منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers

(إسلامي.. ثقافي.. اجتماعي.. إعلامي.. علمي.. تاريخي.. دعوي.. تربوي.. طبي.. رياضي.. أدبي..)
 
الرئيسيةالأحداثأحدث الصورالتسجيل
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

soon after IZHAR UL-HAQ (Truth Revealed) By: Rahmatullah Kairanvi
قال الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الأبطال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد مُتمدين من أبناء هذا العصر؛ أن يُصْغِي إلى ما يظن من أنَّ دِينَ الإسلام كَذِبٌ، وأنَّ مُحَمَّداً -صلى الله عليه وسلم- خَدَّاعٌ مُزُوِّرٌ، وآنَ لنا أنْ نُحارب ما يُشَاعُ من مثل هذه الأقوال السَّخيفة المُخْجِلَةِ؛ فإنَّ الرِّسَالة التي أدَّاهَا ذلك الرَّسُولُ ما زالت السِّراج المُنير مُدَّةَ اثني عشر قرناً، لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم اللهُ الذي خلقنا، (وقت كتابة الفيلسوف توماس كارليل لهذا الكتاب)، إقرأ بقية كتاب الفيلسوف توماس كارليل عن سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، على هذا الرابط: محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-.

يقول المستشرق الإسباني جان ليك في كتاب (العرب): "لا يمكن أن توصف حياة محمد بأحسن مما وصفها الله بقوله: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين) فكان محمدٌ رحمة حقيقية، وإني أصلي عليه بلهفة وشوق".
فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ على سائر البُلدان، كما فَضَّلَ بعض الناس على بعض والأيام والليالي بعضها على بعض، والفضلُ على ضربين: في دِينٍ أو دُنْيَا، أو فيهما جميعاً، وقد فَضَّلَ اللهُ مِصْرَ وشَهِدَ لها في كتابهِ بالكَرَمِ وعِظَم المَنزلة وذَكَرَهَا باسمها وخَصَّهَا دُونَ غيرها، وكَرَّرَ ذِكْرَهَا، وأبَانَ فضلها في آياتٍ تُتْلَى من القرآن العظيم.
(وما من كاتب إلا سيبلى ** ويبقى الدهر ما كتبت يداه) (فلا تكتب بكفك غير شيء ** يسرك في القيامة أن تراه)

المهندس حسن فتحي فيلسوف العمارة ومهندس الفقراء: هو معماري مصري بارز، من مواليد مدينة الأسكندرية، وتخرَّجَ من المُهندس خانة بجامعة فؤاد الأول، اشْتُهِرَ بطرازهِ المعماري الفريد الذي استمَدَّ مَصَادِرَهُ مِنَ العِمَارَةِ الريفية النوبية المَبنية بالطوب اللبن، ومن البيوت والقصور بالقاهرة القديمة في العصرين المملوكي والعُثماني.
رُبَّ ضَارَّةٍ نَافِعَةٍ.. فوائدُ فيروس كورونا غير المتوقعة للبشرية أنَّه لم يكن يَخطرُ على بال أحَدِنَا منذ أن ظهر وباء فيروس كورونا المُستجد، أنْ يكونَ لهذه الجائحة فوائدُ وإيجابيات ملموسة أفادَت كوكب الأرض.. فكيف حدث ذلك؟!...
تخليص الإبريز في تلخيص باريز: هو الكتاب الذي ألّفَهُ الشيخ "رفاعة رافع الطهطاوي" رائد التنوير في العصر الحديث كما يُلَقَّب، ويُمَثِّلُ هذا الكتاب علامة بارزة من علامات التاريخ الثقافي المصري والعربي الحديث.
الشيخ علي الجرجاوي (رحمه الله) قَامَ برحلةٍ إلى اليابان العام 1906م لحُضُورِ مؤتمر الأديان بطوكيو، الذي دعا إليه الإمبراطور الياباني عُلَمَاءَ الأديان لعرض عقائد دينهم على الشعب الياباني، وقد أنفق على رحلته الشَّاقَّةِ من مَالِهِ الخاص، وكان رُكُوبُ البحر وسيلته؛ مِمَّا أتَاحَ لَهُ مُشَاهَدَةَ العَدِيدِ مِنَ المُدُنِ السَّاحِلِيَّةِ في أنحاء العالم، ويُعَدُّ أوَّلَ دَاعِيَةٍ للإسلام في بلاد اليابان في العصر الحديث.


 

 مصاب بالوساوس في إيمانه، ومحاسبته على ماضيه السيء

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn
مؤسس ومدير المنتدى
أحمد محمد لبن Ahmad.M.Lbn


عدد المساهمات : 48337
العمر : 71

مصاب بالوساوس في إيمانه، ومحاسبته على ماضيه السيء Empty
مُساهمةموضوع: مصاب بالوساوس في إيمانه، ومحاسبته على ماضيه السيء   مصاب بالوساوس في إيمانه، ومحاسبته على ماضيه السيء Emptyالأحد 27 مارس 2011, 2:07 am

مصاب بالوساوس في إيمانه، ومحاسبته على ماضيه السيء؟!

السؤال:
لدي استفساران، وأتمنى أن أجد لهما إجابة:

الأول:
وهو أنني كنت شديد البعد عن الله عز وجل ، وكنت من مرتكبي الذنوب والمعاصي بشتى أنواعها ، حتى تاب الله تعالى علي في شهر رمضان الحالي ، وشعرت فيه بسعادة لم أشعرها بحياتي من قبل ، وأصبحت - وبفضل الله - من المحافظين على صلاة الجماعة ، وأقوم بما يقدرني الله من الليل ، لكن تأتيني بعض الهواجس بأن الله لن يغفر لي مهما فعلت ، إضافة لبعض الهواجس التي تراودني عن الذات الإلهية ، وعن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، والتي أتمنى الموت على أن أفكر فيها ، وأصبحت تراودني بشدة لدرجة أني أصبحت أظن بأني لست مسلما ؟

خاصة بعد أن وقعت - بحكم عملي - في بعض المجادلات مع أحد القساوسة من النصارى الذي كان يحاول تشويه ديننا ، وبعد أن تجاهلته خوفا على نفسي من أي فتنة ، اتهمني بالهزيمة ، وأنه على الحق ، وأننا - المسلمين - على الباطل ، لزمت الاستغفار والدعاء والبكاء لكن بلا فائدة . فبالله عليكم ماذا أفعل ، لأني أشعر أنه قد أصابني الإحباط واليأس ، وكيف أتفقه في الدين ؟

الثاني:
كيف أجادل هذا القسيس وأقنعه أنه جاهل ، وأنه يفتري على الله تعالى . أفيدوني أفادكم الله ، وجعل هذا المجهود الطيب في ميزان حسناتكم ، وأعانكم على فعل الخير.

الحمد لله
والله ، يا عبد الله ، إن حالك لعجب من العجب !!
تَصِفُ الدَّواءَ لِذي السَّقامِ وَذي الضَّنا كيما يَصحّ بِهِ وَأَنتَ سَقيمُ
أنت مبتلى بالوساوس في أعظم أمرك ، وأجل شأنك ، مبتلى في أمر فيه نجاتك ، إن شككت فيه هلكت ، وإن تزعزع في قلبك لم ينفعك شيء ، ثم أنت تفتح على نفسك أبوابا من الشبهات الجديدة ، بمجادلتك مع هذه الكافر ؛ أنت مهزوز ، فكيف تثبت غيرك ، ابحث عن نفسك أولا ، وداو مرضك ، قبل أن تفكر في علاج غيرك .
فاعلم ـ يا عبد الله ـ أنك إن لم تشغل نفسك بالحق ، شغلتك بالباطل ، وإن لم تحملها على الهدى ، حملتك على الضلال ؛ فانظر يا عبد الله ماذا تختار لنفسك ، وترضه لدينك ؟!

ونحيلك في موقعنا إلى أجوبة سابقة فيها حل لإشكال الخطرات والوساوس ، سبق بيان الجواب عنه في الأرقام الآتية :
(12315)

إجابة السؤال 12315:
يعاني من وساوس الشيطان في ذات الله
رجل يوسوس له الشيطان بوساوس عظيمة فيما يتعلق بالله - عز وجل - وهو خائف من ذلك جداً فماذا يفعل ؟.
الحمد لله
ما ذكر من جهة مشكلة السائل التي يخاف من نتائجها , أقول له : أبشر بأنه لن يكون لها نتائج إلا النتائج الطيبة , لأن هذه وساوس يصول بها الشيطان على المؤمنين, ليزعزع العقيدة السليمة في قلوبهم, ويوقعهم في القلق النفسي والفكري ليكدر عليهم صفو الإيمان , بل صفو الحياة إن كانوا مؤمنين.
وليست حاله بأول حال تعرض لأهل الإيمان, ولا هي آخر حال, بل ستبقى ما دام في الدنيا مؤمن. ولقد كانت هذه الحال تعرض للصحابة رضي الله عنهم فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء أناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه : إنّا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به , فقال : ( أو قد وجدتموه؟). قالوا : نعم , قال : ( ذاك صريح الإيمان) . رواه مسلم وفي الصحيحين عنه أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا ؟ من خلق كذا ؟ حتى يقول من خلق ربك؟! فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته ) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل فقال : إني أحدث نفسي بالشيء لأن أكون حممة أحب إلي من أن أتكلم به, فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الحمد لله الذي رد أمره إلى الوسوسة ). رواه أبو داود.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتاب الإيمان : والمؤمن يبتلى بوساوس الشيطان بوساوس الكفر التي يضيق بها صدره . كما قالت الصحابة يا رسول الله إن أحدنا ليجد في نفسه ما لأن يخر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يتكلم به. فقال ( ذاك صريح الإيمان ). وفي رواية ما يتعاظم أن يتكلم به. قال : ( الحمد الله الذي رد كيده إلى الوسوسة). أي حصول هذا الوسواس مع هذه الكراهة العظيمة له, ودفعه عن القلوب هو من صريح الإيمان, كالمجاهد الذي جاءه العدو فدافعه حتى غلبه, فهذا عظيم الجهاد, إلى أن قال : ( ولهذا يوجد عند طلاب العلم والعباد من الوساوس والشبهات ما ليس عند غيرهم, لأنه (أي الغير) لم يسلك شرع الله ومنهاجه, بل هو مقبل على هواه في غفلة عن ذكر ربه, وهذا مطلوب الشيطان بخلاف المتوجهين إلى ربهم بالعلم والعبادة , فإنه عدوهم يطلب صدهم عن الله تعالى ) أ.هـ المقصود منه ذكره في ص 147 من الطبعة الهندية.
فأقول لهذا السائل : إذا تبين لك أن هذه الوساوس من الشيطان فجاهدها وكابدها , واعلم أنها لن تضرك أبداً مع قيامك بواجب المجاهدة والإعراض عنها, والانتهاء عن الانسياب وراءها, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل به أو تتكلم ). متفق عليه.
وأنت لو قيل لك : هل تعتقد ما توسوس به ؟ وهل تراه حقاً؟ وهل يمكنك أن تصف الله سبحانه به ؟ لقلت : ما يكون لنا أن نتكلم بهذا , سبحانك هذا بهتان عظيم , ولأنكرت ذلك بقلبك ولسانك, وكنت أبعد الناس نفوراً عنه, إذن فهو مجرد وساوس وخطرات تعرض لقلبك , وشباك شرك من الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم, ليرديك ويلبس عليك دينك .
ولذلك تجد الأشياء التافهة لا يلقي الشيطان في قلبك الشك فيها أو الطعن , فأنت تسمع مثلاً بوجود مدن مهمةٍ كبيرة مملوءة بالسكان والعمران في المشرق والمغرب ولم يخطر ببالك يوماً من الأيام الشك في وجودها أو عيبها بأنها خراب ودمار لا تصلح للسكنى , وليس فيها ساكن ونحو ذلك , إذا لا غرض للشيطان في تشكك الإنسان فيها ولكن الشيطان له غرض كبير في إفساد إيمان المؤمن , فهو يسعى بخيله ورجله ليطفئ نور العلم والهداية في قلبه , ويوقعه في ظلمة الشك الحيرة , والنبي صلى الله عليه وسلم بين لنا الدواء الناجع الذي فيه الشفاء , وهو قوله : ( فليستعذ بالله ولينته) . فإذا انتهى الإنسان عن ذلك واستمر في عبادة الله طلباً ورغبة فيما عند الله زال ذلك عنه بحول الله , فأعرض عن جميع التقديرات التي ترد على قلبك في هذا الباب وها أنت تعبد الله وتدعوه وتعظمه , ولو سمعت أحداً يصفه بما توسوس به لقتلته إن أمكنك , إذن فما توسوس به ليس حقيقة واقعة بل هو خواطر ووساوس لا أصل لها .
ونصيحة تتلخص فيما يأتي :
1. الاستعاذة بالله والانتهاء بالكلية عن هذه التقديرات كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
2. ذكر الله تعالى وضبط النفس عن الاستمرار في هذه الوساوس .
3. الانهماك الجدي في العبادة والعمل امتثالاً لأمر الله , وابتغاء لمرضاته ، فمتى التفت إلى العبادة التفاتاً كلياً بجدٍّ وواقعية نسيت الاشتغال بهذه الوساوس إن شاء الله .
4. كثرة اللجوء إلى الله والدعاء بمعافاتك من هذا الأمر .
وأسال الله تعالى لك العافية والسلامة من كل سوء ومكروه .

مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ج/1 ص 57 - 60 .


والسؤال رقم (25778)
إجابة والسؤال رقم (25778)
تقلقه الوسواس والخطرات
عندما أصلي أو أنوي فعل أمر طيب تخطر لي أفكار شيطانية. عندما أركز في الصلاة وأحاول أن أركز على معاني الكلمات تدخل الأفكار الشيطانية إلى عقلي وتكون لي اقتراحات سيئة عن كل شيء بما في ذلك الله. أشعر بالغضب من أجل ذلك. أعلم أنه لا أحد يقبل التوبة إلا الله وحده، ولكن بسبب أفكاري أشعر أنه لا يوجد أسوأ من أن يخطر ببالي أفكار سيئة عن الله. أسأل الله المغفرة بعد الصلاة ولكني أشعر بالضيق لأني أريد أن أوقف هذه الأفكار السيئة ولكني لا أستطيع. هذه الأفكار تفقدني التمتع بالصلاة وتشعرني بأني مشؤوم. أرجو منكم نصحي .
الحمد لله
الوساوس السيئة في الصلاة وغيرها من الشيطان ، وهو حريص على إضلال المسلم ، وحرمانه من الخير وإبعاده عنه ، وقد اشتكى أحد الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الوسواس في الصلاة فقال : إنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلَاتِي وَقِرَاءَتِي يَلْبِسُهَا عَلَيَّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلاثًا قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي " رواه مسلم (2203)
والخشوع في الصلاة هو لبها ، فصلاة بلا خشوع كجسد بلا روح ، وإن مما يعين على الخشوع " شيئان :
الأول : اجتهاد العبد في أن يعقل ما يقوله ويفعله ، وتدبر القراءة والذكر والدعاء ، واستحضار أنه مناجٍ لله تعالى كأنه يراه ، فإن المصلي إذا كان قائماً فإنما يناجي ربه ، والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، ثم كلما ذاق العبد حلاوة الصلاة كان انجذابه إليها أوكد ، وهذا يكون بحسب قوة الإيمان – والأسباب المقوية للإيمان كثيرة – ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " حبب إلي من دنياكم النساء والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة " . وفي حديث آخر أنه قال : " أرحنا يا بلال بالصلاة " ولم يقل أرحنا منها .
الثاني : الاجتهاد في دفع ما يُشغل القلب من تفكر الإنسان فيما لا يعنيه ، وتدبر الجواذب التي تجذب القلب عن مقصود الصلاة ، وهذا في كل عبدٍ بحسبه ، فإن كثرة الوسواس بحسب كثرة الشبهات والشهوات ، وتعلق القلب بالمحبوبات التي ينصرف القلب إلى طلبها ، والمكروهات التي ينصرف القلب إلى دفعها " . انتهى من مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (22/605) .
وأما ما ذكرته من أن الوساوس بلغت بك مبلغاً عظيماً بحيث أصبحتَ توسوس في ذات الله بما لا يليق بالله ، فإن هذا من نزغات الشيطان ، وقد قال الله تعالى : ( وإما ينزغنك من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ) فصلت /36.
وقد اشتكى بعض الصحابة من الوساوس التي تنغص عليهم ، فجَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ قَالَ وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ " رواه مسلم (132) من حديث أبي هريرة .
قال النووي في شرح هذا الحديث : " قوله صلى الله عليه وسلم : ( ذَلِكَ صَرِيح الإِيمَان ) مَعْنَاهُ اِسْتِعْظَامُكُمْ الْكَلام ( بهذه الوساوس ) هُوَ صَرِيح الإِيمَان , فَإِنَّ اِسْتِعْظَام هَذَا وَشِدَّة الْخَوْف مِنْهُ وَمِنْ النُّطْق بِهِ فَضْلا عَنْ اِعْتِقَاده إِنَّمَا يَكُون لِمَنْ اِسْتَكْمَلَ الإِيمَان اِسْتِكْمَالا مُحَقَّقًا وَانْتَفَتْ عَنْهُ الرِّيبَة وَالشُّكُوك .
وَقِيلَ مَعْنَاهُ : أَنَّ الشَّيْطَان إِنَّمَا يُوَسْوِس لِمَنْ أَيِسَ مِنْ إِغْوَائِهِ فَيُنَكِّد عَلَيْهِ بِالْوَسْوَسَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ إِغْوَائِهِ , وَأَمَّا الْكَافِر فَإِنَّهُ يَأْتِيه مِنْ حَيْثُ شَاءَ وَلا يَقْتَصِر فِي حَقّه عَلَى الْوَسْوَسَة بَلْ يَتَلَاعَب بِهِ كَيْف أَرَادَ . فَعَلَى هَذَا مَعْنَى الْحَدِيث : سَبَب الْوَسْوَسَة مَحْض الإِيمَان , أَوْ الْوَسْوَسَة عَلامَة مَحْض الإِيمَان " انتهى انظر السؤال (12315)
إذاً " فكراهة ذلك وبغضه ، وفرار القلب منه ، هو صريح الإيمان ... والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو غيره ، لابد له من ذلك ، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ، ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة ، ولا يضجر فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان { إن كيد الشيطان كان ضعيفاً } ، كلما أراد العبد توجهاً إلى الله تعالى بقلبه جاء من الوسواس أمور أُخرى ، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق ، كلما أراد العبد السير إلى الله تعالى أراد قطع الطريق عليه ، ولهذا قيل لبعض السلف : إن اليهود والنصارى يقولون: لا نوسوس ، فقال : صدقوا ، وما يصنع الشيطان بالبيت الخراب " انتهى من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (22/608)
* العلاج ..
1- إذا شعرت بهذه الوساوس فقل آمنت بالله ورسوله ، فعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّ أَحَدَكُمْ يَأْتِيهِ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَكَ فَيَقُولُ اللَّهُ فَيَقُولُ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقْرَأْ آمَنْتُ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُذْهِبُ عَنْهُ " رواه أحمد (25671) وحسنه الألباني في الصحيحة 116
2- محاولة الإعراض عن التفكير في ذلك بقدر الإمكان والاشتغال بما يلهيك عنه .
وختاماً نوصيك بلزوم اللجوء إلى الله في كل حال ، وطلب العون منه ، والتبتل إليه ، وسؤاله الثبات حتى الممات ، وأن يختم لك بالصالحات .. والله أعلم .

الإسلام سؤال وجواب


وإجابة السؤال رقم (98295).
إجابة السؤال رقم (98295)
الحذر من وسوسة الشيطان في ذات الله
منذ أسبوعين وهذا السؤال يراودني ، ولم أفلح في الإجابة عليه ، ولكن بإذن الله ستكون الإجابة لديكم : ما الدليل على أن الله لا يكذب ، أو ما الدليل على أنه صادق دائما ، ولم ، ولن يكذب أبدا ؟ أعرف أنه سؤال غريب ، وقد استحيت لفترة من سؤال أحد فيه ، ولكن احترت في الإجابة عليه ، وأُصبت بنوع من الضيق حتى في أثناء الصلاة .
الحمد لله :
والله ما ندري ـ يا عبد الله ـ من أي أمريك نعجب ؛ أمن استرسالك وراء وساوس الشيطان ، حتى بلغ بك إلى حافة الهاوية ، لتسقط فيها ، أو تكاد ؟!! أم من استصعابك لهذا السؤال ، وعدم قدرتك على الإجابة عنه ؟!!
فماذا عرفت من دينك يا عبد الله ، إن جهلت هذا ؟!!
وماذا تظن بربك ، إن كنت تبحث في هذا ؟!!
يا عبد الله ، لقد قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، لما قال لها مولاها مَسْرُوقٍ : يَا أُمَّتَاهْ ، هَلْ رَأَى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ ؟!!
فَقَالَتْ : لَقَدْ قَفَّ شَعَرِي مِمَّا قُلْتَ .. !!
وإذا كان شعر أم المؤمنين قد قف ، أي : قام من شدة فزعها ، لأجل من سألها هذا السؤال : هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه ، يعني : وهو في الدنيا ، مع أن المؤمنين يرونه في الجنة ، وهو أعظم نعيمهم ، لا حرمنا الله منه ، فكيف بسؤالك يا عبد الله ؟!!
ألهذا الحد تركت قلبك فارغا ، حتى يتلاعب به الشيطان ، وينتهي به ذلك المنتهى ؟!!
هل سمعت يا عبد الله بما رواه مسلم في صحيحه (2268) عَنْ جَابِرٍ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَأْسِي قُطِعَ ؟!!
قَالَ فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : إِذَا لَعِبَ الشَّيْطَانُ بِأَحَدِكُمْ فِي مَنَامِهِ فَلَا يُحَدِّثْ بِهِ النَّاسَ !! ) .
فإذا كان مثل هذا المنام لعبا من الشيطان ، فبالله عليك ماذا كان يجيب النبي صلى الله عليه وسلم لو رأى راء في منامه ما رأيت ؟ فبالله عليك ماذا كان يقول لو كان ذلك اللعب في اليقظة ، لا في المنام ؟!!
لقد حُق لك ـ والله ـ أن يطول حياؤك ، بل وبكاؤك على نفسك ـ أن ظفر الشيطان منك بهذا !!
نعم ، نفهم أن الشيطان قد يتلاعب بمثل ذلك بالعبد ، لكنه لا يسترسل مع وحي الشيطان ، ويؤصل له ، ويبحث له عن أدلة ، وإنما إيمانه الراسخ يدفعه ، فالشيطان خبيث ، وكيده ضعيف : ( إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً)(النساء: 67) .
عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ كَذَا مَنْ خَلَقَ كَذَا حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ) متفق عليه .
أرأيت كيف كان جواب النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا السؤال المعضل (!!) للعدو اللعين ؟!!
أن يستعيذ بالله من تلك الوساوس ، وأن ينتهي عن التفكير فيها ، والاسترسال وراءها ؛ لأن اللعين لا يحتاج بسؤاله هذا جوابا ، وهو يعلم أن سؤاله مغالطة محضة ، فالخالق لا يصلح أن يكون له خالق ، وإلا كان مخلوقا آخر من المخلوقين !!
وإنما هدفه التشكيك والزعزعة ، حتى يظفر بمن يموت وهو على تلك الحال ، إن استطاع .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله ، في شرحه للحديث السابق :
قَوْلُهُ : ( مَنْ خَلَقَ رَبّك فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ ) أَيْ عَنْ الِاسْتِرْسَال مَعَهُ فِي ذَلِكَ , بَلْ يَلْجَأ إِلَى اللَّه فِي دَفْعه , وَيَعْلَم أَنَّهُ يُرِيد إِفْسَاد دِينه وَعَقْله بِهَذِهِ الْوَسْوَسَة , فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْتَهِد فِي دَفْعهَا بِالِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا .
قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَجْه هَذَا الْحَدِيث أَنَّ الشَّيْطَان إِذَا وَسْوَسَ بِذَلِكَ فَاسْتَعَاذَ الشَّخْص بِاللَّهِ مِنْهُ وَكَفّ عَنْ مُطَاوَلَته فِي ذَلِكَ اِنْدَفَعَ ... فَلَيْسَ لِوَسْوَسَتِهِ اِنْتِهَاء , بَلْ كُلَّمَا أُلْزِمَ حُجَّة زَاغَ إِلَى غَيْرهَا إِلَى أَنْ يُفْضِيَ بِالْمَرْءِ إِلَى الْحِيرَة , نَعُوذ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ ... عَلَى أَنَّ قَوْله مَنْ خَلَقَ رَبّك كَلَام مُتَهَافِت يَنْقُض آخِرُهُ أَوَّلَهُ لِأَنَّ الْخَالِق يَسْتَحِيل أَنْ يَكُون مَخْلُوقًا .
وَقَالَ الطِّيبِيُّ : إِنَّمَا أَمَرَ بِالِاسْتِعَاذَةِ وَالِاشْتِغَال بِأَمْر آخَر وَلَمْ يَأْمُر بِالتَّأَمُّلِ وَالِاحْتِجَاج لِأَنَّ الْعِلْم بِاسْتِغْنَاءِ اللَّه جَلَّ وَعَلَا عَنْ الْمُوجِد أَمْر ضَرُورِيّ لَا يَقْبَل الْمُنَاظَرَة , وَلِأَنَّ الِاسْتِرْسَال فِي الْفِكْر فِي ذَلِكَ لَا يَزِيد الْمَرْء إِلَّا حَيْرَة , وَمَنْ هَذَا حَاله فَلَا عِلَاج لَهُ إِلَّا الْمَلْجَأ إِلَى اللَّه تَعَالَى وَالِاعْتِصَام بِهِ .
وَفِي الْحَدِيث إِشَارَة إِلَى ذَمّ كَثْرَة السُّؤَال عَمَّا لَا يَعْنِي الْمَرْء وَعَمَّا هُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ , وَفِيهِ عِلْم مِنْ أَعْلَام النُّبُوَّة لِإِخْبَارِهِ بِوُقُوعِ مَا سَيَقَعُ فَوَقَعَ . انتهى كلامه رحمه الله ، مختصرا .
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم ، قد أمر بالانتهاء عن تلك الوساوس ، وعدم الخوض فيها ، فإن المؤمن ، إذا غُلب على شيء منها ، وألقاها العدو اللعين في صدره ؛ فإن إيمانه يُعظم ذلك البلاء ، أن يقع شيء منه في صدره .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : ( جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ : إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ ؟!! قَالَ : وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ ؟!! قَالُوا : نَعَمْ !!
قَالَ : ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ !! ) رواه مسلم (132) .
قال النووي رحمه الله :
مَعْنَاهُ اِسْتِعْظَامُكُمْ الْكَلَام بِهِ هُوَ صَرِيح الْإِيمَان , فَإِنَّ اِسْتِعْظَام هَذَا وَشِدَّة الْخَوْف مِنْهُ وَمِنْ النُّطْق بِهِ فَضْلًا عَنْ اِعْتِقَاده إِنَّمَا يَكُون لِمَنْ اِسْتَكْمَلَ الْإِيمَان اِسْتِكْمَالًا مُحَقَّقًا وَانْتَفَتْ عَنْهُ الرِّيبَة وَالشُّكُوك .
يا عبد الله : إن الحر من الرجال ، ومن له مقام بين الناس ، يأنف أن يكذب ، أو يُنسب إليه الكذب ، وقصة أبي سفيان مع هرقل في هذا مشهورة معروفة ، فكيف لو كان هذا الحر الكريم مؤمنا : إن الكذب مجانب للإيمان !!
فكيف لو كان هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن توهم الظِّنة فيه ، وهو الصادق المصدوق ، تقشعر له الجلود ، وتقِفُّ الرؤوس !!
فكيف .. ؟!!
يا عبد الله ؛ إن أغلب الظن أنك أُتيت من أمرين اثنين ، تسلط الشيطان عليك بالوساوس لأجلهما :
فأما أولها : أنك أعرضت عن الانشغال بذكر الرحمن تبارك وتعالى ، ومطالعة آياته ، والعيش مع ما في كتابه الكريم من أسمائه الحسنى وصفاته العليا ، والتعرف على عظمته وجلاله ، وجماله وكماله ، بما عرفك في كتابه ، وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
وأما الأمر الثاني ، وربما كان عقوبة من الله لك على الأمر الأول ، فهو : مصاحبتك لشياطين الإنس ، الذين يُظاهرون شياطين الجن ، وينصرونهم عليك .
وليس بالضروري من تلك المصاحبة أن يكون صديقا لك ، يذهب ويجيء معك ؛ بل ربما كانت تلك المصاحبة عن طريق شبكة الإنترنت ، حيث يجرك الفضول ، أو فراغ القلب إلى الدخول في بعض المنتديات الإلحادية : اللادينيين ، فأرسل الواحد منهم سهما من شبهته ، فاستقر في فؤادك ، فأورثك الداء الذي تشكوه !!
قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ * وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ) .
عبد الله ؛ أقبل على قلبك فأصلحه ، وأقبل على ربك فتعرف عليه كما عرفك في كتابه ، وأقبل على كتابه فاتله وتدبره ، وعليك بذكره فاجعل لسانك رطبا منه ، فإنه حصنك :
( وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا اللَّهَ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ الْعَدُوُّ فِي أَثَرِهِ سِرَاعًا حَتَّى إِذَا أَتَى عَلَى حِصْنٍ حَصِينٍ فَأَحْرَزَ نَفْسَهُ مِنْهُمْ كَذَلِكَ الْعَبْدُ لَا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنْ الشَّيْطَانِ إِلَّا بِذِكْرِ اللَّهِ .. !! ) رواه الترمذي (2863) وصححه الألباني .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب

كما ننقل لك هنا كلاما للعلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله ، فنرجو أن تتأمل فيه ، ففيه بيان شاف لهذه المسألة ، يقول رحمه الله :
" معلوم أنه لم يعط الإنسان أمانة الخواطر ، ولا القوة على قطعها ، فإنها تهجم عليه هجوم النفس ، إلا أن قوة الإيمان والعقل تعينه على قبول أحسنها ، ورضاه به ، ومساكنته له ، وعلى دفع أقبحها ، وكراهته له ، ونفرته منه ، كما قال الصحابة : يا رسول الله ! إن أحدنا يجد في نفسه ما إن أن يحترق حتى يصير حممة أحب إليه من أن يتكلم به ؟ فقال : أوقد وجدتموه ؟ قالوا : نعم . قال : ذلك صريح الإيمان . أخرجه مسلم في باب الإيمان ، وأبو داود في كتاب الأدب .

وفيه قولان :
أحدهما : أن رده وكراهته صريح الإيمان . والثاني : أن وجوده وإلقاء الشيطان له في النفس صريح الإيمان ، فإنه إنما ألقاه في النفس طلبا لمعارضة الإيمان وإزالته به .

وقد خلق الله سبحانه النفس شبيهة بالرحى الدائرة التي لا تسكن ، ولا بد لها من شيء تطحنه ، فإن وضع فيها حَب طحنته ، وإن وضع فيها تراب أو حصى طحنته ، فالأفكار والخواطر التي تجول في النفس هي بمنزلة الحَب الذي يوضع في الرحى ، ولا تبقى تلك الرحى معطلة قط ، بل لا بد لها من شيء يوضع فيها ، فمن الناس من تطحن رحاه حَبًّا يخرج دقيقا ينفع به نفسه وغيره ، وأكثرهم يطحن رملا وحصى وتبنا ونحو ذلك ، فإذا جاء وقت العجن والخبز تبين له حقيقة طحينه .

فأنفع الدواء أن تشغل نفسك بالفكر فيما يعنيك دون ما لا يعنيك ، فالفكر فيما لا يعني باب كل شر ، ومَن فكَّر فيما لا يعنيه فاته ما يعنيه ، واشتغل عن أنفع الأشياء له بما لا منفعة له فيه ، فالفكر والخواطر والإرادة والهمة أحق شيء بإصلاحه من نفسك ، فإن هذه خاصتك وحقيقتك التي لا تبتعد بها أو تقرب من إلهك ومعبودك الذي لا سعادة لك إلا في قربه ورضاه عنك ، وكل الشقاء في بعدك عنه وسخطه عليك ، ومن كان في خواطره ومجالات فكره دنيئا خسيسا لم يكن في سائر أمره إلا كذلك .

وإياك أن تمكن الشيطان من بيت أفكارك وإرادتك ، فإنه يفسدها عليك فسادا يصعب تداركه ، ويلقي إليك أنواع الوساوس والأفكار المضرة ، ويحول بينك وبين الفكر فيما ينفعك ، وأنت الذي أعنته على نفسك بتمكينه من قلبك وخواطرك فملكها عليك ، فمثالك معه مثال صاحب رحى يطحن فيها جيد الحُبوب ، فأتاه شخص معه حمل تراب وبعر وفحم وغثاء ليطحنه في طاحونته ، فإن طرده ولم يمكنه من إلقاء ما معه في الطاحون استمر على طحن ما ينفعه ، وإن مكنه من إلقاء ذلك في الطاحون أفسد ما فيها من الحَب ، وخرج الطحين كله فاسدا ." انتهى باختصار.
"الفوائد" (ص/191-194)

أما عن شأن مناقشة القس النصراني ، فنصيحتنا لك ألا تشتغل بذلك ، فذلك علم واسع لم تتخصص أنت فيه ، فكيف تريد الخوض فيه ، بل وإقناع ذلك النصراني الذي قد يكون متخصصا في هذا الأمر ، أرأيت لو أردت أن تناقش طبيبا لتقنعه بعلاج معين لمرض خطير فهل تراه يسمع منك ، أو يأخذ عنك ، أو يقتنع بكلامك ؟! ، فلماذا تسعى للخوض في علم واسع - وهو علم الفرق والأديان والعقائد - وأنت لست من العلماء به ، بل وتحمل بسببه هما تلوم به نفسك ، ونحن نصدقك القول أننا نراك مخطئا في هذا الشعور ، وإن كنا نرجو أن يثيبك الله تعالى على حرصك على إفحام ذلك النصراني المجادل ، ولكن عليك أن تسلك سبيل التعلم بالمطالعة والدراسة والاستماع سنوات عديدة ، ثم بعد ذلك تتصدى للدفاع عن الإسلام ، ودعوة غير المسلمين إليه .

فإن كان قد وقع في قلبك شيء من شبه هذا القسيس ، أعاذك الله من ذلك ، فبإمكانك أن تستعين بمن عنده علم في هذا الباب أن يحلها لك ، ويزيل عنك الإشكال .

وإن كنت بحمد الله على بينة من أمرك ، كما يبدو من سؤالك ؛ فاعلم أن هذا الرجل كاذب ، ويعلم أنه كاذب .

قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) المائدة /41 .

قال الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره (231) : " كان الرسول صلى الله عليه وسلم من شدة حرصه على الخلق يشتد حزنه لمن يظهر الإيمان ، ثم يرجع إلى الكفر ، فأرشده الله تعالى ، إلى أنه لا يأسى ولا يحزن على أمثال هؤلاء ؛ فإن هؤلاء لا في العير ولا في النفير ، إن حضروا لم ينفعوا ، وإن غابوا لم يفقدوا ، ولهذا قال مبينا للسبب الموجب لعدم الحزن عليهم - فقال: { مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ } فإن الذين يؤسى ويحزن عليهم ، من كان معدودا من المؤمنين، وهم المؤمنون ظاهرا وباطنا، وحاشا لله أن يرجع هؤلاء عن دينهم ويرتدوا، فإن الإيمان -إذا خالطت بشاشته القلوب- لم يعدل به صاحبه غيره، ولم يبغ به بدلا.

{ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا } أي: اليهود { سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ } أي: مستجيبون ومقلدون لرؤسائهم، المبني أمرهم على الكذب والضلال والغي. وهؤلاء الرؤساء المتبعون { لَمْ يَأْتُوكَ } بل أعرضوا عنك، وفرحوا بما عندهم من الباطل وهو تحريف الكلم عن مواضعه، أي: جلب معان للألفاظ ما أرادها الله ولا قصدها، لإضلال الخلق ولدفع الحق، فهؤلاء المنقادون للدعاة إلى الضلال، المتبعين للمحال، الذين يأتون بكل كذب، لا عقول لهم ولا همم . فلا تبال أيضا إذا لم يتبعوك، لأنهم في غاية النقص، والناقص لا يؤبه له ولا يبالى به.

{ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا } أي: هذا قولهم عند محاكمتهم إليك، لا قصد لهم إلا اتباع الهوى.

يقول بعضهم لبعض: إن حكم لكم محمد بهذا الحكم الذي يوافق أهواءكم، فاقبلوا حكمه، وإن لم يحكم لكم به، فاحذروا أن تتابعوه على ذلك، وهذا فتنة واتباع ما تهوى الأنفس.

{ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا } كقوله تعالى: { إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } .

{ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ } أي: فلذلك صدر منهم ما صدر.

فدل ذلك على أن من كان مقصوده بالتحاكم إلى الحكم الشرعي اتباع هواه، وأنه إن حكم له رضي، وإن لم يحكم له سخط، فإن ذلك من عدم طهارة قلبه، كما أن من حاكم وتحاكم إلى الشرع ورضي به، وافق هواه أو خالفه، فإنه من طهارة القلب، ودل على أن طهارة القلب، سبب لكل خير، وهو أكبر داع إلى كل قول رشيد وعمل سديد.

{ لَهُم فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ } أي: فضيحة وعار { وَلَهُم فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } هو: النار وسخط الجبار." انتهى .
والله أعلم .

الإسلام سؤال وجواب


مصاب بالوساوس في إيمانه، ومحاسبته على ماضيه السيء 2013_110
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almomenoon1.0wn0.com/
 
مصاب بالوساوس في إيمانه، ومحاسبته على ماضيه السيء
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لمحات من حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- مع بناته

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات إنما المؤمنون إخوة (2024 - 2010) The Believers Are Brothers :: (العربي) :: العـقـيـــــــــــدة الإســـــــلامـيـــــــــــــة :: الفتـاوى والأحكـام-
انتقل الى: