منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة الإسراء الآيات من 051-055

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة الإسراء الآيات من 051-055 Empty
مُساهمةموضوع: سورة الإسراء الآيات من 051-055   سورة الإسراء الآيات من 051-055 Emptyالإثنين 27 يناير 2020, 10:18 pm

أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ قُلْ عَسَىٰ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا (٥١)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله تعالى: (أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) (الإسراء: 51) أي: هاتوا الأعظم فالأعظم، وتوغّلوا في التحدِّي والبُعْد عن الحياة، فأنا قادر على أنْ أهبَ له الحياة مهما كان بعيداً عن الحياة على إطلاقها.

وقوله: (مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) (الإسراء: 51).

يكبر: أي يعظُم مِنْ كَبُر يكْبُر.

ومنه قوله تعالى: (كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ..) (الكهف: 5) أي: عَظُمت.

والمراد: اختاروا شيئاً يعظم استبعادُ أن يكون فيه حياة بعد ذلك، وغاية ما عندهم في بيئتهم الحجارة والحديد، فَهُما أبعد الأشياء عن الحياة، وقد اتفقوا على ذلك فليس في محيط حياتهم ما هو أقسى من الحجارة والحديد.

ولكن الحق سبحانه وتعالى ارتقى بهم في فَرْضية الأمر إلى أنْ يختاروا وتجتمع نفوسهم على شيء، يكون أعظمَ استبعاداً من الحجارة والحديد.

ونلاحظ في قوله تعالى: (مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) (الإسراء: 51) جاء هذا الشيء مُبْهَماً؛ لأن الشيء العظيم الذي يعظُم عن الحجارة والحديد استبعاداً عن أصل الحياة مختلفٌ فيه، فإن اتفقوا في أمر الحجارة والحديد فقد اختلفوا في الأشياء الأخرى، فجاءت الآية مُبْهمة ليشيع المعنى في نفس كل واحد كُلّ على حَسْب ما يرى.

بدليل أنهم حينما سألوا الإمام علياً -رضي الله عنه، وكرّم الله وجهه- عن أقوى الأجناس في الكون، وقد علموا عن الإمام عليّ سرعة البديهة والتمرُّس في الفُتْيَا، فأرادوا اختباره بهذا السؤال الذي يحتاج في الإجابة عليه إلى استقصاء لأجناس الكون وطبيعة كل منها.

دخل عليهم الإمام علي وهم مختلفون في هذه المسألة، منهم من يقول: الحديد أقوى.

ومنهم من يقول: بل الحجارة.

وآخر يقول: بل الماء، فأفتاهم الإمام في هذه القضية، وانظر إلى دِقّة الإفتاء واستيعاب العلم، فلم يَقُل: أقوى جنود الله كذا وكذا ثم يكمل كما اتفق له ويذكر ما يخطر بباله، لا بل حصرها أولاً، فقال: أشد جنود الله عشرة.

فالمسألة ليست ارتجالية، بل مسألة مدروسة لديه مُسْتَحضرة في ذِهْنه، مُرتَّبة في تفكيره، فبسط الإمام لمستمعيه يده وفَردَ أصابعه، وأخذ يعدّ هذه العشرة، وكأنه المعلم الذي استحضر درسه وأعدَّه جيداً.

قال: "أشد جنود الله عشرة، الجبال الرواسي، والحديد يقطع الجبال، والنار تذيب الحديد، والماء يطفئ النار، والسحاب المسخّر بين السماء والأرض يحمل الماء، والريح يقطع السحاب، وابن آدم يغلب الريح يستتر بالثوب أو بالشيء ويمضي لحاجته، والسُّكرْ يغلب ابن آدم، والنوم يغلب السُّكْر، والهمّ يغلب النوم، فأشد جنود الله في الكون الهمّ”.

فهذه الأجناس هي المراد بقوله تعالى: (أَوْ خَلْقاً مِّمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ) (الإسراء: 51) فاختاروا أيّاً من هذه الأجناس، فالله تعالى قادر على إعادتكم وبعثكم كما كنتم أحياء.

ثم يقول تعالى: (فَسَيَقُولُونَ مَن يُعِيدُنَا قُلِ ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) (الإسراء: 51).

أي: أن الذي خلقكم بدايةً قادرٌ على إعادتكم، بل الإعادة أَهْوَن من الخَلْق بدايةً، ولكن الجواب لا يكون مُقنِعاً إلا إذا كانت النتيجة التي يأتي بها الجواب مُسلّمة.

فهل هم مقتنعون بأن الله تعالى فطرهم أوّل مرة؟

نعم، هم مؤمنون بهذه الحقيقة رغم كُفْرهم، بدليل قولهم: (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ) (الزخرف: 87) فهم مقتنعون بذلك، ولكنهم نقلوا الجدل إلى قضية أخرى فقالوا: مَنْ يُعيدنا؟

فإنْ قلت لهم: الذي فطركم أول مرة.

(فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُوسَهُمْ) (الإسراء: 51).

معنى يُنغِض رأسه: يهزُّها من أعلى لأسفل، ومن أسفل لأعلى استهزاءً وسخريةً مما تقول، والمتأمل في قوله (فَسَيُنْغِضُونَ) يجده فِعْلاً سيحدث في المستقبل ويقع من مُختارٍ، والمقام مقام جَدلٍ بين الكفار وبين رسول الله، وهذه الآية يتلوها رسول الله على أسماعهم ويخبر أنه إذا قال لهم: (ٱلَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) (الإسراء: 51) فسينغضون رؤوسهم.

فكان في وُسْع هؤلاء أنْ يُكذِّبوا هذا القول، فلا يُنغِضون رؤوسهم لرسول الله ويمكرون به في هذه المسألة، ولهم بعد ذلك أنْ يعترضوا على هذا القول ويتهموه، ولكن الحق سبحانه غالبٌ على أمره، فها هي الآية تُتْلىَ عليهم وتحْتَ سَمْعهم وأبصارهم، ومع ذلك لم يقولوا، مما يدلُّ على غباء الكفار وحُمْق تفكيرهم.

وما أشبه هذا الموقف منهم بموقفهم من حادث تحويل القبلة حينما قال الحق سبحانه لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: (قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا..) (البقرة: 144).

ثم أخبره بما سيحدث من الكفار، فقال: (سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا..) (البقرة: 142).

وهذا قَوْلٌ اختياريّ في المستقبل، وكان بإمكانهم إذا سمعوا هذه الآية أَلاّّ يقولوا هذا القول ويجدوا بذلك مَأْخَذاً على القرآن، ولكنهم مع هذا قالوا ما حكاه القرآن؛ لأن الحق سبحانه يعلم أنهم سيقولون لا محالة: (وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هُوَ) (الإسراء: 51).

والاستفهام هنا كسابقه للإنكار والتعجُّب الدالّ على استبعاد البعث بعد الموت، ولاحظ هنا أن السؤال عن الزمن، فقد نقلوا الجدل من إمكانية الحدث إلى ميعاد الحدث، وهذا تراجعٌ منهم في النقاش، فقد كانوا يقولون: مَنْ يُعيدنا؟

والآن يقولون: متى؟

فيأتي الجواب: (عَسَىٰ أَن يَكُونَ قَرِيباً) (الإسراء: 51).

عسى: كلمة تفيد الرجاء، والرجاء أمر مُتوقّع يختلف باختلاف الراجي والمرجو منه، فإذا قُلْت مثلاً: عسى فلاناً أنْ يعطيك كذا، فالرجاء هنا بعيد شيئاً ما؛ لأنه رجاء من غيري لك، أما لو قلْت: عسى أنْ أُعطيك كذا، فهي أقرب في الرجاء؛ لأنني أتحدَّث عن نفسي، وثقة الإنسان في نفسه أكثر من ثقته في الآخرين، ومع ذلك قد يتغير رأييِّ فلا أعطيك، أو يأتي وقت الإعطاء فلا أجد ما أعطيه لك.

لكن إذا قُلْتَ: عسى الله أن يعطيك فلا شكَّ أنها أقربُ في الرجاء؛ لأنك رجوت الله تعالى الذي لا يُعجِزه شيء في الأرض ولا في السماء.

وإنْ كان القائل هو الحق سبحانه وتعالى، فالرجاء منه سبحانه مُحقَّق وواقع لا شكَّ فيه؛ فالرجاء من الغير للغير رتبة، ومن الإنسان لغيره رتبة، ومن الله تعالى للغير رتبة.

وقد شرح لنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- مسألة القرب فقال: "بُعِثْتُ أنا والساعة كهاتين" وأشار بالسَّبابة والوسطى؛ لأنه ليس بعده رسول، فهو والقيامة متجاوران لا فاصلَ بينهما، كما أننا نقول: كُلُّ آتٍ قريب، فالأمر الآتي مستقبلاً قريب؛ لأنه قادم لا محالةَ.

ثم يقول الحق سبحانه: (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ...).



سورة الإسراء الآيات من 051-055 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة الإسراء الآيات من 051-055 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الإسراء الآيات من 051-055   سورة الإسراء الآيات من 051-055 Emptyالإثنين 27 يناير 2020, 10:19 pm

يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا (٥٢)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

هذا في يوم القيامة، حيث لا يستطيع أحدٌ الخروجَ عن مُرادات الحق سبحانه بعد أن كان يستطيع الخروج عنها في الدنيا؛ لأن الخالق سبحانه حين خلق الخَلْق جعل للإرادة الإنسانية سلطاناً على الجوارح في الأمور الاختيارية، فهو مُخْتَار يفعل ما يشاء، ويقول ما يشاء، ويترك ما يشاء، فإرادته أمير على جوارحه، أما الأمور القهرية فلا دَخْل للإرادة بها.

فإذا جاء اليوم الآخر انحلَّتْ الإرادة عن الجوارح، ولم يَعُدْ لها سلطان عليها، بدليل أن الجوارح سوف تشهد على صاحبها يوم القيامة: (وَقَالُواْ لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوۤاْ أَنطَقَنَا ٱللَّهُ ٱلَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ..) (فصلت: 21).

لقد كانت لكم وَلاَية علينا في دُنْيا الأسباب، أما الآن فنحن جميعاً مرتبطون بالمسبِّب سبحانه، فلا ولاية لكم علينا الآن؛ لذلك يقول الحق تبارك وتعالى عن يوم القيامة: (لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ) (غافر: 16).

ففي الدنيا ملَّك الناس، وجعل مصالح أُناسٍ في أيدي آخرين، أما في الآخرة، فالأمر كله والملْك كله لله وحده لا شريك له.

فقوله تعالى: (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ) (الإسراء: 52) أي: يقول لكم اخرجوا من القبور للبعث بالنفخة الثانية في الصُّور (فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ) (الإسراء: 52) أي: تقومون في طاعة واستكانة، لا قوْمةَ مُسْتنكف أو مُتقاعس أو مُتغطرس، فكلّ هذا انتهى وقته في الدنيا، ونحن الآن في الآخرة.

ونلاحظ أن الحق سبحانه قال: (فَتَسْتَجِيبُونَ) (الإسراء: 52) ولم يقل: فتُجيبون؛ لأن استجاب أبلغُ في الطاعة والانصياع، كما نقول: فهم واستفهم أي: طلب الفَهْم، وكذلك (فَتَسْتَجِيبُونَ) أي: تطلبون أنتم الجواب، وتُلحُّون عليه لا تتقاعسون فيه، ولا تتأبَّوْن عليه، فتُسرعون في القيام.

ليس هذا وفقط، بل: (فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ) (الإسراء: 52) أي: تُسرِعون في القيام حامدين الله شاكرين له، ولكن كيف والحمد لا يكون إلا على شيء محبوب؟

نعم، إنهم يحمدون الله تعالى؛ لأنهم عاينوا هذا اليوم الذي طالما ذكَّرهم به، ودعاهم إلى الإيمان به، والعمل من أجله، وطالما ألحَّ عليهم ودعاهم، ومع ذلك كله جحدوا وكذَّبوا، وها هم اليوم يَروْنَ ما كذَّبوه وتتكشّف لهم الحقيقة التي أنكروها، فيقومون حامدين لله الذي نبَّههم ولم يُقصِّر في نصيحتهم.

كما أنك تنصح ولدك بالمذاكرة والاجتهاد، ثم يخفق في الامتحان فيأتيك معتذراً: لقد نصحتني ولكني لم أستجبْ.

إذن: فبيانُ الحق سبحانه لأمور الآخرة من النِّعَم التي لا يعترف بها الكفار في الدنيا، ولكنهم سيعترفون بها في الآخرة، ويعرفون أنها من أعظم نِعَم الله عليهم، ولكن بعد فوات الأوان.

لذلك اعترض المستشرقون على قوله تعالى في سورة (الرحمن): (فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (الرحمن: 34) بعد قوله تعالى: (يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ) (الرحمن: 35) فالآية في نظرهم تتحدث عن نِقْمة وعذاب، فكيف يناسبها: (فَبِأَيِّ ءَالاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (الرحمن: 34).

والمتأمّل في الآية يجدها منسجمة كل الانسجام؛ لأن من النعمة أن نُنبِّهك بالعِظَة للأمر الذي ينتظرك والعذاب الذي أُعِدَّ لك حتى لا تقعَ في أسبابه، فالذي يعلم حقيقة العذاب على الفِعْل لا يقترفه.

ثم يقول تعالى: (وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً) (الإسراء: 52).

الظن: خبر راجح؛ لأنهم مذبذبون في قضية البعث لا يقين عندهم بها.

(إِن لَّبِثْتُمْ) أي: أقمتُم في الدنيا، أو في قبوركم؛ لأن الدنيا متاع قليل، وما دامتْ انتهت فلن يبقى منها شيء.

وكذلك في القبور؛ لأن الميت في قبره شِبْه النائم لا يدرك كم لَبِثَ في نومه، ولا يتصوّر إلا النوم العادي الذي تعوّده الناس.

ولذلك كل مَنْ سُئِل في هذه المسألة: كم لبثتم؟

قالوا: يوماً أو بعض يوم، فهذا هو المعتاد المتعارف عليه بين الناس، ذلك لأن الشعور بالزمن فرع مراقبة الأحداث، والنوم والموت لا أحداثَ فيها، فكيف -إذن- سنراقب الأحداث والملَكة الواعية مفقودة؟

وقد قال تعالى في آية أخرى: (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا) (النازعات: 46).وقال: (قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي ٱلأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ ٱلْعَآدِّينَ) (المؤمنون: 112-113).

أي: لم يكُنْ لدينا وَعْيٌ لنعُدّ الأيام، فاسأل العَادّين الذين يستطيعون العدَّ.

وفي قصة العزير الذي أماته الله مائة عام، ثم بعثه: (قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ..) (البقرة: 259) على مُقْتضى العادة التي أَلفَها في نومه، فيُوضِّح له ربه: (بَل لَّبِثْتَ مِاْئَةَ عَامٍ فَٱنْظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَٱنْظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ..) (البقرة: 259).

فالمدّة في نظر العزير كانت يوماً أو بعض يوم، والحق سبحانه أخبر أنها مائة عام، فالبَوْنُ شاسع بينهما، ومع ذلك فالقوْلاَن صادقان.

والحق سبحانه أعطانا الدليل على ذلك، فقد بعث العُزَيز من موته، فوجد حماره عظاماً بالية يصدُق عليها القول بمائة عام، ونظر إلى طعامه وشرابه فوجده كما هو لم يتغير، وكأنّ العهدَ به يوم أو بعض يوم، ولو مَرّ على الطعام مائة عام لتغيَّر بل لتحلَّل ولم يَبْقَ له أثر.

وكأن الخالق سبحانه قبض الزمن وبَسَطه في وقت واحد، وهو سبحانه القابض الباسط، إذن: قَوْلُ الحق سبحانه مائة عام صِدْق، وقول العُزَير (يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) صِدْق أيضاً، ولا يجمع الضِّدَّيْن إلا خالق الأضداد سبحانه وتعالى وبعد أن تكلم القرآن عن موقف الكفار من الألوهية، وموقفهم من النبوة وتكذيبهم للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ثم عن موقفهم من منهج الله وكفرهم بالبعث والقيامة، أراد سبحانه أنْ يُعطينا الدروس التي تُربِّب منهج الله في الأرض، فقال تعالى: (وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ...).



سورة الإسراء الآيات من 051-055 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة الإسراء الآيات من 051-055 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الإسراء الآيات من 051-055   سورة الإسراء الآيات من 051-055 Emptyالإثنين 27 يناير 2020, 10:20 pm

وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (٥٣)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وسبق أنْ أوضحنا الفرق بين عبيد وعباد، وأنهما جَمْع عبد، لكن عبيد تدل على مَنْ خضع لسيّده في الأمور القهرية، وتمرَّد عليه في الأمور الاختيارية، أما عباد فتدلّ على مَنْ خضع لسيده في كُلِّ أموره القهرية والاختيارية، وفضَّل مراد الله على مُرَاده، وعنهم قال تعالى: (وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً * وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً) (الفرقان: 63-64).

وهذا الفَرْق قائم بينهما في الدنيا دون الآخرة، حيث في الآخرة تنحلّ صفة الاختيار التي بنينا عليها التفرقة، وبذلك يتساوى الجميع في الآخرة، فكلهم عبيد وعباد؛ لذلك قال تعالى في الآخرة للشيطان: (أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا ٱلسَّبِيلَ) (الفرقان: 17).

فسمَّاهم عباداً رغم ضلالهم وكفرهم.

وقوله تعالى: (يَقُولُواْ ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (الإسراء: 53).

أي: العبارة التي هي أحسن، وكذلك الفِعْل الذي هو أحسن.

والمعنى: قُلْ لعبادي: قولوا التي هي أحسن يقولوا التي هي أحسن؛ لأنهم مُؤتمرون بأمك مُصدِّقون لكَ.

و(ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) تعني: الأحسن الأعلى الذي تتشقَّق منه كُل أَحْسَنيات الحياة، والأحسن هو الإيمان بالله بشهادة أن لا إله إلا الله، هذه أحسن الأشياء وأولها، لذلك كان -صلى الله عليه وسلم- يقول: "خَيْرُ ما قُلْتُه أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله".

لأن من باطنها ينبتُ كل حسن، فهي الأحسن الكبيرة؛ لأنك ما دُمْتَ تؤمن بالله فلن تتلقّى إلا عنه، ولن تخاف إلا منه، ولن ترجوَ إلا هو، وهكذا يحسُن أمرك كلُّه في الدنيا والآخرة.

وأنت حين تقول: لا إله إلا الله، لا تقولها إلا وأنت مؤمن بها؛ لأنك تريد أنْ تُشِيِعها فيمن سمعك، ولا تكتفي بنفسك فقط، بل تحب أنْ يُشاركك الآخرون هذا الخير؛ لذلك إذا أردنا أن ننطقَ بهذه الكلمة نقول: أشهد أن لا إله إلا الله.

فمعنى أشهد يعني عند مَنْ لم يشهد، فكأن إيمانك بها دَعاك إلى نَقْلها إلى الناس، وبثِّها فيما بينهم.

ويمكن أن نقول (ٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) الأحسن هو: كل كلمة خير، أو الأحسن هو: الجدل بالتي هي أحسن، كما قال تعالى: (وَجَادِلْهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ..) (النحل: 125).

أو نقول: الأحسن يعني التمييز بين الأقوال المتناقضة وفَرْزها أمام العقل، ثم نختار الأحسن منها، فنقول به.

فالأحسن -إذن- تَشيُع لتشمل كُلَّ حَسَن في أيِّ مجال من مجالات الأقوال أو الأفعال، ولنأخذ مثلاً مجال الجدل، وخاصة إذا كان في سبيل إعلاء كلمة الله، فلا شكّ أن المعارض كَارِهٌ لمبدئك العام، فإنْ قَسَوْتَ عليه وأغلظْتَ له القول أو اخترتَ العبارة السيئة فسوف ينتقل الخلاف بينكما من خلاف في مبدأ عام على عَدَاء شخصي.

وإذا تحوَّلَتْ هذه المسألة إلى قضية شخصية فقد أججَّتَ أُوَار غضبه؛ لأنه في حاجة لأنْ تَرْفُقَ به، فلا تجمع عليه مرارة أنْ تُخرِجه مما أَلِف إلى ما يكره، بل حاول أنْ تُخرِجه مما أَلِف إلى ما يحب لتطفئ شراسته لعداوتك العامة، وتُقرِّب من الهُوّة بينك وبينه فيقبل منك ما تقول.

يقول تعالى: (وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت: 34).

وقد يطلُع علينا مَنْ يقول: لقد دفعتُ بالتي هي أحسن، ومع ذلك لا يزال عدوي قائماً على عداوتي، ولم أكسب محبته.

نقول له: أنت ظننتَ أنك دفعتَ بالتي هي أحسن، ولكن الواقع غير ذلك، إنك تحاول أنْ تُجرِّب مع الله، والتجربة مع الله شَكٌّ، فادفع بالتي هي أحسن من غير تجربة، وسوف يتحول العدو أمامك إلى صديق.

وما أروعَ قول الشاعر:
يَا مَنْ تُضَايِقُه الفِعَالُ مِنَ التيِ ومِنَ الذِي
ادْفَع - فَدَيْتُك - بالتِي حتَّى تَرَى فَإذَا الذِي

لكن، لماذا نقول التي هي أحسن؟

لأن الشيطان ينزغ بينكم: (إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ) (الإسراء: 53) والنزْغ هو نَخْس الشيطان ووسوسته، وقد قال تعالى في آية أخرى: (وَإِماَّ يَنَزَغَنَّكَ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ..) (الأعراف: 200).

فإن كنْت مُنتبِهاً له، عارفاً بحيله فذكرتَ الله عند نَخْسه ونَزْغه انصرف عنك، وذهب إلى غيرك؛ لذلك يقول تعالى عن الشيطان: (مِن شَرِّ ٱلْوَسْوَاسِ ٱلْخَنَّاسِ) (الناس: 4) أي: الذي يخنس ويختفي إذا ذُكِرَ الله، لكن إذا رأى منك ضعفاً وغفلة ومرَّتْ عليك حِيَلُة، واستجبتَ لوساوسه، فقد أصبحت فريسة سهلة بين أنيابه ومخالبه.

وعادةً تأتي خواطر الشيطان وكأنها مِجَسٌّ للمؤمن واختبار لانتباهه وحَذَّره من هذا العدو، فينزغه الشيطان مرَّة بعد أخرى لِيُجرّبه ويختبره.

فإذا كان النزغ هكذا، فأنت حين تجادل بالتي هي أحسن لا تعطي للشيطان فُرْصة لأنْ يُؤجِّج العداوة الشخصية بينكما، فيُزيّن لك شَتْمه أو لَعْنه، وهكذا يتحول الخلاف في المبدأ العام إلى عداوة ذاتية شخصية.

لذلك إذا رأيتَ شخصين يتنازعان لا صِلَة لك بهما، ولكن ضايقك هذا النزاع، فما عليك إلا أنْ تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاثاً، وأتحدّى أن يستمر النزاع بعدها، إنها الماء البارد الذي يُطفئ نار الغضب، ويطرد الشيطان فتهدأ النفوس، وما أشبهك في هذا الموقف برجل الإطفاء الذي يسارع إلى إخماد الحريق، وخصوصاً إذا قلت هذه العبارة بنية صادقة في الإصلاح، وليس لك مأرَبٌ من هذا التدخّل.

والحق سبحانه يقول: (إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ) (الإسراء: 53).

تلاحظ أن نَزْغ الشيطان لا يقتصر على المتخاصمين والمتجادلين حول مبدأ ديني عقدي، بل ينزغ بين الإخوة والأهل والأحبة، ألم يَقُل يوسف: (مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ ٱلشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِيۤ..) (يوسف: 100).

لقد دخل الشيطان بين أولاد النبوة، وزرع الخلاف حتى بين الأسباط وفيهم رائحة النبوة، ولذلك لم يتصاعد فيهم الشر، وهذا دليل على خَيْريتهم، وأنت تستطيع أنْ تُمِّيز بين الخيِّر والشرير، فتجد الخيِّر يهدد بلسانه بأعنف الأشياء، ثم يتضاءل إلى أهون الأشياء، على عكس الشرير تراه يُهدد بأهونِ الأشياء، ثم يتصاعد إلى أعنف ما يكون.

انظر إلى قوْل إخوة يوسف: (ٱقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ ٱطْرَحُوهُ أَرْضاً..) (يوسف: 9) فقال الآخر وكان أميل إلى الرفق به: (وَأَلْقُوهُ فِي غَيَٰبَتِ ٱلْجُبِّ..) (يوسف: 10) وقد اقترح هذا الاقتراح وفي نيته النجاة لأخيه، بدليل قوله تعالى: (يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ ٱلسَّيَّارَةِ..) (يوسف: 10) وهكذا تضاءل الشر في نفوسهم.

ثم يقول تعالى: (إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً) (الإسراء: 53).

أي: أن عداوة الشيطان لكم قديمة منذ أبيكم آدم -عليه السلام- فهي عداوة مُسْبقة، قال عنها الحق سبحانه: (إِنَّ هَـٰذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ) (طه: 117).

لذلك يجب على الأب كما يُعلِّم ابنه علوم الحياة ووسائلها أنْ يُعلّمه قصة العداوة الأولى بين الشيطان وآدم -عليه السلام- ويُعلمه أن خواطر الخير من الله وخواطر الشر من الشيطان، فليكُنْ على حَذَر من خواطره ووساوسه، وبذلك يُربِّي في ابنه مناعة إيمانية، فيحذر كيد الشيطان ونَزْغه، ويعلم أن كل أمر يخالف أوامر الشرع فهو من الشيطان، وهذه التربية من الآباء تحتاج إلى إلحاح بها على الأبناء حتى ترسخ في أذهانهم.

فقوله تعالى: (إِنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً) (الإسراء: 53) أي: كان ولا يزال.

وإلى يوم القيامة بدليل قوله: (لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً) (الإسراء: 62).

أي: لأتعهّدنّهم بالإضلال والغواية إلى يوم القيامة.

ثم يقول الحق سبحانه: (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ...).



سورة الإسراء الآيات من 051-055 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة الإسراء الآيات من 051-055 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الإسراء الآيات من 051-055   سورة الإسراء الآيات من 051-055 Emptyالإثنين 27 يناير 2020, 10:20 pm

رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (٥٤)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

في هذه الآية إشارة إلى طلاقة المشيئة الإلهية، فالحق سبحانه إنْ شاء يرحمنا بفضله، وإنْ شاء يُعذِّبنا بعدله؛ لأن الحق سبحانه لو عاملنا بميزان عدله ما نجا منّا أحد، ولو جلس أحدنا وأحصى ماله وما عليه لوجد نفسه لا محالةَ واقعاً تحت طائلة العقاب؛ لذلك يَحسُن بنا أن ندعوُ الله بهذا الدعاء: "اللهم عاملنا بالفضل لا بالعدل، وبالإحسان لا بالميزان، وبالجبر لا بالحساب”.

والحق تبارك وتعالى لا يُيئس العُصَاة من فضله، ولا يملي لهم بعدله، بل يجعلهم بين هذه وهذه ليكونوا دائماً بين الخوف والرجاء.

وحينما كان المسلمون الأوَّلون يتعرضون لشتى ألوان الإهانة والتعذيب ولا يجدون مَنْ يمنعهم من هذا التعذيب، فكانوا يذهبون إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشكون إليه ما ينزل بهم، فرسول الله ينظر في أنحاء العالم من حوله بحثاً عن المكان المناسب الذي يلجأ إليه هؤلاء المضطهدون، ويأمرهم بالهجرة إلى الحبشة ويقول: "إن فيها ملكاً لا يُظْلَم عنده أحدٌ”.

لقد كانوا في مرحلة لا يستطيعون فيها الدفاع عن أنفسهم، فالضعيف منهم عاجز عن المواجهة، والقوي منهم لا يستطيع حماية الضعيف؛ لأنه كان يذهب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيقترح عليه الرد على الكفار ومواجهتهم بكذا وكذا، فكان -صلى الله عليه وسلم- يقول لهم: "لم أومر، لم أومر...”.

لأن الله تعالى أراد أَلاَّ يبقي للإيمان جندي إلا وقد مَسَّه العذاب، وذاق ألوان الاضطهاد ليربي فيهم الصبر على الأذى وتحمُّل الشدائد؛ لأنهم سيحملون رسالة الانسياح بمنهج الله في الأرض، ولا شكَّ أن القيام بمنهج الله يحتاج إلى صلابة وإلى قوة، فلابُدَّ من تمحيص المؤمنين، لذلك حدث للإسلام في عصر النبوة أحداث وشدائد، ومرَّت به عقبات مثل تعذيب المؤمنين وإيذائهم وحادث الإسراء والمعراج.

وكانت الحكمة من هذه الأحداث تمحيص المؤمنين وغربلة المنتسبين لدين الله، حتى لا يبقى إلا القوي المأمون على حَمْل منهج الله، والانسياح به في شتَّى بقاع الأرض، وحتى لا يبقى في صفوف المؤمنين مَنْ يحمل راية الإيمان لمغنَم دنيوي، فالغنيمة في الإسلام ليست في الدنيا بل في جنة عَرْضُها السماوات والأرض.

لذلك، ففي بيعة العقبة الثانية قالوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: سل يا محمد لربك ما شئت، ثم سل لنفسك بعد ذلك ما شئت، ثم أخبرنا ما لنا من الثواب على الله وعليكم إذا فعلنا ذلك.

قال: أسألكم لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأسألكم لنفسي ولأصحابي أن تؤوونا وتنصرونا وتمنعونا مما منعتم منه أنفسكم، قالوا: فما لنا إذا فعلنا ذلك؟

فماذا قال لهم رسول الله؟

أقال لهم تملكون الدنيا؟

لا. 

بل قال: "لكم الجنة" قالوا: فلك ذلك.

فهذه هي الجائزة الحقيقية التي ينبغي أن يفوز بها المؤمن؛ لأنه من الجائز أن يموت أحدهم بعد أن أعطى رسول الله هذا العهد ولم يدرك شيئاً من خير الدنيا في ظل الإسلام، إذن: فالنبي صادق في هذا الوعد.

وما دام الجزاء هو الجنة فلابُدَّ لها من جنود أقوياء يصبرون على الأحداث، ويُواجهون الفتن والمكائد.

فالمعنى: (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ) (الإسراء: 54) بالخروج من مكة مهاجرين إلى ديار الأمن في الحبشة (أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) (الإسراء: 54) أي: عذاباً مقصوداً لكي يُمحِّص إيمانكم ويُميِّز المؤمنين منكم الجديرين بحمل رسالة الله ومنهجه.

ثم يقول تعالى: (وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) (الإسراء: 54).

الوكيل: هو المفوَّض من صاحب الشأن بفعل شيء ما، والمراد: ما أرسلناك إلا للبلاغ، ولستَ مسئولاً بعد ذلك عن إيمانهم، ولستَ وكيلاً عليهم؛ لأن الهداية والتوفيق للإيمان بيد الحق سبحانه وتعالى إذن: قول الحق سبحانه لرسوله -صلى الله عليه وسلم-: (وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) (الإسراء: 54).

ليست قهراً لرسول الله، وليست إنقاصاً من قَدْره، بل هي رحمة به ورأفة، كأنه يقول له: لا تُحمِّل نفسك يا محمد فوق طاقتها، كما خاطبه في آية أخرى بقوله: (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ) (الشعراء: 3) فالحق -تبارك وتعالى- في هذه المسألة لا يعتب على رسوله، بل يعتب لصالحه، والمتتبع لمواقف العتاب للرسول -صلى الله عليه وسلم- يجده عِتَاباً لصالحه -صلى الله عليه وسلم- رحمةً به، وشفقةً عليه، لا كما يقول البعض: إن الله تعالى يُصحّح للرسول خطئاً وقع فيه.

ومثال لهذا قوله تعالى: (عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ * أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ) (عبس: 1-3) الله تعالى يعتب على رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه ترك الرجل الذي جاءه سائلاً عن الدين، وشَقَّ على نفسه بالذهاب إلى جدال هؤلاء الصناديد، وكأن الحق سبحانه يشفق على رسوله أن يشقَّ على نفسه، فالعتاب هنا حِرْصاً على رسول الله وعلى راحته.

وكذلك في قوله تعالى: (يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (التحريم: 1).

والتحريم تضييق على النفس، فالحق سبحانه يعتب على رسوله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنه ضيَّق على نفسه، وحرَّم عليها ما أحلَّه الله لها.

كما تعتب على ولدك الذي سَهِر طويلاً في المذاكرة حتى أرهقَ نفسه، فالعتاب لصالح الرسول لا ضده.

ثم يقول الحق سبحانه: (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ...).



سورة الإسراء الآيات من 051-055 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49335
العمر : 72

سورة الإسراء الآيات من 051-055 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة الإسراء الآيات من 051-055   سورة الإسراء الآيات من 051-055 Emptyالإثنين 27 يناير 2020, 10:21 pm

وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (٥٥)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله تعالى: (أَعْلَمُ) أفعل تفضيل تدلُّ على المبالغة في العلم، وإنْ كان الحق سبحانه أعلم فما دونه يمكن أنْ يتصفَ بالعلم، فنقول: عالم.ولكن الله أعلم؛ لأن الله تعالى لا يمنع عباده أن تشرئب عقولهم وتطمح إلى معرفة شيء من أسرار الكون.

والمعنى أن الحق سبحانه وتعالى لا يقتصر علمه عليك يا محمد وعلى أمتك، وقد سُبِقت الآية بقوله تعالى: (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ..) (الإسراء: 54) ولكن علمه سبحانه يسَع السماوات والأرض عِلْماً مُطْلقاً لا يغيب عنه مثقال ذرة، وبمقتضى هذا العلم يُقسِّم الله الأرزاق ويُوزِّع المواهب بين العباد، كُلّ على حسب حاله، وعلى قَدْر ما يُصلحه.

فإنْ رأيتَ شخصاً ضيَّق الله عليه فاعلم أنه لا يستحق غير هذا، ولا يُصلحه إلا ما قَسَمه الله له؛ لأن الجميع عبيد لله مربوبون له، ليس بين أحد منهم وبين الله عداوة، وليس بين أحد منهم وبين الله نسب.

فالجميع عنده سواء، يعطي كُلاً على قَدْر استعداده عطاءَ ربوبية، لا يحرم منه حتى الكافر الذي ضاق صدره بالإيمان، وتمكّن النفاق من قلبه حتى عشق الكفر وأحب النفاق، فالله تعالى لا يحرمه مِمّا أحبّ ويزيده منه.

إذن: لعلمه سبحانه بمَنْ في السماوات والأرض يعطي عباده على قَدْر مَا يستحقّون في الأمور القَهْرية التي لا اختيارَ لهم فيها، فهُمْ فيها سواء.

أما الأمور الاختيارية فقد تركها الخالق سبحانه لاجتهاد العبد وأَخْذه بالأسباب، فالأسباب موجودة، والمادة موجودة، والجوارح موجودة، والعقل موجود، والطاقة موجودة.

إذن: على كل إنسان أن يستخدم هذه المعطيات ليرتقي بحياته على قَدْر استطاعته.

ثم يقول تعالى: (وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ ٱلنَّبِيِّينَ عَلَىٰ بَعْضٍ) (الإسراء: 55).

مَن الذي فضَّل؟

الله سبحانه وتعالى هو الذي يُفضّل بعض النبيين على بعض، وليس لنا نحن أن نُفضّل إلا مَنْ فضَّله الله؛ لأنه سبحانه هو الذي يملك أن يُجازي على حَسْب الفضل، أما نحن فلا نملك أنْ نجازي على قَدْر الفضل.

لذلك قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى“.

لأن الذي يُفضِّل هو الله تعالى، وقد نُصّ على هذا التفضيل في قوله تعالى: (تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ مِّنْهُمْ مَّن كَلَّمَ ٱللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ٱبْنَ مَرْيَمَ ٱلْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ ٱلْقُدُسِ..) (البقرة: 253).

فالتفضيل على حسب ما يعلمه الله تعالى من أن أُولى العزم من الرسل قد فَضَّلهم عن غيرهم لِمَا تحمّلوه من مشقة في دعوة أقوامهم، ولما قاموا به من حمل منهج الله والانسياح به، أو من طول مُدّتهم من قومهم... الخ، فهو وحده يعلم أسباب التفضيل.

ثم يقول تعالى: (وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً) (الإسراء: 55).

فلماذا ذكر داود بالذات مقترناً بالكتاب الذي أُنِزل عليه؟

قالوا: لأن داود عليه السلام أُوتِي مع الكتاب المُلْك، فكان نبياً ملِكاً، فكأن الحق سبحانه يشير إلى أن تفضيل داود لا من حيث أنه ملِك، بل من حيث هو نبي صاحب كتاب.

وفي الحديث الشريف يقول -صلى الله عليه وسلم-: "لقد خُيِّرْتُ بين أن أكون عبداً نبياً أو نبياً ملكاً، فاخترت أن أكون عبداً نبياً“.

ثم يقول الحق تبارك وتعالى: (قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ...).



سورة الإسراء الآيات من 051-055 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة الإسراء الآيات من 051-055
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: الإسراء-
انتقل الى: