منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية

اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49023

الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية   الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Emptyالسبت 16 مارس 2019, 8:59 pm

خامساً:
فضيلة الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
عضو لجنة الإفتاء المتقاعد   
(تفجير3 مجمعات سكنية بالرياض 1424 هـ)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد:
فقد أكد الله الوفاء بالعهد، في مثل قوله تعالى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولا)، وقوله تعالى: (وبعهد الله أوفوا)، وقوله تعالى: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ).
   
والعهد هو:
أن يتعهَّد المسلم أو المسلمون لغيرهم من مسلمين أو كفار على عدم الحرب، وعدم القتل.

وقد ذكر العلماء أن للكفار مع المؤمنين أربع حالات:
الأولـى:
أن يكونوا من أهل الذمة إذا بذلوا الجزية.

والثانية:
أن يكون له عهد، كما عاهد النبي (صلى الله عليه وسلم)  قريشاً.

الثالثـة:
أن يدخلوا بأمان، لقوله تعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ). 

الرابعة:
المحاربون، فيصح الأمان للكافر، ويكون الذي يؤمنه من المسلمين حتى ولو امرأة، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (قد أجرنا مَنْ أجرتِ يا أمَّ هانئ) وقوله (صلى الله عليه وسلم): (المسلمون تتكافأ دمائهم، ويسعى بذمتهم أدناهم).
   
والذمة هي العهد، فإذا دخل بلاد المسلمين أحد من المشركين بأمان من الدولة، أو بأمان من أحد الأفراد، سواء دخل لحاجة المسلمين كالعمال والعاملين، أو دخل لحاجته هو، فإنه يجب على أفراد المسلمين ألا يغدروا به، فإن الغدر من صفات المنافقين لقوله (صلى الله عليه وسلم): (وإذا عاهد غدر).
 
وقد شهد الكفار للنبي (صلى الله عليه وسلم) أنه لا يغدر وقد أمره الله تعالى بالوفاء للذين عاهدوا، كما في قوله تعالى: (إِلا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ).
 
وقد أكَّدَ النبي (صلى الله عليه وسلم) على المؤمنين احترام أهل العهد حتى قال: (مَنْ قتل مُعَاهَداً لم يرح رائحة الجنة).
  
وسواء كان هؤلاء المعاهدون من اليهود أو النصارى أو غيرهم من أصناف الكفار فإنه يجب الوفاء لهم وعدم إيذائهم حتى يصلوا إلى بلادهم، وما حصل في هذه الليالي القريبة من تلك التفجيرات، والتي مات على إثرها خلق كثير وجرح آخرون لاشك أن هذا من أفظع الجرائم،وقد وقع من تلك التفجيرات وفيات وجراحات للآمنين، ولبعض المسلمين الساكنين في تلك البنايات، وذلك بلا شك من الغدر ومن إيذاء المستأمنين وإلحاق الضرر بهم،فالذين حصل منهم هذا التفجير يعتبرون مجرمين، ومن اعتقد منهم أن هذا جهاد وأن هؤلاء الساكنين في هذه الأماكن من الكفار ومن الذين تحل دماؤهم بكفرهم، قيل له: إن هذا من الخطأ، فإنه لا يجوز قتالهم ولا قتلهم إلا بعد إخبارهم بذلك، ونبذ عهدهم إليهم، لقول الله تعالى: (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ).   

فليس قتلهم وهم آمنون من المصلحة، بل إن فيه مفسدة شرعية وهي اتهام المسلمين بالخيانة والغدر وأن فيهم إرهابيون بغير حق فنقول لمن اعتقد حل دمائهم لكونهم غزوا بعض البلاد الإسلامية: إن هذا غير صحيح، وأن الذين غزوا بلاد الإسلام غير هؤلاء، فلا يجوز الغدر بهؤلاء الذين لم يحصل منهم قتل ولا قتال، وقد قال الله تعالى: (وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى).
 
ولاشك أن كل مَنْ شارك في هذه العمليات الإجرامية يأثم ويستحق التعزير،سواء الذي باشر هذا التفجير، أو الذي ساعده بهذه المتفجرات، أو أعان على نقلها لدخولهم في قول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ولا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ).  

وقد نهى الله تعالى عن ظلم الكفار إذا كانوا مستأمنين، فقال تعالى: (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى).
   
وقال تعالى:
(وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا).
 
والشنآن هو البُغض والحقد، فنصيحتنا للشباب المسلمين ألا يفتحوا علينا وعلى بلاد المسلمين باب فتنة، وأن يرفقوا بإخوانهم المسلمين، وأن يقوموا بما يجب عليهم من الدعوة إلى الله على حد قوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
  
فإن هؤلاء الكفار قد يهديهم الله ويسلمون إذا رأوا معاملة المسلمين لهم بالاحترام، وبالرفق بهم والإكرام، فيدخلون في الدين الإسلامي، وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم): (ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه"، ولَمَّا دخل بعض اليهود على النبي (صلى الله عليه وسلم) وقالوا: السام عليكم، فقال: وعليكم، قالت لهم عائشة بل السَّامُ عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم أنكر عليها النبي (صلى الله عليه وسلم) وقال: مهلاً يا عائشة، عليكِ بالرفق وإياكِ والعنف والفحش، ونصيحتنا لهؤلاء الشباب الذين معهم هذه الحماسة وهذه الغيرة نقول لهم: على رسلكم، أربعوا على أنفسكم، ولا تعجلوا، ولا يحملكم ما ترون أو تسمعون من أعمال الكفار على هذا الاعتداء والظلم، وتعريض إخوانكم وشباب المسلمين للتهم والأضرار والعذاب الشديد، وتفتحوا باباً على عباد الله الصالحين باتهامهم واتهام كل صالح ومتمسك بأنهم متهورون، وأنهم غلاة ومتسرعون، فتعم التهمة للصالحين، وليس ذلك من مصلحة المسلمين، ونشير على شباب المسلمين أن يعلنوا البراءة من هذه الأعمال الشنيعة، مع إظهار بغضهم للكفار، ولأعمالهم الشنيعة مع المسلمين، ومع البراءة من موالاة الكفار ومحبتهم، كما نهى الله تعالى عن المولاة والتولي، الذي يستلزم المحبة ورفع المكانة لقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
  
ولا يدخل في موالاتهم استخدامهم، أو عقد العهد معهم لكف شرهم، فإن ذلك لا يستلزم محبتهم ومودتهم، فإن الله تعالى قطع الموالاة بين المؤمنين وبين الكفار ولو كانوا أقارب، ولم يحرم تقريبهم لإظهار محاسن الإسلام، فقد ثبت أن بعض الصحابة كانوا يصلون أقاربهم الكفار، فقد أهدى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حلة لأخيه الكافر، وأمر النبي (صلى الله عليه وسلم) أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أن تصل أمَّهَا وهي كافرة لأجل التودُّد، ولما يحصل بذلك من تصور الكفار للإسلام، وأنه دين العدل والمساواة، وأنه بعيد من الظلم والجور والعدوان. والله المستعان.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49023

الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية   الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Emptyالسبت 16 مارس 2019, 9:54 pm

المبحث الثاني: (قراءة في المراجعات السعودية)
ويتضمن ثلاثة مباحث للمشايخ الذين تراجعوا عن فتاوى وأراء كانوا ينشرونها في مؤلفاتهم ومواقع الإنترنت التي سبَّبت عدداً من حوادث التفجير أو تعميم التكفير وقد كان لها أثراً إيجابياً في تراجع الفكر المُنحرف لدى كثير من الشباب المُتأثِّر به.

وقد بَثَّ التلفزيون السعودي القناة الأولى هذه التراجُعات للمشايخ:
1/ علي بن خضير الخضير.
2/  ناصر بن محمد الفهد.
3/  أحمد بن فهد الخالدي.


وأدار اللقاء وأعده د/ عائض بن عبد الله القرني، وقد قمت بتفريغ المواد الصوتية والمرئية لهذه المراجعات، فوجدت فيها معلومات جديرة بالعناية والبحث والتأصيل لبعض المسائل الفقهية الهامة في مكافحة العنف والتطرف مع الوقوف على اللحظات التاريخية لِمَنْ دخلوا تجربة العُنف والصِّدام مع المُجتمع وخرجوا دون الحصول على شيء من أهدافهم التي رسموها سوى الدمار وإزهاق الأرواح البريئة وتشويه صورة الإسلام عند غيره كالأحداث المصرية المؤسفة التي استمرَّت لسنوات طويلة انتهت بالمراجعات المصرية وكذلك تجربة الجزائر التي سيطر عليها العنف والتطرف وقتل الأنفس البريئة التي طالت النساء والأطفال في أبشع صورة وأقسى مشهد مؤثر لا تقبله العقول والديانات.

هذا المطلب قراءة هادئة في كلام المشايخ المتراجعين وربط كلامهم بالتأصيل الشرعي والتاريخي.

المطلب الأول/ الشيخ علي بن خضير الخضير:
كلمة د/ عايض القرني
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أيها الأخوة المشاهدون:
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته اللهم رب جبريل ومكائيل واسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تعلم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون أهدنا لما اختُلِفَ فيه من الحق بأذنك إنك تهدي مَنْ تشاء إلى صراط مستقيم، ربنا هب لنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً.

أيها الأخوة المشاهدون:
هذه الحلقة مع فضيلة الشيخ علي بن خضير الخضير والذي كان له فتوى ومواقف واجتهادات سابقة ودُعِيتُ اليوم لمبنى التلفزيون لأنني أخبرت أن فضيلته قد تراجع عن أقواله السابقة التي تخالف الدليل والبرهان وقد جلست معه وليس معه إلا الله وسألت بالله الذي لا اله إلا هو الحي القيوم هل مورس ضدك ابتزاز بإخراج هذا التراجع أو الاعترافات التي تناقض ما قاله من سابق أو أوذي أو أكره على ذلك؟

فأقسم بالله الذي لا اله إلا هو انه من محض إرادته ومن تصوره وأن يقول كلمة الحق التي يجير الله بها سبحانه وتعالى في مسألة سوف أعرضها مع فضيلته في هذه الليلة وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين، ويعلم الله أننا نريد الخير لبلادنا ومجتمعنا وأمتنا الإسلامية، فمن هذا أردت أن نلتقي بفضيلته وانتم تسمعون منه وهو بمحض إرادته وطوعه ورغبته في أن يقول كلمة ينفع بها وأتوجَّه له وأرحب بكم فضيلة الشيخ: "علي" في هذا اللقاء وأسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد.

كلمة الشيخ: علي بن خضير الخضير
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وكما قال (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الصحيح: أن النصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
 
وقد أوصى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبا موسى الأشعري رضي الله عنه إلا بالله قضاء أن يعود فيه أن نرى فيه صواب ولذلك من باب النصح للمسلمين ومن باب النهي لبلادنا ومجتمعنا وأولادنا وأفراد المسلمين جميعاً فإني أرحب بكم وأرحب بإخواني وأعبر من ما اعتقده وما سوف أوضحه للأخوة المشاهدين.

أمَّا بالنسبة للتفجيرات التي وقعت في الرياض فلا شك أنها مرفوضة وانأ أدينها ولا أرى لها بوجه حق فإن التفجيرات سبَّبت الويلات وسبَّبت المفاسد وذهبت منها أنْفُسٌ معصُومة وأرواحٌ بريئة وأزهقت فيها ممتلكات وهذا لا شك انه لا يتفق لا من ناحية الدين ولا من ناحية العقل وهذا في تصوري بما فيها من فساد وما ترتب عليها من إزهاق هذه النفوس المعصومة كافية في معرفة حكمها في الوضع والأنفس لا شك أنها معصومة ودلَّت الأدلَّة من الكتاب والسُّنَّة ومن الإجماع وهي من الضروريات الخمس.

بل اتفقت عليها الشرائع والأديان فإزهاقها بهذه الطريقة لا شك أنها لا تقبل مهما كانت المبررات ومهما كانت الأسباب ومهما كانت الدوافع من وراء ذلك.

موجز المراجعات الشرعية:
ذكر الشيخ أثناء اللقاء التلفزيوني المُسجَّل عدداً من العناصر الهامة لِمَنْ يحمل الفكر المنحرف وإجابات شافية لِمَنْ تأثر أو تعاطف معه وقد سمعت اللقاء مرات عديدة صوتاً وصورة ورأيت من الأهمية التوقف والتأكيد على أبرز هذه المراجعات لاسيما أن الشيخ له حضور جيد في الأحداث وخاصة بعد تراجعاته وعرض تجربته للمشاهدين.

ومما يزيد الأمر أهمية أن الإعداد للقاء التلفزيوني يحتاج إلى تحضير وإعادة حتى تصل الفكرة للمتابع إلا أن هذه الأسطر هي خلاصة لهذه التراجعات التي لا غنى للباحث عن الحق عنها في شتى أنحاء المعمورة فالحكم واحد والنص واحد والشريعة سمحاء بيضاء نقية والرسول واحد والإله واحد والدين عنده الإسلام.

ومن تلك النقاط الهامة:
1/ إزهاق النفوس التي حَرَّمَ الله ليست من الجهاد في شيء وأنها اعتداء وبغي بمنطوق ومفهوم الأدلة الصحيحة والصريحة والمتواترة التي حَرَّمَتْ البغي عليها وكذلك على المجتمعات.

2/ مَنْ أقدم على هذه التفجيرات فهم بُغَاةٌ على المجتمع وعلى ممتلكات أهله وفيهم شبه بالخوارج في التكفير واستباحة الدماء.

3/ الدولة السعودية دولة مسلمة وحكامها مسلمون ولا يجوز تكفير العموم من تكفير الوزراء والعلماء وتكفير المجتمع وإن هذا المسلك سلكه الخوارج والعياذ بالله ونبرأ إلى الله منه وأنه يجب لولي الأمر البيعة والالتزام بها والطاعة وهذه من ضرورة كونه مسلماً.

4/ يَحْرُمْ الاعتداء على المُعَاهَدِ والمُستأمَن:
وهو الرجل الذي من بلاد كافرة دخل إلى بلاد الإسلام فيُعطى عهد أو أمان بأن لا يُمس وبذلك يستحق أن يُعصم له ماله ودمه فإذا دخل الإنسان إلى هذه البلاد سوى كان هذا من الدولة أو من الأفراد فإن هذا يعتبر أماناً والفيزا هي أمان لأن الأمان والعهد ليس له ألفاظ معينة بل كل ما دَلَّ دليل على انه مأمون فلن يمسه شر فهذا يعتبر آمان ويَحْرُمُ قتله ويكون دمه معصوماً وأمواله معصومة حتى يخرج.

5/ نداء للشباب:
وهو أنه لا يجوز تكفير المجتمع على وجه العموم ولاسيما إذا كانت شعائر الإسلام موجودة في هذا المجتمع من الصلوات والأذان فتكفير المجتمع عموماً أو بعضه لا يأتي بخير وهو من أصول الخوارج.

6/ تراجع الشيخ عن مسألة (دفع الصائل) وهي خاصة في مدافعة رجل الأمن وقال: تراجعت عنها وهذا لعلها تكون هذه الرسالة للإخوة المستمعين وهي رسالة واضحة للتراجع عنها وحكى الإجماع عن ابن المنذر في تحريم مدافعة السلطان أو مَنْ يُرسله في الطلب وأنه يُستثنى من دفع الصائل.

7/ عرض الشيخ رأيه في (معسكر السلطان) لمحمد المقدسي فقال عنها:
اطلعت له على رسالة وهي عدة رسائل وعدة مذكرات وتأثر بها الشباب كثيرا وهذه المذكرة والرسالة كانت ينطلق فيها على أنها أنواع العسكر أو الجيش وكل ما انتسب إلى الأمن فأنه يلحق أو يكون حكمه حكم الحاكم فهم طغاة مثله وهذا لاشك انه خطأ وتعميم وليس عندهم أدله في هذا الجانب لأن أصل العصمة باقية وأصل الإسلام باقي فهذه الفتوى خطأ ولا ينبغي للشباب أن يقرءوها لأنها تؤدي إلى تصورات خاطئة ليس على مجالس السنة أو الجماعة.

8/ تحدَّث الشيخ بوضوح عن (مسألة التترس) وأفاض فيها:
وبَيَّنَ أن هذه الفتوى قديمة وكان التصور فيها القديم يختلف عن التصور الحاصل في هذا العصر فقد فُسِّرَتْ خطأ أنها استغلت هذه المسألة بقتل المسلم أنفسهم إذا حدد جهة أنها كافرة يقتل هذه الجهة وإن كان معها أطفال بحجة التترس فتوسع في هذه الفتوى وتوسع في هذا المقام وإلا هي ثابتة قديماً بالنسبة للحضارة التي كانت واضعة في الزمن القديم إلا أن في زمننا لا يمكن مع تقدم الأسلحة وتقنياتها لأن مسألة ضبط الهدف صعب فعندما تضرب نفساً محدَّدة سينال القتل والدمار الأبرياء وهذا خطر عظيم جدا إضافة إلى أن التترس يكون في المعركة والحرب أما ما يحصل في المدن وبين المعاهدين والمستأمنين فهذا أشَدُ خطراً.

9/ ضرب الأهداف الاقتصادية في بلادنا الإسلام من باب إضعاف العدو لا يجوز وهو إتلاف لأموال المسلمين المحترمة بحجج باطلة واهية.

10/ لا تُسمى هذه العمليات استشهادية بل هي قتل للنفس وانتحار يُخشى على فاعلها من العقوبة.

11/ يَحْرُمُ التستر على مَنْ ساهم في هذه العمليات وأنه يجب الإبلاغ عنهم والإخبار عما يُخططون له من فساد وإفساد وأنه من النصيحة لله ولرسوله وللمسلمين عامة.

12/ ثم تحدَّث الشيخ عن بيان 19 المطلوبين أمنيا فقال:
هؤلاء الأشخاص طبعا أصدرنا بيانا التسعة عشر قبل أحداث الرياض وما كنا نعلم بأحداث الرياض وجاء البعض إلينا وصوروا أنهم أبرياء وأن هذه كذبة عليهم وكان بعضهم نعرفه فاستعجلنا وأصدرنا هذا البيان في تزكيتهم لكن وقعت الأمور وعرفنا جدية الأمور الأخرى وندمنا عليها لأنها خاطئة ومخالفة للحق وكان ينبغي التأني والنظر إلى عواقب هذه الأمور لكن فيها تجربة على كل حال فما كنا نتصور هذه الأمور كنا نسمع عن الجزائر ونسمع عن ما حصل فيها وكنا نرى أن الشباب لن يصلوا إلى هذه المرحلة لكن المرحلة القريبة التي ترى شيئاً منها التأجيج وشيئاً من الإثارة تؤدي الأمور شيئاً فشيئاً حتى الآن يجب أن يقف هذا العامل أو أن يقف هذا النزيف حتى لا ندخل إلى هذا النفق المظلم.

13/ أوصى الشيخ طلبة العلم في بيان الحق للناس كما هو:
وأن تتضافر جهود المجتمع مع رجال الأمن لمعالجة هذه المشكلة ومعالجة هذه الأمور قبل أن تستفحل أو قبل أن تحدث أمور اشد وأوصى مرة ثانية الدعاة أن يتقوا الله سبحانه وتعالى ويجتهدون في إيصال الكلمة وإيصال الحق إلى الناس وان لا يجادلوا وخصوصا إذا تعلقت الأمور في مسألة الدماء وفي مسألة ضياع المجتمع فلابد أن يكونوا صريحين وان يبينوا الحق من الباطل رضي من رضي وغضب من غضب فمن لا يعرف الحق فلابد منه فأراد أن يهتم الدعاة بالشباب ويفتحوا باب الحوار معهم الذي فيه هذه الشبهات فيناقشونهم ويتكلمون معهم وكذلك يبينون الحق ويوضحوا الأمور ويتركون قضية المواجهة وقضية التعميم وقضية الفتوى العامة والفتوى التي تثير ويتخذون التي هي أحسن.

14/ تحدث الشيخ عن نعمة المُراجعات فقال:
لاشك هي على كل حال تجارب وأحب أن انقل إلى الإخوة الآخرين هذه التجربة وهي أخطاء مارستها في القديم فاجتهدنا فيها ولكننا لم نوفق في الصواب فيها وكنت أتمنى أني ما فعلتها ولكن بقي في الوقت فسحة للتصحيح والمساهمة في هذا التصحيح وهو ما كنا إن شاء الله ننوي أن نفعل بإذن الله في نفع المسلمين وتصحيح في هذه الأمور في أذهان الشباب وفي أذهان الآخرين.

15/ أجاب الشيخ عن شبهة إخراج المشركين من جزيرة العرب:
الحديث حق ولكن فهمه خطأ إخراج اليهود من جزيرة العرب لا يعني ذلك أنه لا يجوز أنهم لا يأتون لحاجة المسلمين فإذا دخلوا في حاجة المسلمين وفي حاجة ينتفع بها أهل الإسلام فهذا جائز وهم ليسوا بمحاربين ومُحَرَّمٌ قتالهم لأنهم دخلوا في هذا وبقائهم الآن لمصلحة ولذلك لا يدخل في الحديث ما ورد من الدخول والإقامة فيها دائمة ولذلك كانت خيراً موجودة من فترة من الفترات من زمن عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولما استغنوا عنهم أخرجوهم ومازال أهل الإسلام يستقبلون الكافر والمُعَاهَدين ويجلسون ويبيعون ويستخدمون لمصالح لهم ثم بعد ذلك يعودون إلى بلادهم.

16/ قال في جهاد فلسطين:
الجهاد موجود في فلسطين وما يقومون به فهذا أمور تشرح الصدر ولله الحمد فهذه باقية ولا تزال طائفة من أمتي الحق.

17/ بَيَّنَ أن الجهاد يلزمه إذنُ الإمام فيه ولابد من إعلانه للجهاد أو الإذن به.

18/ قال عن الجهاد في العراق:
العراق أصبحت الآن مكان فتنة لا يدري القاتل فيما قَتَلَ والمقتول فيما يُقْتَل فكيف يذهب هي الآن وقت فتنة والشباب تحت مسئولة لها وليعرفون عواقبها وليعرفوا من يكسب النصر وليعرفون الرايات التي فيها فكيف يذهبون إلى هناك وهم على هذا الجهل العظيم فيعني لا ينبغي الذهاب أبداً ولا أفتي فيه ولابد من ولي الأمر لأنه عالم في هذه المصالح.

19/ تحدَّث الشيخ عن الشباب والفكر المنحرف:
وبَيَّنَ أن هناك عدة عوامل منها الجهل أولاً الذي كان له الأثر العظيم في هذه المسألة ومنها الحماس وأخذ الأمور بالحماس واندفاع ثم اختلاطهم بأناس على غير منهج أهل السنة والجماعة، وبَيَّنَ الشيخ أن هناك مجموعة من الشباب هؤلاء عادوا للجادة والصواب في السجون بعد الحوار والمناقشة.

20/ تحدَّث الشيخ عن (التكفير) وأنه حق لله ولرسوله:
ولا يجوز لإنسان أن يقدم عليه يقول الله سبحانه وتعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ)، فتكفير المسلم بغير حق منه القول على الله بغير علم وكذلك قول الله سبحانه وتعالى: (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـذَا حَلاَلٌ وَهَـذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ).

وفيه أيضاً وعيد شديد جاء عن النبي (صلى الله عليه وسلم) كما في الصحيحين عن حديث ابن عمر مَنْ قال عنه أخيه كافر فقد باء به أحدهما وكذلك في حديث أبي ذر مَنْ قال لأخيه عدو الله أو يا كافر فقد حارت عليه فقد رجعت عليه).

فهذا كله وعيد شديد في الإقدام والجراء على مثل هذه الأمور وتكفير المسلم المصلي القائم بشرائع الدين هذا لاشك انه إثم عظيم وأنه يترتب على تكفير الوالي وتكفير المجتمع ترتب عليها الخروج وترتب عليها إهدار الدماء وإهدار الأموال المعصومة وهذه من الأمور المحرمة.

21/ تحدَّث الشيخ عن الأخطاء الموجودة وأنه لا يُعقل أن يوجد مجتمع صافي ومجتمع ليس فيه شيء ولكن مع ذلك كل هذه المبررات لا تبرر مثل هذه التفجيرات ولا تبرر مثل هذا التكفير ولا تبرر الخروج ولا تبرر نزع اليد من الطاعة.

22/ تحدَّث الشيخ عمَّنْ يسمي العلماء بمشايخ السلطة وأنه من الخطأ لاسيما أن هؤلاء العلماء أمضوا أعمارهم في الإسلام ولهم قدم من الصدق فيه ومنذ عرفنا أنفسنا ونحن نسمع منهم الحق ونسمع البيان الصادق ومنهم الشيخ ابن باز رحمه الله والشيخ محمد بن عثيمين رحمة الله وبقية المشايخ الفضلاء وفقهم الله فهنا لابد من الأخذ منهم ولذلك لما كانت هناك عدم مرجعية وعدم الرجوع لهم تسببت أمور كثيرة وهي طبيعة بعض الشباب إذا لم يكن مقتنع بما عندك تبرأ منك وسهل عنده أن يلزمك بالسلطان أو كونك من أتباع السلطان فلا شك أن هذا مسلك خطأ ولا أيده فيه بل لابد من المرجعية ولابد من الأخذ منه.

23/ تراجع الشيخ عن فتوى له في تكفير المعين:
1/ منصور النقيدان.
2/ تركي الحمد.
3/ عبد الله أبو السمح.


وأنه يبقى فيهم العصمة ويبقى فيهم الإسلام.

24/ قال عن نهاية هذه التفجيرات:
هذا لا شك هذه المفاسد التي ترتَّبت عليها هذه العمليات تشويه سمعة الإسلام والمسلمين والعلماء بل وسبب لضياع ممتلكات المجتمع ونشوء البغض والفرقة فيه واختلاف الكلمة وأيضا التأخير في مجال الدعوة والتسلط على مشاريع البذل والخير والعمليات الإغاثية فلا شك إضافة لمفاسد عظيمة من أهمها صد بعض الشباب على التدين بل أننا سمعنا أن بعض الآباء الآن بدأ يتخوف على أبناءه أن يسلك هذا المسلك وبعض الأمهات وبعض الأقارب يخشون على أبناءهم الآن أن ينزلقوا في هذا المزلق فأثر كثيرا على مجال الدعوة ومجال الشباب.

25/ تحدَّث الشيخ عن المجتمع السعودي فقال:
هو من أفضل المجتمعات لا شك وتلاحظون أن كثيراً من بعض أهل الإسلام يتركون بلادهم الإسلامية ليعيشوا هنا في مجتمع تُظهر الشعائر الإسلامية والخير العظيم فلا زال المجتمع فيه بركة وفيه خير وهذا من نِعَمِ الله سبحانه وتعالى أضف إلى الأمن الذي نعيشه وهذا نعمة عظيمة.

26/ تحدث بعد ذلك عن نعمة الأمن فقال:
لا شك الأمن هو من نِعَمِ الله سبحانه وتعالى فإن حصل الأمن استطعت أن تُصلي استطعت أن تذهب إلى المسجد إذا حصل الأمن استطعت أن تُلقي الدرس استطعت أن تذهب إلى أقاربك أما إذا ضاع الأمن كيف تُصلي كيف ترى أقاربك أين مصير الأموال أين مصير الأنفس فالأمن من نِعَمِ الله سبحانه وتعالى امتنَّ به الله سبحانه وتعالى على البشرية وامتنَّ به على قريش قال تعالى: (لإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ).
 
فهي من نِعَم الله سبحانه وتعالى وذكر الله في سورة النحل لَمَّا عدَّد النِّعَم التي منها نعمة الأمن ونعمة السكون ونعمة الرجوع إلى البيت مطمئنين فهذه من النعم التي يجب علينا ألا نهدرها ونضيعها من أيدينا.

27/ تحدَّث الشيخ عن تجربة الجزائر:
سبقنا في هذه التجربة عدد من البلاد الإسلامية ودخلوا في النفق المظلم وتشتت رأيهم وسُفكت الدماء المعصومة وأزهقت الأنفس من خلال التفجيرات فالجزائر مثال واضح وكثيراً ما يُستشهد به فقد خاض الإسلاميين صراع ومواجهة قديمة ولازالوا عشرات السنين عشرين سنة ولا زالوا بذلك حتى الآن لم يحصل لهم شيء كذلك في مصر حصل في أماكن أخرى فلا يمكن للإسلاميين أن يحققوا إقامة حكومة إسلامية في مواجهة مع الحكام والصراع معهم لأن هذه يؤدي إلى مفاسد عظيمة والنهاية لن يكسبوا شيئاً.

28/ تحدَّث الشيخ عن تجربة الجماعات الإسلامية بمصر:
اطلعت على بعض الصحف ورأيت منها ذلك لأن الجماعة الإسلامية في مصر أصدروا كتاب على هذا النحو (نهر الذكريات) وحمدت لهم هذا الموقف إذ تضافرت المفاسد وزادت وعظمت والتراجع كان أفضل من التمادي في العنف.

29/ وجَّه الشيخ كلمة صادقة مؤثرة لحاملي السلاح:
أوجه له كلمة وأقول أنني أعلم أن هناك آخرة وأن هناك موت وأن هناك يوم سوف تُسأل فيه عن الدماء التي تُراق وعن الأموال التي تزهق وعن الترويع للآمنين الذي يحصل من ذلك ولن يستفيد من ذلك شيئاً وأنا أقول له بإخلاص وصدق وأتمنى ذلك من قلبي بأن يتقي الله سبحانه وتعالى وأن يخشى الله في نفسه وفي أهله ويترك هذا العمل ويلقي هذا السلاح كفى من هذه الأعمال التي حصلت التي ينفطر منها القلب وتتألم منها النفوس المؤمنة.

30/ ليس مبرراً قتل الكفار بالسعودية انتقاماً مما يفعل بالمسلمين بفلسطين ونحوها فلا يجوز أن يُنتقم له في بلاد آمنة دخل فيها وهو معصوم الذمة هذا خطأ.

31/ تحدَّث الشيخ عن طريقة الشيخين ابن باز وابن عثيمين فقال:
ليس لي تعقيب وإنما من خلال تجربة وأنا خضت تجربتين تجربة قديمة وتجربة حديثة وجدت أن مسلكهما وطريقتهما هي الأقرب إلى الخير والأنفع في مجتمعنا والأنسب لحصول الخير وان كان يتأخر قليلاً لكن يحصل ويحصل فيها نوع من التصحيح والتعديل، والرفق ما كان في شيء إلا زانه وشيخنا الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله من المشايخ التي درست عليهم سنوات أربع سنوات رحمه الله قد استفاد منه المجتمع واستفاد منها الناس في مشارق الأرض ومغاربها فهو المسلك الناجح وهو المسلك الذي ينبغي أن نسلكه فطريقة العنف والمواجهة فيها تشتت وعاقبتها لا تُحمد فالرجوع عن الفتوى حق فقد كان أهل العلم لهم قول في هذه المسألة قديماً وجديداً كما كان الشافعي له قديم وجديد وأقول هذه كانت في مرحلة وقلتها في فترة معينة والآن لا تأخذ فيها ولا أرى احد أن يرجع إليها أو يقرأها.

32/ ثم تحدَّث الشيخ عن (الخروج على الإمام) فقال:
الخروج على الوالي كما في الحديث الصحيح إذا رأى كفراً بواحاً وليس ذلك فقد صح على النبي (صلى الله عليه وسلم) أن الحاكم إذا أظهر كفراً بواحاً فهذا يُخرج عليه إذا ثبت فعلاً الكفر البواح وليس له فيه تأويل وكفر يجتمع عليه الناس ثم إذا كانت هناك قدرة موازية لتحقيق الحق ولتحقيق الصواب وهذا لم أرى أنه حصل حتى الآن في مجتمعنا وينظر إلى المجتمعات الأخرى بالشروط المعلومة شرعاً.

33/ تحدَّث الشيخ عن الشباب والمُنكرات فقال:
ثبتت من التجربة أن الشاب أقرب إلى العامي في فهمه وإدراكه فبعض الشباب يدرك بعض الأدلة دون بعض وقد يدرك بعض الأدلة ولكن لا يعرف المخصصات لها ولا يعرف كيف يجمع بين جوانبها ويضخم جانباً دون جانب ويقرأ حديثاً ويجعله هو المنهج فالشباب ليسوا أهلاً لمثل هذه الأمور بل عليهم أن يسألوا أهل الذكر ويجب إحياء مسألة أن العصمة لا تكون للبشر لكن هم بذلوا واجتهدوا وأصدروا فتاوى وتكلموا في الخطب وفي الإذاعة وفي البرامج واجتهدوا في هذا الجانب والإنسان يبذل ما يستطيع لكن الحاجز الذي يشعر به الشباب كان هو الحائل دون ذلك ولكن لو زال هذا الحاجز لأصبح هناك قبولاً سريعاً وقبولاً جيداً.

34/ تحدَّث الشيخ عن (وحدة الأمـة) فقال:
يجب المحافظة عليها لاشك هذه مكاسب مثل ما أشرت قبل قليل هذا أمن ومكاسب يجب علينا أن نحافظ عليها ويجب علينا أن نحمد الله سبحانه وتعالى عليها الآن المجتمعات الأخرى تتمنى مثل هذه الأمور فلماذا نحن نخرب بيوتنا بأيدينا فيجب علينا أن نحمد الله على هذه النعمة ونسعى على بقائها ونسعى على بقاء الاجتماع والاجتماع على المخالفات التي لم تصل إلى حد عظيم فهذا خير وليس من مناهجنا ما قد حصل لكن من الحماس الزائد ومن وجود جمع من طلبه العلم والعلماء والذين قد يسهمون في تأجيج الشباب حتى من الخارج والداخل لقنوا الشباب بما يكتبونه من فتاوى يفهمه الشاب ويظن أنها تحوي العلم لأنها تنزيل الإحكام على المعينين وهذا ما لا يدركه الشباب فلم يدركوا مثل هذه الفتاوى العامة فيقرؤها الشباب فينزلها كما يريد ثم تحدث عن مخاطر فهم مسائل التكفير والتفجير والولاء والبراءة والمظاهرة وإثارة الشبهات حولها فيقع الشباب ضحية الجهل والخطأ فتضعف وحدة الأمة وقوتها ثم بَيَّنَ أن البطالة موجودة قديماً واستشهد بكلمة أحد الخطباء عندما قال: (أصل الآباء قديماً كانوا أكثر منا جوعاً) لكنهم أحسن منا في مثل هذه الأمور فلماذا كانت موجودة؟ وهذا كلمة طيبة يعني هذه الأفعال لا يمكن أن تجعل الشاب يتوظف أو يسد حاجته وفقره ليس حلاً وليس معنى ذلك إذا جعت أن تقتل غيرك وليس معنى ذلك إذا لم تجد فرصه عمل أن تعتدي على الآخرين وليس معنى ذلك إذا لم تجد ما تتوظف فيها أن تأخذ ذلك بالقوة مما يؤدي إلي ضعف وحدة المجتمع.

35/ وجَّه الشيخ كلمة للمعلمين والمربين فقال:
دورهم الآن خصوصاً المراحل المتقدمة في المجتمعات وفي الثانوي من الواجب على المدرسين أكثر في بيان مفاسد هذه الأمور وبيان ما فيها من مخاطر إذا وجدوا شباباً قد يمكن أن ينتهجوا ذلك المنهج بأن يكلمهم وينصحهم فيما بينهم وبين أنفسهم فهذا واجب أيضاً وكذلك إمام المسجد يبذل من هذا الجهد ويجعل له كلمة لجماعة المسجد يبين فيها الحق والخطيب أيضاً كلا هؤلاء يجب أن يبذلوا ما يستطيعون.

36/ بَيَّنَ الشيخ حُرمَة دماء رجل الأمن الذي يحرس ويضبط الأمن في المجتمع وأن قتله جريمة وإزهاق لنفس حَرَّمَ اللهُ قتلها.

37/ كلمة للشباب:
الذي أحب أن أوجهه خصوصاً للشباب أن يتقوا الله سبحانه وتعالى وألا يستعجلوا وألا يتحمَّسوا وأن يراجعوا إلى العلماء وإلى المرجعية العلمية ويستندوا في ذلك ويتقوا الله سبحانه وتعالى ويُحَكِّمُوا كتاب الله في أنفسهم ويعتصموا بالكتاب والسُّنَّة، إذا كانوا يدعون إلى التحكيم في كتاب الله في مراحل المجتمع فيجب إن يرجعوا إليه ويحكموا في أنفسهم في ذلك فكيف يجرؤن على أنفس معصومة وكيف يجرؤون على تكفير بغير حق باطل كل هذه الأمور أجد الفرصة المناسبة لأدعو الشباب أن يتقوا الله سبحانه وتعالى فهناك بينهم من قد يوجد أحيانا وقد يدفعهم إلى أمور يغررون بها فيدفعهم إلى أشياء لم يتوقعوها وهذا يحصل من بعض الشباب فيغرر بهم فعليهم أن يتقوا الله سبحانه وتعالى وان لا يأخذوا بأيدهم وان يراعوا حرمات هذا المجتمع وأمنه وبلادنا ولله الحمد في امن وخير فلا يكونوا سبب هذه الفرقة وسبب هذا الشرور والعياذ بالله.

الدكتور عايض القرني:
باركَ اللهُ فيكم وأثابكم ونفع اللهُ بما قلتم.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49023

الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية   الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Emptyالأحد 17 مارس 2019, 6:55 am

المطلب الثاني: مراجعات الشيخ ناصر بن محمد الفهد

مقدمة د/ عايض القرني:

أيها الأخوة المشاهدون سلام الله عليكم معنا اليوم حق ورجوع للصواب واتباع للدليل وليس هناك غموض وليس هناك أسرار ولا ألغاز ولا مؤامرة وراء الكواليس نريد الحق نريد الخير نريد أن يرضى عنا ربنا وحده سبحانه.


فليتك تحلو والحيـــاة مريرة      وليتك ترضى والأنام هضاب

وليت الذي بيني وبينك عامر      وبيني وبين العالمين خراب

إذا صح منك الود فالكل هـين     وكل الذي فوق التراب تراب


معنا هذه الليلة الشيخ ناصر بن محمد الفهد في حوار وفي رشد وفي رجوع إلى الدليل واتباع للصواب حياكم الله يا شيخ ناصر.


بداية كلمة الشيخ ناصر الفهد:

جميع ما أقوله مقتنع فيه تماماً ولم يُمارس علينا أي ضغط وأمر هذه المقابلة أنا طلبت ترتيبها من اجل إبراء الذِّمَّة.


موجز المراجعات:

1/ ذكر الشيخ أسباب المراجعات وهي أن ما حصل خلال الستة شهور الماضية جعلته يفكر كثيراً ويراجع في كثير من أقواله وفتاواه التي ساقت أحوال وأتت بأمور لا تُحمد عقباها وأدخلته في أمور نسأل الله أن يكفينا شرها ومع التفكير ومع القراءة ومن الاستفادة ومع الأحداث التي حصلت حصل في نفسه تغيُّر كثير جداً وصدم صدمة عظيمة لما حصل خلال شهر رمضان من تفجير مجمع المحيا حين رأى المسجد قد هدم في رمضان ورأى الحارس السوداني وهو أب لخمسة أطفال ورأى كذلك مجموعة من الأسر المصرية والأردنية مصابين في هذا التفجير المشين فَعَدَّهُ من الفساد في الأرض وليس من الجهاد في سبيل الله وقال: (نحن نبرأ إلى الله منه ومَنْ يعمل مثله أنا نفسي طلبت وكتبت طلب إبراء للذمَّة من أجل يعرف الناس أننا لا نُقر مثل هذه الأمور وأن هذه الأمور مُحَرَّمَة فأنا الذي طلبت وأنا أقسم على ذلك حتى لا يُقال أن ضغوطاً مورست علينا، أبداً وقد صدمت جداً يعني ما صدمت ربما في حياتي يعني أول ما قرأت التفاصيل وشاهدت الصور رأيت اثنتين من النساء فقدت كل واحدة منها عين ورأيت الأطفال حتى الأطفال من المسلمين رأيت أسر مصرية وأسر لبنانية وأسر أردنية يعنى حال لا يُقِرُّه بمثل هذه الأمور ونحن نبرأ إلى الله منها شعرت بصدمة شديدة لما رأيت هذا وهذا الذي جعلني اطلب هذه المقابلة من أجل إبراء الذمَّة وبيان للناس بأننا لا يمكن بحال أن نُقِرَّ بهذه الأعمال).


2/ هذه التفجيرات ليست من الجهاد في سبيل الله بل من الفساد كما ذكر الرسول (صلى الله عليه وسلم) أن الخمر تشرب في آخر الزمان وتسمى بغير اسمها ومثل ذلك من يفجر في بلاد الإسلام ويقتل أطفال ويقتل المسلمين ويسميه جهادا والحق أنه فساد فالأسماء لا تُغني.


3/ تحدَّث الشيخ عن من فجر نفسه بأن ذلك ليس من الشهادة ويشهد له ما جاء عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) كما في الحديث أن رجلا به جراحة فقتل نفسه فقال الله تعالى (بادرني عبدي بنفسه حَرَّمْتُ عليه الجنة).

 

فمثل هذا يعتبر انتحاراً فكيف يقتل مسلمين ونفوس معصومة ويُتلف أموالاً محترمة وفي بلاد الإسلام فهذه لا تعتبر شهادة أبداً والذي يدل هذا الدليل السابق.


4/ أوضح الشيخ أن تأشيرة الدخول كافية لئن يكون بها الكفار من المعاهدين المستأمنين والتأشيرة تعتبر عهد أمان وذكر العلماء أن سلام المسلم على الكافر الحربي تجعله من المستأمنين والرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: (وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمَنْ أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين).


ومن أعظم ذلك ان ينتهك حرمة هذا المستأمن إذا آمنه المسلم حتى بالسلام فضلاً عن أن يأتي مجموعة من المسلمين يعني يتعاقد معه ويعطيه آمان ويعطيه تأشيرة ويأتي به إلى هنا فهذه أمانات أكثر من واحدة فهذا الذي يعتدي عليه يخفر هؤلاء كلهم فيكون معرض إلى الوعيد كما حديث الرسول (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ قتل مًعَاهد لم يرح رائحة الجنة وان ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً).

 

5/ ذكر الشيخ قاعدة مهمة جدا من كلام ملائم للأحداث الراهنة وهي ما ذكر ابن القيم رحمه الله في كتاب مدارج السالكين قال فيه إن الأمر لو كان ملتبس لا تعرف هل هو حق أو باطل حلال أو حرام قال فلينظر إلى نتيجته أو ماله إذا كانت مفاسده أكثر من مصالحه يكون محرما وماذا كانت مصالحة أكثر من مفاسده يكون مباح فالآن حتى لو كانا لا نعرف الحكم سابقا ولكن نعرف النتائج نرى النتائج الآن أمامنا واضحة منها قتل نفوس مسلمة و قتل نفوس معصومة وانتهاك بلدان وترويع الآمنين يعني مفاسد كثيرة مترتبة على هذه الأعمال السيئة.


6/ ذكر الشيخ تراجعه عن تعميم الفتيا والبيانات التي كانت فيها حماس غير منضبط وفيها تعميم وفيها أمور يعني أخطأنا نحن وفيه أمور اخطأ الناس في فهمنا لها لأنه أصلا عممنا وتكلمنا بأمور الحقيقة ما كنا نعرف أن الأوضاع ستصل إلى ما وصلت إليه لكن الحمد لله الأمور بيد الله سبحانه وتعالى و هو يقدر لحكم قد نعلمها وقد لا نعلمها ومن الفوائد أنها بينت لنا هذه الأخطاء لذلك اعتبر نفسي متراجعا كثيرا من الفتاوى والأمور التي ذكرتها.


7/ تحدَّث الشيخ عن خطر الفتيا والإقدام عليها وأن الصحابة رضوان الله عليهم وهم خير البشر بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانوا يتدافعون الفتية وكان يتدافعها العشرة والعشرين كل رجل يريد أن يتحمل أخوه عنه هذه الفتية ثم هناك مرجعية للفتية وأهل العلم الكبار المعروفين وهذا يكفينا ولله الحمد.


8/ ذكر الشيخ منكرات التفجيرات التي حصلت بمجمع المحيا بمدينة الرياض وما سبقها من تفجيرات مماثلة ومنها:
المنكر الأول..

أن فيه قتلا لنفوس مسلمة والله يقول: (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا).


ويقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): (لا يزال الرجل في فسحه من دينه حتى يصيب دم حرام) و (لزوال الدنيا وما عليها أهون عند الله من قتل رجل مسلم فكيف بقتل مجموعة).

 

المنكر الثاني..

قتل المعاهدين والمستأمنين وسبق ذكرت لك حديثا من الصحيحين حديث عمرو بن العاص يقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة وان ريحها ليوجد منها مسيرة أربعين عاماً) و (أن ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن اخفر مسلما فعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً).


المنكر الثالث..

قتل النساء والصبيان ففي حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما (أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) مَرَّ على أمرأة كافرة مقتولة في غزوة بين المسلمين والكفار وأنكر ذلك ونهى عن قتل النساء والصبيان).


يعنى تصور معركة بين المسلمين والكفار وامرأة كافرة في غزو ومع ذلك نهى عن قتلها فكيف بنساء وصبيان وفي بلاد الإسلام وبعضهم مسلمين وبعضهم مستأمنين؟


المنكر الرابع..

إتلاف الأموال المحترمة شرعا وحفظ المال من الضروريات الخمس التي أتت جميع الشرائع بحفظها وثبت في الصحاح والسنن والمسانيد من عن أبي بكر وعائشة وأبي هريرة وابن عمر وابن عباس رض الله عنهم أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال: (إن دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحُرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا).

 

فقرر حُرمة المال مع حُرمة الدم وهذه أتلفت أموالاً وخرَّبت بيوتاً.


المنكر الخامس..

أنها روَّعت المسلمين وذُكِرَ عن رسول الله أنه نهى عن ترويع المؤمن بل أعظم من ذلك ما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (إذا أشار الرجل على أخيه بحديدة لعنته الملائكة).


يعنى مجرد إشارة بحديدة تلعنه الملائكة فكيف يكون نصيب مَنْ قتل؟ وأتلف؟ وروَّع؟ وأخاف؟ وأفسد؟


المنكر السادس..

أن هذا فيه إخلالاً بالأمن وهو من أعظم نعم الله سبحانه على البشر بعد نعمة دين الإسلام لذلك الله سبحانه وتعالى امتنَّ به على قريش فقال سبحانه وتعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ).

 

وقال تعالى: (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ)، وهذه التفجيرات جعلت الناس يخافون على أنفسهم بل أنها روَّعت الآمنين في بيوتهم.


المنكر السابع..

أنها شوَّهت صورة الجهاد في سبيل الله ما هذا من الجهاد في سبيل الله؟!! أتفجر في بلاد الإسلام وتقتل مسلمين وتقتل نفوساً معصومة وتعتبر هذا من الجهاد في سبيل الله؟ والله هذا ليس من الجهاد بل إنه من الفساد.


المنكر الثامن..

أنها ربما سلّطت أعداء الإسلام على الإسلام إذا روي مثل هذه الأعمال لا سمح الله.


المنكر التاسع..

أنها أضرَّت بمشاريع خيرية كبرى لأن كثيراً من التُّجار وأهل الخير أحجم عن التبرعات مخافة أن يؤول المال إلى مثل ما صارت إليه تلك الأعمال أو تستخدم في دعمه.


المنكر العاشر...

شوَّهت صورة المُلتزمين الآن كثيراً فمن الناس إذا رأى الرجل المُلتحي يعتقد أن في جيبه قنبلة أوانه يبحث عن نفس يقتلها وصارت صورته أنه سفَّاك للدماء وانه يريد فقط أن يهدم البيوت على ساكنيها ولو أردت أن أستقصي كثير من المفاسد لجمعت عدداً منها لكن سيطول الوقت.


9/ شرح الشيخ شبهة (دفع الصائل):

إذا كان رجل أمن وأنه يجوز للمشتبه فيه أن يقاتله ويقتله بحجة دفع الصائل فأجاب بأن الجندي مسلم ومادام انه من المسلمين ويشهد أن لا اله إلا الله فعن انس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (مَنْ صلّى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم).

 

أما قتله بحجة دفع الصائل فقد ذكر ابن المنذر إجماع العلماء على استثناء السلطان من باب دفع الصائل حتى وإن صال عليه السلطان فإنه يُستثنى ولا يُقتل.


10/ أبان الشيخ المفاسد التي ترتب على حمل السلاح وأنها واضحة للعاقل ونتائجها الوخيمة لا تحمد بل تسؤ وهذه من فوائد التجارب فقد يكون الإنسان يستفيد من التجارب أكثر مما يستفيد من القراءة والمدارسة ورأينا ما ترتب على حمله من سفك للدماء وترويع الناس والمسلمين فأما حمل السلاح فلا يجوز إلا إذا كان هناك حرب بين المسلمين والكفار.


11/ أوضح الشيخ تحريم تكفير المجتمعات وأن هذا هو فكر الخوارج ومعروف مذهبهم في تكفير المسلمين والتكفير بالمعاصي والتساهل بالإقدام على سفك الدماء هذا كله من فكر الخوارج مما يجوز تكفير المجتمع حتى لو وجد التقصير والقصور يبقى في المجتمعات من نقص البشر فلا يجوز للإنسان تكفير المجتمع.


12/ وجَّه الشيخ رسائل هامة للمطلوبين أمنياً لِمَنْ يحملون السلاح ويصنعون المتفجرات بقصد استخدامها في ترويع الآمنين بحُجج واهية لا دليل لها.


الرسالة الأولى

أن يتقوا الله في المسلمين وقد رأينا الحقيقة والنتائج قُتلت نفوسٌ مسلمةُ ونفوس معصومة وهدم بيوت على ساكنيها وروع الناس وحصلت أمور ما كنا نعتقد أن تصل إلى ما وصلت إليه.


الرسالة الثانية

أن يتقوا الله ويتركوا سفك الدماء.


الرسالة الثالثة

أن يتقوا الله في أنفسهم وأن يتوبوا مما عملوا والله سبحانه وتعالى يقول: (فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، وكما ذكر الرسول (صلى الله عليه وسلم): (كل بَني أدم خطّاء وخيرُ الخطائين التائبون).

 

وليس من العيب أن تٌخطئ ولكن العيب الإصرار على الخطأ فادعوهم إلى التوبة والرجوع إلى الحق والرجوع إلى الحق فضيلة.


12/ دعا الشيخ أن يكف عن الفتاوى التي تتعلق بالقضايا المهمة المصيرية وأمر العامة وأمر الدماء والأموال وأن تُعاد إلى صاحب المرجعية وهيئة كبار العلماء وأن هذا من فوائد التجارب التي مر بها لاسيما التضارب في الفتاوى والإقدام عليها بدون نظر ولا مراعاة للمصالح العامة للأمَّة.


13/ فنَّد الشيخ شُبهة مَنْ علّل بجواز التفجيرات بما يحصل له من تضييق وإيذاء وظلم فقال: ما ذنب المسلمين إذا وقع فقر أو بطالة أو وقع عليه ظلم أن يروِّع المسلمين أو غير ذلك فعليه أن يصبر فقد يُبتلى المسلم في السَّراء أو الضَّراء فعليه أن يصبر.


14/ تحدَّث الشيخ بكلام نفيس عن الخروج على السلطان:

ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في منهج السُّنَّة كلاماً جميلاً عن الخروج على السلطان حتى لو كان ظالماً ولو ترتَّبت المفاسد التي حصلت على الخروج أعظم من حصول النتائج فيحرم وذكر أمثله منها مَنْ خرج على الحجَّاج بن يوسف الثقفي وهو من أشهر الظّلمة ومع ذلك لَمَّا خرج عليه مَنْ خرج وحصلت الواقعة عام 83هـ سُفِكَتْ دماء وقُتلت نفوس ولم تحصل نتيجة وأضرَّت أكثر مِمَّا نفعت، ومثلها حادثة الحُسين بن علي رضي الله عنهما مع يزيد بن معاوية لَمَّا أراد الحُسين أن يخرج عليه قُتِلَ ومجموعة وأضرَّت أكثر مما نفعت وذكر نماذج لذلك جماعها أنه لا يحفظ التاريخ مصلحة للخروج على السلطان حتى لو كان ظالماً إلا وتكون المفاسد أكثر من المصالح.


15/ تراجع الشيخ عن فتوى جلب العمال من أميركا والإنجليز وجواز الاعتداء عليهم فقال:

نعم كما ذكرت لك مجرد الإتيان بالكافر مهما كانت جنسيته إلى بلاد الإسلام بعقد أمان فهذا معروف من قديم فقد كان بعض المسلمين يأتون بالكفار بعقد أمان سواء العقد الدائم مثل عقد أهل الذمَّة في بلاد الذي يجوز فيه أن يدوم كبلاد غير عرب أو عقد مؤقت مثل عقد الهدنة أو عقد الأمان وهذا كله يجعلهم نفوس معصومة فالكافر حتى لو كان حربي إذا أعطى عقد أمان أو كان مُعَاهَد يُعصَم دمه وماله.


16/ تحدَّث الشيخ عن خطر التكفير فقال:

التكفير أمره خطير لأنه يترتَّب عليها أمور عظيمة لأنك إذا كفَّرت المسلم معنى هذا أنك أهدرت دمه ومعنى هذا أنك أبطلت نكاحه ومعنى هذا أنك قطعت الولاية بينه وبين أهله وأقاربه وغير ذلك وميراثه وغير ذلك وقد عظّم الرسول (صلى الله عليه وسلم) هذا فقال كما في حديث أبي هريرة وحديث ابن عمر رضي الله عنهم أن الرسول قال: (إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما).


فالإقدام على التكفير غير محمود مطلقاً ومثل هذا الكفر له ضوابط وشروط معروفه وموانع تمنع ولا يعرفه إلا العلماء الكبار الراسخون في العلم فلا يقدم عليها إي رجل وحينئذ يكون الناس في فوضى هذا يُكَفِّر هذا وذاك يُكَفِّر هذا خصوصاً إذا مررت على مسألة سلسلة التكفير مَنْ لم يُكَفِّر كافر.


17/ سُئِلَ الشيخ عن هذه التفجيرات التي يُقصد بها الأهداف الاقتصادية كالبنوك، والمؤسسات بحُجة أضعاف قوة العدو فأجاب هذا لا يجوز مطلقاً هذا ممكن إذا وقع حرب بين دولة الإسلام ودولة الكُفَّار وقع حرب ممكن أن ينظر في هذه ينظر لها الإمام وينظر لها العلماء الراسخون في العلم في استهداف اقتصاديات بلاد الكفار عند وقوع الحرب أما في بلاد الإسلام وبين المسلمين هذا يضر نفس الإسلام ويضر نفس المسلمين من حيث اقتصادياتهم التي لا تعود بالضرر إلا على المسلمين أنفسهم.


18/ أوضح الشيخ أن الذي يملك حق الإذن بالجهاد واستنفار الأمة وقت الطلب أو الدفاع عن الأوطان هو ولي أمر المسلمين لأن أصل الجهاد يُعتبر من السياسات العامة والسياسات العامة كما ذكرها العلم موكولة إلى إمام المسلمين.


19/ قال في الذهاب من السعودية للعراق للجهاد:

لا.. لا أوافق لأن أصل القتال في العراق قتال فتنة يعني لا يدرون مَنْ القاتل ومَنْ المقتول وما هدف القاتل وما ذنب المقتول تحصل تفجيرات وقتال ولا يُعرف مَنْ وراءه.


20/ تحدَّث الشيخ عن أمن المجتمع السعودي فقال:

لا أرى هناك بلاداً أحسن من بلادنا هذه البلاد التي نشأتُ فيها وتعلّمتُ فيها وهي بلادي وأعرفها معرفة تامَّة وتأمَّلها من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب لن ترى أحسن منها مشاعر الإسلام ظاهرة للشعب وإن كان هناك قصور لكن الشعب يعني عندهم طبيعة حُبِّ الدين وحُبِّ الخير والتعاطف مع أهل الخير فلن يجد أصلاً وإن يهاجر لن يجد أحسن من هنا.


ويجب على كل مسلم هنا المحافظة على الأمن ولا يمنع هذا من الدعوة ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتي هي أحسن بل إنه لا تتحقق الدعوة ولا يتحقق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا تتحقق إقامة شعائر الإسلام ولا صلة الرحم ولا غيرها من الأمور التي فرضها الله سبحانه وتعالى على عباده إلا عند وجود الأمن إذا صار الأمن معدوماً إذا كان الأمن معدوماً كيف تتحقق ذلك كيف تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر؟ كيف تدعو إلى الله؟ كيف تقيم شعائر الإسلام؟ كيف تصل الرحم؟ كيف تطلب العلم؟ كيف تفيد الناس؟ كيف تنفذ مصالح المسلمين؟!! كلها لا تقوم إلا عند وجود الأمن.


21/ تحدَّث الشيخ عن طريقة الشيخ ابن باز رحمه الله فقال:

هذه التجربة أثبت فعلاً أن منهج الشيخ ابن باز رحمه الله هو المنهج الصائب في مثل هذه الأمور منهج الحكمة فالإنسان يُبرئ الذمَّة بالنسبة للمُنكرات فيأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ولكن بطريقة الرفق واللين والموعظة الحسنة والتي هي أحسن وهذه أثبتتها حقيقة التجارب.


22/ أفاض الشيخ في تجربته الخاصة ووجَّه نصيحة من القلب للشباب فقال:

والله انصحهم بأخذ العبرة من غيرهم يعني الإنسان خاض تجارب ومَرَّ بأمور ومراحل حتى انتهى إلى درس استفاد منه ويعطيكم خلاصة هذه التجربة وخلاصة هذا الدرس فمن الفوائد أنكم تأخذون الفائدة من رجل جرَّب ومارس وانتهى إلى نتيجة بدل من أن تمرُّوا بنفس المقدمات التي مَرَّ بها حتى تستخلصوا النتيجة فلا خير في العنف ولا حمل السلاح ولا الإقدام على ما لا تُحمد عُقباه قد رأينا الحقيقة ما والله تصورنا أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه مطلقا ولكن عموماً هي تجربة مفيدة.


23/ بَيَّنَ الشيخ ضوابط التكفير:

الشرط الأول:

أن يكون يصاحب الحكم دليل صحيح صريح على أن هذا الأمر كفراً.


الشرط الثاني:

أن يتلبَّس هذا الرجل بنفس المُكفر أحياناً وقد لا يتلبَّس بنفس المُكفر مثل ترك الصلاة كفر قد تجد الرجل لا يصلي ولكن قد يكون معذوراً كأن يكون مسافراً أو يكون جمع فيكون فعلاً تلبَّس بنفس ما صلّى لكن عنده عذر.


الشرط الثالث:

قيام الحجة الذي يعرفه أهل العلم الكبار.


الشرط الرابع:

انتفاء الموانع المشهورة وهي الخطأ والجهل والتأويل والإكراه، فقد يكون الدليل صحيحاً صريحاً بان هذا كُفر وقد يكون الرجل متلبِّساً بهذا المُكفر وقد تكون قامت عليها الحجة ولكن يوجد مانع من خطأ أو جهل أو تأويل أو إكراه ومثل هذه الأمور لا يعرف تفاصيلها ولا البت فيها إلا علماء كبار أما طلبة العلم الصغار أو الجُهَّال فإقدامهم على هذه الأمور غير محمود ولذلك يقعون في أخطاء كثيرة وقد نجد من المفاسد التي رأينا بعضها من الإقدام على الأمور فتبيَّن فعلاً خطأ هذا المنهج.


23/ تحدَّث الشيخ عن بيعة الإمام فقال:

معروف بأن الإمامة إلى إمام المسلمين كان سابقاً الخليفة واحد وكانت الخلافة لرجل واحد ثم لَمَّا تمزَّقت الخلافة بعد خلافة بني العباس وتعدَّدت الدُّول ذكر أهل العلم انه يجوز عقد الإمامة لأكثر من إمام بسبب الضرورة فصار في الأندلس إمام وصار في المغرب إمام وصار في مصر إمام وصار في الشام والحجاز إمام فصار للمسلمين إمام كل بلد في بلده فإذا كنت منتمي إلى بلاد فإمامتك إذا كان مسلماً فإمامتك للإمام الذي أنت في بلده.


24/ تحدَّث الشيخ عن مراجعات الشيخ: علي الخضير فقال:

أبداً الشيخ علي نجتمع نحن وإياه في نفس الاستفادة من التجربة التي خضناها في السابق فربما المراجعات هذه ربما لم تكن يعني لولا الأحداث الأخيرة ربما لم تحصل لكن من فوائد هذه الأحداث أن جعلت الواحد يُراجع نفسه ويُراجع ما سبق أن طرحه وما قاله وما أفتى به الشيخ علي ذكر خلاصة تجربة خضناها وهذه نتيجتها فلعل إن شاء الله مَنْ يسمع هذا الكلام أن يأخذ الفائدة فتنفعه بدلاً من أن يسلك مُقدِّمات قد لا تصل به إلى نتيجة.


24/ علّق الشيخ على واجبنا نحو الكفار في بلادنا فقال:

مادام أن الكافر دخل بلاد الإسلام بعقد أمان فالطريق المناسب له دعوته إلى الله وهي أصلاً دعوة الأنبياء فالرسول (صلى الله عليه وسلم) مكث في مكة فترة أكثر مما مكثه في المدينة وكان كلها في الدعوة ولم يُحمل سيف لوجود الضعف والآن ليس فيه نتيجة أصلاً سفك الدماء وجدنا ظاهرة ولم أتكلم عن خيال أو أقول ربما يكون كذا أو يقول واحد انك تتوهم أو انك تظن أو تُقدِّر أمور تقع نحن رأيناها فعلاً رأيناها وقعت مِمَّا تضرَّر من ذلك المسلمون وما تضرَّر إلا الإسلام وما انتفع من ذلك إلا أعداء الدين وما حصل في الحقيقة بسبب هذه الأمور إلا إضراراً بالإسلام والمسلمين هذه رأيناها نتيجة وليست تخيلات فهذا أمر وجدناه عياناً.


قال سبحانه وتعالى:

(ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ).


فوظيفة الأنبياء الدعوة إلى الله ووظيفة العلماء الدعوة إلى الله وكان أهل العلم دائماً دُعَاةٌ إلى الله وما كانوا يحملون السلاح إلا ضد الكفار في حالة الحرب ولذلك كان شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله تعالى على الرغم مما حصل له في السجن إلا انه لم يرفع سيفه على إمامه وما رفع سيفه إلا ضد التتار عندما حصلت الواقعة بينهم أما المسلمون فكانوا في سلام نحن كلنا وأهل السنة كلنا على ابن تيمية رحمه الله في علمه.


25/ بعث وصيَّة لطالب العلم والدَّاعية فقال:

الإمام أحمد رحمه الله استمر الابتلاء معه أكثر من عشرة سنوات في خلافة المأمون وخلافة المعتصم وخلافة الواثق سجن سنوات وضرب أمام المعتصم حتى أغمى عليه حتى كان ينخس بالسيوف ولا يشعر واستمر مختفياً عن الواثق طيلة فترة الواثق إلى أن رفع المحنة المتوكل يرحمه الله ومع ذلك كلما سُئِلَ الإمام احمد ألا ننابذهم بالسيف؟ قال: لا تكون فتنة يُقتل فيه البريء ولكن عليكم بالدُّعاء ندعو الله سبحانه وتعالى أن يرفع البلاء عن الأمَة وان يصبروا وهذا سبيل الصالحين ثم على الدَّاعية أن يراعي ولي الأمر ويناصح بالتي هي أحسن بالطرق السليمة الراشدة التي تجمع الكلمة ولا يفسد ويفرق فتكون أضرارها أكثر من منافعها حتى لو الإنسان يسمع كلامي الآن يقول هذا متشائم لا نحن رأيناها عياناً رأينا الأمور التي حصلت ما تضرَّر منها إلا الإسلام وأهله.


26/ بَيَّنَ الشيخ أسباباً هامَّة لِمَا حصل فقال:

جعل السبب واحد أوان يكون السبب فيما جرى واحداً هذا خطأ لأن القدرات متفاوتة والأشخاص متفاوتون وقد يكون هناك رجل سبب انحرافه هذا بسبب الجهل وقد يكون هناك أخر بسبب التأثير من الخارج وقد يكون هناك آخر بسبب حماس زائد غير منضبط بضوابط العلم المعروفة وقد يكون هناك آخر تجتمع فيه الأسباب هذه مجتمعه فليس هناك سبب معين ولكن قد تجتمع أسباب فتسبب مثل هذا الخلل.


27/ تحدَّث الشيخ عن (الجماعات المصرية) فقال:

الجماعة الإسلامية في مصر وصلت إلى نتيجة أن هذا الطريق مسدود ونفق مظلم وعادوا وأعلنوا توبتهم وتراجعوا في كتاب قرأت مقتطفات منه في بعض الصحف نهر الذكريات.. أكرم زهدي ومعه مجموعة.. نعم قرأت هذه وهم ذكروا خلاصة تجربة كما نعرضها الآن ولله الحمد نحن لم نصل تقريباً ما وصلوا إليه لكن ولله الحمد تبيَّن بدايات الأمر خطورته وما ترتب عليه من مفاسد ولله الحمد.


أنا أقولها الآن وانقل تجربة للإخوة ويأخذونها من رجل جرَّب ومارس ورأينا الآن النتائج ننظر لها عياناً نتائج الحقيقة لا تَسُر أيَّ مسلم قتل فيها أهل الإسلام وأضرَّت الإسلام وأهله وضيَّقت على المسلمين كثيراً في الأمور وحجبت مشاريع الخير يعني أمور كثيرة ترتب على ما حصل حتى لو الإنسان ليس عنده علم شرعي تكفي هذه النتائج في معرفة الحُكم.


28/ كلمة ختامية د: عايض القرني

أنا أقول للمشاهدين والمسلمين عموماً هذه شجاعة والعودة إلى الحق شرف والاعتراف بالخطأ والرجوع إلى الصواب فضيلة كان عليه سلفنا الصالح قديماً رضوان الله عليهم منهم مَنْ تراجع عن أقواله وأعلنها على المنابر وفي كتبه والمعصوم عندنا فقط هو محمد والأنبياء عليهم الصلاة والسلام أما البقية فهم عُرضة للخطر وبالمناسبة يا شيخ ناصر أشكركم على هذه الصراحة وهذا الوضوح وهذا الطرح المتميِّز في هذه المقابلة وأسأل الله أن يهدينا جميعاً وان يؤلف قلوبنا مع ولاة أمرنا على ما يحبه ويرضاه وان يجمع كلمتنا على الحق وان يجعلنا آمنين مطمئنين في أوطاننا منصورين مكرمين معززين وشكر الله لكم وبارك فيكم وفي الإخوة المشاهدين وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49023

الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية   الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Emptyالأحد 17 مارس 2019, 3:16 pm

المطلب الثالث الشيخ: أحمد بن فهد الخالدي

الكلمة الافتتاحية د/ عايض القرني:

الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين والصلاة والسلام علي إمام المتقين وعلى آله وصحبه والتابعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أيها المشاهدون الكرام، الحق بين بيان الشمس، وقد قال إمامنا وأسوتنا محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم): (تركتكم على الحجة البيضاء) وما مات (صلى الله عليه وسلم) حتى بين لنا البيان الملة وأكمل لنا الدين،  من حضره من المسلمين بين لنا (صلى الله عليه وسلم) مسائل الطهارة وآداب المشي إلى المسجد والغسل من الجنابة ولم يترك بأبي وأمي هو مسائل الدماء والأعراض والأموال والتكفير والجهاد ومسائل الإيمان لأي أحد وقد نبه (صلى الله عليه وسلم) أن كل الطرق غير طريقة ضالة فقال: (صلى الله عليه وسلم) (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ) محذر (صلى الله عليه وسلم) من محدثات الأمور ونبه (صلى الله عليه وسلم) إلى الصراط المستقيم صراط الذي أنعم عليه ربنا سبحانه وتعالى من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ونحن نسأل الله عز وجل أن يثبتنا على الصراط المستقيم لا نضل و لا نُضل لا نزل ولا نزل لا نجهل ولا يجهل علينا لا نظلم ولا نظلم ونحن الأمَّة الوسط إن شاء الله.


ومعنا في هذه الليلة الشيخ أحمد بن فهد الخالدي نسمع منه في مراجعاته نسأل الله لنا وله ولجميع المسلمين الثبات في الدين والهداية والسَّداد حيَّاكم الله يا شيخ احمد وأهلاً وسهلاً.


كلمة الشيخ: أحمد بن فهد الخالدي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد، لا شك أن الإنسان عُرضة ومحل للزلل إلا مَنْ رحم الله عز وجل لأن الإنسان قد رُكِّبَ من مادتين مادة الظلم والجهل إلا مَنْ رحم الله سبحانه وتعالى وكما قال النبي (صلى الله عليه وسلم): (كل بن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون).

ولا شك أنه تبيَّن من بعض الفتاوى التي صدرت خصوصاً فتوى (دفع الصائل) بان الخطأ والزلل ومجانبة الحق وهي المسألة كانت جزئية ولكن قد توسع فيها وقد تبين أن في هذه التجربة وان هذا الاجتهاد خاطئ وليس مطابق للصواب من كل وجه ثم إن الفائدة التي ذكرتها وهي أصل السؤال لا شك أن الإنسان إذا جلس مع نفسه وحاسب نفسه يعلم علم اليقين ما صنع وما قدم من قبل، وبذلك أمر الله عز وجل أن ينظر المرء ما قدمت يداه فيحاسب نفسه فكانت فترة سجني فترة محاسبة لمحاسبة النفس وأيضا ما توالت من الأحداث التي داهمت المسلمين جعلت الإنسان يراجع نفسه ويحقق في أمره وحقيقة أمره ومبدأه وآخره فتبين في هذه التجربة أن هناك خطأ ولذلك نسأل الله العفو والعافية ونسأل الله من جميع المسلمين سوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، فاستفدنا منها أن الإنسان لا يقوم بشيء حتى ينظر ما فيه من الخير والشر أيضا الناصح أو يطلب النصح من المشايخ الفضلاء أو العلماء الكبار حتى لا يقع في مثل هذا.


موجز المراجعات:

1/ تراجع الشيخ عن قتل رجال الأمن بحجة دفع الصائل فقال: قلت هذه مسألة جزئية هي (دفع الصائل) هي مسألة مطروقة في كتب الفقه ولكننا نتراجع في هذه المسألة الجزئية وهي دفع الصائل وهم رجال المباحث أو غيرهم.


2/ تحدّث الشيخ عما حصل من تفجير مجمع المحيا ج1

لا شك أن الدماء والأموال والأعراض معصومة وهذا دلت عليه نصوص الكتاب والسنة عليه بالإجماع ولا يخالف على هذا الكلام عاقل فضلا عن مسلم فالأصل أن دم الأدمي معصوم بالعصمة الأصلية ومن منع الله المؤمنين من قتله في بداية الإسلام حتى عد موسى عليه السلام في قتله القبطي ذنباً في الدنيا والآخرة فلا شك أن الدماء كما ذكر النبي (صلى الله عليه وسلم) في خطبته في حجة الوداع حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال النبي (صلى الله عليه وسلم): (إن أموالكم ودمائكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم في عامكم هذا..).


وأيضاًً قال النبي (صلى الله عليه وسلم): (أمِرتُ أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا الله إلا الله ويُقيموا الصلاة ويُؤتوا الزكاة فإذا فعلوا هذا ذلك فقد عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها).


فهذا الأصل أن لا تزهق الأنفس إلا بحق الله كما جاء في الحديث إلا في إحدى ثلاث فلا شك أن هذه الدماء معصومة، والأموال شرعا وأيضا محرمة علينا وكذلك الأعراض، فلا شك أن هذا قام عليه الإجماع وسنة الرسول ولا يخالف في ذلك مسلم فضلا عن عاقل حتى أو طالب علم.


2/ كلمة حول الجهاد: ج1

لا شك أن الجهاد له شروط لا يقوم إلا عليها وبها ذكرها الفقهاء في كتب الفقه كما جاء في عبارة صاحب الزاد لما ذكر الجهاد قال هو فرض كفاية ويتعين عليها من حضر أي من صف القتال أو حاصر بلده عدو أو إذا استنفره الإمام هذه مواطنه أيضاً لا يكون إلا بعد المفاصلة والنبي عليه الصلاة والسلام لم يقاتل قريش إلا بعد المفاصلة والهجرة فلذلك أتت الهجرة مربوطة بالجهاد وفي رواية ما بقى الجهاد في سنن سعيد بن منصور رحمه الله.


3/ حُرمة دماء المُعَاهَدين:

ذكر العلماء منهم ابن قدامة رحمة الله عليه قال في كتاب الجهاد: (ومَنْ قال لحربي قد أمَّنتُك أو أجرتك أو لا بأس عليك فقد أمَّنه) حتى انه جاء في آخر عبارة رحمه الله عليه ومن دخل دارهم بأمانهم فقد أمنهم فلا شك أن استقدم العمالة والعمال والأيدي العاملة وما شابه ذلك بفيزا أو بأمان أو بأخذ بل حتى العلماء أجازوا آمان الطفل المميز ويأتي ذلك في مذهب الإمام احمد رحمه الله عليه واختلفوا في قول القي سلاحك أوقف أولا بأس عليك حتى في حديث الذي ذكره سعيد بن منصور رحمة الله عليه عن أنس رضي الله عنه أن عمر قال لرجل تكلم لا بأس عليك فلما تكلم أراد أن يقتله فقال له رجل قد أمنته وليس لك عليه سبيل وشهد على ذلك الزبير فحقن الدم ولا شك أن شبهة الأمان يعصم من كان فيها ويرجع إلى مأمنه، ومن استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله هذا هو الأصل فالأصل أن المرأة تجير كما في حديث أم هانئ قد أجرنا من أجرتي يا أم هانئ وأمنا من أمنتني يا أم هانئ والطفل الصغير يجير فكيف بباقي المسلمين وتتعلق فيه ذمم كثيرة وتترتب عليه أمانات كثيرة كذلك فلا شك أن يكون أشد حُرمة وأعظم جُرماً أن يرتكب الإنسان ويقتل مَنْ استأمنه المسلمون.

4/ كلمته في التكفير:

لا شك أن التكفير بغير موجب وبغير حق هذا من قول الله بغير علم ومن التعدي على حدود الله لأن التكفير حد من حدود الله ليس يرجع إلى الرأي والعقل وإنما أسماء شرعية علقت بأوصاف وأقوال واعتقادات متى قام المقتضي بذلك كان الاسم الشرعي مطابقاً لذلك الوصف أما كون الإنسان يكفر هكذا مجرد لهو أو لعصبية أو ما أشبه ذلك فهذا لا يجوز في الشرع أيضاً كما قال شيخ الإسلام رحمة الله عليه، ذكر أنه حَدٌ من حدود الله ليس أن من زني بأهله أن يزني بأهل الآخرين فكذلك التكفير حَدٌ من حدود الله سبحانه وتعالى وأيضاً إجماع المسلمين بأمر على أمر بأنه خطأ أو صواب لا شك أنه إجماعهم حجة.


5/ كلمته في المخرج من الفتن:

لا شك الاستمساك بالكتاب والسنة هو الأصل ثم بأقوال العلماء الراسخين بالعلم والمشايخ الفضلاء والحمد لله البلاد مليئة بهذا الصنف فضلا عن طلبة العلم المنتشرين في كل مكان أيضا الأصل أن الإنسان لا يتبع كل مَنْ قال قولاً أن يتبع وإنما كما قال يعرف الحق تعرفه وهذا هو الأصل وان كنا لا ندَّعي العصمة لأحد بعين والخطأ جائز على كل إنسان فكل يأخذ من قوله ويرد إلا صاحب القبر أما ما سواه فعرضه للخطأ لكن العلماء الراسخين هم أولى بالإصابة وخاصة إذا اجتمع رأيهم فلا شك لا أحد يخالف فيه عقلا ولا شرعا ثم تحدث الشيخ بعد ذلك عن أحد الذين ليسوا أهلا للفتوى إذا سئل في إحدى مسائل الطهارة لم يحسنها وهو يتكلم في مسائل عظيمة في مسائل تترتب عليها دماء وأموال و أعراض وأشياء كبيرة لأن الأسماء والأحكام هي التي ينبني عليها الدين وهو أول نزاع حدث في الأمة كما ذكر شيخ الإسلام رحمة الله عليه.


6/ كلمته في تفجير مجمع المحيا: ج2

والله كان مثل الصاعقة نعم هذا أمر لا يكاد الإنسان أن يتصوره أوان يعمله إنسان وهو يعتقد حرمة دماء المسلمين إلا إنسان يستحل ولا أظن أن أحدا يستحل دماء المسلمين وهو على طريق صحيح أبدا لا يستحله إلا احد رجلين إما من الخوارج الذين يكفرون الناس عموما فلا يبالي من قتل ولا من سفك ولا من أخذ معه وإما أن يكون إنسان متأول ظاهره منه كما فعل خالد رضي الله عنه عندما قتل فتبرأ الرسول من صنيعة لكن هذا الأمر لا شك انه معيب ومشين ارتكب جُرماً عظيماً.


7/ أجابته عن شُبهة إخراج المشركين من جزيرة العرب:

كما معروف أن هذه الدماء معصومة منهم المسلم ومنهم المستأمن وإذا قلنا الإجماع قد قام بحقن دماء هؤلاء من المستأمنين أو المسلمين لكن كلهم سواء في التحريم كما في حديث عبد الله بن عمر: (مَنْ قتل مُعَاهَداً لم يرح رائحة الجنة).

 

هذا هو الأصل وذكرت الأمر الآخر وهو أن الإخراج لا يقوم به أي إنسان لأن هذا الأمر يحتاج أولا هل هؤلاء قدموا بأمان أم بغير أمان ومن ناحية ثانية الحكم هذا لا يجري على أفراد الناس وعامتهم إنما هذه الأمور ترجع لولي الأمر وهذا هو الأصل ولا ترجع لأشخاص وأفراد.


8/ كلمته حول (الجهاد) ج2

قال بن قدامة رحمة الله عليه أن الجهاد موكول للإمام واجتهاده لأنه ينظر إلى قلة المسلمين وكثرتهم وضعفهم وقوتهم فالنبي (صلى الله عليه وسلم) تارة يقاتل وتارة يطلب الجزية وتارة يأخذ خراجا ويعامل بعض الكفار تارة حتى أنه في غزوة الخندق أراد أن يعامل على بعض الكفار بشيء مما يخرج من تمور المدينة في أحكام السلطان ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية 228 في الجهاد الفتاوى.


9/ مسألة الاستهزاء بالله ووقع الخطأ في الفتوى:

من استهزأ بالله أو آياته أو رسوله كفر لكن مَنْ يطلق الحكم بهذا الشيء هم فئة محددة من أهل العلم الراسخين منهم وإقامة الحد عليه هو من خصائص ولي أمر المسلمين لكن أتت نابتة يطلقون الحكم وينفذون الحكم كذلك أليس هذا من الضلال.


الأصل أن نرجع إلى القضاة الشرعيين أن كانت قامت علية البينة فهناك قضاة شرعيون وهناك محاكم شرعية تنظر في هذا الأمر إن كان هنالك احد يطبق عليه بعد قيام البينة يطبق علية ل اشك منعا لما يدعي الإنسان على غيره بالكفر وقد يكون كاذبا الاستهزاء ينقسم قسمين استهزاء صريح واستهزاء خفي وهو الذي يدخل في النفاق وهم ليسم بأشر من عبد الله بن أبي سلول وأما من كان ظاهرا فهو الأمر الذي ذكرت فمسائل التكفير هي التي يترتب عليها أحكام شرعية في الدنيا أو في الآخرة وكلامنا في أمر الدنيا فلا نتكل على طلبة العلم المبتدئين ولا للعامة هذه نتركها للعلماء الكبار ولا شك أن الإنسان ينظر في حال الصحابة كان يتدافعون إلى الفتية فيم بينهم حتى ترجع إلى الأول تنتهي ولا شك أن مسالة الخطأ لا يمكن حصرها يعني أن يكون لها أسباب معينة فالناس متفاوتون فيها ولكن هو غالبا أما من تقصير في العلم أو قصور في طلب الحق يعني لا يخرج عن هذين السببين أما قصور في العلم أو تقصير في طلب الحق ولا شك انه لا زالت الأحداث في وقت النبي صلى الله عليه وسلم خرّجت رؤوس الخوارج من زمن الرسول عليه الصلاة والسلام خرّجت المنافقين وهكذا توالت لا شك أن هذا ليس خاصة في بلد حتى نقول هذا البلد لا يمكن أن يدخله شيء وهكذا بالعكس بالمدينة وفي مكة وفي غيرها من البلدان حدثت فيها أشياء ولا زالت فالواجب على طلبة العلم بيان الحق في هذه المسائل خصوصا وإظهار المسائل والأحكام الشرعية المتعلقة بها كذلك يجب إظهار الحدود الشرعية وأحكامها وإقامتها في عبادة الله عز وجل هذا هو الأصل لا يمكن أن تستقيم الأمور إلا بتحكيم شرع الله في الكل.


10/ تحدَّث الشيخ عن حرصه على إعلان التراجع فقال:

هذا لاشك فيه صحيح وهذا الذي هو جعل المراجعة من أول الأيام ولكن كما ذكرت لم يتسنى الكتابة أما مثل ما ذكرت السبب والله لعله الإنسان أحيانا قد يقصد خيرا فلا يصيبه ولا يوفق إلى الصواب.


ثم تحدَّث الشيخ عن تعجُله في فتوى دفع الصائل وذكر غياب الاستثناء في السلطان فقال:

أو يكون لذلك ضابط كما ذكره ابن المنذر رحمه الله عليه وهو استثناء السلطة يعني مثل هذا الضابط قد غاب في أثناء تسجيل الفتيه ثم سطر بعجله وعرض الشيخ تراجعه بدافع محاسبة النفس وأنها فعلا وافق عليها الجميع الفتية هذي أو صدرت من أشخاص محدودين وهذا إلي جعل الأمر لم يوافق عليه أهل العلم في الجانب الآخر فجعل نوع ردة فعل يعني الإنسان يحاسب نفسه على هذه الفتية هل هي فعلاً صحيحة مستقيمة.


وسأله د/ عايض هل شعرت بألم بندم يعني لمت نفسك؟

فأجاب: بنعم كما قلت لك من أول الأيام ولكن أردنا الكتابة ولم يتسنى لنا ونقول لغيرنا لا يبتدئ من حيث انتهى غيره فنحن انتهينا وغيرنا كذلك فالرجوع إلى العلماء والأخذ من العلماء والطلب من العلماء لا شك هو الأمر المطلوب وهو الأصل حتى لا يقع أشياء تترتب عليها مفاسد وأشياء اكبر منها اشد وأعظم فأهل الاستلام لابد أن يكون لهم أصل وهو هذا الأصل المعمول به في هذه البلاد خصوصا والرجوع إلى المشايخ وطلبة العلم ونحن لا نعمم الخطأ على كل الناس، نحصر الخطأ فمن أخطأ والكلام هذا كله فيمن اخطأ وليس الكلام على آخرين ولكن نقول من وقع منه هذا الخطأ والشذوذ فسببه الخروج عن الطريق فلذلك لا يمكن أن نصف جميع شباب المسلمين بأنهم خرجوا عن الطريق فيكون هذا إجحاف وإنما هؤلاء الذين وقعوا في الخطأ هم الذين حاذوا عن الطريق والطريق لا زال سالك إلى الآن.


11/ قال في فتنة الخوارج:

لا شك أن الخوارج لهم أصول وامتداد من المكفرين للكبائر والمعاصي وهناك ضابط بين الخوارج المتقدمين والمتأخرين هنا خرجت أصول جديدة وهي التعميم بالكفر على جميع الناس هذا أصل من أصول الخوارج المعاصرين أيضا قاعدة من يكفر الكافر على إطلاقه لا يفرقون بين الكافر الذي لا ينتسب إلى الإسلام وهو الكافر الأصلي والذي ينتسب وهو يقع فيه نوع شبهه وتعليم هذه القاعدة من غير استثناء أو ضابط أو قيد أيضا كل من عمل عند كافر فهو كافر عندهم وكذلك كل من لم يكن منهم أو خالف أصولهم فهو كذلك كافر هذه أصول الخوارج وإما بناء الأمور على هذه الأصول فلا شك أنه يقع عليه سفك الدماء ونهب الأموال كما فعل الخوارج فهم اتفقوا في عدة أصول ولكن هؤلاء المعاصرين زادوا أشياء.


12/ مفاسد التفجيرات:

لا شك أمرها واضح لدينا سفك الدماء وانتهاك حرمات المسلمين وترويع المسلمين وتشويه صورة الإسلام عموما والمجاهدين خصوصا والجهاد المشروع الذي شرعه لله سبحانه وتعالى في كتابه وقام به النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه وهو باقي إلى قيام الساعة أيضا ما ترتبت عليه من المفاسد من الصد عن سبيل الله فإذا نظر الكافر إلى هذه الأمور وما يحدث في للمسلمين لا شك انه سيقول إذا كانوا يقتلون كل من يأتيهم كل من يرونه غير مسلم يقتلونه فهو لا يرى أن هناك دعوة وأصول يتقدم الجهاد قد لا يترتب عليها يعني مفاسد كبيرة من الصد عن سبيل الله كذلك تحجيم الأمور الخيرية والى غير ذلك من الأشياء التي صراحة يعجز حصرها.


13/ كلمته لِمَنْ يحمل السلاح:

أقول لهم: أن يتقوا الله سبحانه وتعالى في أنفسهم وأن يلقوا السلاح وان ينخرطوا في المجتمع ويعودوا إلى إخوانهم وأهليهم فلسنا بأعداء لهم ولا يوجد لهم أعداء حتى يحملوا السلاح وليس بجهاد ولا يوجد عندنا إلا مُستأمن وإما مسلم معصوم الدم والمال والعرض ومَنْ أخطا فعليه أن يعود إلى رشده ويخاطب مَنْ يستطيع أن يصل إليه مثلاً من المشايخ أو طلبة العلم إن كان عنده شُبهه يطرحها يناقشها فلا شك أن واجب طلبة العلم والمشايخ مُناصحة هؤلاء ومراسلتهم وإيصال الحقيقة بأي طريقة سواء بشريط أو بمحاضرة أو برسالة أو بما تقوم وتتم به الحاجة.


14/ تحدث الشيخ عن نعمة (الأمن):

وقال بأنها أشمل وأعم من كلمة أو كلمتين أقولها يعني الأمن عام كل في موضعه وليس خاصاً برجل الأمن أو الشيخ أو طالب العلم أو المدرس أو غيره كل إنسان في موضعه.


15/ رَدَّ الشيخ على مَنْ لجأ للعنف بسبب الفقر:

كان الآباء والأجداد اشد فقرا منا المعاصرين والحمد لله ما هنا فقر يعني حسب ما يتصور ولكن هذا هم يبررون ويفسرون ويحللون الحالات النفسية وانه يبررون الدين والالتزام بالفقر وما أشبه ذلك واللجوء إلى الجهاد وهذا ليس صحيحا النبي كان (صلى الله عليه وسلم) كان إمام المجاهدين وكان فقيراً ولكن هم يبررون هذا بالأشياء النفسية ولكن هذا ليس مسوغاً ليقتل غيره هذا ما يتصوره أن يقوله إنسان عاقل.


16/ تحدَّث الشيخ عن مَنْ ينال من هيئة كبار العلماء ومن الخطأ الفادح مخالفتهم وخاصة في الأحداث الكبرى التي لا تقبل رأياً فردياً وبَيَّنَ الشيخ على أن السِّر في مخالفة كبار العلماء يمكن انه لا يرى أهلية هؤلاء العلماء أو أن العلماء سلطة دنيا عنده.


17/ تحدَّث الشيخ عن الهجرة طلباً للمحاكم الشرعية:

الواقع خير شاهد الآن يعني ولله الحمد والمِنَّة لا توجد محاكم شرعية حسب علمي لأن في بعض الدول وليس كلها الناس تهاجر من بلادهم إلى المحاكم الشرعية وذكر الشيخ بن عمران رحمه الله عليه في فتاويه أنهم يهاجرون من الديار التي تحكم بالقوانين الوضعية إلى البلاد التي حكم بالشريعة هذا هو الأصل في الهجرة ذكره الشيخ رحمه الله عليه في فتاويه ومن يريد الهجرة إلى أين يذهب؟ لا شك انه بحاجه إلى الأحكام الشرعية والى الله عز وجل ولله الحمد والمنة ولا يمنعون من العبادات فلا شك أن هذا فضل عظيم من الله سبحانه والواجب المحافظة عليه بل الزيادة في ثباته لأن قيد النعم الشكر.


18/ تحدث الشيخ عن طريقة تعامل هؤلاء مع مؤلفات العلماء السابقين:

هؤلاء يأخذون بعض الكلام المتشابه أو المجمل فيفصلون من كتب العلم في الإسلام مثل كتب احمد حنبل أو ابن تيمية أو محمد بن عبد الوهاب رحمهم الله مع العلم كتب هؤلاء قرأناها وتربى عليها الجيل وليس فيها شيء من التكفير هذا ولا من الدعوة إلى التفجير والفساد في الأرض فما ادري لماذا هذه الإشكالية التي تحصل لهم فلا شك هنا حمل كلام أهل العلم على غير الواقع أو حمل فتية في وقت يعني ملابسات وأشياء حدثت تحمل على نفس على زمن آخر ليس في نفس الملابسات والقرائن لا شك أن هذا يقع فيه فهم خاطئ وكذلك حمل النصوص الشرعية على غير الواقع الذي يعني عملت فيه واستعملها السلف لا شك أيضا هذا يقع في خطر كبير والذي يقرأ كلام أئمة الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وأحفاده يجد أنهم يتكلمون عن أصول فالذي لا يجيد أصول هؤلاء لا شك انه لا يعرف كلام هؤلاء فيعمل الكلام ويفهمه هو تجد الشخص يقرأ فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية يحمله على أصوله فتجد الخارجي يستدل والمرجئ كذلك يستدل والسني يستدل والكل يدعي انه مسلم ولا شك أن المسلم واحد في هذه المسائل ليست من مسائل اجتهاد هذه ليس فيها اجتهاد.


19/ كلمته لِمَنْ بقي يحمل هذا الفكر المتطرف:

نعم لا شك الواجب عليه انه يرجع ويتوب إلى الله سبحانه وتعالى ويلتزم ما في الكتاب والسنة ويعمل لبقاء الخير ودوامه، فالشريعة أتت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها هذا هو الأصل هذا التي قامت عليه نصوص الكتاب والسنة كما ذكر شيخ الإسلام رحمه الله عليه، فالإنسان يحافظ على النعمة ويشكر الله سبحانه وتعالى ويكثر من الإنابة والتوبة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى حتى يديم الله سبحانه وتعالى علينا النعم ويزيدنا الله سبحانه وتعالى ويدفع عنا النقم.


20/ تحدَّث الشيخ عن درجات إنكار المنكر:

الأصل إن الإنسان يعمل بما يجب عليه ويستطيع وقدرته فاتقوا الله ما استطعتم وليس الإنسان يستطيع أن يعمل كل ما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (مَنْ رأي منكم مُنكراً فليُغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) فالقوة والقدرة هذه من خصائص الأمارة ولا شك هو مذهب السلف كما ذكر شيخ الإسلام في القاعدة التي ذكرتها قبل قليل وكذلك أيضا ذكر رحمة الله عليه انه يفوت أحد الخيرين لتحصيل أعلاهما ويتحمل أذى المفسدين لدفع أعلاهما لو كان هناك مفاسد يعني يتحمل الإنسان لتدفع أعلى مفسده لا شك أن الإنسان يحافظ على الخير الموجود ويسأل الله أن يدفع عنها لشر حتى يتم له الخير.


21/ كلمة ختامية للشيخ:

الأول هو التحذير من فكر الخوارج وعقيدة الخوارج لأنه مثل من ذكرت إن كان الأمر منتشر وأنا لا اعلم طائفة كبيرة موجودة إلا أفراد قلائل لكن إذا وجدت هذه الطائفة لا شك انه هو التحذير من معتقد هؤلاء وأفضل مذاكرتهم أو جلبهم للمشايخ وطلبة العلم ومذاكرتهم لعل الله يردهم إلى الصواب ذكرنا أصولهم الأول التكفير بالذنوب والكبائر تكفير الناس بالعموم ثم تكفير الجيش والشرطة دم كل من عمل في سلك الدولة أيضا تكفير كل من استخرج الوثائق من بطاقة أحوال وما أشبه ذلك وأيضا تعميم قاعدة من لم يكفر الكافر وهم لا يفرقون بين الكافر الأصلي الذي لا ينتسب للإسلام وغيره ويحملون القاعدة على إطلاقه لا شك أن هذي يحذر من هؤلاء ويدعون بالتي هي أحسن ثم أن لم يرتدعوا يهجروا وان كنا نسأل الله سبحانه وتعالى طلب العلم لهم لعل الله يرشدهم ويعودوا وإذا لم يعودوا فالشرع موجود.


كلمة د/ عايض القرني الختامية:

أيها الإخوة الكرام سمعتم مراجعات وعودة إلى الحق الصواب وهو مطلب كل مؤمن ومن الذي لا يخطئ من ذا الذي ما ساء قط ومن له الحسنى فقط لكن باب المراجعة مع واحد الأحد مفتوح وهو الذي يقول سبحانه وتعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).  


ومُعلمنا وإمامنا يقول:

(كل بن ادم خطّاء وخير الخطائين التوابون) إن الرجوع إلى الحق فضيلة وشرف وعز وهي شأن بني آدم منذ أن خلق الله الخليقة لأن الإنسان مركب على النقص وعلى الخطيئة وعلى الذنب فهنيئا لمن راجع نفسه وتاب إلى الله سبحانه وتعالى وسعى في إصلاح العام والخاص فأسأل الله أن يجمع كلمتنا على الحق وان يصلح ولاة أمورنا وان يهديهم سواء السبيل وان يوفقنا وإياكم إلى ما يحب ويرضاه ونشكر الشيخ احمد بن حمود الخالدي على هذا اللقاء وصلى الله وسلم على نبيه المصطفى وآله وصحبه ومَنْ والاه.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49023

الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية   الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Emptyالأحد 17 مارس 2019, 3:33 pm

المبحث الثالث: (فقهيَّات المُراجعات)
جاء في المراجعات السعودية للمشايخ علي الخضير وناصر الفهد وأحمد الخالدي عدد من الفوائد التي لا تحصى التي كانت وبحق إجابات مقنعة ممن خاض التجربة ورأى الخطأ وتراجع عنه بكل مسئولية واقتدار وبالتأمل أجد أنها فوائد علمية يُصعب تجاهل أهميتها أو الوقوف عندها والتعليق عليها وربما كانت ظروف البرنامج التلفزيوني وتغطية لأكبر عدد ممكن من المحاور والمسائل التي أعدها فضلية المعد والمقدم هو السبب في عدم تفصيلها وهنا تأتي أهمية هذا الفصل الذي يبين عددا من المسائل او يزيل الشبهات في غيرها أو يوضح عددا من المفاهيم التي وردت في المراجعات.

وينقسم هذا الفصل إلى المباحث التالية:
المطلب الأول: (شبهة إخراج المشركين من جزيرة العرب)
أنواع الكفار في الإسلام وأحكامهم:
الكفار على أربعة أقسام:
ذميون، ومعاهدون، ومستأمنون، وحربيون وتعريفهم هو:
الذمي:  
هو من أقام بدار الإسلام إقامة دائمة بأمان مؤبّد.

والعهد:
هو عقد بين المسلمين وأهل الحرب على ترك القتال مدّةً معلومة.

فالمُعَاهَد:
هو من أهل البلد المتعاقد معهم.

وأهل الحرب:
هم أهل بلاد الكفر التي لم يجرِ بينهم وبين المسلمين عهد وأما المستأمن: فهو الحربي الذي يدخل دار الإسلام بأمانٍ مؤقت لأمرٍ يقتضيه).

فالفرق بين الحربي والمعاهد أن الحربي ليس بينه وبين المسلمين عهد ولا صلح، بخلاف المعاهد والفرق بين الذمي والمستأمن أن الذمي هو من يقيم إقامة دائمة بأمان مؤبد، أما المستأمن فحربي دخل بلاد الإسلام لغرض متى انتهى ذلك الغرض خرج لبلده والمعاهد والذمي والمستأمن جميعهم معصوم الدم، لا يجوز الاعتداء عليهم ولا التعرّض لهم قال تعالى: (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِم).
 
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعاً: (مَنْ قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً).

ثم أن الكفر ليس موجباً للقتل بكل حال؛ لأدلة كثيرة:
1/ قوله تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
2/ ما شرع من تخيير الكفار بين الإسلام وبذل الجزية والقتال.
3/ النهي عن قتل من لا شأن له بالقتال، كالنساء والصبيان وكبار السن والمنقطعين للعبادة الذين لا يشاركون المقاتلين بالفعل أو الرأي.

أما الاستدلال بحديث:
(أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) فالإجابة عنه من وجوه...

الوجه الأول:
هذا الحديث لا يدل على جواز قتل مَن في جزيرة العرب من اليهود والنصارى والمشركين البتة، لا بدلالة منطوقه ولا بدلالة مفهومه ولا يدل كذلك على انتقاض عهد من دخل جزيرة العرب من اليهود والنصارى لمجرد الدخول، ولم نجد من قال بذلك من أهل العلم وغاية ما فيه: الأمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب، وهو أمر موكول إلى إمام المسلمين، ولو كان فاجراً.

ولا يلزم من الأمر بإخراجهم إباحة قتلهم إذا بقوا فيها، فهم قد دخلوها بعهد وأمان، حتى على فرض بطلان العهد؛ لأجل الأمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، فإن الكافر الحربي لو دخل بلاد المسلمين وهو يظن أنه مستأمن بأمانٍ أو عهد لم يجز قتله حتى يبلغ مأمنه أو يُعلِمه الإمام أو نائبه بأنه لا أمان له.

حكى العلماء في القفه أنه إذا أشير إلي الحربي بشيء غير الأمان فظنه أماناً، فهو أمان، وكل شيء يراه العدو من الكفار أنه أمانٌ فهو أمان، ومن ذلك إذا اشتراه ليقتله فلا يقتله؛ لأنه إذا اشتراه فقد أمّنه، قال الشيخ ابن تيمية رحمه الله: فهذا يقتضي انعقاده بما يعتقده، وإن لم يقصده المسلم، ولا صدر منه ما يدل عليه".
   
كما أن الأمان يجوز من الإمام الأعظم للكفار، ومن سائر المسلمين لآحاد الكفار، "ويصح الأمان من مسلم عاقل مختار غير سكران ولو قنا -أي عبداً- أو أنثى بلا ضرورة من إمام لجميع المشركين ومن أمير لأهل بلدة ومن كل أحد لقافلة وحصن صغيرين  فيصح الأمان لهؤلاء الكفار من الإمام ومن سائر المسلمين.

الوجه الثاني:
لا يُسلَّم بقول من قال بأن هؤلاء لا عهد لهم ولا أمان ولا ذمَّة فقد قال الشافعي رحمه الله: (فرض الله عز وجل قتال غير أهل الكتاب حتى يسلموا، وأهل الكتاب حتى يعطوا الجزية، وقال تعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) فهذا فرض الله على المسلمين ما أطاقوه، ولا بأس أن يكفوا عن قتال الفريقين من المشركين وأن يهادنوهم، وقد كفَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن كثيرٍ من أهل الأوثان، بلا مهادنة مثل بني تميم وربيعة وأسد وطي، حتى كانوا هم الذين أسلموا وهادن الرسول (صلى الله عليه وسلم) ناساً، ووادع حين قدم المدينة يهوداً على غير ما خرج أخذه منهم).

قال ابن تيمية رحمه الله:
(ويجوز عقدها أي الهدنة مطلقاً ومؤقتاً، والمؤقت لازم من الطرفين يجب الوفاء به ما لم ينقضه العدو، ولا ينقض بمجرد خوف الخيانة في أظهر قولي العلماء، وأما المطلق فهو عقد جائز يعمل الإمام فيه بالمصلحة).

وقال ابن القيم رحمه الله:
(والقول الثاني هو الصواب أنه يجوز عقدها مطلقاً ومؤقتاً، فإذا كان مؤقتاً جاز أن تجعل لازمة ولو جعلت لازمة جعلت جائزة بحيث يجوز لكل منهما فسخها متى شاء كالشركة والوكالة والمضاربة ونحوها جاز ذلك، لكن بشرط أن ينبذ إليهم على سواء، ويجوز عقدها مطلقة وإذا كانت مطلقة لا يمكن أن تكون لازمة التأبيد بل متى شاء نقضها، وذلك أن الأصل في العقود أن تعقد على أي صفة كانت فيها المصلحة والمصلحة قد تكون في هذا وهذا، وعامة عهود النبي (صلى الله عليه وسلم) كانت كذلك مطلقة غير مقيدة، جائزة غير لازمة، منها عهده مع أهل خيبر مع أن خيبر فتحت وصارت للمسلمين، ولكن سكانها كانوا هم اليهود).  

الوجه الثالث:
أن الأمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب يُحمل على ما إذا لم يحتج المسلمون إليهم في عمل لا يحسنه غيرهم، أو لا يُستغنى عن خبراتهم فيها ويدل لذلك إقرارُ النبي (صلى الله عليه وسلم) اليهود على الإقامة بخيبر ليعملوا فيها بالفلاحة، لعجز الصحابة وانشغالهم عن ذلك ولذا أبقاهم أبو بكر طيلة حياته، وعمر صدراً من خلافته؛ لحاجة المسلمين إليهم.ولما كثر عدد المسلمين في آخر عهد عمر، وقاموا بشأن الفلاحة والزراعة؛ استغنوا عن اليهود ونقض بعضهم ذمته فأجلاهم عمر رضي الله عنه إلى الشام.

يقول الإمام الطحاوي رحمه الله:
بعد ما ساق مصالحة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليهود خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع ما بدا لرسول الله أن يبقيهم: (فلما كان زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه غالوا في المسلمين وغشوهم ورموا ابن عمر من فوق بيته ففدعوا يده، فقال عمر رضي الله عنه من كان له سهم من خيبر فليخرص حتى يقسمها بينهم، فقال رئيسهم: لا تخرجنا ودعنا نكون فيها كما أقرنا رسول الله، فقال عمر لرئيسهم: أتراه سقط عني قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لك: (كيف بك إذا رقصت بك راحلتك نحو الشام يوماً ثم يوماً ثم يوماً)، وقسمها عمر رضي الله عنه بين من كان شهد خيبر يوم الحديبية).

قال ابن تيمية رحمه الله: (لما فتح النبي (صلى الله عليه وسلم) خيبر أعطاها لليهود يعملونها فلاحةً لعجز الصحابة عن فلاحتها؛ لأن ذلك يحتاج إلى سكناها، وكان الذين فتحوها أهل بيعة الرضوان الذين بايعوا تحت الشجرة، وكانوا نحو ألف وأربعمائة، وانضم إليهم أهل سفينة جعفر، فهؤلاء هم الذين قسَّم النبي (صلى الله عليه وسلم) بينهم أرض خيبر، فلو أقام طائفة من هؤلاء فيها لفلاحتها تعطلت مصالح الدين التي لا يقوم بها غيرهم يعني الجهاد فلما كان زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفتحت البلاد، وكثر المسلمون، واستغنوا عن اليهود فأجلوهم وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) قد قال: "نقركم فيها ما شئنا"، وفي رواية "ما أقركم الله".

وأمر بإجلائهم عند موته (صلى الله عليه وسلم) فقال: "أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب"، ولهذا ذهب طائفة من العلماء كمحمد بن جرير الطبري إلى أن الكفار لا يقرون في بلاد المسلمين يقصد الجزيرة بالجزية، إلا إذا كان المسلمون محتاجين إليهم، فإذا استغنوا عنهم أجلوهم كأهل خيبر، وفي المسألة نزاع ليس هذا موضعه).  

وقال ابن القيم رحمه الله:
بعد أن ذكر أن الكفار: إما أهل حرب أو أهل عهد، وأن أهل العهد ثلاثة أصناف: أهل ذمة، وأهل هدنة وأهل أمان، قال عن أهل الأمان ـ: "وأما المستأمن فهو الذي يقدم بلاد المسلمين من غير استيطان لها، وهؤلاء أربعة أقسام رسل، وتجار، ومستجيرون حتى يعرض عليهم الإسلام والقرآن فإن شاءوا دخلوا فيه، وإن شاءوا رجعوا إلى بلادهم، وطالبوا حاجة من زيارة أو غيرها، وحكم هؤلاء ألا يهاجوا، ولا يقتلوا ولا تؤخذ منهم الجزية، وأن يعرض على المستجير منهم الإسلام والقرآن، فإن دخل فيه فذاك، وإن أحب اللحاق بمأمنه ألحق به ولم يعرض له قبل وصوله إليه، فإذا وصل مأمنه عاد حربيا كما كان".
   
وفي قصة مقتل عمر رضي الله عنه الطويلة، وفيه أنه لما قُتل أمر ابن عباس أن ينظر من الذي قتله، فلما أخبره أنه أبو لؤلؤة قال عمر: (قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة، وكان العباس أكثرهم رقيقاً، فقال أي ابن عباس: إن شئت فعلت! أي إن شئت قتلنا، قال: كذبت، بعدما تكلموا بلسانكم، وصلوا قبلتكم وحجوا حجكم!...).
   
فهذا الصنيع من عمر رضي الله عنه وهو الذي أجلا اليهود إلى تيماء وأريحا دليل على أنه فَهِمَ من الأمر بالإخراج أنه إخراج خاص بالمواطنين، وأما المقيمون من هؤلاء إقامة غير دائمة، أو الواردون على المدينة وهي من الجزيرة بالإجماع فلا يشملهم النهي.

ولم يكن عمر وهو مَنْ هو في قوته في دين الله ليجامل العباس أو ابنه في بقاء العلوج وهو يرى أن ذلك محرم، ولكنه كان يرى أن ذلك أي عدم استقدامهم أولى، ولكنه لم يلزم به، مع أنه إمام هدى، وأمير المؤمنين، وأحد الخلفاء الراشدين، ومثله لإمامته العامة يسوغ له أن يأمر بما يرى مصلحته، وإن كانت المسألة من مسائل الاجتهاد، ويجب السمع والطاعة له، ومع ذلك لم يفعل عمر من ذلك شيئاً!

فأي برهان أوضح من هذا على دلالة حديث الأمر بإخراج اليهود والنصارى الذي كان عمر أحد رواته كما ثبت في صحيح مسلم.

كما يشهد لهذا قول جابر بن عبد الله رضي الله عنه  في قوله تعالى: (إنما المشركون نجسٌ فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا".. الآية) قال: (إلا أن يكون عبداً أو أحداً من أهل الذمة أي له عقد أمان مع المسلمين، وليس المقصود أهل الذمة بالاصطلاح الفقهي المعروف فتُحمل إذاً دلالة حديث إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب على المنع من استيطان المشركين لجزيرة العرب، لا إقامتهم فيها للعمل المؤقت، أو التجارة كما هو شأن الكفار الوافدين لاسيما أن الكفار في البلاد في الجملة أهل وفادة وليسوا من أهل الإقامة، وهذا لا يسوّغ الدخول لكل وافد من الكفار، فإن هذا يُمنع بمناط آخر، لكن مَنْ احتاجه المسلمون ساغ وفوده، وقد قاله النبي (صلى الله عليه وسلم) في وصيته التي فيها ذكر إخراجهم: (وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم)  وكأنه تنبيه على الجمع بين الحكمين, وأنه لا تعارض بينهما.

ولهذا فإن عمر لَمَّا أخرج اليهود؛ استند إلى الحديث, لكنه مع ذلك ترك بعض أعيان الكفار من الرقيق وغيرهم لم يخرجهم فتأمَّل هذا.

الوجه الرابع:
أن القول بانتقاض عهد كل مشرك لأجل إقامته في جزيرة العرب يلزم منه أن تكون دماء الكفار من غير الأمريكيين تحديدا مهدرةً وأموالُهم مباحةً؛ فليس انتقاض العهد بالإقامة في الجزيرة مخصوصاً بالنصارى الأمريكان والأوربيين وحدهم!فيلزم من القول بإهدار دماء نصارى الأمريكان والأوربيين القولُ بإهدار دماء وإباحة أموال نصارى الدول الأخرى، إذ جميعهم نصارى مشركون، وهم في الحكم سواء. ولا شك أن القول بانتقاض عهد كل مشرك لأجل إقامته في جزيرة العرب، ومن ثم إهدار دمه وإباحة ماله يفضي إلى فوضى واضطراب وظلم.

ومما يعجب له أنه على مدار عشرات السنين لم يثر هذا الأمر ليكون سبباً لقتال أهل الأمان مع وجودهم بين ظهرانينا.إن هذا ظاهر في أن مسألة جزيرة العرب لم تكن مسألة أصلية لدى هؤلاء، وإنما استدعيت لتقوية الموقف الحادث من هذه التفجيرات.

الوجه الخامس:
أن كفر الحاكم ليس موجباً لبطلان عقد الأمان؛ لأن الكافر دخل بلد الإسلام على أن الحاكم نافذ الكلمة وله الولاية والسلطة.

والأمان ليس من الأمور التي لا تقام إلا بأمر الأمير وحده، ولا يشترط فيها تمام شروط الولاية بل الثابت عكس ذلك ؛لحديث علي بن أبي طالب في قول النبي (صلى الله عليه وسلم) عن المؤمنين: (يسعى بذمتهم أدناهم)  وكذلك أمان أم هانئ للمشركين: (قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ).
 
ولذا نص العلماء على أن الأمان يصح من كل مسلم ولو عبداً أو أنثى ومهما يكن من شيء: فقد اختلف العلماء في المقصود بإخراجهم وهي مسألة محل اجتهاد هذا طرف منه، كما أن هناك خلافا معروفا في تحديد معنى وحدود الجزيرة العربية فمنهم من جعلها مكة والمدينة ومنهم من زاد عليها ولكل أدلته القوية في اجتهاده لكن يبقى احترام رأي العلماء وتوقيرهم والوقوف عند أقوالهم إذا صح مع أحدهم الدليل.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49023

الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية   الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Emptyالإثنين 18 مارس 2019, 6:19 am

المطلب الثاني: (سماحة الشريعة في التعامل مع غير المسلمين)
شرح المشايخ في مراجعاتهم أهمية التعامل مع الكفار وفق الضوابط الشرعية وذلك بعدم ظلمهم أو الاعتداء عليهم فضلا عن تحريم قتلهم وسفك دمائهم كما حصل في هذه التفجيرات الآثمة بل يجب علينا أن نحسن وفادتهم في بلادنا وندعهم للإسلام الخالد الكامل في تشريعاته وأحكامه و لقد تعدد صور السماحة في هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه مع غير المسلمين التي كانت مثالا واضحا وجلي على الرحمة والشفقة بهم ودعوتهم للإسلام وخاصة المقيمين بينهم ومن ذلك أمثلة كثيرة.

نذكر منها على سبيل المثال:
قصة الطفيل بن عمرو الدوسي
قدم الطفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه فقالوا: يا رسول الله إن دوساً قد كفرت وأبت فادع الله عليها، فقال (صلى الله عليه وسلم): (اللهم أهد دوساً وائت بهم).

قصة إسلام أم أبي هريرة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة فدعوتها يوماً فأسمعتني في رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما أكره فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنا أبكي قلت: يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (اللهم أهد أم أبي هريرة)، فخرجت مستبشراً بدعوة نبي الله (صلى الله عليه وسلم) فلما جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف فسمعت أمي خشف قدمي فقالت: مكانك يا أبا هريرة وسمعت خضخضة الماء قال فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها ففتحت الباب ثم قالت: يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله قال فرجعت إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأتيته وأنا أبكي من الفرح.

قصة إسلام ثقيف:
جاء الأنصار إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالوا: يا رسول الله ادع الله على ثقيف فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (اللهم أهد ثقيفاً)، قالوا يا رسول الله ادع عليهم فقال: (اللهم أهد ثقيفاً)، فعادوا فعاد فأسلموا فوجدوا من صالحي الناس إسلاماً ووجد منهم أئِّمَّة وقادة.

عطاس اليهود عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

كان من اليهود حيث كانوا يتعاطسون عند النبي (صلى الله عليه وسلم) رجاء أن يقول لهم يرحمكم الله فلم يحرمهم من الدعوة بالهداية والصلاح فكان يقول: (يهديكم الله ويصلح بالكم).  

قبول الرسول لهدايا اليهود
قبل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هدايا مخالفيه من غير المسلمين فقبل هدية زينب بنت الحارث اليهودية امرأة سلام بن مشكم في خيبر حيث أهدت له شاة مشوية قد وضعت فيها السُّم.

قصة الغلام اليهودي
في البخاري عن أنس رضي الله عنه أن غلاماً ليهود كان يخدم النبي (صلى الله عليه وسلم) فمرض فأتاه النبي (صلى الله عليه وسلم) يعوده فقال أسلم فأسلم.

قصة أم أسماء بنت أبي بكر
كان (صلى الله عليه وسلم) يأمر بصلة القريب وإن كان غير مسلم فقال لأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: (صِلِي أمّكِ).

غير المسلمين في المدينة المنورة
في المدينة حيث تأسَّسَ المجتمع الإسلامي الأول عاش في كنفه اليهود بعهد مع المسلمين وكان (صلى الله عليه وسلم) غاية في الحلم معهم والسَّماحة في معاملتهم حتى نقضوا العهد وخانوا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمَّا من يعيشون بين المسلمين يحترمون قيمهم ومجتمعهم فلهم الضَّمان النبوي، فقد ضمن (صلى الله عليه وسلم) لِمَنْ عاش بين ظهراني المسلمين بعهد وبقي على عهده أن يحظى بمُحاجَّة النبي (صلى الله عليه وسلم) لِمَنْ ظلمه فقال (صلى الله عليه وسلم): (ألا مَنْ ظلم مُعَاهَداً أو انتقصه أو كلّفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس فأنا حجيجُه يوم القيامة).
 
وشدَّد الوعيد على من هتك حرمة دمائهم فقال (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ قتل مُعَاهَداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاماً).

كتاب أبي بكر الصديق لخالد بن الوليد
كتب لخالد بن الوليد رضي الله رعنهما في عقد الذمة لأهل الحيرة بالعراق وكانوا من النصارى (وجعلت لهم أيما شيخ ضعف عن العمل أو أصابته آفة من الآفات أو كان غنياً فافتقر وصار أهل دِينِهِ يتصدَّقون عليه طُرحَتْ جزيته ويُعطى من بيت مال المسلمين هو وعياله).
 
وكان أبو بكر يوصي الجيوش الإسلامية بقوله: (وستمرُّون على قوم في الصوامع رُهباناً يزعمون أنهم ترهَّبوا في الله فدَعُوهم ولا تهدموا صوامعهم).

وصيَّة عمر بن الخطاب بأهل الذّمَّة
أوصى عمر الخليفة من بعده بأهل الذَّمَّة أن يوفى لهم بعهدهم وأن يقاتل مَنْ ورائهم وأن لا يُكَلّفُوا فوق طاقتهم.

ومَرَّ عمر بن الخطاب بباب قوم وعليه سائل يسأل: شيخٌ كبيرٌ ضرير البصر فضرب عضده من خلفه وقال: من أي أهل الكتاب أنت؟ قال: يهودي، قال: فما ألجأك إلى ما أرى؟ قال: أسأل الجزية والحاجة والسِّن، قال: فأخذ عمرُ بيده وذهب به إلى منزله فرضخ له بشيء من المنزل ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال انظر هذا وضُربَاءه فو الله ما أنصفناه أن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند وضع عنه الجزية وعن ضُربَائه.

ورُويَ عن عمر رضي الله عنه أنه لَمَّا قدم الجابية من أرض الشام استعار ثوباً من نصراني فلبسه حتى خاطوا قميصه وغسلوه وتوضأ من جرة نصرانية، وصنع له أهل الكتاب طعاماً فدعوه فقال أين هو قالوا: في الكنيسة فكره دخولها وقال لعلي: اذهب بالناس فذهب علي بالمسلمين فدخلوا فأكلوا وجعل علي ينظر إلى الصور وقال: ما على أمير المؤمنين لو دخل فأكل.

وعن عبد الله بن قيس قال: كنت فيمن تلقى عمر بن الخطاب مع أبي عبيدة مقدمه من الشام فبينما عمر يسير إذ لقيه المُقلسون وهم قوم يلعبون بلعبة لهم بين أيدي الأمراء إذا قدموا عليهم بالسيوف والريحان فقال عمر: مه رُدُّوهُم وامنعوهم فقال أبو عبيدة يا أمير المؤمنين هذه سُنَّةُ العجم أو كلمة نحوها وإنك إن تمنعهم منها سروا أن في نفسك نقضاً لعهدهم فقال: دعوهم عمر وآل عمر في طاعة أبي عبيدة.
  
قصص من فعل السَّلف الصالح
1/ صلى سلمان وأبو الدرداء رضي الله عنهما في بيت نصرانية فقال لها أبو الدرداء رضي الله عنه: هل في بيتك مكان طاهر فنصلي فيه؟ فقالت طهرا قلوبكما ثم صليا أين أحببتما فقال له سلمان رضي الله عنه: خذها من غير فقيه.

2/ أن عمر بعث عُميراً عاملاً على حِمْص فمكث حَوْلاً لا يأتيه خبره ولم يبعث له شيئاً لبيت مال المسلمين، فقال عمر لكاتبه: اكتب إلى عمير فو الله ما أراه إلا قد خاننا إذا جاءك كتابي هذا فأقبل وأقبل بما جبيت من فيء المسلمين حين تنظر في كتابي هذا فأخذ عمير لما وصله كتاب عمر جرابه فوضع فيه زاده وقصعته وعلق أداوته وأخذ عنزته ثم أقبل يمشي من حِمْص حتى قدم المدينة فقدم وقد شحب لونه واغْبَرَّ وجهه فدخل على عمر فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله قال عمر: ما شأنك؟ قال ما تراني صحيح البدن ظاهر الدم معي الدنيا أجرُّها بقرونها؟ قال عمر: وما معك؟ وظنَّ عمر أنه جاءه بمال قال: معي جرابي أجعل فيه زادي وقصعتي آكل فيها وأغسل فيها رأسي وثيابي وإداوتي أحمل فيها وضوئي وشرابي، ومعي عنزتي أتوكأ عليها وأجاهد بها عدواً إن عرض لي، فو الله ما الدنيا إلا تبع لمتاعي وسأله عمر عن سيرته في قومه وعن الفيء فأخبره، فحمد فعله فيهم ثم قال: جَدِّدُوا لعُمير عهداً، قال عُمَيْرُ: إن ذلك شيءٌ لا أعمله لك ولا لأحد بعدك والله ما سلمت بل لم أسلم، لقد قلت لنصراني: أخزاك الله فهذا ما عرَّضتني له يا عمر، وإن أشقى أيامي يوم خلفت معك. 

3/ وعن مجاهد قال كنت عند عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وغلامه يسلخ شاةً فقال: يا غلام إذا فرغت فابدأ بجارنا اليهودي فقال رجلٌ من القوم: اليهودي أصلحك الله؟ قال: سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يوصي بالجار حتى خشينا أو روينا أنه  سيورثه.
  
4/ في خلافة عمر بن عبد العزيز رحمه الله كتب إلى عدي بن أرطأة: وانظر من قبلك من أهل الذّمَّة قد كبُرَتْ سِنُّهُ وضعُفَت قوته وولّت عنه المكاسب فأجْرِ عليه من بيت مال المسلمين ما يُصلحه.
  
5/ أمر عمر بن عبد العزيز رحمه الله مُناديه يُنادى: ألا مَنْ كانت له مَظلمة فليرفعها، فقام إليه رجلٌ ذِمِّيٌ من أهل حِمْص فقال: يا أمير المؤمنين أسألك كتاب الله، قال: وما ذاك؟ قال: العباس بن الوليد بن عبد الملك اغتصبني أرضي، والعباسُ جالسٌ، فقال له عمر: يا عبَّاس ما تقول؟ قال: نعم أقطعنيها أمير المؤمنين الوليد وكتب لي بها سجلاً، فقال عمر: ما تقول يا ذِمِّيٌ؟ قال: يا أمير المؤمنين أسألك كتاب الله تعالى، فقال عمر: نعم كتاب الله أحق أن يُتَّبَع من كتاب الوليد قُمْ فاردُدْ عليه ضَيْعته، فرَدَّهَا عليه.
 
6/ في عهد الرشيد كانت وصية القاضي أبي يوسف له بأن يرفق بأهل الذّمَّة حيث يُخاطبه بقوله: (ينبغي أن ترفق بأهل ذِمَّة وصية نبيك محمد (صلى الله عليه وسلم) حتى لا يُظلموا ولا يُؤذوا ولا يُكلّفوا فوق طاقتهم ولا يُؤخذ من أموالهم إلا بحق يجب عليهم".

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49023

الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية   الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Emptyالإثنين 18 مارس 2019, 8:43 am

المطلب الثالث: (مســألة التترس)
ظهر في مراجعات المشايخ مسألتان هامتان جداً أولها مسألة دفع الصائل وهو الذي يعتدي على الإنسان بدون وجه حق فيشرع له أن يدافعه بالأسهل والأخف فإن صال عليه قتله ومن هنا أحتج بعض الفارين عن العدالة بجواز مدافعة رجال الأمن من هذا الباب ولو أدَّى إلى قتلهم وقد وجدت في تراجعات المشايخ الإجابة الكافية الشافية ولاسيما في تراجع الشيخ أحمد الخالدي الذي لَمَّا عرف إجماع العلماء على استثناء السلطان ومَنْ أرسله من دفع الصائل كما حكاه ابن المنذر وأنه يجب الطاعة له والانقياد لِمَنْ أرسله ومنهم رجال الأمن فوجدت نفسي مكتفياً بهذا الكلام النفيس في إجماع الأمَّة التي لا تجتمع على ضلالة وبقيت المسألة الثانية وهي مسألة التترس التي تحتاج مزيداً من الشرح فهناك مَنْ يقيس قتل المسلمين في عمليات التفجير في الرياض على قتل المسلمين إذا تترَّس بهم الكفار.

وهو قياسٌ مع الفارق من عدة وجوه:
الوجه الأول
ما قرَّره أهل العلم من أن قتل المسلمين المتترس بهم لا يجوز إلا بشرط أن يُخاف على المسلمين الآخرين الضرر بترك قتال الكفار فإذا لم يحصل ضرر بترك قتال الكفار في حال التترس بقي حكم قتل المتترَّس بهم على الأصل وهو التحريم. فجوازه إذاً لأجل الضرورة، وليس بإطلاق وهذا الشرط لا بد منه إذ الحكم كله إعمال لقاعدة دفع الضرر العام بارتكاب ضرر خاص.
 
قال القرطبي رحمه الله:
(قد يجوز قتل الترس وذلك إذا كانت المصلحة ضروريَّة كلية، ولا يتأتى لعاقل أن يقول لا يقتل الترس في هذه الصورة بوجه, لأنه يلزم منه ذهاب الترس والإسلام والمسلمين).
 
أمَّا لو قتل المسلمون المتترَّس بهم دون خوف ضرر على المسلمين ببقاء الكفار، فإننا أبطلنا القاعدة التي بني عليها الحكم بالجواز.

فقتل المسلمين ضرر ارتكب لا لدفع ضرر عام بل لمجرد قتل كُفَّار قال ابن تيمية رحمه الله:
(ولهذا اتفق الفقهاء على أنه متى لم يمكن دفع الضرر عن المسلمين إلا بما يفضي إلى قتل أولئك المتترس بهم جاز ذلك).
 
فأين هذه الضرورة في قتل المسلمين الذين يساكنون النصارى في تلك المُجمَّعات السكنية المستهدفة؟

الوجه الثاني
أن مسألة التترس خاصة بحال الحرب (حال المصافّة والمواجهة العسكرية) وهؤلاء الكفار المستهدفون بالتفجير لسنا في حال حرب معهم، بحيث يكون من ساكنهم من المسلمين في مجمعاتهم في حكم المتترَّس بهم، بل هم مُعَاهَدُونَ مُسالِمُون.

الوجه الثالث
اختلاف حال المتترَّس به عن حال الحراس ونحوهم؛ فالمتترَّس به عادة هو أسير لدى الكفار ينتظر الموت غالباً على أيديهم، لكنهم يتقون به رمي المسلمين، أما الحراس فضلاً عن المارة والجيران فهم آمنون في بلادهم فبأي وجه يفاجئهم أحد من المسلمين بأن يقتلهم لكي يقتحموا على من يحرسون من المعاهدين والمسلمين المقيمين معهم أو المتعاملين معهم؟

الوجه الرابع
أن الله تعالى بَيَّنَ أن من مصالح الصلح في الحديبية أنه لو سلط المؤمنين على الكافرين في ذلك الحين لأدى إلى قتل أقوام من المؤمنين والمؤمنات ممن يكتم إيمانه، فلولا ذلك لسلط المؤمنين على أولئك الكافرين، قال تعالى: (هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلَا رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا).
  
قال القرطبي رحمه الله:
(لم تعلموهم أي لم تعرفوا أنهم مؤمنون أن تطأوهم بالقتل والإيقاع بهم.. والتقدير: ولو أن تطأوا رجالاً مؤمنين ونساء مؤمنات لم تعلموهم لأذن الله لكم في دخول مكة ولسلطكم عليهم، ولكنَّا صُنَّا من كان فيها يكتم إيمانه. وقوله (فتصيبكم منهم معرّة) المعرة العيب.. أي يقول المشركون: قد قتلوا أهل دينهم.. لو تزيّلوا أي تميَّزوا، ولو زال المؤمنون عن الكفّار لعذب الكفار بالسيف.. وهذه الآية دليل على مراعاة الكافر في حُرمة المؤمن).
  
فتبيَّن من هذه الأوجه أن قياس المسلمين الذين يُساكنون الكفار في المجمعات السكنية على مسألة التترُّس قياسٌ غير صحيح.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49023

الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية   الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Emptyالإثنين 18 مارس 2019, 6:16 pm

المطلب الرابع: (وجوب طاعة ولي الأمر)
ذكر المشايخ في تراجعاتهم عظم حق ولي الأمر ووجوب السمع والطاعة له في غير معصية الله وأن البيعة تكون له من أصحاب الحل والعقد وأن الله يجمع عليه الناس بقلوبهم قبل أقوالهم وأفعالهم فأمور المجتمع لا تتحصل ولا توجد إِلا بوجود إِمام يلتف الناس حوله يأتمرون بأمره وينتهون بنهيه، يردع الظالم ويضع الحق في نصابه فبدون ولي الأمر إِمامة لا تقوم للدين قائمة ولا يشاد له مَعْلم ولقد حفلت الشريعة الإسلامية بنصوصها من الكتاب والسُّنَّة بوجوب السمع والطاعة لولاة الأمر في غير معصية، وفي هذا انتظام شؤون العباد الدينية والدنيوية، ويوم لا يعلن المجتمع ذلك ولا يدين به، فلا وجود حقيقي لإِمامة ولا اعتبار لحاكم ومن مشهور الكلم (لا إمامة إلا بسمع وطاعة).

ومما جاء من النصوص الشرعية في ذلك ما يلي:
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ).
  
وعن ابن عمر -رضي الله عنه-ما قال: قال (صلى الله عليه وسلم): (على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إِلا أن يؤمر بمعصية).

يقول الحافظ ابن رجب رحمه الله:
(وأما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين ففيها سعادة الدنيا، وبها تنتظم مصالحُ العباد في معايشهم، وبها يستعينون على إِظهار دينهم وطاعة ربهم).
  
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ أطاعنـي فقد أطاع الله ومَنْ عصاني فقد عصى الله، ومَنْ يُطع الأمير فقد أطاعنـي، ومَنْ يعص الأمير فقد عصاني).
 
قال شيخ الإِسلام ابن تيميه رحمه الله:
(فطاعة الله والرسول واجبة على كل أحد، وطاعة ولاة الأمور واجبة لأمر الله بطاعتهم فمن أطاع الله ورسوله بطاعة ولاة الأمر فأجره على الله، ومَنْ كان لا يطيعهم إِلا لما يأخذه من الولاية والمال، فإِن أعطوه أطاعهم وإِن منعوه عصاهم ؛ فما له في الآخرة من خَلَاق). 

وقد أجمعت الأمة على وجوب السمع والطاعة لولي الأمر مبنيُّ على النصوص الشرعية الواضحة التي تواترت بذلك.
 
حتى لو وقع في معصية فقد أرشد الرسول (صلى الله عليه وسلم) أمته للتعامل الصحيح معه كما في حديث عوف بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال (صلى الله عليه وسلم): (ألا مَنْ ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله فليكره الذي يأتي من معصية الله ولا ينزع يداً من طاعة).
 
أن الواجب على كل مسلم أن يتجنَّب ما يُخالف قوة السلطان وإهانته بالقول والفعل ومن ذلك الوقيعةُ في أعراض الأمراء والملوك والرؤساء والاشتغال بسبِّهم وذِكْرِ معايبهم فقد عَدَّهُ العلماء السابقون والمتأخرون خطيئة كبيرة، وجريمة شنيعة، وذَمَّ فاعلها وهي نواة الخوارج على ولاة الأمر الذي هو أصل فساد الدين والدنيا معاً وقد علم أن الوسائل لها أحكام المقاصد، فكل نص في تحريم الخروج وذَمِّ أهله فهو دليل على تحريم السَّبِّ وذَمِّ فاعله.

قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (لا تَسُبُّوا أمراءكم ولا تغـشُّـوهم ولا تبغضوهم واتقوا الله واصبروا فإن الأمر قريب).
  
وعن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (يكون بعدي أئِمَّة لا يهتدون بهديي ولا يستنون بسنَّتي وسيقوم فيكم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إِنس) قلت: كيف أصنع إن أدركت ذلك؟ قال: (تسمع وتطيع للأمير وإِن ضرب ظهرك وأخذ مالك).
  
وعن أم سلمة -رضي الله عنه-ا قالت قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (سيكون بعدي أمراء فتعرفون وتنكرون فمَنْ أنكر فقد برئ ومَنْ كره فقد سلم ولكن مَنْ رضي وتابع) قالوا أفلا ننابذهم بالسيف؟ قال: (لا ما أقاموا فيكم الصلاة).

وعن أبي بكرة --رضي الله عنه-- قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (السلطان ظل الله في الأرض فمَنْ أهانه أهانه الله ومَنْ أكرمه أكرمه الله).
 
وعن عرفجة الأشجعي --رضي الله عنه-- قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (مَنْ أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشُقَّ عصاكم ويُفَرِّقَ كلمتكم فاقتلوه).
  
وعن وائل بن حجر --رضي الله عنه-- قال: قلنا يا رسول الله: أرأيت إِن كان علينا أمراء يمنعونا حقَّنا ويسألونا حقَّهم؟ فقال: (اسمعوا وأطيعوا فإِنما عليهم ما حُمِّلُوا وعليكم ما حُمِّلتُم).
  
إن اللائق بالمؤمنين الطائعين لله حق طاعته أن يشيع فيه مبدأ التناصح بينهم وبين ولاة أمورهم بالطرق الشرعية المذكورة في مؤلفات العلماء الربانين فلئن كانت حاجةُ المجتمع المسلم حاجة شديدةً إِلى النصيحة، فإِن حاجة وليِّ الأمر إِليها أشدُّ وأعظم، لأنه القائمُ على شؤون الناس والراعي لمصالح مجتمعهم.

فلما ينهض به من جليل الأعمال وعظيم المهام احتاج إِلى الناصح الأمين والموجه المخلص، ومن هنا حَضَّ المصطفى (صلى الله عليه وسلم) على إِزجاء النصيحة لولي الأمر في غير ما حديث تناقلتها كتب السُّنَّة..

ومنها:
حديث تميم بن أوس الداري -رضي الله عنه- قال: قال (صلى الله عليه وسلم): الدين النصيحة قيل: لِمَنْ يا رسول؟ قال: (لله ولكتابه ولرسوله ولأئِمَّةِ المسلمين وعامَّتهم).
  
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال قال (صلى الله عليه وسلم): (إِن الله يرضى لكم ثلاثاً يرضى لكم أن تعبدوه ولا تُشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرَّقوا، وأن تُناصِحُوا مَنْ وَلَّاهُ اللهُ أمركم).

وعن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال في خطبته بالخَيْف من مِنَى: (ثلاثٌ لا يُغِلُّ عليهن قلبُ أمريءٍ مسلمٍ إِخلاص العمل لله ومُناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين).
 
ولا يتوهَّمنَّ أحَدٌ أن مُناصحة ولي الأمر لا تكون إِلا في الوقوف أمامه ووقْفِه على مواضع تقصيره، كلا، بل مفهوم المُناصحة أوسع من ذلك إِذ يشمل هذا وغيره مما هو أكثر منه، وفي ظنِّي أن الناس إِنما دخل عليهم النقص والخلل في نصيحة أولي الأمر، حين لم يفقهوا ما تشمله تلك النصيحة.

ذلك أن نصيحة ولي الأمر تشمل ما يلي:
1/ طاعته والسمع له بالمعروف.
2/ عدم الخروج عليه.
3/ إرشاده إلى الحق بالحسنى، وإعانته عليه.
4/ طي عيوبه ونشر محاسنه.
5/ الذّبِّ عن عِرْضِهِ.
6/ الدُّعاء له بالتوفيق والصلاح.


قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله:
(وأمَّا النصيحة لأئِمَّة المسلمين وهم ولاتهم؛ من السلطان الأعظم إِلى الأمير إِلى القاضي إِلى جميع مَنْ لهم ولاية صغيرة أو كبيرة فهؤلاء لَمَّا كانت مهماتهم وواجباتهم أعظم من غيرهم وجب لهم من النصيحة بحسب مراتبهم ومقاماتهم وذلك باعتقاد إِمامتهم والاعترافِ بولايتهم ووجوبِ طاعتهم بالمعروف، وعدم الخروج عليهم وحَثِّ الرَّعية على طاعتهم، ولزوم أمرهم الذي لا يُخالف أمر الله ورسوله، وبذل ما يستطيع الإِنسان من نصيحتهم وتوضيح ما خَفِيَ عليهم مما يحتاجون إِليه في رعايتهم، كلُّ أحَدٍ بحسب حاله والدُّعاء لهم بالصلاح والتوفيق، فإن صلاحَهم صلاحٌ لرعيتهم.

واجتناب سبِّهم والقدح فيهم وإِشاعة مثالبهم، فإِن في ذلك شراًّ وضرراً وفساداً كبيراً، فمن نصيحتهم الحذرُ والتحذيرُ من ذلك وعلى مَنْ رأى منهم ما لا يحل أن يُنبِّههم سِرّاً لا علنا، بلطفٍ وعبارة تليقُ بالمقام ويحصل بها المقصود، فإِن هذا مطلوب في حق كل أحَدٍ، وبالأخص ولاةُ الأمور، فإن تنبيههم على هذا الوجه فيه خيرٌ كثيرٌ، وذلك علامة الصِّدق والإخلاص).
  
فكل هذه الأمور الجليلة كما ترى داخلة في النصيحة لولي الأمر وعلى كل مسلم يريد القيام بما أوجب الله عليه، أن يأتي بما تتطلبه هذه النصيحة أو بما يستطيعه من ذلك، بحسب قدرته وحاله.

ومن أعظم حقوق النصيحة لولي الأم أمر غَفَل عنه كثير من الناس في هذا الزمان المتأخر ولا يسع أحد تركُه، لأنه في مقدروهم جميعاً، ألا وهو الدعاء لولي الأمر.

قال أبو جعفر الطحاوي رحمه الله:
(ولا نرى الخروج على أئِمَّتنا وولاة أمورنا وإِن جاروا، ولا ندعوا عليهم ولا ننزع يداً من طاعتهم، ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضة ما لم يأمروا بمعصية، وندعوا لهم بالصَّلاح والمُعافاة).
 
وقال البربهاريُّ رحمه الله: (فأمرنا أن ندعوا لهم بالصلاح ولم نؤمر أن ندعوا عليهم وإن ظلموا وإن جاروا لأن ظلمهم وجورهم على أنفسهم وصلاحهم لأنفسهم و للمسلمين). 

وقال أبو عثمان الصابوني رحمه الله:
(ويرى أصحاب الحديث الجمعة والعيدين وغيرهما من الصلوات خلف كل إِمام، براً كان أو فاجراً، ويرون جهاد الكفرة معهم، وإِن كانوا جَوَرة فجرة ويرون الدعاء لهم بالإِصلاح والتوفيق والصلاح، وبسط العدل في الرعية).
 
وذكر ابن الجوزي رحمه الله:
من مناقب إمام أهل السُّنَّة أحمد بن حنبل رحمه الله حرصه على الحَثِّ على طاعة السلطان والدعاء له، وأنه كان أيضاً دائم الدعاء له، وبخاصة إِذا مر ذكره، أو عَرَض له ذكر في أثناء مسألة.
 
قال أبو بكر المروذي رحمه الله:
سمعت أبا عبد الله وذُكر الخليفةُ المتوكل، فقال: (إِني لأدعو له بالصلاح والعافية..). 

قال الإِمام أحمد بن حنبل رحمه الله:
(إِني لأدعو للسلطان بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار وبالتأييد وأرى ذلك واجباً عليَّ).

ولهذا حين اقتحم رجال الخليفة المتوكل على الإِمام أحمد بيته على إِثر وشاية كان فيما قال لهم رحمه الله: (إِني لأرى طاعة أمير المؤمنين في السِّر والعلانية، وفي عُسري ويُسري ومَنشطي ومَكرهي وأثرة علي وإِني لأدعو له بالتسديد والتوفيق في الليل والنهار).

ففي قول الإِمام أحمد:
(وإِني لأدعو له) تأكيد لما يعتقده من السمع والطاعة وإِقرار به، ولهذا؛ خلَّى سبيله رجال الخليفة ولقد بالغ هذا الإِمام في حَثِّ الناس على الدُّعاء لولي الأمر فأرسل مقولته التي اشتهرت اشتهار الشمس، وأصبحت حكمةً تتناقلها الالسُّنَّة، وهي: (لو أن لي دعوة مُستجابة ما جعلتها إِلا في السلطان).

قال ناصر الدين ابن المُنَيِّر:
(الدعاء للسلطان الواجب الطاعة، مشروع بكل حال).
 
قال أبو محمد البربهاري رحمه الله:
(وإِذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإِذا رأيت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح، فاعلم أنه صاحب سُنَّة إن شاء الله).
 
قال الإِمام الآجري رحمه الله:
(قد ذكرتُ من التحذير عن مذاهب الخوارج ما فيه بلاغ لِمَنْ عصمه الله عز وجل الكريم عن مذهب الخوارج، ولم ير رأيهم، وصبر على جُور الأئِمَّةِ وحَيْفِ الأمراء ولم يخرج عليهم بسيفه، وسأل اللهَ العظيمَ أن يكشف الظلم عنه وعن جميع المسلمين، ودعا للولاة بالصلاح، وحَجَّ معهم وجاهد معهم كل عدو للمسلمين، وصلّى خلفهم الجُمُعَةَ والعِيدين، فمَنْ كان هذا وصفه كان على الطريق المستقيم).
 
ومن أعظم فوائد الدُّعاء لولي الأمر أن عائد نفعه الأكبر إِلى الرعيَّة أنفسهم، فإِن ولي الأمر إِذا صَلُحَ، صَلُحَتِ الرَّعية واستقامت أحوالها، وهنئ عيشُها.

عن قيس بن أبي حازم:
أن امرأة سألت أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- فقالت: ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية؟ فقال أبو بكر -رضي الله عنه-: (بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم).
 
قال ابن حجر رحمه الله:
(أي: لأن الناس على دين مُلُوكِهم فمَنْ حَادَ من الأئِمَّة عن الحال، مال وأمال).
 
وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول:
(اعلموا أن الناس لن يزالوا بخير، ما استقامت لهم ولاتهم وهُدَاتُهَم).
 
وقال القاسم بن مخيمرة رحمه الله:
(إِنما زمانكم سُلطانكم فإذا صَلُحَ سُلطانكم صَلُحَ زمانكم، وإِذا فسد سُلطانكم فسد زمانكم).
 
وقال ابن المنير رحمه الله:
(نُقل عن بعض السَّلف أنه دعا لسلطان ظالم، فقيل له: أتدعو له وهو ظالم؟ فقال: إِي والله أدعو له، إِن ما يَدفعُ الله ببقائه، أعظمُ مما يندفع بزواله.

قال ابن الُمنِّير:
(لاسيما إِذا ضُمِّن ذلك الدَّعاء  بصلاحه وسداده وتوفيقه).
 
ولقد سئل الفضيل بن عياض رحمه الله حين سمع يقول:
(لو كانت لي دعوةٌ مُستجابة ما جعلتها إِلا في السلطان) فقيل له: يا أبا علي فَسِّر لنا هذا، فقال: (إذا جعلتُها في نفسي لم تَعْدُني وإِذا جعلتها في السلطان صَلَحَ فصَلَحَ بصلاحه العبادُ والبلاد).
 
وفي بعض الروايات:
(لأنه إِذا صلح الإِمام أَمِن البلادُ والعباد).

قال الفضيل رحمه الله:
(أما صلاح البلاد، فإِذا أمن الناس ظلم الإِمام عَمَّروا الخرابات، ونزلوا الأرض، وأمَّا العباد فينظر إِلى قوم من أهل الجهل، فيقول: قد شغلهم طلب المعيشة عن طلب ما ينفعهم من تعلم القرآن وغيره، فيجمعهم في دار، خمسين خمسين أقل أو أكثر، يقول للرجل: لك ما يصلحك، وعلم هؤلاء أمر دينهم، وانظر ما أخرج الله عزوجل من فيئهم مما يزكي الأرض فرده عليهم، قال: فكان صلاحُ العباد والبلاد).
 
إن وليَّ الأمر إِذا بلغه أن الرَّعية تدعو له، فإِنه يُسَرُّ بذلك غاية السُّرور، ويدعوه ذلك إِلى محبَّتهم ورفع المُؤن ونـحوها عنهم ولا يزال يبحث عمَّا فيه سعادتهم، وربما بادلهم الدُّعاء بالدُّعاء.

روى عبد الله بن الإِمام أحمد من خبر والده حين كتب كتاباً أجاب فيه عن الخليفة المتوكل عن مسألة القرآن وكانت مسألة معرفة لا مسألة امتحان.

قال عبد الله:
فلَمَّا كتب أبي الجواب، أمَرَنا بعَرْضِهِ على عبيد الله بن يحيى بن خاقان وزير المُتوكل وظاهر أن الإِمام أحمد يستشير هذا الوزير في أسلوب الخطاب وما يُناسب الخليفة، لا مضمونه، وحسناً فعل، فإِن الوزراء أعرفُ من غيرهم بما يُلائم نفوسَ مستوزريهم.

قال عبد الله:
قال أبي: (فإِن أمَرَكُمْ –أي ابن خاقان– أن تَنْقُصوا منه شيئاً، فانقصوا له، وإِن زاد شيئاً فرُدُّوه إِليَّ حتى أعرف ذلك).

فلَمَّا وقف ابنُ خاقان على الجواب، بادر قائلاً:
(يحتاج أن يُزادَ فيه دُعَاءٌ للخليفة فإِنه يُسَرُّ بذلك..).

فأخبر هذا الوزير بما يُبهجُ الخليفة ويُدْخِلُ السُّرورَ على نفسه ولهذا استجاب الإِمام أحمد لرأيه، وضمَّن جوابه جُمَلاً من الدُّعاء كقوله: (إِني أسأل الله عز وجل أن يُديم توفيق أمير المؤمنين أعَزَّه اللهُ بتأييده..).  

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى



عدد المساهمات : 49023

الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية   الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Emptyالإثنين 18 مارس 2019, 6:40 pm

المطلب الخامس: (التكفير والتفسيق)

خطر التكفير والتفسيق

عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- أنه سمع النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: (لا يرمي رجلٌ رجلاً بالفُسوق ولا يرميه بالكُفر إلا ارتدَّت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك).

 

من منطوق هذا الحديث يتبيَّن لنا أن الواجب على كل مؤمن ألَّا يخوض في مسائل التكفير وألا يتسرَّع في إطلاق الأوصاف والأحكام على عباد الله، وعليه أن يعلم أن التكفير حُكمٌ شرعيٌ وحقٌ لله تعالى وحدهُ، والأحكام إنَّما تُترك للعلماء الرَّاسخين الذين يعرفون مُراد الله ومراد رسوله، ويعرفون سبيل سلفهم الصالح في مثل هذه الأمور والمسائل والنوازل وليس للأحداث وطلاب العلم أن يتصدروا وعليهم الأتباع في ذلك والوقوف عند أقوال المحققين من العلماء فقد ثبت عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال (إن من أشراط الساعة أن يُلتمس العلم عند الأصاغر).

   

يقول الإمام الطحاوي رحمه الله:

(ولا نكفر أحداً من أهل القبلة بذنب ما لم يستحلّه ولا نقول لا يضرُّ مع الإيمان ذنبٌ لِمَنْ عمله).


قال ابن أبي العز رحمه الله:

(واعلم رحمك الله وإيانا أن باب التكفير وعدم التكفير باب عظمة الفتنة والمحنة فيه، وكثر فيه الافتراق وتشتت فيه الأهواء والآراء وتعارضت فيه دلائلهم).

   

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

(إني من أعظم الناس نهياً عن أن يُنسب معين إلى تكفير، وتفسيق ومعصية، إلا إذا عُلِمَ أنه قد مات عليه الحجة الرسالية التي مَنْ خالفها كان كافراً تارة وفاسقاً أخرى وعاصياً أخرى، وأني أقرر أن الله قد غفر لهذه الأمَّةِ خطأها، وذلك يعُمُّ الخطأ في المسائل الخيرية القولية والمسائل العملية).

   

وقرر ابن الوزير رحمه الله تواتر الأحاديث في النهي عن تكفير المسلم ثم قال:

(وفي مجموع ذلك ما يشهد لصحة التغليظ في تكفير المؤمن، وإخراجه من الإسلام مع شهادته بالتوحيد والنبوات وخاصة مع قيامه بأركان الإسلام وتجنبه للكبائر).


ويقول أيضاً:

(وقد عوقبت الخوارج أشد العقوبة، وذمت أقبح الذم على تكفيرهم لعصاة المسلمين مع تعظيمهم في ذلك لمعاصي الله تعالى، وتعظيمهم الله تعالى بتكفير عاصيه، فلا يأمن المكفر أن يقع في مثل ذنبهم، وهذا خطر في الدين جليل، فينبغي شدة الاحتراز فيه من كل حليم نبيل).

 

ويقول الإمام الشوكاني رحمه الله محذراً من هذا المنزلق الخطير:

(إعلم أن الحكم على الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام ودخوله في الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه ببرهان أوضح من شمس النهار فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية عن طريق جماعة من الصحابة أن مَنْ قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما).

   

ويقول ابن تيمية رحمه الله:

(أعلم أن مسائل التكفير والتفسيق هي من مسائل الأسماء والأحكام التي يتعلق بها الوعد والوعيد في الدار الآخرة، وتتعلق بها الموالاة والمعاداة والقتل والعصمة وغير ذلك في الدار الدنيا).   


ضوابط التكفير:

الضابط الأول

1- الاعتقاد الجازم بأن الكفر والتكفير حكم شرعي توقيفي:

فالكافر من كفر بالله ورسوله وليس لأحد من الناس الحق في ذلك بل هو محض حق الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وسلم).


قال ابن تيمية رحمه الله:

(الكفر حكم شرعي متلقى عن صاحب الشريعة والعقل قد يعلم به صواب القول وخطؤه، وليس ما كان خطأ في العقل يكون كفراً في الشرع).

 

ويقول أيضاً رحمه الله:

(فلهذا كان أهل العلم والسُّنَّة لا يكفرون من خالفهم، وإن كان المخالف يكفرهم، لأن الكفر حكم شرعي، فليس للإنسان أن يعاقب بمثله، كمن كذب عليك، وزنى بأهلك، ليس لك أن تكذب عليه، ولا تزني بأهله، لأن الكذب والزنا حرام لحق الله تعالى وكذلك التكفير حق الله فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله).

 

قال الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله:

فالحكم بالتكفير والتفسيق ليس إلينا، بل هو إلى الله تعالى ورسوله فهو من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسُّنَّة فيجب التثبت فيه غاية التثبيت، فلا يكفر ولا يفسق إلا من دل الكتاب والسُّنَّة على كفره وفسقه والأصل في المسلم الظاهر العدالة بقاء إسلامه وبقاء عدالته حتى يتحقق زوال ذلك عنه بمقتضى الدليل الشرعي ولا يجوز التساهل في تكفيره أو تفسيقه لما فيه من محذورين عظيمين: أحدهما: افتراء الكذب على الله تعالى في الحكم والمحكوم عليه، الثاني: الوقوع فيما نبز به أخاه إن كان سالماً منه.


مع وجوب النظر قبل الحكم على المسلم بكفر أو فسق في أمرين:

الأول: دلالة الكتاب والسُّنَّة على أن هذا القول أو الفعل موجب للكفر أو الفسق.

الثاني: انطباق هذا الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين بحيث تستوفي شروط التكفير والتفسيق في حقه وتنتفي عنه موانعه.


شروط التكفير والتفسيق:

من أهم الشروط:

1/ أن يكون عالماً بمخالفته الموجبة للكفر أو الفسق، فلا يكفر إن كان جاهلاً كحديث عهد بالإسلام أو كمن نشأ ببادية بعيدة عن العلم والعلماء.
2/ أن يقول الكفر أو ما يفعله مختاراً مريداً فلا يكفر المكره على فعل أو قول الكفر.
3/ ألا يكفر المسلم إلا بعد إقامة الحجة عليه وبيان المحجة له بصورة واضحة جلية فلا يكفر من كان متأولاً في فعل أو قول الكفر).   


قال الإمام ابن القيم رحمه الله:

(إن قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص فقد تقوم حجة الله على الكفار في زمان دون زمان وفي بقعة وناحية ودون أخرى كما أنها تقوم على شخص دون آخر، إما لعدم عقله وتمييزه كالصغر والمجنون، وإما لعدم فهمه كالذي لا يفهم الخطاب).

 

الضابط الثاني

وجوب التفريق بين التكفير المطلق وتكفير المعين:

إن أهل السُّنَّة والجماعة يفرقون فيقولون لمن تلبس بقول أو بفعل جاء النص على أنه كفر فيقولون: من قال كذا وكذا فهو كافر، أو من فعل كذا أو كذا فهو كافر.


يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:

(إن التكفير له شروط وموانع قد تنتفي في حق المعين، وإن تكفير المطلق لا يستلزم تكفير المعين، إلا إذا وجدت الشروط وانتفت الموانع، يبين هذا أن الإمام أحد وعامة الأئمة الذين أطلقوا هذه العمومات، لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلام بعينه).

 

قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله:

(ومسألة تكفير المعين مسألة معروفة إذا قال قولاً يكون القول به كفراً، فيقال من قال بهذا القول فهو كافر، ولكن الشخص المعين إذا قال ذلك لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها).

 

الضابط الثالث

وجوب التفريق بين الكفر الاعتقادي والكفر العملي لأن الكفر ذو أصول وشُعَبٍ.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله:

وكذلك الكفر ذو أصل وشعب فكما أن شعب الإيمان إيمان فشعب الكفر كفر، والحياء شعبة من الإيمان وقلة الحياء شعبة من الكفر، والصلاة والزكاة والحج والصيام من شعب الإيمان وتركها من شعب الكفر، والحكم بما أنزل الله من شعب الإيمان والحكم بغير ما أنزل الله من شعب الكفر، والمعاصي كلها من شعب الكفر كما أن الطاعات كلها من شعب الإيمان، وشعب الإيمان قسمان: قولية وفعلية وكذلك شعب الكفر نوعان: قولية وفعلية.


ولا يلزم من قيام شعبة من شعب الكفر به أن يسمى كافراً وقد يجتمع في الرجل كفر وإيمان، وشرك وتوحيد وتقوى وفجور ونفاق وإيمان وهذا من أعظم أصول أهل السُّنَّة وخالفهم فيه غيرهم من أهل البدع كالخوارج والمعتزلة.


ومسألة خروج أهل الكبائر من النار تخليدهم مبنية على هذا الأصل، إذا حكم بغير ما أنزل الله أو فعل ما سماه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كفراً وهو ملتزم للإسلام وشرائعه فقد قام به كفر وإسلام.

 

هذه بعض الشروط العامة، وهناك في أقوال أهل العلم شروط تفصيلية دقيقة جدير مراجعتها لمن أراد الحق والدليل في هذه المسألة الخطيرة من التكفير والتفسيق.


يقول الإمام أحمد رحمه الله:

(ألا إن الإيجاب والتحريم والثواب والعقاب والتكفير والتفسيق هو إلى الله ورسوله ليس لأحد في هذا حكم وإنما على الناس إيجاب ما أوجبه الله ورسوله وتحريم ما حرمه الله ورسوله وتصديق ما أخبر الله به رسوله).

   

ويقول الإمام الطحاوي رحمه الله:

(ولا نشهد عليهم أهل القبلة بكفر ولا بشرك ولا بنفاق ما لم يظهر منهم شيء من ذلك، ونذر سرائرهم إلى الله تعالى، وذلك لأنا قد أمرنا بالحكم بالظاهر ونهينا عن الظن وإتباع ما ليس لنا به علم).

 

ويقول الغزالي رحمه الله:

والذي ينبغي أن يميل المحصل إليه: (الاحتراز من التكفير ما وجه إليه سبيلاً فإن استباحة الدماء والأموال من المصلين إلى القبلة المصرحين بقول لا إله إلا الله خطأ والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم).

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية   الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Emptyالإثنين 18 مارس 2019, 7:08 pm

المبحث الرابع: (مُراجعات تأريخية)
المطلب الأول: (المُراجعات المصرية)
تحدث مشايخ المُراجعات السعودية الثلاثة كلهم عن المُراجعات المصرية وحمدوا توبتهم ورجوعهم للحق وخاصة ما كان في كتاب (نهر الذكريات) الذي عرضت عدد من الصحف العربية فصولا منه لأهميته إضافة إلى كتاب (تفجيرات الرياض).

ولعلنا نتوقف الآن مع هذه المُراجعات في النقاط التالية:
( بداية الجماعة الإسلامية)
برزت الجماعة الإسلامية في الجامعات المصرية بصعيد مصر في السبعينيات وارتبط ظهورها بأمرين الأول انفصالها عن جماعة الإخوان المسلمين بخطاب واضح متشدد، والثاني المعارضة الشديدة للدولة خصوصا اتفاقية كامب دافيد وما تلاها وأعلنت عن نفسها بمجموعة من أحداث العنف والمظاهرات الصاخبة والاشتباكات الطائفية مع النصارى في محافظة المنيا في صعيد مصر، والتي أدت إلى هروب أحد قيادات الجماعة وهو كرم زهدي من المنيا إلى القاهرة فراراً من المطاردات الأمنية، وفي القاهرة التقى محمد فرج مؤلف كتاب "الفريضة الغائبة" ميثاق جماعة الجهاد في مصر وعبود الزمر المقدم السابق بالمخابرات المصرية حيث اتفقوا على تكوين تنظيم واحد، واختاروا الأستاذ في جامعة الأزهر الدكتور عمر عبد الرحمن مفتياً له، ونفذ التنظيم الجديد عمليات في صعيد مصر ضد النصارى عكست فكره بالنسبة لاستحلال أموالهم، منها سرقة محل ذهب في مدينة نجع حمادي التابعة لمحافظة قنا في 16/6/1981 ميلادي حيث استولوا على محتوياته من ذهب وأموال وقتلوا أصحابه وهم فوزي مسعود وجرجس فوزي، وفي 28/6 قاموا بقتل أحد القساوسة في أسيوط.

وفي القاهرة تم إلقاء عدة قنابل على كنيسة في حي شبرا أسفرت عن مقتل وجرح العشرات، ومضى التنظيم في عملياته إلى أن خطط لاغتيال الرئيس المصري أنور السادات، وقد كان لهم ذلك في العرض العسكري في 6 أكتوبر 1981، وكان من بين القتلى في هذه العملية (متى المسكين) وهو أحد الأساقفة ممن اختارهم السادات لخلافة البابا شنودة.

وإثر عملية الاغتيال تم القبض على كل قيادات التنظيم والجماعة الإسلامية وتمَّت محاكمتهم في قضيتين، الأولى اغتيال الرئيس السادات، والثانية تنظيم الجهاد وحكم على قيادات الجماعة الإسلامية في الأولى بالسجن 15 عاماً، وفي القضية المعروفة بتنظيم الجهاد بالأشغال الشاقة المؤبدة 20 عاماً على كرم زهدي وعاصم عبد الماجد و فؤاد الدواليبي.

أما ناجح إبراهيم وعصام دربالة وعلي الشريف وأسامة حافظ فكانت أحكامهم عشر سنوات (جميعهم داخل السجن من عام 1981 باستثناء أسامة حافظ الذي أفرج عنه في عام 1991 وأعيد اعتقاله في عام 1992 وكانت الجماعة الإسلامية تعتقد أن النصارى محاربون وألا ذمة لهم ويجب عليهم دفع الجزية وعلى هذه الفلسفة استحلت دماءهم وأموالهم وبررت ذلك في أدبياتها ومنشوراتها وراحت الجماعة الإسلامية تعلن عن وجودها بعد انفصالها عن تنظيم الجهاد وأسست فكرا خاصا بها شمله كتاب "ميثاق العمل الإسلامي" الذي يعتبر أبرز مؤلفيه ومن شاركوا في إعداده عاصم عبد الماجد.

ومع حلول عام 1985 بدأت الجماعة الإسلامية بعد الإفراج عن عدد من أعضائها، ومع نهاية الثمانينيات بدأت دوامة العنف والصراع مع الدولة والأقباط وازدادت في التسعينيات بشكل أعنف وبصورة لم يتخيلها المراقبون إذ شملت الاعتداء على السائحين والأجانب وهو مدخل من العنف لم تشهده مصر من قبل والإحصائيات خير دليل علي حوادث العنف ضد الأقباط وضد السائحين الأجانب وضد رجال الشرطة حتى عام 1997،  وهو العام الذي شهد مبادرة وقف العنف، ثم ما تلا ذلك من مراجعات فكرية للجماعة الإسلامية والاعتراف بأخطائها.

فقد بلغ عدد حوادث الاعتداء على السائحين الأجانب، وهم طبعا من أهل الكتاب، حتى شهر 11 من عام 1997 الذي شهد حادثة الأقصر الشهيرة 35 حادثة، وبلغ عدد الوفيات 93 وعدد المصابين 68.

ومن هذه العمليات:
1- إلقاء قنبلتين على معبد الكرنك شهر يونيو 1992.
2- اعتداء بالرصاص علي باخرة سياحية قرب المنيا.
3- إطلاق الرصاص على أتوبيس سياحي في محافظة قنا وإصابة 6 سائحين.
4- إطلاق الرصاص على أتوبيس سياحي بديروط ومقتل سائحة إنجليزية.
5- إطلاق الرصاص على أتوبيس سياحي في أسيوط.
6- حادث فندق أوروبا بالهرم وقتل فيه 18 سائحا يونانيا 18/4/1996.
7ـ حادث الأقصر وهو الأخير يوم 17/11/1997 وقتل فيه 58 سائحاً أجنبياً.


أمَّا عدد حوادث العنف ضد الأقباط فقد بلغت حتى عام 1997 31 حادثة وعدد الوفيات 42 والمُصابين 45 وقد شهدت تلك الأحداث مدن أسيوط والمنيا وأبو قرقاص بالمنيا وببني سويف وبهجور بسوهاج والاعتداء على الكنائس والأفراد.

أمَّا عدد قضايا وحوادث التَّعَدِّي على رجال الشرطة فقد بلغت 83 حادثة، وعدد القتلى 382 وعدد المُصابين 400 وذلك ما بين ضباط وصف ضباط وجنود.  

بالإضافة إلى حوادث أخرى متفرقة، شملت اعتداء على شخصيات عامة مثل الاعتداء على كل من رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب، والمفكر المصري فرج فودة، والأديب نجيب محفوظ، ووزير الداخلية الأسبق زكي بدر، ووزير الإعلام صفوت الشريف، ومرافق عامة.

(مبادرة وقف العنف (المُراجعات))
وعند الإعلان عن مبادرة وقف العنف في 5/7/1997 توقفت تماماً الحوادث في مصر لذلك فكما كانت دورات العنف في قسوتها وشدَّتها مذهلة، كانت مراجعات الجماعة الإسلامية مفاجأة للجميع وشجاعة تُحسب لِمَنْ قام بها حيث الاعتراف بالأخطاء والأضرار التي سبَّبتها تلك الحوادث للدعوة الإسلامية من تشويه وإساءة.

لذلك فإن كتب المُراجعات الأربعة التي طرحت في أوائل عام 2002 وظهرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب للبيع للجمهور تعتبر تحولاً استراتيجياً للجماعة الإسلامية، وتحولاً عن ثقافة العنف تماماً والاعتراف بأن طريق العنف مسدود ونتائجه أشد ضرراً على الإسلام والمسلمين.

والكتب الأربعة هي:
1- مبادرة وقف العنف رؤية شرعية ونظرة واقعية.
2- حُرمة الغلو في الدين وتكفير المسلمين.
3- تسليط الأضواء على ما وقع في الجهاد من أخطاء.
4- النُّصح والتبيين في تصحيح مفاهيم المحتسبين.


إضافة لكتابين هامين جداً:
1/ إيضاح الجواب لأسئلة أهل الكتاب.
2/ نهر الذكريات.


وجدير بنا أن نتوقف مع بعض هذه الكتاب بشكل موجز:
الكتاب الأول: (حُـــرمــــة الغـــلو في الـــدين)
هو من تأليف علي الشريف وناجح إبراهيم، وهما من قادة الجماعة الإسلامية وحكم عليهما بالأشغال الشاقة المؤبدة.

وقبل أن نبدأ بإيجاز ما في الكتاب نلفت النظر إلى أن المؤلفين شاركا فيما سُمِّيَ أحداث العنف بأسيوط عام 1981 وقاما باحتلال مديرية الأمن بأسيوط كما ذكرناه سابقاً.

والكتاب مقسم إلى باب أول عن: (الغلو في الدين أسبابه ومظاهره) ويقسم إلى أربعة فصول.
الفصل الأول
يتناول حكمة تحريم الغلو في الدين.

الفصل الثاني
من مظاهر الغلو في الدين.

الفصل الثالث
من أسباب الغُلو في الدين.

الفصل الرابع
الإسلام بين الغُلو والتقصير.

الباب الثاني
يستطرد في الرد على بدعة التكفير، وينقسم إلى ثلاثة فصول.

الفصل الأول
الغُلو في تكفير عصاة المسلمين.

الفصل الثاني
بدعة تكفير جهلة المسلمين والرد عليها.

الفصل الثالث
وهو على مبحثين:
المبحث الأول
الرد على من ادعى كفر كل موظفي الحكومة.

والمبحث الثاني
الفرق بين الموالاة الممنوعة والمخالفة المشروعة.

ويبدأ الكتاب بمقدمة تتحدث عن آفة التكفير التي عشَّشت في عقول كثير من أبناء الإسلام وجعلتهم يكفرون المسلمين بدون مقتضى شرعي، فأهدروا الدماء واستحلوا الأموال بدون دليل من الشرع أو حجة من الدين، ولم يكونوا مؤهلين للخوض في هذه المسائل المهمة من الدين.

مع تتويج الكتاب بمقدمة عن الحديث عن الخوارج وتحذير النبي (صلى الله عليه وسلم) من رمي المسلم بتُهمة الكُفر، ثم تختتم المقدمة بالحديث عن بدعة التكفير وكيف نشأت في الفترة الأخيرة، وكيف نشأت داخل السجون في مصر في الستينيات بسبب قسوة التعذيب.

ثم يمضي المؤلفان في الكتاب من الباب الأول في الحديث على أسباب تحريم الغلو في الدين:
1- لأنه منفر.
2- الغلو قصير العمر.
3- الغلو لا يخلو من جور على حقوق أخرى في الأمور الاجتهادية والاحتمالية.
4- إلزام جمهور الناس بما لم يلزمهم به الله والتشدد في غير موضعه.
5- الغلظة والخشونة.
6- سوء الظن بالناس.
7- النظرة المثالية للمجتمع الذي ينبغي أن يكون فيعتقد أن المجتمع يجب أن يكون مثالياً.


وأن أسباب الغلو في الدين هي ضعف البصيرة بحقيقة الدين ولذلك مظاهره أهمها مظاهر الجهل وتشمل:
1- الاتجاه الظاهري في فهم النصوص.
2- الاشتغال بالمعارك الجانبية عن القضايا الكبرى.
3- الإسراف في التحريم بغير دليل.
4- إتباع المتشابهات وترك المحكمات.
5- عدم التعليم على أيدي علماء.
6- ضعف البصيرة بالواقع والحياة والتاريخ وسنن الكون.


ويمضي المؤلفان للحديث عن الآثار السلبية في تكفير عصاة المسلمين وأصل بدعة التكفير وكيفية نشأتها في موقعة صفين وظهور الخوارج وفرقهم المتعددة.

ويُستطرد الكتاب في السَّرد على من يكفر عصاة المسلمين ويؤكد على أهمية العذر بالجهل.   

ويختتم الكتاب بالحديث عن أمر هام يقع فيه كثير من الشباب المسلمين وهو الغلو في تكفير المسلمين بالموالاة الظاهرة وعدم التفريق بين الموالاة الظاهرة والباطنة، لأن عدم التفريق بينهما يؤدي إلى التكفير، وهو أمر خطير وآثاره الضارة شديدة على المسلمين.

ويختتم الكتاب بمسائل لم يرد على ذهن أحد من المتابعين للجماعة الإسلامية أن تكون مراجعاتها لأخطائها وتصحيحها لمسيرتها بهذا الوضوح والشجاعة.

فهم يؤكدون على جواز عيادة المريض الكافر، والتهنئة بالزواج والإنجاب والعودة من السفر لليهودي والنصراني والمشرك غير المحارب وإنفاق المسلم على قرابته من أهل الكفر يهودياً أو نصرانياً.

الكتاب الثاني: (نهـــــر الــــذكــــريـــــات)  
مع إطلاق السلطات المصرية سراح زعيم الجماعة الإسلامية المصرية المحظورة كرم زهدي بعد 22 عاماً قضاها في السجن في قضية اغتيال الرئيس المصري الراحل أنور السادات، بدأت الجماعة في إصدار كُتُبْ مُراجعات جديدة.

وقد نشرت «الشرق الأوسط» تفاصيل ((نهر الذكريات)) الكتاب الأحدث الذي يتناول زيارات قادة الجماعة للسجون المصرية المختلفة للالتقاء بأعضائها في جولات استغرقت ما يقرب من 10 أشهر.

1/ مؤلفوا الكتاب
شارك في تأليف وإعداد الكتاب 8 من القيادات التاريخية للجماعة، هم:
1/ كرم زهدي.
2/ ناجح إبراهيم.
3/ علي محمد علي الشريف.
4/ أسامة إبراهيم حافظ.
5/ حمدي عبدالرحمن.
6/ فؤاد محمد الدواليبي.
7/ عاصم عبد الماجد محمد.
8 / محمد عصام الدين دربالة.


وكتب مقدمة الكتاب ناجح إبراهيم، وهو من مواليد أسيوط عام 1955 وأقام في بندر ديروط، وحاصل على بكالوريوس الطب، وعمل طبيباً في مستشفى ديروط واستعاد ابراهيم في المقدمة المفاجأة التي أطلقتها الجماعة التي وصفها بأنها «أصابت الجميع بالذهول، عندما وقف محمد أمين في المحكمة العسكرية يوم 5 يوليو (تموز) عام 1997 أثناء نظر القضية العسكرية رقم 235 ليُلقي بياناً مُذَيلاً وموقعا بأسماء ستة من قادة الجماعة الإسلامية، يُعلنون فيه إيقاف جميع العمليات العسكرية بالداخل والخارج ضد الدولة، ووقف جميع البيانات المُحَرِّضَة عليها دون قيدٍ أو شرطٍ ومن جانبٍ واحدٍ.

وقال إبراهيم:
(كان هذا البيان من البداية، أو لنقل هو الحجر الذي ألقي في الماء الراكد، وبعده توالت موجات الأحداث، فكان رد الفعل في البداية مشجعاً، وأثنى الكثيرون على هذا التوجه ودارت عجلة التفاعلات، وكادت المبادرة تؤتي ثمارها وتظهر آثارها منذ ذلك الحين، لولا حادث الأقصر بكل تداعياته المؤلمة، وتفاصيله المفجعة، والذي أعلنا وقتها، وما زلنا نردد، أنه كان طعنة شديدة في ظهورنا).

2/ * حادث الأقصر
أثار حادث الأقصر كثيرا من التداعيات على مختلف الأصعدة سواء داخل الجماعة أو خارجها فقد كانت نقطة فاصلة في تاريخ الجماعة وتعديل موقفها فقد كان للصدى المدوي الذي أحدثه هذا الحادث أثر كبير في توقف كثير من أبناء الجماعة الذين عارضوا المبادرة في بدايتها أمام أنفسهم ومراجعة ما سبق ثم كان أن أدركوا خطأ هذا المنحى الذي كانت تسير فيه الجماعة وسرعان ما بادروا إلى التراجع عن موقفهم المعارض واحدا وراء الآخر حتى انتهت هذه المعارضة بفضل الله إلى غير رجعة من جميع أبناء الجماعة.

لقد كانت بالفعل حادثة غريبة إذا وصف العنف بغير المسبوق كيف لا!! وقد تجاوز كل الخطوط الحمراء بالعدوان على النساء والأطفال والعجائز من السياح المسالمين الذين جاءوا إلى مصر وهم يأمنون إليها فإذا بهم يتحولون إلى ضحايا لنزاع لا ناقة لهم فيه ولا جمل، وبهذه الطريقة البشعة، اختتمت هذه المأساة بمقتل هؤلاء الشباب الذي تجمع النصوص الشرعية على تحريم قتل هؤلاء السياح والحديث عن حرمة ذلك من عدة وجوه ذكرت في كتاب نهر الذكريات وكان من أهمها عدم مشروعية قتل النساء والصبيان والعجائز حتى ولو كانوا من ديار تحارب بلاد المسلمين من أهل الكفر (من دار الحرب)، وفيها من النصوص الكثير نسوق منها:
1 قوله تعالى:
(وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ).
 
اتفق أكثر المفسرين على أن من العدوان قتل النساء والصبيان والعجائز ومنهم الحسن البصري، سعيد بن جبير، أبو العالية.

2 قال الإمام النووي:
(أجمع العلماء على تحريم قتل النساء والصبيان إذ لم يقاتلوا).

3 عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما:
أن النبي (صلى الله عليه وسلم) نهى عن قتل النساء والصبيان.

4 بل إن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنكر أشد الإنكار على خالد بن الوليد سيف الله المسلول لما أخبر أنه قتل امرأة، وعلل ذلك بقوله: (ما كانت هذه لتقاتل) وأمره أن لا يقتل ذريةً ولا عسيفاً.

وبهذا المعنى تكلم العلماء من منع قتل النساء والصبيان حتى في الحرب ما لم يقاتلوا وحتى لو كانوا من أهل الكفر المحاربين للإسلام وعللوا ذلك بأن القتال والقتل إنما يكون لمن ينتصب لقتال المسلمين، وهؤلاء ليسوا كذلك حتى من عللوا بغير ذلك من العلل فإنهم أكدوا على ذلك المنع.

3/ شُبهة قتل السياح:
هنا أثيرت شبهة وهي أن هؤلاء السياح إنما جاءوا ليفسدوا في البلاد بنشر الخمور والزنا والتبرج، بل إن منهم مَنْ يحمل داء الإيدز لينشره بين أبناء بلدنا، ومنهم مَنْ جاء ليتجسَّس على بلادنا لصالح أعدائها ألا ينبغي أن نتصدَّى لهم حماية لشبابنا وبلادنا منهم؟

والإجابة أن إصدار الأحكام الكلية شيءٌ مُخالفٌ لنهج الشَّرع الشَّريف في الحكم على الناس، وان نسبة لا بأس بها من هؤلاء السياح من بلاد إسلامية جاءوا إلى بلد الأزهر بين متعلم ومستمتع بمناخها الجميل أو متعرفاً على ثقافة البلد وأبنائه، أما مَنْ لم يكونوا من بلاد الإسلام فإن إطلاق الحكم العام عليهم أيضاً خاطئٍ، فإن أكثرهم جاء أيضاً لأهداف مشروعة لا غبار عليها ولو كان فيهم القليل مِمَّنْ تصف فإن الجريمة في الشرع والقانون شخصية ولا تعمم، قال تعالى: (وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) هذا من ناحية، أما من الناحية الأخرى، فإن إنزال العقوبة بالمجرمين من ناشري الفساد والجواسيس ليس من اختصاص الأفراد، إذ أن الأمر يتطلب إلى جانب سطوة السلطان التي تسعى في حماية البلاد وأبنائه، إلى تحقيق قضائي يثبت الجرائم بوسائل الإثبات الدقيقة ليكون صاحبها بعد ذلك مستحقا للعقوبة، وهذا لا يتأتى إلا للدولة بإمكاناتها وسلطانها أما الأفراد فإنهم يعجزون عن ذلك، فيضعون الأمر في غير موضعه.

4/ * تكفير الشرطة
وحول سؤال عن أن الجماعة تكفر رجال الشرطة لأنهم يحاربون الإسلام في شخص شباب الجماعات الإسلامية، يجيب القادة التاريخيون بقولهم أن الكفر والإيمان لا يوجه للأجهزة والحوائط والأبواب، وإنما هو حكم شرعي يوجه للأفراد المكلفين دون غيرهم، إذا توافرت فيهم مواصفات معينة، وبالتالي فجهاز الشرطة كجهاز لا يوصف بكفر ولا إيمان ثم لم يقل فيما نعلم أحد من الفقهاء إن هناك وظيفة يكفر صاحبها بمجرد وجوده فيها، وإنما يوصف الإنسان بالكفر إذا عمل عملا كفريا، أو اعتقد اعتقادا كفريا توافرت شروطه وأسبابه وانتفت موانعه ولا يحكم بكفره إلا بعد إقامة الحجة عليه التي يكفر تاركها والتي لا يردها إلا معاند، وعليه فرجال الشرطة مثل أي شريحة من شرائح المجتمع، لا يحكم على أحدهم بالكفر إلا إذا تحققت فيه المواصفات السابقة.

ولا ينبغي أن يفوتنا ونحن نتعرض لهذه القضية أن نلفت إلى أثر هذه الدعوى الخطيرة في تمزيق شمل الأمة وتشتيت جهود أبنائها في تكفير بعضهم البعض وإشاعة التباغض والاحتراب بينهم ورجل الشرطة هو أخي وأخوك وابني وابنك، وكثيرا ما تجمعنا صلاة الجماعة في المسجد وأداء الحج والعمرة.فحبذا لو توجهت الجهود وبدلا من تضييعها في الحكم على الناس بالكفر والإيمان إلى العمل على نشر الدين والدعوة إليه وترك الحكم بالكفر والإيمان في مثل هذه المسائل الشائكة إلى أهله من أهل العلم والاجتهاد، فنحن دعاة لا ولاة.

(أسباب المُراجعات المصرية)  
* حقنا لدماء الجماعة والدماء عموما في مصر.

* حفاظا على الأنفس أن تهلك في غير ميدان، أو أن تقتل من دون مصلحة شرعية صحيحة، أو أن تزهق دونما هدف شرعي.

* خدمة للإسلام والمسلمين ثم خدمة للوطن

* صونا لحرمات البيوت أن تنتهك، وحماية للبيوت والأسر المسلمة من أن تُهدم، ولوقف مسلسل اليتم والترمل والطلاق، فالمبادرة جاءت من أجل مئات اليتامى من الفريقين، ومن أجل مئات الأرامل من الفريقين ومن أجل مئات الثكالى من الفريقين.

* هي الأقرب إلى الحق، وهي الأهدى سبيلاً، وذلك بأدلة شرعية صحيحة لا تلتبس على كل ذي عقل سديد، وهي ناتجة أيضا عن رؤية مستبصرة للواقع من تحريم الاقتتال بين المجتمع المسلم.

* وقفاً ومنعاً للعنف الذي أدَّى إلى أحقاد ونزاعات وثارات تولّدت وكبُرت في مصر وكادت تُنسى الفريقين أنهما من مِلّةٍ واحدةٍ ومن دينٍ واحدٍ ويُصَلّونَ إلى قبلةٍ واحدةٍ.

(إيجابيات المُراجعات المصرية) أولاً:
تحقيق مصلحة الإسلام العظيم ودفع الكثير من المفاسد التي نجمت عن الأحداث، ورفع الكثير من العقبات والعراقيل التي اعترضت سبيل الدعوة إلى الله تعالى، والتي كان من أهمها تجرؤ الكثيرين من خصوم الإسلام عليه حتى أصبح مألوفاً لدى أي مصري أن يواجه في أي مكان أو وسيلة إعلامية بالهجوم الشرس على الإسلام وشريعة الإسلام وهديه الطاهر، بل ومكانة علماء الإسلام والدعاة إليه.

ثانياً:
تحقيق مصلحة الوطن في مصر، والتي تمثَّلت في هذا الأمن والأمان، وتوحيد الكلمة ليلتفت الوطن بكل طوائفه وفئاته لمواجهة العدو المشترك للجميع، والذي يتربص بهذا الوطن ويتحين الفرص لينال من حريته وسيادته، وعلى كل مسلم مخلص عاقل محب لوطنه ألا يكون أداة لتحقيق أهداف عدوه في تحجيم دور مصر قلب الإسلام النابض.

في نصوص المُراجعات:  
إن أكثر شيء نتقرب به إلى الله تعالى، بعد الإيمان بالله ورسوله وأداء فرائضه، هو هذه المبادرة التي كانت كشجرة طيبة لم تنتج من الثمار إلا طيباً، وإن أكثر ما نتوسل به إلى رب العالمين سبحانه هو هذه المبادرة التي أرجو الله تعالى أن يتقبلها قبولاً حسناً وأفضل عمل نرجو له القبول عند ربي جل وعلا هو هذه المبادرة التي أدعو الله أن يتقبلها خالصة لوجهه الكريم. بل إننا نقول، إن أفضل سنوات عمرنا وأجلها تلك السُّنَّة المباركة التي تم فيها تفعيل المبادرة لتدخل الفرحة بيوتاً وصدوراً طالما سكنتها وقوضت أركانها بالآلام والأحزان ويعم الخير أرض الكنانة التي أناط الله تعالى بأهلها مهمة القيام بدور القلب النابض بالحياة للأمة الإسلامية.

وإن أفضل قربة إلى الله سبحانه هي قضاء حوائج الناس وتفريج كربهم، وقد يكون هذا العمل في هذا الوقت أفضل من نوافل الطاعات، وقد كانت المبادرة بفضل الله جل شأنه سبباً في قضاء الكثير والكثير من حوائج الناس وتفريج كرب الكثيرين وحقن دماء مسلمة طاهرة وتجفيف دموع وتخفيف آلام مئات الأسر التي طال عناؤها.

والحق أن هذه المبادرة حصاد رؤية ذات أبعاد متعددة، وثمرة لتجربة عريضة وواسعة، بل ومؤلمة في كثير من أحوالها، وثمرة أيضا لحوار واسع وطويل مع أطراف متعددة ودراسات جادة في أمهات الكتب، ونستطيع أن نوجز هذه الأبعاد في الآتي: تصدت المبادرة لإيقاف الصدام الدامي الذي عانينا منه جميعا أبناء هذا البلد منذ صيف سنة 1992، والذي مزق أوصاله وأشاع حالة من الفوضى والتناحر، وذلك لتحقيق الهدوء تمهيدا لحل المشكلات القائمة بين الدولة وبعض من أبنائها، وتحديد سبل العلاج التي تحمي المجتمع من تكرار ما حدث لتفوت الفرصة على أولئك الذين يذكون نار الفتن ليصعدوا على جماجمنا جميعا لتحقيق مصالح شخصية وآنية محدودة متجاهلين مصالح البلاد.

كما أثمرت المبادرة فرصة لتحقيق واجب شرعي هام شغلتنا الأحداث المتلاحقة عن تحقيقه وهو واجب المراجعة الشرعية ومحاسبة النفس حول مسار الجماعة في العقود السابقة بالبحث عن مواقع الإصابة وهي كثيرة لدعمها وتطويرها وكذا البحث عن نقاط الخلل لإصلاحها وعلاجها، فقد كان هناك من الخير الكثير في الدعوة والطاعات والسعي للأخذ بهذا الدين بالصدق والإخلاص، وكان هناك أيضا بعض الخلل هو الذي أثمر تلك المبادرة سعيا لإصلاحه من خلال الكتب الأربعة، وما تلاها من جولة في السجون وحوارات وبيانات وغيرها.

وطرحت المبادرة كثيراً من القضايا والمواقف وناقشت شرعيتها، فوجدت أشياء تحتاج لتوضيح لما ألصق بنا فيها من اتهامات نتيجة أخطاء حدثت من بعض أفراد الجماعة كانت تحتاج إلى تصويب وتصحيح.

والمبادرة كانت استجابة لرؤية تستبصر الواقع من حولنا على الصعيد الداخلي في مصر وعلى الصعيد الخارجي في العالم، وما نلقاه جميعا من تحديات تواجه العالم العربي والإسلامي أفرادا وحكومات، وكان إنهاء العنف هو الاستجابة الوحيدة اللازمة لمواجهة هذه التحديات.



الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية   الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Emptyالإثنين 18 مارس 2019, 8:27 pm

المطلب الثاني: (جمـــاعـــة التــــكــفــير والـــهـــجـــرة)
أرى لزاما علي وأنا اكتب صفحات عن التكفير والغلو والتطرف في مصر حامدا وشاكرا الله على وقف العنف فيها بهذه المُراجعات السابقة أن أشير إلى جماعة تعتنق التكفير وتدعو إليه عبر مقالاتهم ومؤلفاتهم وكتاباهم في الصحافة وشبكات الإنترنت تحديداً وهي جماعة التكفير والهجرة التي تعد جماعة إسلامية نهجت نهج الخوارج في التكفير بالمعصية.

(نشأة الجماعة)
نشأت داخل السجون المصرية في بادئ الأمر وبعد إطلاق سراح أفرادها تبلورت أفكارها وكثر أتباعها في صعيد مصر وبين طلبة الجامعات وخاصة بعد سنة 1965م وفي سنة 1967م دخلوا مع الدولة في صِدامَات ومُنازعات فأعلنت كُفرها وكُفر نظامها بل اعتبروا الذين أيَّدوا السُّلطة من إخوانهم مُرتدِّين عن الإسلام ومَنْ لم يُكَفِّرهُم فهو كافر والمجتمع بأفراده كُفَّارٌ لأنهم مُوالون للحاكم وبالتالي لا ينفعهم صوم ولا صلاة وكان إمام هذه الفئة ومُهندس أفكارها الشيخ على إسماعيل وهو أحد خريجي الأزهر، وصاغ الشيخ علي مبادئ العُزلة والتكفير لدى الجماعة ضِمن أطُر شرعية حتى تبدو وكأنها أمور شرعية لها أدلّتها من الكتاب والسُّنَّة ومن حياة الرسول (صلى الله عليه وسلم) في الفترتين: (المكيَّة والمدنيَّة) متأثراً في ذلك بأفكار الخوارج إلا أنه رجع إلى رُشْدِهِ وأعلن براءته من تلك الأفكار التي كان يُنادي بها وتاب إلى الله مما حصل منه.

فجاء بعده مصطفى شكري وهو من القادة الذين أيَّدوا هذا الفِكر ودعموه بكل قوة مُمكنة في عام 1971م ظهر بوضوح مجال تكوين الهيكل التنظيمي للجماعة ولذلك تمَّت مُبايعته أميراً لهم وقائداً للجماعة كما سبق، والذي بدوره عيَّن أمراء للمحافظات والمناطق واستأجر العديد من الشُّقق كمقار سرية للجماعة بالقاهرة والإسكندرية والجيزة وبعض محافظات الوجه القبلي، وفي سبتمبر 1973م أمر أميرهم بخروج أعضاء الجماعة إلى المناطق الجبلية واللجوء إلى المغارات الواقعة بدائرة أبي قرقاص بمحافظة المنيا بعد أن تصرَّفوا بالبيع في ممتلكاتهم وزوَّدوا أنفسهم بالمُؤَنِ اللازمة والسِّلاح الأبيض تطبيقاً لمفاهيمهم الفكرية حول الهجرة، وفي 26 أكتوبر 1973م اشتبه في أمرهم رجال الأمن المصري فتمَّ إلقاء القبض عليهم وتقديمهم للمُحاكمة.

وفي 21 ابريل 1974م عقب حرب أكتوبر 1973م صدر قرار جمهوري بالعفو عن الجماعة إلا أنها عاودت مُمَارَسَة نشاطها مَرَّةً أخرى ولكن هذه المَرَّة بصورة مُكثَّفة أكثر من ذي قبل، حيث عمل على توسيع قاعدة الجماعة، وإعادة تنظيم صفوفها، وقد تمكَّن من ضَمِّ أعضاء جُدُد للجماعة من شتَّى محافظات مصر كما قام بتسفير مجموعات أخرى إلى خارج البلاد بغرض التمويل، مما مكَّن لانتشار أفكارهم في أكثر من دولة وقد هيَّأت الجماعة لأتباعها بيئة متكاملة من النشاط وشغلهم بالدعوة والعمل والصلوات والدراسة وبذلك عزلهم عن المجتمع، وأصبح العضو يعتمد على الجماعة في كل احتياجاته رغم أن أمير الجماعة كان مُستبداً في قراراته إلا أن أتباعه كانوا يُطيعونه طاعةً عمياء بمقتضى عقد البيعة الذي أخذ عليهم في بداية انتسابهم للجماعة.

جوبهت الجماعة بقوة من قبل السلطات المصرية وبخاصة بعد مقتل الشيخ محمد حسين الذهبي وزير الأوقاف المصري السابق وبعد مواجهات شديدة بين أعضاء الجماعة والسلطات المصرية تم القبض على المئات من أفراد الجماعة وتقديمهم للمحاكمة في سنة 1977م.

(الأفكار والمعتقدات لجماعة التكفير والهجرة) 
(التكفير)...
التكفير عنصر أساسي في أفكار ومعتقدات هذه الجماعة، فهم يُكَفِّرُونَ الحُكَّام الذين لا يحكمون بما أنزل الله بإطلاق ودون تفصيل، ويُكَفِّرُونَ المَحكُومينَ لأنهم رَضُوا بذلك وتابعوهم أيضاً بإطلاق ودون تفصيل، أما العلماء فيُكَفِّرُونَهُمْ لأنهم لم يُكَفِّرُوا هؤلاء ولا أولئك، كما يُكَفِّرُونَ كل مَنْ عرضوا عليه فِكرُهم ولم يقبله أو قبله ولم ينضمَّ إلى جماعتهم ويُبايع إمامهم أمَّا مَنْ انضمَّ إلى جماعتهم ثم تركها فهو مُرِتَدٌ حلالُ الدَّم، وعلى ذلك فالجماعات الإسلامية إذا بلغتها دعوتهم ولم تبايع إمامهم فهي كافرة مارقة من الدين.

(الهجرة)...
هي العنصر الثاني في فكر الجماعة ويُقصَد بها العُزلة عن المجتمع الجاهلي وعندهم أن كل المجتمعات الحالية مجتمعات جاهلية والعُزلة المَعنيَّة عندهم عُزلة مكانية وعُزلة شعورية بحيث تعيش الجماعة في بيئة تتحقَّق فيها الحياة الإسلامية الحقيقية (برأيهم) كما عاش الرسول (صلى الله عليه وسلم) وصحابته الكِرَام في الفترة المكيَّة.

(الحُجِّيَّة)...
قالوا بحُجِّيَّةِ الكتاب والسُّنَّة فقط ولكن كغيرهم من أصحاب البدع الذين اعتقدوا رأياً ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه فما وافق أقوالهم من السُّنَّة قبلوه وما خالفها تحايلوا في رَدِّهِ أو رَدُّ دِلَالَتِهِ.

(أمِّيَّة الأمَّــة)...
دعوا إلى الأمِّيَّة لتأويلهم الخاطئ لحديث (نَحْنُ أمَّةٌ أمِّيَّة)... الحديث، فدَعَوْا إلى ترك الكُليَّات ومنع الانتساب للجامعات والمعاهد الإسلامية أو غير الإسلامية لأنها مؤسسات الطاغوت وتدخل ضِمْنَ مساجد الضِّرار وأن الدَّعوة لمحو الأميَّة دعوة يهودية لشغل الناس بعلوم الكفر عن تعلم الإسلام فما العلم إلا ما يتلقونه في حلقاتهم الخاصة.

(صلاة الجُمُعَةِ والجَمَاعَة)...
قالوا بترك صلاة الجُمُعَةِ والجَمَاعَاتِ بالمساجد لأن المساجد كلها ضرار وأئِمَّتُها كُفَّارٌ إلا أربعة مساجد: المسجد الحرام والمسجد النبوي وقباء والمسجد الأقصى ولا يُصَلُّونَ فيها أيضاً إلا إذا كان الإمام منهم.

(طاعـة الأمـير)...
يزعمون أن أميرهم سَيُحَقِّق على يد جماعته ما لم يُحَقِّق على يد محمد صلى الله عليه وسلم من ظهور للإسلام على جميع الأديان وأن زعماء الجماعة بلغوا درجة الإمامة والاجتهاد المُطلق وأن لهم أن يخالفوا الأمَّة كلها وما أجمعت عليه سلفاً وخلفاً.

وبدارسة هذه الجماعة تاريخياً نجد أنها تحمل أفكاراً غير هذه لكن تلك أبرزها ويتضح مما سبق أن هذه الجماعة هي جماعة غالية أحيَت فكر التكفير ومُفارقة الجماعة بسبب ضعف البصيرة بحقيقة الدين والاتجاه الظاهري في فهم النصوص والإسراف في التحريم والتباس المفاهيم وتميع عقيدة ومنهج أهل السُّنَّة والجماعة لدى بعض قادة هذه الحركة بالإضافة إلى أتباع المُتشابهات وترك المُحكمات وضعف المعرفة بالتاريخ والواقع وسُنن الكون والحياة ومنهج أهل السُّنَّة والجماعة وقد انتشرت هذه الجماعة في معظم محافظات مصر وفي منطقة الصعيد على الخصوص، ولها وجود في بعض الدول العربية مثل اليمن والأردن والجزائر وغيرها وقد استخدم بعض أفرادها شبكة الإنترنت لنشر هذه الأفكار المنحرفة والمبتدعة وقد رأينا الكثير من كتابات هؤلاء الأفراد في الكثير من المنتديات الإسلامية من تكفيرهم لبعض كُتَّابِ هذه المنتديات الذين يخالفونهم الرأي.

ويردُّونَ على كتاباتهم وأباطيلهم بالأدلة أو بأقوال العلماء فلا حول ولا قوة إلا بالله ونسأل الله أن يهدي ضال المسلمين وأن يردَّهم إليه ردّاً جميلاً وأن يُرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه وأن يُرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

ومَنْ أراد التوسُّعَ حول الموضوع فهذه مراجع مقترحة:
مراجع هامــة
1/ ذكرياتي مع جماعة المسلمين (التكفير والهجرة)
عبد الرحمن أبو الخير.
..........................................
2/ التكفير والهجرة وجهاً لوجه
رجب مختار مذكور.
..........................................
3/ مناظرة الشيخ الألباني رحمه الله
مع جماعة التكفير بالأردن ((كاسيت)).
..........................................
4/ مكالمة هاتفية مع الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
مع جماعة التكفير بالجزائر (كاسيت).



الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية   الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Emptyالإثنين 18 مارس 2019, 11:40 pm

المطلب الثالث: (تجربة الجزائر)
تحدَّث مشايخ المُراجعات السعودية عن تجربة الجزائر والعُنف المُسلَّح ودور علماء المملكة خاصة في تخفيفها وتجفيف منابعها وجديرٌ بنا أن نتوقَّف مع هذه التجربة المسلحة وكيف لها أن توقفت وما الأسباب التي أدَّت إلى علاجها وإلقاء السلاح هناك؟.

نظرة تاريخية للعنف
في التسعينات شهدت دولة الجزائر وشعبها المسلم العنف في أسوء المشاهد والأحداث الدموية التي لن ينسها التأريخ الحديث فباستعراض سريع وعاجل نجد أن العنف في الجزائر قسمين قسم يُقاتل الشعبَ كله، لا يفرق بين حاكم ومحكوم، وهم غلاة التكفير من الجماعة التي تحدثنا عنها قبل قليل المسماة بجماعة التكفير والهجرة الذين وصل آذاهم للجزائر في أبشع اعتداء تمثل في انتهاك أعراض النساء وقَتْل الشيوخ والعجَزة وذبح الصبيان، وتقطيع أعضاء آبائهم بالفؤوس وهم ينظرون، وتحريق العائلة بأسرِها مأسورة في سيارتها إلى غير ذلك من المشاهد المحزنة المؤسفة بحجة أنهم كفار أو ذوي كفار وقسم آخر يزعم أن عملهم شرعي ونظيف؛ لأنَّه يقتصر على رجال الدولة و الأمن وهؤلاء جميعاً هم جماعات تكفير؛ لأنّهم لم يستبيحوا قتال مَن ذكرتُ إلا بعد الحكم بتكفيرهم، وتكفيرُهم لهؤلاء لا برهان عليه من الله، ولا اتَّبعوا فيه أهل العلم الراسخين حتى أنهم داهموا في إحدى المرات أنفسا مسلمة من الجيش والشرطة وهي آمنة في مراكزها؟! فضلاً عمَّنْ أعمل السيف والفأس في إزهاق أرواح مسلمة في رمضان وهم يُؤدُّون صلاة التراويح؟!

مراحل العنف في الجزائر
لقد مَرَّ العنف والتطرف بالجزائر بخمسة مراحل هي:
1/ التَّهيِّيج السياسي على المنابر باسم التَّوعية الإسلامية.
2/ التعبئة الجماهيرية باسم المحافظة على الهوية الإسلامية.
3/ الخروج على الحُكام باسم الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.
4/ التكفِير المسلمين باسمِ الولاءِ والبراء.
5/ التفجيرات العشوائيّة والـمجازر الجماعية باسم الجهاد.


قال الشيخ: عبد الملك بن أحمد رمضاني الجزائري 
وزاد الأمر سوءاً وإنني لأتعجَّب كل العجب من قوم يُباركون الفتنة القائمة في وطننا العزيز: الجزائر! ويا لله العجب! أعراضٌ تُنتهك! ودِمَاءٌ تُسفك! وأموالٌ تُبدّد! ودين يُهدَّد! ويأتي مَن أغمض عينيه عن هذا كله، وركب من الجهل كل مركب، ويقول: لِماذا لا تنصرون إخوانَكم؟ !وما هي إلاَّ ديار المسلمين! تركوا حبلها في اضطراب، وأبناءها في احتراب! ولو كان هذا من كافر واضح لزال العجب، فالعدو الخارجي لا يألونا خبالاً، ولا يدخر عنَّا وبالاً، تلك سُنَّةٌ معلومة، إلا أنَّ المُقلِق حقيقة قابليَّة المسلمين للتآكلِ الدَّاخليِّ، حتى كانت كوَخْزِ الإبَر في المضاجع!

ثم لا غِنَى لسائرِ الأقطار الإسلاميةِ عن هذه الرسالة؛ لأن البلاء واحد، والمسلمون لُحْمَةٌ واحدة، وإنني مُذكرٌ لِمَنْ كان له قلبٌ أو ألقى السَّمْعَ وهو شهيد.

أنَّ الحلول المقترحة اليوم لا تكاد تخرج عن إحدى ثلاث:
حَلٌّ سياسي.
حَلٌّ دعوي.
حَلٌّ دموي.


وخَيْرُهَا الحَل الدَّعوي
فهو الذي ندعو المسلمين اليوم إلى التركيز عليه، وقد اتَّحدَت كلمةُ الجزائر وأهلها بفتاوى سماحة الشيخ مفتي الأنام عبد العزيز بن باز رحمه الله الذي كان له وللشيخ محمد العثيمين والألباني رحمهم الله اليد الطولى بعد الله في وقف الدماء وانتهاك الأعراض وهدر الأموال.

جاء في جريدة الصحافة العدد 112 بتاريخ 2 جمادى الثانية 1420الموافق 12 /9/ 1999م ص 3:
شهادة من الضابط الشرعي لـ ((كتيبة الموت)) بالمنطقة الغربية ونصُّها: (يُثير المدعو عبد الحميد قضيةَ اقتناعهم بالتوبة، مشيراً إلى خطابات رئيس الجمهورية التي استمعوا إليها بشَغَف كما يقول، وقد فَهِمنا منها وجود ضمانات للتسليم لكن الاقتناع في حَدِّ ذاته من خطابات الرئيس لم يكن ليتجاوز 40 بالمائة في كلِّ الأحوال، يضيف الضابط للجماعة مؤكِّداً أنَّ الوسيلةَ الوحيدةَ للاقتناع بالتوبة والتسليم تبقى للرسائل والفتاوى لأشهر علماء السلفية وعلى رأسهم ابن باز والعثيمين وناصر الدين الألباني).
  
أولاً/ (فتوى الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله)
الجماعة الإسلامية المُسلّحة بالجزائر قَولَتْكم أنَّكم تؤيّدون ما تقوم به من اغتيالات للشرطة وحمل السّلاح عموماً، هل هذا صحيح؟ وما حكم فعلهم؟ مع ذكر ما أمكن من الأدلّة جزاكم الله خيراً؟

الجواب من سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلّى الله وسلّم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومَنْ اهتدى بهداه.

أما بعد:
فقد نصحنا إخواننا جميعاً في كل مكان أعني الدُّعاة نصحناهم أن يكونوا على علم وعلى بصيرة وأن ينصحوا الناس بالعبارات الحسنة والأسلوب الحسن والموعظة الحسنة وأن يجادلوا بالتي هي أحسن، عملا بقول الله سبحانه: (ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وجَادِلْهُم بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ).
 
وقوله سبحانه:
(ولا تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ إلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُم).
 
فالله جلّ وعلا أمر العباد بالدعوة إلى الله وأرشدهم إلى الطريقة الحكيمة، وهي الدعوة إلى الله بالحكمة يعني بالعلم: قال الله, قال رسوله، وبالموعظة الحسنة وجدالهم بالتي هي أحسن، عند الشّبهة يحصل الجدال بالتي هي أحسن والأسلوب الحسن حتى تزول الشّبهة.

وإن كان أحد من الدّعاة في الجزائر قال عنّي: قلت لهم: يغتالون الشّرطة أو يستعملون السِّلاح في الدعوة إلى الله هذا غلط ليس بصحيح بل هو كذب.

إنَّما تكون الدعوة بالأسلوب الحَسَنْ:
قال الله، قال رسوله، بالتّذكير والوعظ والتّرغيب والتّرهيب، هكذا الدعوة إلى الله كما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في مكّة المكرمة قبل أن يكون لهم سلطان، ما كانوا يَدْعُون الناس بالسّلاح، يدعون الناس بالآيات القرآنية والكلام الطيّب والأسلوب الحسن؛ لأنَّ هذا أقرب إلى الصّلاح وأقرب إلى قبول الحق.

أمَّا الدعوة بالاغتيالات أو بالقتل أو بالضرب فليس هذا من سنّة النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا من سنّة أصحابه، لكن لَمَّا ولاَّه الله المدينة وانتقل إليها مهاجراً كان السّلطان له في المدينة وشرع الله الجهاد وإقامة الحدود، جاهد عليه الصلاة والسلام المشركين وأقام الحدود بعد ما أمر الله بذلك.

فالدُّعاة إلى الله عليهم أن يَدْعُوا إلى الله بالأسلوب الحسن: بالآيات القرآنية والأحاديث النّبوية، وإذ لم تُجدِ الدعوة رفعوا الأمر للسّلطان ونصحوا للسّلطان حتى ينفّذ، السّلطان هو الذي ينفّذ، يرفعون الأمر إليه فينصحونه بأنّ الواجب كذا والواجب كذا حتى يحصل التّعاون بين العلماء وبين الرؤساء من الملوك والأمراء ورؤساء الجمهوريّات، الدّعاة يرفعون الأمر إليهم في الأشياء التي تحتاج إلى فعل: إلى سجن، إلى قتل، إلى إقامة حدّ، وينصحون ولاة الأمور ويوجّهونهم إلى الخير بالأسلوب الحسن والكلام الطيّب، ولهذا قال جلّ وعلا: (ولاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتابِ إلاَّ بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُم).
 
فلو ظلم أحد من أهل الكتاب أو غيرهم فعلى وليّ الأمر أن يعامله بما يستحق، أما الدّعاة إلى الله فعليهم بالرّفق والحكمة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنّ الرّفق لا يكون في شيءٍ إلا زانه ولا يُنزَعُ من شيءٍ إلا شانه)) ويقول عليه الصلاة والسلام: ((مَن يُحْرَم الرِّفق يُحرم الخير كله).
 
فعليهم أن يَعِظوا الناس ويذكّروهم بالعذاب والأحاديث ومن كان عنده شبهة يجادلونه بالتي هي أحسن: الآية معناها كذا الحديث معناه كذا، قال الله كذا، قال رسوله كذا، حتى تزول الشّبهة وحتى يظهر الحق.

هذا هو الواجب على إخواننا في الجزائر وفي غير الجزائر فالواجب عليهم أن يسلكوا مَسْلَكَ الرسول (صلى الله عليه وسلم) حين كان في مكّة والصّحابة كذلك، بالكلام الطيّب والأسلوب الحسن؛ لأنّ السلطان ليس لهم الآن لغيرهم، وعليهم أن ينصحوا السلطان والمسئولين بالحكمة والكلام الطيب والزّيارات بالنيّة الطيبة حتى يتعاونوا على إقامة أمر الله في أرض الله، وحتى يتعاون الجميع في ردع المجرم وإقامة الحق.

فالأمراء والرّؤساء عليهم التّنفيذ، والعلماء والدّعاة إلى الله عليهم النصيحة والبلاغ والبيان. نسأل الله للجميع الهداية.

السؤال الثاني:
قامت الجماعة الإسلامية المُسلّحة بتهديد أئِمَّة وزارة الشّئون الدينيّة بالجزائر، الذين لا يُصَرِّحُون بِسَبِّ الحُكَّام على المنابر؛ إمَّا توقيف صلاة الجماعة والجمعة وإمَّا القتل بحُجَّة أنّه موظّف لدى الطّواغيت، وقد نفّذوا القتل في مجموعة من الأئِمَّة الذين لم يستجيبوا لهم كما تعطّلت صلاة الجماعة في بعض المُدن فما حكم هذا الفعل؟

الجواب:
ما يصلح هذا! هذا أيضاً غلط، هذا ما يصلح! الواجب على الدُّعاة أن ينصحوا الناس بالكلام الطيب ينصحوا الخُطباء وينصحوا الأئِمَّة حتى يستعملوا ما شرع الله.

أمَّا سَبِّ الأمراء على المنابر فليس من العلاج، فالعلاج الدُّعاء لهم بالهداية والتّوفيق وصلاح النِّيَّة والعمل وصلاح البِطَانَة، هذا هو العلاج، سَبُّهم ليس من المصلحة، ولكن يُدعَى لهم بالهداية والتّوفيق والصَّلاح حتى يُقيموا أمر الله في أرض الله وأنَّ الله يُصلح لهم البِطانة أو يُبدلهم بخير منهم إذا أبَوْ، وأن يُصلحهم أو يبدلهم بخير منهم، أما سَبُّهُمْ ولعنهم أو سَبّ الشّرطة أو لعنهم أو ضربهم أو ضرب الخُطباء كل هذا ليس من الإسلام.

فالواجب النصيحة والبلاغ والبيان قال الله جلّ وعلا: (هذا بَلاَغٌ لِلنَّاسِ) فالقرآن بلاغ والسُّنَّة بلاغ، قال جلّ وعلا: (وأُوحِيَ إليَّ هذا القُرءانُ لأُنْذِرَكُم به ومَن بَلَغ).
 
قال جلّ وعلا:
(وأَنذِرِ الناّسَ).

وقال جل وعلا:
(إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ واللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ).

فالعلماء هم خلفاء الرُّسُل، ينذرون الناس ويحذّرونهم من عقاب الله، ويرشدونهم إلى طاعة الله، ويأمرونهم بتقوى الله، ويحذّرونهم من معاصي الله، وينصحون ولاة الأمور من الأمراء وغيرهم ينصحونهم، يوجّهونهم إلى الخير ويَدْعُون لهم بالهداية؛ لأنّ هذا أقرب إلى النّجاح وأقرب إلى الخير حتى تنتشر الدعوة، وحتى يتفقّه الناس في الدين، وحتى يعلموا أحكام الله.

أما إذا عُوملوا بالضّرب أو بالوعيد للخطباء وغيرهم كان هذا من أسباب ظهور الشّرّ وكثرة الشّرِّ وقلَّة الخير.

لا حول ولا قوّة إلا بالله.

نعم؟

السؤال الثّالث
قامت هذه الجماعة بقتل بعض النساء اللاتي أبَيْنَ ارتداء الحِجَابِ، فهل يسوغ لهم هذا؟

الجواب:
هذا أيضاً غلط، لا يسوغ لهم هذا، الواجب النصيحة للنّساء حتى يحتجبن، والنصيحة لِمَنْ ترك الصلاة حتى يُصَلّي والنصيحة لِمَنْ يأكل الرِّبَا حتى يدع الرِّبا، والنصيحة لِمَنْ يتعاطى الزنا حتى يَدَع الزنا، والنصيحة لِمَنْ يتعاطى شُرب الخمر حتى يدع شرب الخمر، كلٌّ يُنصح، قال الله وقال رسوله: بالآيات القرآنيّة والأحاديث النبوية، ويُحذّرُونهم من غضب الله ومن عذاب يوم القيامة.

أما الضَّرب أو القتل أو غير ذلك من أنواع الأذى فلا يصلح للدُّعاة، هذا ينفّر من الدعوة، ولكن على الدّعاة أن يتحلّوا بالحلم والصبر والتّحمّل والكلام الطيب في المساجد وفي غيرها حتى يكثر أهل الخير ويقلّ أهل الشّرّ، حتى ينتفع الناس بالدعوة ويستجيبوا.

السؤال الأخير
يا شيخ! سؤال أخير بارك الله فيكم لعلّ بعض الإخوة مِمَّن يَميل إلى السلفية ويحبّ العلماء يصغي إلى كلام العلماء، فماذا تنصحون مَنْ تورَّط في هذه الاغتيالات أو شيء من هذا يا شيخ؟

الجواب:
أنصحهم بالتوبة إلى الله وأن يلتزموا الطريقة التي سار عليها السَّلف الصَّالِح بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجِدَال بالتي هي أحسن، الله يقول: (ومَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّن دَعَا إلى اللهِ وعَمِلَ صَالِحاً).

فلا يوَرّطون أنفسهم في أعمال تسبّب التّضييق على الدعوة وإيذاء الدّعاة وقلّة العلم لكن إذا كانت الدعوة بالكلام الطيب والأسلوب الحسن كثر الدّعاة وانتفع الناس بهم، وسمعوا كلامهم واستفادوا منهم وحصل في المساجد وفي غير المساجد الحلقات العلميّة والمواعظ الكثيرة حتى ينتفع النّاس، الله يهدي الجميع، نسأل الله للجميع الهداية والتّوفيق)) اهـ.



الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في السبت 01 مايو 2021, 6:28 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية   الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 19 مارس 2019, 12:43 am

نصيحة الشيخ ابن عثيمين إلى الجماعات المسلحة بالجزائر
من محمد الصالح العثيمين إلى إخواني في الجزائر الذين ما زالوا يحملون السلاح في الجبال والرِّمال وفَّقهم الله لِما فيه الخير والصَّلاح.   

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد:
فإنَّ الواجب عليَّ أن أُبدي النصيحة لكم؛ لأنَّ ذلك من الدِّين كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم أنَّ: الدِّين النصيحة: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمَّة المسلمين وعامَّتهم فنصيحتي لكم أن تُلقوا السِّلاحَ وتحملوا السلام، وتُجيبوا ما دعت إليه الحكومة من المصالحة والسلام، ثمَّ يجري بين الجميع التفاهم وتحكيم الكتاب والسُّنَّة، وهذا سيكون فيه خيرٌ كثيرٌ، والخلاص من الفتن والقتال وهذا أعني وضع السلاح وحمل السلام واجب على الجميع.

فالله الله أيُّها الإخوة بالمبادرة إلى المصالحة والتفاهم! وأسأل الله لنا ولكم التوفيق وأن يجعلنا من دعاة الخير وأنصار الحقِّ، إنَّه جوادٌ كريم.

وصلى الله وسلَّم وبارك على نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدِّين.

كتبه الفقير إلى الله تعالى محمد بن صالح العثيمين.
في مكة المكرمة يوم الأربعاء السادس عشر من ذي الحجة عام (1420هـ).

مكالمة مباشرة من ثوار الجزائر برؤوس الجبال
مع العلامة محمد بن عثيمين
بتاريخ: 1 رمضان 1420هـ    
الجزء الأول
بعد أن اتَّصل أحدُهم بالشيخ بادره الشيخُ بهذا السؤال:
الإخوان الذين عندك عددهم كبير أو قليل؟

قال السائل مُعرِضاً عن الجواب:
نحن يعني أوَّلاً:
نُعلمكم أنَّ الذي يُخاطبكم الآن هم إخوانك المقاتلون، وبالضبط المقاتلون من (الجماعة السلفية للدعوة والقتال)، ونحن طبعاً سننقل كلامكم إن شاء الله عزَّ وجلَّ إلى جميع إخواننا المقاتلين في هذه الجماعة وغيرها أيضاً.

وذلك بعد أن بلغنا نداؤكم ونصيحتكم المؤرَّخة بتاريخ 13 من شهر صفر من العام الحالي والجدير بالذِّكر أنَّ نداءَكم ذلك لم يصل إلينا إلاَّ منذ شهر ونصف، وهناك من الإخوة مَنْ لم يصلهم حتى الآن هذا من جهة.

ومن جهة أخرى
فإنَّ الكثير من الإخوة مِمَّنْ بلغَتْهم نصيحتكم وقعت لهم شبهةٌ حالت دون الاستجابة لِمَا دعوتم إليه، فكان لَابُدَّ إذاً من إجراء هذا الحوار الجديد مع فضيلتكم أملاً أن نتمكَّن من خلاله من الإجابة على جميع التساؤلات المطروحة، وإزاحة جميع الشُّبه، وبيان الحقِّ البواح؛ حتى نصبح على مثل المَحَجَّة البيضاء، لا يزيغ عنها إلاَّ هالك.

وعلى هذا الأساس
فإنَّنا نلتمس من سماحتكم حفظكم الله إعطاءنا أكبر قدر من وقتكم، وأن تُسهِبوا في الشرح والبيان لأنَّه لا يخفى عليكم يا شيخنا! أنَّ الإخوة عندنا قد رسَّخَتْ فيهم سنواتُ القتال أفكاراً وعقائد ليس من السهل يا شيخ! ولا من البسيط التخلِّي عنها واعتقاد بطلانها، إلاَّ ببيان شافٍ منكم، وذلك لِمَا لكم في قلوب الإخوة عندنا من عظيم المنزلة ووافر التقدير والإجلال والاحترام؛ لأنَّنا نعتقد أنَّكم من أعلام أهل السُّنَّة والجماعة في هذا العصر.

وإليكم الآن الشبه المطروحة يعني عندنا.
الشيخ:

دعنِي أتكلَّم قليلاً، ثمَّ قال:
الحمد لله ربِّ العالمين، وأصلّي وأسلّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه ومَنْ تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين.

أما بعد
فإنَّني من عنيزة القصيم المملكة العربية السعودية وفي أول يوم من رمضان عام عشرين وأربعمائة وألف، أتحدَّث إلى إخواني في الجزائر، وأنا مُحِبُّهُم محمد بن صالح آل عثيمين.

أقول لهم:
إنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قرَّرَ في حَجَّةِ الوداع تحريمَ دمائنا وأموالنا وأعراضنا تقريراً واضحاً جليًّا بعد أن سأل أصحابه عن هذا اليوم، والشهر، والبلد، وقال: (إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحُرمة يومكم هذا، في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟).
  
فهذا أمرٌ مُجْمَعٌ عليه، لا يختلف فيه اثنان، والإخوة الذين قاتلوا في الجزائر منذ سنوات قد يكون لهم شبهة ففي أوَّل الأمر، حينما اتَّجه الشعب الجزائري إلى جبهة الإنقاذ، وعَلَت أصواتهم لصالح الجبهة، ولكن هذه الجبهة حتى سيطر غيرُها، ولا شكَّ أنَّ هذا مؤسفٌ، وأنَّ الواجب اتِّباع الأكثر الذي وافق ما ينبغي أن تكون عليه الأمَّة الجزائرية، من قول الحقِّ واتِّباع الحقِّ.

ولكن هذا لا يقتضي ولا يُسَوِّغُ حمل الإخوة السلاحَ بعضُهم على بعض، وكان الواجب عليهم من أول الأمر أن يمشوا ويُكثِّفوا الدعوة إلى تحكيم الكتاب والسُّنَّة، وفي الجولة الأخرى تكون أصواتهم ويكون وزنُهم في الشعب الجزائري أكبر، ولكن نقول: قَدَّرَ اللهُ وما شاء فعل؛ لو أراد الله أن يكون ما ذكرتُ لكان.

والآن، أرى أنَّه يجب على الإخوة أن يَدَعوا هذا القتال، لاسيما وأنَّ الحكومة الجزائرية عرضت هذا، وأمَّنت مَنْ يَضَع السلاح فلم يبق عُذرٌ.

والجزائر الآن تحمل الويلات بعد الويلات مِمَّا كانت عليه، وكنَّا قد تفاءلنا خيراً، حينما تولَّى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وهدأت الأمور بعض الشيء.

لكنَّنا مع الأسف سمعنا أنَّه حصل بعض العنف في هذه الأيام القريبة، وهو مِمَّا يُؤسف له أن يعود العنفُ إلى الجزائر المسلمة... شهر رمضان المبارك.

والذي يجب على المسلمين أن يجمعوا كلمتَهم على الحقِّ، في رمضان وفي غيره، لكن في رمضان أوكد فنصيحتي لإخوتنا المقاتلين..

ثم قاطعه السائل قائلاً:...
أحيطكم به علماً يعني حتى يخرج جوابكم موافقاً أو نافعاً للإخوة، يعني كأنَّكم تعتقدون أو تظنُّونَ أنَّ الذي يخاطبكم الآن هم أنصار الجبهة الإسلامية للإنقاذ؟

يا شيخ! الآن الساحة القتالية الجزائرية تضمُّ ثلاث فصائل:
ـ أتباع (الجبهة الإسلامية للإنقاذ) الذين خرجوا من أجل الانتخابات، وهلمَّ جرًّا تلك الأمور.

ـ وهناك (الجماعة السلفية للدعوة والقتال)، التي نكلِّمكم باسمها، ونحن من أعضائها، هذه يا شيخ ليس لها علاقة بالجبهة الإسلامية للإنقاذ، وليس لها علاقة بالتحزُّب، وليس لها علاقة بالانتخاب، إنَّما خرجت بناء على اعتقادها كُفر هذا الحاكم، وجواز الخروج عليه.

ـ وهناك طائفة ثالثة يا شيخ (الهجرة والتكفير)، هذه التي لا زالت تُمارس العنف، ولا تستمع إلى العلماء، أمَّا نحن المقاتلون في (الجماعة السَّلفية للدَّعوة والقتال) فكما أسلفتُ لك منذ قليل نحبُّ العلماء ونُجلُّهم، خصوصاً علماء أهل السُّنَّة والجماعة كأمثالكم، ونأخذ بأقوالهم غير أنَّه كما ذكرتُ لك هناك بعض التساؤلات والشُّبَه حالت دون أن يُتلقَّى كلامُكم بالقبول التامِّ.

الشيخ:
فهمتُ من كلامِك الآن أنَّكم ثلاثة أقسام:
جبهة الإنقاذ، الجماعة السلفية، والجماعة التكفيرية، هكذا؟

السائل:
أي نعم، جيِّد يا شيخ!

الشيخ:
أمَّا جبهة الإنقاذ، فأظنُّها أنَّها وافقت المصالحة؟

السائل:
أي نعم، هم الآن في هُدنة يا شيخ!

الشيخ:
أما الجماعة السَّلفية فأرى أن يُوافقوا؛ لأنَّه مهما كان الأمر، الخروج على الحاكم ولو كان كُفرُه صريحاً مثل الشمس له شروط.

فمِن الشروط:
ألاَّ يترتَّب على ذلك ضررٌ أكبر، بأن يكون مع الذين خرجوا عليه قدرة على إزالته بدون سفك دماء، أما إذا كان لا يمكن بدون سفك دماء، فلا يجوز؛ لأنَّ هذا الحاكمَ الذي يحكم بما يقتضي كفره له أنصار وأعوان لن يَدَعوه.

ثمَّ ما هو ميزان الكفر؟
هل هو الميزان المِزَاجِي يعني الذي يوافق مِزَاج الإنسان لا يُكَفَّر، والذي لا يوافقه يُكَفَّر؟! مَنْ قال هذا؟!

الكُفر لا يكون إلاَّ من عند الله ومن عند رسوله، ثمَّ إنَّ له شروطاً، ولهذا قال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلَّم لَمَّا تحدَّث عن أئمَّة الجَوْر وقيل له: أفلا ننابذهم قال: (لا، إلاَّ أن تروا كفراً بواحاً عندكم فيه من الله برهان).
     
وأين هذا؟
كثيرٌ من الإخوة ولاسيما الشباب، الكفر عندهم عاطفي، مزاجي، ليس مبنيًّا على شريعة، ولا صدر عن معرفة بشروط التكفير، لهذا نشير إلى إخواننا في الجزائر أن يضعوا السِّلاحَ، وأن يدخلوا في الأمان، وأن يُصلحوا بقدر المستطاع بدون إراقة دماء، هذا هو الذي يجب علينا أن نناصحهم به ومن وُجِّهت إليه النصيحة، فالواجب عليه على الأقل أن يتأنَّى وينظر في هذه النصيحة، لا أن يردَّها بانزعاج واستكبار وعناد، نسأل الله تعالى أن يُطفئ الفتنة، وأن يزيل الغُمَّة عن إخواننا في الجزائر.

السائل
هم الإخوة عندنا يعتمدون في الحكم بكُفر حاكمهم لكن بعد أن ناديتموهم بوضع السلاح مع اعتقادهم كُفر حاكمهم شَقَّ ذلك عليهم كثيراً وكَبُرَ عليهم كثيراً وضْعُ السِّلاح والعودة تحت حُكم مَنْ يعتقدون كُفْرَهُ يعني هذه مُعضِلة كيف حلُّها يا شيخ؟

الشيخ:
والله ليست معضلة.

أوَّلاً:
ننظر هل هناك دليل على كُفر هذا الحاكم.

والنظر هنا من وجهين:
الوجـه الأول: الدليل على أنَّ هذا الشيءَ كُفْرٌ.
الوجه الثاني: تحقُّق الكُفر في حقِّ هذا الفاعل؛ لأنَّ الكلمة قد تكون كُفراً صريحاً، ولكن لا يُكَفَّرُ القائل، ولا يخفى علينا جميعاً قول الله عزَّ وجلَّ: (مَن كَفَرَ مِن بَعْدِ إِيـمَانِه إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالإِيمَانِ وَلَكِن مَن شَرَحَ بِالكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، رفع الله عزَّ وجلَّ حكم الكفر عن المكره وإن نطق به.

ولقد أخبر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّ الربَّ عزَّ وجلَّ أشدُّ فرحاً بتوبة عبده من رجل فَقَدَ راحلتَه، وعليها طعامه وشرابُه، فلمَّا أَيِس منها اضطجع تحت شجرة، فبينما هو كذلك إذا بناقته حضرت، فأخذ بزمامها وقال: اللَّهمَّ أنت عبدي وأنا ربُّك، قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: (أخطأ مِنْ شدَّة الفرح)، وكذلك الرجل الذي كان... وقال: (لئن قدر الله عليَّ ليعذِّبنِّي عذاباً ما يعذِّبه أحداً من العالمين، فأمر أهله إذا مات أن يحرقوه ويسحقوه في اليمِّ، فجمعه الله وسأله؟ فقال: فعلتُ ذلك خوفاً منك يا ربِّ)، ولم يكفر.

الحاكم قد يكون عنده حاشية تُرقِّقُ له الأمور العظيمة وتُسهِّلها عليه، وتُزيِّنها في نفسه، فيمضي فيما يعتقد أنَّه حلال، ولكنه ليس بكفر، ولا أظنُّ أحداً من الجزائريِّين يقول: نعم! أنا أعلم أنَّ هذا حكم الله ولكنِّي أخالفه، ما أظنُّ أحداً يقول ذلك عن عقيدة، فإن كان قد يقوله في باب المناظرة، لكن عن عقيدة لا يمكن فيما أظن؛ لأنَّ شعبَ الجزائر شعبٌ مسلم، وهو الذي أخرج الفرنسيِّين عن إكراه من أرضه، فالواجب على هؤلاء أن ينظروا في أمرهم، وأن يُلقوا السلاح، وأن يصطلحوا مع أمَّتهم، وأن يبثوا الدعوة إلى الله بتيسير... لا بعنف، نعم!

السائل:
شيخنا حفظكم الله هل يستلزم يعني لو فرضنا كفر الحاكم هل يستلزم الخروج عليه بدون شروط يعني؟

الشيخ:
لا! لابدَّ من شروط، ذكرتها آنفاً.

السائل:
أي نعم!

الشيخ:
لو فُرض أنَّه كافر مثل الشمس في رابعة النهار، فلا يجوز الخروجُ عليه إذا كان يستلزم إراقة الدِّماء، واستحلال الأموال.

السائل:
الآن بعض الإخوة عندنا مثلاً يقولون إنَّهم ما داموا خرجوا وحملوا السلاح وخاضوا هذه الحرب مع هذا النظام، هم اليوم وإن اعتقدوا أنَّ ما هم فيه ليس بجهاد؛ لأنَّهم كما ذكرتم لم يَستَوفوا الشروط، لكن رغم ذلك يسألون: هل يمكنهم رغم ذلك المواصلة وإن أيقنوا الفناءَ والهلاك، أم يُهاجرون، أم ماذا؟

الشيخ:
والله! لا يجوز لهم، والله! لا يجوز لهم المضيُّ فيما هم عليه من الحرب الآن؛ إذ أنَّها حرب عقيم ليس لها فائدة ولا تولِّد إلاَّ الشرَّ والشَّرَر.

السائل:
أي نعم، شيخنا هم يعني إذاً أنتم لا تعتقدون كفر حاكم الجزائر يعني، فترون ذلك؟

الشيخ:
لا نرى أنَّ أحداً كافر إلاَّ مَن كفَّره الله ورسوله وصدقت عليه شروط التكفير، من أي بلد، ومن أي إنسان، الكفر ليس بأيدينا، وليس إلينا، بل هو إلى الله ورسوله، إنَّ الرَّجلَ إذا كفَّر أخاه وليس بكافر عاد الأمر إليه: المكفِّر، وكفر إلاَّ أن يتوب.

السائل:
شيخنا! بعض الإخوة عندنا بعد أن سلَّموا بأنَّ هذا ليس بجهاد على وفق ما ذكرتم يعني لم يثقوا في الحكومة يعني نسبيًّا فيسألون هل يجوز لهم المكث في الجبال دون الرجوع إلى الحياة المدنية بدون قتال يعني يبقون بأسلحتهم في الجبال ويتوقَّفون عن القتال، لكن لا يرجعون إلى الحياة المدنية؟

الشيخ:
أقول: إنَّهم لن يبقوا على هذه الحال، مهما كان الحال، ولا بدَّ أن تحرِّكهم نفوسُهم في يوم من الأيام حتى ينقضُّوا على أهل القرى والمدن؛ فالإنسانُ مدنيٌّ بالطبع.

يبقى في رؤوس الجبال وفي تلالها وشعابها، ومعه السلاح؟!

في يوم من الأيام لابُدَّ أن تُهيِّجهم النفوسُ حتى يكونوا قُطَّاعَ طرق!

السائل:
إذاً لا يجوز لهم المكث على هذه الحال؟

الشيخ:
هذا ما أراه، أرى أن ينزلوا للمدن والقرى ولأهاليهم وذويهم وأصحابهم.

السائل:
يعني الآن ما يجب على كلِّ في حالةِ إذا لم تستجب القيادة لندائكم هذا، إذا لم تستجب إذا لم يستجب رؤوس المقاتلين لندائكم هذا، ما واجب كل مقاتل في حقِّ نفسه؟

الشيخ:
الواجب وضع السلاح، وأن لا يطيعوا أمراءَهم إذا أمروهم بمعصية ؛ لأنَّه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

السائل:
شيخنا! هل يجوز أو هل يمكن يعني هل يجوز مخالفة ندائكم هذا من أجل فتاوى لبعض الدعاة؟

الشيخ:
هذا يرجع إلى الإنسان نفسه، إن اعتقد أنَّ ما يقوله أولئك القوم الذين يَدْعون إلى الاستمرار، هو الحق لا يلزمهم الرجوع، ولكن يجب أن يتأمَّل الإنسان ويتدبَّر وينظر ما النتيجة في الاستمرار، كم للشعب الجزائري من سَنَةٍ، وهو يرقب الويلات بعد الويلات ولم يستفد شيئاً؟!

السائل:
الملاحظة أنَّ هؤلاء الدعاة الذين ذكرتهم يعني دعاة غير معروفون من أمثالهم أبو قتادة الفلسطيني الماكث في بريطانيا، هل تعرفونه يا شيخنا؟

الشيخ:
لا نعرفه.

السائل:
تعرفونه؟!

الشيخ:
 لا!

السائل:
أبو مصعب السوري، ما تعرفونه ؟

الشيخ:
كلا لا نعرفه، لكني أقول لك، إنَّ بعضَ الناس ولا أخصُّ هذا ولا هذا؛ إذا رأى الشباب اجتمعوا حوله، انفرد بما يُذكرُ به، كما يقول القائل: خالِف تُذكر، نعم!

السائل:
شيخنا! هناك أحدهم يُسمى أبا حنيفة الأريتيري، يدَّعي أنَّه تلميذكم، ويَدَّعي أنَّ الاتصالَ بكم أمرٌ صعب، والإخوة المقاتلين يعتقدون أنَّ الاتصال بكم بين الاستحالة والصعوبة، بناءً على كلام هذا الإنسان، هل هذا صحيح؟

الشيخ:
غير صحيح، أبداً كلُّ الناس يأتون ويتصلون بنا، ونحن نمشي والحمد لله من المسجد إلى البيت، في خلال عشر دقائق في الطريق، وكل يأتي ويمشي، والدروس والحمد لله مستمرة ونقول ما شئنا مِمَّا نعتقده أنَّه الحق.

السائل:
هذا أبو حنيفة هل تعرفونه، أبو حنيفة الأريتيري هذا؟

الشيخ:
والله! أنا لا أعرفه الآن، لكن ربَّما لو رأيته لعرفته، لكن كلامه الذي قاله كذب، لا أساس له من الصحة...

وبعد حوار بينهم وبين الشيخ حول الذين قُتلوا، وحول تأجيل هذه المكالمة.

قال الشيخ:
والله! لو أجَّلتمونا إلى ما بعد رمضان إذا أمكن؟

السائل:
يا شيخ! مستحيل؛ القضية جِدُّ شائكة كما ترى، وقضية دماء، وقضية أمَّة يا شيخ!

الشيخ:
إذاً غداً...

ثمَّ تقدَّم سائلٌ آخر فقال:
يا شيخ! لو تعطينا الآن خمس دقائق لسؤال أخير؟

الشيخ:
طيِّب!

السائل:
إخواننا من الجماعة السلفية للدعوة والقتال يُحبُّونكم، وينظرون إليكم على أنَّكم من علمائنا الذين يَجب أن نسير وراءكم، لكن..

الشيخ:
جزاهم الله خيراً.

السائل:
لكن هناك أسئلة تدور في رؤوسهم، ومن بين هذه الأسئلة يقولون: أنَّنا إذا نقلنا إلى الشيخ عن طريق أشرطة مصورة وبيَّنا له فيها قتالنا أنَّنا لا نقتل الصبيان، ولا نقتل الشيوخ، ولا نفجِّر في المدن، بل نقتل مَنْ يُقاتلنا من هؤلاء الذين لا يُحَكِّمُونَ كتاب الله عزَّ وجلَّ فينا، فإنَّ الشيخ يعني بعد أن يعرف بأنَّ عقيدتنا سليمة، وأنَّ منهجنا سليماً وأنَّ قتالنا سليم، فإنَّ فتواه ستتغيَّر، ما قولكم في هذا بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً؟

الشيخ:
لا! قولي: إنَّ الفتوى لا تتغيَّر مهما كانت نيَّة المقاتل فإنَّها لا تتغيَّر؛ لأنَّه يترتَّب على هذا أمور عظيمة، قتل نفوس بريئة، استحلال أموال، فوضى!

السائل:
شيخنا! حفظك الله، إذا كان في صعودنا إلى الجبال اعتمدنا على فتاوى، وإن كانت كما قال الأخ ظهر خطؤها ولو كانت من عند أهل العلم، وبعض فتاوى بعض الدعاة ظنًّا منَّا أنَّ ذلك حُجَّة في القتال، فصعدنا إلى الجبال وقاتلنا سنين، يعني فما دور المجتمع الآن في معاملتنا؟ هل يعاملنا كمجرمين، أم أنَّنا كمجاهدين أخطأنا في هذه الطريق؟

الشيخ:
أنت تعرف أنَّ جميع المجتمعات لا تتفق على رأي واحد، فيكون الناس نحوكم على ثلاثة أقسام:
ـ قسم يكره هؤلاء ويقول: إنَّهم جلبوا الدَّمار وأزهقوا الأرواح وأتلفوا الأموال، ولن يرضى إلاَّ بعد مدَّة طويلة.

ـ وقسم آخر راضٍ يُشجِّع، وربَّما يلومهم إذا وضعوا السلاح!

ـ القسم الثالث: ساكت، يقول: هؤلاء تأوَّلوا وأخطئوا، وإذا رجعوا فالرجوع إلى الحقِّ فضيلة.

السائل:
شيخنا! حفظك الله، نريد كلمة توجيهية إلى الطرفين أقصد إلى الإخوة الذين سينزلون إلى الحياة المدنية وإلى المجتمع يعني: كيف نتعامل الآن؟ وأن ينسوا الأحقاد، نريد نصيحة في هذا الباب حفظكم الله؟

الشيخ:
بارك الله فيكم، أقول: إنَّ الواجب أن يكون المؤمنون إخوة، وأنَّه إذا زالت أسباب الخلاف وأسباب العداوة والبغضاء فلنترك الكراهية، ولنرجع إلى ما يجب أن نكون عليه من المحبة والائتلاف، كما قال الله عزَّ وجلَّ: (إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ).
 
نسأل الله التوفيق والسداد، وهل أنتم على عزم أن تتصلوا غداً أم لا؟ أمَّا الآن فنقطع، وما يمكن أن نزيد...

وعند الموعد قال السائل:
المهم يعني أهم حاجة أن التركيز على ما يمكن أن يؤثِّر على الإخوة عندنا يعني المقاتلين حتى يرجعوا إلى الحقِّ.

الشيخ:
طيِّب! توكَّل على الله.



الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية   الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 19 مارس 2019, 4:56 pm

الجزء الثاني:
السائل:
إن شاء الله، أهمّ قضية يا شيخ ادعاؤهم أنَّكم لا تعلمون واقعنا في الجزائر، وأنَّ العلماء لا يعرفون الواقع في الجزائر، وأنَّكم لو عرفتم أنَّنا سلفيِّين أنَّ هذا سيغيِّر فتواكم، فهل هذا صحيح؟

الشيخ:
هذا غير صحيح، وقد أجبنا عنه بالأمس، وقلنا مهما كانت المبالغات فإراقة الدِّماء صعب، فالواجب الكفّ الآن والدخول في السِّلم.

السائل:
شيخنا! ما رأيكم فيمن يعتقد أنَّ الرجوع إلى الحياة المدنية يُعتبر رِدَّة؟

الشيخ:
رأينا أنَّ من قال هذا فقد جاء في الحديث الصحيح أنَّ من كفَّر مسلماً أو دعا رجلاً بالكفر وليس كذلك عاد إليه.

السائل:
شيخنا! ما رأيكم في قولهم أنَّه لا هدنة ولا صلح ولا حوار مع المرتدِّين؟

الشيخ:
رأينا أنَّ هؤلاء ليسوا بمرتدِّين، ولا يجوز أن نقول إنَّهم مرتدُّون حتى يثبُت ذلك شرعاً.

السائل:
بناءً على ماذا شيخنا؟

الشيخ:
بناء على أنَّهم يُصلُّون ويصومون ويحجُّون ويعتمرون ويشهدون أن لا إله إلاَّ الله وأنَّ محمداً رسول الله.

السائل:
نعم! نعم يا شيخنا!

الشيخ:
فكيف نقول إنَّهم كفار على هذه الحال؟! إنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال لأسامة بن زيد لَمَّا قتل الرَّجل الذي... بالسيف، فشهد أن لا إله إلاَّ الله، أنكر الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أسامة، مع أنَّ الرَّجل قال ذلك تعوُّذاً كما ظنَّه أسامة.

السائل:
شيخنا! سؤال عقائدي في قضية الفرق بين الكفر العملي والكفر الاعتقادي في مسألة الحكم بغير أنزل الله؟

الشيخ:
يعني مثلاً مَنْ ترك الصلاة فهو كافر، مَنْ سجد لصنم فهو كافر، مَنْ قال إنَّ مع الله خالقاً فهو كافر، وهذا كفر عملي وأمَّا الكفر الاعتقادي ففي القلب.

السائل:
شيخنا! الكفر العملي هل يُخرج من الملة؟

الشيخ:
بعضه مخرجٌ وبعضه غير مخرج، كقتال المؤمن، فقد قال النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم): (قتاله كُفْرٌ)، ومع ذلك لا يخرج من المِلَّة مَن قاتل أخاه المؤمن بدليل آية الحجرات: (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) قال: (إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ).
 
السائل:
متى يُصبح الكفر العملي كفراً اعتقاديًّا شيخنا ؟

الشيخ:
إذا سجد لصنم، فهو كافر كفراً مخرجاً عن الملة، إلاَّ أن يكون مكرهاً.

السائل:
وفي قضية الحكم بغير ما أنزل الله ؟

الشيخ:
هذا باب واسع، هذا باب واسع، قد يحكم بغير ما أنزل الله عدواناً وظلماً، مع اعترافه بأنَّ حكم الله هو الحق، فهذا لا يكفر كفراً مخرجاً عن الملة، وقد يحكم بغير ما أنزل الله تشهيًّا ومحاباة لنفسه، أو لقريبه، لا لقصد ظلم المحكوم عليه... ولا لكراهة حكم الله، فهذا لا يخرج عن الملة، إنَّما هو فاسق.

وقد يحكم بغير ما أنزل الله كارهاً لِحُكم الله، فهذا كافرٌ كفراً مُخرجاً عن الملَّة، وقد يحكم بغير ما أنزل الله طالباً موافقة حكم الله، لكنَّه أخطأ في فهمه، فهذا لا يكفر، بل ولا يأثم لقول النَّبِيِّ (صلى الله عليه وسلم): ((إذا حكم الحاكمُ فاجتهدَ فأخطأ فله أجرٌ واحد، وإن أصاب فله أجران).  

السائل:
شيخنا! مثلاً عندنا للأسف الشديد مسجد حُوِّل إلى ثكنة عسكرية، تُشرب فيها الخمور، وتُسمع فيها الموسيقى، وتُعطّل فيها الصلاة ويُسَبُّ فيها الله ورسوله يعني هذا ما حكمه؟

الشيخ:
هذا فسوق، فلا يَحلُّ تحويل المسجد إلى ثكنة عسكريَّة لأنَّه تحويل للوقف عن جهته وتعطيل للصلاة فيه.

السائل:
شيخنا! كلامكم واضح والحمد لله، وبهذه الصيغة يزيح إن شاء الله الشُّبَهَ التي تَحُولُ دون أن يُعملَ الحقُّ عملَه إن شاء الله.

الشيخ:
نسأل الله أن يهديهم، وأن يرزقهم البصيرة في دينه، ويحقن دماء المسلمين.

السائل:
هلاَّ شرحتم لنا قوله -صلى الله عليه وسلم-: ((مَن رأى منكم منكراً فليغيِّره بيده..) الحديث؟
الشيخ لا يتَّسع المجال؛ لأنَّه ما بقي إلاَّ دقيقة واحدة.

السائل:
أعطِنا تاريخ المكالمة واسمك.

الشيخ:
هذه المكالمة يوم الجمعة في شهر رمضان، أجراها مع إخوانه محمد بن صالح العثيمين من عنيزة بالمملكة العربية السعودية (1420هـ)، نسأل الله أن ينفع بهذا).
 
تنبيه: هام جداً جداً
قال صاحب المرجع كتاب (فتاوى العلماء الأكابر فيما أهدر دماء أهل الجزائر) ما نصه:
ما كان في فتاوى الشيخ هذه من زيادة أو نقصٍ فمِن تهذيب الشيخ نفسِه، كما سبق ذكرُه في أول الكتاب وذكر بعد ذلك المقابلة التالية في الصفحة التالية لهذه).



الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في السبت 01 مايو 2021, 6:29 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية   الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 19 مارس 2019, 5:15 pm

لقاء الجزائريين مع الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
يوم (17 من ذي الحجَّة 1420هـ)   
السائل
فضيلة الشيخ حفظك الله!ما هي نصيحتُكم وتوجيهُكم لأولئك الذين غُرِّرَ بهم ثمَّ تابوا وأَلقَوا السِّلاحَ، ورجعوا إلى حظيرَة المسلمين، وهم الآن يُصلُّون في مساجدهم، ويعيشون مع النَّاسِ، وقد يَجدون بعضَ الحرَج أو الإحراجَ من طرَف الغير، فما هي نصيحتُكم للناسِ في معاملتِهم لهم، ونصيحتكم لهم؟ كيف يُعاملون الناسَ؟ وكيف يُستَقبَلون؟ وكيف يعيشون في هذا الجوِّ الجديد بالنِّسبة إليهم؟ جزاكم الله خيراً.

الشيخ
الحمد لله ربِّ العالَمين، نصيحتي للإخوان الذين مَنَّ اللهُ عليهم بإلقاءِ السِّلاحِ، ورجعوا إلى مُدُنهم وديارِهم..

أولاً:
أن يَشكروا اللهَ عزَّ وجلَّ على هذه النِّعمَةِ قبل كلِّ شيءٍ؛ لأنَّ هذه نعمةٌ من الله عليهم وعلى الجزائريِّين الآخرين.

ثانياً:
أن يَنسوا ما سبق، وألاَّ يعيشوا في أفكارهم السابقة، يمحضونها محضاً تامًّا من أفكارهم، ولا يتذاكروها، حتى إذا تذاكروها فليقولوا: أعوذ بالله من الشيطان الرَّجيم.

ثالثاً:
أن يعيشوا مع النَّاسِ وكأنَّهم لَم يفعلوا شيئاً؛ لأنَّهم إذا عاشوا وهم يشعرون بأنَّهم فعلوا ما فعلوا بقُوا في نفْرَةٍ من الناس وبُعدٍ منهم، وهذا يَضُرُّ بالمصلحةِ العامة.

رابعاً:
أن يُقبِلوا على علم الكتاب والسُّنَّة، وعلى معاملة السَّلَف لحُكَّامهم، فها هو أحمد بن حنبل رحمه الله إمام أهل السُّنَّة يقول للمأمون: (يا أمير المؤمنين)! وهو الذي آذاه في القول بخلق القرآن، وكذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مخاطبتِه لِمَن حبَسَه، تَجد خطاباً ليِّناً، قال الله لموسى وهارون: (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَونَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى). 

خامساً بالنسبة للآخرين:
أن يتلقَّوا هؤلاءِ بوجهٍ طلْقٍ وصدرٍ مُنشرِحٍ، وأن يفرحوا بهم، وأن يُكرموهم، وألاَّ يروهم جفاءً أو كراهيةً أو عبوساً في وجوههم؛ لأنَّ الحالَ بعد وضع السِّلاح ليس كالحال قبل وضع السِّلاح، وأن يتناسَوا كلَّ ما جرى.

سادساً: بالنسبة للدُّعاة أيضاً:
يَحثُّون الناسَ على أن يتآلفوا ويتقاربوا، ويتعاونوا على البرِّ والتقوى، ويتناسَوا ما سبق، وتبدأ الحياة من جديد.

أمَّا ما سمعناه والحمد لله عن رجوع الكثير منهم إلى الصواب وإلقاء السِّلاح، وما سمعنا كذلك عن العفوِ العامِّ من قِبَل الدولة فقد سرَّنا هذا كثيراً، والحمد لله ربِّ العالَمين، نرجو اللهَ عزَّ وجلَّ أن يُتَمِّمَ في الباقي، هذا رأيي في المسألة.

السائل 
يا شيخ! البقيَّةُ الباقية التي بقيت في الجبال، يعني الحكومة كما قلتَ الآن يا شيخ أعطت العفوَ، والكثير منهم بقوا في الجبال على أساس أنَّهم لا يُعطون الأمان للحكومة.

الشيخ
لا يأمنونها ؟

السائل
إي! لا يأمنونها، لكن الحكومة وعدت أنَّها لن تُصيبَهم بأذى، وقد نفَّذت هذا في الذين نزلوا، يعني: لَم تُصبهم بأذى وهي فقط تقول: سلِّموا السِّلاحَ، وعودوا إلى حياتكم الطبيعيَّة فالكثيرُ منهم يتردَّد ويقول: نحتاجُ إلى فتوى من مشايخِنا؛ حتى إمَّا ننزل، وإمَّا نجلس.

وبعضُهم نزل والحمد لله خاصَّة بعدما أُذيعت فتوى الشيخ ابن باز رحمه الله في التلفاز، وفتوى الشيخ الألباني رحمه الله بعدَم جواز هذا الأمر، والبعضُ لا زال شاكًّا في هذا الأمر، فماذا تقولون في هذا؟

الشيخ
نرى أنَّه يجبُ عليهم وضعُ السِّلاح وإلقاءُ السَّلام، وإلاَّ فكلُّ ما يترتَّب على بقائهم من قتلٍ ونهب أموالٍ واغتصابِ نساءٍ فإنَّهم مسئولون عنه أمام الله عزَّ وجلَّ، والواجب عليهم الرجوع، وقد سمعنا والحمد لله أنَّ الكثيرَ منهم رجع، وهذا هو الواجب.ونحن نشكرُ الدولةَ على العفوِ العام، ونشكرُ مَن ألقى السِّلاحَ على استجابتِه.ولا يتشكَّكون في هذا أبداً، وليرجِعوا إلى حياتهم الطبيعية.

السائل
مِن الذين تابوا بقيَ في أيديهم أموالٌ قد اغتصبوها وسلبوها أيامَ الفتنة، حُكمُ هذه الأموال بعد ما تابوا وقد جُهل أصحابها؟

الشيخ
الأموال التي انتهبوها من المواطنين لا شكَّ أنَّها حرامٌ عليهم، فالمواطنُ مسلمٌ، والمسلمُ حرامٌ دمُه ومالُه وعِرضُه، فعليهم أن يَردُّوها إلى أصحابها إن عَلِموهم، أو إلى وَرثَتهم إن كانوا قد ماتوا، فإن لم يمكن فإمَّا أن تُجعلَ في بيت المال، وإمَّا أن يُتصَدَّق بها عن أصحابها.

السائل
لعلَّه هذا المتيسِّر؛ لأنَّه لا يُمكن إرجاعُها إلى بيت المال.

الشيخ
يُتصَدَّقُ بها عن أصحابها، والله يعلَم بهم عزَّ وجلَّ.

السائل
بالنسبة للحاكم يا شيخ! الآن الشباب الذين طلعوا من السجون أكثرُهم لا زال فيهم بعض الدَّخَن، حتى وإن طلعوا من السجون وعُفي عنهم، لكن لا زالوا يتكلَّمون في مسألة التكفير، ومسألة تكفير الحاكم بالعين، وأن هذا الحاكم الذي في الجزائر حاكمٌ كافرٌ، ولا بيعة له، ولا سمع ولا طاعة لا في معروفٍ ولا في منكرٍ؛ لأنَّهم يُكفِّرونهم، ويجعلون الجزائر يا شيخ! أرض كفر.

الشيخ
دار كفر؟

السائل
إي، دار كفر، نعم يا شيخ! لأنَّهم يقولون: إنَّ القوانينَ التي فيها قوانين غربية، ليست بقوانين إسلامية، فما نصيحتُكم أولاً لهؤلاء الشباب؟ وهل للحاكم الجزائري بَيْعَة، علماً يا شيخ! بأنَّه يأتي يعتمِر ويُظهرُ شعائرَ الإسلام؟

الشيخ 
يُصلِّي أو لا يُصلِّي؟

السائل 
يُصلِّي يا شيخ!

الشيخ
إذن هو مسلمٌ.

السائل
وأتى واعتمر هنا من حوالي عشرين يوماً أو شهر، كان هنا في المملكة.

الشيخ
ما دام يُصلِّي فهو مسلمٌ، ولا يجوز تكفيرُه، ولهذا لَمَّا سُئل النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عن الخروج على الحُكَّام قال: (لا ما صلَّوا) فلا يجوز الخروجُ عليه، ولا يجوزُ تكفيرُه، من كفَّره فهذا... بتكفيره يُريد أن تعودَ المسألة جَذَعاً.
  
أما موضوعُ القوانين، فالقوانينُ يجب قبول الحقِّ الذي فيها؛ لأنَّ قبول الحقِّ واجبٌ على كلِّ إنسانٍ، حتى لو جاء بها أكفرُ الناس.

قال الله عزَّ وجلَّ:
(وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا).

فقال الله تعالى:
(قُلْ إِنَّ اللهَ لاَ يَأْمُرُ بِالفَحْشَآءِ)، وسكت عن قولهم: (وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا)، لأنَّها حقٌّ، فإذا كان تعالى قبِل كلمةَ الحقِّ من المشركين فهذا دليلٌ على أنَّ كلمةَ الحقِّ تُقبلُ من كلِّ واحد.

وكذلك في قصة الشيطان
لَمَّا قال لأبي هريرة: (إنَّك إذا قرأتَ آيةَ الكرسي لَم يزل عليك من الله حافظ ولا يَقرَبْك الشيطان حتى تُصبح) قبِل ذلك النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم).
 
وكذلك اليهودي الذي قال:
(إنَّا نجد في التوراة أنَّ الله جعل السموات على إصبع، والأرضين على إصبع وذكر الحديث فضحك النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) حتى بَدَت أنيابُه أو نواجِذُه؛ تصديقاً لقوله، وقرأ: (وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ).
 
فالحقُّ الذي في القوانين وإن كـان مِن وَضعِ البشرِ مقبولٌ، لا لأنَّه قول فلان وفلان أو وضْعُ فلان وفلان، ولكن لأنَّه حقٌّ.

وأمَّا ما فيه من خطأ، فهذا يُمكنُ تعديلُه باجتماع أهل الحلِّ العقدِ والعلماء والوُجهاء، ودراسة القوانين، فيُرفَضُ ما خالف الحقَّ، ويُقبلُ ما يُوافِقُ الحقَّ.

أمَّا أن يُكفَّرَ الحاكم لأجل هذا؟!

مع أنَّ الجزائر كم بقيت مستعمَرة للفرنسيين؟

السائل
130 سنة.

الشيخ
130 سنة! طيِّب! هل يُمكن أن يُغيَّر هذا القانون الذي دوَّنه الفرنسيَّون بين عشيَّة وضحاها؟! لا يُمكن.

أهمُّ شيء:
عليكم بإطفاء هذه الفتنة بما تستطيعون، بكلِّ ما تستطيعون، نسأل الله أن يقيَ المسلمين شرَّ الفتن.

السائل
فتكمِلة لمسألة الشباب الآن يا شيخ مثلاً في مناطق كثيرة، ليست كل المناطق، لكن في مناطق كثيرة لا زالوا يخوضون في مسألة هي كبيرة عليهم، يعني مسائل مثلاً يا شيخ! التكفير التشريع العام، والتكفير العيني، هذه المسائل يا شيخ! قد يأخذون الفتوى منكم، ثمَّ يُطبِّقونها على الحاكم، هكذا تطبيقاً يعني...

الشيخ
عملهم هذا غير صحيح.

السائل
نعم! ثمَّ لَمَّا نقول له: يا أخي ما قالها الشيخ ابن عثيمين يقول لك: لكن الشيخ ابن عثيمين في كتبِه قال: التشريع العام: مَن حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر بدون تفصيل، والآن عندنا هذا الحاكم لا يحكم بما أنزل الله، فهو كافر، فهِمتَ المسألة يا شيخ؟

الشيخ
فهِمنا، أقول بارك الله فيكم الحكم على المسألة بالحكم الذي ينطبق عليها غيرُ الحكم على شخصٍ معيَّن.

فالمهمُّ
يجب على طلبة العلم أن يعرفوا الفرقَ بين الحكم على المسألة من حيث هي مسألة، وبين الحكم على الحاكم بها؛ لأنَّ الحاكمَ المعيَّن قد يكون عنده من علماء السوء مَن يُلبِّس عليه الأمورَ، وغالبُ حُكام المسلمين اليوم ليس عندهم علمٌ بالشرع، فيأتيهم فلانٌ يُموِّه عليهم، وفلانٌ يُموِّه عليهم، ألَم ترَ إلى أنَّ بعضَ علماء المسلمين المعتبرين قال: جميع مسائل الحياة ليس للشرع فيها تدخُّل! واشتبه عليهم الأمر بقوله -صلى الله عليه وسلم-: (أنتم أعلم بأمور دنياكم).  

قال هذا رجالٌ نشهدُ لهم بالصلاح، ولكن تلبَّس عليهم، وهم لو تأمَّلوا الأمرَ لوجدوا أنَّ هذه بالنسبةِ للمصانع والصنعة وما أشبه ذلك؛ لأنَّ الرسولَ تكلَّم عن تأبير النخل، وهم أعلم به؛ لأنَّه -صلى الله عليه وسلم- أتى من مكَّة، ما فيها نخل ولا شيء، ولا يعرفه، فلمَّا رأى هؤلاء يصعدون إلى (النخل) ويأتون بلقاحه، ثمَّ يُؤبِّرون النخلةَ ويلقِّحونها، فيكون فيه تعب وعمل قال: ((ما أظنُّ ذلك يُغني شيئاً))، فتركوه سنة، ففسدت النخلة، فأتوا إليه، فقالوا: يا رسول الله! فسد التمر! قال: (أنتم أعلم بأمور دنياكم)، ليس بأحكام دنياكم، لكن بأمور دنياكم ثم الناس يُلبِّسون الآن، ألَم تروا بعض العلماء في بلاد ما أباحوا الرِّبا الاستثماريِّ؟ وقالوا: المُحرَّم الربا الاستغلالي، وشبهتُه قوله تعالى: (فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ)، الحاكم إذا كان جاهلاً بأحكام الشريعة، وجاءه مثلُ هذا العالِم، أليس يُضلُّه؟

السائل
يُضِلُّه.

الشيخ
فلذلك لا نحكم على الحُكَّام بالكفر إذا فعلوا ما يَكفُر به الإنسانُ حتى نُقيم عليه الحُجَّة.

السائل
مَن الذي يُقيم الحُجَّة يا شيخ؟

الشيخ
ما دُمنا ما أقمنا عليهم الحُجَّة لا نحكم بكفرهم.

السائل
سمعتُكَ يا شيخ! تقول في رمضان قلتَ: (إلاَّ أن ترَوا) يعني: الرؤية العينية، قلتَ يا شيخ! فيما أذكر قلتَ: مثل رؤية العين.

الشيخ
نعم! هذا هو، أي: أن نعلمَ علمَ اليقين مثل ما نرى الشمس كفراً بواحاً، صريحاً ما فيه احتمال).   



الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية   الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 19 مارس 2019, 5:23 pm

تهنئة الشيخ ابن عثيمين بإلقاء السلاح في الجزائر
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد الصالح العُثيمين إلى الأخ المكرم: حسان حطاب، أمير الجماعة المسلحة في منطقة الجزائر حفظه الله تعالى.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
فإنَّ الله تعالى قال:
(فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ).
 
وقال عزَّ وجلَّ:
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا).

وقال النَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم):
(كونوا عباد الله إخواناً، المسلمُ أخو المسلم) ولقد منَّ الله تعالى على كثير من إخواننا في الجزائر فألقوا السِّلاحَ وأطفأوا الفتنة، وحصل لهم وللشعب الجزائري خيرٌ كثيرٌ، وإنَّا لنرجو الله عزَّ وجلَّ أن تكونوا أيُّها الأمير مثلهم عن قريب، والأمور التي فيها اختلاف بينكم يُمكن حلُّها بالطرق السلميَّة والتفاهم وسيتمُّ ذلك إن شاء الله مع نيَّة الإصلاح وسلوك الطريق الموصل إلى ذلك.

قال الله تعالى في الحَكَمين في شقاق الزوجين:
(إِن يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا).
 
آملُ منكم أيُّها الأمير أن تُبادروا بالإصلاح ووضع السِّلاح، وفَّقكم الله للخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الجمعة 14 ربيع الأول سنة 1421هـ
عنيزة / الجامع الكبير.

هذا مُجْمَلْ أحداث الجزائر المُؤسفة المُؤلمة التي نتجت عن العُنف والغُلُو والتطرُّف نقلتها وسائل الإعلام المَرئي والمسموع والمقروء فما بين مُصدِّق ومُكذِّب هل يعقل أن يوجد أناس يدَّعون الإسلام لا يحملون في قلوبهم أدنى رحمة وشفقة بمجتمعهم؟ لكنه الإرهاب القاتل والتكفير المُدَمِّر لحُبِّ الآخرين واستشعار حُقوق الناس والتَّعَبُّد لله بها.




الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 2013_110


عدل سابقا من قبل أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn في السبت 01 مايو 2021, 6:30 pm عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 49023
العمر : 72

الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Empty
مُساهمةموضوع: رد: الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية   الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 Emptyالثلاثاء 19 مارس 2019, 5:38 pm

المطلب الرابع: جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب
المملكة العربية السعودية جزء من هذا العالم، وخلق من البشر يؤذيها ما يؤذيهم، فلا ترضى الإرهاب منها أو عليها، ولذلك فهي تسعى حثيثاً لقطع دابره، واجتثاث جذوره، إيماناً منها بهذا المبدأ، ووقاية لمجتمعها من أخطار الإرهاب وذلك لأنها تقع في منطقة مهمة وحساسة من خريطة العالم وقد ظهرت فيها أحداث من الإرهاب آلمت كل مسلم وكل منصف.

كيف لا!! وهي منبع الإسلام الذي يسعى لقطع دابر الإرهاب والتخريب الذي يستهدف ترويع الآمنين، وسفك دماء الأبرياء، وتدمير المنشآت الحيوية،واستنـزاف خيرات الأمة وهدر ثرواتها وقد كان للملكة دور رائد في التصدي للإرهاب، انطلاقاً من التزامها الكامل بثوابتها، وقيمها، وأحكام الشريعة الإسلامية فالإسلام هو نقيض الإرهاب،وقد فرض في حق الإرهابيين أحكاماً مشددة، وعقوبات رادعة لا مثيل لها في نظام العقوبات لأي دولة من دول العالم، وفي القرآن الكريم والسُّنَّة النبوية ما يؤكد صحة ما ذكر، وقد سبق ذكر بعضها في باب المجتمع والإرهاب.

جاء في النظام الأساسي للحكم ما نصه:
(المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية ذات سيادة تامة؛ دينها الإسلام ودستورها كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم)).
 
ولذا فإن موقف المملكة من ظاهرة الإرهاب لا يتجاوز الموقف الإسلامي الرصين المبني على الكتاب والسُّنَّة ومن ذلك..

إقــرار عقوبة الإرهاب وتنفيذهـا
تم اعتماد العقوبة المُغلّظة للإرهاب حسب فتوى هيئة كبار العلماء في فتوى الحِرابة رقم 148 لعام 1409هـ الصادرة بالطائف والتي أكَّدوا فيها بأن الشريعة الإسلامية ترى الإرهاب عدواناً وبغياً وفساداً في الأرض لأنه حَرْبٌ ضد الله ورسوله وخلقه وسبق نشرها في بيانان هيئة كبار العلماء وقد تم تنفيذ ذلك واقعاُ مٌشاهداُ في بعض حالات الإرهاب والعُنف كحادثة الاعتداء على الحرم 1400 هـ وحادثة تفجير العليا 1416 هـ وغيرها من حالات الاعتداء على أمن المجتمع ومَنْ يعيش بين أهله بأمن وأمان.

نشر الوسطية والاعتدال
تأصيل منهج الوسطية ومعالجة الغُلو والتطرف والتعصب الديني، مع تنمية الوازع الديني لدى أفراد المجتمع تقوم به كافة مؤسسات المجتمع الحكومية والأهلية واستخدام كافة الوسائل الممكنة لنشر الثقافة المعتدلة من خلال وسائل الإعلام بالأساليب المناسبة لتصل الرسالة الإعلامية الهادفة لشرائح المجتمع كافة.

المشاركات الدولية
تشارك الدولة في المؤتمرات والندوات العالمية والدولية التي تنظمها المنظمات والمؤسسات المعنية بمكافحة الإرهاب بل امتد ذلك إلى ماهو أكبر من تنظيم ملتقيات واستضافة شخصيات كما حصل في عقد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب الذي عقد بالرياض وشاركت فيه 57 دولة ومنظمة وملتقى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في موقف الإسلام من الإرهاب الذي شارك فيه قرابة 200 إعلامي على مستوى العالم.

توضيح الصورة للخارج
نشرت المملكة الصورة الحقيقية الواضحة لمكافحتها الإرهاب من خلال سفارتها ومراكزها ومعاهدها الإسلامية في مختلف أنحاء العالم وذلك بنشر الإسلام بشكله وجوهره الصحيح، والدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، وإبراز الصورة الحقيقية له كدين اعتدال وتسامح وتآخي بعيداً عن العنف والقسوة والإرهاب وكل ما يدعو إلى ذلك.

الأجهزة الأمنية
إنشاء أجهزة أمنية متخصصة لمكافحة الإرهاب، ومن مسؤولياتها التنسيق والتعاون وتبادل المعلومات مع مثيلاتها من الأجهزة على المستوى الثنائي والإقليمي والدولي وتزويدها بأحدث التقنيات وتدريب منسوبيها بأعلى مستويات التدريب مع الأخذ في الاعتبار تطوير التنظيمات والأساليب والقوانين الخاصة بمكافحة الإرهاب.

المستوى المحلي
على المستوى المحلي أثبتت المملكة للعالم أجمع جدّيهّ مطلقهّ، وحزماً وصرامة في مواجهة العمليات الإرهابية، وليس أدل من النجحات الأمنية المتلاحقة للقضاء على فلول المفسدين في الأرض الخارجين عن الصف، المفارقين للجماعة،وقد جندت الدولة كافة أجهزتها لحماية المجتمع من خطرهم وشرهم ومن ذلك القضاء على أعداد كبيرة من العناصر الإرهابية في مختلف مناطق المملكة أو القبض عليهم كما قامت الجهات الأمنية بكشف و إحباط العديد من العمليات قبل تنفيذها فضلا عن مداهمة مواقع كثيرة ضبط فيها كميات كبيرة من الأسلحة المختلفة ومواد التفجير في حين استطاعت الجهات الأمنية والدينية من إقناع عدد من الفئات الضالة بتسليم أنفسهم بدون أي مقاومة أمنية حفاظا على أرواح المجتمع ومقدرات البلد من الهلاك والدمار فضلا عن انتشار فرق الأمن ووضع نقاط تفتيش عند مداخل ومخارج بعض الطرق والأحياء لما لهذا الإجراء من فائدة كبيرة في ضبط الإرهابيين وإكساب المواطنين الراحة والشعور بالأمن لوجود الفرق الأمنية بينهم.

المُراجعات الفكرية
نجحت الجهات المعنية بالمملكة العربية السعودية الحصول على تراجع الكثير من المشايخ المؤثرين في عناصر تلك الفئات الضالة عن فتاويهم التي استندت إليها عناصر الفئة الضالة في القيام بتلك الأعمال الإرهابية وأكدوا أن تلك الفتاوى فتاوى خاطئة وتراجعوا عنها وأعلنوا توبتهم ومن ذلك تراجعات الشيخ علي الخضير والشيخ ناصر الفهد والشيخ أحمد الخالدي وتراجع كذلك عدداً من أعضاء الخلايا في السعودية أمثال المطلوبين الأمنيين خالد الفراج وعبد الرحمن الرشود الذين بثها التلفزيون السعودي بقنواته الأربع الأولى والثانية والرياضية والإخبارية إضافة للإذاعات الرسمية والصُّحُف المحليَّة وغيرها من وسائل الإعلام الإخبارية العالمية والعربية التي اهتمت بذلك الحدث وبث مقاطع منها وعلقت عليها بالتأييد على هذه الخطوة الجديدة في مكافحة الإرهاب من أصوله أو الداعمين له ولو بطريق الخطأ فإن الانتماء لهذه الفئات وتنفيذ أعمال العنف لا يقبل فيه الاجتهاد والتجارب لكن تبقى عذرا لمن لم يتورط في سفك دماء الناس وانتهاك حُرُمَاتِهِم.

العفو الملكي
كان من أهم المبادرات الإيجابية للقضاء على الإرهاب المحلي الداخلي التي قدمتها الدولة في سبيل إتاحة الفرصة أمام المُغَرَّرِ بهم من الفئات المتورطين في ارتكاب العمليات الإرهابية يأتي القرار الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الذي تضمن عفواً يمنح من خلاله الفئات الضالة فرصة لمدة شهر للتراجع عن الخطأ وتسليم أنفسهم وكان لهذا العفو الأثر الكبير في نفوس المجتمع السعودي ونال رضاهم. وقد أثمر هذا العفو عن إيجابيات جيدة استفاد منه عدد كبير من العناصر الضالة وسلموا أنفسهم للجهات الأمنية متراجعين عن خطأهم  بل وخرجوا من السجن وانخرطوا مع المجتمع واستفدوا من العفو الملكي الذي كان لهم سفينة نجاة في بحر الفكر المنحرف المتلاطم بالشبهات والتكفير.

المكافآت المجزية
في خطوة رائعة وصادقة وعدت وزارة الداخلية بمكافأة مالية سخية جداً لكل مَنْ يُبدي تعاوناً مع الجهات الأمنية ويُبلغ عن أشخاص إرهابيين أو يُساهم في إحباط عمليات إرهابية تجاوزت السبعة ملايين ريال في بعض الحالات.

وقد تفاعل معها المجتمع إعلاميا بشكل سريع وملفت للنظر حتى وصل إلى أعلى الدرجات في النجاح وهذا يدل على تعاون المجتمع مع الجهات الأمنية في مكافحة الإرهاب.

الدعوة مستمرة
انتهجت الدولة أسلوباً فريداً في علاج ما ظهر من بعض أبنائها من أعمال إرهابية فقد طالبتهم بالتوبة والإنابة وتسليم أنفسهم وقبلت منهم عودتهم إلى الحق كما نشر التلفزيون السعودي في عدة حلقات مقابلات أجريت مع بعض أولئك العائدين إلى الحق، وقد أيد العلماء والمفكرون هذه الخطوة المباركة التي تعمل على رأب الصدع وتوحيد الأمة وعدّوا هذه المُراجعات تقدماً كبيراً في مجال مكافحة الإرهاب، وكان هذا الأسلوب جمعاً بين الحل الأمني والحل الفكري لقضية الإرهاب على المستوى المحلي، والدولة بهذه السياسة الحكمية المُستمدَّة من كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وسلم) قد تقدمت على كثير من دول العالم في المزج في معالجة الظواهر الإرهابية بين الحل الفكري والحل الأمني، وهي سياسة ناجحة على المدى القريب والبعيد بإذن الله.

الاهتمام برجال الأمن
قامت المملكة ممثلة في وزارة الداخلية بجهود متكاملة وعاجلة لرفع نفسيات رجال الأمن في الدفاع عن بلدها ومحاربة المجرمين وذلك بتصريحات علمائها بقدسية عمل رجل الأمن الذي يحرس الديار المقدسة (مكة والمدينة) مما دفع رجال الأمن إلى احتساب الأجر في حراستهم ودفاعهم عنها فضلا عن الدعم المالي المتمثل في رفع مرتباتهم ومكافأة شهرين لهم وغيرها من الدعم المعوي على أعلى المستويات في الدولة حتى تم منح أسر الشهداء والمصابين والمتضررين تعويضات ماليه وبمعدلات نالت رضا الجميع وأكدت وقوف الدولة بجانبهم أمام هذا المصاب الأليم وكانت بلسماً في حياة تلك الأسر قدمت لذوي الشهداء والمصابين دعماً معنوياً في مواقف كثيرة منها مثلاً المساعدة في البحث عن وظائف مناسبة لأبناء الشهداء وتسهيل إكمال دراسة بعضهم من خلال منح الأفضلية لهم كم تم استضافة اسر شهداء الواجب الذين استشهدوا في عمليات محاربة الفئة الضالة لأداء مناسك الحج لهذا العام على ضيافة وزارة الداخلية وذلك كعرفان بما قدمه أولئك الشهداء وأسرهم لوطنهم في هذه المهمة كما قامت الوزارة بمنح مرتبات شهريه لأسر الشهداء وكانت هذه بادرة عظيمة كفلت لهذه الأسر حق العيش المناسب.

تفعيل قرارات مجلس وزراء داخلية العرب
ساهمت المملكة مساهمة فعالة في عدد من القرارات التي أصدرها مجلس وزراء الداخلية العرب والهادفة إلى تعزيز التعاون الأمني بين الدول العربية.

ومن أهمها:
* الإستراتيجية الأمنية العربية.
* الإستراتيجية الأمنية العربية لمكافحة الإرهاب.
* الإستراتيجية العربية للحماية المدنية.
* الإستراتيجية العربية الإعلامية للتوعية الأمنية والوقاية من الجريمة.

توقيع الاتفاقيات والمعاهدات
وقَّعت الدولة على عدد من الاتفاقيات منها:
* التوقيع على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لعام (1998م).

* الموافقة على معاهدة منظمة المؤتمر الإسلامي حول الإرهاب.

* قامت المملكة كذلك بالتوقيع على إحدى عشرة اتفاقية دولية على صعيد الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.

* توقع على توصيات جميع المحافل والمؤتمرات الدولية والمنظمات والهيئات والمجالس وغيرها مما له صلة بتكاتف الجهود لمكافحة الإرهاب، حتى إنها دعت إلى إعداد مؤتمر دولي يهدف إلى إبرام اتفاق دولي شامل لمكافحة الإرهاب.

* تقود المملكة حملة قوية ضد الإرهاب والإرهابيين من خلال مجلس وزراء الداخلية العرب الذي أنشئ عام 1982م.

ومما يجدر ذكره هنا أن لصاحب السمو الملكي الأمير/ نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي، والرئيس الفخري للمجلس دوره الريادي والموفق في إقرار سياسات وخِطط وبرامج عديدة لمكافحة الإرهاب، لم يسبق لها مثيل إقليمياً ودولياً.

* عقدت المملكة حوالي (خمس عشرة) اتفاقية أمنية ثنائية، احتلَّ موضوع مكافحة الإرهاب الأولوية فيها، مما يؤكد تعاونها التام مع المجتمع الدولي في الوقاية من مخاطر الإرهاب.

* صادقت المملكة على عدد من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب.
منها اتفاقيات:
أ. اتفاقية طوكيو الخاصة بالجرائم والأفعال التي ترتكب على متن الطائرات والموقعة بتاريخ 14/9/1967م.
ب. اتفاقية لاهاي بشان مكافحة الاستيلاء غير المشروع على الطائرات والموقعة بتاريخ 16/12/1970م.
ج. اتفاقية مونتريال الخاصة بقمع الأعمال غير المشروعة المرتكبة ضد سلامة الطيران المدني والموقعة بتاريخ 23/9/1971م. وغيرها.

ولمزيد من الطرح والتوثيق بإمكانك مراجعة بحث:


(من جُهُود المملكة في مكافحة الإرهاب).


تم بحمد الله.



الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية - صفحة 2 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
الباب الثالث: الفصل الأول المراجعات السعودية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 2 من اصل 2انتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2
 مواضيع مماثلة
-
» الباب الثالث: السلطات العامة - الفصل الأول: السلطة التشريعية - الفرع الأول: أحكام مشتركة
» الباب الأول: الفصل الأول تعريف الإرهاب
» الباب الثالث: الفصل الأول مشيخة الأزهر وشيوخه
» الباب الأول: الفصل الثالث تعظيم الدماء وتأكيد حرمتها
» الباب الأول: العصر الجاهلي.. الفصل الأول: الإنسانية في الاحتضار

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: ذم الإرهـــــــاب والإرهـــــــابيــين :: الإرهاب في ميزان الشريعة-
انتقل الى: