التعريف بالمؤلف
أ.د/ عبد البديع أبو هاشم النوري "رحمه الله"
المَولد والنَّشأة:
ولد -رحمه الله- في يوم الاثنين الموافق 5/12/1960م في قرية القرين التابعة لمحافظة الشرقية، وكان بعد ولدٍ وبنتين، فكان آخر مولودٍ لأبيه.

نشأ في أسرةٍ فقيرةٍ لا تملك من المال إلا ما حصل عليه أبوه من تحفيظه للقرآن الكريم، حيث كان يعمل محفِّظاً للقرآن الكريم والقراءات بالكُتّاب والمعاهد الأزهرية، ثم عملَ مفتشًا على تعليم العلوم الشرعية بالمعاهد الأزهرية، ثم أحيل للتقاعد بعد بلوغ سنّ المعاش.

رحلته العلميَّة:
حفظ عبد البديع -رحمه الله- القرآن الكريم في سنّ التاسعة من عمره على يد والده -رحمه الله-، فكان دائمًا ما يصحبُه معه إلى الكتّاب الذي كان يعمل به، ثم يتركه في رعاية والدته -رحمها الله- حتى ختم القرآن الكريم كاملاً.

التحق -رحمه الله- بالجمعية التي أنشأها والده لتحفيظ القرآن الكريم، وكان طالبا بالمدرسة الابتدائية بالتربية والتعليم في الوقت نفسه، ولما تحوّلت الجمعية إلى معهد تابع للمعاهد الأزهرية جعلوه أحد طلابها أيضا، ليحصل على الشهادة الابتدائية من المعاهد الأزهرية والتربية والتعليم معا، عام 1972م.

ثم التحق بالمعهد الإعدادي والثانويّ الأزهريّ التابع لمركز (فاقوس) ليحصل منه على الشهادة الإعدادية عام 1975م، ثم الشهادة الثانويّة الأزهريّة (نظام الأربع سنوات) في عام 1979م وكان الأول على القسم الأدبيّ بالمعهد آنذاك، ثم التحق بكلية أصُول الدِّين قسم التفسير وعلوم القرآن جامعة الأزهر الشريف بالقاهرة، ثم تخرج منها عام 1983م بتقدير عام: جيد جداً مع مرتبة الشرف.

وفي عام 1985 عُيِّنَ مُعيدًا بكلية أصُول الدِّين بالقاهرة، بتكليفٍ من الجامعة، وفي عام 1987م سَجّل موضوعًا لرسالة الماجستير في التفسير، وكان موضوعها: (الاتباع في ميزان القرآن الكريم) وتكوَّنت لجنة المناقشة من الأساتذة: د.عبد الحي الفرماوي أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصُول الدِّين بالقاهرة، د. إبراهيم الديب أستاذ ورئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بكلية أصُول الدِّين بالمنصورة، د. محمد عبد المنعم القيعي أستاذ ورئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بكلية أصُول الدِّين بالقاهرة -رحمة الله عليهم أجمعين-، وتمت المناقشة في تاريخ 11/10/ 1989م بتقدير ممتاز مع التوصية بطبعها على نفقة الأزهر الشريف، وتبادلها مع الجامعات الأخرى.

وفي عام 1990م تقدَّم برسالة العالمية الدكتوراه، وكان موضوعها: (أقوال أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- جمع ودراسة) والتي نوقشت تحت إشراف د. عبد الحي الفرماوي أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصُول الدِّين بالقاهرة، ومناقشة كلٍّ من د. سمير عبد العزيز شليوة أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصُول الدِّين بالقاهرة، د. جودة محمد المهدي رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بكلية أصُول الدِّين بطنطا -رحمة الله أجمين-.

وتمَّت المناقشة في تاريخ 5/2/1993م بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، ثم تمت ترقيته بعدها بثلاثة أشهر إلى درجة مدرس، وفي عام 2004م تقدَّم بالأبحاث اللازمة للتَّرَقِي إلى درجة الأستاذيَّة.

عمله بالدعوة:
اهتمَّ -رحمه الله- بالدعوة اهتمامًا كبيرًا جدًّا حتى أخذت منه جُلّ وقته، فبالرغم من عمله بالكلية إلا أنه كان يجوب البلاد ومختلف المحافظات لأجل الدعوة إلى الله -تعالى-.

فقد مارس الدعوة منذ المرحلة الثانوية، شهدت بذلك منابر قريته (القرين) فضلاً عن مساجدها، وكيف لا وقد خرج من بيتٍ كلُّ رجاله دعاةٌ إلى الله -عز وجل-، فكان يحكي ويقول: "إن يوم الجمعة قديمًا كان يومًا نُحْسَدُ عليه، لأن كلَّ رجلٍ في بيتنا كان يخرج خطيبًا في مسجدٍ"، فكان أبوه وأخوه خطيبين بارعين.

وحينما جاء إلى القاهرة للدراسة بالجامعة أقامَ في مسجد أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- بمصر الجديدة، ليُباشر فيه الخطابة والدُّرُوس الأسبوعية إلى جانب دراسته بالكلية، ثم منه إلى مسجد عمر بن الخطاب بعين شمس بالقاهرة كي يستقرّ فيه خطيبًا، وداعيًا، ومفتيًا، ومعلمًا، وإمامًا.

التفَّ حوله طلابُ العلم والباحثون حتى تعلّمُوا وتتلمذوا على يديه، وظلّ يدعو فيه حتى عُرف المسجدُ بمسجد الشيخ عبد البديع.

وكان له في المسجد عِدَّةُ نشاطاتٍ دعويةٍ أذكر منها:
أولاً: خطبة الجمعة:
استقرَّ أبي -رحمه الله- بمسجد عمر بن الخطاب، وظلَّ يخطبُ فيه كلَّ جُمعةٍ، ويُعلمُ الناسَ والرُّوادَ بطريقةٍ علميةٍ ممنهجةٍ، يتنزَّل بأسلوبه لأدناهم، ويرتقي به لأعلاهم، حتى عرفه الصغيرُ والكبيرُ، وفهم منه جميع رواده على اختلاف مستوياتهم، وتنوع طبقاتهم.

تميز المسجدُ قديمًا في ربوع عين شمس وضواحيها بأنّ ثمَّة أزهريٍّ يخطب بمحطة العرب، فالتفَّ الناسُ حوله لأزهريتهِ منهجًا وزيًّا وهيئةً، حتى كان ما كان، ولله الحمد والفضل والمِنَّة.

عمل على توعية الرُّواد بسلاسل علميةٍ مؤصّٙلة، تعمل على إصلاح ما بين العبد وبين ربه، كان من أبرزها سلسلة أسماها: (العَقِيدَةُ أوْلَاً) بلغت نيفًا وعشرين شريطًا بعد المئة، ثم سلسلة: (مُحْبِطَاتِ الأعْمَالِ)، وثالثةٌ أطلق عليها: (مَفَاهِيمٌ يَجِبُ أنْ تُصَحَّحَ)، إلى غير ذلك.

استعمل -رحمة الله عليه- علم التفسير في مجال الخطابة وتحديد موضوعاتها، إذ كان التَّخصُّص والمجال، فراح يتكلّم في خطبةٍ ماتعةٍ عن الشباب ودوره في المجتمع، أسماها: (يابني اركب معنا)، وسلسلة أخرى تُسَمَّى: (حديثُ اللهِ عن نفسه في القرآن)، حتى خُتمت حياته مع سلسلة: (مقاصد سُوَرِ القرآن الكريم)  تحدّث فيها عن مقاصد سُوَرِ القرآن الكريم سُورَةً، سُورَةً، أتمّ منها تسعين سُورَةً، حتَّى فاضت رُوحُهُ بعد مقاصد سُورًةُ الشَّمْسِ.

ثانياً: دُرُوسُ التَّفسير:
ابتدأ أبي -رحمه الله- درس التفسير بالمسجد، وكان في يوم الثلاثاء من كل أسبوع، وبدأ الدرس يرتقي شيئًا فشيئًا، فبدأ أولاً مع نفرٍ من الناس، وكانوا يجلسون وسط المسجد (تحت النَّجفة تحديدًا) لقلة العدد وضآلته، ثم انتقل إلى تحت السَّندرة بالمسجد (يسار القِبْلَةِ) وذلك لزيادة العدد، وظلّ العَدَدُ يكثرُ شيئًا فشيئًا حتى صار في صحن المسجد كله، ولله الحمد والفضل والمِنَّة.

ابتدأ -رحمه الله- بتفسير سُورَةُ الناس فما بعدها تصاعديًّا، وكانت فكرته في ذلك -كما أخبر في أكثر من حلقةٍ- أن سُنَّةَ الله قد جَرَتْ في معظم المُفَسِّرِينَ أن يبدأوا تفسيرهم بسُورَةِ الفاتحة فما بعدها تنازليًّا، إلا أنَّ المَنِيَّةَ كانت تحولُ بينهم وبين إتمام تفسيرهم -غالباً-، فابتدأ هو من الناس إتماماً لأعمالهم، وتكميلاً لتفسيراتهم.

إلا أن الله -تعالى- عامله بتلك السُّنَّةِ، حيث قُبِضَ -رحمه الله- إبَّانَ تفسيره لسُورَةِ لقمان، وكان آخر ما فَسَّرَهُ قول الله -تعالى-: (۞ وَمَن يُسۡلِمۡ وَجۡهَهُ ۥۤ إِلَى ٱللَّهِ وَهُوَ مُحۡسِنٌ۬ فَقَدِ ٱسۡتَمۡسَكَ بِٱلۡعُرۡوَةِ ٱلۡوُثۡقَىٰ‌ۗ وَإِلَى ٱللَّهِ عَـٰقِبَةُ ٱلۡأُمُورِ)، فأسألُ اللهَ أن تكون عند منزلته.

وكان من جميل صنيعه في هذا اليوم أن يقرأ في المغرب والعشاء بالسُّورَةِ التي سَيُفَسِّرُهَا، حتى يرتبط الدَّرْسُ بالصَّلاة، فتٙلقى جميلَ إيقاعٍ على قلوب المستمعين.

ثالثاُ: صلاة التراويح:
كان الشيخ -رحمه الله- من قُرَّاءِ القرآن الكريم، وله به صَوْتٌ عَذْبٌ، يشنفُ الأسماع، ويُطْرِبُ الألباب، وله مُصْحَفٌ منشورٌ مشهورٌ، سُجِّلَ من صلاة الشيخ بالنّاس التراويحَ في رمضان، الأمر الذي ظلّ يتكرَّرُ لمدة ثلاثون عاماً تقريبًا، وكان الشيخ يختم ختمةً في كل عام، وربما خَتَمَ مَرَّةً في التراويح، وختمةً أخرى في التَّهَجُّدِ.

ومن أفضل ختماته -رحمه الله- تلك التي ختمها في ليلة العشرين من رمضان، وكان يقرأ في الليلة الواحدة جزءًا ونصفَ الجزء، وذلك ليتمكَّنَ من السَّفَرِ إلى العُمْرَةِ في صبيحة اليوم العشرين، تلبيةً لرغبة أهل المسجد في أن يختم بهم القرآن في تراويح رمضان، وكان -رحمه الله- كثير العُمرَاتِ في رمضان، وكثيرًا ما كان يختم قبل أن يُسافر للعُمرة.

وكان له -رحمه الله- دُرُوسٌ في رمضان بين الترويحات، وكان له منهجٌ فيها، فربما قسّمَها على الشهر نصفين، يطوّف في كلٍّ منها حول موضوعٍ من موضوعات القرآن، وكان لذلك أثره البالغ على جمهوره ومستمعيه.

ويبقى أعظم ذلك كلّه أثرًا ذلك العام الذي تناول فيه تفسير القرآن الكريم تفسيرًا إجماليًّا مبسّطًا؛ إذ كان يصلي العشاء، ثم يلقي تفسيرًا سريعًا حول الحزب الذي سيقرؤه في الركعات الأربعة الأولى من التراويح، ثم يصليها، فإذا فرغ جلس في الترويحة بين الركعات يلقي مثلها عن الحزب الذي سيقرؤه في الركعات الأربعة التالية، فكان لذلك وقعٌ جميلٌ طيبٌ على قلوب الحاضرين، وما يزالون يتحاكون بها إلى يومنا هذا.

وفي إحدى الرمضانات وقعت له كرامة في التراويح، يقول -رحمه الله-: "كنا نصلي في يوم 28 أو 29 من رمضان، وكنت أقرأ سُورَةُ القيامة، وأنا أصلي وأقرأ، والصَّوْتُ كان قد تَعِبَ في آخر رمضان، فأقرأ قول الله -تعالى-: (يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13) بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ)، كلامٌ عن الآخرة ويوم القيامة، بعدها مباشرةً: (لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ)  فعقلي -حسب المهنة والصنعة- بدأ يعمل ويشتغل؛ ما مناسبة هذه الآيات بعضها ببعضٍ؟ ومِن ضعفِ الصوت وشدةِ الجُهدِ أغمّضتُ عيني، ربما دون قصدٍ، فرأيتُ شيئًا، رأيتُ صحراءَ، وفيها صورٌ من جريد النخل واسعٌ جدًّا وكبيرٌ، وفيه فتحة بابٍ، وأنا بداخل هذا الصور، على بُعد ثلاثة أمتار من الباب -تقريبًا-، مُتَوَجِّهٌ للدَّاخل، وأمامي على بُعد حوالي سبعة أمتار -تقريبًا- رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، ووراءَه ثلاثةٌ أو أربعةٌ من أصحابه يمشون إلى الداخل، وأمامَهم عن قُرْبٍ عَمُّنَا الحاج/ عبد الحميد عشري  -رحمه الله- واقفٌ على بئر ماءٍ، وهو يقول لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: تفضَّل يا رسول الله"، ثم عقّب أبي: "لا أدري كيف حدث هذا، خاصة أنها حدثت يقظةً لا مناماً".

رابعاً: تحفيظ القرآن:
استغلَّ أبي -رحمه الله- النَّشأ الصَّغير في فترة الإجازة الصيفيّة، وأقام بالمسجد موسمًا صيفيًّا لتحفيظ القرآن الكريم للناشئة الصغار، ذاع صيته وبزغ نجمه، إذ كان يقيم في نهايته حفلًا عظيمًا، يهنيءُ فيه الأولاد بجوائز قيمةٍ، عبارةٍ عن رحلات عمرةٍ، وعجٙل، وسلاسل ذهبيةٍ، وشهادات تقديرٍ، وأدوات مدرسيةٍ، وغير ذلك.

كانت هذه الحفلة بمثابة الدعاية للتحفيظ، إذ ذاع صيته، وعلا كعبُه، وبزغ نجمُه، وانتشر خبرُه، حتى زاد العددُ وارتفع عن الألف طالبٍ وطالبةٍ يحفظون كتاب الله -تعالى- عندنا بالمسجد، حتى أنشأنا فرعًا بمسجدٍ مجاورٍ لزيادة العدد، تحت إشرافنا.

كان أبي ينبهر من العدد، ويحمدُ الله -تعالى- عليه، مُتَقَرِّبَاً إلى الله -تعالى- بهذا العدد الضخم الذي يتعلّم القرآن الكريم تحت رعايته، ورأيته يوماً يقفُ وسط الحلقات، وقال لِمَنْ حوله: "لو تقبَّل اللهُ مِنَّا ولدًا واحدًا حفظ آية (يس) فقط لكفت".

سادساً: المكتبة العُمَرِيَّة:
تَرَدَّدَ أبي -رحمه الله- أثناء بحثه للماجستير والدكتوراه على مكتبة المصطفى، فكان يحبها ويحِنُّ إليها، وكان كثيرًا ما يدعو لأمينها الشيخ/ حامد -رحمه الله-.

فأراد أن يُنْشِيءَ مكتبةً للبحث والمُطالعةِ على غرارها، تيسيرًا لطلاب العلم والمثقفين، فأنشأ بالمسجد مكتبةً ضخمةً، حَوَتْ كتبًاً علميةً وثقافيةً، تخدم طلاب العلم والباحثين.

وكان من سياستها أن الباحث إذا أراد كتابًا مُعَيّنًا ولم يتوفَّر بالمكتبة؛ أُتيَ به إليه ليستعمله، ثم يوضع بالمكتبة خدمةً لغيره.

واشتهرت المكتبة، وذاع صيتها، وكَثُرَ رُوَّادُهَا وباحثوها، وخرجت منها مئاتُ رسائل الماجستير والدكتوراه، أمَّا الآن فليس لها دَوْرٌ كبيرٌ نسبةً إلى ما كانت عليه من قبل، وذلك لِعُزُوفِ النَّاس عن الكتاب الورقي، عُدُولًا عنه إلى الـ pdf والمسموع، فأصبحت اليوم يعلوها الترابُ لقلة الباحثين والقُرَّاءِ، بالرغم من ضخامتها.

وعلى أن الخير باقٍ وموفورٌ فلم يُحرم منه الأشبالُ الصِّغارُ، فقد أنشأ -رحمه الله- مكتبةً للأطفال، تضمُّ من كتب التفسير والحديث والفقه التي تتناسب مع سن الأطفال، وقصص مغامرات، وغرائب خلق الإنسان والحيوان تناسب الأشبال بالمسجد، الذين كان أبي -رحمه الله- يتقرَّب بهم إلى الله -تعالى-.

رحلته الإعلامية:
عُرِفَ -رحمه الله- في المجال الإعلامي، وشارك في برامج إذاعة القرأن الكريم، والتي تناولت تفسير القرآن الكريم، وغيرها من الموضوعات العامة، مثل: برنامج كلمات الرحمن، والقرآن وقضايا العصر، والأسرة والمجتمع، وثقافة عامة للجميع، ومواقف إسلامية، وتقديمات لبعض التلاوات التي تكون بعد أذان العصر، كما شارك في الأمسيات الخارجية، وخطب الجمعة التي كانت تنقلها الإذاعة.

كما كان له دور بارز في القنوات الفضائية، فابتدأ في التسعينيات ببرنامج: (بدون رقابة) وكان عبارة عن مناظرة بينه وبين د. عبد الصبور شاهين -رحمه الله- حول موضوع الجن والمس واللبس والسحر، ثم بقناة المجد التعليمية، وكانت اللقاءات عبارة عن دورة في التفسير، فسَّر بها سورتي طه، والأنبياء، ثم بزغ نجمُه في الفضائيات مع ظهور القنوات الإسلامية، مثل: قناة الناس، والحكمة، والحافظ، وصفا، ومعالي وغيرها، وكانت برامجه فيها مسلسلة ممنهجة، فبغض النظر عن برامج الفتاوى العامة إلا أن له: هنا نزلت، قصص القرآن، آيات وأحاديث، وقفة مع آية، أضواء البيان، وغيرها الكثير.

وفاته:
إنه في يوم الخميس الموافق 28/4/2011م ذهب -رحمه الله- إلى محافظة بورسعيد -كعادته- ليعقد ندوة علمية ثم يؤدي خطبة الجمعة بها، فخطب خطبة الجمعة، ونام قليلاً حتى يستطيع الرجوع إلى القاهرة، فنام من الساعة الرابعة عصرًا ولم يفق من وقتها، فدخل في صراعٍ مع المرض حتى يئس الأطباء من حالته، وأخبرونا بخاتمته ونهايته، ورحل فضيلته في يوم الجمعة الموافق 6/5/2011م.

تمَّت الصلاة عليه في يوم السبت 7/5/2011م في مسجده مسجد عمر بن الخطاب، ذلكم المسجد الذي كانت فيه روحه، وكان فيه نشاطه، وانشراح صدره، وقرة عينه، وراحة باله، وأمَّ الناسّ في الصلاة عليه ولدُه محمد، وخلفه الآلافُ من تلاميذه ومحبيه.

ثم نُقل بعد الصلاة عليه إلى محافظة الشرقية، حيث مسقطُ رأسِه، ولحقت به تلك الأعداد الغفيرة، والجموع المهيبة، بالرغم من طول السفر ومشقة الطريق، حيث أنهم أصرُّوا وعزموا على الحضور، ثم صلّوا عليه في محافظة الشرقية بعد أذان العصر، وتقدَّم للصلاة عليه أخوه الأكبر د. محمد أبوهاشم، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بكلية أصُول الدِّين بالزقازيق، ثم وُوريَ جسدُه الثَّرى بعد ذلك.

شهدت جنازته والصلاة عليه أبرز الشخصيات من علماء الأزهر وجامعته وغيرهم، فكانت جنازة مهيبة بحق.
رَحِمَ اللهُ الوالد الكريم، وأجزلَ له المَثُوبَة والعطاء، وأسكنهُ فسيحَ جنَّاتِهِ.

كتبه/
محمد عبد البديع أبو هاشم النوري
(أبو عمير الأزهري)
الإمام بوزارة الأوقاف