منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة الأنبياء الآيات من 046-050

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49557
العمر : 72

سورة الأنبياء الآيات من 046-050 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الأنبياء الآيات من 046-050   سورة الأنبياء الآيات من 046-050 Emptyالجمعة 01 مايو 2020, 4:26 pm

وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٤٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الآن فقط تنبهتم ووَعَيْتُم?

الآن بعد أن مسَّكم العذاب?

ومعنى: (مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ..) (الأنبياء: 46) أي: مساً ولمساً خفيفاً، والنفحة: هي الريح اللينة التي تحمل إليك آثارَ الأشياء دون حقيقتها، كأن تحمل لك الريحُ رائحة الورود مثلاً، هي لا تحمل لك الورود نفسها، إنما رائحتها، وتظل الورود كما هي.

كذلك هذه المسَّة من العذاب، إنها مجرد رائحة عذاب، كما نقول لفح النار الذي نشعر به، ونحن بعيدون عنها.

والنفحة: اسم مرَّة أي: تدل على حدوثها مرة واحدة، كما تقول: جلس جَلسة أي: مرة واحدة، وهذا أيضاً دليل على التقليل.

(فمسَّتْهُمْ) تقليل و (نَفْحَة) تقليل، وكونها مرة واحدة تقليل آخر، ومع ذلك يضِجُّون ويجأرون، فما بالك إنْ نزل بهم العذاب على حقيقته، وهو عذاب أبديّ؟!         

وقوله تعالى: (لَيَقُولُنَّ يٰويْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) (الأنبياء: 46) الآن ينطقون، الآن يقولون كلمة الحق التي طالما كتموها، الآن ظهرتْ حساسية الإدراك لديهم، فمن أقلِّ القليل ومن رائحة العذاب يجأرون، وأين كان هذا الإدراك، وهذه الحساسية من قبل?

إذن: المسألة -كما قلنا- ليست طبيعة تكوين، إنما توجيه إدراكات.

وقولهم: (يٰويْلَنَآ..) (الأنبياء: 46) إحساس بما هم مُقبلون عليه، وهذا القول صادر عن مواجيد في النفس وفي الذِّهْن قبل أن ينطق بالكلمة، ثم يُقرُّون على أنفسهم ويعترفون: (إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) (الأنبياء: 46).



سورة الأنبياء الآيات من 046-050 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49557
العمر : 72

سورة الأنبياء الآيات من 046-050 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأنبياء الآيات من 046-050   سورة الأنبياء الآيات من 046-050 Emptyالجمعة 01 مايو 2020, 4:26 pm

وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ (٤٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

نقلهم الحق سبحانه من إنكار وتكذيب وتسفيه كلام الرسول، وعدم الإيمان بالوحي، وصَمِّ آذانهم عن الخير إلى مسألة الحساب والميزان القسط، فلماذا هذه النَّقْلة?

ليُنبههم ويلفت أنظارهم إلى أن هذا الكلام الذي قابلتموه بالتكذيب والتشكيك كان لمصلحتكم، وأن كل شيء محسوب، وسوف يُوزَن عليكم ويُحْصَى، وكأنه ينصحهم، فما تزال رحمانية الله بهم وحِرْصه على نجاتهم.

وكلمة (موازين) جمع: ميزان، وهو آلة نُقدِّر بها الأشياء من حيث كثافتها، لأن التقدير يقع على عدة أشياء: على الكثافة بالوزن، وعلى المسافات بالقياس.. الخ، وقد جعلوا لهذه المعايير ثوابت، فمثلاً: المتر صنعوه من البلاتين حتى لا يتآكل، وهو موضوع الآن -تقريباً- في باريس، وكذلك الياردة.

وجعلوا للوزن معايير من الحديد: الكيلو والرطل.. إلخ.وقديماً كانوا يَزِنُون قطعةً من الحجارة تساوي كيلو مثلاً، ويستعملونها في الوزن؛ لأن لها مرجعاً، لكن هذه القطعة تتآكل من كثرة الاستعمال، فلابُدَّ من تغييرها.

وهنا تكلَّم عن الشيء الذي يَوزَن، ولم يذكر المعايير الأخرى، قالوا: لأن الأشياء التي لها كثافة هي الأكثر، وكانوا يختبرون الأولاد يقولون: كيلو الحديد أثقل، أم كيلو القطن?

فالولد ينظر إلى القطن فيراه هَشَّاً مُنتفِشاً فيقول: القطن، والقطن أزيد من الحديد في الحجم، لكن كثافته يمكن أن تستطرق، فنُرقّق القطن إلى أن يتحول إلى مساحة طول وعرض.

إذن: العُمْدة في التقدير: الثقل.

وفي موضع آخر قال تعالى: (وَٱلسَّمَآءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ ٱلْمِيزَانَ) (الرحمن: 7) فهل هي موازين متعددة، أم هو ميزان واحد?

الخَلْق جميعاً سيُحاسبون مرة واحدة، فلن يقفوا طابوراً ينتظر كل منهم دَوْره، بل في وقت واحد؛ لذلك لَمَّا سُئِلَ الإمام علي -كرَّمَ اللهُ وجهه-: كيف يُحاسب الله الخَلْق جميعاً في وقت واحد؟ قال: كما يرزقهم جميعاً في وقت واحد.

فالمسألة صعبة بالنسبة لك، إنما سهلة ميسورة للحق سبحانه والقِسْط: صفة للموازين، وهي مصدر بمعنى عدل، كما تقول في مدح القاضي: هذا قاضٍ عادل.

أي: موصوف بالعدل، فإذا أردتَ المبالغة تقول: هذا قاضٍ عَدْل، كأنه هو نفسه عَدْل أي (معجون بالعدل) ؛ لذلك نقول في أسماء الحق سبحانه: الحكم العدل.

ولا نقول: العادل.

وهذه المادة (قسط) لها دور في اللغة، فهي من الكلمات المشتركة التي تحمل المعنى وضده، مثل (الزوج) تُطلق على الرجل والمرأة، و (العَيْن) تطلق على العين: العين الباصرة، وعلى عين الماء، وعلى الجاسوس، وعلى الذهب والفضة.

كذلك (القِسْط) نقول: القِسْط بالكسر مثل: حِمْل بمعنى العدل من قَسَط قِسْطَاً.

ومنه قوله تعالى: (إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ) (المائدة: 42) ونقول: القَسْط بالفتح يعني: الظلم من قسط قُسوطاً وقَسْطاً، ومنه قوله تعالى: (وَأَمَّا ٱلْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً) (الجن: 15) أي: الجائرون الظالمون.

والقِسْط بمعنى العدل إذا حكم بالعدل أولاً وبداية، لكن أقسط يعني كان هناك حكم جائر فعدَّله إلى حكم بالعدل في الاستئناف.

ومن هذه المادة أيضاً قوله تعالى: (ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ..) (الأحزاب: 5) فأقسط هنا: أفعل تفضيل، تدل على أن حكم محمد -صلى الله عليه وسلم- في مسألة زيد كان عَدْلاً وقِسْطاً، إنما حكم ربه تعالى هو أقسط وأعدل.

ومعلوم من قصة زيد بن حارثة أنه فضَّل رسول الله واختاره على أهله، وكان طبيعياً أنْ يكافئه رسول الله على محبته وإخلاصه ويُعوِّضه عن أهله الذين آثر عليهم رسولَ الله، وكانت المكافأة أن سماه زيد بن محمد.

إذن: الحق سبحانه عدل لرسوله، لكن عدل له العدل لا الجوْر، وعَدْل الله أَوْلى من عدل محمد لذلك قال: (أَقْسَطُ عِندَ ٱللَّهِ..) (الأحزاب: 5) أما عندكم أنتم فقد صنع محمد عَيْن العَدْل.

وقوله تعالى: (ٱدْعُوهُمْ لآبَآئِهِمْ..) (الأحزاب: 5) جاء ليبطل التبني؛ ليكون ذلك مقدمة لتشريع جديد في الأسرة والزواج والمحارم وأمور كثيرة في شرع الله لا تستقيم في وجود هذه المسألة، وإلاّ فكيف سيكون حال الأسرة حين يكبر المتبنّي ويبلغ مَبْلغَ الرجال?

وما موقفه من الزوجة ومن البنت، وهو في الحقيقة غريب عن الأسرة?

ومسألة الموازين هذه من المسائل التي وجد فيها المستشرقون تعارضاً في ظاهر الآيات، فجعلوا منها مَأخَذاً على كتاب الله، من ذلك قولهم بالتناقض بين الآيتين: (وَنَضَعُ ٱلْمَوَازِينَ ٱلْقِسْطَ لِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ..) (الأنبياء: 47) وقوله تعالى: (فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً) (الكهف: 105) حيث أثبت الميزان في الأولى، ونفاه في الثانية.

وقلنا: إن هؤلاء معذورون؛ لأنهم لا يملكون الملكَة اللغوية التي تمكِّنهم من فَهْم كلام الله.

ولو تأملنا اللام في(نُقِيمُ لَهُمْ..) (الكهف: 105) لانحلَّ هذا الإشكال، فاللام للملك والانتفاع، كما يقولون في لغة البنوك: له وعليه.

والقرآن يقول: (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا ٱكْتَسَبَتْ..) (البقرة: 286).

فالمعنى: (فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَزْناً) (الكهف: 105) أي: وزناً في صالحهم، إنما نقيم عليهم وندينهم.

كذلك نجد أن كلمة الوزن تُستعمل في اللغة إمَّا لوزن الماديّ، أو لوزن المعنى، كما نقول: فلان لا وَزْنَ له في الرجال.

وعلى هذا يكون المعنى: أنهم لا وَزْنَ لذواتهم ومادتهم، إنما الوزن لأعمالهم، فلا نقول: كان من الأعيان، كان أصله كذا وكذا، وهذه المسألة واضحة في قصة ابن نوح عليه السلام: (قَالَ يٰنُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ..) (هود: 46).

فالبنوة هنا بُنوّة عمل وإيمان، لا بُنوة ذات.

وقد ظَنَّ الكفار والعصاة أن لهم وَزْناً عند الله، ومنزلة ستكون لهم في الآخرة، كما كانت لهم في الدنيا، كما جاء في قصة صاحب الجنتين الذي قال لأخيه متباهياً مفتخراً.

(أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً * وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَآ أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَـٰذِهِ أَبَداً * وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً) (الكهف: 34-36).

لكن هيهات أنْ يكون لهم وَزْنٌ في الآخرة، فالوزن في القيامة للأعمال، لا للأعيان.

إذن: المعنى لا نقيم لذواتهم، إنما نزن أعمالهم؛ لذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لقرابته: "لا يأتيني الناس بأعمالهم، وتأتوني بأحسابكم".

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "يا فاطمة بنت محمد اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئاً".

فالذوات والأحساب والأنساب لا قيمة لها في هذا الموقف.

وقوله تعالى: (فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً..) (الأنبياء: 47) مع أن القاعدة: (فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا ٱعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ..) (البقرة: 194) وهؤلاء قد ظلموا الحق سبحانه ظُلْماً عظيماً حين أشركوا به، وظلموا رسول الله لما قالوا عنه: ساحر، وكاذب ومجنون، ومع ذلك فلن نردّ هذا الاعتداء بمثله بظلمهم.

وقوله تعالى: (وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا..) (الأنبياء: 47) والخردل: مثال للصِّغَر، للدلالة على استقصاء كل شيء، ولا يزال الخردل هو المقياس العالمي للكيلو، فقد وجدوا حَبَّ الخردل مُتَساوياً في الوزن، فأخذوا منه وحدة الكيلو الآن، وقد أتى بها القرآن منذ ما يزيد على أربعة عشر قرناً من الزمان.

ومعنى: (أَتَيْنَا بِهَا..) (الأنبياء: 47) أي: لهم أو عليهم، فإنْ كانت لهم علموا أنَّ الله لا يظلمهم، ويبحث لهم عن أقلِّ القليل من الخير، وإنْ كانت عليهم علموا أن الله يستقصي كل شيء في الحساب، وحَبّة الخردل تدل على صِغَرها على الحجم، وكلمة مثقال تدل على الوزن، فجمع فيها الحجم والوزن.

ثم يُعقِّب سبحانه على هذه المسألة: (وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ) (الأنبياء: 47) فلا أحد يُجيد هذه المسألة ويُدقِّقها كما نفعل نحن، فليست عندنا غفلة بل دِقَّة وضبَطْ لمعايير الحساب.

ولا تظن أن مسألة الحساب والميزان مسألة سهلة يمكن أن تصل فيها إلى الدقة الكاملة مهما أخذتَ من وسائل الحيطة، فأنت بشر لا تستطيع أنْ تزِنَ الوزن المضبوط؛ لأن المعيار الحديد الذي تزن به عُرْضة في استعماله للزيادة أو النقصان.

فقد يتراكم عليه الغبار ويقع عليه مثلاً نقطة زيت، وبمرور الوقت يزيد المعيار ولو شيئاً ضيئلاً، وهذا في صالح الموزون له، وقد يحدث العكس فينقص الميزان نتيجة الملامسة للأشياء، ولك أن تنظر مثلاً إلى (أكرة) الباب تراها لامعةً على خلاف ما حولها.

إذن: أي ملامسة أو احتكاك للأشياء يُنقصها.

حتى في الموازين الحديثة التي تضمن لك أقصى درجات الدقة فبشرية الإنسان لا يمكن أن تُعطى الدقة المتناهية، وهذا معنى(وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً) (الأحزاب: 39) (وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ) (الأنبياء: 47) لأن معياره تعالى لا يختلف، ولا ينسى شيئاً، ولا يغفل عن شيء.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ...).



سورة الأنبياء الآيات من 046-050 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49557
العمر : 72

سورة الأنبياء الآيات من 046-050 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأنبياء الآيات من 046-050   سورة الأنبياء الآيات من 046-050 Emptyالجمعة 01 مايو 2020, 4:27 pm

وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (٤٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

يريد الحق -تبارك وتعالى- أن يُسلِّي رسوله -صلى الله عليه وسلم- ويُخفِّف عنه مَا لاقاه من قومه، فيذكر له نماذج من إخوانه أُولِي العزم من الرسل الذين اضطهدهم أقوامهم، وآذوهم ليُسهِّل على رسول الله مهمته، فلا يصده إيذاء قومه عن غايته نحو ربه.

فبدأ بموسى -عليه السلام- لأنه من أكثر الرسل الذين تعبوا في دعوتهم، فقد تعب موسى مع المؤمنين به فضلاً عن الكافرين به، فقال سبحانه: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَىٰ وَهَارُونَ ٱلْفُرْقَانَ..) (الأنبياء: 48) لأن رسالتهما واحدة، وهم فيها شركاء: (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً..) (القصص: 34) وقال: (ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِيۤ أَمْرِي) (طه: 31-32).

والفرقان: هو الفارق القوي بين شيئين؛ لأن الزيادة في المبنى تدل على زيادة في المعنى، كما تقول: غفر الله لفلان غفراناً، وتقول: قرأت قراءة، وقرأت قرآناً، فليست القراءة واحدة، ولا كل كتاب يُقرأ.

والفرقان من أسماء القرآن: (تَبَارَكَ ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) (الفرقان: 1).

فالفرقان -إذن- مصدر يدلُّ على المبالغة، تقول: فرَّق تفريقاً وفرقاناً، فزيادة الألف والنون تدل على زيادة في المعنى، وأن الفَرْق في هذه المسألة فَرْق جليل وفَرْق واضح؛ لأن كونك تُفرِّق بين شيئين الأمر بينهما هَيِّن تسمى هذا فَرْقاً، أمّا أن تفرق بين شيئين يترتب على ذلك خطورة في تكوين المجتمع وخطورة في حركة الحياة، فهذا فرقان؛ لذلك سَمَّى القرآن فرقاناً؛ لأنه يُفرِّق بين الحق والباطل.

ومن الفرقان، قوله تعالى: (يِا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً..) (الأنفال: 29) وتقوى الله لا تكون إلا بتنفيذ أوامره وتعاليمه الواردة في القرآن الذي نزل على محمد، والفرقان هنا يعني: نور تُفَرِّق به بين الأشياء وتُميِّز به بين المتشابهات.

وعلى قَدْر ما تتقي الله باتباع الفرقان الأول يجعل لكم الفرقان الثاني، وتتكوَّن لديكم فراسة المؤمن وبصيرته، وتنزل عليكم الإشراقات التي تُسعِف المؤمن عندما يقع في مأزق.

ألاَ تراهم يقولون: فلان ذكي، فلان حاضر البديهة.

أي: يستحضر الأشياء البعيدة وينتفع بها في الوقت الحاضر، وهذا من توفيق الله له، ونتيجة لبصيرته وفراسته، وكانت العرب تضرب المثل في الفراسة والذكاء بإياس بن معاوية.

حتى قال الشاعر:
إقْدامُ عَمْروٍ في سَمَاحَةِ حَاتِمِ
في حِلْمِ أَحنَفَ في ذَكَاءِ إيَاسِ

ويُرْوَى أن الخليفة العباسي أبا جعفر المنصور لَمَّا أراد أنْ يَحُجَّ بيت الله في آخر مرة، بلغه أن سفيان الثوري يتناوله وينتقده ويتهمه بالجور، فقال: سوف أحُجُّ هذا العام، وأريد أنْ أراه مصلوباً في مكة، فبلغ الخبر أهل مكة، وكان سفيان الثوري يقيم بها في جماعة من أصحابه من المتصوفة وأهل الإيمان، منهم سفيان بن عيينة والفضيل بن عياض، وكانا يُدلِّلان الثوري ويعتزان به.

وفي يوم كان الثلاثة في المسجد والثوري مُسْتَلْقٍ بين صاحبيه يضع رأسه في حِجْر أحدهما، ورِجلْيهْ في حِجْر الآخر، وقد بلغهم خبر المنصور ومقالته، فتوسَّلَ ابنُ عيينة والفضيل للشيخ الثوري: يا سفيان لا تفضحنا واختفِ حتى لا يراك، فلو تمكَّن منك المنصور ونفذ فيك تهديده فسوف يَضعف اعتقاد الناس في المنسوبين إلى الله.

وهنا يقول الثوري: والذي نفسي بيده لن يدخلها، وفعلاً دخل المنصور مكة من ناحية الحُجُون، فعثرت به الدَّابة، وهو على مشارف مكة فوقع وأُصيب بكسر فمات لساعته.

ودخل المنصور مكة محمولاً وأتَوْا به إلى المسجد الحرام حيث صلى عليه الثوري.

هذا هو الفرقان والنور والبصيرة وفراسة المؤمن الذي يرى بنور الله، ولا يصدر في أمر من أموره إلا على هَدْيه.

ويُروى أن المهدي الخليفة العباسي أيضاً دخل الكعبة، فوجد صبياً صغيراً في السادسة عشرة أو السابعة عشرة من عمره يلتف حوله أربعمائة شيخ كبير من أصحاب اللحى والهَيْبة والوقار، والصبي يُلْقِي عليهم درساً، فتعجَّب المهدي وقال: أُفٍّ لهذه السَّعانين يعني الذقون، أمَا كان فيهم مَنْ يتقدَّم؟!         

ثم دنا من الصبي يريد أن يُقرِّعه ويؤنِّبه فقال له: كم سِنّك يا غلام?

فقال الصبي: سني سِنُّ أسامة بن زيد حينما ولَّاه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إمارة جيش فيه أبو بكر وفيه عمر، فقال له المهدي -معترفاً بذكائه وأحقيته لهذا الموقف-: بارك الله فيك.

فالفرقان -إذن- لا تُستعمل إلا للأمور الجليلة العظيمة، سواء ما نزل على موسى، أو ما نزل على محمد، إلا أن الفرقان أصبح عَلَماً على القرآن، فهناك فَرْق بين العلم والوصف، فكل ما يُفرِّق بين حَقٍّ وباطل تصفه بأنه فرقانٌ، أمّا إنْ سُمِّي به ينصرف إلى القرآن.

والمتأمل في مادة (فَرَق) في القرآن يجد أن لها دوراً في قصة موسى عليه السلام، فأول آية من آياته: (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ ٱلْبَحْرَ..) (البقرة: 50).

والفَرْق أنْ تفصل بين شيء مُتصل مع اختلاف هذا الشيء، وفي علم الحساب يقولون: الخَلْط والمزج، ففَرْق بين أن تفصل بين أشياء مخلوطة مثل برتقال وتفاح وعنب، وبين أنْ تفصلها وهي مزيج من العصير، تداخل حتى صار شيئاً واحداً.

إذن: ففَرْق البحر لموسى -عليه السلام- ليس فَرْقاً بل فرقاناً، لأن أعظم ألوان الفروق أن تَفرِق السائل إلى فِرْقيْن، كل فِرق كالطود العظيم، ومَنْ يقدر على هذه المسألة إلا الله?

ثم يقول تعالى: (وَضِيَآءً وَذِكْراً لَّلْمُتَّقِينَ) (الأنبياء: 48) أي: نوراً يهدي الناس إلى مسالك حياتهم دون عَطَب، وإلاَّ فكيف يسيرون في دروب الحياة?

فلو سار الإنسان على غير هدى فإمّا أنْ يصطدم بأقوى منه فيتحطم هو، وإمّا أن يصطدم بأضعف منه فيحطمه، فالضياء -إذن- هام وضروري في مسيرة الإنسان، وبه يهتدي لحركة الحياة الآمنة ويسعى على بينة، فلا يَتْعب، ولا يُتعِب الآخرين.

(وَذِكْراً..) (الأنبياء: 48) أي: يذكِّر ويُنبِّه الغافلين، فلو تراكمتْ الغفلات تكوَّنَ الران الذي يحجب الرؤية ويُعمِي البصيرة، لذلك لما شبه النبي -صلى الله عليه وسلم- غفلة الناس قال: "تُعْرَض الفتن على القلوب كالحصير عُوداً عُوداً".

وفي رواية "عوذاً عوذاً" أي يستعيذ بالله أن يحدث هذا لمؤمن، فهل رأيتَ صانع الحصير حينما يضمُّ عُوداً إلى عُود حتى يُكوِّن الحصير?

كذلك تُعرَض علينا الفتن، فإنْ جاء التذكير في البداية أزال ما عندك من الغفلة فلا تتراكم عليك الغفلات.

"فأيُّما قلب أُشْرِبها -يعني قَبلَها- العود تلو العود -نُكتَتْ فيه نكتة سوداء، وأيُّما قلب أنكرها نُكتَتْ فيه نكتة بيضاء، حتى تكون على قلبين- صدق رسول الله -على أبيض مثل الصفا لا تضرُّه فتنة، ما دامت السماوات والأرض، أو على أسود كالكوز مُجَخِّياً -يعني منكُوساً- لا يعرف معروفاً، ولا ينكر منكراً".

قالوا: فذلك هو الرَّانُ الذي يقول الله فيه: (كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ) (المطففين: 14) والذكر هو الذي يُجلِّي هذا الران.

(وَذِكْراً لَّلْمُتَّقِينَ) (الأنبياء: 48) ومن صفاتهم أنهم: (ٱلَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَيْبِ...).



سورة الأنبياء الآيات من 046-050 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49557
العمر : 72

سورة الأنبياء الآيات من 046-050 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأنبياء الآيات من 046-050   سورة الأنبياء الآيات من 046-050 Emptyالجمعة 01 مايو 2020, 4:28 pm

الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (٤٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الخشية: الخوف بتعظيم ومهابة، فقد تخاف من شيء وأنت تكرهه أو تحتقره.

فالخشية كأنْ تخاف من أبيك أو من أستاذك أن يراك مُقصِّراً، وتخجل منه أنْ يراك على حال تقصير.

فمعنى الخوف من الله: أن تخاف أن تكون مُقصِّراً فيما طُلِب منك، وفيماً كلَّفك به؛ لأن مقاييسه تعالى عالية، وربما فاتكَ من ذَلك شيء.

وفي موضع آخر يشرح الحق سبحانه هذه المسألة، فيقول: (إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ..) (فاطر: 28) لماذا?

لأنهم الأعلم بالله وبحكمته في كونه، وكلما تكشَّفَتْ لهم حقائق الكون وأسراره ازدادوا لله خشية، ومنه مهابة وإجلالاً؛ لذلك قال عنهم: (يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ..) (النحل: 50) أي: أعلى منهم وعلى رؤوسهم، لكن بِحُبٍّ ومهابة.

ومعنى: (بِٱلْغَيْبِ..) (الأنبياء: 49) أنهم يخافون الله، مع أنهم لا يَروْنه بأعينهم، إنما يَرَوْنَه في آثار صُنْعه، أو بالغيب يعني: الأمور الغيبية التي لا يشاهدونها، لكن أخبرهم الله بها فأصبحت بَعْد إخبار الله كأنها مشهدٌ لهم يروْنَها بأعينهم.

أو يكون المعنى: يخشون ربهم في خَلَواتِهم عن الخَلْق، فمهابة الله والأدب معه تلازمهم حتى في خَلْوتهم وانفرادهم، على خلاف مَنْ يُظهِر هذا السلوك أمام الناس رياءً، وهو نمرود في خَلْوته.

وقوله تعالى: (وَهُمْ مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشْفِقُونَ) (الأنبياء: 49) والإشفاق بمعنى الخوف أيضاً، لكنه خَوْفَ يصاحبه الحذر مما تخاف، فالخوف من الله مصحوب بالمهابة، والخوف من الساعة مصحوب بالحذر منها، مخافة أنْ تقوم عليهم قبل أنْ يُعِدوا أنفسهم لها إعداداً كاملاً يُفرحهم بجزاء الله ساعة يلقوْنَه.



سورة الأنبياء الآيات من 046-050 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49557
العمر : 72

سورة الأنبياء الآيات من 046-050 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الأنبياء الآيات من 046-050   سورة الأنبياء الآيات من 046-050 Emptyالجمعة 01 مايو 2020, 4:29 pm

وَهَٰذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٥٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

أي: كما جاءت التوراة (ذِكْراً..) (الأنبياء: 48) كذلك القرآن الذي نزل عليك يا محمد (ذكر) ، لكنه (ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ..) (الأنبياء: 50) يقولون: هذا شيء مبارك يعني: فيه البركة، والبركة في الشيء أنْ يعطي من الخير فوق ما يتوقع فيه.

كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسقي صحابته من قَعْب واحد من اللبن، ويُطعِم الجيش كله من الطعام اليسير القليل.

وتسمعهم يقولون: فلان راتبة ضئيل، ومع ذلك يعيش هو وأولاده في كذا وكذا فنقول: لأن الله يُبارك له في هذا القليل.

فمعنى (ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ..) (الأنبياء: 50) أي: فيه من الخير فوق ما تظنون، فإياك أنْ تقولوا: إنه كتاب أحكام وتكاليف فحسْب، فالقرآن فيه صفة الخلود، وفيه من الأسرار ما لا ينتهي، فبركته تشمل جميع النواحي وجميع المجالات إلى أنْ تقوم الساعة.

فمهما رددنا آياته نجدها جميلة مُوحِية مُعبّرة.

فكل عصر يأتي بجديد، لا يخلق على كثرة الرد ولا تنقَضي عجائبه فهو مبارك لأن ما فيه من الخير يتجاوز عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكل العصور والأعمار والقرون فيعطي كل يوم سراً جديداً من أسرار قائله سبحانه إذن: فالقرآن (ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ..) (الأنبياء: 50) لأن ما فيه من وجوه الخير سيتجاوز العصر الذي نزل فيه، ويتجاوز كل الأعمار وكل القرون، فيعطي كل يوم لَوْناً جديداً من أسرار قائله والمتكلِّم به؛ لذلك يتعجّب بعدها من إنكار القوم له: (أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنكِرُونَ) (الأنبياء: 50) أَمِثْل هذا الكلام يُنكر?

وسبق أنْ أوضحنا أقوالهم في القرآن.

منهم مَنْ قال: سحر.

ومنهم من قال: شعر.

ومنهم من قال كذب وأساطير الأولين، وهذا كله إفلاس في الحُجَّة، وتصيُّد لا معنى له، ودليل على تضارب أفكارهم.

ألم يقولوا هم أنفسهم: (لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) (الزخرف: 31) إذن: هم يعرفون صِدْق القرآن ومكانته، وأنه من عند الله، ولا يعترضون عليه في شيء، إنما اعتراضهم على مَنْ جاء بالقرآن، وفي هذا دليل على أنهم ليست عندهم يقظة في تغفيلهم.

وتأمَّل: (وَهَـٰذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ..) (الأنبياء: 50) ولم يقل: هذا القرآن، كأنه لا يُشار إلا إلى القرآن.



سورة الأنبياء الآيات من 046-050 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الأنبياء الآيات من 046-050
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: الأنبياء-
انتقل الى: