منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 سورة البقرة: الآيات من 51-55

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

سورة البقرة: الآيات من 51-55 Empty
مُساهمةموضوع: سورة البقرة: الآيات من 51-55   سورة البقرة: الآيات من 51-55 Emptyالسبت 30 مارس 2019, 7:16 pm

وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ [٥١]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
قول الحق سبحانه وتعالى {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [البقرة: 51] هذا الوعد كان لإعطاء موسى المنهج، فحينما كلَّم الله سبحانه وتعالى موسى بجانب الطور، كان هذا لإبلاغ موسى عليه السلام أنه رسول من رب العالمين - وأنه أرسله ليخلص بني إسرائيل من طغيان فرعون وعذابه، وأنه سيمده بآيات ومعجزات، حتى يقتنع فرعون وقومه أن موسى رسول من الله تبارك وتعالى، بعد تكليف موسى بالرسالة وذهابه إلى فرعون، وما حدث مع السحره ثم نجاة موسى وقومه، بأن شق الله جل جلاله لهم البحر، هذا في وقت لم يكن المنهج قد نزل بعد، ولذلك بمجرد أن نجَّى الله سبحانه وتعالى موسى وقومه وأغرق فرعون، كان لابد أن يتم إبلاغ موسى بالمنهج.     

وكان الوعد يشمل أربعين ليلة، هذه الليالي الأربعون حددت كثلاثين أولاً، تم أتمها الحق سبحانه وتعالى بعشر أخرى، واقرأ قوله سبحانه وتعالى: { وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، } [الأعراف: 142].     

وعندما يتكلم الدين عن الزمن يتكلم دائماً بالليلة، والسبب في ذلك أنك لا تستطيع أن تحدد الزمن بدقة بالنهار، الشمس تشرق وتغرب ثم تعود لتشرق، فإذا نظرت إلى قرص الشمس، لا يمكن أن تحدد في أي وقت من الشهر نحن، هل في أوله أو في وسطه أو في آخره، ولكن إذا جاء الليل بمجرد أن تنظر إلى القمر تستطيع أن تحدد الزمن.     

فإذا كان القمر هلالاً فنحن في أوائل الشهر، وإذا كان بدراً فنحن في وسطه وهكذا.     

إن هناك مقاييس دقيقة بالنسبة للقمر وقياس الزمن، ولكن المهم أنك إذا أخذت الناس كل الناس؛ الإنسان العادي يستطيع أن يحدد لك الزمن بالتقريب بالليالي، ويقول لك البدوي في الصحراء، هذا القمر ابن كذا ليلة.     

وفي منطق الدين نحسب كل شيء بدخول الليل، فهذه ليلة الأول من شهر رمضان نصلي فيها التراويح، وليلة العيد لا تصلى فيها التراويح، وليلة النصف من شعبان، وليلة الإسراء والمعراج.   

وفي كل مقاييس الدين الليل لا يتبع النهار إلا في شيء واحد هو يوم عرفة، فلا نقول ليلة عرفة وإنما نقول يوم عرفة، إذن الليلة هي ابتداء الزمن في الدين، والزمن عند الله مدته اثنا عشر شهراً للعام الواحد، السنة الميلادية تختلف عن السنة الهجرية، والسبب في ذلك أن الله سبحانه وتعالى وزع رحمته على كونه، فلو أن المواقيت الدينية سارت على مواقيت الشمس، لجاء رمضان مثلاً في شهر محدد لا يتغير، يصومه الناس صيفاً في مناطق محددة.     

وشتاء في مناطق محددة ولا يختلف أبداً، فيظل رمضان يأتي في الصيف والحر دائماً بالنسبة لبعض الناس، وفي الشتاء والبرد دائماً بالنسبة لبعض الناس.     

ولكن لأن السنة الهجرية تقوم على حساب الهلال، فمعنى ذلك أن كل نفحات الله في كونه تأتي في كل الفصول والأزمان، فتجد رمضان في الصيف والشتاء، وكذلك وقفة عرفات وكذلك كل المناسبات الدينية الطيبة، لأن السنة الهجرية تنقص أحد عشر يوماً عن السنة الميلادية، والفرق سنة كل ثلاث وثلاثين سنة.     

والحق سبحانه يقول: {ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ} [البقرة: 51].     

يريد أن يُمَحِّص بني إسرائيل، ويبين لنا كفرهم بنعم الله.     

فالله نجاهم من آل فرعون، ولم يكادوا يعبرون البحر حتى رأوا قوما يعبدون الأصنام، فقالوا كما يروى لنا القرآن الكريم: { يٰمُوسَىٰ ٱجْعَلْ لَّنَآ إِلَـٰهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ، } [الأعراف: 138].     

حدث هذا بمجرد خروجهم من البحر سالمين، موسى عليه السلام أخذ النقباء وذهب لميقات ربه، وترك أخاه هارون مع بني إسرائيل، وبنو إسرائيل عندما كانوا في مصر، وكانوا يخدمون نساء آل فرعون، أخذوا منهن بعض الحلي والذهب خلسة، ومع أن فرعون وقومه متمردون على الله تبارك وتعالى، فإن هذا لا يبرر سرقة حلي نسائهم، فنحن لا نكافئ من عصى الله فينا بأن نعصي الله فيه، ونصبح متساوين معهم في المعصية، ولكن نكافئ من عصى الله فينا بأن نطيع الله فيه.     

وأبو الدرداء رضي الله عنه حينما بلغه أن شخصاً سبَّه.     

بعث له كتاباً قال فيه: يا أخي لا تسرف في شتمنا، واجعل للصلح موضعاً فإنا لا نكافئ من عصى الله فينا بأكثر من أن نطيع الله فيه، بنو إسرائيل سرقوا بعض حلي نساء آل فرعون، فجعلها الله فتنة لإغوائهم، وزين لهم الشيطان أن يصنعوا منها عجلاً يعبدونه، صنعه لهم موسى السامري الذي رباه جبريل، فأخذ الحلي وصهرها ليجعلها في صورة عجل له خوار، وقال لهم هذا إلهكم وإله موسى.     

أتعرف لماذا فتنهم الله سبحانه وتعالى بالعجل؟

لأن الذهب المصنوع منه العجل من أصل حرام، والحرام لا يأتي منه خير مطلقاً، ولابد أن نأخذ العبرة من هذه الواقعة، وهي أن الحرام ينقلب على صاحبه شراً ووبالاً، إن كان طعامك حراماً يدخل في تكوين خلاياك ويصبح في جسدك الحرام، فإذا دخل الحرام إلى الجسد يميل فعلك إلى الحرام، فالحرام يؤرق الجسد ويسوقه إلى المعاصي.     

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله تعالى أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَٱعْمَلُواْ صَالِحاً} وقال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}، ثم ذكر، الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغًذي بالحرام فأَنَّى يستجاب لذلك".    

وقد حصل لبني إسرائيل الشيء نفسه وسرقوا ذهب آل فرعون فانقلب عليهم ظلماً، وقال الله تعالى عنهم: {ثُمَّ ٱتَّخَذْتُمُ ٱلْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ} [البقرة: 51].     

وعد الله لموسى كما قال أهل العلم كان ثلاثين ليلة، إتمام الثلاثين ليلة يؤتيه ما وعد، وكلمة وعد هي الإخبار بشيء سار.     

والوعيد هي الإخبار بشيء سيئ، فإذا سمعت وعداً فاعرف أنَّ ما سيجيء بعدها خير، وإن سمعت وعيداً تعرف أن ما بعدها شر، إلا آية واحدة وهي قوله سبحانه وتعالى: { ٱلنَّارُ وَعَدَهَا ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ، } [الحج: 72].     

فهل الوعد هنا بخير أو المعنى اختلف؟، نقول: إن كانت النار موعوداً فهي شر، وإن كانت النار هي الموعودة والكفار هم الموعود بهم فهي خير للنار؛ لأن النار تفرح بتعذيب الكافرين من عباد الله، ونعرف هذا الفرح من قوله تعالى: { يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ ٱمْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} [ق: 30].     

ولا يستزيد الإنسان إلا من شيء يحبه، والنار -ككل شيء مُسخَّر- مُسَبِّحة لله تكره العُصاة، ولكنها غير مأمورة بحرقهم في الدنيا، ولكن في الآخرة تكون سعيدة وهي تحرق العصاة والكافرين.



سورة البقرة: الآيات من 51-55 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

سورة البقرة: الآيات من 51-55 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 51-55   سورة البقرة: الآيات من 51-55 Emptyالسبت 30 مارس 2019, 7:17 pm

ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَٰلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [٥٢]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
الله سبحانه وتعالى يَمُنُّ على بني إسرائيل مرة أخرى مع أنهم ارتكبوا ذنباً من ذنوب القمة؛ ومع ذلك عفا الله عنهم لأنه يريد أن يستبقي عنصر الخير للناس، يريد أن يعلم خلقه أنه رب رحيم، يفتح أبواب التوبة للواحد بعد الآخر، لتمحو خلايا الشر في النفس البشرية.

إن الإنسان حين يذنب ذنباً ينفلت من قضية الإيمان، ولو لم تشرع التوبة والعفو من الله لزاد الناس في معاصيهم وغرقوا فيها، لأنه إذا لم تكن هناك توبة وكان الذنب الواحد يؤدي إلى النار، والعقاب سينال الإنسان فإنه يتمادى في المعصية.     

وهذا ما لا يريده الله سبحانه وتعالى لعباده، وفي الحديث الشريف: "لَلَّهُ أفرحُ بتوبةِ عبدِه مِن أحدِكم سَقَطَ على بعيره وقد أضلَّه في أرضٍ فلاةٍ".
   
معنى الحديث، رجل معه بعير يحمل ماله وطعامه وشرابه وكل ما يملكه.     

هذا البعير تاه في صحراء جرداء، بحث عنه صاحبه فلم يجده.     

لقد فقده وفقد معه كل مقومات حياته، ثم ينظر فيراه أمامه، كيف تكون فرحته؟، طبعاً بلا حدود.     

هكذا تكون فرحة الله تعالى بتوبة عبده المؤمن بل أشد من ذلك.     

إن الله تبارك وتعالى حين يفتح باب التوبة.     

يريد لحركة العالم أن تسير، هب أن نفساً غفلت مرة أو قادتها شهوتها مرة إلى معصية أو وسوس الشيطان لها كما حدث مع آدم وحواء.     

لو لم تكن هناك توبة ومغفرة، لانقلب كل هؤلاء إلى شياطين، بل إن أعمال الخير تأتي من الذين أسرفوا على أنفسهم، فهؤلاء يحسنون كثيراً ويفعلون الخير كثيراً، مصداقاً لقوله تعالى: { إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ ذٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ } [هود: 114].     

وقوله جل جلاله: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا، } [التوبة: 103].     

إذن فكون الله سبحانه وتعالى يتوب على بني إسرائيل مع أنهم كفروا بالقمة في عبادة العجل، فذلك لأن الله يريد استبقاء الخير في كونه، ولقد عبد بنو إسرائيل العجل قبل أن ينزل عليهم المنهج وهو التوراة، ولكن هل بعد أن أنزل عليهم المنهج والتوراة تابوا وأصلحوا أم استمروا في معصيتهم وعنادهم؟



سورة البقرة: الآيات من 51-55 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

سورة البقرة: الآيات من 51-55 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 51-55   سورة البقرة: الآيات من 51-55 Emptyالسبت 30 مارس 2019, 7:18 pm

وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [٥٣]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
الحق سبحانه وتعالى يذكر بني إسرائيل هنا، أنه بعد أن أراهم من المعجزات الكثير، ونجاهم من آل فرعون وشق لهم البحر - كان لابد أن يؤمنوا إيماناً حقيقياً لا يشوبه أي نوع من التردد، ذلك لأنهم رأوا وشهدوا، وكانت شهادتهم عين يقين.     

أي شهدوا بأعينهم ماذا حدث.     

ولكن هل استطاعت هذه المشاهدة أن تمحو من قلوبهم النفاق والكفر؟، لا، لقد ظلوا معاندين طوال تاريخهم.     

لم يأخذوا أي شيء بسهولة.     

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذر أمته من أن يكونوا كبني إسرائيل ويكونوا قوماً شددوا فشدد الله عليهم، وكان ذلك بالنسبة لقصة البقرة التي أمروا أن يذبحوها ليعرفوا مَنْ القاتل في جريمة قتل كادت تثير حروباً بينهم، فأخذوا يسألون ما هي وما لونها إلى آخر ما سنتحدث عنه، عندما نأتي إلى الآيات الكريمة الخاصة بهذه الواقعة.

فلو ذبحوا أي بقرة لكفتهم، لأنه يكفي أن يقول لهم الله سبحانه وتعالى اذبحوا بقرة فيذبحوا أي بقرة، وعدم التحديد يكون أسهل عليهم، ولكنهم سألوا وظلوا يسألون فشدد عليهم بتحديد بقرة معينة بذاتها، ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ذَرُوني ما تَرَكْتُكُمْ فإنما هلكَ من قبلِكُم بكثرةِ سؤالِهِمْ واختلافِهِمْ على أنبيائِهِم فإذا أمرتُكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم وإذا نَهَيْتُكُم عن شيء فدعُوه".
   
والله سبحانه وتعالى في قوله: {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَٱلْفُرْقَانَ} [البقرة: 53] كأن آيتا موسى الكتاب والفرقان نعمة يجب أن يذكرها قومه، وأن يستقبلوا منهج الله على أنه نعمة، فلا يأخذ الإنسان التكليف الإلهي من زاوية ما يقيد حركته ولا ما يعطيه له، ذلك أن الله حين حَرَّم عليك السرقة، حرم على الناس جميعاً أن يسرقوك، فإذا أخذ منك حريتك أن تسرق، فقد أخذ من الناس كل الناس حريتهم أن يسرقوا مالك، وهذه حماية كبيرة لك.     

ما هو الكتاب، وما هو الفرقان؟

الكتاب هو التوراة، هو الذي يبين المنهج، والفرقان هو الأشياء التي يفرق الله فيها بين الحق والباطل، فكأن الفرقان تطلق مرة على التوراة لأنها تفرق بين الحق والباطل، وتطلق أيضاً على كل ما يفرق بين الحق والباطل، ولذلك سُمِّيَ يوم بدر يوم الفرقان؛ لأنه فرَّق بين الحق والباطل، فكأن منهج الله وكتابه يُبيِّنُ لنا أين الحق وأين الباطل ويفرق بينهما.    



سورة البقرة: الآيات من 51-55 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

سورة البقرة: الآيات من 51-55 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 51-55   سورة البقرة: الآيات من 51-55 Emptyالسبت 30 مارس 2019, 7:20 pm

وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [٥٤]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
يذكّر الله تبارك وتعالى بني إسرائيل بقصة عبادة العجل، وهي قصة مخالفة خطيرة لمنهج الله ومخالفة في القمة، عبادة الله وحده، والذي حدث أن موسى عليه السلام ذهب لميقات الله ومعه نقباء قومه ليتلقى المنهج والتوراة، وأخبره الله سبحانه وتعالى أن قومه قد ضلوا وعبدوا غير الله، وعاد موسى وهو في قمة الغضب، وأمسك بأخيه هارون يجره من رأسه ولحيته، ويقول له لقد أخلفتك عليهم لكيلا يضلوا، فقال هارون عليه السلام: { قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } [طه: 94].     

فتنة عبادة العجل حدثت بسبب السامري، والسامري اسمه موسى السامري ولدته أمه في الصحراء وماتت فكفله جبريل ورباه.      وكان جبريل عليه السلام يأتيه على حصان، يحمل له ما يحتاج إليه من طعام وشراب، وكان موسى السامري يرى حصان جبريل، كلما مشى على أرض يقع منه تراب فتخضر وتنبت الأرض بعد هذا التراب، وأيقن أن في حافر الحصان سرّاً، فأخذ قبضة من أثر الحصان ووضعها في العجل المصنوع من الذهب.     

فأخذ يحدث خواراً كأنه حي.     

ولا تتعجب من أن صاحب الفتنة يجد معونة من الأسباب حتى يفتن بها الناس، لأن الله تبارك وتعالى يريد أن يمتحن خلقه، والذي يحمل دعوة الحق لابد أن يهيئه الله سبحانه وتعالى تهيئة خاصة.     

ورسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن ينتقل إلى المدينة، تعرض هو والمسلمون لابتلاءات كثيرة، ولقد جاء حدث الإسراء والمعراج لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن تخلت عنه أسباب الدنيا في مكة وذهب إلى الطائف يدعو أهلها فسلطوا عليه غلمانهم وسفهاءهم فقذفوه بالحجارة حتى أدموا قدميه الشريفتين، ورفع يديه إلى السماء بالدعاء المأثور: "اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس".    

وليس هذا على الرسول وحده بل والمؤمنين معه، حتى أن مصعب بن عمير فتى قريش المدلل الذي كان عنده من الملابس والأموال والعبيد ما لا يعد ولا يحصى رئي بعد إسلامه وهو يرتدي جلد حمار وذلك حتى يختبر الحق سبحانه وتعالى في قلب مصعب بن عمير حبه للإيمان، هل يحب الدنيا أكثر أو يحب الله ورسوله أكثر، حتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول للصحابة انظروا كيف فعل الإيمان بصاحبكم.     

والله تبارك وتعالى لابد أن يمحص ويختبر أولئك الذين سيحملون دعوته إلى الدنيا كلها، لابد أن يكونوا صابرين على البلاء، أقوياء أمام خصوم الدعوة، مستعدين لتحمل المتاعب والآلام، لأن هذا هو دليل الصدق في الإيمان.     

ولذلك تجد كل دعوة ضلال تأتي بالفائدة لأصحابها، دعوة الشيوعية يستفيد منها أعضاء اللجنة المركزية، أما الشعب فإنه يرتدي ملابس رخيصة، ويسكن في بيوت ضيقة.     

أما السادة الذين ينفقون بلا حساب فهم أعضاء اللجنة المركزية، هذه دعوة الباطل، وعكس ذلك دعوة الحق، صاحب الدعوة هو الذي يدفع أولاً ويضحي أولاً.     

لا ينتفع بما يقول بل على العكس يضحي في سبيل ما يقول، إذن الباطل يأتي بالخير لصاحب الدعوة.     

فإذا رأيت دعوة تغدق على أتباعها فأعلم أنها دعوة باطل، لولا أنها أعطت بسخاء ما تبعها أحد.     

والآية الكريمة التي نحن بصددها هي تقريع من موسى عليه السلام لقومه الذين نجاهم الله من آل فرعون وأهلك عدوهم فاتخذوا العجل إلهاً، ومتى حدث في الوقت الذي كان موسى فيه قد ذهب لميقات ربه ليأتي بالمنهج، والذين اتخذوا العجل إلهاً، هل ظلموا الله سبحانه وتعالى أم ظلموا أنفسهم؟

ظلموا أنفسهم لأنهم أوردوها مورد التهلكة دون أن يستفيدوا شيئاً، والظالم على أنواع: ظالم في شيء أعلى أي في القمة، وظالم في مطلوب القمة، الظالم في القمة هو الذي يجعل الله شريكاً ولذلك قال الله تعالى:
{ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان: 13].     

وعلاقة الشرك بالظلم أنك جئت بمَنْ لم يخلق ومَنْ لم يرزق شريكاً لمَنْ خلق ورزق، وذلك الذي جعلته إلهاً كيف يعبد؟

العبادة طاعة العابد للمعبود، فماذا قال لكم هذا العجل الذي عبدتموه من دون الله أن تفعلوا، لذلك فأنتم ظالمون ظلم القمة، والظلم الآخر هو الظلم فيما شرعت القمة، بأن أخذتم حقوق الناس واستبحتموها، في كلتا الحالتين لا يقع الظلم على الله سبحانه وتعالى ولكن على نفسك.     

لماذا؟

لأنك آمنت بالله أو لم تؤمن.     

سيظل هو الله القوي القادر العزيز.     

لن يُنْقصَ إِيمانك أو عدم إيمانك من ملكه شيئاً.     

ثم تأتي يوم القيامة فيعذبك.     

فكأن الظلم وقع عليك، وإذا أخذت حقوق الناس فقد تتمتع بها أياماً أو أسابيع أو سنوات ثم تموت وتتركها وتأخذ العذاب.     

فكأنك ظلمت نفسك ولم تأخذ شيئاً، لذلك يقول الحق جل جلاله: { وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [البقرة: 57].    

 وظلم الناس يعود على أنفسهم، لأنه لا أحد من خلق الله يستطيع أن يظلم الله سبحانه وتعالى، وقوله سبحانه {فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ} [البقرة: 54]، الحق تبارك وتعالى قال في الآية السابقة: { عَفَوْنَا عَنكُم } [البقرة: 52] ثم يقول في هذه الآية {فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ} [البقرة: 54]، لأن التوبة هي أصل المغفرة.     

أنت تتوب عن فعلك للذنب وتعتزم ألا تعود لمثله أبداً ويقبل الله توبتك ويعفو عنك.     

وقد كان من الممكن أن يأخذهم الله بهذا الذنب ويهلكهم كما حدث بالنسبة للأمم السابقة، أما وقد شرع الله لهم أن يتوبوا.     

فهذا فضل من الله وعفو، ثم يقول الحق تبارك وتعالى: {فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ} [البقرة: 54]، فانظروا إلى دقة التكليف ودقة الحيثية في قوله تعالى: {فَتُوبُوۤاْ إِلَىٰ بَارِئِكُمْ فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ} [البقرة: 54] الله سبحانه وتعالى يقول لهم: أنا لم أغلب عليكم خالقاً خلقكم أو آخذكم منه، ولكن أنا الذي خلقتكم.     

ولكن الخالق شيء والبارئ شيء آخر، خلق أي أوجد الشيء من عدم، والبارئ أي سَوَّاهُ على هيئة مستقيمة وعلى أحسن تقويم، ولذلك يقول الحق تبارك وتعالى: { ٱلَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ * وَٱلَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ } [الأعلى: 2-3].     

ومن هنا نعرف أن الخلق شيء والتسوية شيء آخر، بارئكم مأخوذة من برئ السهم، وبرئ السهم يحتاج إلى دقة وبراعة.     

وقوله تعالى: {فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ} [البقرة: 54] لأن الذي خلقك وسواك كفرت به وعبدت سواه.     

فكأنك في هذه الحالة لابد أن تعيد له الحياة التي وهبها لك، وعندما نزل حكم الله تبارك وتعالى، جعل موسى بني إسرائيل يقفون صفوفاً.

وقال لهم إن الذي لم يعبد العجل يقتل مَنْ عبده، ولكنهم حين وقفوا للتنفيذ.     

كان الواحد منهم يجد ابن عمه وأخاه وذوي رحمه أمامه فيشق عليه التنفيذ، فرحمهم الله بأن بعث ضباباً يسترهم حتى لا يجدوا مشقة في تنفيذ القتل، وقيل إنهم قتلوا من أنفسهم سبعين ألفاً.     

وعندما حدث ذلك استصرخ موسى وهارون ربهم، وقالا البكية البكية.     

أي أبكوا عسى أن يعفو الله عنهم، ووقفوا يبكون أمام حائط المبكى فرحمهم الله.     

وقوله تعالى: {فَٱقْتُلُوۤاْ أَنفُسَكُمْ} [البقرة: 54] لأن هذه الأنفس بشهوتها وعصيانها، هي التي جعلتهم يتمردون على المنهج.    

 إن التشريع هنا بالقتل هو كفارة الذنب، لأن الذي عبد العجل واتخذ إلهاً آخر غير الله.     

كونه يقدم نفسه ليقتل فهذا اعتراف منه بأن العجل الذي كان يعبده باطل، وهو بذلك يعيد نفسه التي تمردت على منهج الله إلى العبادة الصحيحة، وهذا أقسى أنواع الكفارة، وهو أن يقتل نفسه إثباتاً لإيمانه، بأنه لا إله إلا الله وندماً على ما فعل وإعلاناً لذلك، فكأن القتل هنا شهادة صادقة للعودة إلى الإيمان.     

وقوله تعالى {ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ} [البقرة: 54]، أي أن هذه التوبة هي أصدق أنواع التوبة، وهي خير لأنها تنجيكم من عذاب الآخرة، وقوله سبحانه: {فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ} [البقرة: 54].     

التوبة الأولى أنه شرع لكم الكفارة، والتوبة الثانية عندما تقبل منكم توبتكم، وعفا عنكم عفواً أبدياً.



سورة البقرة: الآيات من 51-55 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

سورة البقرة: الآيات من 51-55 Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة البقرة: الآيات من 51-55   سورة البقرة: الآيات من 51-55 Emptyالسبت 30 مارس 2019, 7:21 pm

وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ [٥٥]
تفسير الأية: خواطر محمد متولي الشعراوي (ت 1418 هـ)
بعد أن تاب الله على قوم موسى بعد عبادتهم للعجل، عادوا مرة أخرى إلى عنادهم وماديتهم.     

فهم كانوا يريدون إلهاً مادياً، إلهاً يرونه ولكن الإله من عظمته أنه غيب لا تدركه الأبصار، واقرأ قوله تعالى: { لاَّ تُدْرِكُهُ ٱلأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ ٱلأَبْصَارَ وَهُوَ ٱللَّطِيفُ ٱلْخَبِيرُ } [الأنعام: 103].     

فكون الله سبحانه وتعالى فوق إدراك البشر، هذا من عظمته جل جلاله، ولكن اليهود الذين لا يؤمنون إلا بالشيء المادي المحس، لا تتسع عقولهم ولا قلوبهم إلى أن الله سبحانه وتعالى فوق المادة وفوق الأبصار، وهذه النظرة المادية نظرة حمقاء، والله تبارك وتعالى قد لفتنا إلى قضية رؤيته جهرا في الدنيا، بقوله تعالى: { وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } [الذاريات: 21].     

أي أن الله جل جلاله وضع دليل القمة على وجود الله الذي لا تدركه الأبصار.     

وضع هذا الدليل في نفس كل واحد منا.     

وهي الروح الموجودة في الجسد، والإنسان مخلوق من مادة نفخت فيها الروح فدبت فيها الحياة والحركة والحس، إذن كل ما في جسدك من حياة، ليس راجعاً إلى المادة التي تراها أمامك، وإنما يرجع إلى الروح التي لا تستطيع أن تدركها إلا بآثارها، فإذا خرجت الروح ذهبت الحياة وأصبح الجسد رمة.     

إذا كانت هذه الروح التي في جسدك، والتي تعطيك الحياة لا تستطيع أن تدركها مع أنها موجودة داخلك، فكيف تريد أن تدرك الله سبحانه وتعالى، كان يجب أولاً أن تسأل الله أن يجعلك تدرك الروح التي في جسدك، ولكن الله سبحانه وتعالى قال إنها من أمر الله، واقرأ جل جلاله: { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلرُّوحِ قُلِ ٱلرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ٱلْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } [الإسراء: 85].     

إذا كانت هذه الروح هي مخلوقة لله لا تدركها، فكيف تطمع أن ترى خالقها، وانظر إلى دقة الأداء القرآني في قوله سبحانه: {حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة: 55]، فكلمة نرى تطلق ويراد بها العلم، مثلاً: { أَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ } [الفرقان: 43].     

أي أعلمت، ولكن جاءت كلمة جهرة لتنفي العلم فقط وتطالب بالرؤية مجهورة واضحة يدركونها بحواسهم.     

وهذا دليل على أنهم متمسكون بالمادية التي هي قوام حياتهم، نقول لهؤلاء إن سؤالكم يتسم بالغباء، فأنتم حين تطلبون أن تروا الله جهرة.

والمفروض أن الله تبارك وتعالى له مدلول عندكم، ولذلك تطلبون رؤيته لتقارنوا المدلول على الموجود، ذلك لو كانت القضية أصلاً أن تعرفوا أن الله موجود أو غير موجود، والذي شجعهم على أن يقولوا ما قالوا، طلب موسى عليه السلام من الله سبحانه وتعالى أن يراه.     

واقرأ قوله تعالى: { قَالَ رَبِّ أَرِنِيۤ أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـٰكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَىٰ صَعِقاً } [الأعراف: 143].     

ولابد أن نعرف أن قضية رؤية الله في الدنيا محسومة، وأنه لا سبيل إلى ذلك والإنسان في جسده البشري، لأن هذا الجسد له قوانين في إدراكاته، ولكن يوم القيامة نكون خلقاً بقوانين تختلف، ففي الدنيا لابد أن تخرج مخلفات الطعام من أجسادنا، وفي الآخرة لا مخلفات.     

وفي الدنيا يحكمنا الزمن، وفي الآخرة لا زمن.     

إذ يظل الإنسان شباباً دائماً، إذن فهناك تغيير.   

المقاييس هنا غير المقاييس يوم القيامة في الدنيا بإعدادك وجسدك لا يمكن أن ترى الله.     

وفي الآخرة يسمح إعدادك وجسدك بأن يتجلى عليك الله سبحانه وتعالى، وهذا قمة النعيم في الآخرة.     

أنت الآن تعيش في أثار قدرة الله، وفي الآخرة تعيش عيشة الناظر إلى الله تبارك وتعالى، وفي ذلك يقول الحق جل جلاله: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [القيامة: 22-23].     

والإنسان في الدنيا قد اخترع آلات مكنته من أن يرى ما لا يراه بعينه المجردة يرى الأشياء الدقيقة بواسطة الميكرسكوب، والأشياء البعيدة بواسطة التلسكوب، فإذا كان عمل الإنسان في الدنيا جعله يبصر ما لم يكن يبصره، فما بالك بقدرة الله في الآخرة، وإذا كان الإنسان عندما يضعف نظره، يطلب منه الطبيب استعمال نظارة، فإذا ذهب إلى طبيب أمهر، أجرى له عملية جراحية في عينه يستغني بها عن النظارة ويرى بدونها، فما بالكم بإعداد الحق للخلق وبقدرة الله التي لا حدود لها في أن يعيد خلق العين بحيث تستطيع أن تتمتع بوجهه الكريم.     

ولقد حسم الله تبارك وتعالى المسألة مع موسى عليه السلام بأن أراه العجز البشري، لأن الجبل بقوته وجبروته لم يستطع احتمال نور الله فجعله دكا، وكأن الله يريد أن يفهم موسى، أن الله تبارك وتعالى حجب عنه رؤيته رحمة منه.     

لأنه إذا كان هذا قد حدث للجبل فماذا كان يمكن أن يحدث بالنسبة لموسى.     

إذا كان موسى قد صعق برؤية المتجلَّى عليه، فكيف لو رأى المتجلِّي.

والإنسان حين يعجز عن إدراك شيء في الدنيا لأنه مخلوق بهذه الإمكانات يكون العجز عن الإدراك إدراكا لأن العجز عن الإدراك هو في عظمة الله سبحانه وتعالى، وقوم موسى حينما طلبوا منه أن يروا الله جهرة أخذتهم الصاعقة وهم ينظرون، عندما اجترأوا هذا الاجتراء على الله أخذتهم الصاعقة، والصاعقة إما نار تأتي وإما عذاب ينزل، المهم أنه بلاء يعمهم، والصاعقة قد أصابت موسى.



سورة البقرة: الآيات من 51-55 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
سورة البقرة: الآيات من 51-55
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة البقرة: الآيات من 96-100
» سورة البقرة: الآيات من 176-180
» سورة البقرة: الآيات من 256-260
» سورة البقرة: الآيات من 181-185
» سورة البقرة: الآيات من 261-265

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: الـقــــــــــــــرآن الـكـــــــــــــــريـم :: مجمـــوعــة تفاســـــير :: خواطر الشعراوي :: البقرة-
انتقل الى: