ما هي الطرق الصحية لتجنب الحامل أي مشاكل عند الصيام؟
• المجيب: د. رغدة عكاشة

السؤال
السلام عليكم.
في شهر رمضان الصوم يعرض المرأة الحامل لعدة مشاكل، ما هي الطرق والسلوكيات الصحية والسليمة لتجنبها؟
هل هناك ضرر في استعمال منع الحمل لإكمال شهر الصيام للمرأة المتزوجة والعازبة؟ وما هي النصائح المفيدة لها في هذا الشهر المبارك؟

الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الحمل ليس مرضاً بل هو حالة فيزولوجية طبيعية، والله -عز وجل- خلق جسم المرأة مستعداً ومؤهلاً لهذه المهمة العظيمة, ومعظم الدراسات أثبتت عدم وجود آثار سلبية لصيام الأم على صحتها ووزن الجنين ونموه إذا كان الحمل طبيعياً؛ لذلك فإن كانت الحامل تتمتع بصحة جيدة ولا تعاني من بعض الأمراض، مثل السكري المعتمد على الأنسولين، أو أمراض الكلى، أو القلب أو غير ذلك...، فيمكنها الصوم مثلها مثل أي سيدة غير حامل، وبدون أن يكون هنالك أي ضرر على الحمل -بإذن الله تعالى-.

وأحب أن أوضح هنا بعض الأمور المتداولة بشكل خاطئ بين النساء.

ومن ضمنها مثلاً:
أن الحامل يجب أن تتناول طعاماً عن شخصين, وهذا خطأ وسيؤدي إلى زيادة كبيرة في وزن الحامل، وهو ما قد يؤدي إلى بعض الاختلاطات, فمن أجل تأمين حاجة الجنين يكفي أن تزيد الحامل المتناول من طعامها بما يعادل 500 سعرة حرارية فقط, فإذا كانت حاجتها اليومية قبل الحمل هي 2000 سعرة حرارية فإنها ستصبح خلال الحمل 2500 سعرة.

ومن الأمور الخاطئة والمتداولة أيضاً:
أن الجنين سيُصاب بنقص النمو أو بالجفاف أو ستقل كمية الماء حوله في حال صيام الأم, وهذا أيضا خطأ, حيث أن كمية الماء حول الجنين لا تتأثر بالصيام, والجنين يصله غذاؤه كاملا عن طريق دم الأم، بغض النظر إن كانت الأم بحالة صيام أم لا، فهنالك تغيرات تحدث في جسم الحامل منذ بدء تعشيش الحمل، والهدف منها هو التكيف مع متلطبات الحمل وحماية الأم والجنين, فمعدل الاستقلاب يزداد بحوالي15٪، وكل أجهزة الجسم تزيد من نشاطها، ويزداد امتصاص وتخزين المواد الضرورية، وفي حالة الصيام فإن التغذية للجنين ستتوفر من مخازن جسم الحامل، فتخرج من هذه المخازن المواد الأساسية اللازمة لنمو الجنين وتمر عبر الدم إلى المشيمة وبسهولة فتتأمن حاجته كاملة.

ونحن نشبه الجنين بالطفيلي، أي إنه يتغذى على حساب الآخرين، لذلك في حالة الصيام تكون الأم هي الصائمة بينا الجنين لا يصوم، والله -عز وجل- قد ضمن لهذا المخلوق الضعيف رزقه وهو في بطن أمه، حتى في الحالات التي هى أشد وأقسى من الصيام، مثل حالات مرض الأم الشديد أو في المجاعات أو الحروب, فمن إعجاز الخالق -عز وجل- أن جسم الحامل يقوم بتخزين من 3-4 كلغ احتياطي من الدهون ومنذ بدء الحمل, (وهي جزء أساسي من الزيادة في الوزن الذي يحدث للحامل)، هذه الدهون تعمل كمخزن وتكون جاهزة للتحول إلى غذاء في حال حدوث أي نقص في تغذية الأم أو الجنين.

وننصح الحامل باتباع بعض التعليمات التي يمكن أن تساعدها على الصيام -بإذن الله تعالى-:

- تقسيم الحاجة اليومية من السعرات الحرارية على ثلاث وجبات، بحيث يتم تناول وجبتين رئيسيتين ومتوازنتين في المحتوى الغذائي عند الإفطار والسحور على أن لا تقل محتويات الوجبة الواحدة عن 800 إلى 900 وحدة حرارية.

- تناول وجبة ثالثة بين تلك الوجبتين أيضا تحتوي على 800 سعرة، وكمثال على وجبة متوازنة عند الإفطار: قطعة لحم أو دجاج أو سمك بحجم راحة اليد، مع كوب من الرز البني, صحن سلطة, كوب لبن أو حليب, حبة فاكهة.

مثال على وجبة متوازنة بين الإفطار والسحور: كوب لبن أو حليب, حبة فاكهة, قطعة كيك أو أي قطعة حلوى رمضانية، والأفضل ما كان منها محشيا بالجبن كالقطايف أو الكنافة.

مثال على وجبة سحور متوازنة: شريحتين من خبز القمح الكامل, بيضة, قطعة جبن, كوب حليب.

- بين الوجبتين يجب الإكثار من شرب الماء، وبالإمكان شرب العصير الطبيعي غير المحلى، مع تناول الفاكهة الطازجة بكمية كافية.

- يجب أن لا يقل عدد الوحدات الحرارية بشكل كلي عن 2400-2200، وأن لا يزيد عن 2800 تقريبا، فبهذه الكمية لن تحدث خسارة في الوزن، وسيتم اكتساب الوزن بالطريقة المقبولة -بإذن الله-.

- تأخير وجبة السحور إلى ما قبل الأذان مباشرة، مع زيادة كمية البروتين فيها.

-تجنب الأطعمة التي تحتوي على البهارات والتوابل الحارة، والتقليل من تناول المياه الغازية، والشاي، والقهوة، وعدم الإكثار من الحلويات.

- تفادي أكل اللحوم والبيض غير المطبوخ جيدا لتفادي انتقال بعض الأمراض.

- عدم الخروج من المنزل خلال النهار ووقت ارتفاع الحرارة إلا للضرورة، مع أخذ قسط وافر من الراحة والنوم خلال ساعات النهار.

- تفادي الوقوف أو الجلوس لفترات طويلة, وخلال فترة تحضير الطعام في المطبخ، يمكن أخذ فترات استراحة من 5-10 دقائق كل ساعة، بحيث يتم خلالها الاستلقاء على الجانب الأيسر.

- الحفاظ على جو البيت مكيفا لتخفيف الشعور بالعطش.

بالنسبة لتناول حبوب منع الحمل أو غيرها لتأجيل نزول الدورة في رمضان، فمن الناحية الطبية لا مانع ولا ضرر من ذلك, ولكن لا ننصح باللجوء إلى هذه الطريقة بشكل مستمر، بل عند الضرورة فقط.

نسأل الله -عز وجل- أن يوفق الجميع إلى ما يحب ويرضى دائماً.