأسها من قبل بقوله في السورة ذاتها سورة يوسف/25: "ما جزاء مَنْ أراد بأهلك سوءًا إلا أن يُسجن أو عذابٌ أليمٌ".
لقد نصر الحق تعالى نبيه يوسف الصديق وينطق شاهد من أهلها بالدليل القاطع، ويبرأ يوسف من الجريمة، ويأتي رد فعل العزّيز على هذا الموقف الذي تغلي فيه دماء الرجال رزينا يستفز الأعصاب، يقول تعالى في سورة يوسف/29: "يوسفُ أعرض عن هذا واستغفري لذنبكِ".
وينفض الجمع المحتشد، ويمضي نبي الله يوسف في حياته وصورة الموقف لا تبرح خياله أيمكن أن يحدث هذا؟ ويحمد الله الذي نجاه وعصمه.. ويسأله أن يكون ذلك الموقف خاتمة المحاولات الآثمة.
وقد سمعت نسوة المدينة بخبر امرأة العزّيز وعجبن أن تراود فتاها وهي من هي؟ ودبر لها الشيطان مكيدة لتضع أمام أعينهن غدرها لتقطع ألسنتهن.
ويسجلّ القرآن الكريم أروع تصوير في سورة يوسف لتلك الصدمة التي أحدثها ظهور يوسف عليهن بقوله سبحانه: "فذلكن الذي لُمْتُنَّنِي فيه، ولقد راودتهُ عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما أمُرُهُ ليُسجننَّ وليكونًا من الصاغرين: "وقالت أخرج عليهن فلمَّا رأينهُ أكبرنهُ وقطعنَّ أيديهُنَّ وقلنَ حاش لله ما هذا بشرًا، إنْ هذا إلا مَلَكٌ كريمٌ".
ودعا يوسف أن يُسجن دفعاً لكيد النِّسوة، ولكنّه أحسَّ في أعماق نفسه بالظلم فالبريء في ظلمات السّجن والمُجرم الحقيقي يمرح في القصر ولكن لله الحق في كلِ أمرٍ حكمة ثم يدخل يوسف في محنة جديدة...



الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات Empty
مُساهمةموضوع: رد: الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات   الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات Emptyالسبت 29 أبريل 2023, 12:53 am

الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات Oia13
ذو القرنين
كان ذو القرنين غازياً فاتحاً مُحارباً، لا يُصادف في طريقه مرتفعاً إلا سلكه، ولا عالياً إلا ظهره، ولا عدواً إلا كسر سلاحه وقص جناحه.
ولا يُبالي ذو القرنين في الجهاد، الحرّ ولا القرّ ولا السَّهل ولا الوعر، إذ كان الله عزّ وجلّ قد مكن له في أرضه، ورزقه الطاعة والانقياد في جنده.
ثم آتاه الخالق القدير من كل شيء يحتاج غليه في توطيد ملكه سبباً، ومنحه في القتال حظاً سعيداً.
قال تعالى في سورة الكهف/83-85: "ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذِكْرًا * إنَّا مكَّنَّا له في الأرض وآتيناهُ من كل شيءٍ سببًا * فأتبع سببًا".
وبقيّ ذو القرنين يسير ويسري حتى انتهى إلى عين اختلط ماؤها وطينها، فتراءى له أن الشمس تغرب فيها، وتختفي وراءها، وظن أنه ليس وراء هذه العين مكان للغزو ولا سبيل للجهاد.
لكنه رأى عندها قوماً هاله كفرهم، وكبر عليه ظلمهم وطغيانهم، إذ عتوا في الأرض عتواً وأكثروا فيها الفساد، وسفكوا عليها الدماء استجابة للشيطان، وجرياً وراء نوازع النفس.
ثم استخارذوالقرنين الله تعالى في أمر هؤلاء، فخيره عزّ شأنه بين سبيلين، يختار إحداهما ويسلك ما يريد منهما: إما أن يذيقهم القتل ويوقع بهم النكال جزاء كفرهم وطغيانهم، أو يمهلهم ويدعوهم لعل فيهم من يهتدي أو يرعوي، فأختار الإمهال على القتال، والحسنى على تثخين جراحهم، يقول الله عزّ وجل في سورة الكهف/ 87-89: "قال أمَّا مَن ظلم فسوف نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إلى رَبِّهِ فيُعذبُهُ عذابًا نُكرًا * وأمَّا مَنْ آمَنَ وعَمِلَ صالحًا فله جزاءً الحُسنَى وسنقولُ له من أمرنا يُسْرًا ثم أتبع سببًا".
ولقد أقام ذو القرنين فيهم زمناً ضرب على يد الظالم، ونصر المظلوم، وأخذ بيد الضعيف، وفشا فيهم العدل والصلاح.
بعدها شاء ذو القرنين أن يثني عنان عزّمه صوب الشرق، فسار غازياً حتى انتهى في سيره إلى غاية العمران في الأرض، ووجد قوماً تطل الشمس عليهم وليس لهم بيوت تسترهم أو أشجار تظلهم.
كان هؤلاء القوم جهلاء أصحاب فوضى، فبسط على بلادهم سلطته وخلّفهم إلى الشمال غازياً حتى وصل إلى بلاد بين جبلين، يسكنها أقوام لا تكاد تعرف لغاتهم قد جاوروا يأجوج ومأجوج، وهم قوم مفسدون ضالون ومُضلون.. وحينما رأوا ذا القرنين ملكاً قوياً وله أعوان، حتى هبُّوا ليُقيموا سداً بينهم وبين قوم يأجوج ومأجوج.
وإنّ قوم يأجوج ومأجوج قوم ركب الشر في نفوسهم جبلة، وامتزج الفساد بين جوانبهم خلقة..حتى السيف لا يمكنه أن يردع هؤلاء القوم، والنصح محال أن ينفعهم، وشرطوا على أنفسهم نولاً يدفعونه إليه، وأموالاً يضعونها بين يديه.. وقال تعالى في سورة الكهف/94: "قالوا يا ذا القرنين إنّ يأجوج ومأجوج مُفسدون في الأرض فهل نجعلُ لك خرجًا على أن تجعل بيننا وبينهم سدًا".
لكنّ ذا القرنين بما طبعه الخالق تعالى على الخير، وما فطره على الصلاح، وما أعطاه عزّ وجلّ من كنوز الأرض أجابهم على سؤالهم، وردّ عطاءهم، وطلب ذو القرنين أن يعينوه على ما يفعل، ويساعدوه على ما يصنع، فحشدوا له الحديد والنحاس والخشب والفحم، فوضع بين الجبلين قطع الحديد وأحاطها بالفحم والخشب.. بعدها أوقد النار، وأفرغ عليه ذائب النحاس، واستوى كل ذلك بين الجبلين سداً منيعاً قائماً، يقول تعالى في سورة الكهف/ 96-97: "آتوني زُبَرَ الحديد حتى إذا ساوى بين الصَّدفين قال انفخوا حتى إذا جعلهُ نارًا قال آتوني أفرغ عليه قطرًا * فما اسطاعُوا أن يظهروه وما استطاعُوا له نَقْبًا".
ولم تستطع يأجوج ومأجوج أن تظهره لملاسته، أو تنقبه لمتانته، وأراح تعالى منهم قوماً كانوا يشكو من أذاهم، ويألم من عدوانهم.
أمَّا ذو القرنين فإنّه لَمَّا شاهد السَّدَّ منيعاً متيناً هتف من قرارة نفسه بقوله العزيز في سورة الكهف/ 98-100: "قال هذا رحمةٌ من رَبِّي فإذا جاء وَعْدُ رَبِّي جعلهُ دَكّآءَ وكان وَعْدُ رَبِّي حقًا * وتركنا بعضهم يومئذٍ يمُوج في بعض ونُفِخَ في الصُّور فجمعناهم جمعًا * وعرضنا جهنم يومئذٍ للكافرين عرضًا".



الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الفصل الثالث: الشّخصيـَّـات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الفصل الثالث
» الفصل الثالث
» الفصل الثالث عشر
» الفصل الثالث
» الفصل الثالث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: أسماءٌ في القُرآن-
انتقل الى: