منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة النحل الآيات من 046-050

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49570
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 046-050 Empty
مُساهمةموضوع: سورة النحل الآيات من 046-050   سورة النحل الآيات من 046-050 Emptyالأربعاء 01 يناير 2020, 9:20 pm

أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (٤٦)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

التقلُّب: الانتقال من حال إلى حال، أو من مكان إلى مكان، والانتقال من مكان الإقامة إلى مكان آخر دليلُ القوة والمقدرة، حيث ينتقل الإنسان من مكانه حاملاً متاعه وعَتَاده وجميع ما يملك؛ لينشىء له حركةَ حياة جديدة في مكانه الجديد.

إذن: التقلُّب في الحياة مظهر من مظاهر القوة، بحيث يستطيع أن يقيم حياة جديدة، ويحفظ ماله في رحلة تقلُّبه.

ولا شكَّ أن هذا مظهر من مظاهر العزة والجاه والثراء لا يقوم به إلا القوي.

ولذلك نرى في قول الحق تبارك وتعالى عن أهل سبأ: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ٱلْقُرَى ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا ٱلسَّيْرَ سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ * فَقَالُواْ رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا) (سبأ: 18-19).

فهؤلاء قوم جمع الله لهم ألواناً شتى من النعيم، وأمَّن بلادهم وأسفارهم، وجعل لهم محطات للراحة أثناء سفرهم، ولكنهم وللعجب طلبوا من الله أن يُباعد بين أسفارهم، كأنهم أرادوا أنْ يتميزوا عن الضعفاء غير القادرين على مشقة السفر والترحال، فقالوا: (بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا) (سبأ: 19).

حتى لا يقدر الضعفاء منهم على خَوْض هذه المسافات.

إذن: الذي يتقلَّب في الأرض دليل على أن له من الحال حال إقامة وحال ظَعْن وقدرة على أن ينقل ما لديه ليقيم به في مكان آخر؛ ولذلك قالوا: المال في الغربة وطن.

ومَنْ كان قادراً يفعل ما يريد.

والحق سبحانه يقول لرسوله -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ) (آل عمران: 196).

فلا يخيفنك انتقالهم بين رحلتي الشتاء والصَّيْف، فالله تعالى قادر أن يأخذَهم في تقلُّبهم.

وقد يُراد تقلّبهم في الأفكار والمكْر السيء بالرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحابته كما في قوله تعالى: (لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ) (التوبة: 48).

فقد قعدوا يُخطّطون ويمكُرون ويُدبِّرون للقضاء على الدعوة في مَهْدها.

ويقول تعالى: (فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ) (النحل: 46).

المعجز: هو الذي لا يمَكِّنك من أنْ تغلبه، وهؤلاء لن يُعجِزوا الله تعالى، ولن يستطيعوا الإفلاتَ من عذابه؛ لأنهم مهما بَيَّتوا فتبييتهم وكَيْدهم عند الله.

أما كيْد الله إذا أراد أنْ يكيد لهم فلن يشعروا به: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ) (الأنفال: 30).

وقال: (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) (الطارق: 15-17).

فمَنْ لا يستطيع أن يغلبك يخضع لك، وما دام يخضع لك يسيطر عليه المنهج الذي جِئْتَ به.

وقد يكون العجز أمام القوىّ دليلَ قوة، كما عجز العرب أمام تحدِّي القرآن لهم، فكان عجزهم أمام كتاب الله دليلَ قوتهم في المجال الذي تحدَّاهم القرآن فيه؛ لأن الله تعالى حين يتحدَّى وحين يُنازل لا ينازل الضعيف، لا بل ينازل القوي في مجال هذا التحدِّي.



سورة النحل الآيات من 046-050 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49570
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 046-050 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 046-050   سورة النحل الآيات من 046-050 Emptyالأربعاء 01 يناير 2020, 9:21 pm

أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَىٰ تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٤٧)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

التخوُّف: هو الفزع من شيء لم يحدث بعد، فيذهب فيه الخيال مذاهبَ شتَّى، ويتوقع الإنسان ألواناً متعددة من الشر، في حين أن الواقع يحدث على وجه واحد.

هَبْ أنك في انتظار حبيب تأخَّر عن موعد وصوله، فيذهب بك الخيال والاحتمال إلى أمور كثيرة.

يا تُرى حدث كذا أو حدث كذا، وكل خيال من هذه الخيالات له أثر ولذعة في النفس، وبذلك تكثر المخاوف، أما إن انتظرتَ لتعرفَ الواقع فإنْ كان هناك فزع كان مرة واحدة.

ولذلك يقولون في الأمثال: (نزول البلا ولا انتظاره) ذلك لأنه إنْ نزل سينزل بلون واحد، أما انتظاره فيُشيع في النفس ألواناً متعددة من الفزع والخوف.

إذن: التخُّوف أشدُّ وأعظم من وقوع الحَدث

وكان هذا الفزع يعتري الكفار إذا ما عَلِموا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث سرية من السَّرايا، فيتوقع كل جماعة منهم أنها تقصدهم، وبذلك يُشيع الله الفزع في نفوسهم جميعاً، في حين أنها خرجتْ لناحية معينة.

وبعض المفسرين قال: التخوُّف يعني التنقُّص بأنْ ينقص الله من رُقْعة الكفر بدخول القبائل في الإسلام قبيلةً بعد أخرى، فكلُّ واحدة منها تنقص من رقعة الكفر.

كما جاء في قوله تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلْخَوْفِ وَٱلْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ ٱلأَمَوَالِ وَٱلأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَاتِ) (البقرة: 155).

ثم يقول الحق تبارك وتعالى في تذييل هذه الآية: (فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (النحل: 47).

وهل هذا التذييل مناسب للآية وما قبلها من التهديد والوعيد؟

فالعقل يقول: إن التذييل المناسب لها: إن ربكم لشديد العقاب مثلاً.

لكن يجب هنا أنْ نعلمَ أن هذا هو عطاء الربوبية الذي يشمل العباد جميعاً مؤمنهم وكافرهم، فالله تعالى استدعى الجميع للدنيا، وتكفَّل للجميع بما يحفظ حياتهم من شمس وهواء وأرض وسماء، لم تُخلَق هذه الأشياء لواحد دون الآخر، وقد قال تعالى: (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ) (الشورى: 20).

وكأن في الآية لَوْناً من ألوان رحمته سبحانه بخَلْقه وحِرْصه سبحانه على نجاتهم؛ لأنه يُنبِّههم إلى ما يمكن أن يحدث لَهم إذا أصرُّوا على كفرهم، ويُبصِّرهم بعاقبة كفرهم، والتبصرة عِظَة، والعِظَة رأفة بهم ورحمة حتى لا ينالهم هذا التهديد وهذا الوعيد.

ومثال هذا التذييل كثير في سورة الرحمن، يقول الحق تبارك وتعالى: (رَبُّ ٱلْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ ٱلْمَغْرِبَيْنِ * فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (الرحمن: 17-18).

فهذه نعمة ناسبت قوله تعالى: (فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (الرحمن: 18).

وكذلك في قوله تعالى: (مَرَجَ ٱلْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ) (الرحمن: 19-20).

فهذه نعمة من نعم الله ناسبت تذييل الآية: (فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (الرحمن: 21).

أما في قوله تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو ٱلْجَلاَلِ وَٱلإِكْرَامِ * فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (الرحمن: 26-28).

فما النعمة في (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) ؟

هل الموت نعمة؟!

نعم، يكون الموت نعمة من نِعَم الله على عباده؛ لأنه يقول للمحسن: سيأتي الموت لتلقَي جزاء إحسانك وثواب عملك، ويقول أيضاً للكافر: انتبه واحذر.

الموت قادم، كأنه سبحانه يُوقِظ الكفار ويَعِظهم لينتهوا عما هم فيه.

أليست هذه نعمة من نعم الله ورحمة منه سبحانه بعباده؟

وكذلك انظر إلى قول الحق تبارك وتعالى: (يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ فَلاَ تَنتَصِرَانِ * فَبِأَيِّ آلاۤءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (الرحمن: 35-36).

فأيّ نعمة في: (يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ وَنُحَاسٌ) (الرحمن: 35).

أيُّ نعمة في هذا العذاب؟

نعم المتدبِّر لهذه الآية يجد فيها نعمة عظيمة؛ لأن فيها تهديداً ووعيداً بالعذاب إذا استمروا على ما هُم فيه من الكفر.

ففي طيَّاتها تحذير وحِرْص على نجاتهم كما تتوعد ولدك: إذا أهملتَ دروسك ستفشل وأفعل بك كذا وكذا.

وأنت ما قلت ذلك إلا لحِرصك على نجاحه وفلاحه.

إذن: فتذييل الآية بقوله: (فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) (النحل: 47).

تذييل مناسب لما قبلها من التهديد والوعيد، وفيها بيان لرحمة الله التي يدعو إليها كلاً من المؤمن والكافر.

ثم يقول الحق سبحانه: (أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ...).



سورة النحل الآيات من 046-050 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49570
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 046-050 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 046-050   سورة النحل الآيات من 046-050 Emptyالأربعاء 01 يناير 2020, 9:22 pm

أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَىٰ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (٤٨)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْاْ) (النحل: 48).

المعنى: أَعَمُوا ولم يَرَوْا ولم يتدبروا فيها خلق الله؟

(مِن شَيْءٍ) (النحل: 48).

كلمة شيء يسمونها جنس الأجناس، و(مِن) تفيد ابتداء ما يُقال له شيء، أي: أتفه شيء موجود، وهذا يسمونه أدنى الأجناس.

وتفيد أيضاً العموم فيكون: (مِن شَيْءٍ) (النحل: 48).

أي: كل شيء.

فانظر إلى أيّ شيء في الوجود مهما كان هذا الشيء تافهاً ستجد له ظِلاً: (يَتَفَيَّؤُاْ ظِلاَلُهُ) (النحل: 48).

يتفيأ: من فاءَ أي: رجع، والمراد عودة الظل مرة أخرى إلى الشمس، أو عودة الشمس إلى الظل.

فلو نظرنا إلى الظل نجده على نوعين: ظل ثابت مستمر، وظل مُتغيّر، فالظل الثابت دائماً في الأماكن التي لا تصل إليها أشعة الشمس، كقاع البحار وباطن الأرض، فهذا ظِلٌّ ثابت لا تأتيه أشعة الشمس في أي وقت من الأوقات.

والظلّ المتحرك الذي يُسمّى الفَيْء لأنه يعود من الظل إلى الشمس، أو من الشمس إلى الظل، إذن: لا يُسمَّى الظل فَيْئاً إلا إذا كان يرجع إلى ما كان عليه.

ولكن.

كيف يتكوّن الظل؟

يتكوّن الظل إذا مَا استعرض الشمسَ جسم كثيف يحجب شعاع الشمس، فيكون ظِلاً له في الناحية المقابلة للشمس، هذا الظل له طُولان وله استواء واحد.

طول عند الشروق إلى أنْ يبلغَ المغرب، ثم يأخذ في التناقص مع ارتفاع الشمس، فإذا ما استوتْ الشمس في السماء يصبح ظِلّ الشيء في نفسه، وهذه حالة الاستواء، ثم تميل الشمس إلى الغروب، وينعكس طول الظلّ الأول من ناحية المغرب إلى ناحية المشرق.

ويلفتنا الحق تبارك وتعالى إلى هذه الآية الكونية في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ ٱلظِّلَّ وَلَوْ شَآءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا ٱلشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً * ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً) (الفرقان: 45-46).

ذلك لأنك لو نظرتَ إلى الظلِّ وكيف يمتدُّ، وكيف ينقبض وينحسر لوجدتَ شيئاً عجيباً حقاً.

ذلك لأنك تلاحظ الظل في الحالتين يسير سَيْراً انسيابياً.

ما معنى: (انسيابي)؟

هو نوع من أنواع الحركة، فالحركة إما حركة انسيابية، أو حركة عن توالي سكونات بين الحركات.

وهذه الأخيرة نلاحظها في حركة عقارب الساعة، وهي أوضح في عقرب الثواني منها في عقرب الدقائق، ولا تكاد تشعر بها في عقرب الساعات.

فلو لاحظت عقرب الثواني لوجدتَه يسير عن طريق قفزات منتظمة، تكون حركة فسكوناً فحركة، وهكذا.

ومعنى ذلك أنه يجمع الحركة في حال سكونه، ثم ينطلق بها، وبذلك تمرُّ عليه لحظة لم يكن مُتحركاً فيها، وهذا ما نسميه بالحركة القفزية.

هذه الحركة لا تستطيع رَصْدها في عقرب الساعات؛ لأن القفزة فيه دقيقة لدرجة أن العين المجردة تعجز عن رَصْدها وملاحظتها، هذه هي الحركة القفزية.

أما الحركة الانسيابية، فتعني أن كل جزء من الزمن فيه جزء من الحركة.

أي: حركة مستمرة ومُوزّعة بانتظام على الزمن.

ونضرب لذلك مثلاً بنمو الطفل.

الطفل الوليد ينمو باستمرار، لكن أمه لملازمتها له لا تلاحظ هذا النمو؛ لأن نظرها عليه دائماً.

فكيف تكون حركة النمو في الطفل؟

هل حركة قفزية يتجمع فيها نمو الطفل كل أسبوع أو كل شهر مثلاً، ثم ينمو طَفْرة واحدة؟

لو كان نموه هكذا لَلاَحظنا نمو الطفل، لكنه ليس كذلك، بل ينمو بحركة انسيابية تُوزّع المِلِّي الواحد من النمو على طول الزمن.

فلا نكاد نشعر بنموه.

وهكذا حركة الشمس حركة انسيابية، بحيث تُوزع جزئيات الحركة على جُزئيات الزمن، فالشمس ليست مركونة إلى ميكانيكا تتحرك عن التروس كالساعة مثلاً، لا.

بل مركونة إلى أمر الله، موصولة بكُنْ الدائمة.

وكأن الحق تبارك وتعالى يريد أن يلِفتَ خَلْقه إلى ظاهرة كونية في الوجود مُحسّة، يدركها كلٌّ مِنّا في ذاته، وفيما يرى من المرائي، ومن هذه المظاهر ظاهرة الظَلّ التي يعجز الإنسان عن إدراك حركته.

وفي آية أخرى يقول الحق تبارك وتعالى: (وَظِلالُهُم بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ) (الرعد: 15).

فالحق سبحانه يريد أن يُعمم الفكرة التسبيحية في الكون كله، كما قال تعالى: (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) (الإسراء: 44).

فكل ما يُطلَق عليه شيء فهو يُسبِّح مهما كان صغيراً.

وقوله تعالى: (يَتَفَيَّؤُاْ ظِلاَلُهُ عَنِ ٱلْيَمِينِ وَٱلْشَّمَآئِلِ) (النحل: 48).

لنا هنا وقفة مع الأداء القرآني، حيث أتى باليمين مُفْرداً، في حين أتى بالشمائل على صورة الجمع؛ ذلك لأن الحق تبارك وتعالى لما قال: (أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَىٰ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ مِن شَيْءٍ) (النحل: 48).

أتى بأقلّ ما يُتصوَّر من مخلوقاته سبحانه (مِن شَيْءٍ) وهو مفرد، ثم قال سبحانه: (ظِلاَلُهُ..) (النحل: 48).

بصيغة الجمع.

أي: مجموع هذه الأشياء، فالإنسان لا يتفيأ ظِلّ شيء واحد، لا.

بل ظِلّ أشياء متعددة.

و(مِن) هنا أفادت العموم: (مِن شَيْءٍ) (النحل: 48).

أي: كل شيء.

فليناسب المفرد جاء باليمين، وليناسب الجمع جاء بالشمائل.

ثم يقول تعالى: (سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ) (النحل: 48).

فما العلاقة بين حركة الظلّ وبين السجود؟

معنى: سُجّداً أي: خضوعاً لله، وكأن حركة الظل وامتداده على امتداد الزمن دليلٌ على أنه موصول بالمحرك الأعلى له، والقائل الأعلى لـ "كُنْ"، والظل آية من آياته سبحانه مُسخّرة له ساجدة خاضعة لقوله: كُنْ فيكون.

وقلنا: إن هناك فرقاً بين الشيء تُعِده إعداداً كَوْنياً، والشيء تُعِده إعداداً قدرياً.

فصانع القنبلة الزمنية يُعِدُّها لأنْ تنفجرَ في الزمن الذي يريده، وليس الأمر كذلك في إعداد الكون.

الكون أعدّه الله إعداداً قدرياً قائماً على قوله كُنْ، وفي انتظار لهذا الأمر الإلهي باستمرار (كن فيكون).

وهكذا.

فليست المسألة مضبوطة ميكانيكاً، لا.

بل مضبوطة قَدرياً.

لذلك يحلو لبعض الناس أن يقول: باقٍ للشمس كذا من السنين ثم ينتهي ضوؤها، ويُرتّب على هذا الحكم أشياء أخرى.

نقول: لا.

ليس الأمر كذلك.

فالشمس خاضعة للإعداد القدريّ منضبطةٌ به ومنتظرة لـ"كُنْ" التي يُصغِي لها الكون كله؛ ولذلك يقول تعالى: (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) (الرحمن: 29).

هكذا بيَّنت الآية الكريمة أن كل ما يُقال له "شيء" يسجد لله عز وجل، وكلمة "شيء" جاءت مُفْردة دالّة على العموم.

وقد عرفنا السجود فيما كلَّفنا الله به من ركن في الصلاة، وهو مُنْتَهى الخضوع، خضوع الذات من العابد للمعبود، فنحن نخضع واقفين، ونخضع راكعين، ونخضع قاعدين، ولكن أتمَّ الخضوع يكون بأنْ نسجدَ لله.

ولماذا كان أتمَّ الخضوع أن نسجدَ لله؟

نقول: لأن الإنسان له ذات عامة، وفي هذا الذات سيد للذات، بحيث إذا أُطلِق انصرف إلى الذات، والمراد به الوجه؛ لذلك حينما يعبّر الحق تبارك وتعالى عن فَنَاء الوجود يقول: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ) (القصص: 88).

وكذلك في قوله: (إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلأَعْلَىٰ * وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ) (الليل: 20-21).

فيُطلَق الوجه ويُراد به الذات، فإذا ما سجد الوجه لله تعالى دلَّ ذلك على خضوع الذات كلها؛ لأن أشرف ما في الإنسان وجهه، فإذا ما ألصقه بالأرض فقد جاء بمنتهى الخضوع بكل ذاته للمعبود عز وجل.

كما دَلَّتْ الآية على أن الظل أيضاً يسجد لربه وخالقه سبحانه، والظلال قد تكون لجمادات كالشجر مثلاً، أو بناية أو جبل، وهذه الأشياء الثابتة يكون ظِلّها أيضاً ثابتاً لا يتحرك، أما ظِلّ الإنسان أو الحيوان فهو ظل متحرك، وقد ضرب لنا الحق تبارك وتعالى مثلاً في الخضوع التام بالظلال؛ لأن ظل كل شيء لا يفارق الأرض أبداً، وهذا مثال للخضوع الكامل.

ثم يرتفع الحق تبارك وتعالى بمسألة السجود من الجمادات في الظلال في قوله: (وَظِلالُهُم بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ) (الرعد: 15).

يعني الذوات تسجد، وكذلك الظلال تسجد؛ ولذلك يتعجب بعض العارفين من الكافر.

يقول: أيها الكافر ظِلُّك ساجد وأنت جاحد.

جاء هذا الترقِّي في قوله تعالى: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ...).



سورة النحل الآيات من 046-050 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49570
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 046-050 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 046-050   سورة النحل الآيات من 046-050 Emptyالأربعاء 01 يناير 2020, 9:22 pm

وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (٤٩)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

فأجناس الكون التي يعرفها الإنسان أربعة: إما جماد، فإذا وجدتَ خاصية النمو كان النبات، وإذا وجدتَ خاصية الحركة والحسِّ كان الحيوان، فإذا وجدتَ خاصية الفِكْر كان الإنسان، وإذا وجدتَ خاصية العلم الذاتي النوراني كان المَلَك.

هذه هي الأجناس التي نعرفها.

الحق تبارك وتعالى ينقلُنا هنا نَقْلة من الظلال الساجدة، للجمادات الثابتة، إلى الشيء الذي يتحرك، وهو وإنْ كان مُتحركاً إلا أن ظلّه أيضاً على الأرض، فإذا كان الحق سبحانه قد قال: (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ) (النحل: 49).

فقد فصَّل هذا الإجمال بقوله: (مِن دَآبَّةٍ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ) (النحل: 49).

أي: من أقلّ الأشياء المتحركة وهي الدابة، إلى أعلى الأشياء وهي الملائكة.

وقد يقول قائل: وهل ما في السماوات وما في الأرض يسجد لله؟

نقول له: نعم.

لأنك فسرتَ السجود فيك أنت بوضْع جبهتك على الأرض، ليدلّ على أن الذات بعلُوّها ودنُوّها ساجدة لله خاضعة تمام الخضوع، حيث جعلتَ الجبهة مع القدم.

والحق تبارك وتعالى يريد منّا أن نعرف استطراق العبودية في الوجود كله؛ لأن الكافر وإنْ كانَ مُتمرِّداً على الله فيما جعل الله له فيه اختيارا، في أنْ يؤمن أو يكفر، في أن يطيع أو يعصي، ولكن الله أعطاه الاختيار.

نقول له: إنك قد ألفْتَ التمرّد على الله، فطلب منك أن تؤمن لكنك كفرتَ، وطلبَ منك يا مؤمن أن تطيعَ فعصيتَ، إذن: فلكَ إلْفٌ بالتمرّد على الحق.

ولكن لا تعتقد أنك خرجتَ من السجود والخضوع لله؛ لأن الله يُجري عليك أشياء تكرهها، ولكنها تقع عليك رغم أنفك وأنت خاضع.

وهذا معنى قوله تعالى في الآية السابقة: (وَهُمْ دَاخِرُونَ) (النحل: 48).

أي: صاغرون مُستذلِّون مُنقَادُونَ مع أنهم أَلِفُوا التمرُّد على الحق سبحانه وإلا فهذا الذي أَلِف الخروج عن مُرادات الله فيما له فيه اختيار، هل يستطيع أنْ يتأبَّى على الله إذا أراد أنْ يُمرضه، أو يُفقره، أو يميته؟

لا، لا يستطيع، بل هو داخر صاغر في كل ما يُجريه عليه من مقادير، وإنْ كان يأباها، وإنْ كان قد أَلِف الخروج عن مُرادات الله.

إذن: ليس في كون الله شيء يستطيع الخروج عن مرادات الله؛ لأنه ما خرج عن مرادات الله الشرعية في التكليف إلا بما أعطاه الله من اختيار، وإلا لو لم يُعْطه الاختيار لما استطاع التمرّد، كما في المرادات الكونية التي لا اختيارَ فيها.

لذلك نقول للكافر الذي تمرّد على الحق سبحانه: تمرّد إذا أصابك مرض، وقُلْ: لن أمرض، تمرَّد على الفقر وقُلْ: لن أفتقر.

وما دُمْتَ لا تقدر وسوف تخضع راغماً فلتخضعْ راضياً وتكسب الأمر، وتنتهي مشكلة حياتك، وتستقبل حياة أخرى أنظف من هذه الحياة.

وقوله تعالى: (مِن دَآبَّةٍ) (النحل: 49).

هو كل ما يدبّ على الأرض، والدَّبُّ على الأرض معناه الحركة والمشي.

وقوله: (وَٱلْمَلاۤئِكَةُ) (النحل: 49).

أي: أن الملائكة لا يُقال لها دابة؛ لأن الله جعل سَعْيها في الأمور بأجنحة فقال تعالى: (أُوْلِيۤ أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ) (فاطر: 1).

وقال في آية أخرى: (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ) (الأنعام: 38).

فخلق الله الطائر يطير بجناحيه مقابلاً للدابة التي تدب على الأرض، فاستحوذ على الأمرين: الدابة والملائكة.

و(مَا) في الآية تُطلق على غير العالمين وغير العاقلين؛ ذلك لأن أغلبَ الأشياء الموجودة في الكون ليس لها عِلْم أو معرفة؛ ولذلك قال تعالى في آية أخرى: (إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلْجِبَالِ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا) (الأحزاب: 72).

ويُنهي الحق سبحانه الآية بقوله: (وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ) (النحل: 49).

أي: أن الملائكة الذين هم أعلى شيء في خَلْق الله لا يستكبرون؛ لأن علوّهم في الخَلْق من نورانية وكذا وكذا لا يعطيهم إدلالاً على خالقهم سبحانه؛ لأن الذي أعطاهم هذا التكريم هو الله سبحانه وتعالى وما دام الله هو الذي أعطاهم هذا التكريم فلا يجوز الإدلال به؛ لأن الذي يُدِلُّ إنما يُدِلُّ بالذاتيات غير الموهوبة، أما الشيء الموهوب من الغير فلاَ يجوز أن تُدِلَّ به على مَنْ وهبه لك.

لذلك يقول الحق تبارك وتعالى: (لَّن يَسْتَنكِفَ ٱلْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ٱلْمُقَرَّبُونَ) (النساء: 172).

فلن يمتنعوا عن عبادة الله والسجود له رغم أن الله كرَّمهم ورفعهم.

ثم يقول تعالى: (يَخَافُونَ رَبَّهُمْ...).



سورة النحل الآيات من 046-050 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49570
العمر : 72

سورة النحل الآيات من 046-050 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة النحل الآيات من 046-050   سورة النحل الآيات من 046-050 Emptyالأربعاء 01 يناير 2020, 9:23 pm

يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (٥٠)
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

ما هو الخوف؟

الخوف هو الفزع والوجَلَ، والخوف والفزع والوجل لا يكون إلا من ترقب شيء من أعلى منك لا تقدر أنت على رَفْعه، ولو أمكنك رَفْعه لما كان هناك داعٍٍ للخوف منه؛ لذلك فالأمور التي تدخل في مقدوراتك لا تخاف منها، تقول: إنْ حصل كذا أفعل كذا... الخ: وإذا كان الملائكة الكرام: (لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (التحريم: 6).

فما داعي الخوف إذن؟

نقول: إن الخوف قد يكون من تقصير حدث منك تخاف عاقبته، وقد يكون الخوف عن مهابة للمخُوف وإجلاله وتعظيمه دون ذنب ودون تقصير.

ولذلك نجد الشاعر العربي يقول في تبرير هذا الخوف:
أَهَابُكَ إِجْلاَلاً ومَا بِكَ قُدْرة عليَّ ولكِنْ مِلْءُ عَيْنٍ حَبِيبُها

إذن: مرّة يأتي الخوف لتوقُّع أذى لتقصير منك، ومرَّة يأتي لمجرد المهابة والإجلال والتعظيم.وقوله تعالى: (مِّن فَوْقِهِمْ) (النحل: 50).ما المراد بالفوْقية هنا؟

نحن نعرف أن الجهات ستّ: فوق، وتحت، ويمين، وشمال، وأمام، وخلف.

بقيتْ جهة الفَوقْية لتكون هي المسيطرة؛ ولذلك حتى في بناء الحصون يُشيّدونها على الأماكن العالية لتتحكم بعلُوّها في متابعة جميع الجهات.

إذن: فالفوقية هي محلّ العُلو، وهذه الفوقية قد تكون فوقية مكان، أو فوقية مكانة.

فالذي يقول: إنها فوقية مكان، يرى أن الله في السماء، بدليل أن الجارية التي سُئِلت: أين الله؟

أشارتْ إلى السماء، وقالت: في السماء.

فأشارت إلى جهة العُلُو؛ لأنه لا يصح أن نقول: إن الله تحت، فالله سبحانه مُنزَّه عن المكان، وما نُزِّه عن المكان نُزِّه عن الزمان، فالله عز وجل مُنزَّه عن أنْ تُحيّزه، لا بمكان ولا بزمان؛ لأن المكان والزمان به خُلِقاً.

فمَن الذي خلق الزمان والمكان؟

إذن: ما داما به خُلِقاً فهو سبحانه مُنزَّه عن الزمان والمكان.

وهم قالوا بأن الفوقية هنا فوقية حقيقية.

فوقية مكان، أي: أنه تعالى أعلى مِنّا.

ونقول لمن يقول بهذه الفوقية: الله أَعْلى مِنّا.

من أيّ ناحية؟

من هذه أم من هذه؟

إذن: الفوقية هنا فوقية مكانة، بدليل أننا نرى الحرس الذين يحرسون القصور ويحرسون الحصون يكون الحارس أعلى من المحروس.

فوقه، فهو فوقه مكاناً، إنما هل هو فوقه مكانة؟

بالطبع لا.

وقوله تعالى: (وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (النحل: 50).

وهذه هي الطاعة، وهي أن تفعلَ ما أُمِرتْ به، وأنْ تجتنبَ ما نُهيتَ عنه، ولكن الآية هنا ذكرت جانباً واحداً من الطاعة، وهو: (وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (النحل: 50).

ولم تقُلْ الآية مثلاً: ويجتنبون ما ينهوْنَ عنه، لماذا؟.

نقول: لأن في الآية ما يسمونه بالتلازم المنطقي، والمراد بالتلازم المنطقي أن كلَّ نهي عن شيء فيه أمر بما يقابله، فكل نهي يؤول إلى أمر بمقابله.

فقوله سبحانه: (وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (النحل: 50).

تستلزم منطقياً "ويجتنبون ما يُنهَوْن عنه" وكأن الآية جمعت الجانبين.

والحق سبحانه وتعالى خلق الملائكة لا عمل لهم إلا أنهم هُيِّموا في ذات الله، ومنهم ملائكة مُوكّلون بالخلق، وهم: (فَٱلْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً) (النازعات: 5).

ويقول تعالى: (لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ) (الرعد: 11).

ومنهم: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَاماً كَاتِبِينَ) (الانفطار: 10-11).

إذن: فهناك ملائكة لها علاقة بِنَا، وهم الذين أمرهم الحق سبحانه أن يسجدوا لآدم حينما خلقه الله، وصوَّره بيده، ونفخ فيه من رُوحه.

وكأن الله سبحانه يقول لهم: هذا هو الإنسان الذي ستكونون في خدمته، فالسجود له بأمر الله إعلانٌ بأنهم يحفظونه من أمر الله، ويكتبون له كذا، ويعملون له كذا، ويُدبِّرون له الأمور. الخ.

أما الملائكة الذين لا علاقة لهم بالإنسان، ولا يدرون به، ولا يعرفون عنه شيئاً، هؤلاء المعْنِيون في قوله سبحانه لإبليس: (أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ) (ص: 75).

أي: أستكبرتَ أنْ تسجدَ؟

أم كنتَ من الصِّنْف الملَكي العالي؟.

هذا الصنف من الملائكة ليس لهم علاقة بالإنسان، وكُلُّ مهمتهم التسبيح والذكْر، وهم المعنيون بقوله تعالى: (يُسَبِّحُونَ ٱلَّيلَ وَٱلنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ) (الأنبياء: 20).

كلُّ شيء -إذن- في الوجود خاضع لمرادات الحق سبحانه منه، إلا ما استثنى الله فيه الإنسان بالاختيار، فالله سبحانه لم يقهر أحداً، لا الإنسان ولا الكون الذي يعيش فيه، فقد عرض الله سبحانه الأمانة على السمٰوات والأرض والجبال، فأبيْنَ أن يحملنها وأشفقْنَ منها.

وكأنها قالت: لا نريد أن نكون مختارين، بل نريد أن نكون مُسخَّرين، ولا دَخْلَ لنا في موضوع الأمانة والتكليف!!

لماذا -إذن- يأبى الكون بسمائه وأرضه تحمُّل هذه المسئولية؟

نقول: لأن هناك فَرْقاً بين تقبُّل الشيء وقت تحمُّله، والقدرة على الشيء وقت أدائه.

هناك فَرْق.

عندنا تحمُّل وعندنا أداء.

وقد سبق أنْ ضربنا مثلاً لتحمُّل الأمانة وقُلْنا: هَبْ أن إنساناً أراد أن يُودع عندك مبلغاً من المال مخافة تبديده لتحفظه له لحين الحاجة إليه، وأنت في هذا الوقت قادر على التحمل وتنوي أداء أمانته إليه عند طلبها وذمَّتك قوية، ونيتك صادقة.

وهذا وقت تحمُّل الأمانة، فإذا ما جاء وقت الأداء، فربما تضطرك الظروف إلى إنفاق هذا المال، أو يعرض لك عارضٌ يمنعك من الأداء أو تتغيّر ذمتك.

إذن: وقت الأداء شيء آخر.

لذلك، فالذي يريد أنْ يُبرىء ذمته لا يضمن وقت الأداء ويمتنع عن تحمُّل الأمانة ويقول لنفسه: لا، إن كنت أضمن نفسي وقت التحمل فلا أضمن نفسي وقت الأداء.

هذا مثال لما حدثَ من السماء والأرض والجبال حينما رفضت تحمُّل الأمانة، ذلك لأنها تُقدّر مسئوليتها وثقلها وعدم ضمان القيام بحقها، لذلك رفضت تحمُّلها من بداية الأمر.

وكذلك يجب أن يكون الإنسان عاقلاً عند تحمُّل الأمانات؛ ولذلك يقول تعالى: (وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (الأحزاب: 72).

ما الذي جهله الإنسان؟

جهل تقدير حالة وقت أداء الأمانة، فظلم نفسه، ولو أنه خرج من باب الجمال كما يقولون لَقالَ: يا ربِّ اجعلني مثل السماء والأرض والجبال، وما تُجريه عليَّ، فأنا طَوْع أمرك.

ولذلك، فمن عباد الله مَنْ قَبِل الاختيار وتحمَّل التكليف، ولكنه خرج عن اختياره ومراده لمراد ربِّه وخالقه، فقال: يا رب أنت خلقْتَ فينا اختياراً، ونحن به قادرون أن نفعل أو لا نفعل، ولكنَّا تنازلنا عن اختيارنا لاختيارك، وعن مرادنا لمرادك، ونحن طَوْع أمرك.

هؤلاء هم عباد الله الذين استحقوا هذه النسبة إليه سبحانه وتعالى إذن: هناك فَرْق بين مَنْ يفعل اختياراً مع قدرته على ألاَّ يفعل، وبين مَنْ يفعل بالقهر والتسخير.

فالأول مع أنه قادر ألاَّ يفعل، فقد غلَّب مُراد ربِّه في التكليف على مراد نفسه في الاختيار.

ثم ينتقل الحق -تبارك وتعالى- إلى قمة القضايا العقدية بالنسبة للإنسان، فيقول تعالى: (وَقَالَ ٱللَّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ...).



سورة النحل الآيات من 046-050 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة النحل الآيات من 046-050
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة النحل الآيات من 116-120
» سورة النحل الآيات من 021-025
» سورة النحل الآيات من 041-045
» سورة النحل الآيات من 121-125
» سورة النحل الآيات من 016-020

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: النَّحل-
انتقل الى: