6ـ اسم الله الصمد
المقدم: لقد وصف الله نفسه في القرآن المجيد بصفات الكمال والجلال، ومن ذلك أن وصف نفسه بوصف الصّمد في قوله تعالى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ)، فما معنى هذه الكلمة التي قد تبدو غريبة على لغة الناس وكلامهم اليوم؟
أبي: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

وبعد...
فكلمة الصّمد كلمةٌ عربيةٌ استعملها العرب في كلامهم وأشعارهم، ومن ذلك قولهم:
عَلَوتُه بحُسامٍ  ثم قلتُ له... خذها حُذَيْفُ؛ فأنت السيدُ الصّمدُ

وقولهم:
شهابُ حروبٍ لا تزال جيادُه...عوابسَ يَعلُكَنّ الشَّكِيمَ المُصَمَّدا

ومعنى كلمة الصمد عند العرب متعددٌ حسب غرض المتكلم، فكانوا يقولون: صَمَدتُ الأمر وأصمِدُه أي: قصدته وأقصده، ويقولون: بيت مصمّد أي: مقصود، والشيء المصمد هو الذي لا جوف له.

والصمد في الناس: هو السيد المطاع الذي لا يُقضَى دونه أمرٌ، ويقال للذي يُصمَد إليه في الحوائج أي يقصد بها، ويقال صَمَدٌ: للرجل الذي لا يعطش ولا يجوع في الحرب.

المقدم: إذا كان الأمر هكذا؛ فما معنى كلمة الصمد كوصف لله -سبحانه وتعالى-؟
أبي: هذا الوصف في حق الله -تعالى- وصفُ كمالٍ وتقديسٍ، يقول فيه ابن عباس -رضي الله عنهما-: الذي يَصمِد الخلائقُ إليه في حوائجهم ومسائلهم.

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: هو السيد الذي قد كمُل في سؤدده، والشريف الذي قد كمُل في شرفه، والعظيم الذي قد كمُل في عِظَمه، والحليم الذي قد كمُل في حلمه، والعليم الذي قد كمُل في علمه، والحكيم الذي قد كمُل في حكمته، وهو الذي قد كمُل في أنواع الشرف و السؤدد، وهو الله -سبحانه-.

وقيل: معنى الصمد فيما جاء في قول الله -تعالى-: (اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ)  فما بعدها مفسر لها.

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني -رحمه الله-: وكل هذه الأقوال صحيح، وهي صفات ربنا -عز وجل-.

وهكذا، كانت كلمة الصمد كلمةً جامعةً للكمالات الإلهية الجليلة.
وتبارك الله رب العالمين.