منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة الروم الآيات من 56-60

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49184
العمر : 72

سورة الروم الآيات من 56-60 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الروم الآيات من 56-60   سورة الروم الآيات من 56-60 Emptyالثلاثاء 13 أكتوبر 2020, 5:28 pm

وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَٰذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَٰكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٥٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قال هنا (ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَانَ..) (الروم: 56) فهل العِلم ينافي الإيمان؟

لا.

لكن هناك فَرْق بينهما، فالعلم كسب، والإيمان أنت تؤمن بالله وإنْ لم تَرَه.

إذن: شيء أنت تراه وتعلمه، وشيء يخبرك به غيرك بأنه رآه، فآمنتَ بصدقه فصدَّقْتَه، فهناك تصديق للعلم وتصديق للإيمان؛ لذلك دائما يُقَال: الإيمان للغيبية عنك، أما حين يَقْوى إيمانك، ويَقْوى يقينك يصير الغيب كالمشاهَد بالنسبة لك.

وقد أوضحنا هذه المسألة في الكلام عن قوله تعالى في خطابه لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ ٱلْفِيلِ) (الفيل: 1).

فقال: ألم تَرَ مع أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وُلِد عام الفيل، ولم يتسَنّ له رؤية هذه الحادثة، قالوا: لأن إخبار الله له أصدق من رؤيته بعينه.

فقوله: (أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَٱلإِيمَانَ..) (الروم: 56) لأن العلم تأخذه أنت بالاستنباط والأدلة... الخ، أو تأخذه ممن يخبرك وتُصدِّقه فيما أخبر، لذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- لما سأل الصحابي: "كيف أصبحتَ"؟

قال: أصبحتُ مؤمناً حقاً، قال: "لكلِّ حقٍّ حقيقة، فما حقيقة إيمانك"؟

يعني: ما مدلول هذه الكلمة التي قلتها؟

فقال الصحابي: عزفتْ نفسي عن الدنيا، فاستوى عندي ذهبها، ومدرها، وكأني أنظر إلى أهل الجنة في الجنة يُنعَّمون، وإلى أهل النار في النار يُعذَّبون -يريد أن يقول لرسول الله: لقد أصبحتُ وكأني أرى ما أخبرتنا به- فقال له رسول الله: "عرفتَ فالزم".

لكن، مَن هم الذين أوتوا العلم؟

هم الملائكة الذين عاصروا كل شيء، لأنهم لا يموتون، أو الأنبياء لأن الذي أرسلهم أخبره، أو المؤمنون لأنهم صدَّقوا الرسول فيما أخبر به.

وقال (أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ..) (الروم: 56) ولم يقل: علموا، كأن العلم ليس كَسْباً، إنما إيتاء من عَالِم أعلم منك يعطيك.

فإنْ قُلتَ: أليس للعلماء دور في الاستدلال والنَظر في الأدلة؟

نقول: نعم، لكن مَنْ نصب لهم هذه الأدلة؟

إذن: فالعلم عطاء من الله.

ثم يقول سبحانه: (لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْبَعْثِ..) (الروم: 56) يعني: مسألة مرسومة ومنضبطة في اللوح المحفوظ إلى يوم البعث (فَهَـٰذَا يَوْمُ ٱلْبَعْثِ..) (الروم: 56) الذي كنتم تكذبون به، أما الآن فلابُدَّ أنْ تُصدِّقوا فقد جاءكم شيء لا تقدرون على تكذيبه؛ لأنه أصبح واقعاً ومن مصلحتكم أنْ يقبل عذركم، لكن لن يقبل منكم، ولن نسمع لكم كلاماً لأننا قدمنا الإعذار سابقاً.

وقوله تعالى: (وَلَـٰكِنَّكُمْ كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (الروم: 56) في أول الآية قال: (أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ..) (الروم: 56) فنسب العلم إلى الله، أما هنا فنسبه إليهم؛ لأن الله تعالى نصب لهم الأدلة فلم يأخذوا منها شيئاً، ونصب لهم الحجج والبراهين والآيات فغفلوا عنها، إذن: لم يأخذوا من الدلائل والحجج ما يُوصِّلهم إلى العلم.

ثم يقول الحق سبحانه: (فَيَوْمَئِذٍ لاَّ ينفَعُ ٱلَّذِينَ...).



سورة الروم الآيات من 56-60 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49184
العمر : 72

سورة الروم الآيات من 56-60 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الروم الآيات من 56-60   سورة الروم الآيات من 56-60 Emptyالثلاثاء 13 أكتوبر 2020, 5:30 pm

فَيَوْمَئِذٍ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٥٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله (فَيَوْمَئِذٍ..) (الروم: 57) أي: يوم قيام الساعة (لاَّ ينفَعُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَعْذِرَتُهُمْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) (الروم: 57) أي: لا يُقبَل منهم عذر، ومعنى (ظَلَمُواْ..) (الروم: 57) أي: ظلموا أنفسهم، والظالم يلجأ إلى الظلم؛ لأنه يريد أن يأخذ من الغير ما عجزتْ حركته هو عن إدراكه.

فالظلم أنْ تأخذ نتيجة عرق غيرك لتحوله إلى دم فيك، لكن دمك إنْ لم يكُنْ من عَرَقك فهو دم فاسد عليك، ولا تأتي منه أبداً حركة إجابة في الوجود لابُدَّ أن تكون نتيجته حركات شر؛ لأنه دم حرام، فكيف يتحرك في سبيل الحلال؟

لذلك ورد في الحديث الشريف أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلى طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: (يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) (المؤمنون: 51) وقال: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (البقرة: 172) ثم ذكر الرجل يُطيل السَّفر، أشعث أغبر ثم يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه من حرام، ومشربه من حرام، فأنَّى يُستجاب له.

إذن: كيف يُستجاب لنا وأبعاضنا كلها غير أهْلٍ لمناجاة الله بالدعاء؟

ولا يقف الأمر عند عدم قبول العذر، إنما (وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) (الروم: 57).

العتاب: حوار بلُطْف ودلال بين اثنين في أمر أغضب أحدهما، وكان من المظنون ألاَّ يكون، ويجب أن يعرض عليه ليصفي نفسه منه، كأن يمر عليك صديق فلا يسلم عليك فتغضب منه، فإنْ كنتَ حريصاً على مودته تقابله وتقول: والله أنا في نفسي شيء منك، لأنك مررتَ فلم تسلم عليَّ يوم كذا، فيقول لك: والله كنتُ مشغولاً بكذا وكذا ولم أَرَك، فيزيل هذا العذر ما في نفسك من صاحبك.

ونقول: عتب فلان على فلان فأعتبه أي: أزال عتابه؛ لذلك يقولون: ويبقى الود ما بقي العتاب.

ويقول الشاعر:
أَمَّا العِتَابُ فبالأحِبّة أَخْلَق والحُبُّ يَصْلُح بالعِتَاب ويصْدُقُ

والهمزة في أعتب تسمى همزة الإزالة.

ومنها قول الشاعر:
أُرِيدُ سُلوَّكم -أي بعقلي- والقَلْبُ يأْبَى وأعْتِبكُم ومِلءُ النَفْسِ عَتْبى

ومنه ما جاء في مناجاة النبي -صلى الله عليه وسلم- لربه يوم الطائف بعد أن لَقي منهم ما لَقِي، حتى لجأ إلى حائط، وأخذ يناجي ربه: "ربِّ إلى مَنْ تَكِلني، إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملّكته أمري؟ إنْ لم يكُنْ بك عليَّ غضب فلا أُبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي.. إلى أنْ يقول: لك العُتْبى حتى ترضى".

يعني: يا رب إنْ كنتَ غضبتَ لشيء بدر مني، فأنا أريد أن أزيل عتابك عليَّ.

ومن همزة الإزالة قولنا: أعجمت الكلمة أي: أزلْتُ عُجْمتها وخفاءها، وأوضحت معناها، ومن ذلك نُسمِّي المعجم لأنه يزيل خفاء الكلمات ويُبيِّنها.

وتقرأ في ذلك قوله تعالى: (إِنَّ ٱلسَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا..) (طه: 15) أي: أقرب أنْ أزيل خفاءها بالآيات والعلامات.

وهذه الكلمة (يُسْتَعْتَبُونَ) (الروم: 57) وردتْ في القرآن ثلاث مرات، ووردت مرة واحدة مبنية للفاعل (يَسْتعتبون)، لأنهم طلبوا إزالة عتابهم، فلم يُزِلْه الله ولم يسمح لهم في إزالته، أما (يُستعتبون(فلأنهم لم يطلبوا العتب بأنفسهم، إنما جعلوا لهم شفعاء يطلبون لهم، لكن خَاب ظنهم في هذه وفي هذه.

فالمعنى (وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) (الروم: 57) لا يجرؤ شفيع أنْ يقول لهم: استعتبوا ربكم، واسألوه أنْ يعتبكم أي: يزيل العتاب عنكم.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا...).



سورة الروم الآيات من 56-60 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49184
العمر : 72

سورة الروم الآيات من 56-60 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الروم الآيات من 56-60   سورة الروم الآيات من 56-60 Emptyالثلاثاء 13 أكتوبر 2020, 5:31 pm

وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (٥٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وهذه الآية تعني أننا لم نترك معذرة لأحد ممن كفروا برسلهم؛ لأننا جئنا لهم بأمثال متعددة وألوان شتى من الأدلة المشاهدة ليستدلوا بها على غير المشاهد ليأخذوا من مرائيهم ومن حواسهم دليلاً على ما غاب عنهم.

فحين يريد سبحانه أن يقنعهم بأن يؤمنوا بإله واحد لا شريك له يضرب لهم هذا المثَلَ من واقع حياتهم: (ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَآءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً..) (الزمر: 29).

هل يستوي عبد لسيد واحد مع عبد لعدة أسياد يتجاذبونه، إنْ أرضي واحداً أسخط الآخرين؟

ثم يُقرِّب المسألة بمثَلٍ من الأنفس، وليس شيء أقرب إلى الإنسان من نفسه، فيقول الحق -سبحانه و تعالى: (ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (الروم: 28).

والمعنى: إذا كنتم لا تقبلون أنْ يشارككم مواليكم فيما رزقكم الله، فتكونون في هذا الرزق سواء، فكيف تقبلون الشركة في حق الله تعالى؟

وحين يريد الحق سبحانه أنْ يبطل شرْكهم وعبادتهم للآلهة يضرب لهم هذا المثل: (إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ) (الحج: 73).

والمَثَل يعني أنْ تُشبِّه شيئاً بشيء، وتلحق خفياً بجلي، لتوضحه وليستقر في ذِهْن السامع، كأن تشبه شخصاً غير معروف بشخص معروف، ويُسَمَّى هذا: مثْل أو مَثَل، نقول: فلان مثْل فلان.

أما المثل فقول من حكيم شاع على الألسنة، وتناقله الناس كلما جاءت مناسبته، وسبق أنْ مثَّلنا لذلك بالملك الذي أرسل امرأة تخطب له أم إياس بنت عوف بن محلم الشيباني، وكان اسمها (عصام)، فلما عادت من المهمة بادرها بقوله: ما وراءكِ يا عصام؟

فصارت مثلاً يُقال في مثل هذه المناسبة مع أنه قيل في حادثة مخصوصة.

والمثل يقال كما هو، لا نغير فيه شيئاً، فنقول: ما وراءك يا عصام للمذكر وللمؤنث، وللمفرد وللمثنى وللجمع.

ومن ذلك نُشبِّه الكريم بحاتم، والشجاع بعنترة.. إلخ لأن حاتماً الطائي صار مضربَ المثل في الكرم، وعنترة في الشجاعة.

وفي المثال نقول لمن يواجه بمَنْ هو أقوى منه: إنْ كنت ريحاً فقد لاقيتَ إعصاراً، ونقول لمن لم يُعِدّ للأمر عُدَّته: قبل الرماء تُملأ الكنائن.

إذن: المثل قول شبه مضربه الآن بمورده، سابقاً لأن المورد كان قوياً وموجزاً لذلك حُفِظ وتناقلته الألسنة.

والقرآن يسير على أسلوب العرب وطريقتهم في التعبير وتوضيح المعنى بالأمثال حتى يضرب المثل بالبعوضة، والبعض يأنف أنْ يضرب القرآن بجلاله وعظمته مثلاً بالبعوضة، وهو لا يعلم أن الله يقول: (إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَسْتَحْى أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا..) (البقرة: 26).

وليس معنى: (فَمَا فَوْقَهَا..) (البقرة: 26) أي: في الكِبَر كما يظن البعض، فيقولون: لماذا يقول فما فوقها وهو من باب أَوْلى، لكن المراد ما فوقها في الصِّغَر وفيما تستنكرونه من الضآلة، كالكائنات الدقيقة والفيروسات.. إلخ.

لكن، لماذا يضرب الله الأمثال للناس؟

قالوا: لأن الإنسان له حواسّ متعددة، فهو يرى ويسمع ويشم ويتذوق ويلمس.. إلخ، ولو تأملتَ كل هذه الحواس لوجدتَ أن ألصق شيء بالحس أنْ يضرب؛ لذلك حين تريد أنْ تُوقِظ شخصاً من النوم فقد لا يسمع نداءك فتذهب إليه وتهزُّه كأنك تضربه فيقوم.

إذن: فالضرب هو الأثر الذي لا يتخلف مدلوله أبداً، ومن ذلك قوله تعالى: (وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي ٱلأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ..) (المزمل: 20) أي: يُؤثرون فيها تأثيراً واضحاً كالحرث مثلاً، وهو أشبه ما يكون بالضرب.

والضرب لا يكون ضرباً يؤدي مهمة وله أثر إلا إذا كان بحيث يُؤلم المضروب، ولا يُوجع الضارب، وإلا فقد تضرب شيئاً بقوة فتؤلمك يدك، فكأنك ضربتَ نفسك.

وهذا المعنى فَطِن إليه الشاعر، فقال للذين لا يؤمنون بقدر الله:
أيَا هَازئاً من صُنُوف القَدَرِ  بنفسِكَ تعنف لاَ بالقَدرْ
وَيَا ضَارِباً صَخْرةً بِالعصَا ضربتَ العَصَا أَمْ ضربْتَ الحجَرْ

فالحق سبحانه يضرب المثل ليُشعِركم به، وتُحسون به حِسَّ الألم من الضرب، فإذا لم يحسّ الإنسان بضرب المثل فهو كالذي لا يحسُّ بالضرب الحقيقي المادي، وهذا والعياذ بالله عديم الإحساس أو مشلول الحسِّ.

فالمعنى: (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ..) (الروم: 58) يعني: أتيناهم بأمثال ودلائل لا يمكن لأحد إلا أنْ يستقبلها كما يستقبل الضرب؛ لأن الضرب آخر مرحلة من مراحل الإدراك.

وسبق أنْ قلنا: إن الحق سبحانه ضرب المثل لنفسه سبحانه في قوله: (ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ..) (النور: 35).

والمثل هنا ليس لنوره تعالى كما يظن البعض، إنما مَثَلٌ لتنويره للكون الواسع، وهو سبحانه يُنوِّرك حِسِّياً بالشمس وبالقمر وبالنجوم، ويُنوِّرك معنوياً بالمنهج وبالقيم.

ففائدة النور الحسي أن يزيل الظلمة، وأنْ تسير على هُدى وعلى بصيرة فتسلم خطاك واتجاهك من أنْ تحطم ما هو أقلّ منك أو يحطمك ما هو أقوى منك، والمحصلة ألاَّ تضر الأضعف منك، وألاَّ يضرك الأقوى منك.

كذلك النور المعنوي، وهو نور القيم والمنهج يمنعك أنْ تضرَّ غيرك، ويمنع غيرك أنْ يضرَّك، وكما ينجيك النور الحسي من المعاطب الحسية كذلك ينجيك نور القيم من المعاطب المعنوية.

لذلك يقول سبحانه بعد أن ضرب لنا هذا المثل: (نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ) (النور: 35).

وسبق أنْ ذكرنا ما كان من مدح أبي تمام لأحد الخلفاء:
إقْدامُ عَمروٍ في سَمَاحةِ حَاتمٍ في حِلْم أحْنَفَ في ذَكَاءِ إيَاسِ

فقال أحد حُسَّاده على مكانته من الخليفة: أتشبه الخليفة بأجلاف العرب؟

فأطرق هنيهة، ثم أكمل على نفس الوزن والقافية:
لاَ تُنكِروا ضرْبي لَهُ مَنْ دُونَه مثَلاً شَرُوداً في النَّدَى والبَاسِ
فاللهُ قَدْ ضربَ الأقلَّ لِنُورهِ مَثَلاً من المشْكَاةِ والنبراسِ

الأعجب من هذا أنهم أخذوا الورقة التي معه، فلم يجدوا فيها هذين البيتين، وهذا يعني أنه ارتجلهما لتوّه، وقد قلت: والله لو وجدوا هذه الأبيات مُعدة معه لما قلَّل ذلك من شأنه، بل فيه دلالة على ذكائه واحتياطه لأمره وتوقعه لما قد يقوله الحساد والحاقدون عليه.

لكن لم تُجد هذه الأمثال ولم ينتفعوا بها، وليت الأمر ينتهي عند هذا الحد بل: (وَلَئِن جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ..) (الروم: 58) أي: جديدة (لَّيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ) (الروم: 58) فيتهمون الرسل في بلاغهم عن الله بأنهم أهل باطل وكذب.

والحق سبحانه يحتجّ على الناس في أنه لم يُجبهم إلى الآيات التي اقترحوها؛ لأن السوابق مع الأمم التي كذَّبت الرسل تؤيد ذلك، فقد كانوا يطلبون الآيات، فيجيبهم الله إلى ما طلبوا، فما يزدادون إلا تكذيباً.

لذلك يقول سبحانه: (وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِٱلآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا ٱلأَوَّلُونَ..) (الإسراء: 59).

فالأمر لا يتعدى كونهم يريدون إطالة الإجراءات وامتداد الوقت في جدل لا يجدي، ثم إن في إجابتهم إلى ما طلبوا رغم تكذيبهم بالآيات السابقة احتراماً لعدم إيمانهم، ودليلاً على أن الآيات السابقة كانت غير كافية، بدليل أنه جاءهم بآية أخرى، إذن: فعدم مجيء الآيات يعني أن الآيات السابقة كانت كافية للإيمان لكنهم لم يؤمنوا؛ لذلك لن نجيبهم في طلب آيات أخرى جديدة.

وهذه القضية واضحة في جدل إبراهيم -عليه السلام- مع النمروذ في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ..) (البقرة: 258).

وعندها شعر إبراهيم -عليه السلام- بأن خَصْمه يميل إلى الجدل والسفسطة، وأنه يريد إطالة أمد الجدل، ويريد تضييع الوقت في أخذ وردٍّ؛ لذلك أضرب عن هذه الحجة -مع أن خَصْمه لا يميت ولا يحيى على الحقيقة- وألجأه إلى حجة أخرى لا يستطيع منها فكاكاً، ولا يجد معها سبيلاً للمراوغة فقال: (فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ..) (البقرة: 258) فماذا يقول هذا المعاند؟

(فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ) (البقرة: 258).

كذلك كان فرعون يلجأ إلى هذا الأسلوب في حواره مع موسى وهارون عليهما السلام، ففي كل موقف كان يقول: (فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ) (طه: 49) إنه الجدل العقيم، يلجأ إليه مَنْ أفلس، فلم يجد حجة يستند إليها.

ونلحظ في أسلوب الآية صيغة الإفراد في (وَلَئِن جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ..) (الروم: 58) ثم تنتقل إلى صيغة الجمع في (إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُبْطِلُونَ) (الروم: 58) فلم يقولوا لرسولهم مثلاً: أنت مبطل.

فلماذا؟

قالوا: لأن الرسول حين يُكذِّبه قومه فيقولون: أنت مبطل، فلعل من أتباعه المؤمنين به مَنْ يدافع عنه ويشهد بصدقه، فجاءت صيغة الجمع لتفيد الشمول، فكأنهم يقولون: أنت مبطل وكل مَنْ (يتشدد لك).

أو: يكون المعنى (إِنْ أَنتُمْ..) (الروم: 58) يعني: كل الرسل (مُبْطِلُونَ) (الروم: 58) أي: كاذبون تختلقون من عند أنفسكم وتقولون: هو من عند الله.

وعجيب من هؤلاء أن يؤمنوا بالله ويُكذِّبوا رسله، ككفار مكة الذين شمتوا في رسول الله حين فتر عنه الوحي فقالوا: "إن رب محمد قلاه".

وهم لا يدرون أن الوحي كان يجهد رسول الله، وكان يشقُّ عليه في بداية الأمر، حتى جاء زوجه خديجة يقول: زملوني زملوني، دثروني دثروني، وكان جبينه يتفصد عرقاً، وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول عن الملَك: "وضمني حتى بلغ مني الجهد".

وما ذاك إلا لالتقاء الملكية بالبشرية؛ لذلك كان جبريل -عليه السلام- يتمثل لسيدنا رسول الله في صورة بشر، ليس عليه غبار السفر ولا يعرفه أحد، كما جاء لرسول الله وهو في مجلس الصحابة يسأله عن الإيمان والإسلام والإحسان.

إذن: مسألة فتور الوحي وانقطاعه مدة عن رسول الله أراد الله به أن يستريح رسول الله من مشقة الوحي حتى يزول عنه الألم والعناء، وعندها يشتاق للوحي من جديد، ويهون عليه فيتحمله ويصير له دُرْبة على تلقيه من الملك، فشَوْق الإنسان إلى الشيء يجعله يتحمل المشاقّ في سبيله، ويُهوِّن عليه الصعاب، كالذي يسير إلى محبوبه فلا يبالي حتى لو سار على الشوك، أو اعترضته المخاوف والأخطار.

والوحي لقاء بشري بملكي، فإما أنْ ينتقل الرسول إلى مرتبة الملَك، أو ينتقل الملك إلى مرتبة البشر، وهذا التقارب لم يحدث في بداية نزول الوحي فأجهد رسول الله واحتاج إلى هذه الراحة بانقطاع الوحي.

لذلك يقول سبحانه: (وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ) (الشرح: 2-3) أي: جعلناه خفيفاً لا يجهدك، ويقول سبحانه في الرد عليهم: (وَٱلضُّحَىٰ * وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ) (الضحى: 1-3).

فعجيب أنْ يقولوا: "إن رب محمد قلاه" فيعترفون برب محمد ساعة الشدة والضيق الذي نزل به، فأشمتهم فيه حتى قالوا: إن رب محمد جفاه، فلما وصله ربه بالوحي ودعاهم إلى الإيمان كفروا وكذَّبوا.



سورة الروم الآيات من 56-60 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49184
العمر : 72

سورة الروم الآيات من 56-60 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الروم الآيات من 56-60   سورة الروم الآيات من 56-60 Emptyالثلاثاء 13 أكتوبر 2020, 5:32 pm

كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (٥٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله سبحانه: (كَذَلِكَ..) (الروم: 59).

أي: كتكذيبهم لكل آية تأتيهم بها (يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ) (الروم: 59).

أي ختمها وأغلقها.

فإنْ قلتَ: فمن المصلحة أنْ تظل قلوبهم مفتوحة لعلها تستقبل شيئاً من الهداية والنور.

نقول: الخَتْم على قلوب هؤلاء لا يكون إلا بعد استنفاد كل وسائل الدعوة، فلم يستجيبوا فلا أملَ في هدايتهم ولا جدوى من سماعهم.

والحق -سبحانه و تعالى- ربٌّ يعين عبده على ما يحب ويلبي له رغبته، حتى وإنْ كانت الكفر، وهؤلاء أرادوا الكفر وأحبوه، فأعانهم الله على ما أرادوا، وختم على قلوبهم حتى لا يدخلها إيمان، ولا يفارقها كفر.

لذلك سبق أنْ حذَّرنا أصحاب المصائب، أو الذين يفقدون عزيزاً، حذرناهم أنْ يستديموا الحزن، وأنْ يألفوه مخافة أنْ يوافقكم الله على هواكم في محبة الحزن وعِشْقه، فتتوالى عليكم الأحزان وتتتابع المصائب، إياكم ان تدعوا باب الحزن موارباً، بل أغلقوه بمسمار الرضا، فالحزن إنْ ظلَّ بك فلن يدعَ لك حبيباً.

وكذلك نقول: إن شُغل عنك شخص فلا تُذكِّره بنفسك، بل أَعِنْهُ على هجرك، وساعده بألاَّ تذكره.

فإذا قلتَ: إذا كان الحق سبحانه قد وصفهم بأنهم لا يعلمون، فلماذا يختم على قلوبهم، ولماذا يحاسبهم؟

نقول: لأن عدم العلم نتيجة تقصيرهم، فالحق سبحانه أقام لهم الأدلة والآيات الكونية الدالة على وجوده تعالى، فلم ينظروا في هذه الآيات ولم يستدلوا بالأدلة على وجود الخالق القادر سبحانه، وضرورة البلاغ من الله، إذن: فعدم علمهم نتيجة غفلتهم وتقصيرهم.

لكن، ماذا بعد أنْ كذَّبوا الرسل وأنكروا الآيات، أتتوقف مسيرة الدعوة، لأنهم صَمُّوا آذانهم عنها؟

لقد خلق الله الكون ونثر فيه الآيات التي تدل على وجود الإله الواحد الأحد، وجعل فيه المعجزات التي تثبت صِدْق الرسُل في البلاغ عن الله، والحق سبحانه لا ينتفع بهذه الآيات؛ لأن مُلْكِه تعالى لا يزيد بطاعتنا، ولا ينقص بمعاصينا، فالمسألة تعود إلينا نحن أولاً وآخراً، إذن: فالحسم في هذه المسألة: دَعْكَ من هؤلاء المكذَّبين يا محمد، واثبُتْ على ما أنت عليه.

ثم يقول الحق سبحانه: (فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ...).



سورة الروم الآيات من 56-60 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49184
العمر : 72

سورة الروم الآيات من 56-60 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الروم الآيات من 56-60   سورة الروم الآيات من 56-60 Emptyالثلاثاء 13 أكتوبر 2020, 5:33 pm

فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ (٦٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

اصبر على كرههم، واصبر على لَدَدهم وعنادهم، واصبر على إيذائهم لك ولمن يؤمن بك، اصبر على هذا كله؛ لأن العاقبة في صالحك (إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ..) (الروم: 60).

وقد وعد الله رسله بالنصرة والغَلَبة، ووَعْد الله حق، فتأكد أن النصر آتٍ.

لكن ما دام النصر آتياً، فلماذا هذا الصراع بين المؤمنين والكافرين؟

ولماذا كل هذه المشقة والعناء في سبيل الدعوة؟

قالوا: لأن الله تعالى يريد أن يُمحِّص أتباع محمد، وأن يُدرِّبهم على مسئولية حمل أمانة الدعوة وشعلة النور من بعد رسول الله، لا إلى أهل الجزيرة العربية وحدها، إنما إلى الكون كله.

فلابُدَّ أنْ يكونوا من أهل الثبات على المبدأ الذين لا تزعزعهم الشدائد، والدليل على ذلك أنهم يُؤذَوْن ويُضطهدون فيصبرون، وهذه أهم صفة فيمن يُعدُّ لتحمُّل الأمانة.

لذلك نقول: إذا رأيتَ منهجاً أو مبدأ يغدق على أصحابه أولاً، فاعلم أنه مبدأ باطل؛ لأن المبدأ الحق يضحي أهله من أجله بأنفسهم وبأموالهم، يعطونه قبل أنْ يأخذوا منه..

لماذا؟

لأن صاحب المبدأ الباطل لن يجد مَنْ يناصره على باطله إلا إذا أغراهم بالمال أولاً واشترى ذممهم، وإلا فماذا يلجئه إلى مبدأ باطل، ويحمله على اتباعه؟

إذن: لا بد أن يقبض الثمن أولاً.

أما المبدأ الحق فيعلم صاحبه أن الثمن مُؤجَّل للآخرة، فهو ممنَّى بأشياء فوق هذه الدنيا يؤمن بها ويعمل من أجلها، فتهون عليه نفسه، ويهون عليه ماله في سبيل هذا المبدأ.

وفي رحلة الدعوة، رأينا الكثيرين يتساقطون بالردة عندما تَحْدثُ لرسول الله آية أو هزة تهزُّ الناس، وكأن الشدة غربال يميز هؤلاء وهؤلاء، حتى لا يبقى تحت راية لا إله إلا الله إلا الصناديد الأقوياء القادرون على حمل هذا اللواء إلى العالم كله.

فالله يقول لنبيه: اصبر على تكذيبهم وعلى إنكارهم وعلى ائتمارهم عليك، فنحن مُؤيدوك، ولن نتخلى عنك، وقد وضح لك هذا التأييد حين جاهروك فانتصرت على جهرهم وبيَّتوا لك في الخفاء فانتصرتَ على تبييتهم، واستعانوا حتى بالجن ليفسدوا عليك أمرك، ففضح الله تدبيرهم ونجاك منهم.

إذن: فاطمئن، فنحن لهم بالمرصاد، ولن نُسْلِمك أبداً، بل وسوف نريك فيهم ما يستحقون من العقاب في الدنيا، وتراه بعينك، أو في الآخرة بعد موتك: (فَـإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ ٱلَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ) (غافر: 77).

ومن هذا العقاب الذي نزل بهم في الدنيا ورآه سيدنا رسول الله ما حاق بهم يوم بدر من قَتْل وأسْر وتشريد، وقلنا: إن عمر -رضي الله عنه- وما أدراك ما عمر، فقد كان القرآن ينزل على وَفْق رأيه، ومع ذلك لما نزلت: (سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ) (القمر: 45) تعجب وقال: أيُّ جمع هذا الذي سيُهزم، ونحن عاجزون حتى عن حماية أنفسنا، فلما كانت بدر، ورأى ما رأى قال: صدق الله: (سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ) (القمر: 45).

وقوله تعالى: (إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ..) (الروم: 60) الوعد: هو البشارة بخير لم يأت زمنه الآن، وفَرْق بين الوعد بالخير من إنسان، والوعد من الله تعالى، فوَعْدكَ قد يختلف لأنك ابن أغيار، ولا تملك كل عناصر الوفاء بالوعد، وربما جاء وقت الوفاء فلم تقدر عليه أو تتغير نفسك من ناحيته فتبخل عليه، أو تراه لا يستحق... الخ.

إذن: الأغيار التي تنتابك أو تنتابه أو تنتاب قيمة ما تؤديه من الخير موجودة، وقد تحول بينك وبين الوفاء بما وعدتَ.

لذلك يعلمنا الحق سبحانه أنْ نحتاط لهذا الأمر، فيقول سبحانه: (وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً * إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ..) (الكهف: 23-24) فاربط فِعْلك بمشيئة الله التي تُيسِّر لك الفعل، ولا ينبغي أنْ تجزم بشيء أنتَ لا تملك شيئاً من أسبابه.

قلنا: هَبْ أنك قلتَ: سألقاك غداً في المكان الفلاني، وسأعطيك كذا وكذا، فأنت قلتَ هذه المقولة ووعدتَ هذا الوعد وأنت لا تضمن أن تعيش لغد، ولا تضمن أنْ يعيش صاحبك، وإنْ عِشْتُما لغد فقد يتغير رأيك، أو يصيبك شيء يعوقك عن الوفاء، إذَن: فقولك إنْ شاء الله يحميك أنْ تُوصف بالكذب في حالة عدم الوفاء؛ لأنك وعدتَ ولم يشأ الله، فلا دخلَ لك في الأمر.

فالوعد الحق يأتي ممَّنْ؟

مِنَ الذي يملك كُلَّ أسباب الوفاء، ولا يمنعه عنه مانع.

وقوله تعالى: (وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ ٱلَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ) (الروم: 60) خف الشيء: لم يَعُدْ له ثِقَل، واستخفّ غيره: طلب منه أنْ يكون خفيفاً، فمثلاً حين تقسو على شخص يأتي آخر فيقول لك: خف عنه.

واستخفّه مثل استفزّه يعني: حرّكه وذبذبه من ثباته، فإنْ كان قاعداً مثلاً هَبَّ واقفاً.

لذلك نقول في مثل هذه المواقف (خليك ثقيل..

فلان بيستفزك يعني: يريد أنْ يُخرجك عن حلمك وثباتك..

متبقاش خفيف.. إلخ.

(ونقول للولد (فِز(يعني قِفْ انهض، ومنه قوله تعالى: (وَٱسْتَفْزِزْ مَنِ ٱسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ..) (الإسراء: 64).

إذن: فالمعنى استخفه: حمله على الخفة وأن يتحول عن الثبات الذي هو عليه.

فالمعنى: إياك يا محمد أنْ يستفزّك القوم، أو يُخرجوك عن ثباتك، فتتصادم معهم، لكن ظلّ على ثباتك في دعوتك ولا تقلق؛ لأن الله وعدك بالنصرة ووَعْد الله حَقٌّ.

والحق سبحانه ساعة يُرخِي العنان لمن كفر به إنما يريد أنْ يُخرِج كل ما عندهم حتى لا يبقى لهم عذر، ثم يقابلهم ببعض ما عنده مما يستحقون في الدنيا، والباقي سيرونه في الآخرة.

والله يقول: (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ) (الصافات: 171-173).

ومن سيرة الإمام علي -رضي الله عنه وكرَّم الله وجهه- علمنا أنه ابتُلِي بجماعتين: الخوارج الذين يُكفِّرونه، والشيعة الذين يُؤلهونه ويصلون به إلى درجة النبوة، حتى صدق فيه قول رسول الله: "هلك فيك اثنان: مُحب غالٍ، ومبغض قَالٍ".

ويروى أنه -رضي الله عنه- كان يصلي يوماً الفجر بالناس، فلما قرأ: (ولا الضالين) اقترب منه أحد الخوارج وقرأ: (وَلَقَدْ أُوْحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ) (الزمر: 65) يريد أن يقول له: أنت كافر ولن يقبل منك عملك.

وسرعان ما فطن علي لما أراده الرجل، فقرأ بعدها مباشرة: (فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ ٱلَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ) (الروم: 60) يعني: لن تُخرِجني عن ثباتي وحِلْمي ولن تستفزني.

والعظمة في هذا الموقف أنْ يرد عليه لِتوِّه بالقول الشافي من كتاب الله دون سابق إعداد أو ترتيب، ولِمَ لا.

وهو علي بن أبي طالب الذي أُوتِي باعاً طويلاً في البلاغة والفصاحة والحجة.

ومعنى: (ٱلَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ) (الروم: 60) من اليقين، وهو الإيمان الثابت الذي لا يتزعزع، فيصير عقيدة في القلب لا تطفو إلى العقل لتناقش من جديد.



سورة الروم الآيات من 56-60 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الروم الآيات من 56-60
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة الروم الآيات من 11-15
» سورة الروم الآيات من 16-20
» سورة الروم الآيات من 26-30
» سورة الروم الآيات من 31-35
» سورة الروم الآيات من 21-25

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: الروم-
انتقل الى: