وصية أم لأبنتها عند الزواج
لما خطب عمرو بن حجر الكندي إلى عوف بن محلم الشيباني ابنته أم إياس وأجابه إلى ذلك.. أقبلت عليها أمها ليلة دخولها بها توصيها، فكان مما أوصتها به أن قالت: أي بنية إنك مفارقة بيتك الذي منه خرجت وعشك الذي منه درجت إلى رجل لم تعرفيه وقرين لم تألفيه.. فكوني له أمَةً ليكون لك عبداً، واحفظي له خصالاً عشراً يكن لك ذخراً..
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
(1) - عقلاء المجانين.


فأما الأولى والثانية، فالرضا بالقناعة وحسن السمع له والطاعة..
وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواقع عينيه وأنفه، فلا تقع عينه منك على قبيح ولا يشم أنفه منك إلا أطيب الريح...
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت طعامه ومنامه، فإن شدة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة..
وأما السابعة والثامنة: فالإحراز لماله والإرعاء على حشمه وعياله...
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصي له أمراً، ولا تفشي له سراً، فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره، وإن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإياك والفرح بين يديه إذا كان مهتماً، والكآبة لديه إذا كان فرحاً... فقبلت وصية أمها، فأنجبت وولدت له الحرث بن عمرو جد امرئ القيس الملك الشاعر (1).

التعليق:
العلاقة بين الرجل والمرأة وما طبع الله تعالى في كل منهما من صفات وخصائص تجعل لا غنى للرجل عن المرأة ولا غنى للمرأة عن الرجل لأن كل منهما يكمل الآخر.. ومِنْ ثَمَّ فإن الزواج فطرة طبيعية.. لماذا؟.. لأنه سكن ورحمة للرجل والمرأة علي السواء.. قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لايَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) (الروم: 21).. ومن ثم كان جل اهتمام السَّلف عند زواج الأبناء تقديم النصائح والوصايا الطيبة لبناء الأساس السليم لدوام العلاقة الزوجية بين أبنائهم وبناتهم, وهذه الوصية من أجمل وأطرف الوصايا الزوجية وأعظمها فائدة من أم لابنتها.. ولكن يبدو أن اهتمام أمهات هذا الزمان إلا مَنْ رحم ربي منهن يختلف جذرياً عن الغاية من الزواج... ونصائحهن لبناتهن تأخذ شكلاً عدوانياً لإثبات الذات وترويض الأزواج!!

وما أكثر البيوت التي فشلت فيها العلاقة بين الزوجين بسبب الطلاق الذي يتلفظ به الرجال بمناسبة وغير مناسبة وتتسبب فيه الزوجة لطاعتها لامها أكثر من زوجها والسماح بتدخلها الدائم في حياتهما إذا ما حدث خلاف بينها وبين زوجها.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
(1) - من المستطرف للأبشيهي.