منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة النور الآيات من 21-25

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة النور الآيات من 21-25 Empty
مُساهمةموضوع: سورة النور الآيات من 21-25   سورة النور الآيات من 21-25 Emptyالأحد 19 يوليو 2020, 12:01 am

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

كَأَنَّ الشيطان له خُطُوَاتٍ مُتَعَدِّدَة ليست خطوة واحدة، وقد أثبت الله عداوته لبني آدم، وهي عداوة مُسبَّبة ليست كلاماً نظرياً، إنما هو عدو بواقعة ثابتة، حيث امتنع عن السجود لآدم، وعصى أمر الله له، بل وأبدى ما في نفسه وقال: (أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) (الأعراف: 12).

وقال: (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) (الإسراء: 61) وهكذا علّلَ امتناعه بأنه خير، وكأن عداوته لآدم عداوة حسد لمركزه ومكانته عند ربه.

والحق -تبارك وتعالى- حينما يخبرنا بعداوة الشيطان من خلال امتناعه عن السجود، إنما يحذرنا منه، ويُنبِّهنا إلى خطره ويُربِّي فينا المناعة من الشيطان؛ لأن عداوته لنا عداوة مركزة، ليست عداوة يمارسها هكذا كيفما اتفق، إنما هي عداوة لها منهج ولها خطة.

 فأول هذه الخطة أنه عرف كيف يقسم، فدخل على الإنسان من باب عزة الله عن خَلْقه، فقال: (فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (ص: 82).

فلو أرادنا ربنا -عز وجل- مؤمنين ما كان للشيطان علينا سبيل، إنما تركنا سبحانه للاختيار، فدخل علينا الشيطان من هذا الباب؛ لذلك قال بعدها: (إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ) (الحجر: 40) فمَنِ اتصف بهذه الصفة فليس للشيطان إليه سبيل.

إذن: مسألة العداوة هذه ليست بين الحق سبحانه وبين الشيطان، إنما بين الشيطان وبني آدم.

 فقوله تعالى: (يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ..) (النور: 21) نداء: يا من آمنتم بإله كأنه يقول: تَنبَّهوا إلى شرف إيمانكم به، وابتعدوا عما يُضعِف هذا الإيمان، أو يفُتُّ في عَضُدِ المؤمنين بأيِّ وسيلة، وتأكّدوا أن الشيطان له خطوات متعددة.

(لاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ..) (النور: 21) فإنْ وسوس لك من جهة، فتأبَّيْتَ عليه ووجد عندك صلابةً في هذه الناحية وجَّهك إلى ناحية أخرى، وزيّن لك من باب آخر، وهكذا يظل بك عدوك إلى أنْ يُوقِعك، فهو يعلم أن لكل إنسان نقطة ضَعْف في تكوينه، فيظل يحاوره إلى أنْ يصل إلى هذه النقطة.

والشيطان: هو المتمرد العاصي من الجن، فالجن مقابل الإنس، فمنهم الطائع والعاصي، والعاصي منهم هو الشيطان، وعلى قِمتهم إبليس؛ لذلك يقول تعالى في سورة الكهف: (إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ..) (الكهف: 50).

 وسبق أن ذكرنا أنك تستطيع أن تُفرِّق بين المعصية من قِبل النفس والمعصية من قِبل الشيطان، فالنفس تُلِح عليك في معصية بعينها لا تتعدّاها إلى غيرها، أما الشيطان فإنه يريدك عاصياً على أيِّ وجه من الوجوه، فإن امتنعت عليه في معصية جَرَّك إلى معصية أخرى أياً كانت.

 ثم يقول سبحانه: (وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ..) (النور: 21) ولك أنْ تسأل: أين جواب (مَنْ) الشرطية هنا؟

قالوا: حُذِف الجواب لأنه يُفهم من السياق، ودَلَّ عليه بذكر عِلَّته والمسبّب لَه، وتستطيع أن تُقدِّر الجواب: مَنْ يتبع خطوات الشيطان يُذِقْه ربه عذاب السعير؛ لأن الشيطان لا يأمر إلا بالفحشاء والمنكر، فَمَنْ يتبع خطواته، فليس له إلا العذاب، فقام المسبّب مقام جواب الشرط.

 والكلام ليس كلام بشر، إنما هو كلام رَبِّ العالمين.

وأسلوب القرآن أسلوب رَاقٍ يحتاج إلى فكر وَاعٍ يلتقط المعاني، وليس مجرد كلام وحَشْو.

أَلاَ ترى بلاغة الإيجاز في قوله تعالى من سورة النمل: (ٱذْهَب بِّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ) (النمل: 28).

 ثم يقول تعالى بعدها: (قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ إِنِّيۤ أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ) (النمل: 29).

وتأمل ما بين هذيْن الحدثيْن من أحداث حُذِفت للعلم بها، فوعي القارىء ونباهته لا تحتاج أن نقول له فذهب الهدهد.. وو إلخ فهذه أحداث يُرتِّبها العقل تلقائياً.

وقد أوضح الشيطانُ نفسه هذه الخطوات وأعلنها، وبيَّن طرقه في الإغواء، ألم يقل: (لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ) (الأعراف: 16) فلا حاجةَ للشيطان بأصحاب الصراط المعوج لأنهم أتباعه، فالشيطان لا يذهب إلى الخمارة مثلاً، إنما يذهب إلى المسجد ليُفسِد على المصلين صلاتهم، لذلك البعض ينزعج من الوساوس التي تنتابه في صلاته، وهي في الحقيقة ظاهرة صحية في الإيمان، ولولا أنك في طاعة وعبادة ما وسوس لك.

 لكن مصيبتنا أن الشيطان يعطينا فقط طرف الخيط، فنسير نحن خَلْفه (نكُرّ في الخيط كَرّاً) ولو أننا ساعة ما وسوس لنا الشيطان استعذْنا بالله من الشيطان الرجيم، كما أمرنا ربنا تبارك وتعالى: (وَإِماَّ يَنَزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ..) (الأعراف: 200).

إذن: إياك أنْ تقبل منه طرف الخيط؛ لأنك لو قَبِلْته فلن تقدر عليه بعد ذلك.

ومن خطوات الشيطان أيضاً قوله: (ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ..) (الأعراف: 17).

 إذن: للشيطان في إغواء الإنسان منهج وخُطّة مرسومة، فهو يأتي الإنسان من جهاته الأربع: من أمامه، ومن خلفه، وعن يمينه، وعن شماله.

لكن لم يذكر شيئاً عن أعلى وأسفل؛ لأن الأولى تشير إلى عُلُوِّ الربوبية، والأخرى إلى ذُلِّ العبودية، حين ترفع يديك إلى أعلى بالدعاء، وحين تضع جبتهك على الأرض في سجودك؛ لذلك لا يأتيك عدوك من هاتين الناحيتين.

ثم يقول تعالى: (وَلَوْلاَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ..) (النور: 21).

قلنا: إن فضل الجزاء يتناوبه أمران: جزاء بالعدل حين تأخذ ما تستحقه، وجزاء بالفضل حينما يعطيك ربك فوق ما تستحق؛ لذلك ينبغي أن نقول في الدعاء: اللهم عاملنا بالفضل لا بالعدل؛ وبالإحسان لا بالميزان، وبالجبر لا بالحساب.

فإنْ عاملنا ربنا -عز وجل- بالعدل لَضِعْنا جميعاً.

لكن، في أيِّ شيء ظهر هذا الفضل؟

ظهر فضل الله على هذه الأمة في أنه تعالى لم يُعذِّبها بالاستئصال، كما أخذ الأمم السابقة، وظهر فَضْل الله على هذه الأمة في أنه تعالى أعطاها المناعة قبل أن تتعرَّض للحَدث، وحذرنا قديماً من الشيطان قبل أن نقع في المعصية، وقبل أن تفاجئنا الأحداث، فقال سبحانه: (فَقُلْنَا يآءَادَمُ إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ..) (طه: 117) وإلا لغرق الإنسان في دوامة المعاصي.

 لأن التنبيه للخطر قبل وقوعه يُربِّي المناعة في النفس، فلم يتركنا ربنا -عز وجل- في غفلة إلى أنْ نقعَ في المعصية، كما نُحصِّن نحن أنفسنا ضد الأمراض لنأخذ المناعة اللازمة لمقاومتها.

وقوله تعالى: (مَا زَكَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً..) (النور: 21) (زكَى) تطهَّر وتنقّى وصُفِّيِ (وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (النور: 21) وقال: (سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (النور: 21) لأنه تعالى سبق أنْ قال: (إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلْفَاحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ آمَنُواْ..) (النور: 19) ذلك في ختام حادثة الإفك التي هزَّتْ المجتمع الإسلامي في قمته، فمسَّتْ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبه الصِّدِّيق وزوجته أم المؤمنين عائشة وجماعة من الصحابة.

 لذلك قال تعالى (وَٱللَّهُ سَمِيعٌ) لما قيل: (عَلِيمٌ) (النور: 21) بما تُكِّنُه القلوب من حُبٍّ لإشاعة الفاحشة.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ...).



سورة النور الآيات من 21-25 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة النور الآيات من 21-25 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النور الآيات من 21-25   سورة النور الآيات من 21-25 Emptyالأحد 19 يوليو 2020, 12:03 am

وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

تورط في حادثة الإفك جماعة من أفاضل الصحابة ممن طُبِع على الخير، لكنه فُتِن بما قيل وانساقَ خلف مَنْ روَّجوا لهذه الإشاعة، وكان من هؤلاء مسطح بن أثاثة ابن خالة أبي بكر الصديق، وكان أبو بكر ينفق عليه ويرعاه لفقره، فلما قال في عائشة ما قال وخاض في حقها أقسم أبو بكر ألاّ ينفق عليه، وقد كان يعيش وأهله في سَعَة أبي بكر وفضله؛ لأن هذه الفتنة جعلتْ بعض أهل الخير يضِنُّ به.

 وهذا نموذج لمن ينكر الجميل ولا يُقدِّر صنائع المعروف، وهذا الفعل يُزهِّد الناس في الخير، ويصرفهم عن عمل المعروف، والله تعالى يريد أنْ يُصحِّح لنا هذه المسألة، فهذه نظرة لا تتفق وطبيعةَ الإيمان؛ لأن الذي يعصي الله فيك لا تكافئه إلا بأنْ تطيع الله فيه.

 وحين تترك مَنْ أساء إليك لعقاب الله وتعفُو عنه أنت، فإنما تركتَه للعقاب الأقوى؛ لأنك إنْ عاقبته عاقبته بقدرتك وطاقتك، وإنْ تركتَ عقابه لله عاقبه بقدْر طاقته تعالى وقدرته.

 إذن: العافي أقسى قَلْباً من المنتقم، وسبق أنْ مثّلنا لذلك بالأخ حين يعتدي على أخيه الأصغر، فيأتي الأب فيجد صغيره مهاناً مظلوماً، فيأخذه في حضنه، ويحاول إرضاءه وتعويضه عَمَّا لَحِقه من ظلم أخيه، كذلك الحال في هذه المسألة ولله المثل الأعلى.

ومن هنا يجب عليك أن تُسَرَّ بمَنْ جعل الله في جانبك، وتُحسن إليه، لا أن تردّ له الإساءة بمثلها.

 إذن: نزلت هذه الآية في مسطح بن أثاثة حين أقسم أبو بكر أَلاَّ ينفق عليه وعلى أهله، وأنْ يمنع عنه عطاءه وبِرّه، نزلت لتصحح للصِّديق هذه النظرة وتُوجِّه انتباهه إلى جانب الخير الباقي عند الله لا عند الناس.

فقال تعالى: (وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ..) (النور: 22).

(يَأْتَلِ..) (النور: 22) ائتلى مثل اعتلى تماماً، ومنها تألّى يعني: حلف وأقسم، يوجه الحق -تبارك وتعالى- الصِّديق أبا بكر، ويذكر لفظ (أُوْلُواْ..) (النور: 22) الدال على الجماعة لتعظيمه لما له من فضل ومنزلة في الإسلام، ففي كل ناحية له فضل؛ لذلك أعطاه وصفيْن مثل ما أعطى للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال للصِّديق: (وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ..) (النور: 22).

وقال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: (فَٱعْفُ عَنْهُمْ وَٱصْفَحْ..) (المائدة: 13).

كذلك، أَلاَ ترى الصِّدِّيق ثانَي اثنينِ في الغار، وثاني اثنين في أمور كثيرة، فهو ثاني اثنين في الهجرة، وثاني اثنين في قبول دعوة الإسلام الأولى؛ لذلك صدق سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال عن الصِّديق: "كنت أنا وأبو بكر في الجاهلية كفرسي رهان".

يعني: في التسابق في الخير "فسبقته إلى النبوة فاتبعني، ولو سبقني إليها لاتبعته".

ولما كان لأبي بكر أفضال كثيرة في زوايا متعددة لم يخاطبه بصيغة المفرد، إنما بصيغة الجمع تكريماً وتعظيماً.

 أَلاَ ترى الصِّديق مع ما عُرِف عنه من الحلم ورقة القلب لما انتقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الرفيق الأعلى وحدثتْ مسألة الردّة يقف ويقول: "والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدُّونها لرسول الله لجالدتهم بالسيف، لو لم أجد إلا الذر".

هذا موقف الصِّديق رقيق القلب، ليِّن الجانب، صاحب الرحمة والحنان، الذي تقول عنه ابنته "إنه رجل بكّاء" يعني: كثير البكاء.

في حين يعارضه في أمر الحرب عمر مع ما عُرِف عنه من الشدة والقسوة على الكفار.

لكن هذا التناقض في موقف كل منهما يقوم دليلاً على أن الإسلام ليس طَبْعاً غالباً على المسلم إنما موقف يعود المسلم إليه، فموقف الردة هو الذي جعل من الصِّدِّيق أسداً شجاعاً قاسيَ القلب، ولو أن عمر في مكانه من المسئولية وفعل كما فعل الصِّدِّيق لقالوا: شِدّة أَلِفها الناس من عمر.

فكأن الإسلام لا يريد أن يطبع المسلم على طبْع خاص يظل عليه، إنما الموقف هو الذي يطبعك إيمانياً، وهذا ما ذكرناه في قوله تعالى: (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ..) (الفتح: 29).

فالمسلم ليس مفطوراً لا على الشدة وحدها، ولا على الرحمة وحدها، إنما عليه أنْ يتصرَّف في كل موقف بما يناسبه على ضوء ما شرع الله.

 فقوله تعالى: (أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ..) (النور: 22) يقول للصِّديق: أنت رجل فاضل صِدِّيق، وعندك سعة فلا تعطي ولا تُؤثر على نفسك من ضيق، ولا يليق بالفاضل أن يقطع صلته ورحمه لمثل هذا الخطأ الذي وقع فيه مِسْطح، خاصة أنه أخذ جزاءه كما شرع الله، وعُوقِبَ بحدِّ القذف ثمانين جَلْدة، وليس لك أن تعاقبه بعد ذلك.

ومن سماحة الإسلام أن مَنْ وقع في حَدٍّ وعُوقِب به لا يجوز لأحد أنْ يُعيِّره بذنبه؛ لأنه تاب وأناب وطهّره الله منه بالحدِّ، وانتهت المسألة، وليس لأحد أن يدخل بين العبد وربه.

فكأن الحق -تبارك وتعالى- يقول: ارجع إلى فضلك يا أبا بكر، وعُدْ أنت إلى سعتك، وكُنْ موصولَ المروءة، ولا تقطع رحمك، يريد  أنْ يُصفِّي ما في النفوس من آثار هذه الفتنة التي زلزلتْ المجتمع المؤمن في المدينة.

ولا يليق بذي الفضل والسَّعَة أنْ يعامل الناس بالعدل، فصحيح أن مِسْطح كان يستحق هذه القطيعة وهذا الحرمان، إنما هذا الجزاء لا يليق بالصِّدِّيق صاحب الفضل والسَّعَة.

 ولو أجريتَ إحصاءً للمؤمنين بإله وللكافرين في الكون، ستعلم أن المؤمنين قِلَّة والكافرين كثرة، فهل قال الله تعالى لجنود خيره في الكون: أعطوا مَنْ آمن، واتركوا مَنْ كفر؟

وكأن الحق -تبارك وتعالى- يعطينا مَثَلاً في ذاته عز وجل، فكما أنه يعطي مَنْ كفر به ويرزقه، بل ربما كان أحسن حالاً مِمَّنْ آمن، فأنت كذلك لا تمنع عطاءك عَمَّنْ أساء إليك.

 لذلك يقول سبحانه في آية أخرى: (وَلاَ تَجْعَلُواْ ٱللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: 224).

فإنْ كنت بارّاً بأحد وبدر منه شيء فلا تحلف بالله أنك لا تبرُّه، فقد تهدأ ثورتك عليه، وتريد أنْ تبرَّه، وتتحجج بحلفك، إذن: لا تجعلوا الله عُرْضة لحلف يمنعكم من المعروف.

ثم يقول سبحانه: (أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ..) (النور: 22) صحيح أن مِسْطح من ذوي قُرْبى أبي بكر ومن المساكين، لكن يعطيه الله نيشاناً آخر، فلم يخرجه مَا قال من وصف المهاجر، ولم يخرجه ذنبه من هذا الشرف العظيم.

فمن فضل الله تعالى على عباده أن السيئة لا تُحبط الحسنة، إنما الحسنة بعد السيئة تحبطها، كما قال عز وجل: (إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ..) (هود: 114).

فرغم ما وقع فيه مِسْطح، فقد أبقاه الله في العَتْب على أبي بكر، وتحنين قلبه، وأبقاه في المهاجرين.

 (وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ..) (النور: 22) العفو: ترك العقوبة على الذنب، لكن قد تعفو عن المذنب ثم تُؤنبه، وتمنّ عليه بعفوْك، وتُذكِّره دائماً أنه لا يستحق منك هذا العفو؛ لذلك يحثنا ربنا -تبارك وتعالى- على الصفح بعد العفو، والصفح: تَرْك المنِّ وعدم ذكر الزلة لصاحبها حتى تصبح العقوبة عنده أهونَ من عفوك عنه.

ذلك لأن الحق سبحانه حينما يُشرِّع للبشر ما يُنظِّم العلاقات بينهم يراعي جميع مَلكات النفس، لا يقتصر على الملَكات العالية فحسب، إنما لكل الملَكات التي تنتظم الخَلْق جميعاً، وليأخذ كل مِنَّا على قَدْر إيمانه وامتثاله لأمر ربه.

وفي ذلك يقول سبحانه: (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ) (النحل: 126).

 لو تأمَّلنا حقيقة المثْلية في رَدِّ الإساءة لوجدناها صعبة في تقديرها، فإنْ ضربَك شخصٌ ضربة، أعندك القدرة التي تردُّ بها هذه الضربة بمثلها تماماً بنفس الطريقة، وبنفس القوة، وبنفس الألم، بحيث لا تكون أنت مُعْتدياً؟

إنك لو تأملتَ هذه المثلية لفضَّلْتَ العفو بدل الدخول في متاهات أخرى.

وسبق أن ذكرنا قصة المرابي الذي اشترط على المدين إنْ تأخر في السداد أن يقطع رطلاً من لحمه، ولما تأخر الرجل في السداد خاصمه عند القاضي، وأخبره بما كان بينهما من شرط، وكان القاضي ذكياً فقال للمرابي: خُذ السكين واقطع رطلاً من لحمه، لكن إنْ زاد أخذناه منك، وإنْ نقص أخذناه منك، فتراجع المرابي لأنه لا يستطيع تقدير هذه المسألة.

 فإن انصرفنا عن المعاقبة بالمثل وَسِعَنا العفو، وانتهت المسألة على خير ما يكون.

وفي مرتبة أخرى يقول سبحانه: (وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ) (آل عمران: 134).

 فالحق -تبارك وتعالى- يجعل لنا مراتب في رَدِّ السيئة، فالعقاب بالمثل مرتبة، وكَظْم الغيظ مرتبه، والعفو مرتبة، والصفح مرتبة، وأعلى ذلك كله مرتبة الإحسان إلى مَنْ أساء إليك(وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ) (آل عمران: 134).

ثم يجعل الحق سبحانه من نفسه أُسْوة لعباده فيقول: (أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ..) (النور: 22) فكما تحب أن يغفر الله لك ذنبك، فلماذا لا تغفر أنت لمَنْ أساء إليك؟

وكأن ربنا -عز وجل- يريد أن يُصلح ما بيننا؛ لذلك لما نزلتْ هذه الآية في شأن أبي بكر قال: أحب يا رب، أحب يا رب، أحب يا رب.

ومعنى (أَلاَ..) (النور: 22) أداة للحضِّ وللحثِّ على هذا الخُلُق الطيب (وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (النور: 22) فمن تخلَّق بأخلاق الله تعالى فليكُنْ له غفران، وليكن لديه رحمة، ومَنْ مِنّا لا يريد أن يتصف ببعض صفات الله، فيتصف بأنه غفور ورحيم؟

ثم يقول الحق سبحانه: (إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ ٱلْمُؤْمِناتِ...).



سورة النور الآيات من 21-25 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة النور الآيات من 21-25 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النور الآيات من 21-25   سورة النور الآيات من 21-25 Emptyالأحد 19 يوليو 2020, 12:03 am

إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٢٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

نلحظ أن الآيات تحدثتْ عن حَدِّ القذف وما كان من حادثة الإفك، ثم ذكرت آية العتاب لأبي بكر في مسألة الرزق، ثم عاد السياق إلى القضية الأساسية: قضية القذف، فلماذا دخلتْ مسألة الرزق في هذا الموضوع؟

قالوا: لأن كل معركة فيها خصومة قد يكون لها آثار تتعلق بالرزق، والرزق تكفَّل الله به لعباده؛ لأنه سبحانه هو الذي استدعاهم إلى الوجود، سواء المؤمن أو الكافر، وحين تعطي المحتاج فإنما أنت مناول عن الله، ويد الله الممدودة بأسباب الله.

 والحق تبارك وتعالى يحترم ملكية الإنسان مع أنه سبحانه رازقه ومعطيه، لكن طالما أعطاه صار العطاء مِلْكاً له، فإنْ حَثَّه على النفقة بعد ذلك يأخذها منه قَرْضاً؛ لذلك يقول سبحانه: (مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً..) (البقرة: 245).

 فإنْ أنفق الموسر على المعسر جعله الله قَرْضاً، وتولّى سداده بنفسه؛ ذلك لأن الله تعالى لا يرجع في هِبَته، فطالما أعطاك الرزق، فلا يأخذه منك إلا قَرْضاً.

 لذلك يقول تعالى: (هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ..) (محمد: 38).

وفي موضع آخر يقول عن الأموال: (إِن يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُواْ وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ) (محمد: 38) لأن الإنسان تعب في جمع المال وعَرق في سبيله، وأصبح عزيزاً عليه؛ لذلك يبخل به، فأخذه الله منه قَرْضاً مردوداً بزيادة، وكان الرزق والمال بهذه الأهمية لأنه أول مَنَاط لعمارة الخليفة في الأرض؛ لذلك ترك الحديث عن القضية الأساسية هنا، وذكر هذه الآية التي تتعلَّق بالرزق.

ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: (حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَاتِ وٱلصَّلاَةِ ٱلْوُسْطَىٰ..) (البقرة: 238) وقد ذُكِرَتْ وسط مسائل تتعلق بالعِدَّة والكفارة، وعِدَّة المتوفَّى عنها زوجها، فما علاقة الصلاة بهذه المسائل؟

قالوا: لأن النزاعات التي تحدث غالباً ما تُغيِّر النفس البشرية وتثير حفيظتها، فإذا ما قمتَ للوضوء والصلاة تهدأ نفسك وتطمئن.

وتستقبل مسائل الخلاف هذه بشيء من القبول والرضا.

 نعود إلى قوله تعالى: (إِنَّ ٱلَّذِينَ يَرْمُونَ ٱلْمُحْصَنَاتِ ٱلْغَافِلاَتِ..) (النور: 23) المحصنة: لها إطلاقات ثلاث، فهي المتزوجة لأن الإحصان: الحِفْظ وكأنها حفظتْ نفسها بالزواج، أو هي العفيفة، وإنْ لم تتزوج فهي مُحْصَنة في ذاتها، والمحصنة هي أيضاً الحرة؛ لأن عملية البِغَاء والزنا كانت خاصة بالإماء.

و(ٱلْغَافِلاَتِ..) (النور: 23) جمع غافلة، وهي التي لا تدري بمثل هذه المسائل، وليس في بالها شيء عن هذه العملية، ومن ذلك ما ورد في الحديث الشريف: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سأل بريرة خادمة السيدة عائشة: ما تقولين في عائشة يا بريرة؟

فقالت: تعجن العجين ثم تنام بجانبه فتأتي الدواجن فتأكله وهي لا تدري".

وهذا كناية عن الغفلة لأنها ما زالت صغيرة لم تنضج نُضْج المراهقة ومع نُضْج المراهقة نُضْج اليقين والإيمان.

وتلحظ هذه الغفلة في البنت الصغيرة حين تقول لها: أتتزوجين فلاناً؟

تقول: لا أنا أتزوج فلاناً، ذلك لأنها لا تدري معنى العلاقة الزوجية، إنما حينما تكبر وتفهم مثل هذه الأمور فإنْ ذكرتَ لها الزواج تستحي وتخزى أن تتحدث فيه؛ لأنها عرفتْ ما معنى الزواج.

 لذلك لما أمرنا الشرع باستئذان البنت للزواج جعل إذنها سكوتها، فإن سكتتْ فهذا إذْن منها، ودليل على فهمها لهذه العلاقة، إنما إنْ قالت: نعم أتزوجه لأنه جميل و.. و...، فهذا يعني أنها لم تفهم بعد معنى الزواج.

إذن: الغافلة حتى عن مسائل الزواج والعلاقات الزوجية، ولا تدري شيئاً عن مثل هذه الأمور كيف تفكر في الزنا؟

ثم يذكر ربنا -تبارك وتعالى- جزاء هذه الجريمة: (لُعِنُواْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (النور: 23).

 وإن كانت الغافلة هي التي ليس في بالها مثل هذه الأمور، ولا تدري شيئاً حتى عن الزواج والعلاقات الزوجية بين الرجل والمرأة، فكيف نقول: إنها تفكر في هذه الجريمة؟

واللعْن: هو الطرد والإبعاد من رحمة الله، وأيضاً الطرد والإبعاد عن حظيرة المؤمنين؛ لأن القاذف حكمه أنْ يُقام عليه الحدُّ، ثم تسقط شهادته، ويسقط اعتباره في المجتمع الذي يعيش فيه، فجمع الله عليه الخزي في الدنيا بالحدِّ وإسقاط الاعتبار، إلى جانب عذاب الآخرة، فاللعن في الدنيا لا يعقبه من عذاب الآخرة.

وقلنا: إن العذاب: إيلام حَيٍّ، وقد يُوصَف العذاب مرة بأليم، ومرة بمهين، ومرة بعظيم، هذه الأوصاف تدور بين العذاب والمعذّب، فمن الناس مَنْ لا يؤلمه الجَلْد، لكن يهينه، فهو في حقه عذاب مهين لكرامته، أما العذاب العظيم فهو فوق ما يتصوَّره المتصوِّر؛ لأن العذاب إيلام من مُعذِّب لمعذَّب، والمعذَّب في الدنيا يُعذَّب بأيدي البشر وعلى قَدْر طاقته، أمّا العذاب في الآخرة فهو بجبروت الله وقَهْر الله؛ لذلك يُوصَف بأنه عظيم.

 ثم يقول الحق سبحانه: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ...).



سورة النور الآيات من 21-25 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة النور الآيات من 21-25 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النور الآيات من 21-25   سورة النور الآيات من 21-25 Emptyالأحد 19 يوليو 2020, 12:04 am

يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

نعلم جميعاً أن اللسان هو الذي يتكلم، فماذا أضافت الآية: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ..) (النور: 24).

قالوا: في الدنيا يتكلم اللسان وينطق، لكن المتكلم في الحقيقة أنت؛ لأنه مَا تحرَّك إلا بمرادك له، فاللسان آلة خاضعة لإرادتك، إذن: فهو مجرد آلة، أمَّا في الآخرة فسوف ينطق اللسان على غير مراد صاحبه؛ لأن صاحبه ليس له مراد الآن.

 ولتقريب هذه المسألة: أَلاَ ترى كيف يخرس الرجل اللبيب المتكلم، ويُمسك لسانه بعد طلاقته، بسبب مرض أو نحوه، فلا يستطيع بعدها الكلام، وهو ما يزال في سَعَة الدنيا.

فما الذي حدث؟

مجرد أن تعطلتْ عنده آلة الكلام، فهكذا الأمر في الآخرة تتعطل إرادتك وسيطرتك على جوارحك كلها، فتنطق وتتحرك، لا بإرادتك، إنما بإرادة الله وقدرته.

فالمعنى (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ..) (النور: 24) أي: شهادة ونطقاً على مراد الله، لا على مراد أصحابها.

 ولمَ نستبعد نُطْق اللسان على هذه الصورة، وقد قال تعالى: (إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) (يس: 82) وقد جعل فيك أنت أيها الإنسان نموذجاً يؤكد صِدْق هذه القضية.

فَقُلْ لي: ماذا تفعل إنْ أردتَ أن تقوم الآن من مكان؟

مجرد إرادة القيام ترى نفسك قد قُمْتَ دون أن تفكر في شيء، ودون أن تستجمع قواك وفكرك وعضلاتك، إنما تقوم تلقائياً دون أن تدري حتى كيفية هذا القيام، وأيّ عضلات تحركت لآدائه.

ولك أنْ تقارن هذه الحركة التلقائية السَّلسِة بحركة الحفار أو الأوناش الكبيرة، وكيف أن السائق أمامه عدد كبير من العِصيِّ والأذرع، لكل حركة في الآلة ذراع معينة.

 فإذا كان لك هذه السيطرة وهذا التحكم في نفسك وفي أعضائك، فكيف تستبعد أن يكون لربك -عز وجل- هذه السيطرة على خَلْقه في الآخرة؟

إذن: فاللسان محلّ القول، وهو طَوْع إرادتك في الدنيا، أما في الآخرة فقد شُلَّتْ هذه الإرادة ودخلتْ في قوله تعالى: (لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ) (غافر: 16).

 ثم يقول سبحانه: (وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) (النور: 24) وهذه جوارح لم يكُنْ لها نُطْق في الدنيا، لكنها ستنطق اليوم.

ويحاول العلماء تقريب هذه المسألة فيقولون: إن الجارحة حين تعمل أيَّ عمل يلتقط لها صورة تسجل ما عملتْ، فنُطْقها يوم القيامة أن تظهر هذه الصورة التي التقطت.

والأقرب من هذا كله أن نقول: إنها تنطق حقيقة، كما قال تعالى حكايةً عن الجوارح: (وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (فصلت: 21).

ومعنى: (ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) أن لكل شيء في الكون نُطْقاً يناسبه، كما نطقت النملة وقالت: (يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ..) (النمل: 18) ونطق الهدهد، فقال: (أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) (النمل: 22).

 وقد قال تعالى عن نُطْق هذه الأشياء: (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ..) (الإسراء: 44).

 لكن، إنْ أراد الله لك أن تفقه نُطْقهم فقَّهك كما فقَّه سليمان -عليه السلام-، حين فهم عن النملة: (فَتَبَسَّمَ ضَاحِكاً مِّن قَوْلِهَا..) (النمل: 19) كما فَهِم عن الهدهد، وخاطبه في قضية العقيدة.

وإنْ كان النطق عادةً يفهم عن طريق الصوت، فلكل خَلْق نُطْقه الذي يفهمه جنسه؛ لذلك نسمع الآن مع تقدُّم العلوم عن لُغة للأسماك، ولغة للنحل... الخ.

 وسبق أنْ قلنا: إن الذين قالوا من معجزات النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الحصى سبّح في يده، نقول: عليكم أن تُعدِّلوا هذه العبارة، قولوا: سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسبيح الحصى في يده، وإلاَّ فالحصى مُسبِّح في يده -صلى الله عليه وسلم-، كما هو مُسبِّح في يد أبي جهل.

ولو سألتَ هذه الجوارح: لم شهدتِ عليَّ وأنت التي فعلت؟

لقالت لك: فعلنا لأننا كنا على مُرادك مقهورين لك، إنما يوم ننحلّ عن إرادتك ونخرج عن قهرك، فلن نقول إلا الحق.

ثم يقول الحق سبحانه: (يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ...).



سورة النور الآيات من 21-25 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة النور الآيات من 21-25 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النور الآيات من 21-25   سورة النور الآيات من 21-25 Emptyالأحد 19 يوليو 2020, 12:05 am

يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (٢٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله: (يَوْمَئِذٍ..) (النور: 25) أي: يوم أنْ تحدث هذه الشهادة، وهو يوم القيامة (يُوَفِّيهِمُ ٱللَّهُ دِينَهُمُ ٱلْحَقَّ..) (النور: 25) الدين: يُطلَق على منهج الله لهداية الخَلْق، ويُطلق على يوم القيامة، ويُطلَق على الجزاء.

فالمعنى: يوفيهم الجزاء الذي يستحقونه (ٱلْحَقَّ..) (النور: 25) أي: العدل الذي لا ظلمَ فيه ولا تغيير، فليس الجزاء جُزَافاً، إنما جزاء بالحق؛ لأنه لم يحدث منهم توبة، ولا تجديد إيمان؛ لذلك لا بُدَّ أنْ يقع بهم ما حذرناهم منه وأخبرناهم به من العقاب، وليس هناك إله آخر يُغيِّر هذا الحكم أو يؤخره عنهم.

لذلك بعد أنْ قال تعالى: (تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَىٰ نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَٱمْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ) (المسد: 1-5).

قال بعدها: (قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ * ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ) (الإخلاص: 1-4).

 يعني: ليس هناك إله آخر يُغيِّر هذا الكلام، فما قُلْته سيحدث لا محالةَ.

 ثم يقول تعالى: (وَيَعْلَمُونَ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ ٱلْمُبِينُ) (النور: 25) و (ٱلْحَقُّ) (النور: 25) هو الشيء الثابت الذي لا يتغير، فكلُّ ما عدا الله تعالى مُتغير، إذن: فالله بكل صفات الكمال فيه سبحانه لا تغييرَ فيه، لذلك يقولون: إن الله تعالى لا يتغير من أجلنا، ولكن يجب أنْ نتغير نحن من أجل الله، كما قال سبحانه: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ..) (الرعد: 11).

 فالله هو الحقُّ الثابت، هذا بالبراهين العقلية وبالواقع، وقد عرفنا الكثير من البراهين العقلية، أما الواقع فإلى الآن لم يظهر مَنْ يقول أنا الله ويدَّعي هذا الكون لنفسه، وصاحب الدعوى تثبت له إنْ لم يَقُمْ عليها معارض ومعنى (ٱلْمُبِينُ) (النور: 25) الواضح الظاهر الذي تشمل أحقيتُه الوجودَ كله.

 ثم يقول الحق سبحانه: (ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَٱلطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ...).



سورة النور الآيات من 21-25 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة النور الآيات من 21-25
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: النور-
انتقل الى: