منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة البقرة: الآيات من 226-230

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

سورة البقرة: الآيات من 226-230 Empty
مُساهمةموضوع: سورة البقرة: الآيات من 226-230   سورة البقرة: الآيات من 226-230 Emptyالخميس 18 أبريل 2019, 3:07 pm

لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [٢٢٦]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

يؤلون: أي يحلفون ألا يقربوا أزواجهن في العملية المخصوصة، ويريد الرجل أحيانا أن يؤدب زوجته فيهجرها في الفراش بلا يمين، وبدون أن يحلف.     

وبعض الناس لا يستطيعون أن يمتنعوا عن نسائهم من تلقاء أنفسهم، فيحلفون ألا يقربوهن حتى يكون اليمين مانعاً ومشجعاً له على ذلك.                

وكان هذا الأمر مألوفاً عند العرب قبل الإسلام.             

 كان الرجل يمتنع عن مباشرة زوجته في الفراش أي فترة من الزمن يريدها، وبعضهم كان يحلف ألا يقرب زوجته زمناً محدداً، وقبل أن ينتهي هذا الزمن يحلف يميناً آخر ليزيد المدة فترة أخرى، وهكذا حتى أصبحت المسألة عملية إذلال للمرأة، وإعضالاً لها، وامتناعاً عن أداء حقها في المعاشرة الزوجية.                

وكان ذلك إهداراً لحق الزوجة في الاستمتاع بزوجها.  

ويريد الحق سبحانه وتعالى أن ينهي هذه المسألة، وهو سبحانه لا ينهيها لحساب طرف على طرف، وإنما بعدل الخالق الحكيم الرحيم بعباده.               

 وكان من الممكن أن يجرمها ويحرمها نهائياً ويمنع الناس منها.                

لكنه سبحانه عليم بخفايا وطبيعة النفوس البشرية، فقد ترى امرأة أن تستغل إقبال الرجل عليها، إما لجمال فيها أو لتوقد شهوة الرجل، فتحاول أن تستذله؛ لذلك أعطى الله للرجل الحق في أن يمتنع عن زوجته أربعة أشهر، أما أكثر من ذلك فالمرأة لا تطيق أن يمتنع زوجها عنها.   

{لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآءُو فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة: 226] والإسلام يريد أن يبني الحياة الزوجية على أساس واقعي لا على أفكار مجنحة ومجحفة لا تثبت أمام الواقع، فهو يعترف بالميول فيعليها ولكن لا يهدمها، ويعترف بالغرائز فلا يكتمها ولكن يضبطها.               

 وهناك فرق بين الضبط والكبت؛ فإن الكبت يترك الفرصة للداء ليستشري خفياً حتى يتفجر في نوازع النفس الإنسانية تفجيراً على غير ميعاد وبدون احتياط، لكن الانضباط يعترف بالغريزة ويعترف بالميول، ويحاول فقط أن يهديها ولا يهدمها.                

ويخضع البشر في كل أعمالهم لهذه النظرية حتى في صناعتهم، فالذين يصنعون المراجل البخارية مثلاً يجعلون في تلك المراجل التي يمكن أن يضغط فيها الغاز ضغطاً فيفجرها يجعلون لها متنفساً حتى يمكن أن يخفف الضغط الزائد إن وُجد، وقد يصممون داخلها نظاماً آلياً لا يتدخل فيه العقل بل تحكم الآلة نفسها.                

والحق سبحانه وتعالى وضع نظاماً واضحاً في خلقه الذين خلقهم، وشرع لهم تكوين الأسرة على أساس سليم.

وبنى الإسلام هذا النظام أولاً على سلامة العقيدة ونصاعتها ووحدتها حتى لا تتوزع المؤثرات في مكونات الأسرة، ولذلك منع المسلم من أن يتزوج من مشركة، وحرم على المسلمة أن تتزوج مشركاً.                

وبعد ذلك علمنا معنى الالتقاء الغريزي بين الزوجين.  

ولقد أراد الحق سبحانه وتعالى ألا يطلق العنان للغريزة في كل زمان التواجد الزوجي، فجعل المحيض فترة يحرم فيها الجماع وقال: { فَٱعْتَزِلُواْ ٱلنِّسَآءَ فِي ٱلْمَحِيضِ} [البقرة: 222].               

وهكذا يضبط الحق العلاقة الجنسية بين الزوجين ضبطاً سليماً نظيفاً.                

الحق سبحانه وتعالى يعلم أن النفس البشرية ذات أغيار؛ لأن الإنسان حادث له بداية ونهاية، وكل ما يكون حادثاً لابد أن يطرأ عليه تغيير.                

فإذا ما التقى الرجل بالمرأة.                

كان لابد من أن يتحدد هذا اللقاء على ضوء من منهج الله؛ لأن اللقاء إن تم على منهج البشر وعواطفهم كان المصير إلى الفشل؛ لأن مناهج البشر متغيرة وموقوتة، ولذلك يجب أن يكون لقاء الرجل بالمرأة على ضوء معايير الله. 

فالله يعلم أن للنفس نوازع ومتغيرات، ومن الجائز جداً أن يحدث خلاف بين الزوجين، فيجعل الله سبحانه وتعالى متنفساً يتنفس فيه الزوج للتأديب الذي ينشد التهذيب والإبقاء، فشرع للرجل إن رأى في زوجته إذلالا له بجمالها وبحسنها، وقد يكون رجل له مزاج خاص ورغبة جامحة في هذه العملية؛ لذلك شرع الله له فترة من الفترات أن يحلف ألا يقرب امرأته، ولم يجعل الله تلك الفترة مطلقة، إنما قيدها بالحلف حتى يكون الأمر مضبوطاً.                

فالحق يريد العلاج لا القسوة.                

فلو لم يكن الرجل مضبوطاً بيمين فقد يُغير رأيه بأن يأتي زوجته، ولذلك قال الحق: {لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] أي إنَّ لك أيها الزوج أن تحلف ألا تقرب زوجتك أربعة أشهر، لكن إن زادت المدة على أربعة أشهر فهي لن تكون تأديباً بل إضراراً.         

والخالق عز وجل يريد أن يؤدب لا أن يضر.                

فإذا ما تجاوزت المدة يكون الزوج متعدياً ولا حق له.   

 إن الحق سبحانه وتعالى هو خالق الميول والعواطف والغرائز ويقنن لها التقنين السليم.                

إنه عز وجل يترك لنا ما يدلنا على ذلك، ففي خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يمر عمر في جوف الليل فيسمع امرأة تقول الأبيات المشهورة:

تطاول هذه الليل واســود جانبه
وأرقنـي ألاَّ خلـيـــــــل ألاعـبـه
فوالله لولا الله تخشـى عواقبـــه
لزلزل مـن هذا السرير جـوانبـه

معنى ذلك أن المرأة تعاني من الوحشة إلى الرجل، وتوشك المعاناة أن تدفعها إلى سلوك غير قويم، لكن تقوى الله هي التي تمنعها من الانحراف.                

ومن الجائز أن نتساءل كيف سمع عمر هذه المرأة وهو يسير في الشارع، وأقول: إن المرأة التي تأتي عندها هذه الأحاسيس تترنم في سكون الليل، وعندما يسكن الليل لا تكون فيه ضجة فيسهل سماع ما يقال داخل البيوت، ألم يسمع عمر كلام المرأة التي تجادل ابنتها في غش اللبن؟
ولَمَّا سمع الفاروق كلام هذه المرأة التي تُعاني من وحشة إلى الرجل، ذهب بفطرته السليمة وأَلْمَعِيَّتَهُ المُشرقة إلى ابنته حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها، وقال لها: كم تصبر المرأة على بُعد الرجل، فقالت: من ستة شهور إلى أربعة أشهر.               

فسَنَّ عُمَرُ سُنَةً أصبحت دستوراً فيما بعد، وهي ألا يبعد جندي من جنود المسلمين عن أهله أربعة أشهر.     

إذن فقول الحق سبحانه وتعالى: {لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] سبق حادثة عمر، ثم ترك الحق لواقع الحياة أن يبين لنا صدق ما قننه لنا، ويأتي عمر ليستنبط الحكم من واقع الحياة.          

"فإن فاءوا" أي فإن رجع الرجل، وأراد أن يقترب من زوجته قبل مضي الأربعة أشهر؛ فللرجل أن يُكَفِّرَ عن يمينه وتنتهي المسألة.                

ولكن إذا مرت الشهور الأربعة وتجاوزت المقاطعة مدتها يؤمر الزوج بالرجوع عن اليمين أو بالطلاق، فإن امتنع الزوج طلقها الحاكم، وقال بعض الفقهاء: إنّ مضي مدة الأربعة أشهر دون أن يرجع ويفيء يجعلها مطلقة طلقة واحدة بائنة.                

ولذلك يقول الحق: {وَإِنْ عَزَمُواْ ٱلطَّلاَقَ...}.



سورة البقرة: الآيات من 226-230 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

سورة البقرة: الآيات من 226-230 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 226-230   سورة البقرة: الآيات من 226-230 Emptyالخميس 18 أبريل 2019, 3:11 pm

وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [٢٢٧]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

واختلف العلماء؛ هل تطلق الزوجة طلقة بائنة أم طلقة رجعية؟

ومعنى "طلاق رجعي" مأخوذ من اللفظ نفسه، أي أن الزوج له الحق أن يراجع امرأته دون إذن منها أو رضاً.

أما الطلاق البائن فإنه لا عودة إلا إذا عَقَد عليها عقداً جديداً بمهر جديد.

والطلاق في الإيلاء بينونة صغرى وهي التي تحتاج إلى عقد ومهر جديدين، هذا إذا لم يسبق طلاقان.

والبينونة الكبرى وهي التي توصف بأنها ذات الثلاث، فالزوجة فيها تطلق ثلاث مرات، فلا يصح أن يعيدها الزوج إلا إذا تزوجت زوجاً غيره، وعاشت معه حياة زوجية كاملة، ثم طلّقها لأي سبب من الأسباب، وبعد ذلك يحق لزوجها القديم أن يراجعها ويعيدها إليه بعقد ومهر جديدين، لكن بعد أن يكتوي بغيرة زواجها من رجل آخر.

والحق سبحانه وتعالى يعرض هذه المسألة فيقول: {لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآءُو فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُواْ ٱلطَّلاَقَ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 226-227].

فالإسلام دين واقعي يعطي الزوج المسلم أشياء تنفس عن غضبه، وأشياء تمكنه من أن يؤدب زوجته، ولكن الإسلام لا يحب أن يتمادى الرجل في التأديب.

وإذا تمادى وتجاوز الأربعة الأشهر نقول له: لابد أن يوجد حد فاصل.

وبعد ذلك ينتقل الحق سبحانه وتعالى في التكليف إلى أن يتكلم عن الطلاق وقد تكلم من قبل عن الزواج والإيلاء حتى وصل الطلاق.

وعندما نتأمل موقف الإسلام من الطلاق نجده يتكلم كلاماً واقعياً يناسب الميول الإنسانية؛ لأننا ما دمنا أغياراً فمن الممكن أن يطرأ على حياة الزوجين أحداث أو مشاعر لم تكن في الحسبان ساعة الزواج.

ويجوز أن يكون الإنسان في ساعة الزواج مدفوعاً بحرارة ملكة واحدة، وبعد ذلك عندما يجئ واقع الحياة تتملكه ملكات متعددة، وقد تسيطر عليه المسألة الجنسية، وتدفعه للزواج، وفي سبيل إرضاء شهوته الجنسية قد يهمل بقية ملكات نفسه، فإذا ما دخل واقع الزواج وهدأت شِرّة وحرارة غرائز الإنسان تتنبه نفس الإنسان إلى مقاييس أخرى يريد أن يراها في زوجته فلا يجدها ويتساءل ما الذي أخفاها عنه؟

أخفاها سعار وعرامة النظرة الجنسية، فقد نظر للمرأة قبل الزواج من زاوية واحدة، ولم ينظر لباقي الجوانب.

مثلا قد يجد الزوج أن أخلاق الزوجة تتنافر مع أخلاقه، وقد يجد تفكيرها وثقافتها تتنافر مع تفكيره وثقافته، وربما وجد عدم التوافق العاطفي بينه وبينها ولم يحدث تآلف نفسي بينهما، والعواطف -كما نعلم- ليس لها قوانين.

فمن الجائز أن يكون الرجل غير قادر على الاكتفاء بوليمة جنسية واحدة، فهو لذلك لا يبني حياته على طهر، وإنما يريد من امرأته أن تكون طاهرة عفيفة في حياتها معه، بينما يعطي لنفسه الحرية في أن يعدد ولائمه الجنسية مع أكثر من امرأة، وربما يحدث العكس، وذلك أن يجد الرجل أنّ امرأة واحدة تكفيه، لكن المرأة تريد أكثر من رجل.

وقد يكون الرجل طاهر الأسلوب في الحياة، وتكون زوجته راغبة في أن يأتيها بالمال من أي طريق، فيختلفان.

وقد تكون المرأة طاهرة الأسلوب في الحياة فلا ترضى أن يتكسَّب زوجها من مال حرام.

من هنا يأتي الشقاق، إن الشقاق يأتي عندما يريد أحد الزوجين أن تكون حياتهما نظيفة طاهرة، مستقيمة، ولا يرى الآخر ذلك.

مثل هذه الصورة موجودة في الواقع حولنا، فكم من بيوت تشقى عندما تختفي الوحدة الأسرية، وتختلف نظرة أحد الزوجين للأمور عن الآخر.

وهذا هو سبب الشقاق الذي يحدث بين الزوجين عندما لا يكتفي أحد الزوجين بصاحبه.

ولو اتفق رجل وامرأته على العفاف، والطهر، والخيرية لاستقامت أمور حياتهما.

ولذلك يأتي الإسلام بتشريعاته السامية لتناسب كل ظروف الحياة فيقول الحق سبحانه: {وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِيۤ أَرْحَامِهِنَّ...}.



سورة البقرة: الآيات من 226-230 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

سورة البقرة: الآيات من 226-230 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 226-230   سورة البقرة: الآيات من 226-230 Emptyالخميس 18 أبريل 2019, 3:13 pm

وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [٢٢٨]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

الآية كلها تتضمن أحكاماً تكليفية، والحكم التكليفي الأول هو: {وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ} [البقرة: 228] ولنا أن نلحظ أن الحكم لم يرد بصيغة الأمر ولكن جاء في صيغة الخبر، فقال: {وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ} [البقرة: 228]، وحين يريد الحق سبحانه وتعالى حكماً لازماً لا يأتي له بصيغة الأمر الإنشائي، ولكن يأتي له بصيغة الخبر، هذا آكد وأوثق للأمر.

كيف؟

معنى ذلك أن الحق سبحانه وتعالى حين يأمر فالأمر يصادف من المؤمنين به امتثالاً، ويُطبق الامتثال في كل الجزئيات حتى لا تشذ عنه حالة من الحالات فصار واقعاً يُحكى وليس تكليفا يُطلب، وما دام قد أصبح الأمر واقعاً يُحكى فكأن المسألة أصبحت تاريخاً يُروى هو: {وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ} [البقرة: 228] ويجوز أن نأخذ الآية على معنى آخر هو أن الله قد قال: {وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} [البقرة: 228] فيكون كلاماً خبرياً.

وقلنا إن الكلام الخبري يحتمل الصدق والكذب، إن الله قد قال ذلك فمن أراد أن يصدق كلام الله فلينفذ الحكم، ومن أراد أن يبارز الله بالتكذيب ولا يصدقه فلا ينفذ الحكم، ويرى في نفسه آية عدم التصديق وهي الخسران المبين، أليس ذلك أكثر إلزاماً من غيره؟

مثل ذلك قوله تعالى: {ٱلْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَٱلْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَٱلطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَٱلطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ أُوْلَـٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [النور: 26].

إن هذا وإن كان كلاماً خبرياً لكنه تشريع إنشائي يحتمل أن تطيع وأن تعصي ولكن الله يطلب منا أن تكون القضية هكذا "الخبيثات للخبيثين" يعني أن ربكم يريد أن تكون "الخبيثات للخبيثين" وأن تكون "الطيبات للطيبين" وليس معنى ذلك أن الواقع لابد أن يكون كما جاء في الآية، إنما الواقع يكون كذلك لو نفذنا كلام الله وسيختلف إذا عصينا الله وتمردنا على شرعه.

والمعنى نفسه في قوله تعالى: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً} [آل عمران: 97].

أي اجعلوا من يدخل البيت الحرام آمناً.

ويحتمل أن يعصي أحد الله فلا يجعل البيت الحرام آمناً.

إذن فقوله الحق: {وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ} [البقرة: 228] هو حكم تكليفي يستحق النفاذ لمن يؤمن بالله، وقوله: "يتربصن" أي ينتظرن، واللفظ هنا يناسب المقام تماماً، فالمتربصة هي المطلقة، ومعنى مطلقة أنها مزهود فيها، وتتربص انتهاء عدتها حتى ترد اعتبارها بصلاحيتها للزواج من زوج آخر.

ولم ينته القول الكريم بقوله: "يتربصن" وإنما قال: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ} [البقرة: 228] مع أن المتربصة هي نفسها المطلقة؛ ذلك لأن النفس الواعية المكلفة والنفس الأمارة بالسوء تكونان في صراع على الوقت وهو {ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ} [البقرة: 228]، "وقروء" جمع "قرء" وهو إما الحيضة وإمّا الطهر الذي بين الحيضتين.

وقوله الحق سبحانه وتعالى: {ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ} [البقرة: 228] ما المقصود به؟

هل هو الحيضة أم الطهر؟

إن المقصود به الطهر، لأنه قال: "ثلاثة" بالتاء، ونحن نعرف أن التاء تأتي مع المذكر، ولا تأتي مع المؤنث، و"الحيضة" مؤنثة و"الطهر" مذكر، إذن، {ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ} [البقرة: 228] هي ثلاثة أطهار متواليات.

والعلة هي استبراء الرحم وإعطاء مهلة للزوجين في أن يراجعا نفسيهما، فربما بعد الطهر الأول أو الثاني يشتاق أحدهما للآخر، فتعود المسائل لما كانت عليه، لكن إذا مرت ثلاثة أطهار فلا أمل ولا رجاء في الرجوع.

ثم يقول الحق بعد ذلك: {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِيۤ أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] وما معنى الخلق؟

الخلق هو إيجاد شيء كان معدوماً، وهذا الشيء الذي كان معدوماً إما أن يكون حملاً وإما أن يكون حيضاً، وللحامل عدة جاءت في قوله الحق:{وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4].

أما المرأة الحائل وهي التي بدون حمل، فعدتها أن تحيض وتطهر ثلاث مرات وهناك حالة ثالثة هي: {وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: 4].

أي أن المرأة التي انقطعت عنها الدورة الشهرية فعدتها "ثلاثة أشهر" الحكم نفسه للصغيرة التي لم تحض بعد، أي عدتها ثلاثة أشهر.

إذن فنظام العدة له حالات: إن كانت غير حامل فعدتها ثلاثة قروء أي ثلاثة أطهار إن كانت ممن يحضن.

إن كانت حاملاً فعدتها أن تضع حملها.

وإن لم تكن حاملا وقد بلغت سن اليأس ولم تعد تحيض، أو كانت صغيرة لم تصل لسن الحيض، هذه وتلك عدتها ثلاثة أشهر.

وقوله تعالى: {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِيۤ أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] يدل على أن المرأة لها شهادتها لنفسها في الأمر الذي يخصها ولا يطلع عليه سواها.

وهي التي تقرر المسألة بنفسها، فتقول: أنا حامل أولاً، وعليها ألا تكتم ذلك، فقد يجوز أن تكون حاملاً وبعد ذلك تكتم ما في بطنها حتى لا تنتظر طول مدة الحمل وتتزوج رجلاً آخر فينسب الولد لغير أبيه، فغالباً ما يستمر الحمل تسعة أشهر ولكن فيه استثناء، فهناك حمل مدته سبعة شهور، وأحياناً ستة شهور.

وقد تتزوج المرأة المطلقة بعد ثلاثة شهور وتدعي أنها حامل من الزوج الجديد وأن حملها لم يستمر سوى سبعة أشهر أو ستة أشهر.

وبعضنا يعرف قصة الحامل في ستة شهور، فقد جاءوا بامرأة لسيدنا عثمان رضي الله عنه لأنها ولدت لستة أشهر، فأراد أن يقيم عليها حد الزنى، فتدخل الإمام علي ابن أبي طالب وقال: كيف تقيم عليها الحد لأنها ولدت لستة أشهر، ألم تقرأ قول الحق سبحانه وتعالى؟ قال عثمان: وماذا قال الحق في ذلك؟ فقرأ الإمام علي قول الله: {وَٱلْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233].

أي أنها ترضع الوليد لمدة أربعة وعشرين شهراً، وفي آية أخرى قال الحق: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً} [الأحقاف: 15].

فإذا أخذنا من الآية الأولى أربعة وعشرين شهراً وهي مدة الرضاع وطرحناها من الثلاثين شهراً التي تجمع بين الحمل والرضاع في الآية الثانية فهمنا أن الحمل قد يكون ستة أشهر.

هنا قال سيدنا عثمان متعجباً: والله ما فطنت لهذا.

إذن فحمل الستة الشهور أمر ممكن، ومن هنا نفهم الحكمة في قوله تعالى: {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِيۤ أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228]، حتى لا تدعي المرأة أنها ليست حاملاً وتتزوج رجلاً آخر وتنسب إليه ولداً ليس من صلبه ويترتب على ذلك أكثر من إشكال، منها ألا يرث الولد من الأب الأول، وأن محارمه لم تعد محرمة عليه، فأخته من أبيه لم تعد أخته، كذلك عماته وخالاته وتنقلب الموازين، هذا من جانب الأب الأصلي.

أما من جانب الزوج الثاني فالطفل يكتسب حقوقاً غير مشروعة له، سيرث منه، وتصبح محارم الرجل الثاني محارمه فيدخل عليهن بلا حق ويرى عوراتهن، وتحدث تداخلات غير مشروعة.

إذن فقوله الحق: {وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِيۤ أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: 228] هو قول يريد به الحق أن تقوم الحياة على طهر وعلى شرف وعلى عفاف، ولا يعتدي أحد على حقوق الآخر.

هذا بالنسبة للحمل.

فكيف يكون الحال بالنسبة للحيض؟

أيضاً لا يحل لها أن تكتم حيضاً لتطيل زمن العدة مع زوجها.

ويقول الحق: {إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ} [البقرة: 228].

فما علاقة الإيمان هنا بالحكم الشرعي؟

إنها علاقة وثيقة؛ لأن الحمل أو الحيض مسائل خفيفة لا يحكمها قانون ظاهر، إنما الذي يحكمها هو عملية الإيمان، ولذلك قيل: "الغيب لا يحرسه إلا غيب" وما دام الشيء غائباً فلن يحرسه إلا الغيب الأعلى وهو الله تعالى ويتابع الحق: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} [البقرة: 228] البعل هو الزوج، وهو الرب والسيد والمالك، وفي أثناء فترة التربص يكون الزوج أحق برد زوجته إلى عصمته، وقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: 228]

هل يعني ذلك أن هناك أناساً يمكن أن يشاركوا الزوج في الرد؟ لأن الحق جاء بكلمة "أحق" وفي ظاهرها تعطي الحق لغير الأزواج أن يراجعوا؟

لا، إنما المقصود هو أنه لا حق لأحد هنا إلا للزوج، فالرد خلال العدة من حق الزوج، فليس للزوجة أن تقول: لا، وليس لولي الزوجة أن يقول: لا.

فالزوج إذا أراد مراجعة زوجته وأبت وامتنعت هي وجب إيثار وتقديم رغبته على رغبتها، وكان هو أحق منها، ولا ينظر إلى قولها، فإنه ليس لها في هذا الأمر حق فقد رضيت به أولاً.

أما إذا انتهت العدة فالصورة تختلف، لابد من الولي، ولابد من عقد ومهر جديدين واشتراط موافقة الزوجة.

{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوۤاْ إِصْلاَحاً} [البقرة: 228] هذا إن أرادوا إصلاحاً.

والإرادة عمل غيبي، فكأنها تهديد للزوجين، إن التشريع يجيز لهما العودة، لكن إذا كان الزوج يريد أن يردها ليوقع بها الضرر لسبب في نفسه فالدين يقول له: لا، ليس لك ذلك.

وإن كان القضاء يجيز له ردها، إلا أن الله يحرم عليه ذلك الظلم.

إن من حق الزوج أن يرد زوجته رداً شرعياً للعفة من الإحصان ولغرض الزوجية لا لشيء آخر، أما غير ذلك كالإضرار بها والانتقام منها فلا يجيز له الدين ذلك.

أما قضائياً، فالقضاء يعطيه الحق في ردها ولا يستطيع أحد أن يقف أمامه مهما كانت الأسباب الكامنة في نفسه، لكن عليه أن يتحمل وزر ذلك العمل.

ويتابع الحق: {وَلَهُنَّ مِثْلُ ٱلَّذِي عَلَيْهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228] أي أن للزوجة مثل ما للزوج، لكن ما الذي لهن وما الذي عليهن؟

المثلية هنا في الجنس، فكل منهما له حق على الآخر حسب طبيعته، الزوج يقدم للزوجة بعضاً من خدمات، والزوجة تقدم له خدمات مقابلة؛ لأن الحياة الزوجية مبنية على توزيع المسئوليات، إن الرجل عليه مسئوليات تقتضيها طبيعته كرجل، والمرأة عليها مسئوليات تحتمها طبيعتها كأنثى.

والرجل مطالب بالكدح والسعي من أجل الإنفاق.

والمرأة مطالبة بأن توفر للرجل البيت المناسب ليسكن إليها عندما يعود من مهمته في الحياة.

ولذلك يقول الله عز وجل: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوۤاْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].

والسكن إلى شيء هو نقيض التحرك، ومعنى "لتسكنوا إليها" أي إنكم تتحركون من أجل الرزق طوال النهار ثم تعودون للراحة عند زوجاتكم، فالرجل عليه الحركة، والمرأة عليها أن تهيئ له حسن الإقامة، وجمال العشرة وحنان وعطف المعاملة.

فالمسئوليات موزعة توزيعاً عادلاً، فهناك حق لك هو واجب على غيرك، وهناك حق لغيرك وهو واجب عليك.

ويقول الحق: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228] وهي درجة الولاية والقوامة.

ودرجة الولاية تعطينا مفهوماً أعم وأشمل، فكل اجتماع لابد له من قَيِّم، والقوامة مسئولية وليست تسلطاً، والذي يأخذ القوامة فرصة للتسلط والتحكم فهو يخرج بها عن غرضها؛ فالأصل في القوامة أنها مسئولية لتنظيم الحركة في الحياة.

ولا غضاضة على الرجل أن يأتمر بأمر المرأة فيما يتعلق برسالتها كامرأة وفي مجالات خدمتها، أي في الشئون النسائية، فكما أن للرجل مجاله، فللمرأة مجالها أيضاً.

والدرجة التي من أجلها رُفعَ الرجل هي أنه قوام أعلى في الحركة الدنيوية، وهذه القوامة تقتضي أن ينفق الرجل على المرأة تطبيقاً لقوله الحق: {وَبِمَآ أَنْفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34].

إذن فالإنفاق واجب الرجل ومسئوليته، وليعلم أن الله عزيز لا يحب أن يستذل رجل امرأة هي مخلوق لله، والله حكيم قادر على أن يقتص للمرأة لو فهم الرجل أن درجته فوق المرأة هي للاستبداد، أو فهمت المرأة أن وجودها مع الرجل هي منة منها عليه، فلا استذلال في الزواج؛ لأن الزواج أساسه المودة والمعروف.

ويقول الحق بعد ذلك: {ٱلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ...}.



سورة البقرة: الآيات من 226-230 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

سورة البقرة: الآيات من 226-230 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 226-230   سورة البقرة: الآيات من 226-230 Emptyالخميس 18 أبريل 2019, 3:15 pm

الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [٢٢٩]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

هنا يتحدث الحق سبحانه وتعالى عن الطلاق بعد أن تحدث عن المطلقة في عدتها وكيفية ردها ومراجعتها، وإنه سبحانه يتحدث عن الطلاق في حد ذاته والطلاق مأخوذ من الانطلاق والتحرر، فكأنه حل عقدة كانت موجودة وهي عقدة النكاح، وعقدة النكاح هي العقدة التي جعلها الله عقداً مغلظاً وهي الميثاق الغليظ، فقال تعالى: {وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً} [النساء: 21].

إنه ميثاق غليظ لأنه أباح للزوجين عورات الآخر، في حين أنه لم يقل عن الإيمان إنه ميثاق غليظ، قال عنه: "ميثاق" فقط، فكأن ميثاق الزواج أغلظ من ميثاق الإيمان.

والحق سبحانه يريد أن يربي في الناس حل المشكلات بأيسر الطرق.

لذلك شرع لنا أن نحل عقدة النكاح، ونهاية العقدة ليست كبدايتها، ليست جذرية، فبداية النكاح كانت أمراً جذرياً، أخذناه بإيجاب وقبول وشهود وأنت حين تدخل في الأمر تدخله وأنت دارس لتبعاته وظروفه، لكن الأمر في عملية الطلاق يختلف؛ فالرجل لا يملك أغيار نفسه، فربما يكون السبب فيها هيناً أو لشيء كان يمكن أن يمر بغير الطلاق؛ فيشاء الحق سبحانه وتعالى أن يجعل للناس أناة وروية في حل العقدة فقال: {ٱلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] يعني مرة ومرة، ولقائل أن يقول: كيف يكون مرتين، ونحن نقول ثلاثة؟

وقد سأل رجلٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله قال الله تعالى: {ٱلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] فلم صار ثلاثاً؟ فقال صلى الله عليه وسلم مبتسماً: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229].

فكأن معنى {ٱلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229]، أي أن لك في مجال اختيارك طلقتين للمرأة، إنما الثالثة ليست لك، لماذا؟

لأنها من بعد ذلك ستكون هناك بينونة كبرى ولن تصبح مسألة عودتها إليك من حقك، وإنما هذه المرأة قد أصبحت من حق رجل آخر :{حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} [البقرة: 230].

أما قول الرجل لزوجته أنت "طالق ثلاثاً" يُعتبر ثلاث طلقات أم لا؟

نقول: إن الزمن شرط أساسي في وقوع الطلاق، يطلق الرجل زوجته مرة، ثم تمضي فترة من الزمن، ويطلقها مرة أخرى فتصبح طلقة ثانية، وتمضي أيضاً فترة من الزمن وبعد ذلك نصل لقوله: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229].

ولذلك فالآية نصها واضح وصريح في أن الطلاق بالثلاث في لفظ واحد لا يوقع ثلاث طلقات، وإنما هي طلقة واحدة، صحيح أن سيدنا عمر رضي الله عنه جعلها ثلاث طلقات؛ لأن الناس استسهلوا المسألة، فرأى أن يشدد عليهم ليكفوا، لكنهم لم يكفوا، وبذلك نعود لأصل التشريع كما جاء في القرآن وهو {ٱلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229].

وحكمة توزيع الطلاق على المرات الثلاث لا في العبارة الواحدة، أن الحق سبحانه يعطي فرصة للتراجع.

وإعطاء الفرصة لا يأتي في نفس واحد وفي جلسة واحدة.

إن الرجل الذي يقول لزوجته: أنت طالق ثلاثاً لم يأخذ الفرصة ليراجع نفسه ولو اعتبرنا قولته هذه ثلاث طلقات لتهدمت الحياة الزوجية بكلمة.

ولكن عظمة التشريع في أن الحق سبحانه وزع الطلاق على مرات حتى يراجع الإنسان نفسه، فربما أخطأ في المرة الأولى، فيمسك في المرة الثانية ويندم.

وساعة تجد التشريع يوزع أمراً يجوز أن يحدث ويجوز ألا يحدث، فلا بد من وجود فاصل زمني بين كل مرة.

وبعض المتشدقين يريدون أن يبرروا للناس تهجمهم على منهج الله فيقولون: إن الله حكم بأن تعدد الزوجات لا يمكن أن يتم فقال: {وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [النساء: 129].

ويقولون: إنّ الله اشترط في التعدد العدل، ثم حكم بأننا لن نستطيع أن نعدل بين الزوجات مهما حرصنا، فكأنه رجع في التشريع، هذا منطقهم.

ونقول لهم: أكملوا قراءة الآية تفهموا المعنى، إن الحق يقول: {وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [النساء: 129] ثم فرع على النفي فقال: {فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ} [النساء: 129].

وما دام النفي قد فُرِّع عليه فقد انتفى، فالأمر كما يقولون: نفي النفي إثبات.

أن الاستطاعة ثابتة وباقية وكان قوله تعالى: {فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ} [النساء: 129] إشارة إليها.

وكذلك الأمر هنا {ٱلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229].

فما دام قد قال: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] وقال: {ٱلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] أي أن لكل فعل زمناً، فذلك يتناسب مع حلقات التأديب والتهذيب، وإلا فالطلاق الثلاث بكلمة واحدة في زمن واحد، يكون عملية قسرية واحدة، وليس فيها تأديب أو إصلاح أو تهذيب، وفي هذه المسألة يقول الحق: {وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً} [البقرة: 229] لأن المفروض في الزوج أن يدفع المهر نظير استمتاعه بالبضع، فإذا ما حدث الطلاق لا يحل للمطلق أن يأخذ من مهره شيئاً، لكن الحق استثنى في المسألة فقال: {إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229].

فكأن الحق سبحانه وتعالى أراد أن يجعل للمرأة مخرجاً إن أريد بها الضرر وهي لا تقبل هذا الضرر.

فيأتي الحق ويشرح: ما دام قد خافا ألا يقيما حدود الله، فقد أذن لها أن افتدي نفسك أيتها المرأة بشيء من مال، ويكره أن يزيد على المهر إلاّ إذا كان ذلك ناشئاً عن نشوز منها ومخالفة للزوج فلا كراهة إذن في الزيادة على المهر.

وقد جاء الواقع مطابقاً لما شرع الله عندما وقعت حادثة "جميلة" أخت "عبد الله ابن أبي" حينما كانت زوجة لعبد الله بن قيس، فقد ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: "أنا لا أتهمه في دينه ولا خلقه ولكن لا أحب الكفر في الإسلام" وهي تقصد أنها عاشت معه وهي تبغضه، لذلك لن تؤدي حقه وذلك هو كفر العشير أي إنكار حق الزوج وترك طاعته.

وهي قد قالت: إنها لا تتهمه لا في دينه ولا في خلقه لتعبر بذلك عن معانٍ عاطفية أخرى، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلم منها ذلك، فقالت: لقد رفعت الخباء فوجدته في عدة رجال فرأيته أشدهم سواداً وأقصرهم قامة وأقبحهم وجهاً، فقال لها صلى الله عليه وسلم: "أتردين حديقته"؟ فقالت: وإن شاء زدته، فقال صلى الله عليه وسلم: لا حاجة لنا بالزيادة، لكن رُدِّي عليه حديقته.

ويُسمى هذا الأمر بالخلع، أي أن تخلع المرأة نفسها من زوجها الذي تخاف ألا تؤدي له حقاً من حقوق الزوجية، إنها تخلع نفسها منه بمال حتى لا يصيبه ضرر، فقد يريد أن يتزوج بأخرى وهو محتاج إلى ما قدم من مهر لَمْن تريد أن تخلع نفسها منه.

ويتابع الحق سبحانه: {وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّآ آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً} [البقرة: 229] وهذا الشيء هو الذي قال عنه الله في مكان آخر: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارا} [النساء: 20].

ويتابع الحق الآية بقوله: {إِلاَّ أَن يَخَافَآ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ} [البقرة: 229] والمقصود هنا هما الزوجان، ومن بعد ذلك تأتي مسئولية أولياء أمر الزوجين والمجتمع الذي يهمه أمرهما في قوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ} [البقرة: 229].

وحدود الله هي ما شرعه الله لعباده حداً مانعاً بين الحل والحرمة.

وحدود الله إما أن ترد بعد المناهي، وإما أن ترد بعد الأوامر، فإن وردت بعد الأوامر فإنه يقول: {تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229] أي آخر غايتكم هنا، ولا تتعدوا الحد، ولكن إن جاءت بعد النواهي يقول: {تِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187]، لأن الحق يريد أن يمنع النفس من تأثير المحرمات على النفس، فتلح عليها أن تفعل، فإن كنت بعيداً عنها فالأفضل أن تظل بعيداً.

وانظر جيداً فيما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله في أرضه محارمه".

وما دامت الحدود تشمل مناهي الله وتشمل أوامر الله فكل شيء مأمور به وكل شيء منهي عنه يجب أن يظل في مجاله من الفعل في "افعل" ومن النهي في "لا تفعل".

وإذا انتقل نظام (افعل) إلى دائرة (لا تفعل) وانتقل ما يدخل في دائرة "لا تفعل" إلى دائرة "افعل"، هنا يختل نظام الكون، وما دام نظام الكون أصابه الخلل فقد حدث الظلم؛ فالظلم هو أن تنقل حق إنسان وتعطيه لإنسان آخر، وتشريع الطلاق حد من حدود الله، فإن حاولت أن تأتي بأمر لا يناسب ما أمر الله به في تنظيم اجتماعي فقد نقلت المأمور به إلى حيز المنهي عنه، وبذلك تُحْدِثُ ظلماً.

والحق سبحانه وتعالى حينما يعالج قضايا المجتمع يعالجها علاجاً يمنع وقوع المجتمع في الأمراض والآفات، والبشر إن أحسنَّا الظن بهم في أنهم يشرعون للخير وللمصلحة، فهم يشرعون على قدر علمهم بالأشياء، لكننا لا نأمن أن يجهلوا شيئاً يحدث ولا يعرفوه، فهم شرّعوا لِمَا عرفوا، وإذا شرعوا وفوجئوا بأشياء لم يعرفوها ماذا يكون الموقف؟

إن كانوا مخلصين بحق داسوا على كبرياء غرورهم التشريعي وقالوا: نُعَدِّل ما شرعنا، وإن ظلوا في غلوائهم فمن الذي يشقى؟ إن المجتمع هو الذي يشقى بعنادهم.

والحق سبحانه وتعالى لا يتهم الناس جميعاً في أن منهم من لا يريد الخير، ولكن هناك فرق بين أن تريد خيراً وألاَّ تقدر على الخير.

أنت شرعت على قدر قدرتك وعلمك.

ونعرف جميعاً أن شقاء التجارب في القوانين الاجتماعية النظرية تقع على المجتمع.

ونعرف جيداً أن هناك فرقاً بين العلم التجريبي المعملي والكلام النظري الأهوائي؛ فالعلم التجريبي يشقى به صاحب التجربة، إن العَالِم يكد ويتعب في معمله وهو الذي يشقى ويضحي بوقته وبماله وبصحته ويعيش في ذهول عن كل شيء إلا تجربته التي هو بصددها، فإذا ما انتهى إلى قضية اكتشافية فالذي يسعد باكتشافه هو المجتمع.

لكن الأمر يختلف في الأشياء النظرية؛ لأن الذي يشقى بأخطاء المقننين من البشر هو المجتمع، إلى أن يجيء مُقَنن يعطف على المجتمع ويعدل خطأ من سبقه.

أما الحق سبحانه وتعالى فقد جاءنا بتشريع يحمي البشر من الشقاء، فالله- سبحانه- يتركنا في العالم المادي التجريبي أحراراً.

ادخلوا المعمل وستنتهون إلى أشياء قد تتفقون عليها، لكن إياكم واختلافات الأهواء؛ لذلك تولى الله عز وجل تشريع ما تختلف فيه الأهواء، حتى يضمن أن المجتمع لا يشقى بالخطأ من المشرعين، لفترة من الزمن إلى أن يجيء مشرع آخر ويعدل للناس ما أخطأ فيه غيره.

لذلك نجد في عالمنا المعاصر الكثير من القضايا النابعة من الهوى، ويتمسك الناس فيها بأهوائهم، ثم تضغط عليهم الأحداث ضغطاً لا يستطيعون بعدها أن يضعوا رءوسهم في الرمال، بل لابد أن يواجهوها، فإذا ما واجهوها فإنهم لا يجدون حلاً لها إلا بما شرعه الإسلام، ونجد أنهم التقوا مع تشريعات الإسلام.

إن بعضاً من الكارهين للإسلام يقولون: أنتم تقولون عن دينكم: إنه جاء ليظهر على كل الأديان، مرة يقول القرآن: {هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً} [الفتح: 28].

ومرة يقول القرآن: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَٱللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ * هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ} [الصف: 8-9].

ويستمر هؤلاء الكارهون للإسلام في قولهم ويضيفون: إن إسلامكم لم يظهر على الدين كله حتى الآن بدليل أن هناك الملايين لم يدخلوا الإسلام؟

ونقول لهم: أوَ يظهر على الدين كله بأن يؤمن الناس بالإسلام جميعاً، لا، لو فطنوا على قول الله: "ولو كره الكافرون" لعلموا أن إظهار الإسلام على الدين لابد أن يلازمه وجود كافرين كارهين، وما دام الإسلام موجوداً مع كافرين كارهين، فهو لن يظهر كدين، ولكنه يظهر عليهم -أي يغلبهم- كنظام يضطرون إليه ليحلوا مشكلات مجتمعاتهم الكافرة، فسيأخذون من أنظمة وقوانين الإسلام وهم كارهون، ولذلك نجدهم يستقون قوانينهم وإصلاحاتهم الاجتماعية من تعاليم الإسلام.

ولو كانوا سيأخذونه كدين لما قال الحق: "ولو كره الكافرون" أو "ولو كره المشركون" لأنهم عندما يعتنقونه كدين فلن يبقى كاره أو مشرك.

لكن حين يقول سبحانه: "ولو كره الكافرون" و"ولو كره المشركون" فذلك يعني: أن اطمئنوا يا من آمنتم بمحمد صلى الله عليه وسلم وأخذتم الإسلام ديناً، إن تجارب الحياة ستأتي لتثبت لدى الجاحدين صدق دينكم، وصدق الله في تقنينه لكم، وسيضطر الكافرون والمشركون إلى كثير من قضايا إسلامكم ليأخذوها كنظام يحلون بها مشاكلهم رغم عنادهم وإصرارهم على أن يكونوا ضد الإسلام.

وضربنا على ذلك مثلاً بما حدث في إيطاليا التي بها الفاتيكان قبلة الكاثوليك الروحية؛ فقد اضطروا لأن يشرعوا قوانين تبيح الطلاق، وحدث مثل ذلك في أسبانيا وغيرها من الدول.

انظر كيف تراجعوا في مبادئ كانوا يعيبونها على الإسلام! لقد اضطرتهم ظروف الحياة لأن يقننوا إباحة الطلاق تقنيناً بشرياً لا بتقنين إلهي.

ومثل هذه الأحداث تبين لنا مدى ثقتنا في ديننا، وأن مشكلات البشرية في بلاد الكفر والشرك لن يحلها إلا الإسلام، فإن لم يأخذوه كدين فسيضطرون إلى أخذه كنظام.

ومن شرف الإسلام ألا يأخذوه كدين؛ لأنهم لو آمنوا به لكانت أفعالهم وقوانينهم تطبيقاً للإسلام من قوم مسلمين، ولكن أن يظلوا كارهين للإسلام ثم يأخذوا من مبادئ الدين الذي يكرهونه ما يصلح مجتمعاتهم الفاسدة فذلك الفخر الأكبر للإسلام.

إن هذا هو مفهوم قول الحق: "ولو كره الكافرون" و"ولو كره المشركون" وإذا ما جاء لك أحد في هذه المسألة فقل له: من شرف الإسلام أن يظل في الدنيا مشرك، وأن يظل في الدنيا هؤلاء الكفار ثم يرغموا ليحلوا مسائل مجتمعاتهم بقضايا الإسلام، والإسلام يفخر بأنه سبقهم منذ أربعة عشر قرناً إلى ما يلهثون وراءه الآن بعد مضي كل هذا الزمن.

ويقول الحق بعد ذلك: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ...}.



سورة البقرة: الآيات من 226-230 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

سورة البقرة: الآيات من 226-230 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 226-230   سورة البقرة: الآيات من 226-230 Emptyالخميس 18 أبريل 2019, 3:16 pm

فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [٢٣٠]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)

وسبق أن قال الحق: {ٱلطَّلاَقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229] وبعدها قال: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229].

وهنا يتحدث الحق عن التسريح بقوله: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} [البقرة: 230].

وذلك حتى يبين لنا أنه إن وصلت الأمور بين الزوجين إلى مرحلة اللا عودة فلابد من درس قاس؛ فلا يمكن أن يرجع كل منهما للآخر بسهولة.

لقد أمهلهما الله بتشريع البينونة الصغرى التي يعقبها مهر وعقد جديدان فلم يرتدعا، فكان لابد من البينونة الكبرى، وهي أن تتزوج المرأة بزوج آخر وتجرب حياة زوجية أخرى.

وبذلك يكون الدرس قاسياً.

وقد يأخذ بعض الرجال المسألة بصورة شكلية، فيتزوج المرأة المطلقة ثلاثاً زواجاً كامل الشروط من عقد وشهود ومهر، لكن لا يترتب على الزواج معاشرة جنسية بينهما، وذلك هو "المحلل" الذي نسمع عنه وهو ما لم يقره الإسلام.

فمن تزوج على أنه محلل ومن وافقت على ذلك المحلل فليعلما أن ذلك حرام على الاثنين، فليس في الإسلام محلل، ومن يدخل بنية المحلل لا تجوز له الزوجة، وليس له حقوق عليها، وفي الوقت نفسه لو طلقها ذلك الرجل لا يجوز لها الرجوع لزوجها السابق، لأن المحلل لم يكن زوجاً وإنما تمثيل زوج، والتمثيل لا يُثبت في الواقع شيئاً.

ولذلك قال الحق: {فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} [البقرة: 230].

والمقصود هنا النكاح الطبيعي الذي ساقت إليه الظروف دون افتعال ولا قصد للتحليل.

وعندما يطلقها ذلك الرجل لظروف خارجة عن الإرادة وهي استحالة العشرة، وليس لأسباب متفق عليها، عندئذ يمكن للزوج السابق أن يتزوج المرأة التي كانت في عصمته وطلقها من قبل ثلاث مرات.

{فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَآ أَن يَتَرَاجَعَآ إِن ظَنَّآ أَن يُقِيمَا حُدُودَ ٱللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 230] أي أن يغلب على الظن أن المسائل التي كانت مثار خلاف فيما مضى قد انتهت ووصل الاثنان إلى درجة من التعقل والاحترام المتبادل، وأخذا درساً من التجربة تجعل كلا منهما يرضى بصاحبه.

وبعد ذلك يقول الحق: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ...}.



سورة البقرة: الآيات من 226-230 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة البقرة: الآيات من 226-230
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة البقرة: الآيات من 181-185
» سورة البقرة: الآيات من 261-265
» سورة البقرة: الآيات من 101-105
» سورة البقرة: الآيات من 186-190
» سورة البقرة: الآيات من 266-270

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: البقرة-
انتقل الى: