منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 ذِكْر جملة الغزوات

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

ذِكْر جملة الغزوات Empty
مُساهمةموضوع: ذِكْر جملة الغزوات   ذِكْر جملة الغزوات Emptyالخميس 28 أكتوبر 2021, 10:00 pm

ذكر جملة الغزوات
بسم الله الرحمن الرحيم
قال حدثنا أبو مُحَمَّد عبدالملك بن هشام: ‏قال: ‏حدثنا زياد بن عبدالله البكائي، عن مُحَمَّد بن إسحاق المطلبي: ‏وكان جميع ما غزا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بنفسه سبعاً وعشرين غزوة، منها غزوة ودان، وهي غزوة الأبواء، ثم غزوة بواط، من ناحية رضوى، ثم غزوة العشيرة، من بطن ينبع، ثم غزوة بدر الأولى، يطلب كرز بن جابر، ثم غزوة بدر الكبرى، التي قتل الله فيها صناديد قريش، ثم غزوة بني سليم، حتى بلغ الكدر، ثم غزوة السويق، يطلب أبا سفيان بن حرب، ثم غزوة غطفان، وهي غزوة ذي أمر، ثم غزوة بحران، معدن بالحجاز، ثم غزوة أحد، ثم غزوة حمراء الأسد، ثم غزوة بني النضير، ثم غزوة ذات الرقاع من نخل، ثم غزوة بدر الآخرة، ثم غزوة دومة الجندل، ثم غزوة الخندق، ثم غزوة بني قريظة، ثم غزوة بني لحيان من هذيل، ثم غزوة ذي قرد، ثم غزوة بني المصطلق من خزاعة، ثم غزوة الحديبية، لا يريد قتالا، فصده المشركون.

ثم غزوة خيبر، ثم غزوة القضاء، ثم غزوة الفتح، ثم غزوة حنين، ثم غزوة الطائف، ثم غزوة تبوك.

قاتل منها في تسع غزوات:
‏بدر، وأحد، والخندق، وقريظة، والمصطلق، وخيبر، والفتح، وحنين، والطائف.‏

ذكر جملة السرايا والبعوث
وكانت بعوثه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وسراياه ثمانيا وثلاثين، من بين بعث وسرية: ‏غزوة عبيدة بن الحارث أسفل من ثنية ذي المروة، ثم غزوة حمزة بن عبدالمطلب ساحل البحر، من ناحية العيص؛ وبعض الناس يقدم غزوة حمزة قبل غزوة عبيدة، وغزوة سعد بن أبي وقاص الخرار، وغزوة عبدالله بن جحش نخلة، وغزوة زيد بن حارثة القردة، وغزوة مُحَمَّد بن مسلمة كعب بن الأشرف، وغزوة مرثد بن أبي مرثد الغنوي الرجيع، وغزوة المنذر بن عمرو بئر معونة، وغزوة أبي عبيدة بن الجراح، ذا القصة، من طريق العراق.

وغزوة عمر بن الخطاب تربة من أرض بني عامر، وغزوة علي بن أبي طالب اليمن، وغزوة غالب بن عبدالله الكلبي، كلب ليث، بالكديد، فأصاب بني الملوح.‏

غزوة غالب بن عبدالله الليثي بني الملوح
وكان من حديثها أن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس، حدثني عن مسلم بن عبدالله بن خبيب الجهني، عن المنذر عن جندب بن مكيث الجهني، قال: ‏بعث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- غالب بن عبدالله الكلبي، كلب بن عوف ابن ليث، في سرية كنت فيها، وأمره أن يشن الغارة على بني الملوح، وهم بالكديد، فخرجنا حتى إذا كنا بقديد لقينا الحارث بن مالك، وهو ابن البرصاء الليثي، فأخذناه، فقال: ‏إني جئت أريد الإسلام ما خرجت إلا إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-؛ فقلنا له: ‏إن تك مسلماً فلن يُضيرك رباط ليلة، وإن تك على غير ذلك كنا قد استوثقنا منك، فشددناه رباطاً ثم خلفنا عليه رجلاً من أصحابنا أسود، وقلنا له: ‏إن عازك فاحتز رأسه:

ما فعله ابن مكيث في هذه الغزوة
قال: ‏ثم سرنا حتى أتينا الكديد عند غروب الشمس، فكنا في ناحية الوادي وبعثني أصحابي ربيئة لهم، فخرجت حتى أتى تلاً مُشرفاً على الحاضر، فأسندتُ فيه، فعلوتُ على رأسه، فنظرتُ إلى الحاضر، فو الله إني لمنبطحٌ على التل، إذ خرج رجل منهم من خبائه، فقال لامرأته: ‏إني لأرى على التل سواداً ما رأيته في أول يومي، فانظري إلى أوعيتك هل تفقدين منها شيئاً، لا تكون الكلاب جرَّت بعضها.

قال: ‏فنظرت، فقالت: ‏لا، والله ما أفقد شيئاً، قال فناوليني قوسي وسهمين، فناولته، قال: ‏فأرسل سهماً فو الله ما أخطأ جنبي، فأنزعه، فأضعه، وثبتُّ مكاني، قال: ‏ثم أرسل الآخر، فوضعه في منكبي، فأنزعه فأضعه، وثبتُّ مكاني، فقال لامرأته: ‏لو كان ربيئة لقوم لقد تحرَّك، لقد خالطه سهماي، لا أبا لك، إذا أصبحت فابتغيهما، فخذيهما، لا يمضغهما عليَّ الكلاب.
قال: ‏ثم دخل.

غنائم المسلمين في هذه الغزوة
قال: ‏وأمهلناهم، حتى إذا اطمأنوا وناموا، وكان في وجه السَّحر، شننا عليهم الغارة، قال: ‏فقتلنا واستقنا النِّعم، وخرج صريخ القوم فجاءنا دهم لا قبل لنا به، ومضينا بالنِّعم، ومررنا بابن البرصاء وصاحبه.

فاحتملناهما معنا؛ قال: ‏وأدركنا القوم، حتى قربوا منا، قال: ‏فما بيننا وبينهم إلا وادي قديد، فأرسل اللهُ الوادي بالسَّيل من حيث شاء تبارك وتعالى، من غير سحابة نراها، ولا مطر، فجاء بشيءٍ ليس لأحدٍ به قوة، ولا يقدر على أن يجاوزه، فوقفوا ينظرون إلينا، وإنا لنسوق نعمهم، ما يستطيع منهم رجل أن يجيز إلينا، ونحن نحدوها سراعاً، حتى فتناهم، فلم يقدروا على طلبنا.

قال: ‏فقدمنا بها على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.‏

شعار المسلمين في هذه الغزوة
قال ابن إسحاق: ‏وحدثني رجل من أسلم، عن رجل منهم: ‏أن شعار أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كان تلك الليلة: ‏أمت أمت.

فقال راجز من المسلمين وهو يحدوها: ‏
أبى أبو القاسم أن تعزبـي        في خضل نباته مغـلـولـب
صفرا أعاليه كلون المذهب


قال ابن هشام: ‏
ويروى: ‏‏(‏كلون الذهب)‏ تم خبر الغزاة، وعدت إلى ذكر تفاصيل السرايا والبعوث.‏

تعريف ببعض الغزوات
قال ابن إسحاق: ‏وغزوة على بن أبي طالب رضى الله عنه بني عبدالله بن سعد من أهل فدك، وغزوة أبي العوجاء السلمي أرض بني سليم، أصيب بها هو وأصحابه جميعاً، وغزوة عكاشة بن محصن الغمرة، وغزوة أبي سلمة بن عبد الأسد قطنا، ماء من مياه بني أسد، من ناحية نجد، قتل بها مسعود بن عروة، وغزوة مُحَمَّد بن مسلمة أخي بني حارثة، القرطاء من هوزان، وغزوة بشير بن سعد بني مرة بفدك، وغزوة بشير بن سعد، ناحية خيبر، وغزوة زيد بن حارثة الجموم، من أرض بني سليم، وغزوة زيد بن حارثة، جذام من أرض خشين.

قال ابن هشام:
‏عن نفسه والشافعي عن عمرو بن حبيب عن ابن إسحاق من أرض حسمى.‏

غزوة زيد بن حارثة إلى جذام
قال ابن إسحاق: ‏وكان من حديثهما كما حدثني من لا أتهم، عن رجال من جذام، كانوا علماء بها، أن رفاعة بن زيد الجذامي، لما قدم على قومه من عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بكتابه يدعوهم إلى الإسلام، فاستجابوا له، لم يلبث أن قدم دحية ابن خليفة الكلبي من عند قيصر صاحب الروم، حين بعثه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إليه معه تجارة له، حتى إذا كانوا بواد من أوديتهم، يُقال له: ‏شنار أغار على دحية بن خليفة الهنيد بن عوص، وابنة عوص بن الهنيد الضلعيان.

والضليع:
‏بطن من جذام، فأصابا كل شيء كان معه، فبلغ ذلك قوما من الضبيب، رهط رفاعة بن زيد، ممن كان أسلم وأجاب، فنفروا إلى الهنيد وابنه، فيهم من بني الضبيب النعمان بن أبي جعال، حتى لقوهم، فاقتتلوا، وانتمى يومئذ قرة بن أشقر الضفاري ثم الضلعي، فقال: ‏أنا ابن لبنى، ورمى النعمان بن أبي جعال بسهم، فأصاب ركبته؛ فقال: ‏حين أصابه: ‏خذها وأنا ابن لبنى، وكانت له أم تدعى لبنى، وقد كان حسان بن ملة الضبيني قد صحب دحية بن خليفة قبل ذلك، فعلمه أم الكتاب.

قال ابن هشام: ‏ويُقال: ‏قرة بن أشقر الضفاري، وحيان بن ملة.‏‏

انتصار المسلمين
قال ابن إسحاق: ‏حدثني من لا أتهم عن رجال من جذام قال فاستنقذوا ما كان في يد الهنيد وابنه، فردوه على دحية، حتى قدم على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فأخبره خبره، واستسقاه دم الهنيد وابنه، فبعث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إليهم زيد بن حارثة، وذلك الذي هاج غزوة زيد جذام، وبعث معه جيشا، وقد وجهت غطفان من جذام ووائل، ومن كان من سلامان، وسعد بن هذيم، حين جاءهم رفاعة بن زيد، بكتاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، حتى نزلوا الحرة: ‏حرة الرجلاًء، ورفاعة بن زيد بكراع ربة، لم يعلم، ومعه ناس من بني الضبيب، وسائر بني الضبيب، بوادي مدان، من ناحية الحرة، مما يسيل مشرقاً، وأقبل جيش زيد بن حارثة من ناحية الأولاج، فأغار بالماقص من قبل الحرة، فجمعوا ما وجدوا من مال أو ناس، وقتلوا الهنيد وابنه ورجلين من بني الأحنف.

قال ابن هشام:
‏من بني الأجنف.

قال ابن إسحاق: ‏
في حديثه: ‏ورجلاً من بني الخصيب فلما سمعت بذلك بنو الضبيب والجيش بفيفاء مدان ركب نفر منهم، وكان فيمن ركب معهم حسان بن ملة، على فرس لسويد بن زيد، يُقال لها: ‏العجاجة وأنيف بن ملة على فرس لملة يُقال لها: ‏رغال، وأبو زيد بن عمرو، على فرس يُقال لها: ‏شمر، فانطلقوا، حتى إذا دنوا من الجيش، قال أبو زيد وحسان لأنيف بن ملة: ‏كف عنا وانصرف، فإنا نخشى لسانك، فوقف عنهما، فلم يبعدا منه حتى جعلت فرسه تبحث بيديها وتوثب، فقال: ‏لأنا أضن بالرجلين منك بالفرسين، فأرخى لها حتى أدركهما، فقالا له: ‏أما إذا فعلت ما فعلت فكف عنا لسانك، ولا تشأمنا اليوم، فتواصوا أن لا يتكلم منهم إلا حسان بن ملة، وكانت بينهم كلمة في الجاهلية قد عرفها بعضهم من بعض، إذا أراد أحدهم أن يضرب بسيفه قال: ‏بوري أو ثوري، فلما برزوا على الجيش، أقبل القوم يبتدرونهم، فقال لهم حسان: ‏إنا قوم مسلمون، وكان أول من لقيهم رجل على فرس أدهم، فأقبل يسوقهم.

فقال أنيف: ‏بوري فقال حسان: ‏مهلاً، فلما وقفوا على زيد بن حارثة، قال حسان: ‏إنا قوم مسلمون، فقال له زيد: ‏فاقرءوا أم الكتاب، فقرأها حسان، فقال زيد بن حارثة: ‏نادوا في الجيش إن الله قد حرم علينا ثغرة القوم التي جاءوا منها إلا من ختر.‏

قدوم جذام على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
قال ابن إسحاق: ‏وإذا أخت حسَّان بن ملة، وهي امرأة أبي وبر بن عدي بن أمية بن الضبيب في الأسارى، فقال له زيد: ‏خذها وأخذت بحقويه، فقالت أم الفزر الضلعية: ‏أتنطلقون ببناتكم، وتذرون أمهاتكم؟‏ فقال أحد بني الخصيب: ‏إنها بنو الضبيب وسحر ألسنتهم سائر اليوم، فسمعها بعض الجيش، فأخبر بها زيد بن حارثة، فأمر بأخت حسان، ففكت يداها من حقويه، وقال لها: ‏اجلسي مع بنات عمك حتى يحكم الله فيكن حكمه.

فرجعوا، ونهي الجيش أن يهبطوا إلى واديهم الذي جاؤوا منه، فأمسوا في أهليهم، واستعتموا ذوداً لسويد بن زيد، فلمَّا شربوا عتمتهم ركبوا إلى رفاعة بن زيد، وكان مِمَّنْ ركب إلى رفاعة بن زيد تلك الليلة، أبو زيد بن عمرو، وأبو شماس بن عمرو، وسويد بن زيد، وبعجة بن زيد، وبرذع بن زيد، وثعلبة بن زيد، ومخرمة بن عدي، وأنيف بن ملة، وحسان بن ملة، حتى صبحوا رفاعة بن زيد بكراع ربة، بظهر الحرَّة، على بئر هنالك من حرَّة ليلى، فقال له حسان بن ملة‏: ‏إنك لجالسٌ تحلب المعزى ونساء جذام أسارى قد غرَّها كتابك الذي جئت به!‏ فدعا رفاعة بن زيد بجمل له، فجعل يشدُّ عليه رحله، وهو يقول: ‏

هل أنت حي أو تنادي حياً
ثم غدا وهم معه بأمية بن ضفارة أخي الخصيبي المقتول، مبكرين من ظهر الحرة، فساروا إلى جوف المدينة ثلاث ليال، فلما دخلوا المدينة وانتهوا إلى المسجد، نظر إليهم رجل من الناس، فقال: ‏لا تنيخوا إبلكم فتقطع أيديهن، فنزلوا عنهن وهن قيام، فلما دخلوا على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ورآهم ألاح إليهم بيده: ‏أن تعالوا من وراء الناس، فلما استفتح رفاعة بن زيد المنطق، قام رجل من الناس، فقال: ‏يا رسول الله، إن هؤلاء قوم سحرة، فرددها مرتين، فقال: ‏رفاعة بن زيد رحم الله من لم يحذنا في قومه هذا إلا خيراً.

ثم دفع رفاعة بن زيد كتابه إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الذي كان كتبه له فقال: ‏دونك يا رسول الله قديماً كتابه، حديثاً غدره، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏اقرأه يا غلام، وأعلن، فلمَّا قرأ كتابه استخبره، فأخبروهم الخبر، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏كيف اصنع بالقتلى؟‏ ‏(‏ثلاث مرات)‏.

فقال رفاعة: ‏أنت يا رسول الله أعلم، لا نُحَرِّمُ عليك حلالاً ولا نُحَلِّلُ لك حراماً.

فقال أبو زيد بن عمرو: ‏أطلق لنا يا رسول الله مَنْ كان حيًَا، ومَنْ قُتِلَ فهو تحت قدمي هذه‏.

فقال له رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏صدق أبو زيد، اركب معهم يا علي.

فقال له رضى الله عنه‏: ‏إن زيداً لن يطيعني يا رسول الله، قال: ‏فخذ سيفي هذا، فأعطاه سيفه، فقال علي: ‏ليس لي يا رسول الله راحلة أركبها، فحملوه على بعير لثعلبة بن عمرو، يُقال له: ‏مكحال.

فخرجوا فإذا رسول لزيد بن حارثة على ناقة من إبل أبي وبر، يُقال لها: ‏الشمر، فأنزلوه عنها.

فقال: ‏يا علي، ما شأني‏؟‏ فقال: ‏مالهم، عرفوه فأخذوه، ثم ساروا فلقوا الجيش بفيفاء الفحلتين، فأخذوا ما في أيديهم، حتى كانوا ينزعون لبيد المرأة من تحت الرحل.



ذِكْر جملة الغزوات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

ذِكْر جملة الغزوات Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذِكْر جملة الغزوات   ذِكْر جملة الغزوات Emptyالخميس 28 أكتوبر 2021, 10:04 pm

فقال أبو جعال حين فرغوا من شأنهم: ‏
وعاذلة ولم تعـذل بـطـب        ولولا نحن حش بها السـعـير
تدافع في الأسارى بابنتيهـا        ولا يرجى لها عـتـق يسـير
ولو وكلت إلى عوص وأوس        لحار بها عن العتـق الأمـور
ولو شهدت ركائبنا بمضـر        تحاذر أن يعل بها الـمـسـير
وردنا ماء يثرب عن حفـاظ        لربـع إنـه قـرب ضــرير
بكل مجرب كالسـيد نـهـد        على أقتاد نـاجـية صـبـور
فدى لأبي سليمى كل جـيش        بيثرب إذ تناطحت الـنـحـور
غداة ترى المجرب مستكينـا        خلاف القوم هامـتـه تـدور


قال ابن هشام: ‏
قوله: ‏‏(‏ولا يرجى لها عتق يسير)‏ وقوله: ‏‏(‏عن العتق الأمور)‏ عن غير ابن إسحاق‏.

تمت الغزاة، وعدنا إلى تفصيل ذكر السرايا والبعوث
غزوة زيد الطرف
قال ابن إسحاق: ‏وغزوة زيد بن حارثة أيضاً الطرف من ناحية نخل، من طريق العراق.غزوة زيد بن حارثة بني فزارة وغزوة زيد بن حارثة أيضاً وادي القرى، لقي به بني فزارة، فأصيب بها ناس من أصحابه، وارتث زيد من بين القتلى، وفيها أصيب ورد بن عمرو بن مداش، وكان أحد بني سعد بن هذيل، أصابه أحد بني بدر.

قال ابن هشام:
‏سعد بن هذيم.

قال ابن إسحاق:
‏فلما قدم زيد بن حارثة إلى أن لا يمس رأسه غسل من جنابة حتى يغزو بني فزارة، فلما استبل من جراحته بعثه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلى بني فزارة في جيش فقتلهم بوادي القرى، وأصاب فيهم، وقتل قيس بن المسحر اليعمري مسعدة بن حكمة بن مالك بن حذيفة بن بدر، وأسرت أم قرفة، فاطمة بنت ربيعة بن بدر، كانت عجوزاً كبيرة عند مالك بن حذيفة بن بدر، وبنت لها، وعبدالله بن مسعدة، فأمر زيد بن حارثة قيس بن المسحر أن يقتل أم قرفة، فقتلها قتلاً عنيفاً، ثم قدموا على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بابنة أم قرفة، وبابن مسعدة.

وكانت بنت أم قرفة لسلمة بن عمرو بن الأكوع، كان هو الذي أصابها، وكانت في بيت شرف من قومها، كانت العرب تقول: ‏‏(‏لو كنت أعز من أم قرفة ما زدت)‏ فسألها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- سلمة، فوهبها له، فأهداها لخاله حزن بن أبي وهب، فولدت له عبدالرحمن بن حزن.

فقال قيس بن المسحر في قتل مسعدة: ‏
سعيت بورد مثل سعي ابن أمه        وإني بورد في الحـياة لـثـائر
كررت عليه المهر لما رأيتـه        على بطل من آل بدر مـغـاور
فركبت فيه قعضبـيا كـأنـه        شهاب بمعراة يذكى لـنـاظـر


غزوة عبدالله بن رواحة لقتل اليسير بن رزام
وغزوة عبدالله ابن رواحة خيبر مرتين، إحداهما التي أصاب فيها اليسير بن رزام.

قال ابن هشام‏:
‏ويُقال بن رازم.

وكان من حديث اليسير بن رزام أنه كان بخيبر يجمع غطفان لغزو رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فبعث إليه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عبدالله بن رواحة في نفر من أصحابه، منهم عبدالله بن أنيس، حليف بني سلمة، فلما قدموا عليه كلموه، وقربوا له، وقالوا له: ‏إنك إن قدمت على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- استعملك وأكرمك، فلم يزالوا به حتى خرج معهم في نفر من يهود، فحمله عبدالله بن أنيس على بعيره.

حتى إذا كان بالقرقرة من خيبر، على ستة أميال، ندم اليسير بن رزام على مسيره إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ففطن به عبدالله بن أنيس وهو يريد السيف، فاقتحم به، ثم ضربه بالسيف، فقطع رجله، وضربه اليسير بمخرش في يده من شوحط فأمه، ومال كل رجل من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- على صاحبه من يهود فقتله، إلا رجلاً واحدا أفلت على رجليه، فلما قدم عبدالله بن أنيس على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، تفل على شجته، فلم تقح ولم تؤذه.‏

غزوة ابن عتيك خيبر
غزوة عبدالله بن عتيك خيبر، فأصاب بها أبا رافع بن أبي الحقيق.‏

غزوة عبدالله بن أنيس لقتل خالد بن سفيان بن نبيح الهذلي
وغزوة عبدالله بن أنيس خالد بن سفيان بن نبيح، بعثه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إليه وهو بنخلة أو بعرنة، يجمع لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الناس ليغزوه، فقتله.

قال ابن إسحاق: ‏
حدثني مُحَمَّد بن جعفر بن الزبير، قال: ‏قال عبدالله بن أنيس: ‏دعاني رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقال: ‏إنه قد بلغني أن ابن سفيان بن نبيح الهذلي يجمع لي الناس ليغزوني، وهو بنخلة أو بعرنة، فأته فاقتله.

قلت: ‏يا رسول الله، انعته لي حتى أعرفه.

قال: ‏إنك إذا رأيته أذكرك الشيطان، وآية ما بينك وبينه أنك إذا رأيته وجدت له قشعريرة.

قال: ‏فخرجت متوشحاً سيفي، حتى دفعت إليه وهو في ظعن يرتاد لهن منزلاً، وحيث كان وقت العصر، فلمَّا رأيته وجدت ما قال لي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من القشعريرة، فأقبلتُ نحوهُ وخشيتُ أن تكون بيني وبينه مجاولة تشغلني عن الصلاة، فصليتُ وأنا أمشى نحوه وأومي برأسي.

فلما انتهيتُ إليه، قال: ‏مَنْ الرجل؟‏ قلت: ‏رجل من العرب، سمع بك وبجمعك لهذا الرجل، فجاءك لذلك.

قال: ‏أجل إني لفي ذلك، قال: ‏فمشيتُ معه شيئاً حتى إذا أمكنني حملتُ عليه بالسيف، فقتلته ثم خرجتُ، وتركت ظعائنه مُنْكَبَّاتٌ عليه، فلمَّا قدمت على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فرآني، قال: ‏أفلح الوجه؛ قلت: ‏قد قتلته يا رسول الله، قال: ‏صدقت.‏

الرسول يُهدي عصا لابن أنيس
ثم قام بي فأدخلني بيته فأعطاني عصا، فقال: ‏أمسك هذه العصا عندك يا عبدالله بن أنيس، قال: ‏فخرجتُ بها على الناس، فقالوا: ‏ما هذه العصا؟‏ قلت: ‏أعطانيها رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وأمرني أن أمسكها عندي، قالوا: ‏أفلا ترجع إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فتسأله لِمَ ذلك؟‏ قال: ‏فرجعتُ إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقلت: ‏يا رسول الله، لِمَ أعطيتني هذه العصا؟‏ قال: ‏آيةٌ بيني وبينك يوم القيامة.

إن أقل الناس المتحضرون يومئذ، قال: ‏فقرنها عبدالله بن أنيس بسيفه، فلم تزل معه حتى مات، ثم أمر بها فضُمَّتْ في كفنه، ثم دُفِنَا جميعاً.‏

شعر ابن أنيس في قتله ابن نبيح
قال ابن هشام: ‏وقال عبدالله ابن أنيس في ذلك: ‏
تركت ابن ثور كالحوار وحوله        نوائح تفري كـل جـيب مـقـدد
تناولته والظعن خلفي وخلـفـه        بأبيض من ماء الحـديد مـهـنـد
عجوم لهام الدارعـين كـأنـه        شهاب غضى من ملهب متـوقـد
أقول له والسيف يعجم رأسـه        أنا ابن أنيس فارسا غـير قـعـدد
أنا ابن الذي لم ينزل الدهر قدره        رحيب فناء الدار غـير مـزنـد
وقلت له خذها بضربة مـاجـد        حنيف على دين النبي مُحَمَّد
وكنت إذا هم النبي بكافر        سبقت إليه باللسان وبـالـيد


تمَّتْ الغزاة، وعُدنا إلى خبر البعوث.‏
بعض غزوات أخر
قال ابن إسحاق: ‏وغزوة زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبدالله بن رواحة، مؤتة من أرض الشام، فأصيبوا بها جميعا، وغزوة كعب بن عمير الغفاري، ذات أطلاح إلى أرض الشام، أصيب بها هو وأصحابه جميعا، وغزوة عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر بني العنبر من بني تميم.‏

غزوة عيينة بن حصن بني تميم
وكان من حديثهم أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بعثه إليهم، فأغار عليهم، فأصاب منهم أناساً، وسبى منهم أناساً.

فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة: ‏أن عائشة قالت لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏يا رسول الله، إن علي رقبة من ولد إسماعيل.

قال: ‏هذا سبي بني العنبر يقدم الآن فنعطيك منهم إنسانا فتعتقينه.‏

سبي وقتلى بني العنبر
قال ابن إسحاق: ‏فلما قدم بسبيهم على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ركب فيهم وفد من بني تميم، حتى قدموا على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، منهم ربيعة بن رفيع، وسبرة بن عمرو، والقعقاع بن معبد، ووردان بن محرز، وقيس بن عاصم، ومالك بن عمرو، والأقرع بن حابس، وفراس بن حابس‏.

فكلموا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فيهم، فأعتق بعضاً، وأفدى بعضاً، وكان ممن قتل يومئذ من بني العنبر‏: ‏عبدالله، وأخوان له بنو وهب، وشداد بن فراس، وحنظلة بن دارم.

وكان ممن سبى من نسائهم يومئذ، أسماء بنت مالك، وكاس بنت أري، ونجوة بنت نهد، وجميعة بنت قيس، وعمرة بنت مطر.‏

شعر سلمى في ذلك
فقالت في ذلك اليوم سلمى بنت عتاب: ‏
لعمري لقد لاقت عدي بن جندب        من الشر مهواة شـديدا كـئودهـا
تكفنها الأعداء من كل جـانـب        وغيب عنها عزهـا وجـدودهـا


شعر الفرزدق في ذلك: ‏قال ابن هشام: ‏وقال الفرزدق في ذلك: ‏
وعند رسول الله قام ابن حابـس        بخطة سوار إلى المـجـد حـازم
له أطلق الأسرى التي في حباله        مغللة أعناقهـا فـي الـشـكـائم
كفى أمهات الخالفين علـيهـم        غلاء المفادي أو سهام المقـاسـم


وهذه الأبيات في القصيدة له، وعدي بن جندب من بني العنبر، والعنبر ابن عمرو بن تميم.‏



ذِكْر جملة الغزوات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

ذِكْر جملة الغزوات Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذِكْر جملة الغزوات   ذِكْر جملة الغزوات Emptyالخميس 28 أكتوبر 2021, 10:09 pm

غزوة غالب بن عبدالله أرض بني مرة
قال ابن إسحاق: ‏وغزوة غالب بن عبدالله الكلبي -كلب ليث- أرض بني مرة، فأصاب بها مرداس بن نهيك، حليفاً لهم من الحرقة، من جهينة، قتله أسامة بن زيد، ورجل من الأنصار.

قال ابن هشام‏:
‏الحرقة فيما حدثني أبو عبيدة: ‏أسامة بن زيد يقتل مرداس قال ابن إسحاق: ‏وكان من حديثه عن أسامة بن زيد قال: ‏أدركته أنا ورجل من الأنصار، فلما شهرنا عليه السلاح، قال: ‏أشهد أن لا إله إلا الله، قال: ‏فلم ننزع عنه حتى قتلناه، فلما قدمنا على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، أخبرناه خبره، فقال: ‏يا أسامة من لك بلا إله إلا الله؟‏ قال: ‏قلت: ‏يا رسول الله، إنه إنما قالها تعوذا بها من القتل، قال: ‏فمن لك بها يا أسامة؟‏ قال: ‏فوالذي بعثه بالحق ما زال يرددها علي حتى لوددت أن ما مضى من إسلامي لم يكن، وأني كنت أسلمت يومئذ، وإني لم أقتله.

قال: ‏قلت: ‏أنظرني يا رسول الله، إني أعاهد أن لا أقتل رجلاً يقول: ‏لا إله إلا الله أبداً، قال: ‏تقول بعدي يا أسامة؟‏ قال قلت بعدك.‏

غزوة عمرو بن العاص ذات السلاسل
وغزوة عمرو بن العاص ذات السلاسل من أرض بني عذرة، وكان من حديثه أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بعثه يستنفر العرب إلى الشام، وذلك أن أم العاص بن وائل كانت امرأة من بلي، فبعثه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إليهم يستألفهم لذلك، حتى إذا كان على ماء بأرض جذام يُقال له السلسل، وبذلك سميت تلك الغزوة، غزوة ذات السلاسل.

فلما كان عليه خاف، فبعث إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يستمده، فبعث إليه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أبا عبيدة بن الجراح في المهاجرين الأولين، فيهم أبو بكر وعمر، وقال لأبي عبيدة حين وجهه: ‏لا تختلفا، فخرج أبو عبيدة حتى إذا قدم عليه، قال له عمرو: ‏إنما جئت مدداً لي؛ قال أبو عبيدة: ‏لا، ولكنى على ما أنا عليه، وأنت على ما أنت عليه.

وكان أبو عبيدة رجلاً ليناً سهلاً، هيناً عليه أمر الدنيا، فقال له عمرو: ‏بل أنت مدد لي، فقال أبو عبيدة: ‏يا عمرو، إن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال لي: ‏لا تختلفا، وإنك إن عصيتني أطعتك، قال: ‏فإني الأمير عليك، وأنت مدد لي، قال: ‏فدونك، فصلى عمرو بالناس.‏

وصية أبي بكر رافع بن أبي رافع
قال: ‏وكان من الحديث في هذه الغزاة، أن رافع بن أبي رافع الطائي، وهو رافع بن عميرة، كان يحدث -فيما بلغني- عن نفسه، قال: ‏كنت امرأ نصرانياً وسميت سرجس، فكنت أدل الناس وأهداهم بهذا الرمل، كنت أدفن الماء في بيض النعام بنواحي الرمل في الجاهلية، ثم أغير على إبل الناس ن فإذا أدخلتها الرمل غلبت عليها، فلم يستطع أحد أن يطلبني فيه، حتى أمر بذلك الماء الذي خبأت في بيض النعام فأستخرجه، فأشرب منه، فلما أسلمت خرجت في تلك الغزوة التي بعث فيها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عمرو بن العاص إلى ذات السلاسل؛ قال: ‏فقلت: ‏والله لأختارن لنفسي صاحباً، قال‏: ‏فصحبت أبا بكر، قال: ‏فكنت معه في رحله، قال: ‏وكانت عليه عباءة له فدكية، فكان إذا نزلنا بسطها، وإذا ركبنا لبسها، ثم شكها عليه بخلال له، قال: ‏وذلك الذي له يقول أهل نجد حين ارتدوا كفاراً: ‏نحن نبايع ذا العباءة!‏.

قال: ‏فلما دنونا من المدينة قافلين، قال: ‏قلت: ‏يا أبا بكر، إنما صحبتك لينفعني الله بك، فانصحنى، وعلمنى، قال: ‏لو لم تسألني ذلك لفعلت.

قال: ‏آمرك أن توحد الله، ولا تشرك به شيئاً، وأن تقيم الصلاة، وأن تؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، وتغتسل من الجنابة، ولا تتأمر على رجل من المسلمين أبداً.

قال: ‏قلت: ‏يا أبا بكر، أما أنا والله فأني أرجو أن لا أشرك بالله أحد أبداً، وأما الصلاة فلن أتركها أبداً إن شاء الله وأما الزكاة فإن يك لي مال أؤدها إن شاء الله، وأما رمضان فلن أتركه أبداً إن شاء الله، وأما الحج فإن أستطع أحج إن شاء الله تعالى، وأما الجنابة فسأغتسل منها إن شاء الله.

وأمَّا الإمارة، فإني رأيت الناس يا أبا بكر لا يشرفون عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلا بها، فلم تنهاني عنها؟‏ قال: ‏إنك إنما استجهدتني لأجهد لك، وسأخبرك عن ذلك: ‏إن الله عز وجل بعث مُحَمَّداً -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بهذا الدين، فجاهد عليه حتى دخل الناس فيه طوعاً وكرهاً، فلما دخلوا فيه كانوا عواذ الله وجيرانه، وفي ذمته، فإياك لا تخفر الله في جيرانه، فيتبعك الله في خفرته، فإن أحدكم يخفر جاره، فيظل ناتئا عضله، غضباً لجاره أن أصيبت له شاة أو بعير، فالله أشد غضباً لجاره، قال: ‏ففارقته على ذلك.

قال: ‏فلما قبض رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وأمر أبو بكر على الناس، قال: ‏قدمت عليه، فقلت له: ‏يا أبا بكر ألم تك نهيتني عن أن أتأمر على رجلين من المسلمين؟‏ قال: ‏بلى، وأنا الآن أنهاك عن ذلك؛ قال: ‏فقلت له: ‏فما حملك على أن تلي أمر الناس؟‏ قال: ‏لا أجد من ذلك بداً، خشيت على أمة مُحَمَّد -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الفرقة.

قال ابن إسحاق: ‏أخبرني يزيد بن أبي حبيب، أنه حدث عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: ‏كنت في الغزاة التي بعث فيها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عمرو بن العاص، إلى ذات السلاسل، قال: ‏فصحبت أبا بكر وعمر، فمررت بقوم على جزور لهم قد نحروها، وهم لا يقدرون على أن يعضوها، وقال: ‏وكنت امرأ لبقاً جازراً، قال: ‏فقلت: ‏أتعطوني منها عشيراً على أن أقسمها بينكم؟‏ قالوا: ‏نعم، قال: ‏فأخذت الشفرتين فجزأتها مكاني، وأخذت منها جزءاً، فحملته إلى أصحابي، فاطبخناه فأكلناه.

‏فقال لي أبو بكر وعمر رضي الله عنهما:
‏أني لك هذا اللحم يا عوف؟‏ قال: ‏فأخبرتهما خبره، فقالا: ‏والله ما أحسنت حين أطعمتنا هذا، ثم قاما يتقيآن ما في بطونهما من ذلك؛ قال: ‏فلما قفل الناس من ذلك السفر، كنت أول قادم على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قال: ‏فجئته وهو يصلي في بيته، قال: ‏فقلت: ‏السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، قال: ‏أعوف بن مالك؟‏ قال: ‏قلت‏: ‏نعم، بأبي أنت وأمي، قال: ‏أصاحب الجزور؟‏ ولم يزدني رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- على ذلك شيئاً.‏

غزوة ابن أبي حدرد بطن إضم وقتل محلم بن جثامة عامر بن الأضبط الأشجعي
قال ابن إسحاق: ‏حدثني يزيد بن عبدالله بن قسيط عن القعقاع بن عبدالله بن أبي حدرد عن أبيه عبدالله ابن أبي حدرد، قال: ‏بعثنا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلى إضم في نفر من المسلمين، فيهم أبو قتادة الحارث بن ربعي، ومحلم بن جثامة بن قيس، فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضم.

مَرَّ بنا عامر بن الأضبط الأشجعي، على قعود له، ومعه متيع له، ووطب من لبن، قال: ‏فلمَّا مَرَّ بنا سَلَّمَ علينا بتحية الإسلام، فأمسكنا عنه وحمل عليه محلم بن جثامة، فقتله لشيء كان بينه وبينه، وأخذ بعيره، وأخذ متيعه، قال: ‏فلمَّا قدمنا على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وأخبرناه الخبر، نزل فينا: ‏‏(‏يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبيَّنوا ولا تقولوا لِمَنْ ألقى إليكم السَّلام لست مؤمنًا تبتغون عرض الحياة الدنيا) ‏إلى أخر الآية.

قال ابن هشام: ‏
قرأ أبو عمرو بن العلاء: ‏(‏ولا تقولوا لِمَنْ ألقى إليكم السَّلام لست مُؤمنًا) ‏لهذا الحديث.

من اختصم في دم ابن الأضبط
قال ابن إسحاق: ‏حدثني مُحَمَّد بن جعفر بن الزبير، قال: ‏سمعت زياد بن ضميرة بن سعد السلمي يحدث، عن عروة بن الزبير، عن أبيه، عن جده، وكانا قد شهدا حُنيناً مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قال: ‏صلّى بنا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الظهر ثم عمد إلى ظل شجرة، فجلس تحتها، وهو بحُنين، فقام إليه الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، يختصمان، في عامر بن الأضبط الأشجعي: ‏عيينة يطلب بدم عامر، وهو يومئذ رئيس غطفان، والأقرع بن حابس يدفع عن محلم بن جثامة، لمكانه من خندف، فتداولا الخصومة عند رسول الله صلى لله عليه وسلم، ونحن نسمع فسمعنا، عيينة بن حصن، وهو يقول: ‏والله يا رسول الله، لا أدعه حتى أذيق نساءه من الحرقة مثل ما أذاق نسائي، ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، يقول: ‏بل تأخذون الدِّيَّة خمسين في سفرنا هذا، وخمسين إذا رجعنا، وهو يأبى عليه، إذ قام رجلٌ من بني ليث، يُقال له: ‏مكيثر قصير مجموع -قال ابن هشام: ‏مكيل- فقال: ‏والله يا رسول الله ما وجدتُ لهذا القتيل شبهاً في غرة الإسلام إلا كغنم وردت فرميت أولاها، فنفرت أخرها، اسنن اليوم، وغير غداً، قال: ‏فرفع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يده فقال: ‏بل تأخذون الدِّيَّة خمسين في سفرنا هذا، وخمسين إذا رجعنا، قال: ‏فقبلوا الدية.

قال: ‏ثم قالوا: ‏أين صاحبكم هذا يستغفر له رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-؟‏ قال: ‏فقام رجل آدم ضرب طويل، عليه حُلَّةٌ له، قد كان تهيَّأ للقتل فيها، حتى جلس بين يدي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فقال له: ‏ما اسمك؟‏ قال: ‏أنا محلم بن جثامة، قال: ‏فرفع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يده ثم قال: ‏اللهم لا تغفر لمحلم بن جثامة، ثلاثاً.

قال: ‏فقام وهو يتلقى دمعه بفضل ردائه، قال: ‏فأمَّا نحن فنقول فيما بيننا: ‏إنا لنرجو أن يكون رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قد استغفر له، وأمَّا ما ظهر من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فهذا.‏

من دلائل نبوته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
قال ابن إسحاق: ‏فحدثني مَنْ لا أتهم، عن الحسن البصري قال: ‏قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حين جلس بين يديه: ‏أمنته بالله ثم قتلته!‏ ثم قال له المقالة التي قال؛ قال: ‏فو الله ما مكث محلم بن جثامة إلا سبعاً حتى مات، فلفظته، والذي نفس الحسن بيده، الأرض، ثم عادوا له، فلفظته الأرض، ثم عادوا فلفظته، فلمَّا غلب قومه عمدوا إلى صدين، فسطحوه بينهما، ثم رضموا عليه الحجارة حتى واروه.

قال: ‏فبلغ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- شأنه، فقال: ‏والله إن الأرض لتطابق على مَنْ هو شَرٌ منه ولكن الله أراد أن يعظكم في حرم ما بينكم بما أراكم منه.‏

دية ابن الأضبط
قال ابن إسحاق: ‏وأخبرنا سالم أبو النضر، أنه حدث أن عيينة بن حصن وقيساً حين قال الأقرع بن حابس وخلا بهم، يا معشر قيس منعتم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قتيلاً يستصلح به الناس، أفأمنتم أن يلعنكم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فيلعنكم اللهُ بلعنته، أو أن يغضب عليكم فيغضبُ اللهُ عليكم بغضبه؟‏ والله الذي نفس الأقرع بيده لتسلمنه إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فليصنعن فيه ما أراد، أو لآتين بخمسين رجلاً من بني تميم يشهدون بالله كلهم: ‏لقتل صاحبكم كافراً، ما صلى قط.

فلأطلن دمه.

فلمَّا سمعوا ذلك قبلوا الدِّيَّة.

قال ابن هشام:
‏محلم في هذا الحديث كله عن غير ابن إسحاق، وهو محلم بن جثامة بن قيس الليثي.

وقال ابن إسحاق: ‏
ملجم فيما حدثناه زيادة عنه.‏



ذِكْر جملة الغزوات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

ذِكْر جملة الغزوات Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذِكْر جملة الغزوات   ذِكْر جملة الغزوات Emptyالخميس 28 أكتوبر 2021, 10:11 pm

غزوة ابن أبي حدرد لقتل رفاعة بن قيس الجشمي
قال ابن إسحاق: ‏وغزوة ابن أبي حدرد الأسلمي الغابة.
وكان من حديثها فيما بلغني عمن لا أتهم، عن ابن أبي حدرد، قال: ‏تزوجت امرأة من قومي، وأصدقتها مائتي درهم قال: ‏فجئت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أستعينه على نكاحي؛ فقال: ‏وكم أصدقت؟‏ فقلت: ‏مائتي درهم يا رسول الله، قال: ‏سبحان الله لو كنتم تأخذون الدراهم من بطن واد ما زدتم، الله ما عندي ما أعينك به.

قال: ‏فلبثت أياماً وأقبل رجل من بني جشم، يُقال له: ‏رفاعة بن قيس أو قيس بن رفاعة، في بطن عظيم من بني جشم، حتى نزل بقومه ومن معه بالغابة، يريد أن يجمع قيساً على حرب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وكان ذا اسم في جشم وشرف، قال: ‏فدعاني رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ورجلين معي من المسلمين، فقال: ‏أخرجوا إلى هذا الرجل حتى تأتوا منه بخبر وعلم.

قال: ‏وقدم لنا شارفاً عجفاء، فحمل عليها أحدنا والله ما قدمت به ضعفاً حتى دعمها الرجال من خلفها بأيديهم، حتى استقلت وما كادت، ثم قال: ‏تبلغوا عليها واعتقبوها.‏

ما استعان به ابن أبي حدرد من هذه الغزوة في زواجه
قال: ‏فخرجنا ومعنا سلاحنا من النبل والسيوف، حتى إذا جئنا قريباً من الحاضر عُشَيْشِيّة مع غروب الشمس.

قال: ‏كمنتُ في ناحية، وأمرتُ صاحبيَّ، فكمنَّا في ناحية أخرى من حاضر القوم، وقلت لهما‏: ‏إذا سمعتماني قد كبَّرتُ وشددتُ في ناحية العسكر فكبِّرا وشُدَّا معي، قال: ‏فو الله إنا لكذلك ننتظر غرَّة القوم، أو أن نصيب منهم شيئاً.

قال: ‏وقد غشينا الليل حتى ذهبت فحمة العشاء، وقد كان لهم راع قد سرح في هذا البلد، فأبطأ عليهم حتى تخوَّفوا عليه.

قال: ‏فقام صاحبهم ذلك رفاعة بن قيس، فأخذ سيفه فجعله في عنقه، ثم قال: ‏والله لأتبعن أثر راعينا هذا، ولقد أصابه شَرٌ، فقال له نفرٌ مِمَّنْ معه: ‏والله لا تذهب نحن نكفيك، قال: ‏والله لا يذهب إلا أنا، قالوا: ‏فنحن معك، قال: ‏والله لا يتبعني أحَدٌ منكم.

قال: ‏وخرج حتى يَمُرَّ بي.

قال: ‏فلما أمكنني نفحته بسهمي، فوضعته في فؤاده، قال: ‏فو الله ما تكلَّم ووثبتُ عليه فاحتززتُ رأسه.

قال: ‏وشددتُ في ناحية العسكر، وكبَّرتُ، وشَدَّ صاحباي وكبَّرا‏.

قال: ‏فو الله ما كان إلا النجاء ممن فيه عندك، عندك بكل ما قدروا عليه من نسائهم وأبنائهم، وما خَفَّ معهم من أموالهم.‏

قال: ‏واستقنا إبلاً عظيمةً، وغنماً كثيرةً، فجئنا بها إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال: ‏وجئتُ برأسه أحمله معي، قال: ‏فأعانني رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من تلك الإبل بثلاثة عشر بعيراً في صداقي، فجمعتُ إلى أهلي.‏

غزوة عبدالرحمن بن عوف إلى دومة الجندل
قال ابن إسحاق: ‏وحدثني من لا أتهم عن عطاء بن أبي رباح، قال: ‏سمعت رجلاً من أهل البصرة يسأل عبدالله بن عمر بن الخطاب، عن إرسال العمامة من خلف الرجل إذا اعتم، قال: ‏فقال عبدالله: ‏سأخبرك إن شاء الله عن ذلك بعلم: ‏كنت عاشر عشرة رهط من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في مسجده، أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعبدالرحمن بن عوف، وابن مسعود، ومعاذ بن جبل، وحذيفة بن اليمان، وأبو سعيد الخدري، وأنا مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.

إذ أقبل فتى من الأنصار، فَسَلَّمَ على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ثم جلس، فقال: ‏يا رسول الله، صلى اللهُ عليك، أيُّ المؤمنين أفضل؟‏ فقال: ‏أحسنهم خُلُقاً قال: ‏فأيُّ المؤمنين أكيس؟‏

قال: ‏أكثرهم ذِكْرَاً للموت، وأحسنهم استعداداً له، قبل أن ينزل به أولئك الأكياس، ثم سكت الفتى، وأقبل علينا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقال: ‏يا معشر المهاجرين، خمسُ خصال إذا نزلن بكم، وأعوذ بالله أن تدركوهن، إنه لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يُعلنوا بها إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع، التي لم تكن في أسلافهم الذين مَضُوا، ولم ينقصُوا المِكيال والميزان، إلا أُخِذُوا بالسِّنين، وشدَّة المُؤنة، وجُور السُّلطان، ولم يمنعوا الزكاة من أموالهم، إلا مُنِعُوا القطر من السَّماء، فلولا البهائم ما مُطِرُوا، وما نقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلّط عليهم عدو من غيرهم، فأخذ بعض ما كان في أيديهم، وما لم يحكم أئمتهم بكتاب الله، وتجبَّرُوا فيما أنزل الله إلا جعل اللهُ بأسهم بينهم.‏

إلباسه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- العمامة لابن عوف
ثم أمر عبدالرحمن بن عوف أن يتجهَّز لسرية بَعَثَهُ عليها، فأصبح وقد اعتمَّ بعمامة من كرابيس سوداء، فأدناه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- منه، ثم نقضها، ثم عَمَّمَهُ بها، وأرسل من خلفه أربع أصابع أو نحواً من ذلك، ثم قال: ‏هكذا يا ابن عوف فاعتمَّ، فإنه أحسن وأعرف، ثم أمر بلالاً أن يدفع إليه اللواء فدفعهُ إليه، فحمد الله تعالى وصلّى على نفسه، ثم قال: ‏خذه يا ابن عوف، اغزوا جميعاً في سبيل الله، فقاتلوا مَنْ كَفَرَ بالله، لا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تُمثّلوا، ولا تقتلوا وليداً، فهذا عَهْدُ الله، وسيرة نبيه فيكم، فأخذ عبدالرحمن بن عوف اللواء.

قال ابن هشام:
‏فخرج إلى دومة الجندل.‏

غزوة أبي عبيدة بن الجراح إلى سيف البحر
قال ابن إسحاق: ‏وحدثني عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، عن أبيه، عن جده عبادة بن الصامت، قال: ‏بعث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- سرية إلى سيف البحر، عليهم أبو عبيدة بن الجراح، وزودهم جرابا من تمر، فجعل يقوتهم إياه، حتى صار إلى أن يعده عليهم عداً، قال: ‏ثم نفد التمر، حتى كان يعطي كل رجل منهم كل يوم تمرة، قال: ‏فقسمها يوماً بيننا، قال: ‏فنقصت تمرة عن رجل فوجدنا فقدها ذلك اليوم.

قال: ‏فلما جهدنا الجوع، أخرج الله لنا دابة من البحر، فأصبنا من لحمها وودكها، وأقمنا عليها عشرين ليلة، حتى سمنا وابتللنا، وأخذ أميرنا ضلعا من أضلاعها، فوضعها على طريقه، ثم أمر بأجسم بعير معنا، فحمل عليه أجسم رجل منا، قال: ‏فجلس عليه، قال: ‏فخرج من تحتها وما مست رأسه.

قال فلما قدمنا على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أخبره خبرها، وسألناه عما صنعنا في ذلك من أكلنا إياه، فقال رزق رزقكموه الله.‏

بعث عمرو بن أمية الضمري لقتال أبي سفيان بن حرب وما صنع في طريقه
قال ابن هشام: ومما لم يذكره ابن إسحاق من بعوث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وسراياه بعث عمرو بن أمية الضمري، بعثه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فيما حدثني من أثق به من أهل العلم، بعد مقتل خبيب بن عدي وأصحابه إلى مكة، وأمره أن يقتل أبا سفيان بن حرب، وبعث معه جبار صخر الأنصاري، فخرجا حتى قدما مكة، وحبسا جمليهما بشعب من شعاب يأجج، ثم دخلا مكة ليلاً.

فقال جبار لعمرو: ‏لو أنا طفنا بالبيت، وصلينا ركعتين؟‏ فقال عمرو: ‏إن القوم إذا تعشوا جلسوا بأفنيتهم، فقال: ‏كلا، إن شاء الله.

فقال عمرو: ‏فطفنا بالبيت، وصلينا، ثم خرجنا نريد أبا سفيان، فو الله إنا لنمشي بمكة إذ نظر إلى رجل من أهل مكة فعرفني، فقال عمرو بن أمية: ‏والله إن قدمها إلا لشر؛ فقلت لصاحبي: ‏النجاء، فخرجنا نشتد، حتى أصعدنا في جبل، وخرجوا في طلبنا، حتى إذا علونا الجبل، يئسوا منا، فرجعنا، فدخلنا كهفا في الجبل، فبتنا فيه وقد أخذنا حجارة فرضمناها دوننا.

فلمَّا أصبحنا غدا رجل من قريش يقود فرسا له ويخلي عليها، فغشينا ونحن في الغار، فقلت: ‏إن رآنا صاح بنا فأخذنا فقتلنا.

قال: ‏ومعي خنجر قد أعددته لأبي سفيان، فأخرج إليه فأضربه على ثديه ضربة، وصاح صيحة أسمع أهل مكة، وأرجع فأدخل مكاني، وجاءه الناس يشتدون وهو بأخر رمق، فقالوا: ‏من ضربك؟‏ 


فقال: ‏عمرو بن أمية، وغلبه الموت، فمات مكانه.

ولم يدلل على مكاننا، فاحتملوه.

فقلت لصاحبي: ‏لَمَّا أمسينا النَّجاء؛ فخرجنا ليلاً من مكة نريد المدينة، فمررنا بالحرس وهم يحرسون جيفة خبيب بن عدي؛ فقال أحدهم: ‏والله ما رأيتُ كالليلة أشبه بمشية عمرو بن أمية، لولا أنه بالمدينة، لقلت: ‏هو عمرو بن أمية.

قال: ‏فلما حاذى الخشبة شَدَّ عليها، فأخذها فاحتملها، وخرجا شداً، وخرجوا وراءه، حتى أتى جرفاً بمهبط مسيل يأجج، فرمى بالخشبة في الجُرف، فغيَّبَهُ اللهُ عنهم، فلم يقدروا عليه، قال: ‏وقلت لصاحبي: ‏النَّجاء، النَّجاء، حتى تأتي بعيرك فتقعد عليه، فإني سأشغل عنك القوم، وكان الأنصاري لا رجلة له.

قال ومضيت حتى أخرج على ضجنان، ثم أويت إلى جبل، فأدخل كهفا، فبينا أنا فيه إذ دخل علي شيخ من بني الديل أعور، في غنيمة له، فقال: ‏من الرجل‏؟‏ فقلت: ‏من بني بكر، فمن أنت؟‏

قال: ‏من بني بكر، فقلت: ‏مرحبا فاضطجع، ثم رفع عقيرته، فقال‏: ‏

ولست بمسلم ما دمت حيا        ولا دان لدين المسلـمـينـا

فقلت في نفسي: ‏ستعلم، فأمهلته حتى إذا نام أخذت قوسي، فجعلت سيتها في عينه الصحيحة، ثم تحاملت عليه حتى بلغت العظم، ثم خرجت النجاء، حتى جئت العرج، ثم سلكت ركوبة، حتى إذا هبطت النقيع، إذا رجلاًن من قريش من المشركين، كانت قريش بعثتهما عينا إلى المدينة ينظران ويتحسسان، فقلت: ‏استأسرا، فأبيا، فأرمي أحدهما بسهم فأقتله، واستأسر الآخر، فأوثقه رباطا، وقدمت به المدينة.‏

سرية زيد بن حارثة إلى مدين
قال ابن هشام: ‏وسرية زيد بن حارثة إلى مدين.
ذكر ذلك عبدالله بن حسن بن حسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين بن علي عليهم رضوان الله، أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بعث زيد بن حارثة نحو مدين، ومعه ضميرة، مولى علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، وأخ له، قالت: ‏فأصاب سبياً من أهل ميناء، وهي السواحل، وفيها جماع من الناس، فبيعوا ففرق بينهم، فخرج رسول الله صلى الله عليه سلم وهم يبكون، فقال: ‏ما لهم؟‏ فقيل: ‏يا رسول الله فرق بينهم، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏لا تبيعوهم إلا جميعاً.

قال ابن هشام: ‏
أراد الأمهات والأولاد.‏



ذِكْر جملة الغزوات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

ذِكْر جملة الغزوات Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذِكْر جملة الغزوات   ذِكْر جملة الغزوات Emptyالخميس 28 أكتوبر 2021, 10:14 pm

سرية سالم بن عمير لقتل أبي عفك
قال ابن إسحاق: ‏وغزوة سالم بن عمير لقتل أبي عفك، أحد بني عمرو بن عوف ثم بني عبيدة، وكان قد نجم نفاقه، حين قتل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الحارث ابن سويد بن صامت، فقال: ‏
لقد عشت دهرا وما إن أرى        من الناس دارا ولا مجمـعـا
أبر عهودا وأوفـى لـمـن        يعاقـد فـيهـم إذا مـا دعـا
من أولاد قيلة في جمعهم        يهد الجبال ولم يخـضـعـا
فصدعهم راكب جاءهـم            حلال حرام لشتـى مـعـا
فلو أن بالعز صدقـتـم            أو الملك تابعتـم تـبـعـا


فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-:
‏مَنْ لي بهذا الخبيث، فخرج سالم بن عمير، أخو بني عمرو بن عوف، وهو أحد البكائين، فقتله؟‏

 فقالت أمامة المزيرية في ذلك: ‏
تكذب دين الله والمرء أحـمـدا        لعمرو الذي أمناك أن بئس ما يمني
حباك حنيف أخر الليل طعـنة        أبا عفك خذها على كبر الـسـن

غزوة عمير بن عدي الخطمي لقتل عصماء بنت مروان وغزوة عمير بن عدي الخطمي عصماء بنت مروان، وهي من بني أمية بن زيد، فلما قتل أبو عفك، نافقت فذكر عبدالله بن الحارث بن الفضيل، عن أبيه، قال: ‏وكانت تحت رجل من بني خطمة، يُقال له يزيد بن زيد.

فقالت تعيب الإسلام وأهله: ‏
باست بني مالك والنبـيت        وعوف وباست بني الخزرج
أطعتم أتاويَّ من غيركـم        فلا من مراد ولا مـذحـج
ترجونه بعد قتل الرءوس        كما يرتجي مرق المنضـج
ألا أنف يبتـغـي غـرة        فيقطع من أمل المرتجـي


قال فأجابها حسَّان بن ثابت فقال: ‏
بنو وائل وبنـو واقـف        وخطمة دون بني الخـزرج
متى ما دعت سفها ويحها        بعولتها والمـنـايا تـجـي
فهزت فتى ماجدا عرقه        كريم المداخل والمـخـرج
فضرجها من نجيع الدماء        بعد الهـدو فـلـم يحـرج


فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حين بلغه ذلك:
‏ألا أخذ لي من ابنة مروان؟‏ فسمح ذلك من قول رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عمير بن عدي الخطمي، وهو عنده، فلمَّا أمسي من تلك الليلة سرى عليها في بيتها فقتلها، فقال: ‏ثم أصبح مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقال: ‏يا رسول الله، إني قد قتلتها.

فقال: ‏نَصَرْتَ اللهَ وَرَسُولَهُ يا عمير.

فقال: ‏هل عليَّ شيءٌ من شأنها يا رسول الله؟‏

 فقال‏: ‏لا ينتطح فيها عنزان.

فرجع عمير إلى قومه، وبنو خطمة يومئذ كثير موجهم في شأن بنت مروان، ولها يومئذ بنون خمسة رجال، فلمَّا جاءهم عمير بن عدي من عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قال‏: ‏يا بني خطمة، أنا قتلتُ ابنة مروان، فكيدوني جميعاً ثم لا تُنْظِرُونِ، فذلك اليوم أول ما عز الإسلام في دار بني خطمة، وكان يستخفي بإسلامهم فيهم مَنْ أسلم، وكان أوَّل مَنْ أسلم من بني خطمة عمير بن عدي، وهو الذي يُدعى القارئ، وعبدالله بن أوس، وخزيمة بن ثابت، وأسلم يوم قتلت ابنة مروان، رجال من بني خطمة، لَمَّا رأوا من عِزِّ الإسلام.‏

أسر ثمامة بن أثال الحنفي وإسلامه
بلغني عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة أنه قال: ‏خرجت خيل لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فأخذت رجلاً من بني حنيفة لا يشعرون من هو، حتى أتوا به رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقال: ‏أتدرون من أخذتم؟‏ هذا ثمامة بن أثال الحنفي، أحسنوا إساره، ورجع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلى أهله، فقال: ‏اجمعوا ما كان عندكم من طعام، فابعثوا به إليه، وأمر بلقحته أن يغذى عليه بها ويراح، فجعل لا يقع من ثمامة موقعا، ويأتيه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فيقول: ‏أسلم يا ثمامة، فيقول: ‏إيها يا مُحَمَّد، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن ترد الفداء فسل ما شئت، فمكث ما شاء الله أن يمكث.

ثم قال النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يوما:
‏أطلقوا ثمامة، فلمَّا أطلقوه خرج حتى أتى البقيع، فتطهَّر فأحسن طهوره، ثم أقبل فبايع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- على الإسلام، فلمَّا أمسى جاءوه بما كانوا يأتونه من الطعام، فلم ينل منه إلا قليلاً، وباللقحة فلم يُصِبْ من حلابها إلا يسيراً، فعجب المسلمون من ذلك، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حين بلغه ذلك: ‏مِمَّ تعجبون؟‏ أمن رجل أكل أول النهار في معي كافر، وأكل أخر النهار في معي مسلم، إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء، وإن المسلم يأكل في معي واحد.

قال ابن هشام:
‏‏‏‏‏فبلغني أنه خرج معتمراً، حتى إذا كان ببطن مكة، لبى فكان أول من دخل مكة يلبي، فأخذته قريش، فقالوا: ‏لقد اجترأت علينا، فلمَّا قدموه ليضربوا عنقه، قال قائل منهم: ‏دعوه فإنكم تحتاجون إلى اليمامة لطعامكم، فخلُّوه.

فقال الحنفي في ذلك: ‏
ومنا الذي لبى معلنا بمكة معلنا        برغم أبي سفيان في الأشهر الحرم

وحدثت أنه قال لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حين أسلم: ‏لقد كان وجهك أبغض الوجوه إليَّ، ولقد أصبح وهو أحَبُّ الوجوه إلي، وقال في الدين والبلاد مثل ذلك.

ثم خرج معتمراً، فلمَّا قدم مكة قالوا: ‏أصبوت يا ثمام؟‏ فقال: ‏لا، ولكنى اتبعت خير الدين، دين مُحَمَّد، ولا والله لا تصل إليكم حبة من اليمامة حتى يأذن فيها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ثم خرج إلى اليمامة، فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئاً، فكتبوا إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏إنك تأمر بصلة الرَّحم، وإنك قد قطعت أرحامنا، وقد قتلت الآباء بالسيف، والأبناء بالجوع، فكتب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إليه أن يُخَلِّي بينهم وبين الحمل.

سرية علقمة بن مجزز وبعث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- علقمة بن مجزز.
لمَّا قتل وقاص بن مجزز المدلجي يوم ذي قرد، سأل علقمة بن مجزز رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أن يبعثه في آثار القوم، ليدرك ثأره فيهم.

فذكر عبدالعزيز بن مُحَمَّد عن مُحَمَّد بن عمرو بن علقمة، عن عمرو بن الحكم بن ثوبان، عن أبي سعيد الخدري، قال: ‏بعث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- علقمة بن مجزز -قال أبو سعيد الخدري: ‏وأنا فيهم- حتى إذا بلغنا رأس غزاتنا أو كنا ببعض الطريق، أذن لطائفة من الجيش، واستعمل عليهم عبدالله بن حذافة السهمي، وكان من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وكانت فيه دعابة، فلما كان ببعض الطريق أوقد ناراً، ثم قال للقوم: ‏أليس لي عليكم السمع والطاعة؟‏ قالوا: ‏بلى، قال أفما أنا آمركم بشيء إلا فعلتموه؟‏ قالوا: ‏نعم، قال: ‏فإني أعزم عليكم بحقي وطاعتي إلا تواثبتم في هذه النار، قال: ‏فقام بعض القوم يحتجز، حتى ظن أنهم واثبون فيها، فقال: ‏لهم اجلسوا، فإنما كنت أضحك معكم، فذكر ذلك لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بعد أن قدموا عليه، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏من أمركم بمعصية منهم فلا تطيعوه.

وذكر مُحَمَّد بن طلحة أن علقمة بن مجزز رجع هو وأصحابه ولم يلق كيداً.‏

سرية كرز بن جابر لقتل البجليين الذين قتلوا يساراً
حدثني بعض أهل العلم، عمن حدثه، عن مُحَمَّد بن طلحة، عن عثمان بن عبدالرحمن، قال: ‏أصاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في غزوة محارب وبني ثعلبة، عبداً يُقال له: ‏يسار فجعله رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في لقاح له كانت ترعى في ناحية الجماء، فقدم على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- نفر من قيس كبة من بجيلة، فاستوبئوا، وطلحوا، فقال لهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏لو خرجتم إلى اللقاح فشربتم من ألبانها وأبوالها، فخرجوا إليها.

فلما صحوا وانطوت بطونهم، عدوا على راعي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يسار، فذبحوه، وغرزوا الشوك في عينيه، واستاقوا اللقاح، فبعث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في آثارهم كرز بن جابر، فلحقهم فأتى بهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مرجعه من غزوة ذي قرد، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسمل أعينهم.‏

غزوة علي بن أبي طالب إلى اليمن
وغزوة علي بن أبي طالب رضوان الله عليه إلى اليمن غزاها مرتين.

قال ابن هشام: ‏
قال أبو عمرو المدني: ‏بعث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- علي بن أبي طالب إلى اليمن، وبعث خالد بن الوليد في جند أخر، وقال: ‏إن التقيتما فالأمير علي بن أبي طالب.

وقد ذكر ابن إسحاق بعث خالد بن الوليد في حديثه، ولم يذكره في عدة البعوث والسرايا، فينبغي أن تكون العدة في قوله تسعة وثلاثين.

بعث أسامة بن زيد إلى أرض فلسطين وهو آخر البعوث
قال ابن إسحاق: ‏وبعث رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أسامة بن زيد بن حارثة إلى الشام، وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم، من أرض فلسطين، فتجهز الناس، وأوعب مع أسامة المهاجرون الأولون.

قال ابن هشام:
‏وهو أخر بعث بعثه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.‏



ذِكْر جملة الغزوات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

ذِكْر جملة الغزوات Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذِكْر جملة الغزوات   ذِكْر جملة الغزوات Emptyالخميس 28 أكتوبر 2021, 10:23 pm

ابتداء شكوى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
قال ابن إسحاق: ‏فبينا الناس على ذلك ابتُدئ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بشكواه الذي قبضه الله فيه، إلى ما أراد به من كرامته ورحمته، في ليال بقين من صفر، أو في أول شهر ربيع الأول، فكان أول ما ابتُدئ به من ذلك، فيما ذكر لي، أنه خرج إلى بقيع الغرقد، من جوف الليل، فاستغفر لهم، ثم رجع إلى أهله، فلمَّا أصبح ابتُدئ بوجعه من يومه ذلك.

قال ابن إسحاق:
‏وحدثني عبدالله بن عمرو عن عبيد الله بن جبير، مولى الحكم بن أبي العاص عن عبدالله بن عمرو بن العاص، عن أبي مويهبة، مولى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قال: ‏بعثني رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من جوف الليل، فقال‏: ‏يا أبا مويهبة، إني قد أمرت أن أستغفر لأهل هذا البقيع، فانطلق معي، فانطلقت معه، فلما وقف بين أظهرهم، قال: ‏السلام عليكم يا أهل المقابر، ليهنئ لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، يتبع أخرها أولها، الآخرة شر من الأولى.

ثم أقبل علي، فقال: ‏يا أبا مويهبة، إني قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها، ثم الجنة؛ فخُيِّرْتُ بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة، قال: ‏فقلت: ‏بأبي أنت وأمي، فخذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها، ثم الجنة، قال: ‏لا والله يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربي والجنة.

ثم استغفر لأهل البقيع، ثم انصرف.

فبدأ برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وجعه الذي قبضه الله فيه.‏

تمريضه في بيت عائشة
قال ابن إسحاق: ‏وحدثني يعقوب بن عتبة، عن مُحَمَّد بن مسلم الزهري، عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود، عن عائشة زوج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قالت: ‏رجع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من البقيع، فوجدني وأنا أجد صداعاً في رأسي، وأنا أقول: ‏وارأساه، فقال: ‏بل أنا والله يا عائشة وارأساه.

قالت: ‏ثم قال: ‏وما ضرُّكِ لو مِتِّ قبلي فقمتُ عليكِ وكفنتُكِ، وصلّيتُ عليكِ ودفنتكِ؟‏

قالت: ‏قلت: ‏والله لكأني بك لو قد فعلت ذلك، لقد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك، قالت: ‏فتبسَّم رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وتتام به وجعه، وهو يدور على نسائه، حتى استعز به، وهو في بيت ميمونة، فدعا نساءه، فاستأذنهن في أن يمرض في بيتي، فأذن له.‏

ذكر أزواجه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
عددهن وأسماؤهن
قال ابن هشام: ‏وكن تسعاً عائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر بن الخطاب، وأم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب، وأم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة، وسودة بنت زمعة بن قيس، وزينب بنت جحش بن رئاب، وميمونة بنت الحارث بن حزن، وجويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بنت حيي بن أخطب، فيما حدثني غير واحد من أهل العلم.‏

زواجه خديجة
وكان جميع من تزوج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ثلاث عشرة: ‏خديجة بنت خويلد، وهي أول من تزوج، زوجه إياها أبوها خويلد بن أسد، ويُقال أخوها عمرو بن خويلد، وأصدقها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عشرين بكرة، فولدت لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ولده كلهم إلا إبراهيم، وكانت قبله عند أبي هالة بن مالك، أحد بني أسيد بن عمرو بن تميم حليف بني عبد الدار، فولدت له هند بن أبي هالة، وزينب بنت أبي هالة، وكانت قبل أبي هالة عند عتيق بن عابد بن عبدالله بن عمر بن مخزوم، فولدت له عبدالله، وجارية.

قال ابن هشام:
‏جارية من الجواري، تزوجها صيفي بن أبي رفاعة.‏

عائشة
وتزوج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عائشة بنت أبي بكر الصديق بمكة، وهي بنت سبع سنين، وبنى بها بالمدينة وهي بنت تسع سنين أو عشر، ولم يتزوج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بكراً غيرها، زوجه إياها أبوها أبو بكر، وأصدقها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أربعمائة درهم.‏

سودة
تزوج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- سودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي، زوَّجَهُ إيَّاهَا سليط بن عمرو، ويُقال أبو حاطب بن عمرو بن عبد شمس ود بن نصر بن مالك بن حسل، وأصدقها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أربعمائة درهم.

قال ابن هشام:
‏ابن إسحاق يخالف هذا الحديث، يذكر أن سليطا وأبا حاطب كانا غائبين، بأرض الحبشة في هذا الوقت.

وكانت قبله عند السكران بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ود ابن نصر بن حسل.‏

زينب بنت جحش
وتزوج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- زينب بنت جحش بن رئاب الأسدية زوجه إياها أخوها أبو أحمد بن جحش وأصدقها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أربعمائة درهم، وكانت قبله عند زيد بن حارثة، مولى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ففيها أنزل الله تبارك وتعالى: ‏‏(‏فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها).‏

أم سلمة
وتزوج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة المخزومية، واسمها هند، زوجه إياها سلمة بن أبي سلمة ابنها، وأصدقها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- فراشا حشوه ليف، وقدحا، وصحيفة، ومجشة، وكانت قبله عند أبي سلمة بن عبد الأسد، واسمه عبدالله فولدت له سلمة، وزينب، ورقية.‏

حفصة
وتزوج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حفصة بنت عمر بن الخطاب، زوجه إياها أبوها عمر بن الخطاب، وأصدقها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أربعمائة درهم، وكانت قبله عند خنيس بن حذافة السهمي.‏

أم حبيبة
وتزوج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أم حبيبة، واسمها رملة بنت أبي سفيان بن حرب، زوجه إياها خالد بن سعيد بن العاص، وهما بأرض الحبشة، وأصدقها النجاشي عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أربعمائة دينار، وهو الذي كان خطبها على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وكانت قبله عند عبيد الله بن جحش الأسدي.‏

جويرية بنت الحارث
وتزوج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار الخزاعية، كانت في سبايا بني المصطلق من خزاعة، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس الأنصاري، فكاتبها على نفسها، فأتت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- تستعينه في كتابتها، فقال لها: ‏هل لك في خير من ذلك؟‏ قالت‏: ‏وما هو؟‏ قال: ‏أقضي عنك كتابتك، وأتزوجك، فقالت: ‏نعم، فتزوجها.

قال ابن هشام:
 ‏حدثنا بهذا الحديث زياد بن عبدالله البكائي، عن مُحَمَّد بن إسحاق، عن مُحَمَّد بن جعفر بن الزبير عن، عروة عن، عائشة.

قال ابن هشام: ‏

ويُقالُ لَمَّا انصرف رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من غزوة بني المصطلق، ومعه جويرية بنت الحارث، فكان بذات الجيش، دفع جويرية إلى رجل من الأنصار وديعة، وأمره بالاحتفاظ بها، وقدم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- المدينة، فأقبل أبوها الحارث بن أبي ضرار بفداء ابنته، فلمَّا كان بالعقيق نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء، فرغب في بعيرين منها، فغيبهما في شعب من شعاب العقيق، ثم أتى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقال: ‏يا مُحَمَّد أصبتم ابنتي، وهذا فداؤها، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏فأين البعيران اللذان غيَّبتَ بالعقيق في شِعْبِ كذا وكذا، فقال الحارث: ‏أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، صلى الله عليك، فو الله ما اطلع على ذلك إلا اللهُ تعالى، فأسلم الحارث، وأسلم معه ابنان له، وناس من قومه، وأرسل إلى البعيرين، فجاء بهما، فدفع الإبل إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ودفعت إليه ابنته جويرية، فأسلمت وحَسُنَ إسلامُها، وخطبها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلى أبيها، فزوَّجَهُ إيَّاهَا، وأصدقها أربع مائة درهم، وكانت قبل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عند ابن عم لها، يُقال له عبدالله.

‏قال ابن هشام: ‏ويُقال اشتراها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من ثابت بن قيس، فأعتقها، وتزوجها، وأصدقها أربعمائة درهم.‏

صفية بنت حيي
وتزوج رسول الله صفية بنت حيي بن أخطب، سباها من خيبر، فاصطفاها لنفسه، وأولم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وليمة، ما فيها شحم ولا لحم، كان سويقاً وتمراً، وكانت قبله عند كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق.‏

ميمونة بنت الحارث
وتزوج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ميمونة بنت الحارث بن حزن بن بحير بن هزم بن رويبة بن عبدالله بن هلال بن عامر بن صعصعة، زَوَّجَهُ إيَّاها العباس بن عبدالمطلب، وأصدقها العباس عن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أربعمائة درهم، وكانت قبله عند أبي رهم بن عبدالعزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي؛ ويُقالُ إنها التي وهبت نفسها للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وذلك أن خطبة النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- انتهت إليها وهي على بعيرها، فقالت: ‏البعير وما عليه لله ولرسوله، فأنزل الله تبارك وتعالى: ‏‏(‏وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي).

ويُقالُ إن التي وهبت نفسها للنبي زينب بنت جحش، ويُقالُ أم شريك، غزية بنت جابر بن وهب من بني منقذ بن عمرو بن معيص بن عامر بن لؤي، ويُقالُ بل هي امرأة من بني سلمة بن لؤي، فأرجأها رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.‏

زينب بنت خزيمة
وتزوَّج رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبدالله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة، وكانت تُسَمَّى أم المساكين، لرحمتها إيَّاهم ورقتها عليهم، زوَّجَهُ إيَّاها قبيصة بن عمرو الهلالي، وأصدقها رسول الله أربعمائة درهم، وكانت قبله عند عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب بن عبد مناف، وكانت قبل عبيدة عند جهم بن عمرو بن الحارث، وهو ابن عمها.

فهؤلاء اللاتي بنى بهن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إحدى عشرة، فمات قبله منهن ثنتان: ‏خديجة بنت خويلد، وزينت بنت خزيمة، وتوفي عن تسع، قد ذكرناهن في أول هذا الحديث، وثنتان لم يدخل بهما أسماء بنت النعمان الكندية، تزوجها فوجد بها بياضاً، فمتعها ورَدَّهَا إلى أهلها، وعمرة بنت يزيد الكلابية، وكانت حديثة عهد بكفر، فلمَّا قدمت على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- استعاذت من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏منيع عائذ الله، فَرَدَّهَا إلى أهلها‏.

ويُقال إن التي استعاذت من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كندية بنت عم لأسماء بنت النعمان، ويُقال إن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- دعاها، فقالت: ‏إنا قوم نؤتى ولا نأتي، فرَدَّهَا رسولُ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلى أهلها.



ذِكْر جملة الغزوات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

ذِكْر جملة الغزوات Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذِكْر جملة الغزوات   ذِكْر جملة الغزوات Emptyالخميس 28 أكتوبر 2021, 10:30 pm

القرشيات منهن
القرشيات من أزواج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ست:
‏خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي، وعائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، وحفصة بنت عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبدالعزى بن عبدالله بن قرط بن رياح بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، وأم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي، وأم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي، وسودة بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي.

العربيات وغيرهن والعربيات وغيرهن سبع:
‏زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبرة بن مرة بن كبير بن غنم بن دودان ابن أسد بن خزيمة، وميمونة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن هزم بن رويبة بن عبدالله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوزان بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان، وزينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبدالله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية، وجويرية بنت الحارث ابن أبي ضرار الخزاعية، ثم المصطلقية، وأسماء بنت النعمان الكندية، وعمرة بنت يزيد الكلابية.

ومن غير العربيات‏:
 ‏صفية بنت حيي بن أخطب، من بني النضير.‏

تمريض رسول الله في بيت عائشة

قال ابن إسحاق: ‏حدثني يعقوب بن عتبة عن مُحَمَّد بن مسلم الزهري، عن عبيد الله بن عتبة، عن عائشة زوج النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قالت: ‏فخرج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يمشى بين رجلين من أهله: ‏أحدهما الفضل ابن العباس، ورجل أخر، عاصباً رأسه، تخط قدماه، حتى دخل بيتي.

قال عبيد فحدثت هذا الحديث عبدالله بن العباس فقال: ‏هل تدري من الرجل الآخر؟‏ قال: ‏قلت: ‏لا، قال: ‏علي بن أبي طالب.‏

اشتداد المرض
ثم غمر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، واشتد به وجعه، فقال: ‏هريقوا على سبع قرب من أبار شتى، حتى أخرج إلى الناس فأعهد إليهم.

قالت: ‏فأقعدناه في مخضب لحفصة بنت عمر، ثم صببنا عليه الماء حتى طفق يقول: ‏حسبكم حسبكم.‏

خطبة للنبي وتفضيله أبا بكر
قال ابن إسحاق: ‏وقال الزهري حدثني أيوب بن بشير أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- خرج عاصباً رأسه حتى جلس على المنبر، ثم كان أول ما تكلم به أنه صلى على أصحاب أحد، واستغفر لهم، فأكثر الصلاة عليهم، ثم قال: ‏إن عبداً من عباد الله خيره الله بين الدنيا بين ما عنده، فاختار ما عند الله، قال: ‏ففهمها أبو بكر، وعرف أن نفسه يريد، فبكى، وقال: ‏بل نحن نفديك بأنفسنا وأبنائنا، فقال: ‏على رسلك يا أبا بكر، ثم قال: ‏انظروا هذه الأبواب اللافظة في المسجد، فسدوها إلا بيت أبي بكر، فأني لا أعلم أحداً كان أفضل في الصحبة عندي يدا منه.

قال ابن هشام: ‏
ويروى إلا باب أبي بكر.

قال ابن إسحاق: ‏
وحدثني عبدالرحمن بن عبدالله، عن بعض آل أبي سعيد بن المعلى: ‏أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال يومئذ في كلامه هذا: ‏فإني لو كنت متخذاً من العباد خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، ولكن صحبة وإخاء إيمان حتى يجمع الله بيننا عنده.‏

أمره بإنفاذ بعث أسامة
قال ابن إسحاق: ‏وحدثني مُحَمَّد بن جعفر بن الزبير، عن عروة بن الزبير، وغيره من العلماء: ‏أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- استبطأ الناس في بعث أسامة بن زيد، وهو في وجعه، فخرج عاصباً رأسه حتى جلس على المنبر، وقد كان الناس قالوا: ‏في إمرة أسامة: ‏أمر غلاماً حدثاً على جلة المهاجرين والأنصار.

فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل، ثم قال: ‏أيها الناس أنفذوا بعث أسامة، فلعمري لئن قلتم في إمارته لقد قلتم في إمارة أبيه من قبله، وإنه لخليق للإمارة، وإن كان أبوه لخليقاً لها‏.

قال: ‏ثم نزل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وانكمش الناس في جهازهم، واستعز برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وجعه، فخرج أسامة، وخرج جيشه معه حتى نزلوا الجرف، من المدينة على فرسخ، فضرب به عسكره، وتتام إليه الناس، وثقل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فأقام أسامة والناس، لينظروا ما الله قاض في رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.

وصايته بالأنصار قال ابن إسحاق: ‏قال الزهري وحدثني عبدالله بن كعب بن مالك أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال يوم صلى واستغفر لأصحاب أحد، وذكر من أمرهم ما ذكر، مع مقالته يومئذ: ‏يا معشر المهاجرين، استوصوا بالأنصار خيراً، فإن الناس يزيدون، وإن الأنصار على هيئتها لا تزيد، وأنهم كانوا عيبتي التي أويت إليها، فأحسنوا إلى مُحسنهم، وتجاوزوا عن مُسيئهم.

قال عبدالله: ‏
ثم نزل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فدخل بيته، وتتام به وجعه حتى غمر.

شأن اللدود
قال عبدالله فاجتمع إليه نساء من نسائه: ‏أم سلمة، وميمونة، ونساء من نساء المسلمين، منهن أسماء بنت عميس، وعنده العباس عمه، فأجمعوا أن يلدوه، وقال العباس: ‏لألدنه.

قال: ‏فلدوه، فلمَّا أفاق رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قال: ‏مَنْ صنع هذا بي‏؟‏ قالوا: ‏يا رسول الله، عَمُّكَ، قال: ‏هذا دواء أتى به نساء جئن من نحو هذه الأرض، وأشار نحو أرض الحبشة، قال: ‏ولِمَ فعلتم ذلك؟‏ فقال عَمُّهُ العباس: ‏خشينا يا رسول الله أن يكون بك ذات الجنب، فقال‏: ‏إن ذلك لداءٌ ما كان لله عز وجل ليقذفني به، لا يبق في البيت أحَدٌ إلا لَدَّ إلا عَمِّي، فلقد لدت ميمونة وإنها لصائمة، لقسم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، عقوبة لهم بما صنعوا به.‏

دعاؤه لأسامة بالإشارة

قال ابن إسحاق: ‏وحدثني سعيد بن عبيد بن السباق، عن مُحَمَّد بن أسامة، عن أبيه أسامة بن زيد، قال: ‏لما ثقل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، هبطت وهبط الناس معي إلى المدينة فدخلت على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وقد أصمت فلا يتكلم فجعل يرفع يده إلى السماء ثم يضعها علي، فأعرف أنه يدعو لي.

قال ابن إسحاق:
‏وقال ابن شهاب الزهري حدثني عبيد بن عبدالله بن عتبة، عن عائشة، قالت: ‏كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كثيراً ما أسمعه يقول: ‏إن الله لم يقبض نبيا حتى يخيره، قالت: ‏فلما حضر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، كان أخر كلمة سمعتها وهو يقول: ‏بل الرفيق الأعلى من الجنة، قالت: ‏فقلت: ‏إذا والله لا يختارنا، وعرفت أنه الذي كان يقول لنا: ‏إن نبياً لم يقبض حتى يخير.‏

أبو بكر يصلي بالناس
قال الزهري وحدثني حمزة بن عبدالله ابن عمر، أن عائشة قالت: ‏لما استعز برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال: ‏مروا أبا بكر فليصل بالناس، قالت: ‏قلت: ‏يا نبي الله إن أبا بكر رجل رقيق، ضعيف الصوت، كثير البكاء إذا قرأ القرآن، قال: ‏مروه فليصل بالناس.‏

قالت: ‏فعدت بمثل قولي، فقال: ‏إنكن صواحب يوسف، فمروه فليصل بالناس، قالت: ‏فو الله ما أقول ذلك إلا أني كنت أحب أن يصرف ذاك عن أبي بكر، وعرفت أن الناس لا يحبون رجلاً قام مقامه أبداً، وأن الناس سيتشاءمون به في كل حدث كان، فكنت أحب أن يصرف ذلك عن أبي بكر.

قال ابن إسحاق:
‏وقال ابن شهاب حدثني عبدالملك بن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، عن أبيه، عن عبدالله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد قال: ‏لما استعز برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وأنا عنده في نفر من المسلمين، قال: ‏دعاه بلال إلى الصلاة، فقال: ‏مروا من يصلي بالناس.

قال: ‏فخرجت فإذا عمر في الناس، وكان أبو بكر غائباً، فقلت: ‏قم يا عمر، فصل بالناس، قال: ‏فقام، فلما كبر، سمع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- صوته، وكان عمر رجلاً مجهراً، قال: ‏فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏فأين أبو بكر‏؟‏ يأبى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك والمسلمون، قال: ‏فبعث إلى أبي بكر، فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة فصلى بالناس، قال: ‏قال عبدالله بن زمعة: ‏قال لي عمر: ‏ويحك!‏ ماذا صنعت بي يا بن زمعة، والله ما ظننت حين أمرتني إلا أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أمرك بذلك، ولولا ذلك ما صليت بالناس، قال: ‏قلت: ‏والله ما أمرني رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بذلك، ولكني حين لم أرى أبا بكر، رأيتك أحق من حضر بالصلاة بالناس.‏

اليوم الذي قبض اللهُ فيه رسولَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
قال ابن إسحاق: ‏وقال الزهري حدثني أنس بن مالك: ‏أنه لما كان يوم الاثنين الذي قبض الله فيه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، خرج إلى الناس، وهم يصلون الصبح، فرفع الستر، وفتح الباب، فخرج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقام على باب عائشة، فكاد المسلمون يفتنون في صلاتهم برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حين رأوه، فرحا به، وتفرجوا، فأشار إليهم أن اثبتوا على صلاتكم؛ قال: ‏فتبسم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- سروراً لما رأى من هيئتهم في صلاتهم، وما رأيت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أحسن هيئة منه تلك الساعة.

قال: ‏ثم رجع وانصرف الناس وهم يرون أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قد أفرق من وجعه، فرجع أبو بكر إلى أهله بالسنح.

قال ابن إسحاق: ‏
وحدثني مُحَمَّد بن إبراهيم بن الحارث عن القاسم بن مُحَمَّد: ‏أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال، حين سمع تكبير عمر في الصلاة: ‏أين أبو بكر؟‏ يأبى الله ذلك والمسلمون، فلولا مقالة قالها عمر عند وفاته، لم يشك المسلمون أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قد استخلف أبا بكر، ولكنه قال عند وفاته: ‏إن استخلف فقد استخلف من هو خير مني، وإن أتركهم فقد تركهم من هو خير مني، فعرف الناس أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- لم يستخلف أحداً، وكان عمر غير متهم على أبي بكر.

قال ابن إسحاق‏: ‏
وحدثني أبو بكر بن عبدالله بن أبي مليكة قال: ‏لما كان يوم الاثنين، خرج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عاصباً رأسه إلى الصبح، وأبو بكر يصلى بالناس، فلما خرج رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- تفرج الناس، فعرف أبو بكر أن الناس لم يصنعوا ذلك إلا لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فنكص عن مصلاه، فدفع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في ظهره، وقال: ‏صل بالناس، وجلس رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إلى جنبه، فصلى قاعداً عن يمين أبي بكر، فلما فرغ من الصلاة، أقبل على الناس، فكلمهم رافعا صوته، حتى خرج صوته من باب المسجد، يقول: ‏أيها الناس سعرت النار، وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، وإني والله ما تمسكون علي بشيء، إني لم أحل إلا ما أحل القرآن، ولم أحرم إلا ما حرم القرآن.

قال: ‏فلما فرغ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من كلامه، قال له أبو بكر: ‏يا نبي الله، إني أراك قد أصبحت بنعمة من الله وفضل كما تحب، واليوم يوم بنت خارجة، أفآتيها؟‏ قال: ‏نعم، ثم دخل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وخرج أبو بكر إلى أهله بالسنح.‏



ذِكْر جملة الغزوات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

ذِكْر جملة الغزوات Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذِكْر جملة الغزوات   ذِكْر جملة الغزوات Emptyالخميس 28 أكتوبر 2021, 10:37 pm

شأن علي والعباس قبل وفاته
قال ابن إسحاق: ‏قال الزهري وحدثني عبدالله بن كعب بن مالك، عن عبدالله بن عباس، قال: ‏خرج يومئذ علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، على الناس من عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقال له الناس: ‏يا أبا حسن، كيف أصبح رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-؟‏ قال: ‏أصبح بحمد الله بارئاً، قال: ‏فأخذ العباس بيده، ثم قال: ‏يا علي، أنت والله عبد العصا بعد ثلاث، أحلف بالله لقد عرفت الموت في وجه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، كما كنت أعرفه في وجوه بني عبدالمطلب، فانطلق بنا إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فإن كان هذا الأمر فينا عرفناه، وإن كان في غيرنا أمرناه، فأوصى بنا الناس.

قال: ‏فقال له علي: ‏إني والله لا أفعل، والله لئن منعناه لا يؤتيناه أحَدٌ بعده.

فتوفي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حين أشتد الضُّحاء من ذلك اليوم.‏

سواك الرسول قبل وفاته
قال ابن إسحاق: ‏وحدثني يعقوب بن عتبة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قال: ‏قالت: ‏رجع إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في ذلك اليوم حين دخل من المسجد، فاضطجع في حجري، فدخل علي رجل من آل بكر، وفي يده سواك أخضر، قالت: ‏فنظر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- إليه في يده نظرا عرفت أنه يريده، قالت: ‏فقلت: ‏يا رسول الله أتحب أن أعطيك هذا السواك؟‏ قال: ‏نعم، قالت: ‏فأخذته فمضغته له حتى لينته، ثم أعطيته إياه، قالت: ‏فاستن به كأشد ما رأيته يستن بسواك قط، ثم وضعه، ووجدت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يثقل في حجري، فذهبت أنظر في وجهه فإذا بصره قد شخص، وهو يقول: ‏بل الرفيق الأعلى من الجنة، قالت: ‏فقلت: ‏خيرت فاخترت والذي بعثك بالحق، قالت: ‏وقبض رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.

قال ابن إسحاق: ‏
وحدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير، عن أبيه عباد، قال: ‏سمعت عائشة تقول: ‏مات رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- بين سحري ونحري، وفي دولتي، لم أظلم فيه أحداً، فمن سفهي وحداثة سني أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قبض وهو في حجري، ثم وضعت رأسه على وسادة، وقمت ألتدم مع النساء، وأضرب وجهي‏.‏‏

مقالة عمر بعد وفاته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
قال ابن إسحاق: ‏قال الزهري وحدثني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال: ‏لما توفي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قام عمر بن الخطاب، فقال: ‏إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله قد توفي، وإن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه، كما ذهب موسى بن عمران، فقد غاب عن قومه أربعين ليلة، ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات، ووالله ليرجعن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- كما رجع موسى، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مات.‏

شأن أبي بكر بعد وفاته -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
قال: ‏وأقبل أبو بكر، حتى نزل على باب المسجد حين بلغه الخبر، وعمر يكلم الناس، فلم يلتفت إلى شيء حتى دخل على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في بيت عائشة، ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- مسجى في ناحية البيت، عليه برد حبرة، فأقبل حتى كشف عن وجه رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قال: ‏ثم أقبل عليه فقبله، ثم قال: ‏بأبي أنت وأمي، أما الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها، ثم لن تصيبك بعدها موتة أبداً، قال: ‏ثم رد البرد على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ثم خرج، وعمر يكلم الناس، فقال: ‏على رسلك يا عمر، أنصت، فأبي إلا أن يتكلم، فلما رآه أبو بكر لا ينصت أقبل على الناس، فلما سمع الناس كلامه أقبلوا عليه، وتركوا عمر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ‏أيها الناس، إنه من كان يعبد مُحَمَّداً فإن مُحَمَّداً قد مات، ومن كان يعبدالله فإن الله حي لا يموت، قال: ‏ثم تلا هذه الآية: ‏

(‏وما مُحَمَّد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين

 ‏قال: ‏فو الله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ.

قال وأخذها الناس عن أبي بكر، فإنما هي في أفواههم، وقال: ‏فقال أبو هريرة: ‏قال عمر: ‏والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها، فعقرت حتى وقعت إلى الأرض ما تحملني رجلاًي، وعرفت أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قد مات.‏

أمر سقيفة بني ساعدة
الاختلاف بين المهاجرين والأنصار
قال ابن إسحاق: ‏ولما قبض رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- انحاز هذا الحي من الأنصار إلى سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة، واعتزل علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله في بيت فاطمة، وانحاز بقية المهاجرين إلى أبي بكر، وانحاز معهم أسيد بن حضير، في بني عبد الأشهل، فأتي آت إلى أبي بكر وعمر، فقال: ‏إن هذا الحي من الأنصار مع سعد بن عبادة في سقيفة بني ساعدة، قد انحازوا إليه، فإن كان لكم بأمر الناس حاجة فأدركوا قبل أن يتفاقم أمرهم، ورسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في بيته لم يفرغ من أمره، قد أغلق دونه الباب أهله، قال عمر: ‏فقلت: ‏لأبي بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار، حتى ننظر ما هم عليه.قال ابن إسحاق: ‏وكان من حديث السقيفة حين اجتمعت بها الأنصار أن عبدالله بن أبي بكر حدثني، عن ابن شهاب الزهري، عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود، عن عبدالله بن عباس، قال: ‏أخبرني عبدالرحمن بن عوف، قال: ‏وكنت في منزله بمنى أنتظره، وهو عند عمر في أخر حجة حجها عمر، قال فرجع: ‏عبدالرحمن بن عوف من عند عمر فوجدني في منزله بمنى أنتظره، وكنت أقرئه القرآن، قال ابن عباس: ‏فقال لي عبدالرحمن بن عوف: ‏لو رأيت رجلاً أتى أمير المؤمنين، فقال: ‏يا أمير المؤمنين هل لك في فلان يقول: ‏والله لو قد مات عمر بن الخطاب لقد بايعت فلانا، والله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت.

قال: ‏فغضب عمر، فقال: ‏إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس، فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم.

قال عبدالرحمن: ‏فقلت: ‏يا أمير المؤمنين، لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغائهم، وإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس، وإني أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطير بها أولئك عنك كل مطير، ولا يعوها ولا يضعوها على مواضعها، فأمهل حتى تقدم المدينة، فإنها دار السنة، وتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس، فتقول ما قلت بالمدينة متمكنا، فيعي أهل الفقه مقالتك، ويضعوها على مواضعها.

قال: ‏فقال عمر: ‏أما والله إن شاء الله لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة.‏

عمر يذكر البيعة لأبي بكر
قال ابن عباس فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة، فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح حين زالت الشمس، فأجد سعيد بن زيد بن عمر بن نفيل جالسا إلى ركن المنبر، فجلست حذوه تمس ركبتي ركبته، فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب، فلما رأيته مقبلاً، قلت لسعيد بن زيد: ‏ليقولن العشية على هذا المنبر مقالة لم يقلها منذ استخلف، قال فأنكر علي سعيد بن زيد ذلك، وقال: ‏ما عسى أن يقول مما لم يقل قبله، فجلس عمر على المنبر، فلما سكت المؤذنون، قام، فأثنى على الله بما هو أهل له، ثم قال: ‏أما بعد: ‏فإني قائل لكم اليوم مقالة قد قدر لي أن أقولها، ولا أدرى لعلها بين يدي أجلي، فمن عقلها ووعاها فليأخذ بها حيث انتهت به راحلته، ومن خشي أن لا يعيها فلا يحل لأحد أن يكذب علي.

إن الله بعث مُحَمَّداً، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها وعلمناها ووعيناها، ورجم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان يقول قائل: ‏والله ما نجد الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء، وإذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف.

ثم إنا قد كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله: ‏‏(‏لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم)‏، ألا إن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قال: ‏لا تطروني كما أطري عيسى ابن مريم، وقولوا عبدالله ورسوله.

ثم إنه قد بلغني أن فلانا قال: ‏والله لو قد مات عمر بن الخطاب لقد بايعت فلانا، فلا يغرن امرأ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت، وإنها قد كانت كذلك إلا أن الله قد وقى شرها، وليس فيكم من تنقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر، فمن بايع رجلاً عن غير مشورة من المسلمين فإنه، لا بيعة له هو، ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا.

إنه كان من خبرنا حين توفي الله نبيه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أن الأنصار خالفونا، فاجتمعوا بأشرافهم في سقيفة بني ساعدة، وتخلف عنا علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، ومن معهما، واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر، فقلت لأبي بكر: ‏انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار، فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا منهم رجلاًن صالحان، فذكرا لنا ما تمالأ عليه القوم، وقال: ‏أين تريدون يا معشر المهاجرين؟‏ قلنا: ‏نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار، قالا: ‏فلا عليكم ألا تقربوهم يا معشر المهاجرين، اقضوا أمركم.

قال: ‏قلت: ‏والله لنأتينهم، فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل، فقلت: ‏من هذا؟‏ فقالوا: ‏سعد بن عبادة، فقلت: ‏ما له؟‏ فقالوا: ‏وجع.

فلما جلسنا تشهد خطيبهم، فأثنى على الله بما هو له أهل، ثم قال: ‏أما بعد: ‏فنحن أنصار الله، وكتيبة الإسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين، رهط منا، وقد دفت دافة من قومكم، قال: ‏وإذا هم يريدون أن يحتازونا من أصلنا، ويغصبونا الأمر.

فلما سكت أردت أن أتكلم، وقد زورت في نفسي مقالة قد أعجبتني، أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر، وكنت أداري منه بعض الحد، فقال أبو بكر: ‏على رسلك يا عمر، فكرهت أن أغضبه، فتكلم وهو كان أعلم مني، وأوقر، فو الله ما ترك من كلمة أعجبتني من تزويري إلا قالها قي بديهته، أو مثلها أو أفضل حتى سكت.‏

قال: ‏أما ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسبا ودارا، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين، فبايعوا أيهما شئتم، وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح، وهو جالس بيننا، ولم أكره شيئا مما قاله غيرها، كان والله أن أقدم فتضرب عنقي، لا يقربني ذلك إلى أثم، أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر.

قال قائل من الأنصار: ‏
أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش، قال: ‏فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، حتى تخوفت الاختلاف، فقلت: ‏ابسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده فبايعته، ثم بايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار، ونزونا على سعد بن عبادة، فقال قائل منهم: ‏قتلتم سعد بن عبادة، قال: ‏فقلت: ‏قتل الله سعد بن عبادة.

قال ابن إسحاق:
‏قال الزهري أخبرني عروة بن الزبير: ‏أن أحد الرجلين اللذين لقوا من الأنصار حين ذهبوا إلى السقيفة عويم بن ساعدة، والآخر معن بن عدي، أخو بني العجلان، فأما عويم بن ساعدة فهو الذي بلغنا أنه قيل لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من الذين قال الله عز وجل لهم: ‏‏(‏فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين) ‏فقال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏نعم المرء منهم عويم بن ساعدة، وأما معن بن عدي، فبلغنا أن الناس بكوا على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حين توفاه الله عز وجل، وقالوا: ‏والله لوددنا أن متنا قبله، إنا نخشى أن نفتتن بعده، قال معن بن عدي: ‏لكني والله ما أحب أني مت قبله حتى أصدقه ميتا كما صدقته حياً، فقتل معن يوم اليمامة شهيداً في خلافة أبي بكر، يوم مسيلمة الكذاب.‏



ذِكْر جملة الغزوات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

ذِكْر جملة الغزوات Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذِكْر جملة الغزوات   ذِكْر جملة الغزوات Emptyالخميس 28 أكتوبر 2021, 10:42 pm

خطبة عمر بعد البيعة لأبي بكر
قال ابن إسحاق: ‏حدثني الزهري، قال: ‏حدثني أنس بن مالك قال: ‏لما بويع أبو بكر في السقيفة، وكان الغد جلس أبو بكر على المنبر، فقام عمر، فتكلم قبل أبي بكر، فحمد الله، وأثنى عليه، بما هو أهله، ثم قال: ‏أيها الناس، إني كنت قلت لكم أمس مقالة ما كانت مما وجدتها في كتاب الله، ولا كانت عهداً عهد إلي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ولكني قد كنت أرى أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- سيدبر أمرنا، يقول: ‏يكون آخرنا وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي به هدى الله رسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له، وإن الله قد جمع أمركم على خيركم، صاحب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وثاني اثنين إذ هما في الغار، فقوموا فبايعوه، فبايع الناس أبا بكر بيعة العامة، بعد بيعة السقيفة.

خطبة أبي بكر بعد البيعة
فتكلم أبو بكر، فحمد الله، وأثنى عليه بالذي هو أهله ثم قال: ‏أما بعد: ‏أيها الناس، فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى أخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.

قال ابن إسحاق: ‏
وحدثني حسين بن عبدالله، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ‏والله إني لأمشي مع عمر في خلافته وهو عامد إلى حاجة له، وفي يده الدرة، وما معه غيري، قال: ‏وهو يحدث نفسه، ويضرب وحشي قدمه بدرته، قال: ‏إذا التفت إلي، فقال: ‏يا ابن عباس هل تدري ما كان حملني على مقالتي التي قلت حين توفي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-؟‏ قال: ‏قلت: ‏لا أدري، يا أمير المؤمنين، أنت أعلم.

قال: ‏فإنه والله أن كان الذي حملني على ذلك إلا أني كنت أقرأ هذه الآية ‏(‏وكذلك جعلناكم أمَّةً وسطًا لتكونوا شهداءَ على الناس ويكون الرسولُ عليكم شهيدًا) ‏فو الله إن كنت لأظن أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يبقى في أمته حتى يشهد عليها بأخر أعمالها، فإنه للذي حملني على أن قلت ما قلت.‏

جهاز رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- ودفنه
من تولى غسله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
قال ابن إسحاق: ‏فلما بويع أبو بكر رضى الله عنه أقبل الناس على جهاز رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يوم الثلاثاء، فحدثني عبدالله بن أبي بكر، وحسين بن عبدالله، وغيرهما من أصحابنا، أن علي بن أبي طالب، والعباس بن عبدالمطلب، والفضل بن العباس، وقثم بن العباس، وأسامة بن زيد، وشقران، مولى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، هم الذين ولوا غسله.

وإن أوس بن خولي أحد بني عوف بن الخزرج قال لعلي بن أبي طالب: ‏أنشدك الله يا علي، وحظنا من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وكان أوس من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وأهل بدر، قال: ‏ادخل فدخل.

فجلس وحضر غسل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فأسنده علي بن أبي طالب إلى صدره، وكان العباس والفضل وقثم يقلبونه معه، وكان أسامة بن زيد، وشقران، مولاه هما اللذان يصبان الماء عليه، وعلي يغسله، قد أسنده إلى صدره، وعليه قميصه يدلكه به من ورائه، لا يفضي بيده إلى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.

وعلي يقول: ‏بأبي أنت وأمي، ما أطيبك حياً وميتاً، ولم ير من رسول الله شيء مما يرى من الميت.‏

كيفية غسله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
وحدثني يحيى بن عباد بن عبدالله بن الزبير، عن أبيه عباد، عن عائشة قالت، لما أرادوا غسل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- اختلفوا فيه فقالوا: ‏والله ما ندري أنُجَرِّدُ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من ثيابه، كما نُجَرِّدُ موتانا، أو نغسله وعليه ثيابه؟‏ قالت: ‏فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم، حتى ما منهم رجل إلا ذقنه في صدره، ثم كلمهم مُكلم من ناحية البيت، لا يدرون مَنْ هو، أن اغسلوا النبي وعليه ثيابُه، قالت: ‏فقاموا إلى رسول الله، فغسَّلُوهُ وعليه قميصه، يَصُبُّونَ الماء فوق القميص، ويُدَلِّكُونَهُ والقميص دون أيديهم.‏

تكفينه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
قال ابن إسحاق: ‏فلما فرغ من غسل رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، كفن في ثلاثة أثواب، ثوبين صحاريين، وبرد حبرة، أدرج فيها إدراجاً.

كما حدثني جعفر بن مُحَمَّد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، والزهري عن، علي بن الحسين.

قبره -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-

قال ابن إسحاق‏: ‏وحدثني حسين بن عبدالله، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ‏لَمَّا أرادوا أن يحفروا لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، وكان أبو عبيدة بن الجراح، يضرح كحفر أهل مكة، وكان أبو طلحة زيد بن سهل، هو الذي يحفر لأهل المدينة، يلحد فدعا العباس رجلين فقال لأحدهما: ‏اذهب إلى أبي عبيدة بن الجراح، وللأخر اذهب إلى أبي طلحة، اللهم خر لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فوجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة، فجاء به فلحد لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.‏

الصلاة عليه ودفنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
فلمَّا فرغ من جهاز رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يوم الثلاثاء، وضع في سريره في بيته، وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه، فقال قائل: ‏ندفنه في مسجده، وقال قائل: ‏بل ندفنه مع أصحابه، فقال أبو بكر: ‏إني سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يقول: ‏ما قبض نبيٌ إلا دُفِنَ حيث يُقبض، فرفع فراش رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- الذي توفي عليه، فحفر له تحته، ثم دخل الناس على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يصلون عليه أرسالاً، دخل الرجال حتى إذا فرغوا أدخل النساء، حتى فرغ النساء أدخل الصبيان، ولم يؤم الناس على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أحد.

ثم دفن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- من وسط الليل ليلة الأربعاء.

قال ابن إسحاق: ‏
وحدثني عبدالله بن أبي بكر، عن امرأته فاطمة بنت عمارة، عن عمرة بنت عبدالرحمن بن سعد بن زرارة، عن عائشة رضى الله عنها، قالت: ‏ما علمنا بدفن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- حتى سمعنا صوت المساحي، من جوف الليل من ليلة الأربعاء.

قال مُحَمَّد بن إسحاق:
‏وقد حدثتني فاطمة هذا الحديث.

من تولى دفنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
قال مُحَمَّد بن إسحاق: ‏وكان الذين نزلوا في قبر رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، علي بن أبي طالب، والفضل بن عباس، وقثم بن عباس، وشقران، مولى رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.

وقد قال أوس بن خولي لعلي بن أبي طالب: ‏يا علي أنشدك الله، وحظنا من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقال له‏: ‏انزل، فنزل مع القوم، وقد كان مولاه شقران حين وضع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في حفرته، وبنى عليه، قد أخذ قطيفة، وقد كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- يلبسها ويفترشها، فدفنها في القبر، وقال: ‏والله لا يلبسها أحَدٌ بعدك أبداً.

قال: ‏فَدُفِنَتْ مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.‏



ذِكْر جملة الغزوات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49191
العمر : 72

ذِكْر جملة الغزوات Empty
مُساهمةموضوع: رد: ذِكْر جملة الغزوات   ذِكْر جملة الغزوات Emptyالخميس 28 أكتوبر 2021, 10:45 pm

أحدث الناس عهداً به -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
وقد كان المغيرة بن شعبة يدعى أنه أحدث الناس عهداً برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، يقول: ‏أخذت خاتمي فألقيته في القبر، وقلت: ‏إن خاتمي سقط مني، وإنما طرحته عمداً لأمس رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فأكون أحدث الناس عهداً به -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-.

قال ابن إسحاق: ‏
فحدثني أبي إسحاق بن يسار، عن مقسم أبي القاسم مولى عبدالله بن الحارث نوفل، عن مولاه عبدالله بن الحارث، قال: ‏اعتمرتُ مع علي بن أبي طالب رضوان الله عليه في زمان عمر، أو زمان عثمان، فنزل على أخته أم هانئ بنت أبي طالب، فلمَّا فرغ من عُمرته، رجع فسكب له غُسل، فاغتسل، فلمَّا فرغ من غُسله، دخل عليه نفرٌ من أهل العراق، فقالوا: ‏يا أبا الحسن جئنا نسألك عن أمر نُحِبُّ أن تخبرنا عنه، قال: ‏أظن المغيرة بن شعبة يحدثكم، أنه كان أحدث الناس عهداً برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قالوا: ‏أجل عن ذلك جئنا نسألك، قال: ‏كذب قال: ‏أحدث الناس عهداً برسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- قثم بن عباس‏.‏

التحذير من اتخاذ القبور مساجد
قال ابن إسحاق: ‏وحدثني صالح بن كيسان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة أن عائشة حدثته، قالت: ‏كان على رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- خميصة سوداء حين اشتد به وجعه، قالت: ‏فهو يضعها مرة على وجهه، ومرة يكشفها عنه، ويقول: ‏قاتل الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر من ذلك على أمته.‏

آخر ما عهد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-
قال ابن إسحاق: ‏وحدثني صالح ابن كيسان، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة، عن عائشة قالت: ‏كان أخر ما عهد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أن قال: ‏لا يترك بجزيرة العرب دينان.‏

افتتان المسلمين بعد موته
قال ابن إسحاق: ‏ولما توفي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عظمت به مصيبة المسلمين، فكانت عائشة -فيما بلغني- تقول: ‏لما توفي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، ارتد العرب، واشرأبت اليهودية والنصرانية، ونجم النفاق، وصار المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية، لفقد نبيهم -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، حتى جمعهم الله على أبي بكر.

قال ابن هشام: ‏
حدثني أبو عبيدة، وغيره من أهل العلم، أن أكثر أهل مكة لما توفي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏هموا بالرجوع عن الإسلام، وأرادوا ذلك حتى خافهم عتاب بن أسيد فتوارى، فقام سهيل بن عمرو فحمد الله، وأثنى عليه، ثم ذكر وفاة رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- وقال: ‏إن ذلك لم يزد الإسلام إلا قوة، فمن رابنا ضربنا عنقه، فتراجع الناس، وكفوا عما هموا به، وظهر عتاب بن أسيد.

فهذا المقام الذي أراد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- في قوله لعمر بن الخطاب، إنه عسى أن يقوم مقاماً لا تذمّه.‏

شعر حسان بن ثابت في رثاء الرسول
وقال حسان بن ثابت يبكي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فيما حدثنا ابن هشام، عن أبي زيد الأنصاري: ‏
بطيبة رسم للرسول ومـعـهـد        منير وقد تعفو الرسوم وتـهـمـد
ولا تمتحى الآيات من دار حرمة        بها منبر الهادي الذي كان يصعـد
وواضح آثار وباقي مـعـالـم        وربع له فيه مصلى ومـسـجـد
بها حجرات كان ينزل وسطهـا        من الله نور يسـتـضـاء ويوقـد
معارف لم تطمس على العهد آيها        أتاها البلى فالآي مـنـهـا تـجـدد
عرفت بها رسم الرسول وعهـده        و قبرا بها واراه في الترب ملحـد
ظللت بها أبكي الرسول فأسعدت        عيون ومثلاها من الجفن تـسـعـد
يذكرن آلاء الرسـول ومـا أرى        لها محصيا نفسي فنفسـي تـبـلـد
مفجعة قد شفها فـقـد أحـمـد        فظلـت لآلاء الـرسـول تـعـدد
وما بلغت من كل أمر عـشـيره        ولكن لنفسي بعد مـا قـد تـوجـد
أطالت وقوفا تذرف العين جهدها        على طلل القبر الذي فـيه أحـمـد
فبوركت يا قبر الرسول وبوركت        بلاد ثوى فيها الرشـيد الـمـسـدد
وبورك لحد منك ضمن طـيبـا        عليه بناء من صـفـيح مـنـضـد
تهيل عليه الـتـرب أيد وأعـين        عليه وقد غارت بـذلـك أسـعـد
لقد غيبوا حلما وعلمـا ورحـمة        عشية عـلـوه الـثـرى لا يوسـد
وراحوا بحزن ليس فيهم نبـيهـم        وقد وهنت منهم ظهور وأعـضـد
يبكون من تبكي السماوات يومـه        ومن قد بكته الأرض فالناس أكمـد
وهل عدلت يوما رزية هـالـك        رزية يوم مـات فـيه مُحَمَّد
تقطع فيه منزل الوحي عنـهـم        وقد كان ذا نـور يغـور وينـجـد
يدل على الرحمن من يقتدي بـه        وينقذ من هول الـخـزايا ويرشـد
إمام لهم يهديهم الحـق جـاهـدا        معلم صدق إن يطيعـوه يسـعـدوا
عفوا عن الزلات يقبل عذرهـم        وإن يحسنوا فالله بـالـخـير أجـود
وإن ناب أمر لم يقوموا بحمـلـه        فمن عنـده تـيسـير مـا يتـشـدد
فبينا هم في نعمة الله بـينـهـم        دليل به نهج الـطـريقة يقـصـد
عزيز عليه أن يجوروا عن الهدى        حريص على أن يستقيموا ويهتـدوا
عطوف عليهم لا يثني جنـاحـه        إلى كنف يحنو علـيهـم ويمـهـد
فبينا هم في ذلك النـور إذ غـدا        إلى نورهم سهم من الموت مقصـد
فأصبح محمودا إلى الله راجعـا        يبكيه حتى المـرسـلات ويحـمـد
وأمست بلاد الحرم وحشا بقاعها        لغيبة ما كانت من الوحي تـعـهـد
قفارا سوى معمورة اللحد ضافها        فقيد يبـكـينـه بـلاط وغـرقـد
ومسجده فالموحشات لـفـقـده        خلاء له فـيه مـقـام ومـقـعـد
وبالجمرة الكبرى له ثم أوحشـت        ديار وعرصـات وربـع ومـولـد
فبكى رسول الله يا عين عـبـرة        ولا أعرفنك الدهر دمعـك يجـمـد
وما لك لا تبكين ذا النعمة التـي        على الناس منها سابـغ يتـغـمـد
فجودي عليه بالدموع وأعـولـي        لفقد الذي لا مثله الـدهـر يوجـد
وما فقد الماضون مثل مُحَمَّد        و لا مثله حتـى الـقـيامة يفـقـد
أعـف وأوفـى ذمة بـعـد ذمة        و أقـرب مـنـه نـائلا لا ينـكـد
وأبذل منه للـطـريف وتـالـد        إذ ضن معطاء بمـا كـان يتـلـد
وأكرم صيتا في البيوت إذا انتمى        وأكـرم جـدا أبـطـحـيا يسـود
وأمنع ذروات وأثبت في العـلا        دعائم عـز شـاهـقـات تـشـيد
وأثبت فرعا في الفروع ومنبتـا        وعودا غذاه المزن فالـعـود أغـيد
رباه وليدا فاستـتـم تـمـامـه        على أكرم الخيراًت رب مـمـجـد
تناهت وصاة المسلمين بـكـفـه        فلا العلم محبوس ولا الرأي يفـنـد
أقول ولا يلقى لقـولـي عـائب        من الناس إلا عازب العقل مبـعـد
وليس هواي نازعا عـن ثـنـائه        لعلي به في جنة الخـلـد أخـلـد
مع المصطفى أرجو بذاك جواره        وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجـهـد

وقال حسان بن ثابت أيضاً يبكي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏
ما بال عينك لا تنام كـأنـمـا        كحلت ما فيها بكـحـل الأرمـد
جزعا على المهدي أصبح ثاويا        يا خير من وطئ الحصى لا تبعد
وجهي يقيك الترب لهفي ليتني        غيبت قبلك في بقيع الـغـرقـد
بأبي وأمي من شهدت وفاتـه        في يوم الاثنين النبي المهـتـدي
فظللت بعد وفاته مـتـبـلـدا        متلـددا يا لـيتـنـي لـم أولـد
أأقيم بعدك بالمدينة بـينـهـم        يا ليني صبـحـت سـم الأسـود
أو حل أمر الله فينـا عـاجـلا        في روحة من يومنا أو مـن غـد
فتقوم ساعتنا فنلـقـي طـيبـا        محضا ضرائبه كريم المـحـتـد
يا بكر آمنة المبارك بكـرهـا        ولدته محصنة بسـعـد الأسـعـد
نورا أضاء على البرية كلـهـا        من يهد للنور المبـارك يهـتـدي
يا رب فاجمعنا معا ونـبـينـا        في جنة تثني عـيون الـحـسـد
في جنة الفردوس فاكتبها لـنـا        يا ذا الجلال وذا العلا والـسـؤدد
والله اسمع ما بقيت بـهـالـك        إلا بكيت على النبـي مُحَمَّد
يا ويح أنصر النبي ورهـطـه        بعد المغيب في سواء المـلـحـد
ضاقت بالأنصار البلاد فأصبحوا        سودا وجوههم كـلـون الإثـمـد
ولقد ولدنـاه وفـينـا قـبـره        وفضول نعمته بنا لـم نـجـحـد
والله أكرمنا بـه وهـدى بـه        أنصاره في كل ساعة مـشـهـد
صلى الإله ومن يحف بعرشـه        والطيبون على المبـارك أحـمـد


قال ابن إسحاق:
‏وقال حسان بن ثابت يبكي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-: ‏
نب المساكين أن الخبر فارقهـم        مع النبي تولي عنـهـم سـحـرا
من ذا الذي عنده رحلي وراحلتي        ورزق أهلي إذا لم يؤنسوا المطـرا
أم من نعاتب لا نخشى جنادعـه        إذ اللسان عتا في القول أو عـثـرا
كان الضياء وكان النور نتبـعـه        بعد الإله وكان السمع والبـصـرا
فليتنـا يوم واروه بـمـلـحـده        وغيبوه وألقـوا فـوقـه الـمـدرا
لم يترك الله منـا بـعـده أحـدا        ولم يعش بعده أنـثـى ولا ذكـرا
ذلت رقاب بني النجار كلـهـم        وكان أمرا من أمر الله قـد قـدرا
واقتسم الفيء دون الناس كلهـم        وبددوه جهـارا بـينـهـم هـدرا


وقال حسان بن ثابت يبكي رسول الله صلى الله عليه سلم أيضاً: ‏
آليت ما في جميع الناس مجتهدا        منـي إلـيه بـر غـير إفـنــاد
تالله ما حملت أنثى ولا وضعـت        مثل الرسول نبـي الأمة الـهـادي
ولا برا الله خلقا مـن بـريتـه        أوفى بـذمة جـار أو بـمـيعـاد
من الذي كان فينا يستضـاء بـه        مبارك الأمـر ذا عـدل وإرشـاد
أمسى نساؤك عطلن البيوت فما        يضربن فوق قفا سـتـر بـأوتـاد
مثل الرواهب يلبسن المباذل قـد        أيقن بالبؤس بعد النعـمة الـبـادي
يا أفضل الناس إني كنت في نهر        أصبحت منه كمثل المفرد الصادي

قال ابن هشام: ‏عجز البيت الأول عن غير ابن إسحاق.‏


ذِكْر جملة الغزوات Untit516



ذِكْر جملة الغزوات 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
ذِكْر جملة الغزوات
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» بحث في جملة: الله ورسوله أعلم
» ذِكْر ُمَنْ خرجوا مع الرسول إلى حمراء الأسد
» الباب العاشر: فِي ذكر تلبيسه عَلَى الصوفية من جملة الزُّهَّاد
» أحكام النساء - الباب الأول في ذِكْر البلوغ وبَيان حَـدِّه

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: إلا رســـول الله صلى الله عليه وسلم :: خير البرية محمد (صلى الله عليه وسلم)-
انتقل الى: