الباب الثامن والعشرون
في الفخر والمفاخرة والتفاضل والتفاوت

فمن شواهد المفاخرة قوله تعالى ( أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون ) نزلت في علي بن ابي طالب كرم الله وجهه وعقبة بن أبي معيط وكانا تفاخرا وقوله تعالى ( أفمن يلقي في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة ) نزلت في أبي جهل وعمار بن ياسر والنسب إلى سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشرف الأنساب وقد قال أنا سيد ولد آدم ولا فخر وقد نفي الله تعالى الفخر بالأنساب بقوله تعالى ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) فالفخر في الإسلام بالتقوى وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إن نبيكم واحد وإن أباكم واحد وأنه لا فضل لعربي على عجمي ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى ألا هل بلغت
وقال الأصمعي بينما أنا أطوف بالبيت ذات ليلة إذ رأيت شابا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول
( يا من يجيب دعا المضطر في الظلم ... يا كاشف الضر والبلوى مع السقم )
( قد نام وفدك حول البيت وانتبهوا ... وأنت يا حي يا قيوم لم تنم )
( أدعوك ربي حزينا هائما قلقا ... فارحم بكائي بحق البيت والحرم )
( إن كان جودك لا يرجوه ذو سفه ... فمن يجود على العاصين بالكرم )

ثم بكى بكاء شديدا وأنشد يقول
( ألا أيها المقصود في كل حاجتي ... شكوت اليك الضر فارحم شكايتي )
( ألا يارجائي أنت تكشف كربتي ... فهب لي ذنوبي كلها واقض حاجتي )
( أتيت بأعمال قباح رديئة ... وما في الورى عبد جنى كجنايتي )
( أتحرقني بالنار يا غاية المنى ... فأين رجائي ثم أين مخافتي )
ثم سقط على الارض مغشيا عليه فدنوت منه فاذا هو زين العابدين ابن علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهم أجمعين فرفعت رأسه في حجري وبكيب فقطرت دمعة من دموعي على خده ففتح عينيه وقال من هذا الذي يهجم علينا قلت عبيدك الاصمعي سيدي ما هذا البكاء والجزع وأنت من أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة أليس الله تعالى يقول ( انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) فقال هيهات هيهات يا أصمعي إن الله خلق الجنة لمن أطاعه ولو كان عبدا حبشيا وخلق النار لمن عصاه ولو كان حرا قرشيا أليس الله تعالى يقول ( فاذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون ) والفخر وإن نهت عنه الاخبار النبوية ومجته العقول الذكية الا أنا العرب كانت تفتخر بما فيها من البيان طبعا لا تكلفا وجبلة لا تعلما ولم يكن لهم من ينطق بفضلهم الا هم ولا ينبه على مناقبهم سواهم وكان كعب بن زهير اذا أنشد شعرا قال لنفسه أحسنت وجاوزت والله الاحسان فيقال له أتحلف على شعرك فيقول نعم لاني أبصر به منكم وكان الكميت اذا قال قصيدة صنع لها خطبة في الثناء عليها ويقول عند انشادها اي علم بين جنبي وأي لسان بين فكي وقال الجاحظ ولم يصف الطبيب مصالح دوائه للمعالجين ما وجد له طالب ولما ابدع ابن المقفع في رسالته التى سماها باليتيمة تنزيها لها عن المثل سكنت من النفوس موضع ارادته من تعظيمها ولو لم ينحلها هذا الاسم لكانت كسائر رسائله.

وسنذكر في هذا الباب إن شاء الله تعالى شيئا من نظم البلغاء ونثرهم في الافتخار ومن تفاخر منهم بعون الله وفضله وتيسيره.

قال أبو بكر الهذلي سايرت المنصور فعرض لنا رجل على ناقة حمراء تطوى الفلاة وعليه جبة حمراء وعمامة عدنية وفي يده سوط يكاد يمس الأرض فلما رآه المنصور أمرني باحضاره فدعوته وسألته عن نسبه وبلاده وعن قومه وعشيرته وعن ولاة الصدقة فأحسن الجواب فأعجبه ما رأى منه فقال أنشدني شعرا فأنشده شعر الأوس بن حجر وغيره من الشعراء من بني عمرو بن تميم وحدثه حتى أتى على بيت شعر لطريف بن تميم وهو قوله
( إن الأمور إذا أوردتها صدرت ... إن الامور لها ورد وإصدر )
فقال ويحك ما كان طريف فيكم حيث قال هذا البيت قال كان أثقل العرب على عدوه وطأة وأقراهم لضيفه وأحوطهم من ورأء جاره اجتمعت العرب بعكاظ فكلهم أقروا له بهذه الخلال فقال له والله يا أخا بني تميم لقد أحسنت إذ وصفت صاحبك ولكني أحق ببيته منه.

ومن شعر أبي الطحان
( وإني من القوم الذين هم هم ... إذا مات منهم سيد قام صاحبه )
( نجوم سماء كلما غاب كوكب ... بدا كوكب تأوى إليه كواكبه )
( أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم ... دجي الليل حتى نظم الجزع ثاقبة )
( وما زال فيهم حيث كان مسودا ... المنايا حيث شارت ركائبه )

ولما قدم معاوية المدينة صعد المنبر فخطب وقال من ابن علي رضي الله تعالى عنه فقام الحسن فحمد الله وأثني عليه ثم قال إن الله عز وجل لم يبعث بعثا إلا جعل له عدوا من المجرمين فانا ابن علي وأنت ابن صخر وأمك هند وأمى فاطمة وجدتك قيلة وجدتى خديجة فلعن الله ألأمنا حسبا وأخملنا ذكرا وأعظمنا كفرا وأشدنا نفاقا فصاح أهل المسجد آمين آمين فقطع معاوية خطبته ودخل منزله وروى أن معاوية خرج حاجا فمر بالمدينة ففرق على أهلها أموالا ولم يحضر الحسن بن على رضي الله عنهما فلما خرج من المدينة اعترضه الحسن بن علي فقال له معاوية مرحبا برجل تركنا حتى نفد ما عندنا وتعرض لنا ليبخلنا فقال له الحسن ولم ينفد ما عندك وخراج الدنيا يجي اليك فقال معاوية اني قد امرت لك بمثل ما أمرت به لأهل المدينة وأنا ابن هند فقال الحسن قد رددته عليك وأنا ابن فاطمة ودخل الحسين يوما على يزيد بن معاوية فجعل يزيد يفتخر ويقول نحن ونحن ولنا من الفخر والشرف كذا وكذا والحسين ساكت فأذن المؤذن فلما قال أشهد أن محمد رسول الله قال الحسين يا يزيد جد من هذا فخجل يزيد ولم يرد جوابا.

وفي ذلك يقول على بن محمد بن جعفر
( لقد فاخرتنا من قريش عصابة ... بمط خدود وامتداد اصابع )
( فلما تنازعنا الفخار قضي لنا ... عليهم بما نهوى نداء الصوامع )
( ترانا سكوتا والشهيد بفضلنا ... عليهم جهير الصوت من كل جامع )

وله ايضا
( إني وقومي من أنساب قومهم ... كمسجد الخيف من بحبوحة الخيف )
( ما علق السيف منا بابن عاشرة ... إلا وهمته أمضي من السيف )

وتفاخر العباس بن عبد المطلب وطلحة بن شيبة وعلي ابن أبي طالب فقال العباس أنا صاحب السقاية والقائم عليها وقال طلحة أنا خادم البيت ومعي مفتاحه فقال علي ما أدري ما تقولان أنا صليت إلى هذه القبلة قبلكما بستة أشهر فنزلت أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرم كمن آمن بالله واليوم الآخر ) الآية.

وتفاخر رجلان على عهد موسى عليه السلام فقال أحدهما أنا فلان بن فلان حتى عد تسعة آباء مشركين فقال الآخر أنا ابن فلان ولولا أنه مسلم ما ذكرته فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام أما الذي عد تسعة آباء مشركين فحق على الله أن يجعل عاشرهم في النار والذي انتسب إلى أب مسلم فحق على الله أن يجعله مع أبيه المسلم في الجنة.

قال سلمان الفارسي:
( أبي الإسلام لا أب لي سواه ... إذا افتخروا بقيس أو تميم )

وتفاخر جرير والفرزدق عند سليمان بن عبد الملك فقال الفرزدق أنا ابن محي الموتي فأنكر سليمان قوله فقال يا أمير المؤمنين قال الله تعالى ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) وجدي فدى الموءودات فاستحياهن فقال سليمان إنك مع شعرك لفقيه وكان صعصعة جد الفرزدق أول من فدى الموءودات.

وللعباس ابن عبد المطلب
( إن القبائل من قريش كلها ... ليرون أنا هام أهل الأبطح )
( وترى لنا فضلا على سادتها ... فضل المنار على الطريق الأوضح )

وكتب الحكم بن عبد الرحمن المرواني من الأندلس إلى صاحب مصر يفتخر
( ألسنا بني مروان كيف تبدلت ... بنا الحال أو دارت علينا الدوائر )
( إذا ولد المولود منا تهللت ... له الأرض واهتزت إليه المنابر )

وكتب إليه كتابا يهجوه فيه ويسبه فكتب إليه صاحب مصر أما بعد فإنك عرفتنا فهجوتنا ولو عرفناك لأجبناك والسلام وكان أبو العباس السفاح يعجبه السر ومنازعة الرجال بعضهم بعضا فحضر عنده ذات ليلة إبراهيم بن مخرمة الكندى وخالد بن صفوان بن الأهتم فخاضوا في الحديث وتذاكروا مصر واليمن فقال إبراهيم بن مخرمة يا أمير المؤمنين أن أهل اليمن هم العرب الذين دانت لهم الدنيا ولم يزالوا ملوكا ورثوا الملك كابرا عن كابر وآخرا عن أول منهم النعمان والمنذر ومنهم عياض صاحب البحرين ومنهم من كان كل يأخذ سفينة غصبا وليس من شيء له خطر إلا اليهم ينسب إن سئلوا أعطوا وإن نزل بهم ضيف قروه فهم العرب العاربة وغيرهم المتعربة فقال أبو العباس ما أظن التميمي رضي بقولك ثم قال ما تقول أنت يا خالد قال إن إذن لي أمير المؤمنين في الكلام تكلمت قال تكلم ولا تهب أحدا وقال أخطأ المقتحم بغير علم نطق بغير صواب وكيف يكون ذلك لقوم ليس لهم ألسن فصيحة ولا لغة صحيحة نزل بها كتاب ولا جاءت بها سنة يفتخرون علينا بالنعمان والمنذر ونفتخر عليهم بخير الأنام وأكرم الكرام سيدنا محمد فلله المنة به علينا وعليهم فمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- المصطفي والخليفة المرتضي ولنا البيت المعمور وزمزم والحطيم والمقام والحجابة والبطحاء وما لا يحصى من المآثر ومنا الصديق والفاروق وذو النورين والرضا والولي وأسد الله وسيد الشهداء وبنا عرفوا الدين وأتاهم اليقين فمن زاحمنا زاحمناه ومن عادانا اصطلمناه ثم أقبل خالد على ابراهيم فقال ألك علم بلغة قومك قال نعم قال فما اسم العين عندكم قال الجمجمة قال فما اسم السن قال الميدن قال فما اسم الأذن قال الصنارة قال فما أسم الأصبع قال الشناتير قال فما اسم الذئب قال الكنع قال أفعالم أنت بكتاب الله عز و جل قال نعم قال فإن الله تعالى يقول ( إنا أنزلناه قرآنا عربيا ) وقال تعالى ( بلسان عربي مبين ) وقال تعالى ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ) فنحن العرب والقرآن بلساننا أنزل ألم تر أن الله تعالى قال ( والعين بالعين ) ولم يقل والجمجمة بالجمجمة وقال تعالى ( والسن بالسن ) ولم يقل والميدن بالميدن وقال تعالى ( والأذن بالأذن ) ولم يقل والصنارة بالصنارة وقال تعالى ( يجعلون أصابعهم في آذانهم ) ولم يقل شناتير هم في صناراتهم وقال تعالى ( فأكله الذئب ) ولم يقل الكنع ثم قال لإبراهيم إني أسألك عن أربع إن أقررت بهن قهرت وإن جحدتهن كفرت قال وما هن قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- منا أو منكم قال منكم قال فالقرآن أنزل علينا أو عليكم قال عليكم قال فالمنبر فينا أو فيكم قال فيكم قال فالبيت لنا أو لكم قال لكم قال فاذهب فما كان بعد هؤلاء فهو لكم بل ما أنتم الا سائس قرد او دابغ جلد أو ناسج برد قال فضحك أبو العباس وأقر لخالد وحباهما جميعا.

وقال بشار بن برد يفتخر:
( إذا نحن صلنا صولة مضرية ... هتكنا حجاب الشمس أوقطرت دما (
( إذا ما أعرنا سيدا من قبيلة ... ذرا منبر صلى علينا وسلما )

وقال السموأل بن عادياء
( إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه ... فكل رداء يرتديه جميل )
( وأن هو لم يحمل على النفس ضيمها ... فليس الى حسن الثناء سبيل )
( تعيرنا أنا قليل عديدنا ... فقلت لها إن الكرام قليل )
( وما قل من كانت بقاياه مثلنا ... شباب تسامي للعلا وكهول )
( وما ضرنا انا الا قليل وجارنا ... عزيز وجار الأكثرين ذليل )
( لنا جبل يحتله من بحيرة ... منيع يرد الطرف وهو كليل )
( سرى أصله تحت الثرى وسما به ... إلى النجم فرع لا يزال طويل )
( وإنا أناس لا نرى القتل سبة ... إذا ما رأته عامر وسلول )
( يقرب حب الموت آجالنا لنا ... وتكرهه آجالهم فتطول )
( وما مات منا سيد حتف أنفه ... ولا ظل منا حيث كان قتيل )
( تسيل على حد الظبات نفوسنا ... وليست على غير الظبات تسيل )
( ونحن كماء المزن ما في نصابنا ... كهام ولا فينا يعد بخيل )
( وننكر ان شئنا على الناس قولهم ... ولا ينكرون القول حين نقول )
( إذا سيد منا خلا قام سيد ... قؤول بما قال الكرام فعول )
( وما خمدت نار لنا دون طارق ... ولا ذمنا في النازلين نزيل )
( وأيامنا مشهورة في عدونا ... لها غرر مشهورة وحجول )
( وأسيافنا في كل شرق ومغرب ... بها من قراع الدارعين فلول )
( معودة أن لا تسل نصالها ... فتغمد حتى يستباح قتيل )
( سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم ... فليس سواء عالم وجهول )
( فإنا بني الريان قطب لقومهم ... تدور رحاهم حولهم وتجول )
ولما قدم وفد تميم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعهم خطيبهم وشاعرهم خطب خطيبهم فافتخر فلما سكت أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثابت بن قيس أن يخطب بمعنى ما خطب به خطيبهم فخطب ثابت بن قيس فأحسن ثم قام شاعرهم وهو الزبرقان بن بدر فقال:
( نحن الملوك فلاحي يفاخرنا ... فينا العلاء وفينا تنصب البيع )
( ونحن نطعمهم في القحط ما أكلوا ... من العبيط إذا لم يؤنس الفزع )
( وننحر الكوم عبطا في أرومتنا ... للنازلين إذا ما أنزلوا شبعوا )
( تلك المكارم حزناها مقارعة ... إذا الكرام على أمثالها اقترعوا )
ثم جلس فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحسان بن ثابت قم فقام فقال
( إن الذوائب من فهر واخوتهم ... قد بينوا سننا للناس تتبع )
( يرضى بها كل من كانت سريرته ... تقوى الاله وبالأمر الذي شرعوا )
( قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم ... أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا )
( سجية تلك منهم غير محدثة ... إن الحلائق فاعلم شرها البدع )
( لو كان في الناس سباقون بعدهم ... فكل سبق لأدنى سبقهم تبع )
( لا يرفع الناس ما أوهت أكفهم ... عند الدفاع ولا يوهون ما رفعوا )
( ولا يضنون عن جار بفضلهم ... ولا يمسهم في مطمع طمع )
( خذ منهم ما أتوا عفوا إذ عطفوا ... ولا يكن همك الأمر الذي منعوا )
( أكرم بقوم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيعتهم ... إذا تفرقت الاهواء والشيع )
فقال التميميون عند ذلك وربكم إن خطيب القوم أخطب من خطيبنا وإن شاعرهم أشعر من شاعرنا وما انتصفنا ولا قاربنا وقال شاعر من بني تميم
( أيبغي آل شداد علينا ... وما يرعى لشداد فصيل )
( فإن تغمد مناصلنا نجدها ... غلاظا في أنامل من يصول )
وقال سالم بني أبي وابصة
( عليك بالقصد فيما أنت فاعله ... أن التخلق يأتي دونه الخلق )
( وموقف مثل حد السيف قمت به ... أحمى الذمار وترميني به الحدق )
( فما زلقت ولا أبديت فاحشة ... إذا الرجال على أمثالها زلقوا )

وأما التفاضل والتفاوت
فقد روي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان إذا نظر لخالد بن الوليد وعكرمة ابن أبي جهل قال يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي لأنهما كانا من خيار الصحابة وابواهما أعدى عدو لله ولرسوله ومن كلام علي رضي الله عنه لمعاوية رضي الله عنه أما قولك إنا بنو عبد مناف فكذلك نحن ولكن ليس أمية كهاشم ولا حرب كعبد المطلب ولا أبو سفيان كأبي طالب وقال أحمد بن سهل الرجال ثلاثة سابق وما حق وماحق فالسابق الذي سبق بفضله واللاحق الذي لحق بأبيه في شرفه والماحق الذي محق شرف آبائه وقيل إن عائشة بنت عثمان كفلت أبا الزناد صاحب الحديث وأشعب الطماع وربتهما قال أشعب فكنت أسفل وكان يعلو حتى بلغت أنا وهو هاتين الغايتين وقال أبو العواذل زكريا بن هرون:
( علي وعبد الله بينهما أب ... وشتان ما بين الطبائع والفعل )
( ألم تر عبد الله يلحي على الندى ... عليا ويلحاه علي على البخل )
وحج أبو الأسود الدؤلي بامرأته وكانت شابة جميلة فعرض لها عمر ابن أبي ربيعة فغازلها فأخبرت أبا الأسود فأتاه فقال
( وإني لينهاني عن الجهل والخنا ... وعن شتم أقوام خلائق أربع )
( حياء وإسلام وتقوى وأنني ... كريم ومثلي من يضر وينفع )
( فشتان ما بيني وبينك انني ... على كل حال أستقيم وتضلع )
وقال ربيعه الرقي
( لشتان ما بين اليزيدين في الندى ... يزيد سليم والاعز بن حاتم )
( يزيد سليم سالم المال والفتى ... فتى الازد للاموال غير مسالم )
( فهم الفتى الازدي اتلاف ماله ... وهم الفتى القيسي جمع الدراهم
( فلا يحسب القيسي أني هجوته ... ولكنني فضلت أهل المكارم )
وقال عبيد الله بن عبد الله بن طاهر في أخيه الحسين
( يقول أنا الكبير فعظموني ألا ثكلتك أمك من كبير )
( إذا كان الصغير أعم نفعا ... وأجلد عند نائبة الأمور )
( ولم يأت الكبير بيوم خير فما فضل الكبير على الصغير )
والله أعلم بالصواب وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.